المفقودون قسرا في السجون السورية، نريدهم أحياء أم رفات؟ ليس بطرس خوند الرقم الوحيد على لائحة المفقودين في السجون السورية .627 إسما صاروا مجرد أرقام وصور في إطارات إلى جانب أمهاتهم اللواتي انتقلن والحرقة في قلوبهن وربما كان اللقاء في رحاب السماء

120

المفقودون قسرا في السجون السورية … نريدهم أحياء أم رفات!.
المركزية/02 أيلول/2022

بطرس خوند…. تذكرون هذا الإسم؟ نستذكره معا..الثامنة والنصف من صباح الثلثاء 15 أيلول 1992. ودع بطرس خوند زوجته جانيت وغادر منزله في منطقة حرج ثابت. فتح باب سيارته من نوع أوبل حمراء وما أن هم بإدارة محركها حتى طوّقه حوالى 8 أشخاص مسلحين وغير ملثمين وحاولوا إخراجه بالقوة من السيارة بعد فتح الباب. لكن بطرس عاجلهم وشهر مسدسه. إبنه البكر فادي على الشرفة. حاول أن يصرخ. فجأة سمع صوت طلقة رصاص واحدة واكتشف أن المسلحين صعدوا إلى سياراتهم بعدما خطفوا والده وأدخلوه إلى سيارة من نوع فان. الثامنة والنصف ودقيقتان. رن الهاتف في منزل أحد أصدقاء بطرس. جانيت خوند على الخط الآخر. “… الحقني خطفوا بطرس من قدام البيت”. تلك كانت المرة الأخيرة التي تودع فيها جانيت زوجها بطرس على أمل العودة إلى دفء المنزل ليلا. 30 عاما مرت على اختفائه. رنا ربيع رواد كبروا تزوجوا وجانيت صارت تيتا. 30 عاما والسؤال نفسه: أين بطرس خوند؟… لا جواب.

ليس بطرس خوند الرقم الوحيد على لائحة المفقودين في السجون السورية .627 إسما صاروا مجرد أرقام وصور في إطارات إلى جانب أمهاتهم اللواتي انتقلن والحرقة في قلوبهن وربما كان اللقاء في رحاب السماء …

روايات العائدين من السجون السورية تؤكد على وجود معتقلين في السجون السورية ويروي أحدهم قصة الأخوين كرم وزياد مرقص من بلدة زكريت في المتن، وهما موسيقيان، كانا في طريقهما بتاريخ 21 تشرين الثاني 1984 إلى أحد الأستديوهات في بيروت الغربية (كما درجت التسمية خلال الحرب الأهلية) لتسجيل مقطوعة موسيقية من تأليفهما على آلتي الناي والكمان، أوقفهما حاجز للمخابرات السورية وتم اعتقالهما مع عازف الكمان إيلي أبو ناضر.

وبحسب المعلومات التي نشرتها منظمات حقوق الإنسان العالمية فقد تم نقل المعتقلين الثلاثة إلى عنجر ومنها إلى معتقل صيدنايا في سوريا وأخضعوا للتحقيق تحت التعذيب وتمت محاكمتهم أمام إحدى المحاكم الصورية التابعة لجيش النظام السوري في غياب أي محامي دفاع. وصدر الحكم بسجن الأخوين مرقص 15 عاما بتهمة التعامل مع إسرائيل، وهي التهمة التي غالبا ما كان يستخدمها النظام السوري للزج باللبنانيين في المعتقلات السورية.

انتهت مدة المحكومية ولم يخرج الأخوان كرم وزياد مرقص ومنع على الأهل إجراء أي اتصال أو لقاء مباشر أو غير مباشر عنهما على رغم تلقي معلومات تؤكد وجودهما في إحد معتقلات النظام السوري. فيما بقي مصير العازف إيلي أبو ناضر مجهولا. أيام وأسابيع وشهور مرت ولم يتلقَّ الأهل والأصدقاء أي جواب. وقرروا إيصال صوتهم إلى الصرح البطريركي وسلموا البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير ملفا يتضمن أسماء وشهادات تؤكد وجود معتقلين لبنانيين في السجون السورية.

الأول من أيلول 2022 وفي اليوم العالمي للمخفيين قسرًا، لا يزال مصير كرم وزياد مرقص وإيلي أبو ناضر مجهولا وأحفادهم يسألون نريدهم أحياء كانوا أم رفات. أهالي المفقودين صاروا في غالبيتهم في أحضان السماء، والمفقودون في السجون السورية لم يعودوا بعد… 627 إسما موثقا في سجلات جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السوريةوسوليد لبنان و.. و… إلا عند الدولةاللبنانية التي تنفي علمها بوجود معتقلبن داخل سوريا، ونظام بشار الأسد الذي يصر على عدم وجود معتقل لبناني في مسالخه البشرية. 627 معتقلا موثقون بالأسماء والصور وبشهادات العائدين من السجونالسورية الذين رووا قصصا وحكايات وأكدوا أنهم شاهدوا جوزف أو عمر أوإيلي أو… لكن لا شيء من كل ذلك حرّكضميرالمسؤولين في الدولة اللبنانية.

يقول رئيس جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية علي أبو دهن ويضيف” أُدخلت قضية المعتقلين المحررين في متاهات السياسة واستغلها البعض إما عن طريق المتاجرة بها أو منخلال المزايدات الكلامية، بينما أمعن البعض الآخر في إنكار حقوقنا ووضع مطالبنا في خانة المطالب غير المحقة، ومنهم من ذهب إلى حد إنكار وجود معتقلين لبنانيين في السجون السورية علما أن هذه الفئة من السياسيين والأحزاب هي التي سلمتنا إلى أجهزة المخابرات السورية. ولكل من أنكر ولايزال نقول بأنه لا يزال هناك معتقلون لبنانيون في السجون السورية ولا نعلمماذا حل بهم بعد المجازر التي ارتكبها النظام السوري في حق شعبه خلالالحرب السورية والقصف الذي طال غالبية المسالخ البشرية التي كانت تضم آلاف المعتقلين من المعارضين السوريينواللبنانيين وكيف لنظام وحشي يعبث بشعبه وناسه أن يرحم معتقلين أحرارًا من غير جنسيات في أقبية المعتقلات السورية؟

وإلى كل مسؤول في هذه الدولة يسأل: “أوليس المعتقلون من أبناء هذا الوطن؟أوليسوا مواطنين لبنانيين شرفاء؟ لماذا لا تتحرك الدولة لمساءلة المسؤولين في النظام السوري عن مصير رفاقنا الذين ودّعناهم في المعتقلات السورية ووعدناهم بأن نكون صوتهم الصارخ من أرضالوطن؟. ويختم أبودهن” أمس واليوم وغدا هو يوم المفقودين قسرا والأول من أيلول ليس إلا للذكرى”. طبعا لا جواب على كل هذه الأسئلة لأنأحدا لم يكلف نفسه عناء السؤال، والأصح أنهم نسوا أن هناك مفقودين لبنانيين في السجون السورية ولن يتذكروهم إلا في مناسبات الإنتخابات للمزايدة وكسب الأصوات. ومع ذلك نكرر مع من تبقى من أهاليهم نريدهم أحياء أم رفات !.