المخرج والكاتب يوسف ي. الخوري  يتذكر صفحة من حياته المهنية مع الأب يوحنا ثابت في أواسط الثمانينات

128

المخرج والكاتب يوسف ي. الخوري  يتذكر صفحة من حياته المهنية مع الأب يوحنا ثابت في أواسط الثمانينات

المخرج والكاتب يوسف ي. الخوري/12 أيار/2022

بأوّل طلعتي وكنت مبلّش شغل جديد بإذاعة لبنان الحرّ (أواسط الثمانينات)، حبّيت أعمل برنامج إذاعي يميّزني، فَـصُرت فتّش بهالمكتبات ع شي كتاب يفيدني بفكرِة برنامج لحدّيِّت طلع قدّامي كتاب “تفسير لسفر التكوين” منسوب لَ مار افرام السرياني، تقديم ونشر الأب يوحنا تابت رئيس جامعة الروح القدس الكسليك. خِدِت هالكتاب وطلَعِت منّو بفكرِة برنامج كان عنوانو “بين التوراة والإنجيل”، وصار ينذاع كل يوم عَ لبنان الحرّ وأخد صدى بالأوساط الكنسيّي وداخل المجتمع المسيحي.

بهونيك يوم وصلت عَ دوامي بالإذاعة، بلاقي رسالي من مديرة البرامج مدام لور كرباج تَ أمرؤ عّ مكتبها أوّل ما أوصل. طلعت لعندها وقالتلي “برنامجك بدّو يتوقّف لأن منّك آخد إذن من جامعة الكسليك”. بوقتها ما كنت فاهم شي عن حقوق الملكيِه الفكريِه، وأصلًا الدني حرب مين رح يجي عَ راسو يطالب بحقوقُه إذا استعملتلُّه معلومات من كتابُه عالهوا!!؟ ويا ريت خلصت بتوقيف البرنامج، بتقلّي مدام لور “روح عالكسليك وتواصل مع الأب تابت وشوف كيف تعتذر منّو وتطلَع من هالقصّةّ!

يومتها بالمناطق الشرقية كان اسم الكسليك شغلي كبيري، وأنا بالنسبي إلي كانت زيارة الكسليك كأنّك حكمت عليّي اشرب فنجان شاي عند الإخوِه السوريين بالبوريفاج، لأنّو ما كنت طايق الله تبع الجيش الأسود، خصوصي إنّن شحطوني من المدرسي المركزية وما حدا قدر يأثّر عليهن يرجّعوني.

رحت عالكسليك، دلّوني عَ مكتب البونا تابت، طلعت لَ عِندُه، وبيناتنا كنت عطلان همّ، وإذ بس وصلت قدامُه سلّم عليّي ببسمِه عريضة وقال:

– يا جوزيف كان لازم تستأذن قبل ما تستعمل كتابي ببرنامجك، أو عالقليلِه كان لازم توضّح للناس من وين آخد معلوماتك.

هون درتها حمصيِّه وقلتلُه:

– إنا جديد بالإذاعة ومَنّي تِكلي بالأصول، بس يا محترم إذا هالشي بيرضيك منعملُه، ومنكمّل البرنامج إذا ما عندك مانع، هيك بينتشر كتابك أكتر…

– ما عندي مانع حتّى لو ما ذكَرتوا اسمي، بس عندي شرط…

– تفضل يا محترم.

– قبل ما تذيع الحلقات، بتخلّيني راجعهن لأنّو الموضوع دقيق وانت منّك لاهوتي، والله بِـيحبّك الحلقات اللي مرقوا ما فيهن أغلاط.

وهيك مع بونا تابت بلّشت صفحة جديدي بحياتي، فيها تعرّفت عَ جوهر الرهبان الحقيقي، وفتحتلي آفاق جديدي. لقائي بالبونا تابت فتحلي الباب عَ كل البرامج الدينيي اللي عملتها بعدين بالإذاعة والتلفزيون، وأهمّ شي قدّملي ايّاه لمّا كان ريّس عام، إنُه اْعطاني إذن مفتوح للحصول على ايّ معلومات من الأديار بلبنان والخارج، تسهيلًا لمهمتي بإنتاج الوثائقي “البلديون”. هالإذن سمحلي اطّلع عَ كنوز مخبّايي برزنامات أديارنا وأرشيفها، وبعدني لليوم عم استَفيد من هالحصاد على المستويَين الوطني والمسيحي.

وبيوم من الإيّام قدّملي أحضر صفوف “التعليم السرياني” عَ حساب الجامعة، بس ما اهتميت بوقتها واليوم أنا ندمان عَ هالخسارة.

وما بنسى ليلة اللي اتصل فيّي قبل تطويب الحرديني بشهرين تقريبًا، وكان يومها ريّس عام، تَ يقلّي بدّو أعمل الفيلم الرسمي تبع الرهبني عن الطوباوي الجديد.

امبارح كان دفن الأباتي تابت، وحبّيت اتشارك معكن شوي من ذكرياتي معو من باب الوفا لإنسان وثَق فيّي يوم كان بعدني زغير، واعطاني ثقة كبيري بنفسي.

أباتي تابت الله يرحمك… صليلنا من فَوق.