د. توفيق هندي/14 آذار.. كي لا يتكرر الخطأ…أسوأ خطأ وخطيئة ما سمي بإتفاق معراب، وهو في واقع حاله صفقة دونية مع حزب الله، وصفقة محاصصة بين عون وسمير جعجع، أدت إلى انفراط عقد 14 آذار نهائياً، وتقزيم القوى السيادية

163

14 آذار.. كي لا يتكرر الخطأ…
أسوأ خطأ وخطيئة ما سمي بإتفاق معراب، وهو في واقع حاله صفقة دونية مع حزب الله، وصفقة محاصصة بين عون وسمير جعجع، أدت إلى انفراط عقد 14 آذار نهائياً، وتقزيم القوى السيادية

 د. توفيق هندي/موقع جنوبية/13 آذار/2022

بمناسبة الذكرى ١٧ ل١٤ آذار، ومن أجل أخذ العبر من أخطاء وخطايا الماضي، وإنطلاقاً من مشاركتي الفعالة في المسار الذي أوصل إلى ١٤ آذار، وإنطلاقاً من معرفتي الشخصية باللاعبين كافة، وبما كان يجري في الإجتماعات العامة والخاصة، إرتأيت أن أحصيها وأذكر بها، ذلك أن المرء مفطورا على الغرق، في ما هو آني وعدم تذكر الماضي.  البعض يريد أن يقنع جمهور 14 آذار  والثورة، أن هذه الحركة السيادية اللبنانية المجيدة، حققت أفضل ما يمكن تحقيقه، نظراً للظروف الموضوعية التي أحاطت بها، وكأن لا أخطاء وخطايا  إستراتيجية جسيمة إرتكبت، من قبل من هيمن على قرارها في المراحل المتتالية لمسارها ، وأوصلت لبنان إلى الترنح بين الحياة والموت.

والحقيقة هي أنه لم يكن قدراً محتوماً، أن يصل وضع لبنان إلى هذا الدرك، إنما هو نتاج هذه الأخطاء والخطايا الإستراتيجية المتتالية. لذا، لا بد لتصحيح مسار الحركة السيادية، والتي تحولت إلى حركة سيادية وتغييرية في آن معاً، من التوقف عند هذه الأخطاء والخطايا أذكر فيما يلي أهمها:

1) خطأ غالبية أعضاء لقاء قرنة شهوان في طريقة التعاطي مع العماد ميشال عون، بغض النظر عن طبيعة موقفنا منه، وذلك منذ تأسيس اللقاء وصولاً إلى مرحلة 14 آذار.

2) خطأ المطالبة بتجميد الشق المتعلق بتسليم سلاح الميليشيات في القرار 1559، ووضعه في يد اللبنانيين.

3) هذا الخطأ كان في الحقيقة تمهيداً لإرتكاب خطيئة أخرى، ألا وهو الإتفاق الرباعي (ولبد جنبلاط، سعد الحريري، نبيه بري، وحزب الله) بسبب النهم السلطوي. أوصل هذا الإتفاق إلى تشكيل حكومات المساكنة، وعدم إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية الموروثة من الحقبة السورية، وإلى الإغتيالات بالجملة، وساهم في تعثر ثورة الأرز.

4) خطأ القبول بالحوار حول الإستراتيجية الدفاعية (وهو مطلب حزب الله بالأساس، أول ما ورد كان في ورقة التفاهم بين الحزب والتيار الوطني الحر)، وقد كان هذا الحوار من أسباب حرب 2006، وفيما بعد أدى إلى تنكر حزب الله لإعلان بعبدا، بعد أن وافق عليه.

5) خطأ القرارات المتهورة للحكومة، التي أدت إلى أحداث 8 أيار 2008، مما شكل تغييرا أساسيا في ميزان القوى داخل لبنان، وأوصل إلى إتفاقية الدوحة.

6) الخطأ المتجدد في تشكيل حكومة الحريري الأولى، على قاعدة المساكنة المستحيلة، مترافقة مع تبرئة النظام الأسدي من إغتيال الشهيد رفيق الحريري، ومع مباردة ال س. س. المشؤومة، مما أدى إلى إسقاط حكومة الحريري بالثلث المعطل، وتهجيره من لبنان لمدة تناهز الثلاث سنوات.

7) الخطأ بالتعاطي مع الثورة السورية، مما سهل لحزب الله التدخل لإنقاذ النظام الأسدي، بحجة العمل بالمثل، بدلاً من تحييد لبنان عن الأوضاع المتفجرة في سوريا، والطلب من الأمم المتحدة حماية الحدود اللبنانية-السورية، من خلال تطبيق القرار 1701 بإنتشار “اليونيفيل”، على طول هذه الحدود، مما كان قد حد من حركة السلاح والمقاتلين من كافة الأطراف، من وإلى سوريا، كما كان قد لجم  حركة النزوح السوري إلى لبنان.

8) الخطأ المتجدد في تشكيل حكومة المساكنة مع تمام سلام، بعيد إغتيال الدكتور محمد شطح (بتاريخ 27 كانون الأول 2013) بدلاً من إتباع سياسة الطلاق الحبي مع حزب الله، التي كان يحبذها المغدور والتي كنا، هو وأنا نتداولها ونناقشها، وذلك لقناعة منا أن حزب الله، سوف يستفيد وحده من مشاركة 14 آذار في الحكومة، بحكم أن ميزان القوى داخل الدولة وخارجها، داخل لبنان وخارجه، بات يميل بشكل واضح لصالحه. والبديل هو بتظهير صورة للبنان، رافضة للأمر الواقع الإيراني المفروض عليه، ورص صفوف القوى السيادية والمعارضة، من خارج مؤسسات الدولة الدستورية، وليس من داخلها، بعكس ما يفعل البعض بهدف الإستحصال على فتات مائدة السلطة، دون التمكن من المساهمة في القرارت السيادية الأساسية. في هذه المرحلة المفصلية، تم تبني مفردات الواقعية، وعقد النزاع والنأي بالنفس الموروثة من حكومة الميقاتي.

9) خطأ ما سمي بإتفاق معراب، وهو في واقع حاله صفقة دونية مع حزب الله، وصفقة محاصصة بين عون وسمير جعجع، أدت إلى انفراط عقد 14 آذار نهائياً، وتقزيم القوى السيادية. وكان من نتائج هذه الصفقة، قانون الإنتخابات النيابية الذي أعطى لحزب الله الأغلبية النيابية. فبات يتحكم بالمؤسسات الدستورية الثلاث : البرلمان، رئاسة الجمهورية والحكومة، فضلاً عن إمساكه برسم الطبقة السياسية المارقة القاتلة. في مطلق الأحوال، سوف نكمل مسيرة خلاص لبنان، بالرغم من كل الصعاب وسوف ننجح!