نص عظتي البطريرك الراعي والمطران عودة لليوم الأحد 06 شباط/2022/الراعي للمسؤولين: أوقفوا ضرب المؤسسات في إطار مخطط انقلابي يستهدف أصلا إسقاط الدستور/المطران عوده استنكر التطاول على الكنيسة ودعا لانتخاب النواب بقناعة

71

الراعي للمسؤولين: أوقفوا ضرب المؤسسات في إطار مخطط انقلابي يستهدف أصلا إسقاط الدستور
وطنية/06 شباط/2022

Rahi urges politicians to stop damaging reputation of Central bank
NNAt/February, 06/2022

Al-Rahi Defends Salameh, Refuses Blaming Entire Crisis on Single Person
Naharnett/February, 06/2022

المطران عوده استنكر التطاول على الكنيسة ودعا لانتخاب النواب بقناعة
وطنية/الاحد 06 شباط 2022

الراعي للمسؤولين: أوقفوا ضرب المؤسسات في إطار مخطط انقلابي يستهدف أصلا إسقاط الدستور
وطنية/06 شباط/2022
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطارنة: حنا علوان، مروان تابت وانطوان عوكر، بمشاركة عدد من المطارنة والكهنة، في حضور عائلة المرحوم روفايل نعوم نصار برئاسة وزير السياحة وليد نصار، رئيس جمعية “اوكسيليا” عبدو ابي خليل، قائمقام كسروان- الفتوح السابق جوزف منصور، الشيخ سعد فوزي حمادة، رئيس مؤسسة البطريرك صفير الاجتماعية الدكتور الياس صفير، عائلة المرحوم ربيع يوسف الراعي، عائلة المرحوم فيليب حنا الحاج، وحشد من الفاعليات والمؤمنين.
بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان: “من تراه الوكيل الأمين الحكيم” قال فيها: “الأسابيع الثلاثة التي تسبق زمن الصوم الكبير تسمى أسابيع التذكارات. فتبدأ في هذا الأحد بتذكار الأحبار والكهنة المتوفين، وفي الأحد المقبل بتذكار الأبرار والصديقين، وفي الثالث الموتى المؤمنين. نصلي في تذكار الكهنة من أجل راحة نفوس المتوفين، ومن أجل الكهنة الأحياء والدعوات الكهنوتية. تتلو الكنيسة هذا النص من الإنجيل في تذكار الأحبار والكهنة، لأنه يرمز إلى مسؤوليتهم كرعاة في الكنيسة. وقد أقامهم المسيح الكاهن الأزلي برسامتهم الكهنوتية “وكلاء أسرار الله” على ما يقول بولس الرسول (1كور 4: 1). وهي إعلان كلمة الإنجيل، وتوزيع نعمة التقديس، وخدمة محبة المسيح. إن واجبهم الكهنوتي ليس رهن إرادتهم ومزاجهم وخاطرهم، لأنه بمثابة وكالة. فيطلب من الوكيل أن يكون أمينا وحكيما ( لو 12: 42)”.
وتابع: “يسعدنا أن نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية في تذكار الاحبار والكهنة، ومعهم نذكر أعزاء علينا ودعناهم مع عائلاتهم. وهم نسيبنا وعزيزنا المأسوف على شبابه المرحوم ربيع يوسف الراعي، الذي ودعناه في 8 كانون الثاني المنصرم، في حملايا مع زوجته وابنتيه ووالديه وأفراد العائلة وأهالي بلدتنا الذين أحبوه؛ وعزيزنا المرحوم روفايل نعوم نصار والد الوزير المهندس وليد نصار، وزير السياحة، وقد ودعناه في جبيل مع زوجته، وابنيه وابنتيه وأفراد العائلة والأنسباء والأصدقاءفي 28 كانون الأول الماضي. وعزيزنا المرحوم فيليب حنا الحاج الذي ودعناه في بلدة رميش مع زوجته وابنيه وابنتيه والأنسباء في 21 كانون الأول الماضي. وهو ناشط اجتماعي ومفكر وباحث، وملتزم في حزب القوات اللبنانية، وفي توجيهات البطريركية الوطنية، مع مجموعة “بكركي 2020″، لراحة نفوس هؤلاء الأعزاء الثلاثة نقدم هذه الذبيحة الإلهية، ولعزاء عائلاتهم. الأمانة والحكمة فضيلتان ينبغي أن يتحلى بهما الكاهن. فالأمانة هي أمانة للحالة الكهنوتية وفضائلها وروحانيتها ومسلكها؛ وأمانة للموكل، المسيح الرب الذي دعاه لصداقته وواجب تتميم إرادته وتلبية دعوته؛ وأمانة للجماعة الموكولة إلى عنايته، ليقدم لها الطعام المؤتمن عليه، وهو كلمة الله، ونعمة الأسرار، وخبز جسد الرب ودمه، وعطية الروح القدس. والحكمة هي حسن التصرف في أداء واجب الوكالة، بحيث لا يلحقه لوم من سيده أو من الجماعة الموكولة إليه. الحكمة هي أولى مواهب الروح القدس السبع التي ذروتها مخافة الله: “رأس الحكمة مخافة الله”(سيراخ 1: 16): ما يعني أن موهبة الحكمة هي التصرف الدائم بهدف مرضاة الله، والانتباه الكامل لتجنب الإساءة إليه.
الأمانة والحكمة فضيلتان أساسيتان في حياة الزوجين والوالدين. أمانتهما هي لعهدهما مع الرب، وبينهما، وإسعاد الواحد الآخر، وإنجاب الأولاد وتربيتهم وإعالتهم. والحكمة هي مرضاة الله، والثبات في الأمانة عبر الأفعال والتصرفات والمبادرات، ولو كثرت مصاعب الحياة الزوجية والعائلية، أكانت من الداخل أم من الخارج”.
وقال: “الأمانة والحكمة فضيلتان أساسيتان أيضا في حياة كل مسؤول سياسي يتعاطى الشأن العام. فالأمانة هي الولاء للدولة وحماية الدستور والميثاق الوطني، والإلتزام بتأمين الخير العام، الذي منه خير كل مواطن وخير جميع المواطنين. والحكمة هي في المحافظة على الهدوء والإستقرار الداخلي في البلاد والنمو الإقتصادي بكل قطاعاته، والتنمية البشرية والإجتماعية، وإحياء أوسع شبكة تعاون مع الدول لخير البلاد، وتعزيز سيادة الدولة في الداخل وفرض احترامها وهيبتها، واحترام سيادة الدول الأخرى. في ضوء هاتين الفضيلتين، الأمانة والحكمة، لا يمكن القبول بممارسات عندنا تطيح بالمؤسسات الدستورية. فمن غير المقبول الإطاحة باستقلالية القضاء وهيبته وكرامته. فبعض القضاة يفقدون استقلاليتهم ويخضعون للسلطة السياسية وينفذون توجيهاتها من دون تقدير خطر هذه الممارسات على مصلحة لبنان العليا. فلا بد من رفع الصوت بوجْه السلطة السياسية لترفع يدها عن القضاء، وتحترم فصل السلطات، وبوجْه بعض القضاة الذين يسيئون إلى رسالة القضاء واستقلاليته بتلوينه السياسي والطائفي والمذهبي، وبجعله غب الطلب، ما يوقع القاضي في حالة الشبهة. إنا نهيب بالمرجعيات القضائية العليا بأن تخرج عن ترددها وتضع حدا للجزر القضائية داخل القضاء. نحن نطالب بمحاكمة جميع الفاسدين الذين بددوا المال العام وأوصلوا البلاد إلى الإنهيار السياسي والإقتصادي والمالي، لا أن تنتقي السلطة شخصا واحدا من كل الجمهورية وتلقي عليه تبعات كل الأزْمة اللبنانية وفشل السنوات الثلاثين الأخيرة. هذا أفضل أسلوب للتغطية على الفاسدين الحقيقيين وتهريبهم من وجه العدالة، وأقصر طريق لضرب ما بقي من النظام المصرفي اللبناني، وتعريض بعض المصارف للإفلاس، وضياع أموال المودعين. ينبغي التنبه إلى مخطط يستهدف استكمال الإنهيار”.
وأضاف: “من غير المقبول التلاعب بالموعد المحدد لإجراء الإنتخابات النيابية في 15 أيار المقبل، وهي ضمانة للإنتخابات الرئاسية في تشرين الآتي. إننا نشجب كل محاولة لإرجاء الإنتخابات باختلاق أسباب غير دستورية أو سواها تولد عدم الثقة في نفوس اللبنانيين، ويتساءلون :” في انتخابات؟!”، فيما موعد إجرائها على مسافة شهرين. فليتذكر النواب أنهم موكلون من الشعب اللبناني الذي وكلهم فلا يحق لهم تجديد وكالتهم بمعزل عن الشعب (راجع الدستور: المقدمة، د؛ والمادة 27). فيا أيها المسؤولون السياسيون: أوقفوا اختلاق الأخبار والإشاعات والإساءات! البلاد بحاجة إلى هدوء واستقرار نفسي. أوْقفوا الانتقامات والأحقاد والكيدية! أوْقفوا ضرب مؤسسات معينة الواحدة تلو الأخرى في إطار مخطط انقلابي يستهدف أصلا إسقاط الدستور والميثاقية والأعراف في مؤسسات الدولة! أوْقفوا الإضرار بسمعة لبنان والنقد اللبناني والمصرف المركزي والجيش والقضاء، وهي ثلاثية الاستقرار والأمن والعدالة! ليس كذلك يتم التفاوض مع صندوق النقد الدولي والدول المانحة، وليس كذلك تعيدون أموال المودعين إلى أصحابها، وهي أصلا ديون على الدولة يتوجب عليها إيفاؤها، وهي أولوية الأولويات ولا حل من دون إيفائها. فإذا ضبطت الدولة مداخيل الجمارك في المطار والمرافئ والحدود، وإذا استثمرت ممتلكاتها، استطاعت إيفاء ما عليها من ديون، فتعود للمواطنين ودائعهم”.
وختم الراعي: “إذ نقر بأنه حق جوهري وديمقراطي أن تطالب الفئات النقابية والاجتماعية والمهنية بحقوقها وأموالها، وأن تحتج وتتظاهر وتتجمع، لكن لا يحق لأحد أن يقطع الطرق الرئيسية أمام المواطنين فيأخذهم رهينة؛ ويقطع بأرزاقهم، ويعطل الحياة العامة، ويمنع الطلاب من التوجه إلى المدارس، والموظفين إلى مؤسساتهم، والمرضى إلى المستشفيات، والمسافرين إلى المطار، ويشل الحركة التجارية والاقتصادية. ألا يكفي الناس تشردا وعذابا وشقاء وجوعا وفقرا وأمراضا وأوبئة وقلة موارد وشح محروقات؟ إلى العناية الإلهية نكل حالتنا وحالة وطننا، وكلنا رجاء بأن الله يريد أن نعيش في الطمأنينة والسلام. له المجد والتسبيح، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.
بعد القداس، استقبل الراعي المؤمنين المشاركين في الذبيحة الإلهية.

Rahi urges politicians to stop damaging reputation of Central bank
NNAt/February, 06/2022
Maronite Patriarch, Cardinal Bechara Boutros al-Rahi, presided over Sunday Mass in Bkirki this morning, whereby he emphasized in his homily: “It is not acceptable to allow practices that undermine constitutional institutions, and it is unacceptable to overthrow the independence, prestige and dignity of the judiciary, and that some judges lose their independence.”He added: “We support holding all corrupt people accountable, not picking someone and holding them accountable for the practices that took place over the past 30 years.”On another note, al-Rahi stressed the importance of holding the parliamentary elections on time, saying: “Let the deputies remember that they are entrusted by the people and they are not entitled to renew their mandate without the permission of the people.”Finally, the Patriarch called on the political officials to “stop fabricating news, rumors, abuse, revenge, hatred, and harming the reputation of Lebanon, the Lebanese currency, the central bank, the army, and the judiciary.”

Al-Rahi Defends Salameh, Refuses Blaming Entire Crisis on Single Person
Naharnett/February, 06/2022
Maronite Patriarch Beshara al-Rahi on Sunday defended Central Bank Governor Riad Salameh without naming him and accused some judges of politicization. “It is unacceptable to destroy the judiciary’s independence, prestige and dignity. Some judges lose their independence, submit to the political authority and implement its directions without evaluating the danger of these practices on Lebanon’s higher interest,” al-Rahi said in his Sunday Mass sermon. “Some judges are harming the judiciary’s mission and independence through politicizing and sectarianizing it,” the patriarch lamented. He accordingly called on the senior judicial authorities to “end their hesitation and put an end to the judicial islands inside the judiciary.” Apparently referring to Salameh, al-Rahi added: “We demand trying all the corrupts who wasted public funds and led the country into the political, economic and financial collapse, instead of authorities picking out a single person from the entire republic to blame him for the entire Lebanese crisis and the failure of the past 30 years.”

المطران عوده استنكر التطاول على الكنيسة ودعا لانتخاب النواب بقناعة
وطنية/الاحد 06 شباط 2022
ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده، قداس الاحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في وسط بيروت، في حضور حشد من المؤمنين.
بعد الإنجيل المقدس، ألقى عظة قال فيها: “إنجيل اليوم يحكي لنا قصة امرأة وثنية جاءت تسترحم الرب صارخة: “إرحمني يا رب، يا ابن داوود، فإن ابنتي بها شيطان يعذبها جدا”. هذه الكنعانية التي لم تسمع كلمة الله، ولا عرفت ناموسه وأنبياءه، تخطت كفرها وأنانيتها وارتمت عند قدمي يسوع معترفة به مخلصا، فيما نرى أحيانا كثيرة أهل الناموس والأنبياء، ومدعي الإيمان يرفضون الرب ويجحدون. هذه المرأة الكنعانية هي شخص أخرجه الألم من دائرة الحياة المعتادة، الحياة التي تعج بالأوثان، وقادها إلى مقابلة شخصية مع المسيح، الإله الحقيقي. إن الألم يقود الإنسان إلى معرفة أعمق للحياة، كما أن الله “يصمت” مرات كثيرة ولا يستجيب لصرخات الألم، لأن له في صمته تدبيرا. دب الألم كسم في الجنس البشري، وليس فيه وحده، إنما في الخليقة كلها. فهي تئن وتتمخض مع الإنسان منذ لحظة فقدانه الفردوس، عندما لبس أقمصة الفساد والموت، وحل في مكان الشقاء والألم الذي ينبت شوكا وعوسجا. إن السبب الأول للألم هو عصياننا لمشيئة الله وطاعتنا لكلمة الشيطان، عصياننا لنبع الحياة وطاعتنا للروح المميت”.
أضاف: “علينا أن نعرف جيدا أن الشيطان هو الذي يتعب الجنس البشري، مستغلا قابليته للفساد والموت. فقصة أيوب الصديق بليغة التعبير، لأنها تكشف أساليب الشيطان وكراهيته من جهة، كما تبين تأديب الله من جهة أخرى. الله يحول مرارة سم الألم إلى دواء يستعيد به الإنسان عافيته الروحية، بل يحوله إلى وسيلة تكشف عظمة الأبرار. إذا، عندما تحيط بنا الأحزان المتنوعة والآلام، علينا ألا نحاول أبدا القيام بتحليلات واستنتاجات، وألا نترك الأفكار تغرقنا، بل علينا أن نطلب رحمة إله المحبة، بمعرفة متواضعة لأنفسنا. الألم سم ودواء معا. فالشيطان يريده سما لكي يقتل نفوس الناس باليأس، أما الله فيحوله إلى دواء يرد العافية إلى النفس ويوقظ المشاعر الداخلية الميتة. إن الإنسان الذي يتألم ويصلي يكتسب إحساسا بالحياة لا يدركه الآخرون. تصبح نفس المتألم المصلي جهاز استقبال يتلقى من محبة الله أدق الرسائل. ولئن يفهم جيدا قابلية الحياة البيولوجية للفساد، إلا أنه، في الوقت نفسه، تنمو فيه الصلاة الداخلية، فيدرك ما هي الحياة الحقيقية وما هو الموت الحقيقي. عندما تتشدد النفس بالإيمان، وتتنفس الصلاة، يدفع الألم الإنسان إلى الخروج من أنانيته، فيتألم مع المتألمين، ويصلي من أجلهم، فتشمل صلاته العالم أجمع. إلى ذلك، يقول تقليد القديسين إن الصلاة المسموعة هي الصلاة المصحوبة بالألم. فعندما نتألم من أجل شخص ما، يجب أن نصلي له، لأن الألم دعوة إلى الصلاة”.
وتابع: “الإنسان المتألم الذي يؤمن ويصلي ينفتح على إخوته ويشمل العالم كله في ألمه الشخصي، أما غير المؤمن أو قليل الإيمان، الذي يحاول أن يعطي بالصلاة معنى لحياته، وأن يجد مخرجا، فينغلق على أنانيته وتأتي العواقب وخيمة لنفسه ولمن حوله. يصبح بغيض المعشر، يحسد نجاح الآخرين، ويسيء الظن بهم، ويحقد عليهم، ويجدف على الله. ينساق إلى هلاك نفسه، وهو ممتلئ مرارة. هذه العوارض غالبا ما تظهر لدى أشخاص نزل بهم حزن كبير أو ألم، وبدل أن يكثفوا صلاتهم وحضورهم إلى الكنيسة، ينقطعون عنها كليا، فيحرمون أنفسهم دواء الخلود والتواصل السري مع أمواتهم. إن مشكلة المحزونين والمتألمين لا تكمن في كيانهم، بل في طريقة مواجهتهم للأحزان. أمام صراخ الكنعانية، لم يكتف المسيح بعدم الإجابة، بل أبدى ازدراء شديدا إذ تلفظ بكلمات قاسية كان من المفترض أن تفتت نفس الكنعانية، وأن تطرحها في أعماق اليأس، وتقودها إلى إنكار محبة المسيح. نعم، شافي إسرائيل، الذي أبرأ الممسوسين وطهر البرص وأعطى النور للعميان، لا يمكن أن يكون إلا محبة. لم تفكر الكنعانية بأن المسيح، المحبة المتجسدة، يبدي قسوة أو تمييزا بين الأشخاص، مع أنه قال لها: “لم أرسل إلا إلى الخراف الضالة من بيت إسرائيل” و”ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويلقى للكلاب”. لقد أبدت إيمانا كبيرا، ولم تتراجع، وقد امتلأت من الحكمة المتواضعة وإدانة الذات. تبنت كلمة المسيح القاسية، وقالت: “الكلاب تأكل من الفتات الذي يسقط من موائد أربابها”. لم تنجرح كرامتها لانتمائها الأممي، ولم تحقد على إسرائيل. فألمها تجاوز الحدود الجغرافية ونفذ إلى مركز الحياة. ما يهمها هو المسيح، لذلك لم يخب رجاؤها في ما تطلبه. وإذا بها تسمع من المسيح الكلمة التي أصبحت فعلا: “يا امرأة، عظيم إيمانك، فليكن لك كما أردت”. فشفيت ابنتها من تلك الساعة”.
وقال: “إن قصة المرأة الكنعانية تكشف لنا زاوية مهمة ودقيقة جدا من دقائق الحياة الروحية: كثيرا ما يصمت المسيح. نصلي ولا يبارك صلاتنا. نطلب ولا نجد. نقرأ في سير القديسين أن المسيح يبدي حيال صلاة الكثيرين منهم قسوة بالغة، إذا صح التعبير. لكن ما هذه سوى محبة المسيح المؤدبة، التي يمنحنا إياها لكي يخرج إلى النور ما فينا من قوى خفية على الصبر، ولكي نتعلم الصلاة المتواضعة. بهذه الصلاة نطرد عنا شحنة الكبرياء الشيطانية ونثبت في محبة المسيح. هكذا تعلمنا خبرة القديسين أن الصلاة المتواضعة هي التي ستسمع من المسيح في النهاية عبارة: “فليكن لك كما أردت”.
أضاف: “يا أحبة، على عكس المرأة الكنعانية، الوثنية، التي آمنت بالمسيح رغم ما أظهره من قسوة تجاهها، نجد اليوم أناسا، يدعون أنهم مسيحيون مؤمنون، وينتقدون الكنيسة ورجالها، مدفوعين من مصالحهم الشخصية، أو من زعمائهم وأحزابهم، الذين ينزعجون من كلمة الحق التي تقولها الكنيسة، غير محابية وجه أحد. لقد أصبحت وسائل التواصل الإجتماعي كالمزبلة، يرمي فيها كل من ظن نفسه قاضيا عادلا، نفايات أفكاره. فمنهم من يطلق الإشاعات، ومنهم من يستبيح الكرامات، وآخرون يشتمون ويهينون ويحاكمون النيات، وينصبون أنفسهم ديانين لإخوتهم، أو يتطاولون على الكنيسة، ويطوعون الإنجيل حسب أهوائهم عوض أن يطيعوه، لكن الكنيسة أم وهي تسامح أبناءها المسيئين إليها مهما فعلوا. إنما على أولئك أن يتذكروا أن الكنيسة، أو مجموع المؤمنين، هي جسد المسيح، وفي النهاية، أي تجن على هذا الجسد، إن لم ينكشف على هذه الأرض، فإنه سيعلن أمام ملائكة الله في اليوم الأخير، “وهناك البكاء وصريف الأسنان” كما يقول الرب”. وتابع: “على الناس ألا تنقاد وراء كل من يسخره الشيطان في ضفر أكاليل الشوك التي يحاول إلباسها للكنيسة ولإخوته. آلام المسيح وأشواكه تحولت فرحا قياميا وربيعا مزهرا، أما من جعل نفسه ألعوبة في يد الشرير، فسوف يرميه الشيطان ويتخلى عنه في منتصف الطريق، بحثا عن غيره ليوقعه في شباكه، وعندئذ لن ينجيه أحد من النار التي لا تطفأ، والظلمة البرانية والدود الذي لا ينام. الله في وسط كنيسته فلن تتزعزع، مهما حاول البعض رمي تقصيرهم عليها، متهمينها باللامبالاة بشؤون الناس وآلامهم، ومهما حاولوا استغلال آلام مناصريهم ومآسيهم في سبيل النيل من سمعتها. الكنيسة تعترف بأخطائها عندما تخطئ، لأن العاملين فيها من البشر، لكنها من جهة أخرى، لا تطبل وتزمر عندما تعمل لخير الإنسان. الكنيسة تعمل عكس رجال السياسة والزعماء وذوي المصالح، ولا تستغل أولاد الناس ومآسيهم لتشهر بأحد، بل تبلسم الجراح بدل نكئها. فتعلموا منها، لأنها تعلمت من المعلم الأوحد، المسيح الإله. إنجيل اليوم يدعونا، عبر المرأة الكنعانية، أن نحتمل القسوة والآلام، وألا ننقاد إلى اليأس الموصل إلى نكران المسيح، مثلما فعل يهوذا الإسخريوطي. هذا هو موقف الكنيسة أمام كل موجات الشر الهادرة ضدها، وهذا الموقف الذي تشجع الكنيسة أبناءها على اعتماده أمام كل عاصفة شيطانية”.
وقال: “نمر الآن في فترة صعبة تسبق الإنتخابات، وكل فئة أو حزب سيجند كل الوسائل من أجل محاربة الآخرين وتشويه سمعتهم والنيل من كراماتهم والتشكيك بصدقهم، بالإضافة إلى مدح النفس والاستعلاء. الرب يسوع المسيح ظهر صامتا أو غير آبه بصراخ المرأة الكنعانية لأنه في الحقيقة كان ناظرا قلبها وإيمانها، وأراد أن يزكي اتضاعها وحرارة طلبتها أمام الجميع ليتعلموا. إن الله وحده “فاحص القلوب والكلى” (مز 7: 10) “ويعلم خفايا القلب” (مز 43: 22) وهو وحده يعرف نية المرشحين وإرادتهم الحسنة، لذلك على الشعب أن لا يتأثر بالدعايات الإنتخابية وبالتجريح المتبادل، بل عليه النظر في برنامج المرشحين وخبرتهم وماضيهم الناصع، وإنجازاتهم ونزاهتهم وتواضعهم وعدم تبجحهم. عليه إعمال حسه النقدي، وسماع صوت ضميره وحسب، من أجل اختيار أفضل الممثلين له، بإرادة حرة وقناعة أنهم سيقودون البلد إلى الخلاص”.
وختم عوده: “بارككم الرب وأعطاكم إيمانا صادقا ووداعة وتوبة عميقة كالكنعانية التي انتزعت رحمة الرب بتواضعها، وأبعد عنكم كل شر”.