الياس بجاني/نص وفيديو:قراءة في مواقف ميقاتي الذمية من مسرحية الصواريخ  التي استهدفت إسرائيل وفي تفاهة الشكوى للأمم المتحدة

87

نص وفيديو/قراءة في مواقف ميقاتي الذمية من مسرحية الصواريخ  التي استهدفت إسرائيل وفي تفاهة الشكوى للأمم المتحدة
الياس بجاني/10 نيسان/2023

لقد بلغت ذمية وطروادية نجيب ميقاتي، المسمى صورياً رئيساً للحكومة في لبنان المحتل إيرانياً، بلغت حداً من التفاهة والجبن والدركية والإستغباء والغباء لم يعرف لبنان مثيلاً لها. هذا المخلوق الجبان والذمي بما يتعلق بمسؤولياته لم يستنكر مسرحية وجريمة الصواريخ التي اطلقها حزب الله بواسطة منظمة حماس على دولة إسرئيل، ونطق هذا الأبوالهول بعد يومين على الحادثة، ويا ليته لم ينطق، حيث جهل الفاعل المعتدي الذي هو حزب الله وحماس، والأخطر انه حمّل اسرائل المسؤولية، وبرر جريمة حماس وحزب الله بقوله دون خجل أو وجل: إن من قام باطلاق الصواريخ، ليست جهات منظمة، بل عناصر غير لبنانية”. وطلب من وزير الخارجية تقديم شكوى إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن ضد إسرائيل.

في أسفل نص ردود فعل وكلام الميقاتي التافهه واللامسؤول والجبان والمستغبي لعقول البشر الطبيعيين:
بيروت: «الشرق الأوسط»/09 نيسان/2023
قررت الحكومة اللبنانية تقديم شكوى إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن ضد إسرائيل، على خلفية الغارات التي نفذتها على مناطق لبنانية بعد إطلاق صواريخ من الجنوب اللبناني باتجاه المستوطنات الإسرائيلية. وأوعز وزير الخارجية عبد الله بو حبيب إلى المندوبة الدائمة بالوكالة في نيويورك جانّ مراد، تسليم كتاب الشكوى الذي وجهته الوزارة باسم الحكومة اللبنانية إلى كل من أمين عام الأمم المتحدة ومجلس الأمن. وجدد لبنان رفضه استعمال أراضيه كمنصة لزعزعة الاستقرار القائم مع احتفاظه بحقه المشروع بالدفاع عن النفس، وأعاد التأكيد على أن إبقاء خطوط التواصل مفتوحة مع الأمم المتحدة وقوات «اليونيفيل» هو السبيل الأمثل لحل المشاكل والحفاظ على الهدوء والاستقرار، مبدياً استعداده للتعاون الدائم مع قوات حفظ السلام على تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 1701، وحرصه على الهدوء والاستقرار في جنوب لبنان. وحذّر لبنان من خطورة التطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة لا سيما القرى الواقعة في الجنوب اللبناني، وفيما أكد تمسكه بسياسة ضبط النفس انطلاقاً من وعيه بأهمية الاستقرار والهدوء، وحرصه الثابت على الوفاء بالتزاماته الدولية، إلا أنه دان الاعتداءات التي نفذتها إسرائيل على مناطق في جنوب لبنان، والتي عرّضت حياة المدنيين وسلامة الأراضي اللبنانية للخطر. وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عقد اجتماعاً مع وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب؛ لمتابعة البحث في الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان وموضوع الصواريخ التي أطلقت من الأراضي اللبنانية. وتم الاتفاق على توجيه رسالة الشكوى إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، عبر بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة. ويسود الهدوء الحذر في جنوب لبنان إثر الرد الإسرائيلي على الصواريخ حيث اقتصرت الأضرار على تضرر ورشة صناعية بشكل خفيف نتيجة تطاير أحجار وأتربة، ولم يسجل وقوع إصابات، بحسب «الوكالة الوطنية». وعثرت وحدة من الجيش اللبناني، أمس، في سهل القليلة في الجنوب على منصات صواريخ وعدد من الصواريخ التي كانت قد أعِدّت للإطلاق منذ أيام، ويجري العمل على تفكيكها.

ميقاتي عايد اللبنانيين بالفصح: عناصر غير منظمة وغير لبنانية أطلقت الصواريخ وجلسة مجلس الوزراء مرهونة بتصحيح الرواتب والتقديمات
وطنية/09 نيسان/2023
قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إن “انعقاد جلسة لمجلس الوزراء مرهون بانتهاء البحث موضوع تصحيح رواتب القطاع العام والتقديمات الممكنة”.
وقال أمام زواره: “إن اللجنة الوزارية المكلفة معالجة تداعيات الازمة المالية على سير المرفق العام تواصل اجتماعاتها لدرس الاقتراحات الممكنة بتأن ومواءمتها مع الاقتراحات المرفوعة من وزارة المالية، على قاعدة تأمين التوازن المطلوب وعدم الوقوع مجددا في دوامة التضخم وزيادة العجز لتغطية كلفة الرواتب، وهذا الامر هو ايضا من ضمن بنود التفاهم الاولي مع صندوق النقد الدولي”. وردا على سؤال أجاب: “إن موضوع المتقاعدين يتم درسه ايضا بعيدا عن ضغوطات التهديد والشعبوية التي يعتمدها البعض، لمساعدة ودعم هذه الشريحة من الناس التي قدمت خدمات أساسية في كل القطاعات، لا سيما في الاسلاك العسكرية والامنية. وهذا الامر شرحته لوفد العسكريين المتقاعدين الذي زارني في السرايا، علما أنه كنا لحظنا قبل فترة مبالغ للمتقاعدين،من ضمن التقديمات التي اقريناها للقطاع العام. والاهم أن نخصص المبالغ الضرورية لتعاونية موظفي الدولة وصندوق الطبابة للعسكريين”.
وضع الجنوب
وعن إطلاق الصواريخ من الجنوب والقصف الاسرائيلي على قرى لبنانية، وما يقال عن غياب وعجز حكوميين قال: “كل ما يقال في هذا السياق يندرج في اطار الحملات الاعلامية والاستهداف المجاني، إذ منذ اللحظة الاولى لبدء الاحداث في الجنوب، قمنا بالاتصالات اللازمة مع جميع المعنيين، ومع الجهات الدولية الفاعلة بعيدا عن الاضواء ، لان هذه المسائل لا تعالج بالصخب الاعلامي أو بالتصريحات. كما اوعزت الى وزارة الخارجية بالتحرك على خط مواز واجراء الاتصالات المناسبة، وعندما تمت المعالجة المطلوبة أدلينا بالموقف الدقيق والواضح. وخلال الازمة كنت اعقد اجتماعا مع وزير الدفاع الايطالي غويدو كروزيتو وطلبنا منه الضغط على اسرائيل لوقف اي عمليات تؤدي الى مزيد من التوتر في الجنوب. كما شددنا على ان لبنان يرفض مطلقا اي تصعيد عسكري من ارضه واستخدام الاراضي اللبنانية لتنفيذ عمليات تتسبب بزعزعة الاستقرار القائم. وقد تبين من التحقيقات الاولية التي قام بها الجيش أن من قام باطلاق الصواريخ، ليست جهات منظمة، بل عناصر غير لبنانية، وأن الامر كان عبارة عن ردة فعل على العدوان الاسرائيلي على الاراضي الفلسطينية وقطاع غزة”. أضاف: “في المقابل فان العدوان الاسرائيلي المستمر على لبنان والانتهاك المتمادي للسيادة اللبنانية أمر مرفوض، وقدمنا شكوى جديدة بهذا الصدد الى الامين العام للامم المتحدة والى مجلس الامن الدولي. من ناحية اخرى فان الهجوم الاسرائيلي على المصلّين في جامع الاقصى وانتهاك حرمته أمر غير مقبول على الاطلاق ويشكل تجاوزا لكل القوانين والاعراف ويتطلب وقفة عربية ودولية جامعة لوقف هذا العدوان السافر”.
الحكومة
وعن الحملات التي تطاله شخصيا وتطال العمل الحكومي، قال: “بدا واضحا منذ اليوم الاول لتولي الحكومة مسؤولياتها بعد الشغور في سدة رئاسة الجمهورية، أن هناك فريقا سياسيا لا يريد لهذه الحكومة أن تعمل، ويتصرف على قاعدة أن المطلوب هو الوصول الى التعطيل التام للحكومة، بعد التعطيل الحاصل في عمل المجلس النيابي، لإيصال البلد الى الانهيار التام. وهذا الفريق يتصرف على قاعدة الانتقام المتأخر من اتفاق الطائف ويعمل على نسفه بكل الوسائل، لكن الاكثر غرابة أن هذا الفريق نفسه يقلب الحقائق ويتهم الحكومة بعدم اعطاء الانتباه لملاحظات وتحذيرات صندوق النقد الدولي، فيما الفريق نفسه هو من يساهم في تعطيل المشاريع التي أرسلتها الحكومة الى مجلس النواب. في كل الاحوال فان الحكومة ستواصل عملها وفق قناعاتها الوطنية والموجبات الدستورية، وليست في وارد الحلول محل أحد او مصادرة صلاحيات أحد، وعلى المعترضين ان يتوقفوا عن تعطيل عملية انتخاب رئيس جديد وان يقوموا بواجباتهم الدستورية او لا”. وختم ميقاتي بتوجيه التهنئة الى جميع المسيحيين بعيدي الشعانين والفصح المجيد، متمنيا أن “يعيد الله هذه الاعياد على الجميع بالصحة والعافية وعلى لبنان بالسلام الدائم والاستقرار”.

في أسفل مقالات تحاكي مسرحية الصواريخ وخلفياتها ومواقف ميقاتي والسياسيين اللبنانيين التعتير لكل من نديم قطيش وعبد الرروف سنّو ومنير الربيع وزياد عيتاني

الحزب يحتلّ عقول اللبنانيّين لا وطنهم وحسب..
نديم قطيش/أساس ميديا/الإثنين 10 نيسان 2023
https://eliasbejjaninews.com/archives/117306/117306/
ثمّة مشكلة رأي عام حقيقية في لبنان، كشف عنها حجم الارتباك والتردّد والفشل الذي اتّسمت به ردود الفعل اللبنانية على إطلاق الصواريخ من لبنان باتّجاه إسرائيل، في واحدة من أكبر الحوادث منذ انتهاء كارثة تموز 2006. صحيح أنّ ميليشيا الحزب نأت بنفسها عن هذا الهجوم، الذي لم يسبقه اعتداء إسرائيلي على لبنان، وصحيح أنّ إسرائيل قبلت لأسبابها بتصديق النأي بالنفس، إلّا أنّه لا فاصل في السياسة بين ميليشيا الحزب وبين هذا التطوّر العسكري الخطير.
مواقف متردّدة أو ضعيفة
على المستوى الرسمي، لم يرقَ البيان الأوّل للحكومة اللبنانية إلى حدّ إدانة الهجمات الصاروخية، مكتفياً بإعلان التأكيد على التزام لبنان بالقرار 1701، ولم يتطوّر موقف الحكومة باتّجاه الإدانة إلّا بعد سيل التسريبات والمواقف الإسرائيلية التي أشارت بوضوح إلى أنّ ردّاً ما سيحصل على الهجمات. أمّا سياسياً فغاب تماماً حليف الحزب المسيحي الرئيس ممثّلاً برئيس التيار العوني جبران باسيل، على الرغم من تشدّقه الذي لا ينتهي بالسيادة والدور والكرامة الوطنية. وبرزت على الساحة السنّيّة أصوات أعادتنا إلى مناخات فتح لاند في السبعينيات من خلال حجم إشادتها بهمّة وعزم مطلقي الصواريخ!!
بالغ معظم من يشكّلون هذه النخبة في تبنّي خطاب ينتقد السياسة الخارجية الأميركية والتدخّل والإمبريالية، بنيّة النأي بأنفسهم عن تهمة الولاء لأميركا
تبنّي المقدّمات وإدانة النتائج
أمّا غالبية الذين استنكروا الهجمات الصاروخية، وهنا لبّ موضوعي اليوم، بدأوا تصريحاتهم بالإشادة بفلسطين وإدانة إسرائيل والتأكيد على مركزية القضية الفلسطينية وعدالتها وغيرها من الشعارات، قبل التطرّق إلى موضوع إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية. المشكلة الرئيسية في هذا النوع من الردود التي تخلط بين القضيّتين اللبنانية والفلسطينية بشكل مشوّش، ومفتعل في كثير من الأحيان، أنّها أوّلاً تعيق القدرة على تشكيل رأي عامّ وطني واضح وفعّال حول قضية السيادة اللبنانية، بصفتها قضية مستقلّة عن أيّ سياق آخر، وأنّها ثانياً تلعب دوراً غير مباشر في إعطاء شرعية للمقدّمات والأسباب التي ينتحلها الحزب لتبرير أفعاله بصفتها جزءاً من النضال الأوسع من أجل الحقوق الفلسطينية.
خوف من التخوين
كثيرون ممّن يعتمدون هذه الصيغة في الردّ، ويصل معظمهم إلى حدود تقديم الموضوع الفلسطيني على الموضوع اللبناني، يفعلون ذلك معتقدين أنّ هذا الأمر يجنّبهم تهم التخوين من قبل الحزب، وأنّه يعطي مواقفهم ضدّ إطلاق الصواريخ مصداقية “وطنية”، والأخطر أنّهم يعتقدون أنّ مثل هذه المقدّمات تفيد ولا تضرّ أو أنّها إن لم تسعف فإنّها بالتأكيد لا تضرّ، وهنا مكمن الخطورة. بيد أنّ لعدم القدرة على التمييز بشكل واضح بين القضية الفلسطينية والقضية اللبنانية عواقب وخيمة على المشهد السياسي في البلاد. فمن خلال إلزام لبنان ضمناً بمسؤوليات أخلاقية وسياسية في الموضوع الفلسطيني، وقبله بسبب حجم التكاذب اللبناني. اللبناني في موضوع الفصل بين سلاح مقاومة وسلاح ميليشيا، استطاعت ميليشيا الحزب استغلال هذا الالتباس لتعزيز موقعها كلاعب أساسي على الساحتين المحلّية والإقليمية، وتقديم نفسها على أنّها القوّة الوحيدة القادرة على الدفاع عن لبنان والنهوض بالقضية الفلسطينية في آن واحد بشكل عملي في مقابل أصحاب الخطابات والتمنّيات والنوايا الحسنة.
ضرورة الفصل بين القضيّتين اللبنانيّة والفلسطينيّة
إنّ مواجهة سرديّة الحزب ونفوذه بشكل فعّال، تحتاج إلى أن يقيم الرأي العام اللبناني فصلاً واضحاً بين القضيّتين اللبنانية والفلسطينية، والتخلّص من عقدة الدونيّة التي تُترجَم بأنّ منتقدي المشروع المسلّح للحزب عليهم أوّلاً الحصول على براءة ذمّة وطنية من خلال المزايدة عليه في تبنّي المقدّمات التي يستخدمها هو، وكلّ ذلك تحت عنوان “الصوابية السياسية” أو اللياقة السياسية (political correctness).
مخاطر خطاب الصواب السياسيّ
فلسلوك الصواب السياسي في قضية مثل قضية السيادة اللبنانية مخاطر جمّة:
– أوّلاً، يمكن أن يؤدّي سلوك الصواب السياسي الانتهازي إلى إضعاف التركيز على المشكلات الحقيقية التي تحتاج إلى المعالجة، وهي هنا مسألة السلاح غير الشرعي اللبناني والفلسطيني. هذا ملفّ ملحّ لا يتماشى التفكير في الحلول بشأنه مع مقدّمات التفجّع على عدالة القضية الفلسطينية أو إعلانات الانحياز غير المبرّر لبنانياً إلى ما يسمّى المقدّسات والقضية والنضال.
– ثانياً، من خلال تبنّي مواقف تتّسم بالصواب السياسي تجاه القضية الفلسطينية، من دون امتلاك تصوّر جدّي لكيفية معالجة أو مساعدة هذه القضية، ومن دون تعريف واضح لحدود علاقتنا كلبنانيين بالقضية الفلسطينية، يقوّض السياسيون الانتهازيون شرعية القضايا الخاصة بهم، كمسألة معالجة السلاح غير الشرعي، ويفسحون المجال لأن تستغلّ مجموعات مثل الحزب و”حماس” هذا التوافق المزيّف حول “القضية” لتعزيز أجنداتها الخاصة.
فبدلاً من تعزيز نقاش مستنير وصادق، حول تاريخ ومستقبل لبنان في علاقته بالمسألة الفلسطينية، بعد كلّ الأثمان التي دفعها لبنان، يمكن أن يؤدّي سلوك الصواب السياسي إلى تفريغ الحوار العامّ وتحويله إلى مجرّد شعارات، وإضعاف الفهم الجماعي للتحدّيات الحقيقية والحلول الممكنة.
– ثالثاً، يمكن أن يسهم خطاب الصواب السياسي الانتهازي في زيادة حدّة الاستقطاب بين اللبنانيين، الذين يشعر بعضهم بأنّ وجهة نظرهم مصادَرة عبر شعارات الإجماع المزيّف، ويؤدّي بالتالي إلى زيادة التوتّرات وتعميق الانقسامات القائمة بين المجموعات اللبنانية والمساهمة في استيلاد مشهد سياسي واجتماعي لبناني أكثر تشتّتاً واختلالاً وظيفياً.
– رابعاً، إنّ لخطاب الصواب السياسي الانتهازي آثاراً دولية أيضاً على لبنان، إذ إنّه من خلال الظهور بمظهر التوافق مع ميليشيا الحزب بشأن المقدّمات التي يبني عليها مشروعه السياسي والعسكري، يضع السياسيون اللبنانيون بلدهم عن غير قصد في محور محدّد يستدرج ضدّه ردوداً سياسية وعسكرية، أو يستدرج إهمالاً للقوى السيادية بسبب عدم جدّيتها. إنّ لبنان أحوج ما يكون اليوم إلى التفلّت بأعلى مستوى ممكن من شبكة الصراعات الإقليمية المعقّدة، والتركيز على معالجة التحدّيات الداخلية، وأوّل ذلك التفلّتُ من أسر ما يسمّى القضية الفلسطينية.
على المستوى الرسمي، لم يرقَ البيان الأوّل للحكومة اللبنانية إلى حدّ إدانة الهجمات الصاروخية، مكتفياً بإعلان التأكيد على التزام لبنان بالقرار1701
علاوة على ذلك فإنّ للخفّة في استعارة خصوم ميليشيا الحزب لخطاب الميليشيا لضمان درء تهم التخوين عن أنفسهم انعكاسات سياسية عمليّة على حضورهم ومستقبلهم السياسي.
فعندما يتبنّى حزب سياسي ما يبدو خطاب خصومه بشأن قضيّة معيّنة، فإنّه يضفي مصداقية على موقفهم ويقرّ لهم بأن يحدّدوا الأولويّات والسرديّات السياسية وحدود ما هو مقبول وما هو مرفوض، وهو ما يمكن أن تكون له عواقب سلبية:
– أوّلاً: من خلال تبنّي خطاب ميليشيا الحزب، ينتهي الأمر بخصومها إلى المساومة على مبادئهم وقيمهم، ويعزّز مشاعر الارتباك وخيبة الأمل بين مؤيّديهم، ويقود إلى إضعاف التماسك الداخلي للجبهة المناهضة للميليشيا، ويقوّض قدرة هذه المجموعة السياسية على الدفاع بشكل فعّال عن مواقفها الأصلية.
– ثانياً: إنّ تبديد الخطوط الفاصلة بين وجهات النظر المتعارضة، الذي ينتج عن تبنّي فريق ما لخطاب خصومه، يجعل من الصعب على الجمهور التفريق بين الأحزاب والمواقف الخاصة بكلّ منها، وهو ما وصلت إليه الحالة الاستقلالية في صيغتها الأولى، في 14 آذار، بسبب حجم الذوبان بخطاب الحزب. وهذا أحد الأسباب العميقة خلف ولادة شعار “كلّن يعني كلّن”، الذي أفضى إليه إلغاء أيّ نقاش سياسي ذي مغزى ومصادرة السياسيين باسم التسوية لسبل تنمية رأي عامّ مستنير.
– ثالثاً: باستخدام لغة وخطاب ميليشيا الحزب من دون أيّ تمايز أو وجود تصوّر مختلف للمسألة الفلسطينية، يقوّي أصحاب هذه المواقف عن غير قصد سردية ميليشيا الحزب، ويصعّبون على أنفسهم إمكانية تحدّي أفكار الميليشيا ومقترحاتها في الموضوع الفلسطيني كما في مواضيع أخرى.
سبق أن سقطت نخب عربية كثيرة قبلاً في فخّ خطاب الصواب السياسي ومغريات الانتهازية الفكرية. لقد دفع خوف هذه النخب من الظهور بمظهر المؤيّدين للغزو الأميركي في العراق وأفغانستان بعد اعتداءات 11 أيلول 2001، إلى تبنّي خطاب بن لادن ومقدّماته، قبل أن يقفزوا بشكل بهلواني إلى إدانته تماماً كما يفعل في لبنان من يتبنّون مقدّمات خطاب الحزب عن القضية الفلسطينية ثمّ يقفزون إلى إدانة الصواريخ من دون نقاش حقيقي وجدّي حول السلاح الفلسطيني كأقلّ تقدير.
لقد بالغ معظم من يشكّلون هذه النخبة في تبنّي خطاب ينتقد السياسة الخارجية الأميركية والتدخّل والإمبريالية، بنيّة النأي بأنفسهم عن تهمة الولاء لأميركا، لتكون النتيجة أنّهم عزّزوا الرواية التي كان بن لادن يروِّج لها، وهي رواية صوّرت الولايات المتحدة على أنّها العدوّ الأساسي للعالم العربي والإسلامي. قدّم هؤلاء السياسيون منصّة لبن لادن للترويج لأيديولوجيته المتطرّفة وأعطوها الكثير من الحضور في الخطاب العامّ، وأسبغوا بالتالي الكثير من الشرعية على قضيّته، بشكل فاقم من صعوبة تحدّي روايته المتطرّفة.
باختصار، فإنّ استراتيجية شرائح كبيرة من النخبة العربية القائمة على الخوف من الظهور بمظهر مؤيّد لأميركا ، جعلت أصحابها في نهاية الأمر، يعملون في خدمة تكريس دعاية بن لادن المعادية لأميركا.
هذا تماماً ما يعاني منه الرأي العامّ اللبناني. ما نحتاج إليه هو خطاب متحرّر من أسر الدونية تجاه الحزب والبريق المزيّف لخطابه وقيمه حول فلسطين وحقوق الشعوب والمستضعَفين، والتفرّغ بدلاً من ذلك للتركيز على كلّ ما من شأنه خدمة القضية اللبنانية، بكلّ متفرّعاتها، أكان في بند السيادة أم في بند الإصلاح الاقتصادي أم في بند إعادة تأسيس شبكة الأمان الإقليمي والدولي للبنان عبر الشرعيّتين العربية والدولية. إنّ فداحة غياب خطاب سياسي شجاع وقادر على تقديم حجج واضحة ومتّسقة ومنطقية، لا تقلّ عن فداحة احتلال القرار الوطني اللبناني من قبل ميليشيا مسلّحة.
لبنان أوّلاً.. وثانياً.. وعاشراً.. مع تمنّياتي لفلسطين بكلّ خير.. بعيداً عن القضية اللبنانية
لمتابعة الكاتب على تويتر: NadimKoteich@

إلى رئيس حكومتنا نجيب ميقاتي
عبد الرروف سنّو/فايسبوك/09 نيسان/2023
لا نفهم من المقصود بكلامكم بأنّ جهة “غير لبنانيّة” مسؤولة عن اطلاق الصواريخ من منطقة في الجنوب خاضعة لحزب الله؟ أيعني هذا إنّ عصابات تابعة لدول في إفريقيا أو لأميركا اللاتينية أو لأفغانستان..، أو قادمة من المريخ، هي التي نصبت الصواريخ وأطلقتها؟ هل تخشون، دولة الرئيس، من تسمية الجهة المسؤولة عن الصواريخ حفاظًا على حلفاء حزب الله، أم أنكم تستغبون اللبنانيّين بكلام مموّه يكتنفه الغنوض، لانّهم لا يفهمون في السياسةالعليا؟ أنتم تعيدون تجربة لبنان المقيتة مع “المقاومة الفلسطينيّة”‘ عندما خرجت من المخيمات بموجب اتفاق القاهرة وخرّبت العلاقات والتوازنات بين طوائف البلاد…
معيب جدّا تصرّفكم. كان الأجدى إن تسموا الجهة أو المنظمة المسؤولة عن خرق السيادة اللبنانيّة، وتقبضوا عليها وتحاكمونها، وتقولون علنًا: كفى استخفافًا بلبنان وشعبه، ولن نرضى بعد الان أن نكون دمية بأيد تجعل منه ساحة لها … لقد فعلتم العكس، دولة الرئيس، وتستحقون أن تكونوا والمنظومة الحاكمة على صليب الجلجلة، لا من أجل خلاص لبنان وقيامته الذي دمّر على أيديكم، وأنّما لتكون نهايتكم… فاشلون وفاسقون وتجّار هيكل…

تحريك جبهة لبنان.. محاولة لتخريب الاتفاق السعودي – الإيراني؟
منير الربيع/الجريدة الكويتية/09 نيسان/2023
تحتاج قراءة مفاعيل عملية إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه الأراضي المحتلة إلى الكثير من التدقيق في خلفياتها وأبعادها، خصوصاً في ظل التطورات المختلفة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط. ولابد للعنوان الأول لأي قراءة أن ينطلق من الإعلان عن الاتفاق الإيراني ـ السعودي برعاية صينية، والذي أزعج على ما يبدو الكثير من الأطراف في الإقليم خصوصاً الولايات المتحدة وإسرائيل، لكن في المقابل، يدور الكثير من الكلام المبني على جزء من الوقائع وجزء من التحليل بأن هناك جهات موالية لإيران أيضاً تبدو منزعجة من هذا الاتفاق. قبل أيام، كشفت «الجريدة» عن اعتقالات في إيران حصلت لمسؤولين إيرانيين ولبنانيين ويمنيين هدفوا إلى تخريب هذا الاتفاق وتعطيله، وهو ما يدل على وجود تباين في الآراء وفي وجهات النظر.
ووفق المسار الواضح تظهر ثابتة أساسية وهي التضرر الإسرائيلي من مفاعيل هذا الاتفاق، والذي من شأنه أن يعكس تهدئة إقليمية تبدأ ملامحها في اليمن من خلال الذهاب إلى توقيع الاتفاق السياسي، وستشمل فيما بعد ملفات عديدة بينها العراق وسورية ولبنان. وقوبلت هذه التهدئة بتصعيد إسرائيلي في الداخل الفلسطيني، وبتصعيد إسرائيلي في سورية من خلال تكثيف الغارات على مواقع للإيرانيين ولـ «حزب الله» هناك، بينما كان المؤشر الأهم هو الاشتباكات التي اندلعت بين قوات إيرانية وأخرى أميركية في شمال شرق سورية.
تلك الاشتباكات كانت في حد ذاتها إشارة واضحة إلى تصعيد أميركي ضد الإيرانيين، لتبدو وكأنها استفاقة أميركية متأخرة لمواجهة إيران في سورية. هنا لا يمكن إغفال العقوبات التي فرضت أخيراً أميركياً وأوروبياً على النظام السوري أيضاً، كرسالة اعتراضية على أي مسار لتطبيع العلاقات العربية مع النظام السوري، علماً بأن مساعي التطبيع كانت تجري بناء على تحركات إيرانية وروسية وبالتالي لا يناسب واشنطن بالتأكيد أي انفتاح عربي على دمشق برعاية روسية ــ إيرانية، كما لا يناسبها الاتفاق السعودي ــ الإيراني برعاية صينية. يفرض ذلك واقعاً سياسياً جديداً، ففي مقابل التهدئة على الجبهات الإيرانية ــ السعودية، برز تصعيد على الجبهة الإسرائيلية ـ الأميركية ضد إيران أو ضد حلفائها في المنطقة. وتحت هذا السقف، جاءت رسالة الصواريخ انطلاقاً من لبنان، كمحاكاة لهذا التصعيد الإسرائيلي ـ الأميركي، وهو ما يطرح أسئلة كثيرة حول الحيثيات والخلفيات.
فأولاً، عملية إطلاق الصواريخ هي تثبيت لمعادلة «وحدة الجبهات» التي تحدث عنها «حزب الله» سابقاً. وثانياً، هي تكريس لتفعيل غرفة العمليات العسكرية المشتركة التي تضم فصائل قوى المقاومة. أما ثالثاً والأهم فيبقى متعلقاً بالسبب الكامن وراء هذه العملية وإذا ما كان يرتبط بمحاولة للالتفاف على الاتفاق السعودي ـ الإيراني وتقويضه أيضاً. وعلى وقع هذا الكلام، تم تسريب معلومات عن اتصالات دبلوماسية قامت بها جهات عديدة بينها الأمم المتحدة، ومصر، وقطر لمنع التصعيد وتدهور الأوضاع، كما أنه تم تسريب معلومات بأن «حزب الله» أعلن عدم مسؤوليته عن هذه العملية، وهذا في حد ذاته إشارة كافية للإعلان عن الالتزام بالهدوء وعدم الذهاب إلى حرب من شأنها أن تعطّل مفاعيل الاتفاق السعودي ـ الإيراني. وأمس، أعلنت البحرية الأميركية، أن غواصة «فلوريدا» التي تعمل بالطاقة النووية، ومزوّدة بصواريخ موجهة من طراز توماهوك، بدأت العمل في الشرق الأوسط، دعماً للأسطول الخامس الأميركي الذي يتخذ من البحرين مقراً له. وكانت واشنطن أعلنت قبل أيام التمديد لحاملة الطائرات بوش في المنطقة بعد الهجمات التي تعرضت لها قواتها في سورية. ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن مسؤولين أميركيين أن معلومات استخباراتية لديهم تفيد بأن إيران تهدف لتنفيذ هجمات في المنطقة قريباً.

قصّة القارب الذي نقل هنيّة من بيروت إلى غزّة
زياد عيتاني/أساس ميديا/الإثنين 10 نيسان 2023
بعد ساعات من إطلاق الصواريخ من بلدة القلَيْلة إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلّة، تلقّيت اتصالاً من أحد رجال الدين الذي تربطني به صداقة قديمة، لكن تفرّقنا التوجّهات السياسية، قائلاً لي بعد السلام والتحيّة والمباركة بشهر رمضان: “لقد خطرتَ على بالي أمس وذكرت اسمك فتمنّى الحاضرون لو أنّك كنت حاضراً معنا وقمتُ بدعوتك إلى الإفطار”. سألته: “أين كان الإفطار ومَن هم الحاضرون؟”، فقال لي: “إسماعيل قاآني وأبو العبد (إسماعيل هنيّة) والسفير الإيراني وبعض الأصدقاء”. فأجبته ضاحكاً: “بارك الله بك”. ما استوقفني في هذا الاتصال هو الدافع وراءه. فهل كان عفوياً أو جاء لإيصال معلومة تتعلّق بالصواريخ ومن يقف خلفها؟ وقد دفعني الفضول إلى ولوج محرّكات البحث للإضاءة على شخصية إسماعيل هنيّة الذي لم ألتقِه يوماً، فكانت هذه الخلاصات.
العداء لأميركا والإعجاب بإبداعاتها
على الرغم من عدائه الشديد لأميركا وفقاً لمواقفه المعلنة، فإنّ إسماعيل هنيّة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس معجب بالرواية الأميركية “الشيخ والبحر” للكاتب إرنست همنغواي. قد تكون ولادة هنيّة في مخيّم الشاطئ للّاجئين في غزّة، التي لجأ إليها والداه هرباً من مدينة عسقلان عام 1962 عقب النكبة، سبباً لتعلّقه بقصص البحر والشواطئ، وأبرزها رواية “الشيخ والبحر”.
مارس دور رجل الدين فبات شيخاً، وهو الحامل لشهادة اللغة العربية لا الشريعة الإسلامية من الجامعة الإسلامية في غزّة
المحيطون بهنيّة، وتحديداً في قطاع غزّة، ينادونه بالشيخ “أبي العبد”. وهو الذي بقي حريصاً على إلقاء خطبة الجمعة والوقوف بالمصلّين إماماً في مسجد المخيّم على الرغم من تولّيه رئاسة الحكومة عام 2006 إثر فوز حركة حماس بانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني.
كلّ الألقاب مُنحت لهنيّة بالصدفة، من دون أن يجهد في تحصيلها. سطوته داخل “حماس” حصل عليها بفعل كونه مديراً لمكتب المؤسّس الشيخ أحمد ياسين. وبعد حملة الاغتيالات الإسرائيلية لقيادات “حماس” في الداخل لم يبقَ غيره من رفاق منفى مرج الزهور عام 1992 وجامعة ابن تيمية، التي أسّسها الدكتور عبد العزيز الرنتيسي في تلك البقعة اللبنانية التي نُفي إليها مع رفاقه من قبل الاحتلال الإسرائيلي، كي تُسرج عليه سروج كوادر الحركة.
مارس دور رجل الدين فبات شيخاً، وهو الحامل لشهادة اللغة العربية لا الشريعة الإسلامية من الجامعة الإسلامية في غزّة.
فاز بمنصب رئيس المكتب السياسي للحركة، بفعل الخلاف بين إيران والحزب من جهة، وسلفه خالد مشعل من جهة أخرى. وهو خلاف وصل إلى حدّ الطلاق والقطيعة.
تؤكّد مصادر مطّلعة أنّ مواجهة حادّة حصلت بين هنيّة ومشعل بقطر في الأسبوع الأخير من شهر تموز 2022 على خلفيّة التطبيع مع النظام السوري، وهو ما استدعى تدخّل رئيس المخابرات القطرية لفضّ الإشكال بينهما.
ما سرّ بيروت عند هنيّة
ترتبط تحوّلات وقرارات هنيّة بزيارته لبيروت، وتحديداً الضاحية الجنوبية. مع الاشارة إلى أنّ الرجل معروف عنه قلّة التنقّل خارج غزّة، فالدول التي يعرفها حقّ المعرفة ثلاث: إيران، وسوريا، ومعهما لبنان.
بعد كلّ زيارة لبيروت، يظهر هنيّة خلف حدث ما. في زيارته ما قبل الأخيرة عام 2021 وبعد لقائه الأمين العام للحزب حسن نصر الله جاء قرار “حماس” بمصالحة نظام بشار الأسد، وعودة الحركة إلى الحضن الإيراني إثر ابتعاد فرضته وقائع المشهد السوري.
أمّا زيارته الأخيرة قبل يومين فأنتجت صواريخ “القليلة”. وإن كان القرار في الزيارة الأولى قد جاء بعد عشاء مع نصر الله، فإنّ القرار في الزيارة الثانية أتى بعد مأدبة إفطار جمعته في بيروت مع قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني والسفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني.
تؤكّد مصادر مطّلعة أنّ مواجهة حادّة حصلت بين هنيّة ومشعل بقطر في الأسبوع الأخير من شهر تموز 2022 على خلفيّة التطبيع مع النظام السوري، وهو ما استدعى تدخّل رئيس المخابرات القطرية لفضّ الإشكال بينهما
اعتاد هنيّة تنفيذ الأوامر. هكذا كان مع الشيخ أحمد ياسين، وهو كذلك الآن مع نصر الله وقاآني. ينفذّ ما يُطلب منه، بداية من الصدام مع خالد مشعل بعدما رفض نصر الله استقباله في 16/12/2021، واقتحام مكاتب الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية، كما أمره بذلك في حينه قاسم سليماني عام 2007، مروراً بذهابه لمصالحة بشار الأسد بناء على طلب نصر الله، وانتهاء بإطلاق الصواريخ من لبنان كما أوحى إليه قاآني. لم يخرح هنيّة من وظيفته الأولى كسكرتير للشيخ أحمد ياسين. وكأنّه بقي قابعاً في ذاك المكتب، إذ تحوّل وهو في أعلى منصب بحركة حماس إلى رئيس للمكتب السياسي بمواصفات سكرتير في غرفة عمليات قآاني – نصر الله، مندوباً لحركة حماس فيها.
السمكة هي الحلم
بالعودة إلى رواية إرنست همنغواي “الشيخ والبحر” التي تأثّر بها إسماعيل هنيّة، تتحدّث الرواية، التي نُشرت عام 1952، عن صيّاد عجوز يدعى سانتياغو يتمتّع بحيويّة ونشاط. كان يجلس في زورقه، وحيداً، ساعياً إلى الصيد في خليج “غولد ستريم”. ومضى أكثر من ثمانين يوماً ولم يظفر ولو بسمكة واحدة. رافقه في الأيام الأربعين الأولى ولد صغير كان بمنزلة مساعد له، لكنّ أهل هذا الولد أجبروه على قطع كلّ صلة بالصيّاد. وأشدّ ما كان يؤلم الغلام رؤية العجوز راجعاً إلى الشاطئ خاوي الوفاض وزورقه خالٍ، في مساء كلّ يوم، ولم يكن يملك إلا أن يسرع إليه ليساعده في جمع أغراضه وشراعه الأبيض. وكان هذا الشراع يبدو وكأنّه علم أبيض يرمز إلى الهزيمة التي طال أمدها. وفي يوم خرج إلى البحر لكي يصطاد شيئاً، وإذ علقت بخيوطه سمكة كبيرة جدّاً. بدأ يصارعها حتى تمكّن منها. في طريق العودة جذبت رائحة الدم أسماك القرش التي هاجمت القارب والتهمت ما اصطاده العجوز، فلم يبقَ سوى هيكل السمكة العظيم. فقام بتركه على الشاطئ ليكون فرجة للناظرين ومتعة، وعاد إلى منزله منهكاً ومتعباً، وعندما رأى الناس هيكل السمكة اندهشوا من كبرها وعظمتها فبقي اسم الصياد سانتياغو مرفوعاً ومفتخَراً به حتى هذا اليوم.
ما حصل مع الشيخ العجوز ليس بالضرورة أن يحصل مع الشيخ أبي العبد. الخوف أن يعود هنيّة من رحلته في قارب نصر الله وقاآني إلى مخيم الشاطئ في غزة من دون سمكة، فقط هيكل عظمي لسمكة مفترضة. عندها لن يكون هنية كسانتياغو مفتخراً بما حقّقه.
لمتابعة الكاتب على تويتر: ziaditani23@