المهندس اللبناني دافيد خوري يقود مشروع رقاقة تشفير الخليوي

293

المهندس اللبناني دافيد خوري يقود مشروع رقاقة تشفير الخليوي
بيروت – الحياة/30.12.14

بكلمات سلسة لا تفشل في التشابه مع صاحبها، يبيّن المهندس اللبناني دافيد خوري ميّزات الرقاقة الإلكترونيّة للتشفير الفردي للاتصالات الخليويّة، وهي تحمل اسم «سيكوموبي» Secumobi.

وبعد سنوات من العمل في شركة «إريكسون» Ericsson العالميّة في السويد، وهي أعقبت سنوات الدراسة الأكاديمية للهندسة الكهربائية التي امتدت بين بيروت وفرنسا، قاد اللبناني دافيد خوري جهوداً أدّت إلى صنع رقاقة «سيكوموبي».

ومن دون اللجوء إلى مصطلحات تقنيّة معقّدة، يبيّن خوري الميزات الرئيسية في الحماية التي تؤمّنها «سيكوموبي»: « إنها رقاقة إلكترونيّة تحمي الاتصالات والبيانات، كما تجعل الخليوي عالميّاً (على غرار خدمة الـ»رومينغ»، من دون تكلفة تلك الخدمة)، بمعنى أنها تربطه بالهواتف التي توضع فيها رقاقة مماثلة. وتنقل رقاقة «سيكوموبي» عملية تشفير («إنكربشين» Encryption) الاتصالات والبيانات إلى أيدي الأفراد مباشرة. تحصل عملية التشفير داخل الخليوي نفسه، لأن الرقاقة هي التي تتولاها مباشرة. الأبرز تقنيّاً هو أنها تنجز عملية التشفير خلال الوقت الحي للاتصال نفسه. وفي كل مرّة، يحدث تشفير بأسلوب مختلف، ما يزيد في إحكام سريّة التشفير. أنت تتكلّم، والرقاقة تشفّر مباشرة. ثم ترسل تلك الشيفرة عبر حزم محميّة بمفاتيح معيّنة، إلى الشخص الذي تتحدّث معه. من الواضح أن المتلقي يجب أن يكون لديه أيضاً رقاقة «سيكوموبي» في هاتفه. لذا، فمن يريد أن يستفيد من تلك الحماية، يفترض أن يراسل من يهتم بالتواصل معهم، كي يشتروا الرقاقة أيضاً. هناك مُكوّنات أخرى للحماية. فمثلاً، عندما تشتري الرقاقة، تحصل على رقم سري، يصبح هو رقم الاتصالات المشفّرة التي تمر عبر المكالمات المحميّة. كذلك تنتج «سيكوموبي» مفاتيح للحزم التي تحمل الاتصال المشفّر، كي يعرفها المتلقي، وكذلك مفاتيح كي يتعرّف هاتفك على الاتصال الآتي ممن تتحدث معه. وفي كل اتصال، تتغيّر المفاتيح كلها».

التمويل العربي

يشدّد خوري، وهو من مواليد بلدة «غلبون» في جبيل، على ضرورة أن يتبنّى ممولون عرب، مشروع تلك الرقاقة. ويستطرد خوري في شرح فكرته، مفسحاً المجال أمام نوع من الشكّ الإيجابي، بمعنى أنه يرجِع تردّد التمويل العربي إلى أجواء غير مواتية عربيّاً لتمويل مشاريع متقدّمة في التقنيّات، مقابل الاستثمار في مناحٍ أخرى من المعلوماتية والاتصالات.

ولا يفوت خوري التنبّه إلى وجود اهتمام متوسّع بحماية الخصوصيّة في الاتصالات، خصوصاً منذ فضيحة التجسّس الإلكتروني الشامل التي فجّرها خبير المعلوماتية الأميركي إدوارد سنودن.

ويتحدّث أيضاً عن تجربة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في وضع رقاقة إلكترونيّة في هاتفها، كي تحميها من تنصّت «وكالة الأمن القومي» الأميركيّة. «لا أعرف إلى أي مدى يتمتّع هاتف ميركل بالحماية الآن، لكن أظن أنها محميّة فعليّاً إلى حدّ كبير، وأنا أتكلم عن المعطى التقني وحده، وليس السياسي أو الاستخباراتي. سأكون واضحاً: الشركة التي اعتمدت عليها ميركل تصنع منتجاً يشبه رقاقة «سيكوموبي» التي أشرفت على هندستها وتكامل مكوّناتها. بقول آخر، تستطيع «سيكوموبي» أن تعطي الأفراد في الدول العربيّة حماية لاتصالاتهم الخليوية، وكذلك الحال بالنسبة إلى التي تمرّ في هواتفهم، خصوصاً الرسائل النصيّة القصيرة «إس إم إس» والنصوص التي يتبادلونها عبر «واتس آب». وفي فترة قريبة، سوف تمتد حماية «سيكوموبي» لتشمل الميديا المسموعة – المصوّرة، بما فيها المكالمات عبر كاميرا الـ «ويب» وأشرطة الفيديو».

كيف تعمل رقاقة «سيكوموبي»؟ وكيف تعطي أماناً للمكالمات والبيانات؟ لماذا يرى أنها تتناسب كثيراً مع أوضاع الاتصالات في الدول العربيّة؟

بكلمات قليلة، يوضح المهندس خوري أن الحماية التي تقدّمها رقاقة «سيكوموبي»، لا تشترط أن يرتبط مستعملها بنوع محدّد من الهواتف. وكذلك لا تجمع بياناتها عن المكالمات، في كومبيوترات مركزيّة. ويجري خوري مقارنة مفيدة: «في تجربة «بلاك بيري»، كانت «بلاك بيري» تقدّم حماية لجمهور مقتني ذلك الهاتف حصرياً، بمعنى أنها كانت تربطهم بشبكة داخليّة، معزولة عن بقية الاتصالات، ما يوفّر لهم غطاء من الحماية. وتتفوّق رقاقة «سيكوموبي» بأنها لا تفرض على من يستخدمها شراء نوع محدّد من الهواتف».

وبحماس تقني لمهندس اتصالات يشرف على مشروع كبير، يضيف خوري: «تعمل رقابة «سيكوموبي» مع الخليويات التي تستند إلى نظام «آندرويد» كلها، ما يعني أنها تتعامل مع خليويات «سامسونغ» و«آتش تي سي» و«سوني» و«فاير» وغيرها. كل ما هو خارج «آي فون» و«بلاك بيري»، تغطّيه تلك الرقاقة. إنها معدّة كي توضع في الخليويات كافة. يكفي أن تسحب الـ «إس دي» كارت المخصّص لذاكرة التخزين الـ «فلاش»، وتضعها مكانه».

في لفتة تقنيّة مهمّة، يعترف خوري أن الأمر يحتاج إلى انتشار واسع كي يصبح عمليّاً ومنتجاً، ما يعني ضرورة أن تتبنى الرقاقة جهات تتفاعل مع جمهور واسع، كأن يكون الجيش (أليس أمراً ملحاً فعليّاً للجيش اللبناني في الظرف الراهن؟)، أو شركة مشغّلة للخليوي، أو هيئة تنظيم الاتصالات، أو شركة اتصالات خليويّة تعمل على المستوى العربي أو العالمي وغيرها. ولا يزال خوري عاقداً الأمل على استجابة عربيّة لمشروعه الذي يمثّل استجابة فعليّة لهواجس كثيرة لدى جمهور الخليوي عربيّاً. هل يبقى الأمر مجرد أمل ورجاء؟