شارل الياس شرتوني: إمكانية لدولة مع الفاشيات الشيعية وائتلافاتها وقد حان وقت البدائل

77

 إمكانية لدولة مع الفاشيات الشيعية وائتلافاتها وقد حان وقت البدائل
شارل الياس شرتوني/22 تشرين الثاني/2022

لقد انقضت سبع دورات لانتخاب رئيس الجمهورية ولم تسفر عن أية نتيجة سوى إغراق البلاد في دوامة الاقفالات الاوليغارشية كأنها قدر لا مفر منه، في حين ظهرت الاحتفالات بعيد الاستقلال مشهد الطلاق الكامل بين المجتمع المدني والمستنقع السلطوي الذي يسعى الى تثبيت اطباقاته على الحراكات المدنية التي تنازع شرعيته. كل ما تسعى اليه الفاشيات الشيعية هو إحكام قبضتها على المؤسسات الدستورية الصورية كغطاء، ليس إلا، لسياسة السيطرة على البلاد، في وقت يتهاوى فيه عمقها الاستراتيجي المتمثل بالنظام الاسلامي الايراني الذي يعيش آخر فصول تهاويه أمام المد الديموقراطي والليبرالي، المتمثل بالثورة المدنية الجامعة لكل الفئات العمرية والجندرية والاتنية والمهنية والاجتماعية، الذي تقوده الشابات الايرانية على قاعدة منازعة شرعيته وروايته المؤسسة وتاريخه الدموي منذ بداياته في ١٩٧٩ وحتى الساعة.

إن التمادي في لعبة التحالفات والتحالفات المضادة داخل أروقة الاوليغارشية السياسية، هو تكملة للعبة التضليل التي ابتدأت مع الانتخابات النيابية، واستمرت مع بقاء حكومة الميقاتي الفاشلة، والعمل الحثيث من أجل الإتيان برئيس للجمهورية مرتهن وتابع لسياسات النفوذ الاقليمية السورية والايرانية وأصنائها، وإبقاء البلاد على خطوط تقاطع النزاعات الاقليمية والدولية.

ما الذي يعنيه هذا الكلام عمليا، هو عدم إمكانية التعايش مع سياسة نفوذ الفاشيات الشيعية وإملاءاتها، ومع المصالح الاوليغارشية المؤتلفة معها، لجهة الابقاء على الأزمات المالية والحياتية، وتقويض مرتكزات الاجتماع السياسي اللبناني البنيوية (الديموغرافية والمدنية، والذخر الاقتصادي والاجتماعي والتربوي والايكولوجي، والثقافة الليبرالية بكل تجلياتها).

إن المواجهة السياسية مع الفاشيات الشيعية ومقابلاتها الاوليغارشية، هو المدخل الوحيد من أجل إخراج البلاد من سياسة الابواب الموصدة، ووضع حد للسياسات الانقلابية وإقفالاتها التي حالت دون حل الأزمات المالية القاتلة في السنوات الثلاث الماضية، خاصةً وأن سياسة الارهاب والابتزاز التي استخدمتها الفاشيات الشيعية، آتية الى نهاية مع التبدلات الثورية التي تشهدها الأوضاع في الداخل الايراني الذي يؤذن بسقوط نموذج الاسلام السياسي، بمتغيره الشيعي، ودخول المجتمع الايراني في مرحلة ما بعد الاسلام السياسي (Post-Islamist).

على الحراكات الديموقراطية أن ترفع وتيرة الممانعة باتجاه أية تسوية ملتبسة تمدد واقع الاحتباس السياسي، والتهميش المدني، والاقفالات الاوليغارشية، كما ظهرته الانتخابات النيابية الاخيرة، والحكومة الصورية، وواقع القصور المعنوي الذي يتسم به أداء المجلس النيابي في ظل تأبيد سيطرة نبيه بري وتردداته على صدقية المؤسسات الدستورية.

إن انتزاع الطقوسية الاستقلالية من هذه الاوليغارشيات الفاسدة والعقيمة هو مؤشر حيوي يظهر عمق الهوة التي تفصل بين المجتمع المدني اللبناني على تنوع تعبيراته، والأفق المسدود الذي تفرضه الاوليغارشيات الحاكمة قدرا محتوما وموتا أكيدًا.الفرقاء السياسيون على تنوع خياراتهم مدعوون الى خيارات سيادية واصلاحية حاسمة لانه لا مجال للالتباس بعد اليوم، مع هذا التراكم المدمر من المفارقات التي تحول دون عودة السيادة والعمل الاصلاحي، ولا بد من إعلانات نوايا ومبادرات سياسية فعلية في الأوساط الشيعية من أجل طي صفحة سياسات السيطرة، والتأسيس لمرحلة استقلالية جديدة.

لقد انتهت اللعبة القائمة الى كوارث مفتوحة، وجاء وقت وضع قواعد للعبة مؤسسية جديدة وخيارات بديلة. التظاهرات التي شهدتها البلاد اليوم بحيويتها المتجددة، هي المنطلق من أجل التأسيس لمرحلة جديدة ونهاية مرحلة التزوير واستلاب الإرادات وسياسات النهب والسيطرة.