النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي يدخل مرحلة التحديات الخطيرة

273

النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي يدخل مرحلة التحديات الخطيرة
لندن: «الشرق الأوسط أونلاين»
06 كانون الثاني/15

مع اللجوء إلى القضاء الدولي يكون الفلسطينيون نقلوا النزاع مع الاسرائيليين إلى مرحلة جديدة خطيرة مليئة بالتحديات والمخاطر المرتبطة إلى حد كبير بالعقوبات التي ستفرضها إسرائيل، كما يرى خبراء.
وبعد 70 عاما تقريبا من النزاع وعقود من الجهود الدبلوماسية، يعبر القادة الاسرائيليون والفلسطينيون والخبراء عن الخلاصة نفسها: وهي الوصول إلى مأزق خطير وعودة مستحيلة كما يبدو إلى المفاوضات.
وبعد انغلاق الأفق السياسي قرر الفلسطينيون القيام بخطوة جديدة وطلبوا في 30 ديسمبر (كانون الاول) من مجلس الامن الدولي التصويت على مشروع قرار يطلب الانسحاب الاسرائيلي من الاراضي الفلسطينية المحتلة بحلول نهاية 2017. وبعد رفض مشروع القرار في مجلس الأمن، نفذ الرئيس الفلسطيني محمود عباس التهديد الذي لوح به منذ فترة طويلة وقدم طلب الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، الذي يتيح ملاحقة مسؤولين إسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

وأمام ما اعتبرته اعلان حرب دبلوماسية ومثلما تفعل في كل مرة تريد فيها الرد على تحرك فلسطيني، جمدت اسرائيل تحويل 106 ملايين يورو من الضرائب التي تجمع لحساب السلطة الفلسطينية. وتوعدت برد “أقوى وأكثر شمولية”. من جهته، قال ناجي شراب الخبير السياسي في غزة إن “اسرائيل يمكن أن تكثف اجراءاتها العقابية ضد الفلسطينيين مع اقتراب الانتخابات التشريعية” المرتقبة في اسرائيل في 17 مارس (آذار).
ويرى الخبراء أن دوامة المبادرات الفلسطينية والعقوبات الاسرائيلية تذكر بما حصل العام 2012 حين نالت فلسطين وضع دولة مراقب غير عضو في الامم المتحدة.

ويرون أن إسرائيل وحليفها الاميركي يواجهان هذه المرة “معضلة”، لأن اسرائيل تريد “أن تكون قادرة على ممارسة ضغط على السلطة الفلسطينية لمنعها من التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية؛ لكنها في الوقت نفسه لا تريد اضعافها لأنه من مصلحتها أن تكون قوية بما فيه الكفاية للسيطرة على الوضع في الضفة الغربية” كما يقول روبي سابيل الخبير القانوني والمستشار السابق في الخارجية الاسرائيلية لوكالة الصحافة الفرنسية.
وبالنسبة لمعارضيها، فإن السلطة الفلسطينية اصبحت “تابعة” للاسرائيليين في الضفة الغربية عبر تعاونها الأمني معهم. ويهدد عباس بانتظام بقطع هذا التعاون؛ لكنه لم يقم بذلك أبدا.

وهذا التعاون تريده السلطة الفلسطينية أيضا بشدة في مواجهة حماس، منافسة حركة فتح. وإذا قطعته فلن يبقى بيدها سوى ورقة واحدة وهي حل نفسها. ويقول ناجي شراب إن السلطة الفلسطينية تستند إلى مخاطر الانفجار الذي قد يشعل المنطقة إذا ما حُلّت السلطة. ويضيف أن “السلطة تراهن على أن المجموعة الدولية ستمارس ضغوطا على اسرائيل لتجنب هذا الامر”. وإذا كانت السلطة الفلسطينية تلعب آخر الاوراق بيدها فذلك لأن “عملية السلام التي انطلقت من أوسلو (اتفاقات الحكم الذاتي عام 1993)، انتهت إلى غير رجعة ونحن اليوم في بداية مرحلة جديدة” كما يقول كريم بيطار المتخصص في شؤون الشرق الاوسط.

ويوضح بيطار أن “الفصل الجديد، وهو صراع القوة السياسي والقانوني وفي مجال الإعلام على الساحة الدولية، لا يزال في بداياته وأطره لم تظهر بعد بشكل واضح”. وفي هذا السياق لا يسجل أي من الاطراف نقاطا، كما يرى بيطار، قائلا إن هناك أولا “الخطوة الناقصة للفلسطينيين” في الامم المتحدة ثم “عنجهية الاسرائيليين الذين أبدوا تصلبا” وأخيرا “مكر المجموعة الدولية” واللغة المزدوجة للولايات المتحدة التي تطرح نفسها مدافعة عن حقوق الانسان؛ لكنها تندد في الوقت نفسه بلجوء الفلسطينيين إلى المحكمة الجنائية الدولية.

والموقف الاميركي يبقى العنصر الغامض في هذه المرحلة الجديدة. فواشنطن القلقة كسواها من تصاعد التوتر أعلنت أنها تعارض في آن لجوء الفلسطينيين إلى المحكمة الجنائية الدولية والردود العقابية الاسرائيلية.

لكن وزارة الخارجية الاميركية حذرت من أن أي محاولة فلسطينية في اتجاه إحالة مسؤولين إسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية، سيكون لها “تداعيات” على المساعدة الاميركية التي تقدم للفلسطينيين والبالغة 400 مليون دولار سنويا وتعتبر مهمة جدا لموازنة السلطة وللاستقرار الفلسطيني.