علي حمادة: ايران ستعرقل الانفتاح العربي على الأسد/وهل انتهت الأزمة السورية حقًا؟

64

ايران ستعرقل الانفتاح العربي على الأسد
علي حمادة/النهار العربي/17 نيسان/2023

هل انتهت الأزمة السورية حقًا؟
علي حمادة/نيوزلست/17 نيسان/2023
في غمرة الحديث عن انفتاح عربي على النظام السوري، نصح أحد نواب “حزب الله ” يوم أمس المسؤولين اللبنانيين ان “يلحقوا حالهم وان تسارع الدولة اللبنانية لإعادة العلاقات مع سوريا لاسيما ان هناك اتفاقات واعادة اعمار وشراكة اقتصادية وسوق عمل ومجالات اقتصادية كبيرة ”، واستدرك قائلا “حتى الان لا نرى اذنا صاغية وتحملا للمسؤولية الوطنية”! هذا الكلام ليس بجديد، وقد سبق لنا ان سمعنا هذا الخطاب مرارا وتكرارا، وقام “حزب الله” منذ أعوام بإيفاد وزراء يدينون بالولاء له الى دمشق بذرائع عدة. والان يعتبر الحزب المذكور ان التوجه الانفتاحي العربي على نظام بشار الأسد هو بمثابة انتصار للمحور الذي تقوده إيران في الإقليم و “حزب الله “في لبنان. لكن ما غاب عن النائب المشار اليه ان مشكلة لبنان الراهنة لا تتعلق بالعلاقات الاقتصادية مع سوريا المدمرة اقتصاديا ، و ا بإعادة الاعمار المؤجلة لاعوام مقبلة لان موعد تمويل إعادة اعمار سوريا لم يحن بعد ، ولا الشراكات الاقتصادية في ظل تفلت الحدود و”مزاريب “التهريب التي يشرف عليها النظام لجلب محروقات و سلع مدعومة من لبنان على حساب خزينة الدولة ، و لتصدير مخدرات مصنعة في المناطق الحدودية المتاخمة للبنان بالشراكة مع مافيات لبنانية لتهريبها الى الدول العربية عبر مرفأ بيروت او مطاره اللذين نعرف من يسيطر عليهما .
ان مشاكل لبنان مع دمشق عديدة، ويمكن ايراد عينة منها وفق سلم أولويات يفترض بمن يمسك بجزء من القرار في دمشق، ونعني “حزب الله ” وراعيه الإقليمي ان يرينا قدرته على خدمة مصالح لبنان واللبنانيين في حلها. فماذا عن قضية اللاجئين السوريين في لبنان؟ اين هو جهد “حزب الله ” الذي يحاضر فينا عن إيجابيات العلاقة مع دمشق؟ ماذا فعل لاعادة هؤلاء الى ديارهم بأمان؟ ام ان بقاء مليون ونيف من اللاجئين هو قرار أكبر يأتي من ضمن ضمن مخطط التغيير الديموغرافي المذهبي المعتمد في سوريا “المفيدة ”؟ واين وعود الحزب الذي يحاضر في مصلحة لبنان الاقتصادية من مجزرة التهريب على أنواعها التي كلفت لبنان مليارات الدولارات لاسيما خلال الازمة المالية الأخيرة؟ ام انها أسهمت في تمويل مجهود الحرب في سوريا وسائر المافيات العابرة للحدود؟ وماذا عن الجانب الأمني المرتبط بالنظام في دمشق، حيث لاتزال منظمات فلسطينية تابعة له تقيم قواعد عسكرية لا قيمة لها سوى بترك لبنان تحت تهديد أمنى دائم من البقاع الغربي الى مداخل بيروت الجنوبية وغيرها من المواقع في المخيمات؟ اين أصبحت وعود الأمين العام ل”حزب الله ” السيد حسن نصرالله التي قدمها على طاولة الحوار الوطني عام ٢٠٠٦؟ الم يحن أوان اغلاق هذه المواقع خدمة لحسن العلاقة بين لبنان وسوريا؟
هذا غيض من فيض. لكن ما استوقف بعض المراقبين كانت نصيحة عضو كتلة “حزب الله “النيابية الموجهة الى المسؤولين اللبنانيين الى ان “يلحقوا حالهم “! والسؤال، لما العجلة؟ هل انتهت الازمة السورية حقا؟

ايران ستعرقل الانفتاح العربي على الأسد
علي حمادة/النهار العربي/17 نيسان/2023
أتى اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي زائداً مصر، العراق والأردن الذي عقد في جدة مساء يوم الجمعة الفائت وتناول موضوع الانفتاح والتطبيع العربيين مع النظام النظام السوري ليؤكد على أن المسألة اكثر تعقيداً مما اعتقد العديد من المسؤولين، والمراقبين وحتى المقربين من النظام في دمشق.
فالبيان الذي صدر في اعقاب الاجتماع لم يبتعد كثيراً عن مضمون البيان الذي صدر قبلها بيومين بنهاية اجتماع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، الذي تمت صياغته على شكل مضبطة اتهام ومطالب سعودية -عربية من النظام في سياق فتح مسارات العلاقات ومحاولة إعادتها الى طبيعتها. استعاد البيان الذي صدر ليل الجمعة روحية البيان الأول، لا سيما ان عدداً من الدول المشاركة فيه اعتبرت انها لم تلمس أي تغيير في سلوك النظام، أو في عدم احترامه لتعهداته. كما ان بعض المشاركين اعتبروا أن الانفتاح على بشار الأسد، إن لم يتزامن مع بدء تلبية النظام لشروط انهاء الازمة السورية وتداعياها بشكل شامل وفق مسار سياسي، وامني، وانساني معناه أن دمشق ستبقى مصدر مشاكل وأزمات للمحيط أكثر مما ستخفف منها. وقد كان موضوع النفوذ الإيراني في سوريا مدار حديث، حيث ان البعض يعتبران الانفتاح على بشار مؤداه التخفيف من قبضة ايران على النظام، ومنحه نافذة للتحرر منها، وإن بشكل جزئي. ومع ذلك، قدم طرح وجيه عما اذا كان النظام قادراً فعلاً على التحرر من نفوذ ايران، او حتى راغباً في ذلك. فقد عجزت موسكو في حمله على الانفتاح على تركيا، لان طهران وقفت سداً منيعاً بوجهه، وكسرت توجه موسكو في تحقيق الانفتاح التركي على دمشق لانها ترفض ان يتوسع نفوذ انقرة في سوريا في وقت تمكنت من توسيع رقعة نفوذها على سوريا منذ أن تراجع حضور موسكو بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا. أكثر من ذلك طرحت قضية اللجوء السوري وكيفية إيجاد حل سريع للموجودين في الأردن ولبنان، ولم تكن ثمة إجابات صريحة تؤكد أن النظام وإيران خلفه مستعد لاعادة بضعة ملايين من السوريين الى أراضيهم في ظل تفاقم مشروع التغيير الديموغرافي الذي ينفذ مع الإيرانيين على الأرض. فهل من ضمانات من نظام الأسد لحل ازمة اللاجئين؟
على صعيد آخر، كان ثمة سؤال عما آل اليه القرار 2254 حول المسار السياسي لحل أزمة سوريا؟ فهل الانفتاح يعني التخلي نهائياً عن حل سياسي لمصلحة حل يبقي الازمة مفتوحة الى أبد الابدين وفق رؤية تعتبر أن الانتصار العسكري هو وحده معيار الحل السياسي. لا سيما ان ما سبق أن قاله مسؤولون من دمشق إن كل حديث عن حل شامل للازمة السياسية، ولقضايا تتعلق بكيفية إدارة الحل في البلاد هو شأن سيادي بحت لا علاقة لاي دولة خارجية عربية كانت أم اجنبية به. حتى موضوع الميلشيات والقوى الأجنبية على الأرض في سوريا معتبرة استناداً الى هذا المنطق قضايا سيادية. فالحديث عن المليشيات المذهبية الإيرانية المنتشرة في سوريا كما عن النفوذ الإيراني نفسه عبر “فيلق القدس” خارج أي بحث. اذن ما هي قواعد الانفتاح والتطبيع مع دمشق التي يقال إنها لن تمس بتصنيع المخدرات وتهريبها لانها تشكل أحد مصادر دخل النظام وماكينته الأمنية.
لقد كان اجتماع جدة مناسبة لطرح العديد من القضايا الدقيقة المرتبطة بوضع نظام الأسد وظهر خلالها أن بعض الدول التي سارعت الى الانفتاح على الأسد قبل زلزال 6 شباط (فبراير) الماضي وبعده مثل الأردن، أبدت خيبتها من عدم تجاوب الأخير مع مطالبها المتعلقة بحماية امنها القومي على الحدود.
يقيننا ان قضية سوريا طويلة، ومسار الانفتاح الذي تميل اليه العديد من الدول لا يزال غير كاف من أجل ان تصبح سوريا دولة مسؤولة وسط جيرانها، وخصوصاً أن الحل السياسي غائب تماماً عن تفكير الأسد وإن بحدوده الدنيا. فكيف يؤمل بالاستقرار في ساحة مفتوحة على خمسة احتلالات متعايشة على نفس الأرض وعشرة ملايين لاجئ مرميين خارج بلادهم من دون أي افق لانهاء معاناتهم؟ ان الطريق لا تزال طويلة جداً.