عبدو شامي/لبنان 2014.. احتلال وصحوات وفراغ وتمديد وفساد

381

لبنان 2014.. احتلال وصحوات وفراغ وتمديد وفساد
عبدو شامي
23/12/2014

ها هو العام 2014 يشارف على نهايته حاصدًا معه في لبنان كمًا كبيرًا من الحوادث تتراوح جميعها بين المأسوية والدراماتيكية والتراجيدية، كيف لا ولبنان لا يزال منذ العام 2005 يرزح تحت نير احتلال إيراني إرهابي تكفيري دموي مجرم بعد أن سلّمه النظام الأسدي راية الاحتلال

“ثورة الأرز” تتنقّل “واثقة الخطى” من نكسة الى نكبة ومن نكبة الى نكسة، كيف لا وقرار ما يُسمى زورًا (أو لنقُل تفاؤلاً) “تحالف 14آذار” مصادَر من نقطة ضعفه وخاصرته الرخوة “تيار المستقبل” الماضي بسياسته الانهزامية الانبطاحية حتى “الإتيان بأجَل” لبنان، وهو المؤتمِر أولاً وآخرًا بالمراسيم الملكية السعودية!

في المقابل، “الثورة الخمينية” الدموية تحقق النجاحات تلو النجاحات أمنيًا وسياسيًا؛ أمنيًا مستخدمة “صحوات المستقبل” وما تيسّر من جيش وأجهزة أمنية لتنفيذ مشروعها تارة عن طريق التنسيق (احتلال الطُفيل نموذجًا عقب إشراك الوزير القبضاي نهاد المشنوق القيادي الميليشيوي وفيق صفا في اجتماع رسمي لقادة الأجهزة الأمنية)، وتارة عن طريق التوريط (عرسال وطرابلس)؛ أما سياسيًا فمستثمرة في “تخالف (بالخاء) 14آذار” ومستعملة دهاء آخر الحكّام المنصَّبين “الى الأبد” “نبيه بري” (23سنة في رئاسة المجلس) للإجهاز على ما تبقى من ديمقراطية في لبنان بواسطة البرلمان نفسه ومن داخله، والحصيلة حكومة ائتلافية شكلاً وإيرانية مضمونًا، فراغ في الرئاسة الأولى وتمديد ثان منحه النواب لأنفسهم وحياة تشريعية منقرضة. وآخر العنقود جَلْب “المستقبل” الى حوار دجل وتقية تقطيعًا للوقت وتمهيدًا للاعتذار من “عون” و”جعجع” وإعلان اسم الموظف الذي سيُعيَّن بأمر فارسي وموافقة سعودية ليرعى الاحتلال الإيراني لكن برتبة “رئيس للجمهورية”.

الصُعُد المعيشية والاجتماعية والتربوية لا تقل قذارة عن الأوضاع السياسية بحسب ما كشفه العام2014؛ الشهادة اللبنانية ضُربت في الصميم بعد أن حلّت الإفادات مكان الشهادات وراح الطلاب ضحية صراع على سلسلة الرتب الرواتب لا يخلو من فساد وشعبوية وسياسة. طعام الناس وشرابهم ومعظم غذائهم ملوَّث ضربه الفساد واندست فيه الأمراض وهو في أحسن أحواله غير مطابق للمواصفات. فضائح غذائية لا سابق لها، كيف لا ونحن في بلد محتل قلَّ فيه الإيمان ومات فيه الضمير حتى سمح البعض لأنفسهم إطعام الناس الموت البطيء بجرعات قاتلة لا بأس بها وبالتقسيط!

رائحة الفساد لم تكتفِ بالأمن الغذائي بل طاولت الجهاز الديني، فما إن أُقفلت قضائيًا ودون محاكمة ملفات الفساد المالي للمفتي السابق “محمد رشيد قباني” ونجله بتسوية فضائحية دعَمه فيها الحزب الإرهابي ونال بموجبها منزل الإفتاء التابع لدار الفتوى ليصبح فوق الفساد هدية! حتى فاحت رائحة الفساد من الأوقاف الكنسية، تقارير موثقة بالصور عن تشييد قصر لأحد المقربين من البطريرك الراعي على أراضٍ وقفية ومحمية طبيعية دون مقابل مالي، وكلام عن فساد إداري كنسي وصفقة في حرج حاريصا؛ كل ذلك وسط تساؤلات عن خلفية إبعاد البطريرك “صفير” السيادي عن سدة البطريركية والإتيان بآخر بعيد كل البعد عن ثوابت بكركي الوطنية.

جيو-سياسيًا كان عام إحكام القبضة الإيرانية على لبنان تعويضًا عن انكسار الهلال الفارسي في العراق وسوريا. أما محليًا فعام انقلاب تيار المستقبل على تعهداته وعودته الى السلطة برتبة صحوات. عام حيازة الاحتلال الإيراني على الغطاء السني-الحريري بعد الغطاءين المسيحي-العوني والدرزي-الجنبلاطي ليستكمل إرهابه في لبنان وسوريا بحصانة “ميثاقية”. عام تنصيب الفراغ رئيسًا للجمهورية. عام استيراد الحزب الإرهابي المعركة السورية الى لبنان كنتيجة طبيعية لتصديره إرهابه الى سوريا. عام عودة الحريري الى لبنان بأمر سعودي ومهمة ملكية غامضة وبضمانات أمنية حزبية ثم عودته الى منفاه الاختياري عملاً بالأوامر الملكية. عام مأساة أسر العسكريين اللبنانيين بعد توريط الحزب الإرهابي الجيش اللبناني في معركة “القلمون2” على أرض عرسال البقاعية. عام الإجهاز على الديمقراطية بتمديد النواب لأنفسهم فترة ثانية. عام عرقلة الحزب عملية المقايضة لتحرير العسكريين اللبنانيين وفضيحة مقايضته أحد إرهابييه المأسور في سوريا بموقوف قيد المحاكمة تسلّمه عبر الأمن العام من المحكمة العسكرية. عام الانتقام من طرابلس بعد عرسال وتشديد القبضة الإيرانية على البيئة السنية. عام عودة حوار الدجل والتقية والحجة الاستغبائية الحريرية “تخفيف الاحتقان السني-الشيعي”.

تعدّدت التسميات والمأساة واحدة، بيْد أنه لا يأس مع الإيمان بالله تعالى لذا يبقى الرجاء أن يحمل العام 2015 الحرية والتحرُّر للشعب اللبناني بانتقال قوى 14 آذار من استراتيجية تغطية الاحتلال الإيراني الى استراتيجية مواجهته؛ وعلى أمل أن نصبح على حرية ووطن ميلادًا مجيدًا ومولدًا شريفًا وكل عام وأحرار لبنان بخير.