الياس الزغبي: حلم انتصار النظام في الحضنين … لا يتوهّمنّ حزب اللّه وشركاؤه أن طريقهم باتت مفتوحة نحو استنساخ سطوة ٢٠١٦ في لبنان بعدما فُتحت طريق النظام إلى العرب

75

حلم “انتصار النظام” في الحضنين
لا يتوهّمنّ “حزب اللّه” وشركاؤه أن طريقهم باتت مفتوحة نحو استنساخ “سطوة” ٢٠١٦ في لبنان، بعدما فُتحت طريق “النظام” إلى العرب
الياس الزغبي/فايسبوك/08 آيار/2023
بات واضحاً أن “فريق الممانعة” يرى في عودة نظام بشار الأسد إلى الجامعة العربية انتصاراً لمحوره، وثمرة من الثمار التى جناها من الاتفاق الإيراني السعودي. بل يذهب بعيداً في ترقّب نتائج هذه العودة، فينتظر إعادة إنتاج تلك ال”سين – سين” البائسة، وتكريس شكل جديد من أشكال الاحتلال السوري للبنان.
أليس “حزب اللّه” هو من جرّ “التيار العوني” في ٦ شباط ٢٠٠٦ إلى توقيع “ورقة التفاهم” التي تنصّ بخفّة سياسية موصوفة، في بندها الثامن، على أن ما كان “التيار” يسمّيه احتلالاً سوريا هو مجرّد “تجربة شابتها أخطاء وثغرات”، وكأن في ذلك دعوة مبطّنة لاستعادة تلك “التجربة” بعد تنظيف “شوائبها”!؟
وهكذا يبدو هذا النص عن مرحلة الاحتلال السوري وكأنه استشراف سياسي كُتب لليوم، بعد مرور ١٧ عاماً وأربعة أشهر على توقيعه، وقد يلجأ إليه “حزب اللّه” لتذكير شريكه في “التفاهم” بمعانيه ومدلولاته، تماماً كما يذكّره بالبند العاشر الذي يغطّي سلاح “الحزب” ك”وسيلة شريفة مقدّسة” إلى أمد غير منظور معلّق على “زوال الخطر الإسرائيلي” وتوفير “الظروف الموضوعية” للاستغناء عنه، وفقاً للبند نفسه!
خطيئتان مميتتان في تلك “الورقة” الخطيرة، عن سلاح “حزب اللّه” والاحتلال السوري، لم يستطع “التيار” حتى الآن الخروج منهما أو التكفير عنهما، لأن خلافه مع “الحزب” يراوح حول شؤون أقل خطورة بكثير، ومنها شعار “بناء الدولة”، وكأنّ الدولة يمكن أن تبنيها دويلة أو ميليشيا! وطالما ان عودة نظام الأسد إلى الجامعة العربية يراها رئيس “التيار” انتصاراً للنظام و”للبنان الذي ساهم فيه سياسياً” (ويقصد مساهمته الشخصية حين كان وزيراً للخارجية)، فإن رهانه مع “حزب اللّه” على هذا “الانتصار” يثبّت ارتباطهما الوثيق ب”محور الممانعة” ويُثير من جديد رغبتهما في استعادة “التجربة السورية” بدون “شوائبها” هذه المرة!
لكنّ رهانهما على “انتصار” النظام لا يبدو واقعياً لسببين:
الأول أن عودته إلى الجامعة العربية مشروطة بأمور كثيرة سيتم تنفيذها “خطوة مقابل خطوة”، ليس أقلها حل سياسي داخل سوريا وإعادة النازحين ووقف التهريب، إضافةً إلى تحفّظ بعض العرب (قطر وسواها)، وتحفّظ واشنطن وأوروبا.
الثاني أن هذه العودة لم تكن من ثمار الاتفاق الإيراني السعودي، بل سبقته زمنياً وواقعياً، ولا شأن للاتفاق، لا في التحضير للعودة ولا في تنفيذها ولا في بعدها العربي الداخلي.
لكلّ هذه الاعتبارات، فإن لانتظام “النظام” في الحضن العربي ثمناً سياسياً سيتبلور تباعاً، بحيث لا يمكنه البقاء في الحضن الإيراني وينتف ذقون العرب. وقد ولّى زمن الأب المؤسس حافظ الأسد بقدرته المميزة في اللعب على الحبلين أو “الحضنين”.
ولا يتوهّمنّ “حزب اللّه” وشركاؤه أن طريقهم باتت مفتوحة نحو استنساخ “سطوة” ٢٠١٦ في لبنان، بعدما فُتحت طريق “النظام” إلى العرب. ولا يغيبنّ عن بالهم وجود حيوية لبنانية وطنية قادرة على صدّ أي محاولة لإعادة انتاج تلك المرحلة القاتمة، مهما استشرت رهاناتهم على المتغيرات الإقليمية والدولية.