الكاتب والمخرج يوسف ي. الخوري/بإذنك فؤاد شهاب … أيُعقل أنّ أحدًا من النواب، لم يأتِ على ذكر أنّ جلسة التصويت على الموازنة هي غير دستورية!!؟

343

بإذنك فؤاد شهاب …
أيُعقل أنّ أحدًا من النواب، لم يأتِ على ذكر أنّ جلسة التصويت على الموازنة هي غير دستورية!!؟

الكاتب والمخرج يوسف ي. الخوري/28 أيلول/2022

يؤسفني القول، يا فخامة اللواء، إنّ دستور البلاد الذي أسميتموه يومًا “الكتاب”، أصبح اليوم دفتر خرطوش، أيCahier de brouillon .
أيُعقل أنّ أحدًا من السادة النواب، السياديين أو التغييريين أو الحزبيين أو المستقلّين أو الهبلان أو الممانعين، لم يأتِ على ذكر أنّ جلسة التصويت على الموازنة هي غير دستورية!!؟

أين عباقرة الدستور والقوانين الذين لم يتّفقوا يومًا على تفسير مادة واحدة من الدستور!!؟ أين هؤلاء الذين يملؤون الشاشات بطلّاتهم البهيّة ونظريّاتهم واجتهاداتهم التي “ما بتركب عَ قوس قزح”؟ أليس من واحد بينهم يُدرك أنّ الجلسة كانت غير دستورية، إذ لا يحقّ لحكومة مستقيلة أن تتقدّم بموازنة عامة أمام المجلس!!؟ أم المطلوب “التطنيش” والسير قُدُمًا في سرقة الشعب، والسارقون هم “كلُّن يعني كلّن” مهما حاول البعض “تغطية السموات بالقبوات”؟

ماذا يقول دفتر الخرطوش… عفوًا الدستور، في المادة 64 – (2): “… ولا تُمارس الحكومة صلاحيّاتها قبل نيلها الثقة ولا بعد استقالتها أو اعتبارها مستقيلة إلّا بالمعنى الضيّق لتصريف الأعمال.”

هل من نصّ أوضح من هذا النص!!!؟ وقبل أن “يتنطّح” بعضهم الآن ليدّعي أن الموازنة العامة تدخل في مجال تصريف الأعمال الضيّق، أؤكّد؛
لا وألف وستمائة لا، أقولها بكل ثقة وأنا لست مشرّعًا، وإنّما قارئ متواضع للدستور، وبتجرّد، من دون أجندات في حسباني. فإذا كان المشرّع قد أدرج الموازنة العامة من ضمن المواضيع الأساسيّة التي تحتاج إلى موافقة ثلثي أعضاء الحكومة (المادة 65 – (5))، وقد صنّفها أساسيّة إلى جانب التعبئة العامة، الاتفاقات الدوليّة، الخطط الإنمائية الطويلة الأمد، حلّ مجلس النوّاب، قانون الانتخابات…إلخ، فهل انعقدت الحكومة المستقيلة بنصاب قانوني وصوّتت على الموازنة؟ أين وكيف؟

هل بإمكان حكومة ميقاتي أن تدعو، وهي مستقيلة، وفي تصريف ضيّق للأعمال، إلى التعبئة العامة أو إلى حلّ مجلس النوّاب مثلًا؟

لا وألف بالمائة لا، وبالتالي لا تستطيع حكومة مستقيلة أن تتجاوز صلاحيّاتها وتتقدّم بمشروع موازنة هي أساسيّة في انتظام عمل مؤسّسات الدولة، وكان حريّ بمكتب مجلس النوّاب عدم الموافقة على طرحها في جلسة تشريعيّة.

أمّا وقد حصل ما حصل، وفي حال لم يتقدّم عشرة نوّاب بطعن لهذه الموازنة أمام المجلس الدستوري، ويقبل هذا المجلس الطعن ويُلغي إقرار موازنة 2022، عندها لا يبقى إلّا أن يتحرّك الشعب من خارج المؤسّسات في شتّى الوسائل والضغوطات، بدءًا من إسقاط شرعيّة هذا المجلس الذي انتُخب تحت الاحتلال وهو أسير حزب الله وحلفائه، وصولًا إلى اتّهام النوّاب الحاليين بالخيانة العُظمى وتحرير البرلمان من جهلهم وقلّة معرفتهم كي لا أقول عمالتهم وتخاذلهم.

أيّها الشعب ارجمهم قبل أن يحرقوك بنار جهنّمهم.

إنّه اليوم الثلاثمائة وستة وأربعون بعد السنتين لانبعاث طائر الفينيق، ومَن يعتقد أنّ الثورة انتهت بوصول بعض متسلّقيها إلى البرلمان، فهو واهم واهم واهم.