ادمون الشدياق:الى متى الهروب إلى الأمام

66

الى متى الهروب إلى الأمام
ادمون الشدياق/بيروت تايمز/10 كانون الثاني/2023

 الى متى التوصيف والتحليل بدون خطة عمل فعلية حاسمة منطقية فاعلة لتغيير الوضع…

الترقيع من الداخل ومن خلال مجلس النواب لم يعد ممكن فالنظام كله أصبح في حالة اهتراء كامل لا مجال فيه للترقيع…

الانتخابات وان أتت بكم نائب بالزايد لن يقدمو او يأخروا في الواقع فهي ايضاً ستعيد شرعنة وضعية حزب الله كممثل ولو بالقوة والبطش للطائفة الشيعية وعلى هذا شرعنة سلاحه الذي هو مغطى من هذه الطائفة المخطوفة ومن يدور في فلكها من مسيحيين ودروز وسنة متواطئين مع الاحتلال ويعملون كغطاء ميثاقي لهذا الاحتلال الذي هو سرطان يعمل في جسد لبنان لينهيه ويبني على انقاضه دولة ولاية الفقيه المستترة والتي تغير يوماً بعد يوم هوية لبنان وشعبه وحتى تاريخه.

الفراغ الرئاسي المذل بعد نتائج الانتخابات التي أعلنا فيها الانتصار هو أكبر دليل على عقم التغيير من الداخل، من داخل نظام مخطوف متحجر سرطاني مبرمج على موجة ذمية واحدة، انتج هيمنة خارجية اسمها حزب الله قضت على الحرية وعلى الدولة بمفهوم السيادة المطلقة. وسينتج في المستقبل هيمنات اخرى ويشرعن أسلحة احتلال خارجية اخرى تسحق العنفوان الوطني كل يوم.

الى متى ستظل أصوات النشاز هي الغالبة على مجتمعنا، إلى متى سنهادن ونوصف ونحث بدون إعلانها ثورة فعلية وعصيان مدني شامل وجمع شمل السياديين من كل الطوائف واعلان حكومة مرادفة سيادية تاخذ شرعيتها من الشعب يعترف بها المجتمع الدولي لوضع الشارع المسيحي واللبناني والعالم العربي والدولي امام خياراته…هذا الشعب الذي يموت كالكلاب والفئران من الأفضل اذا كان لا بد من التضحية ان يموت ليحقق سيادة واستقلال وكرامة.

اللبناني خلقه الله بلا ركب حتى لا يركع وهو لا يريد من أحد ان يحامي ويداري عنه ويهادن باسمه ويقترح خطط سلام لا تؤدي الا الى تأجيل المحظور. ما يحتاجه اللبنانيون اليوم هو خطة واضحة معلنة لمواجهة للاحتلال الايراني المباشر وليس خطط لمواجهة ميشال عون وباسيل وبري ووهاب وحردان وباقي الاذناب وخيالات الصحراء والدمى المتحركة التي هي مجرد الظل والصدى.

المجتمع الذي كان دائماً يخربط معادلات القوى العظمى بصموده لن يرضى بانصاف الحلول او الهروب إلى الأمام او انتظار قوى الخارج لتخوض معاركه فالاستقلال اما يوخذ عنوة من قبل اهل البلد او يغتصب عنوة من قبل المحتل.

اللبناني يهاجر ليس خوفاً من المواجهة او لأنه يهاب حزب الله وبهاليله ولكن لأنه لا يرى فرصة أمامه للمواجهة الواضحة، المنظمة، الفاعلة الفعالة الخالية من الاثمان الشخصية الطامحة ومن انصاف الحلول والترقيع.

يجب ان تكون أفعالنا ومواقفنا متقدمة على شعبنا وليس لاهثة خلفه ولاحقة به ومختبئة وراءه، القيادة الفاعلة تكون من الامام وليس من الخلف فهذه هي القيادة التي اعتاد عليها مجتمعنا ويثق بها وان كان العكس ممكن ان ينفع في بعض المجتمعات الثانية.

التذاكي الرياشي الفلسفي لم يعد ينفع في إنقاذ الوطن وقد عفى عليه الزمن، فالقارب يحترق، والبصرة خربت، وتدمرت بيروت، وزهقت الأرواح، وتبدد الأمل، وانهار الاقتصاد، وتشردت اشرفية البشير وبات أولادها او من بقي منهم حي او بدون إعاقة يلتحفون السماء ويفترشون الارض وعيونهم تنظر إلى ماضي كانت فيه العزة طريقة عيش والاكتفاء الذاتي قدر يعيشونه بلا منة او معروف من دول أو منظمات إنسانية، ونحن نخطط ونفلسف ونهادن ونوصف ونناوش ونتأهب للوثوب ولكن بلا وثوب، نقارع الغاصب ولكن بلا سلاح نقاطعه ولكن نتعامل معه على الملف ولمصلحة البلد!! ( وكان هناك أي مصلحة للبلد تأتي من متسلط جزار وعميل يعترف بعمالته لدولة خارجية تحتل لبنان(.الخيار اليوم هو بين ان نكون جاندارك لبنان او مارشال بيتان لبنان الذي تعامل مع الامر الواقع ليخلص الفرنسيين ولكن الفرنسيين هم انفسهم اعدموه لأنه هادن المحتل فالشعوب الحية تعيش على السيادة والكرامة والعنفوان في اللحظات المصيرية والمفصلية.وتحاسب .وتلفظ خبز الذل والهوان من افواهها لانه خبز اسود ومر . فمن قال اننا كشعب لبناني اقل وطنية وعنفوان من الشعب الفرنسي.

في الطبيعة ليس هناك من نصف حبل الا في مخيلة من لا يريد الولادة …

ان حالة الحبل النصفي التي نعاني منها لن تجدي الا في تعميق الاحتلال وتمكين المحتل وزمرة ذمييه واذنابه من الأطباق اكثر على عنق لبنان لخنق اخر نفس في جسده الواهن، الحبل النصفي لا يلد الا الأحلام الميتة ومعارك طواحين الهوا التي لا تحصد الا الرياح الواهية التي لا تنقذ أوطان ولا تخلص شعوب ولا تسترد حرية.

مجتمعنا ينتظر منا ان نبادر وان نقود وان نمنع عنه سكين الجلاد وجزمة المحتل وذل الفوقية بان نقطع يد المحتل لا ان نسلم عليها وندعي عليها بالكسر ونتعامل معها على الملف.

اما ان نبادر ونستعيد زمام المبادرة الفاعلة في مقاومة الاحتلال بطريقة فاعلة وفعالة وجريئة بطريقة تليق بماضينا وتضحية شهادئنا والا ان الفراغ الذي سنتركه سيملئه غيرنا ممن سيبادر ويلتقط المشعل وسنصبح نحن مجرد صفحة من صفحات الماضي والتاريخ فالطبيعة تكره الفراغ خاصة في قضايا السيادة والاستقلال والحرية وتقرير مصائر الشعوب والسلام.