إيلي الحاج/رئيس غير استفزازي؟ الراعي كاد أن يُسمّي بويز و”حزب الله” لم يُعلّق

165

رئيس غير استفزازي؟ الراعي كاد أن يُسمّي بويز و”حزب الله” لم يُعلّق
إيلي الحاج/Info3
19تشرين الأول/2022

يُقبل اللبنانيون على فراغات ثلاثة عملياً في هيكل دولتهم مع حلول آخر هذا الشهر. فلا رئيس جمهورية يلوح احتمال انتخابه في الأفق قبل انتهاء عهد ميشال عون. ولا حكومة متكاملة الأوصاف وغير قابلة للاعتراض عليها دستورياً. ولا مجلس نواب قادراً على ممارسة أعماله العادية قبل انتخاب الرئيس من غير مقاطعة كتل وانتقادات ومواجهات.

لا يمنع هذا المشهد الواضح بعض المنظّرين من الحديث عن سيناريو للإتيان بقائد الجيش العماد جوزف عون رئيساً قبل انتهاء الولاية أو بعده. والحال إن تجربة الإتيان للمرة الرابعة بقائد حالي أو سابق للجيش لم تعد تلقى هوىً، لا عند الناس العاديين ولا السياسيين، رغم إخفاق البيئات السياسية في التوصل إلى مخارج للأزمات الرهيبة التي تحاصر لبنان وشعبه. مقولة إن “الجيش هو الحل” التي شرحها كتاب العميد فؤاد عون، وارتفعت لافتة سياسية كبيرة قبيل هجوم العماد ميشال عون على السلطة في 1988 لم تعد تجدي وصارت بلا أي مفعول بعد استهلاكها مدى عهود إقامة عون الأولى رئيساً لحكومة العسكريين في بعبدا، وبعده إميل لحود في ولاية ونصف من أقسى ما يكون احتلال، فإقامة ميشال سليمان المراوحة والمساكنة المستحيلة مع حزب إيران الحاكم، فميشال عون في إقامة ثانية أكثر تدميراً من سابقتها وإن من دون مدفعية وراجمات.

والأرجح فوق ذلك كله أن “حزب الله”، الحاكم من دون غالبية الحكم، ما عاد يريد تكرار تجربة الإتيان إلى الرئاسة بشخصية تتعامل معه على أساس موازين القوى، حتى لو تحدث أمينه العام السيد حسن نصرالله عن مرشح غير استفزازي للتوافق عليه، فهو يريد بحسب ما أوضح مساعدوه لاحقاً رئيساً يدافع عن “سلاح المقاومة”، أي من بيئة المرشحَين اللذين يصعب على الحزب في التوازنات القائمة إيصال أحدهما إلى قصر بعبدا: جبران باسيل وسليمان فرنجية.

ولكن بكركي كان لها توجه آخر. وبدا سيدّها البطريرك الماروني بشارة الراعي متلقفاً رسالة نصرالله عندما توجّه في زوق مكايل في سياق جولة رعوية إلى المنزل الأثري لفارس بويز، وزير الخارجية الأسبق، طوال عهد حميه الرئيس الراحل الياس الهراوي، معلناً من هناك صفات للرئيس تنطبق عليه تماماً. خبرة وحياد، وقدرة على التحاور مع الشرق والغرب وفتح الأبواب التي أغلقت في وجه لبنان بسبب من “حزب الله” وسياساته الإيرانية.

اختلف أسلوب البطريرك الراعي كلياً في مقاربة الاتحقاق الرئاسي عن أسلوب سلفه البطريرك الراحل نصرالله صفير الذي تعرّض لضغوط هائلة من واشنطن وباريس كي يسمّي خمسة مرشحين يفاوض على أسمائهم الأميركيون مع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد قبل انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميّل عام 1988، وكتب لاحقاً في مذكراته أنه ندم على تجاوبه ولن يكرّرها.

البطريرك الراعي كاد أن يُسمّي فارس بويز بوضوح. المفارقة أن “حزب الله” لم يردّ ولم يعلّق. الأرجح أنه اكتفى بأخذ العلم ولسان حاله إذا كان المُفضّل وزيراً للخارجية، فلماذا لا يكون عبدالله بوحبيب، الوزير الحالي وإن لم يعد راضياً عنه جبران باسيل ويتمنّى استبداله في حكومة ميقاتي التي لن تتشكّل؟ وإن لم يكن بو حبيب فمِمَّ يشكو السفير في الفاتيكان فريد الياس الخازن أو أشباه له ممّن لجبران باسيل عليهم دالّة أكثر من البطريرك أو “اليمين الانعزالي” سابقاً؟