رابط فيديو مقابلة من اذاعة صوت لبنان مع د. حارث سلينان يتناول من خلالها بالعمق والمعلومات التغيرات المرتقبة بعد الاتفاق السعودي الايراني الهادف لتغيير سلوك نظام الملالي

80

رابط فيديو مقابلة من اذاعة صوت لبنان مع د. حارث سلينان يتناول من خلالها بالعمق والمعلومات التغيرات المرتقبة بعد الاتفاق السعودي الايراني الهادف لتغيير سلوك نظام الملالي

قراءة في الاتفاق السعودي الإيراني
بقلم د. حارث سليمان/جنوبية/13 آذار/2023
يثير الحدث الايراني السعودي مجموعة من المضامين والاسئلة وابرز واهم ما في مضمون هذا الحدث هي اولا الرعاية الصينية للاتفاق وهو تطور متعلق بأمن الطاقة، فحتى الأمس كان استمرار تدفق البترول الى السوق العالمية، محكوما بمعادلة تتحكم بها الولايات المتحدة الاميركية، عبر السيطرة على المنابع من خلال الانظمة السياسية الحليفة، وشركات الاستخراج والتسويق، وفي اكثر الاحيان على معدلات الإنتاج، وكان أمن واستقرار وسلامة ممرات عبور النفط الى الأسواق العالمية ومنها الصينية، جزءا من المصالح القومية والاستراتيجية الأميركية، التي تقيم امريكا على اساس حمايتها، قواعد عسكرية وتنشر اساطيل بحرية، وتنفذ تحالفات و سياسات دولية…
كان تهديد استقرار تدفق النفط واسعاره الى الأسواق العالمية ورقة سياسية واستراتيجية، و كان سلاحا اقتصاديا لا يقل تاثيرا عن اي سلاح حربي، وقد لعبت بهذه الورقة اطرافٌ عدة ومختلفة، فقد استعملت الولايات المتحدة ورقة اسعار النفط وكميته طويلا، في مواجهة الصين وأوروبا، خاصة بعد أن أصبحت الصين أكبر مستهلك مستورد عالمي للطاقة، كما استعملت الامتناع عن شرائه ومنع بيعه، من قبل دول متخاصمة معها، كعقوبات اقتصادية مؤلمة، وكان لهذه العقوبات اثارا سياسية واقتصادية كبرى، طالت دولا مختلفة من فنزويلا الى ايران الى عراق صدام حسين، ويكفي ان نتذكر ماضيا محطة هامة في التاريخ، فقد استعمل العرب، وقف تصدير النفط الى العالم اثناء حرب تشرين، كما لجأت إيران في مناسبات عديدة الى التهديد بإغلاق مضيق هرمز واعاقة تجارة النفط الدولية في بحر العرب وباب المندب، وصولا الى قصف ميليشياتها لمنشآت أرامكو السعودية، وفي تاريخ آخر، استطاع الرئيس ترامب ان يقلص صادرات النفط الإيرانية الى اقل من ٢٠% من قدرة ايران الانتاجية، كما قامت حديثا دول أوروبا بوقف استيراد النفط والغاز الروسي، كعقوبات غربية للرئيس بوتين بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا…
ما الجديد اذن في الرعاية الصينية لاتفاق ايران السعودية؟
الإتفاق هام مفصلي واستراتيجي واما مفاعيله فلها تداعيات ونتائج قد ترخي ببصماتها على التوازنات الدولية والسياسات العامة.
فهذا الاتفاق اذا ما تم الالتزام به، ورعاية الصين له ترفع من نسبة نجاحه والالتزام به، هذا الاتفاق يجمع اكبر منتجين للطاقة بترولا وغازا في العالم بعد روسيا، قدرة انتاجية، و حقول احتياط محتملة، مع اكبر مستهلك مستورد للطاقة في العالم، دون وسطاء ودون حاجة لحماية دولية غربية، او نشر قوات عسكرية اميركية تحمي المنابع والممرات والناقلات، فالاتفاق يجمع الباعة بالمشتري دون وسيط، ويلزم إيران التي كانت تبتز العالم بقطع إمدادات النفط، في مقابل عدم شراء نفطها وتسويقه، بتغيير تكتيكها. فإيران بعد هذا الاتفاق متاح لها ان تربح وتتقدم اذا اقدمت على تغيير سلوكها، وقررت ان تتخلى عن تصدير ازماتها الى الخارج، وعن زعزعة استقرار الدول العربية المجاورة، هو اتفاق يمكن ان يتضمن ثلاثة رابحين معا؛ الصين التي ستؤمن تدفق نفط الشرق الاوسط بمعزل عن اي ابتزاز أميركي، والسعودية، التي ستصبح شريكا اقتصاديا هاما للصين والهند، وفاعلا دوليا في مجموعة العشرين بعد انجاز رؤية عشرين ثلاثين، وايضا ايران التي ستؤهل اقتصادها ومجتمعها ليصبح جزءا من الاقتصاد العالمي، ويتمتع شعبها بثرواتها ومواردها الطبيعية والبشرية، لا مجتمعا مأزوما يصدر العنف والكراهية والظلامية الدينية، وبنظام حكم عقائدي يقوم على البطش والفساد.
لاحاجة لايران بعد الاتفاق للتهديد ولا قدرة لها او مصلحة، لا بإغلاق مضيق هرمز، ولا بإثارة مشاكل في باب المندب ولا بقصف ناقلات نفط في بحر العرب، ولاحاجة للسعودية ودول الخليج لاسترضاء أميركا ودول الغرب من أجل مساعدتها في درء الخطر الإيراني ومواجهة خطر زعزعة استقرار المجتمعات العربية.
فهل يكون هذا الاتفاق مدخلا لتغيير سلوك ايران الخامنئي، وتمهيدا لعملية توريث ابنه مجتبى!؟ سيما ان الاتفاق احتوى من ناحية اولى على العودة الى معاهدات ٢٠٠١ و١٩٩٨ وهي معاهدات وقعتها إيران في عهد الرئيس السابق السيد محمد خاتمي. اي قبل سيطرة المحافظين على الدولة الايرانية وصعود نفوذ الحرس الثوري، كما احتوى من ناحية ثانية على ايراد بند عدم التدخل في الشؤون الداخلية ( ليس للجانبين) وانما للدول بصيغة الجمع.
قد يتخذ الاتفاق هذا البعد المفصلي، لكنه يمكن ان يكون خطوة منعزلة لا أفق لها، قبلت به ايران في لحظة حرجة ومتأزمة، في موضوع الملف النووي الايراني، لقطع الطريق على نتنياهو الذي يمهد المسرح السياسي لشن هجوم وشيك على ايران؟ بعد اجراء المناورات الاميركية الاسرائيلية المشتركة التي سميت ب “سنديان البازلت” و انكشاف خطة “دعم الحارس” الأميركية لضرب ايران.
مازل الاتفاق يحمل العديد من الاسئلة والاحتمالات، هل تمت الصفقة بعلم الاميركان ومتلازمة مع حل الملف النووي الايراني؟ وما علاقة كل ما تقدم بتقوية اميركية لدفاعات السعودية الجوية، وبمناورات واسعة مشتركة اميركية سعودية خلال الاسابيع القادمة.
وعلى رغم ان المعلومات قليلة لكن المرجح ان الصفقة تتضمن حلا في اليمن على الاقل.
أما في لبنان فقد أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان؛ أن “لبنان يحتاج إلى تقارب لبناني وليس لتقارب إيراني سعودي”.
وقال: “على لبنان أن يقدّم المصلحة اللبنانية على أي مصلحة، ومتى حصل هذا سيزدهر!!؟ ولعل ذلك يؤشر الى انَّ الصفقة لا تشمل لبنان.