علي مظلوم/حزب الله ووهم التسديد الالهي

175

حزب الله ووهم التسديد الالهي
علي مظلوم/فايسبوك/15 آب/2022

يحدثنا التاريخ عن كثير من أولئك الذين حكموا الأمة باسم الاسلام وحققوا انتصارات كبرى في الحروب والغزوات وفتحوا بلاد الروم والفرس ونشروا الدين في كل اصقاع الأرض، ثم انطوت صفحاتهم واندثرت دولهم وصاروا بملكهم العظيم أثراً بعد عين.

من هؤلاء الرجالات كان – على سبيل المثال لا الحصر- عمر ابن الخطاب وخالد ابن الوليد وابو عبيدة ابن الجراح وخلفاء بني أمية وبني العباس وغيرهم من الذين يعتبرهم الشيعة على مرّ التاريخ حكام جور لأنهم ظلموا أهل البيت، وخصوصا منهم العباسيين الذين حملوا في العلن شعار “الرضا لآل محمد” ولكنهم في الواقع حاربوا الأئمة من أبناء الرسول وتفننوا في تعذيبهم وقتلهم.

هؤلاء كانوا يحكمون الامة باعتبارهم أمراء للمؤمنين وباعتبار ان انتصاراتهم في الشرق والغرب كانت بتسديد من الله وتوفيق منه وانه هو تعالى من يرعى حكمهم ويحميه من كل ثائر او متمرد يهدد الأمة من داخلها، فيصبح تهديده او قتله او سجنه في هذه الحالة مباحا بل مباركاً في سبيل الحفاظ على بيضة الاسلام حتى ولو كان وليا من اولياء الله.

ومثلهم اعتقد حكام الشيعة من الصفويين والبويهيين وغيرهم الذين اقنعوا الناس أنهم يلتقون بالامام المهدي وينفذون ارادته وينتظرون ظهوره، فصار كل ذي رأي مخالف لهم عرضة للقتل او السجن لانه يغضب الله والرسول والامام، وتحت هذه الشعارات كانت تستباح المحرمات وتنتهك الحرمات ويُقتل الابرياء على اصوات تصفيق الجمهور المغفل، وطالما ان الانتصارات على العدو الخارجي محققة، فالله هو من يسدد “المسيرة” و”الخط” و”النهج” ولا يجدر في هذه الحالة الالتفات لبعض التجاوزات من هنا وهناك وبعض حالات الظلم والفساد والخطأ في الاجتهاد!!

حزzب (الله) تحكمه هذه العقيدة منذ نشأته، وهي تزداد رسوخا يوما بعد يوم طالما ان جعبة السيد لا تفرغ من “الانتصارات” المسددة التي يخرجها من كمّه كما يخرج الساحر الارانب، يعينه على ذلك ماكينة اعلامية واسعة وجيوش الكترونية وميزانيات ضخمة وجمهور متعطش للانتصارات.
فقيادة الحزب وعناصره وجمهوره يؤمنون بلا أي شكّ أن “الانتصارات العسكرية” التي يحققونها هي تسديد الهي لجماعة من الناس فضلهم الله على سائر خلقه وكتب لهم الدنيا والآخرة لأنهم – برأيهم- هم اصحاب عقيدة حقة ومشروع الهي قدم الشهداء، متناسين ان من قبلهم فتحوا السند والهند بنفس مقولتهم وقدموا التضحيات والشهداء والجرحى مثلهم، واليوم هم ملعونون على كل لسان.

لذلك نرى جماعة الحزب من كبيرهم الذي علمهم السحر الى اصغر فرد فيهم يتحدثون مع كل من يخالفهم حتى ولو كان على حق بكل استعلاء واستكبار وصلف معتقدين انهم وكلاء الله وخلفاؤه في ارضه وان كل من يخالفهم في الرأي او العقيدة أو التوجه السياسي هو انسان اغضب الله وبالتالي لا يستحق الحياة وانه في النار لا شك ولا ريب.

ومهما حاول كبارهم اخفاء هذه العقيدة فإنها تظهر في خطاباتهم وعنترياتهم وفلتات ألسنتهم رغم محاولتهم خلطها بعبارات التواضع والشراكة والحفاظ على مصلحة الوطن.

اما الصغار والمعممون وناشطو التواصل الاجتماعي فلا يكلفون انفسهم عناء التقية بل يعلنون عن كل مكنوناتهم وامراضهم النفسية جهارا نهارا وأنى سنحت لهم الفرصة ومن كل المنابر، فيسبون ويشتمون ويهددون ويكفّرون ويتّهمون بالخيانة والعمالة كل مخالف لهم دون اي وازع أو خوف من مساءلة، وكلهم ثقة بأن في ذلك أجرا عظيما. إنّ اقواما حكموا الارض بمثل معتقد هؤلاء مئات السنين محاهم الله بظلمهم واستعلائهم واصبحت انتصاراتهم قصصا تحكى للعبرة، ولا شك أنّهم مهما قويت شوكتهم وحققوا من انتصارات عسكرية حقيقية أو وهمية فإن سنة الله ستجري فيهم استبدالا واستخلافا لأنه تعالى لا يرضى بالظلم سيما حين يصدر باسمه وباسم دينه الحنيف وباسم أهل بيت النبوة، بل انه سيفتنهم بنعمه ويقوي شوكتهم ويغريهم بالفتوحات ويمدّ لهم حتى يأتي امره وهنالك يخسر المبطلون.