المحامي عبد الحميد الأحدب/كما معركة الإستقلال: الثورة ثم المجاعة في لبنان ثم انفجارات الإمارات والسعودية ودمشق… تُنبِئ بشيء كبير

151

كما معركة الإستقلال: الثورة ثم المجاعة في لبنان ثم انفجارات الإمارات والسعودية ودمشق… تُنبِئ بشيء كبير

المحامي عبد الحميد الأحدب/01 شباط/2022

في 11 تشرين الثاني 1943، الساعة الرابعة صباحاً، إقتحم دار المفوض البريطاني السامي المُحصَّن “لوي سبيرس”، الشيخ خليل الخوري (ابن الشيخ بشارة)، وهو مُضرج بالدماء وصوته يُلَعلِع في الأجواء، مما أيقظ “سبيرس” من نومه ليركض ويرى الشيخ خليل المضرج بدمائه وصراخه يملأ الجو وهو يقول “لِسبيرس”، إلحقنا، لقد اقتحم جنود فرنسا الحرة قصر الرئاسة واعتقلوا رئيس الجمهورية الشيخ بشارة الخوري وانهالوا عليّ ضرباً حين تصدّيت لهم.

في هذا الوقت بالذات كانت اذاعة لبنان تقطع برامجها وتذيع بيان المفوض السامي الفرنسي هيللو Hello، الذي يعلن تعليق الدستور واعتقال وزراء الحكومة ورئيسها ورئيس الجمهورية، كما يُعلن الأحكام العرفية!

في هذه اللحظة، اندلع صراع سياسي حاد كاد ان يتحول الى عسكري بين انكلترا وفرنسا، دخل فيه تشرشل مع سبيرس من جهة وديغول مع كاترو وهيللو Hello من جهة اخرى.

وكانت انكلترا صارمة في طلبها الى القوات الفرنسية الحرة اخلاء سبيل الوزارة اللبنانية ورئيسها ورئيس الجمهورية، وفرنسا تمانع وتقول للإنكليز، نريد حلاًّ يحافظ على ماء الوجه!

وكانت قوات فرنسا الحرة بقيادة شارل ديغول ومساندة الجيش الإنكليزي بقيادة “سبيرس” قد خرجَتَا من حرب اسقاط احتلال جيش فرنسا التابع لفيشي وهتلر وبيتان، وكانت حرباً ضارية لأن جيش “فيشي” الفرنسي قاوم بشدة جيش فرنسا الحرة الذي كان بقيادة ديغول وهو الذي كان يقول للإنكليز ان الفيشيين لن يصمدوا الا ساعات، فجاءت المفاجأة ان الفيشيين صمدوا وحاربوا بعنف وهم جيش فرنسا المهزومة الذين قاوموا جيش فرنسا الحرة! ولكن جيش فرنسا الحرة بعد ان استقر له الوضع اقدم على اكبر حماقة عرفها التاريخ، فتصدّت له انكلترا لتقف في وجه حماقته، وهو تصدٍّ سياسي كاد يتحول الى عسكري بين فرنسا وانكلترا الى أن أفرجت فرنسا عن الحكومة اللبنانية، وسُمِّيَت هذه الأيام العشرة بمعركة الإستقلال! وكانت في الحقيقة حرباً بين انكلترا وفرنسا، انتصرت فيها انكلترا على فرنسا، وكان بطل المعركة هو “سبيرس”، والهزيمة لحقت بـ “هيللو” الفرنسي الذي استُدعِي الى انكلترا. وكان المنتصر اللبناني هو الشيخ بشارة الخوري ورياض الصلح والمنهزم هو اميل اده.

ثورة 17 تشرين هي فصل جديد، كما فصل الإستقلال!

فقد علّق العونيّون وحزب الله الثورة بتجويع الشعب وقطع الكهرباء عنه في عزّ الصقيع، وإقفال المستشفيات، وقطع الأدوية، وإقفال المدارس، واسقاط قيمة العملة الوطنية سقوطاً مُريعاً، الخ… الخ…

وبينما يقاوم حزب الله والعونيون الثورة والثوار على طريقة جيش “فيشي”، تحصل امور تُنبِئ بأن اجراس حرب تدق على الأبواب، فالوضع في الإمارات انفجر بشكل يدعو الى التساؤل عما هو قادم؟

1- قصف صاروخي للإمارات بعد قصف مطار ابو ظبي.

2- قصف صاروخي للسعودية.

3- قصف صاروخي لدمشق.

كل ذلك بعد زيارة رئيس جمهورية اسرائيل للإمارات!

ثم تأتي الورقة الكويتية.

في هذا الوقت قررت الولايات المتحدة منح الجيش اللبناني 65 مليون دولار اميركي مساعدات معيشية وعسكرية!

هناك قرارات صادرة عن الأمم المتحدة بنزع سلاح الميليشيات وغيرها، لم تُنَفَّذ حتى الآن.

تنفيذاً لهذه القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة والمجزرة العونية والحسن نصراللية التي تجوّع الشعب اللبناني لإخضاعه ماذا يمنع، بعد جواب لبنان على الورقة الكويتية التي هي مضحكة تدوير الزوايا، ماذا يمنع تنفيذاً لقرارات الأمم المتحدة الى:

1- انزال عسكري مصري فرنسي الى لبنان بقرار من الأمم المتحدة.

2- اعتقال ثم محاكمة الطبقة السياسية الحاكمة والفاسدة التي سرقت اموال الخزينة وتحاول اخضاع الشعب الى سطوتها بتجويعه وتعتيم البلد ومتابعة السرقات، الخ…

3- اجراء انتخابات سريعة ونزيهة ودون سلاح مسلط على الناس، ينجم عنها وجوه شابة نزيهة على سبيل المثال: رغيد الشماع، سارة اليافي، وسام مكحَّل، أسامة قدّورة، صالح المشنوق، عثمان سلطان، عماد قبلان، شيرين كريديّة حاصبيني، ديما صادق، وغيرهم وغيرهم، كذلك اسماء من الشرفاء السياسيين الذين صمدوا ايام انتداب حزب الله الإيراني، مثل: بولا يعقوبيان، اشرف ريفي، محمد فتفت وفارس سعيد، وغيرهم وغيرهم…

4- انتخاب مجلس شيوخ طائفي ومجلس نواب غير طائفي.

5- اقرار الزواج المدني الإختياري.

6- اعادة احياء اجهزة الدولة: ديوان المحاسبة، مجلس الخدمة المدنية، التفتيش المركزي الخ… واقرار فصل القضاء عن السلطة التنفيذية في الدستور.

7- تكريس حياد لبنان دستورياً.

8- اعادة كتابة الورقة الكويتية وعرضها على مجلس الوزراء.

9- اعادة احياء سياسة فؤاد شهاب الإدارية.

10- تنفيذ حكم المحكمة الدولية بحق حزب الله في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

ان ثوار 17 تشرين هم أنبَل ما في لبنان، ثاروا من اجل الحرية ويدفعون ثمناً باهظاً من اجل بلادهم.

الأرقام الحقيقية لضحايا الثورة تُشير الى اكثر من الف شهيد والى الف شاب فقدوا اعينهم من الرصاص المطاطي لميليشيا مجلس النواب.

هذه التضحيات الكبيرة هي ما جعل العونيون وحزب الله يعتمون البلاد بسرقة الكهرباء وبتجويع الشعب الذي لم يعد قادراً على شراء لقمة العيش وبالبطالة واقفال المستشفيات والمدارس الخ…

هذه التضحيات الكبيرة هي ما يجعل اصحاب الثورة لبنانيين مُصرِّين على تحقيق اهدافها بالكامل، وهم بعد ان صَهَرَتهم تجربة الثورة تخلصوا من الخوف الى الأبد، كما أنهم يتمتّعون بوعي سياسي يجعلهم عادة يتخذون الموقف الوطني الصحيح.

الإنفجارات في الإمارات ثم في السعودية ثم في دمشق، والمجاعة كما العتمة كما السرقة والنهب في لبنان، كل ذلك يُنبئ بالشيء القادم، ان المجتمع الدولي سيتحرك حرباً ليتيح لهم تحقيق الإصلاح واعادة بناء الوطن كما اتاح الدعم الإنكليزي سنة 1943 للإستقلال ان يتحقق.

فلننتظر…