داود البصري/مناورات الهزيمة الايرانية في الخليج العربي

515

مناورات الهزيمة الايرانية في الخليج العربي 

 داود البصري/السياسة/27 كانون الأول/14

 كالعادة وعند تفاقم الأزمات الحياتية والمعيشية التي يكابدها المواطن الايراني, يلجأ نظام الملالي المتغطرس لتفعيل آلته القمعية والارهابية, واستنفار أدواته وأجهزته الاعلامية وحشد خلاياه وأنصاره الاقليميين ,والذين تزايدت محطات ونقاط تواجدهم بشكل واضح بعد سقوط أقوى سد عربي, وهو العراق, تحت رحمة الملالي وتحوله بكل ارثه وتاريخه ودوره لمجرد حديقة خلفية لغلمان الولي الفقيه الذي بات متحكما في كل العراق, ويتحرك هناك لتدعيم صفوفه ومواقعه الدفاعية في ظل تواطؤ غربي مشبوه وواضح المعاني والأهداف.

النظام الايراني اليوم, وهو يواجه مرحلة الانهيار الاقتصادي الكارثي الذي بدأ الشعب الايراني يدفع أثمانه الباهظة من مستقبله وكرامة أبنائه, لا يمتلك سوى سلاح واحد للرد على كوارثه, وهو الامعان في الكارثة وفي الغوص في بحار الأزمة وفي ممارسة أقصى درجات الاستفزاز ,من خلال تنظيم المناورات العسكرية الاستعراضية التي لا تدل على قوة واقتدار وتمكن. بقدر ما تؤكد على هستيريا الانهيار والرعب من قوادم الأيام.

النظام الايراني عبر سياسة العضلات المنفوخة لأسلحته المتهاوية, ولجيوشه المنخورة, يتصور أنه يستطيع فرض أوهام قوته على دول المنطقة, وحتى على العالم, من خلال التهديد الصريح أو المبطن لدول المنطقة, وخصوصا للمملكة العربية السعودية, التي يعلم انه لن يتمكن من مناطحة جدار أمنها الوطني والستراتيجي مهما فعل من نشاط ثعابينه الارهابية في اليمن أو العراق أو لبنان, ومهما قدم من جهد عسكري واستشاري وتخريبي في دعم النظام السوري.

لقد تحرك العميل الايراني الأول في العراق الايراني المحتل وهو نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي, وأعلن اتهاماته الصريحة والسخيفة ضد المملكة العربية السعودية, بذريعة أنها تدمر اقتصاد العراق. وهي طبعا تهمة ايرانية ترجمها المالكي وأعلنها وفقا لمشيئة أسياده في طهران. السعودية التي يلهث حيدر العبادي ووزير خارجيته الجعفري من أجل نيل رضاها ودعوتها لفتح سفارتها في بغداد, هي نفسها التي تتعرض لهجوم سخيف وسقيم من السلطة الحاكمة نفسها, ما يؤكد أن الوضع الحكومي العراقي مثير للسخرية, وبأن حكومة العبادي لا تسيطر حتى على تصريحات أعضائها وطاقمها, وهو مما يطرح الف علامة استفهام حول جدوى التعامل مع تلك الحكومة الهشة.

المهم ان الايرانيين وفي اطار سعيهم للخروج من الورطة السياسية والأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشونها وتهدد بشكل حقيقي وجود واستمرار نظام الملالي الارهابي, لا يمتلكون سوى وسيلة التوتر واللجوء لأقصى درجاته من أجل التنفيس عن الأزمة أو الخروج من الورطة عبر الادعاء بالأدوار القيادية والكبرى للجهد العسكري الايراني.

انها للأسف أوهام القوة التي أصابت نظام الشاه الايراني الراحل في أخريات أيامه, وكانت أحد أهم عوامل سقوطه عادت اليوم لتتلبس نظام العمائم من خلال الادعاء بأن أمن الخليج العربي, والمحيط الهندي, والبحر الأحمر, وباب المندب, وحتى شرق البحر الأبيض المتوسط هو مسؤولية ايرانية. وان ايران بالتالي دولة عظمى ينبغي سماع رأيها وتقرير وفرض ارادتها. وهي أوهام مريضة لنظام لايجد ما يسد به قوت وأفواه شعبه الجائعة في زمن الانهيار البترولي الذي نعيش.

مناورات النظام العسكرية في الخليج العربي لن تخيف أحدا في المنطقة, ولن توفر حلولا لأزمات ومصائب الشعب الايراني, وكل التحركات الارهابية الايرانية في البحرين أو العراق أو اليمن أو سورية ولبنان لن توفر أمنا زائدا للنظام الايراني, بل ستكون السبب الرئيس والمباشر في هزيمته وانحساره القريب عن مسرح التاريخ.

الأمن لا يصنعه الارهاب ولا التخويف, والخطوط الايرانية قد طالت كثيرا عن كل قدرات التحمل الايرانية, والنزيف الاقتصادي الايراني المنهك سيفرض مستلزماته كما فرضها سابقا على الاتحاد السوفياتي الراحل, لكن مشكلة أهل العمائم انهم يقرأون التاريخ بالمقلوب, ويمارسون العزف بأدوات بدائية. لذلك فان مصير نظامهم الواضح والمتجلي في الأفق هو الرحيل والانحسار. ولن تنفعهم كل تلك الأساطيل التي هي في النهاية مجرد خردة متأكسدة, والعاقل من اتعظ بغيره, ولكن أوهام القوة ستكون العامل الأكبر في الهزيمة الايرانية الكبرى.