داود البصري/الحرس الثوري الايراني وحماية بغداد

778

 الحرس الثوري الايراني وحماية بغداد
داود البصري/السياسة/30.12.14

مع استمرار حالة التطاحن والصراع الداخلي في العراق المصحوبة بإدارة حرب كونية مصغرة ضد الارهاب في الساحة العراقية , يبدو الوضع العراقي مفتوحا على احتمالات وتطورات عدة أبرزها تغول الدور الايراني العسكري في العراق ودخوله في معمعة تحويل العراق بأسره لمنطقة عمليات ومناورات عسكرية للجهد العسكري الايراني, ونقطة مركزية فاصلة من نقاط تمركز وتموضع وانتشار القوات الايرانية في الشرق القديم. فوفقا لمعلومات من عمق الداخل الايراني فإن زيادة التورط الايراني قد تبلور من خلال زيادة عدد أفراد الجيش والحرس الثوري في العمق العراقي وعبر المشاركة الفاعلة في تأمين ظهر الحكومة العراقية بعد الانهيار العسكري العراقي الشامل في العاشر من يونيو 2014 وهو الانهيار الذي كان يعني أشياء كثيرة أهمها هشاشة الحكومة العراقية وسوء إدارتها لملفات الأزمة العراقية والاغراق في السياسة الطائفية التي مزقت نسيج الوحدة الوطنية الواهي أصلا بسبب طائفية الحكومة العراقية الرثة زمن نوري المالكي الذي كان رمزا طائفيا عدوانيا أسس لحالة الخراب العراقي الشامل الذي يعانيه العراق ولم يفق من تداعياته حتى اللحظة رغم تبدل الوجوه الحاكمة وعبر ماكياج ترقيعي يحاول تجميل القبائح بصورة اعتباطية.

لقد كرس انهيار الوضع العراقي وضعف قبضة السلطة بعد التشتت العسكري الكبير والنزيف المالي الرهيب دورا إيرانيا متعاظما يحاول رتق الفتوق وانقاذ ما يمكن إنقاذه من خلال التدخل المباشر عبر تفعيل الخطوط الايرانية في السلطة العراقية من خلال جماعات الحرس الثوري من العراقيين في فيلق القدس ومنهم عناصر قيادية في الحكومة العراقية لا زالت حتى اليوم تستلم رواتبها من طهران لكونها مسجلة في سجلات رواتب الحرس الثوري! وعدد هؤلاء بالآلاف يحتلون مواقعا قيادية مهمة في الحكومة العراقية?

ثم إن الخبرة الاستشارية الايرانية قد أدت لتأسيس منظمة تعبئة عسكرية عراقية شبيهة بمؤسسة ” تعبئة المستضعفين ” أوالباسيج وهي مجاميع ” الحشد الشعبي ” الطائفي والتي تحول بعضها لميليشيات طائفية سائبة تمارس جريمة التطهير الطائفي في مناطق النزاع الساخنة وخصوصا في ديالى التي تعرض فيها أهل السنة لمجزرة حقيقية ولعدوان طائفي كريه ليس له مايبرره بالمرة سوى رغبات ثأرية إنتقامية من عناصر حاقدة كان ينبغي على السلطة مقاومتها وحماية شعبها بدلا من أن تستظل بظل السلطة وآلياتها وشعاراتها في تنفيذ جرائمها , الايرانيون اليوم أصبحوا طرفا رئيسيا ومباشرا في الصراع الداخلي العراقي وعصاباتهم التي ربوها في أحضانهم وخصوصا مجموعة الحرسي الارهابي الدولي أبومهدي المهندس مسؤولة مسؤولية مباشرة عن جميع جرائم وتعديات الميليشيات السائبة , إضافة لكون الايرانيين قد قطعوا خطوات بعيدة في إنتهاك السيادة العراقية المفترضة من خلال إعادة تأكيدهم على كون المقامات الدينية في العراق تمثل خطا أحمر لأي تدخل إيراني مباشر!!

لقد تدخل الايرانيون بفظاظة في قمع الثورة السورية بحجة الدفاع عن ضريح ” السيدة زينب “! رغم أن الثورة السورية كانت ضد نظام الأسد المتوحش ومخابراته وليس ضد المساجد أوالمقامات! وأرسلوا عصاباتهم الطائفية اللبنانية والعراقية لتقتل وتدمر وتخلق أجواء وشحنات عداوة طائفية لم تكن واردة أبدا ولا في الحسبان . اليوم يعمق النظام الايراني الجراح العراقية النازفة والمفتوحة من خلال دعم العصابات السائبة التي تمارس جرائم طائفية بشعة وليس لها مثيل في تاريخ العراق المعاصر , لقد تباهى الايرانيون بقدرتهم على إختراق الشرق العربي في العراق ولبنان وسوريا وصولا لليمن ولكنهم يتوهمون ان بإمكانهم فرض إرادتهم وقرارهم على الشعب العراقي أوان تكون بغداد الرشيد ملعبا مستباحا لحرسهم الثوري الذي فشل في حرب الثمانينيات من القرن الماضي للوصول لكربلاء.

بينما يتبجح الايرانيون اليوم بأن أمنهم القومي يبدأ من بغداد. وتلك كارثة كبرى وحقيقية , لكون دخول الحرس الثوري للعمق العراقي لن يوفر الأمن لا لحكومة العراق ولا للنظام الايراني ذاته , بل سيخلق عوامل إستجابة وطنية لتحدي إيراني وبما سيصعد من حالة الصراع الداخلي لمديات مرهقة لجميع الأطراف, الايرانيون يغامرون في لعبة موت قاتلة ستجلب الخراب للمنطقة بأسرها , فهل يرعوي أصحاب دعوات الثأر والانتقام والحقد تلك هي المسألة, لن يحمي بغداد سوى شعبها العراقي. الحر, فهي ستظل قلعة لأسود العروبة والاسلام. * كاتب عراقي –