شارل الياس شرتوني: جمهورية الموز الشيعية، الانتخاب المفخخ، والاستحالات المدمرة

89

جمهورية الموز الشيعية، الانتخاب المفخخ، والاستحالات المدمرة
شارل الياس شرتوني/12 حزيران/2023
ماذا تريد الفاشيات الشيعية؟ سؤال لا لزوم له، لأن الأجوبة أعلنت وتعلن من خلال أداء انقلابي ثابت، ومواقف سياسية نافرة، وخيارات إستراتيجية وسياسية تستهدف سيادة البلاد، وهويتها الوطنية، وخياراتها الليبرالية والديموقراطية. إن الإخراج المعتمد القائم على سياسة الاغتيالات الممنهجة، وتحويل البلاد الى ملاذ للعمل الإرهابي والإجرامي المعلن دون اللجوء الى التوريات واستبدالها بايحاءات فاقعة، كما ظهرتها صورة جهاد أزعور المتراصفة مع صورة محمد شطح، التي نشرتها جريدة الأخبار وبلورتها مواقفها وتهديدات رئيس تحريرها، ومواقف المفتي الجعفري أحمد قبلان المبتذلة، واختطاف المواطن السعودي، مشاري المطيري، و إحتجاز الإعلامية الكويتية،فجر السعيد، من قبل ما يسمى الأمن العام اللبناني.

لقد تم كل ذلك في ظل إعلانات كلامية جوفاء حول مناخات التطبيع التي أرستها العلاقات السعودية-الإيرانية. في حين أن حزب الله يشيع مقولات مفادها، أن كل هذه المناخات المستجدة ليست إلا غطاءات يستعملها لتغطية عملية وضع اليد الفعلية على البلاد، سواء لجهة استخدام المؤسسات الدستورية، أم تثبيت أجواء عدم الاستقرار، والعمل الإرهابي كما ظهره الانفجار الپروتو-نووي في مرفأ بيروت، وتداعياته الإرادية المدمرة على كل الأصعدة المدنية، والسياسية والاجتماعية، والاقتصادية، وملحقاته لجهة الحؤول دون تدويل التحقيق، وتعطيل أعمال التحقيق والمقاضاة في الداخل، واغتيال الشهود ، واحتضان شركاء العمل الاجرامي داخل مجلس الوزراء وإدارة المرفأ، والصمت المتواطىء لرئيس الجمهورية المستخدم من قبل الحزب، مضافًا الى اللامبالاة التامة تجاه النتائج المأسوية التي خلفها الانفجار الارهابي.

إن خسارة الفاشيات الشيعية النسبية للأكثرية النيابية، أدخلتها في حالة إرباك لجهة متابعة عملها الانقلابي من خلال المؤسسات الدستورية الصورية، والمجلس النيابي المستتبع، ورئاسة الحكومة المتواطئة التي تحولت الى موطىء، ليس إلا، لسياسة النفوذ الشيعية، بعد تبدد القاعدة السنية الجامعة غداة اغتيال رفيق الحريري، وتحجيم مداخلة سعد الحريري من خلال أحداث ٧ أيار ٢٠٠٨ الدامية (٣٠٠ قتيل)، والمقايضات المالية، والمحاصصات السلطوية بين أركان الاوليغارشية الحاكمة، التي غطت عملية وضع اليد التدرجية على المؤسسات الدستورية، على مستوى الرئاسات الثلاث، وتطويع الجيش والمؤسسات الأمنية من خلال اغتيال ضباط الجيش وقوى الأمن (فرنسوا الحاج ٢٠٠٧، وسام عيد، ٢٠٠٨، وسام الحسن، ٢٠١٢)، واستتباع رئيس الجمهورية من خلال التحالف المفخخ بين حزب الله والتيار الوطني، وضرب الحراكات التي نشأت مع ثورة ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩ المدنية. إن الخسارة النسبية للأغلبية الپرلمانية وتعثر وضع اليد مجددًا على موقع رئاسة الجمهورية، وضعت الحزب مجددا على خط العنف الاستنسابي، والتلويح بالاضطرابات الأهلية والاغتيالات المزمعة، وإعادة التوتر الى الحدود الجنوبية، من خلال القصف الصاروخي العشوائي باتجاه الاراضي الاسرائيلية، والتلويح بحرب شاملة مع اسرائيل.

تلتقي كل هذه المؤشرات عند ممارسة الضغط والابتزاز في الداخل اللبناني، من أجل فرض مسارات وخيارات تكرس عملية وضع اليد على البلاد. لقد وعى الثنائي الشيعي ،منذ البداية، أن العائق الأساسي أمام وضع اليد على البلاد هو الوجود المسيحي الحر وديناميكية الممانعة التي يستحثها دوما، و الأخطار الوجودية التي يستحثها تمدده في الداخل الاسرائيلي، والهزات الزلزالية التي تلازم النظام الاسلامي الايراني الذي خسر شرعيته الداخلية، وبات رهنا لقدرته على القمع والقتل الجماعي .الثنائي الشيعي يراهن على سياسة “تناسل الأزمات”، ولعبة “عض الأصابع”، والاهتراء النزاعي المديد، وتفعيل الانهيارات (السياسية والمالية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية…)، والمداخلات الانقلابية الإقليمية المحفزة، من أجل إحداث تبدلات بنيوية في الاجتماع السياسي والجغرافيا البشرية اللبنانية، وكل ما عدا ذلك يوضع في خانة المناورات والبلف المألوفين.

جلسة نهار الاربعاء (١٣ حزيران ٢٠٢٣) سوف تلحق بسابقاتها، سواءً لجهة تعطيل النصاب في حال عدم توافر الاغلبية لسليمان فرنجية، أم تأمين نصاب راجح يؤمن فوزه. إن ذبذبة بعض أعضاء الفريق التغييري ليست بعارضة، بل صورة من صور فقدان التماسك الأخلاقي عند نواب يدعون التغيير ويعملون فعليا على تفخيخه، أو لجهة ضبابية موقف وليد جنبلاط الذي تقف حقوق البلاد السيادية والديموقراطية عند حدود مصالحه، واقفالات اللعبة الاوليغارشية التي يشكل أحد أبرز أركانها. لا حل مع حزب الله الا من خلال المواجهة، ومن خلال إحداثيات المواجهة مع اسرائيل ومعمياتها القاتلة، وعليه أن يفهم أن خياراته تلك تعنيه ولا تعني سواه.