الأب سيمون عساف/في ضمير الاحرار لا تموت الحرية … ربي ألطف وخلص لبنان وأطفىء نيران الحروب في العالم

77

في ضمير الاحرار لا تموت الحرية … ربي ألطف وخلص لبنان وأطفىء نيران الحروب في العالم
الأب سيمون عساف/17 آذار/2022

من هو الحر؟
هو صاحب الضمير الحي!

وما هو الضمير الحيّ؟
هو تجسُّدٌ  الوجدان الباطني  في الأشخاص الأحرار من ربقات الطين وعلائقه!

يشطح الإنسان روحانيا بهذه المفاهيم مسترسلا في مسيرات الخير والاطمئنان ومطافات الحب والسلام. قرائح تتفجر طاقاتُها لإِبتداع الأجمل وابتكار الأشمل، يستنبطون جمالات اللغة بأحرف وكلمات نرى فيها روائح من صبابة الى فلسفة وادِّعاءات فراغها ملء توق الى تبرئة المعرفة.

 بأي حال، بورك بأقلام، ماشقوها يدلُّون على نبض عافية في جسد الوطن لأن التعاطي بالقلم والورق برهان على درجات الرهافة والسمو. يتوغَّل كتَّابنا ويسردون حكايات وبطولات وقصصَاً عن مواقع  ومعارك وأحداث الماضي الذي بات في ذمة الغيب، ضاربين كشحا عن غدٍ آتٍ ينتظرهم ولا يشيرون حتى إِليه. هناك روايات يفوتنا  بعضها، والبعض الآخر نحن على علم اليقين برُسلها البواسل. للتاريخ هذا مفيد طبعا والهدف تركة للأجيال القادمة للاطلاع على ماجريات حصلت فيها مرمغات دم وكرنفالات قتل تُخزي القارىء وتُندي الجبين.

لكن لا يهمنا ما فات، بقدر ما يهمنا ما يأتي في أيامنا الحاملة اشباحا ومجهولات حافلة بالتكهنات لا نعرف طلاسم بداياتها ولا رموز النهايات.
لذلك نستفسر المسؤولين عن تصورهم للمراحل الحبلى بمفاجآت وأخبار، وعن الاستعداد للتصدي الى سلبياتها والاخطار.

نعم، إِنها آتية الهنيهات الجارفة صعاليك وأقزام لامبالية بالحياة، تغوص بأوحال الفساد وتنغمس بالفسق وتتمرغ بالسفالة. أمَّا عند شجعان أجرياء شرفاء يجابهون الباطل والخطأ بمناصرة الحق والصواب، ثم يقحمون كل العاديات في سبيل الفضائل والشمائل والكرامات والحريات والقيم والشيم، فيتوقف الزمن عند هؤلاء الذين على عاتقهم تُلقى التبعات والأخلاق.

إننا بأحوج ما يكون إليهم، فهم يكوِّنون الجهاز الفكري العالِم العارِف الراقي الثقيف المسلح بروح نبوية شفيفة ذات مستوى.
اجل ينقصنا هذا الجهاز او هذا البنك الفكري او هذا “المكوِّن الدولتي” المصغَر   État majeur، الذي لديه الطرح والمشروع والقراءة والرؤية. إِن التطلّع الى أبعد من دائرة اللحظة القصيرة المدى، والانانية البغيضة المدمِّرة، كفيل بضمان استمرارية الكيان وصيانته من الطوارىِ والنازلات، وبخلاص الجماعة من الانقراض البطيء ومن ذهنية اليأس والتبرُّم والاحباط، والهجران والتغرُّب والضَياع.

 نقترح هذا المشروع على مَن هم في الصدارة والمراكز الأُولى علَّهم يستيقظون، لكي يكون القرار صائبا واختيار النُخب لتحمِّل المشؤوليات يكون من خلاله تفاديا للغلط والهزائم والشطط. تعوَّد هذا المجتمع على انواع الكوارث والفتن والمشاحنات والحرب والتناحر والنعرات. ومردُّ هذه النكبات لغياب المجلس الشَوري للجماعة، فينتفض الفرد ويورِّط الجماعة بما لا تُحمد عقباه وما نحن في صدده اكبر دليل.

من الآن وصاعدا هذا غير مسموح ابدا إِدخالنا في الخواء. ولم يبقَ لدينا سوى إيجاد العلاج لهذه العِلل إذ حسب المأثور من القول لكلِّ داءٍ دواءْ. كفى استبعادنا عن بعضنا وسماء واحدة تظللنا وارض واحدة تحضننا. عيب وعار رفضية الآخر، إن هذه لعمري جهالة وغباوة وبالتالي دليل على التخلُّف والرجعية وإذا صح التعبير الهمجية.

 في عصرٍ غزا الكواكب والمجرات، لا يجوز هذا التفكير أن يخامرنا بإلغاء الواحد الآخر نعم هذا معيب، وضرب من ضروب القرون البدائية.
إِننا نسيج شعب واحد يتنشق نفس الهواء ويشرب نفس الماء وينام في ذات التراب ويستدفى عين النار المقدسة، فلا يليق أبدا بنا الانحطاط الى هذا الدرك بل التعالي الى مدار النجوم.

من الفاروق عند السُنَّة الى بهاء الدين عند الدروزالى امير المؤمنين عند الشيعة الى بولس الرسول عند المسيحيين، بوتقة واحدة تصهرنا وفيها الإيمان بالله ومحبة القريب. تجمعنا اللغة والحرية والعادات الكريمة والتقاليد المضيافة.

 هكذا يُبنى الإنسان ويتعمَّر الوطن ويسير القطار على السكة الى المطلق وتستقبل المحطات المسافرين الى غايتهم. وهكذا لا تموت الحرية في ضمير الاحرار إِنما تحيا مُسعدة أبناءها الأبرار مخزية الأبالسة الأشرار.

ربي ألطف وخلص لبنان وأطفىء نيران الحروب في العالم.