نبيل بومنصف: إنه الاحتلال… قطعاً! الفراغ قاتل للجميع ولكن الرضوخ لعامل الابتزاز بات عنوان استسلام للاحتلال

66

إنه الاحتلال… قطعاً! الفراغ قاتل للجميع ولكن الرضوخ لعامل الابتزاز بات عنوان استسلام للاحتلال

نبيل بومنصف/النهار/30 تشرين الثاني/2022″

تشكل الازمة الرئاسية الحالية في عمقها الدستوري والسياسي والوطني احدى اخطر المفترقات المصيرية في مسألة وحدة لبنان ليس من منطلق طائفي فقط بل على أساس سيادي أولا وأخيرا . اذ ان القوى المستهينة مجددا بتعطيل الانتظام الدستوري كعامل حيوي جوهري لا يجوز مسه لاستدامة مبدأ وواقع نظام يحمي الوحدة الدستورية للبنانيين تغامر وتقامر الى ذروة الخطورة هذه المرة في تمزيق بقايا الهيكل وتقويضه على ركام الجمهورية.

وب”العربي” الفصيح ترانا نقف حيارى امام ذاك المرض المزمن الذي يجعل القوى المرتبطة بالنظامين الإيراني والسوري تمعن في فتح المسارب على الغارب لاستباحة الاستحقاق اللبناني ساحة مقايضات وصفقات لخدمة هذه الارتباطات السافرة رغم ادراك هذه القوى ان ما سيصيب لبنان جراء الفراغ في زمن الانهيار الذي صنعه عهدها الراحل السابق غير المأسوف على رحيله لن تعوضه عقود من التعافي اذا قيض للبنان التعافي.

ولان التجارب حفرت عميقا في واقع اللبنانيين الذين سيغدو معظمهم مهاجرين وفقراء بفضل رزوح لبنان تحت هذا العبث القاتل ترانا نعود الى البداية والنهاية في “دستور” مدون وغير مدون وهي معادلة إعادة الصراع الى منطلقه الحقيقي غير الزائف وغير المزيف وغير المزور وهو منطلق الفرز اللبناني العمودي والافقي حول مسالة السيادة حصرا بلا أي شراكة او تخالط او تلاعب او تمويه.

دارت دورة الزمان اكثر من 18عاما منذ اندلاع معركة التجديد القسري لاميل لحود في عام 2004 والتي كانت تاريخيا وواقعيا الشرارة الكبرى الأولى الأساسية للثورة السيادية التي تفجرت عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري وها هو لبنان الان امام استعادة من باب اخر لمعادلة فرض خيار قسري بقوة التعطيل التي لا تقل خطورة عن أسلوب الترهيب الذي توسله وفرضه الوصي السوري آنذاك.

وفي ظل ما يحاك وما يجري الان من توسل أساليب انقلابية “بيضاء” عبر كتلة التعطيل النيابية التي ترهن الاستحقاق الرئاسي وتضع لبنان في مهب اشد الاخطار المستعادة قديما والطارئة حديثا يبدو ملحا ان يعاد تلميع توصيف الازمة بحقيقتها وجوهرها وليس بالعناوين الزائفة والمائعة والمزورة المتبعة من مختلف الاتجاهات المنخرطة في معركة العقم كأنها محصورة فقط بالبعدين العددي والميثاقي وحدهما.

بلغت المعركة بعد شهر من اجبار لبنان على ايدي القوى الارتباط الإقليمي المتمثلة بسائر أحزاب وكتل وتيارات وشخصيات 8 اذار على الانصياع لتجربة تعطيل الدستور مجددا الحد الأقصى الذي يجب ان تعلن انها معركة تحرير فعلية من جانب القوى السيادية سابقا وحاليا أيا يكن الثمن . ولعل اصدق العناوين اطلاقا في وضع ازمة الاستحقاق الرئاسي في مكانها الصحيح هو ان تذهب القوى السيادية في اتجاهات حاسمة تعلن فيها ان المواجهة الدستورية هي مع شركاء انقلابيين بكل المعايير والامتناع عن تقديم الهدايا والفرص والخدمات الطوعية لهؤلاء الشركاء ما داموا يعطلون الدستور والى ان يغدو وصل الجلسات الانتخابية بلا انقطاع واقعا مفروضا عليهم تحت معادلة “تعطيل بتعطيل”.

الفراغ قاتل للجميع ولكن الرضوخ لعامل الابتزاز بات عنوان استسلام للاحتلال . ولذا لا نجد افضل واشجع من مبادرة “المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني ” و”لقاء سيدة الجبل” الى العودة الى أصول الصراع بمانفيستو المبادئ الأساسية لمواجهة هذا الاحتلال المقنع وتسمية الازمة باسمائها الحقيقية غير الزائفة . واي احتلال أسوأ من ان يوهموا الناس باننا امام معركة ديموقراطية فيما يجري الحفر عميقا لتحويل لبنان جمهورية ملحقة نهائيا بنظامي الملالي والبعث ؟!