الياس بجاني/فيديو ونص: بين مقاطعة انتخابات 1992 السياديّة والوطنيّة والمقاوميّة التاريخيّة، والأبواق والصنوج والعملاء المدّعين زوراً بأنها كانت خاطئة وفاشلة

181

بين مقاطعة انتخابات 1992 السياديّة والوطنيّة والمقاوميّة التاريخيّة، والأبواق والصنوج والعملاء المدّعين زوراً بأنها كانت خاطئة وفاشلة

الياس بجاني/31 كانون الثاني/2022

منذ أشهر، ومجموعات بالية وتبعيّة من الصنوج والأبواق والوصوليين والتجار والمرتزقة السياسيين والإعلاميين والحزبيين المخصيين سيادياً وكرامة وانتماءً لبنانياً، يجهدون من دون كلل، ومن ضمن مخطّط ملالوي-أسدي-يساري ممنهج، لشيطنة وتشويه أهميّة وسياديّة ووطنيّة ومقاوميّة مقاطعة انتخابات عام 1992، وذلك لتبرير مشاركة كلّ أصحاب شركات الأحزاب التجاريّة والعائليّة والوكيلة للخارج، في الانتخابات القادمة التي ستشرعن احتلال حزب الله، وتعيد استنساخ الطبقة السياسية العفنة والمرتهنة لهذا الحزب، ولنظام الأسد، وتعطّل كل الجهود الساعية لتنفيذ القرارات الدولية (اتفاقية الهدنة مع إسرائيل و1559 و1701 و 1680).

لمَن ذاكرتهم انتقائية، ومهترئة، ومسمّمة بسرطانات الأوبئة الأسدية والملالويّة والنرسِيسيّة واليساريّة البالية، نقول إن مقاطعة الانتخابات عام 1992 كانت انتفاضة شعبيّة ووطنيّة واستقلاليّة ولبنانويّة تاريخيّة، وواجهت مشروع الاحتلال السوري الإبليسي، كما وأنّها بامتياز وطبقاً لكل المعايير، كانت محطة وطنية انطلقت من منصتها، ومن وحي حركتها، كل مراحل مقاومة هذا الاحتلال الأسدي الإجرامي.. فتكلّلت عام 2005 بدحر الجيش السوري ذليلاً ومنكسراً يجرجر خيباته وعفنه.

محطة مقاطعة انتخابات 1992 التي حملت رايتها ودعت إليها البطريركية المارونية بشخص البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، جمعت تحت مظلتها كل القوى السيادية في حينه، تيار عون، الكتائب، الأحرار، حراس الأرز، الكتلة الوطنية، إضافة إلى قوى وقيادات غير مسيحية وازنة في مقدمها رئيس الوزراء الراحل صائب سلام.

من روحية وثقافة المقاطعة عام 1992، وُلد تجمّع قرنة شهوان، وبيان المطارنة الموارنة التاريخي عام 2000، وثورة الأرز، ومليونيّة 14 آذار.

وجراء النتائج التراكمية المقاومية لهذه المقاطعة، خرج د. سمير جعجع من السجن، وعاد الرئيس أمين الجميل والعماد ميشال عون من المنفى، والتأم تجمع 14 آذار السيادي، الذي جاء بأكثرية نيابية في دورتين انتخابيتين متتاليتين.

مقاطعة انتخابات 1992 كان لها أسبابها الوطنية والسيادية لرفض ممارسات المحتل السوري الفاجرة والعاهرة، ومنها مخالفته السافرة لمعظم بنود اتفاقية الطائف (الكارثي وغير القابل للتطبيق)، علما أنه وبوقاحة وجلف كان نفذ كل ما يريده من أمور مهرطقة، حتى قبل الانتخابات دون الاكتراث لما نص عليه اتفاق الطائف، أو لما يطالب به المجتمع الدولي والإقليمي، والأهم لما يده الشعب اللبناني بأكثريته الساحقة.

فرض المحتل السوري قانون انتخابي هجين وافترائي والغائي مخالف للطائف، وقد فصّل من خلاله الدوائر الانتخابية على مقاس احتلاله ومشروعه الاستعماري، وقرّب موعدها من سنة 1994 إلى سنة 1992، وزاد عدد النواب من 108 إلى 128 وزرع ال 20 نائباً الجدد هؤلاء في دوائر تمكّنه من إنجاح وإسقاط من يريد منهم.

كما قام المحتل بعمليات تركيب ملفات قضائية مزورة، واعتقال، وخطف، واغتيالات، وتهجير، ونفي، وإرهاب، غير مسبوقة، طاولت كل الرموز الوطنية المعارضة لاحتلاله، وأيضا زَرَعَ في الدوائر الحكومية الآلاف من الموظفين التابعين له وللأحزاب العميلة التي تعمل بأمرته، فتطول لائحة إجرامه وإرهابه، وهي تحتاج لمجلدات لجمع تفاصيلها.

نشير هنا إلى أن رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري الآتي يومها من عالم التجارة والمال السعودي، هو من غطى نتائج تلك الانتخابات الإلغائية وغير القانونية، وكذلك فعلت الدول العربية التي فرضت الطائف، بينما كان يُفترض بها أن تسهر على تنفيذ بنوده ولجم الشهوات الأسدية الاستعمارية والإجرامية بحقّ اللبنانيين. كما أن التفاهم الأميركي السوري العربي في تلك الحقبة سهل للمحتل الأسدي إجراء انتخابات 1992 التزويرية، رغم المقاطعة الكبيرة لها، حيث أن بعض النواب المسيحيين لم يحصل على أكثر من 35 صوتًا.

الغريب والعجيب هنا والمحزن هو أن الأحزاب والشخصيات التي قاطعت انتخابات 1992، هي نفسها اليوم تسوّق للانتخابات التي ستجري بظل الاحتلال الإيراني بهدف تشريع احتلاله.

سامي الجميل الذي استقال مع نواب حزبه من المجلس النيابي الحالي بحجة عجزه عن تحقيق أي أمر بظل سيطرة حزب الله على المجلس، يرى أن الانتخابات هي الحل لكل مشاكل لبنان، وكذلك د. جعجع الذي، وهنا المفارقة، مشى طوعاً ودون مقاومة إلى السجن سنة 1994، وهو يمشي اليوم أيضاً على “عماها” تكتيكياً وليس استراتجياً، ودن خلفية سيادية وتحريرية إلى الانتخابات التي يتوهم أنها ستزيد عدد نوابه، فيما يتعامى عن أن الاحتلال الإيراني الإرهابي لا يواجه لا بالانتخابات، ولا بأي ممارسة ديموقراطية.

في الخلاصة، فإن كل من يحاول تزوير التاريخ، وتشويه أحقية وسيادية ووطنية انتفاضة مقاطعة انتخابات 1992، هو مجرد بوق وصنج وأداة رخيصة، لا كرامة ولا أخلاق ولا ضمير عنده، وهو مهما طال زمن العهر والمّحل والاحتلال، فإن نهايته ستكون في مزابل الوطن والتاريخ.

يبقى، أن كلّ من يشارك في الانتخابات النيابية القادمة، بظل احتلال حزب الله، هو يشرعن احتلال هذا الاحتلال، وبالتأكيد هو لم يتعلم شيئًا من عبر وبطولات محطة مقاطعة انتخابات 1992.

عنوان الكاتب الألكتروني
Phoenicia@hotmail.com
رابط موقع الكاتب الالكتروني على الإنترنت
http://www.eliasbejjaninew.com

في اسفل مقال توثيقي مهم لجان فغالي ذي صلة بمقالنا

2022 ليست 1992، فكفى ” بكائيات “!
جان الفغالي/الكلمة أونلاين/25 كانون الثاني/2022
يتبارى السياسيون والمحللون في الحديث عن أن انتخابات 2022 ستلقى مصير انتخابات 1992، لكنهم، ولضعفٍ في الذاكرة أو في “الثقافة السياسية والإنتخابية “، لا يذكرون ماذا حصل عام 1992 والذي اقل ما يُقال فيه إنه “عارٌ انتخابي” .
جان الفغالي/الكلمة أونلاين/25 كانون الثاني/2022
يتبارى السياسيون والمحللون في الحديث عن أن انتخابات 2022 ستلقى مصير انتخابات 1992، لكنهم، ولضعفٍ في الذاكرة أو في “الثقافة السياسية والإنتخابية “، لا يذكرون ماذا حصل عام 1992 والذي اقل ما يُقال فيه إنه “عارٌ انتخابي” .
لقد جاء في “وثيقة الوفاق الوطني” التي عرفت ب “اتفاق الطائف” ، تحت بند “الاصلاحات الاخرى”، ما حرفيته:
” ج ـ قانون الانتخابات النيابية:
تجري الانتخابات النيابية وفقاً لقانون انتخاب جديد على أساس المحافظة: يراعي القواعد التي تضمن العيش المشترك بين اللبنانيين وتؤمن صحة التمثيل السياسي لشتى فئات الشعب وأجياله وفعالية ذلك التمثيل، بعد إعادة النظر في التقسيم الإداري في إطار وحدة الأرض والشعب والمؤسسات .” .
ما يجب أن يُحفَظ من هذا البند هو التالي: “تجري الانتخابات النيابية وفقاً لقانون انتخاب جديد على أساس المحافظة، بعد إعادة النظر في التقسيم الإداري”.
يعني، تفسيرًا ، إعادة النظر في تقسيم المحافظات، وتجري الانتخابات النيابية وفق قانون جديد على أساس المحافظات الجديدة ” .
لكن عمليًا الذي جرى معاكسٌ تمامًا لما ورد في الطائف.
ففي عام 1992 ، حين تمت للمرة الأولى الانتخابات النيابية بعد الحرب (وكان آخر مرة جرت فيها الإنتخابات عام 1972 ، وفق قانون ال 60 .) جرت الانتخابات وفق قانون مخالِف لِما ورد في الطائف،ومن أبرز المخالفات الفاقعة والفاضحة:
رفع عدد النواب من 108 إلى 128
خلل في التقسيمات الإدارية :اعتمدت المحافظة دائرة انتخابية في بيروت والشمال، واعتمدت الأقضية دوائر انتخابية في جبل لبنان والبقاع، ودمجت محافظتا الجنوب والنبطية دائرة واحدة.
اُقر القانون خالياً من عدالة التمثيل إذ وزّعت بعض المقاعد على دوائر لا ثقل انتخابياً لطوائفها كالمقعد الماروني في طرابلس والمقعد الماروني في البقاع الغربي، والمقعد الدرزي في بيروت والمقعد السني الثاني في دائرة بعلبك – الهرمل
وعلق العمل بالبطاقة الانتخابية لمرة واحدة واستعيض عنها بتذكرة هوية يعود تاريخ اصدارها إلى ما قبل العام 1975 او باخراج قيد فردي معفى من رسم الطابع ويعمل به لعملية انتخابية واحدة..
المسيحيون عمومًا والموارنة خصوصًا قاطعوا الانتخابات، كما قاطعتها نسبة لا بأس بها من المسلمين السنة بعد موقف الرئيس صائب سلام وإعلان الرئيس تمام سلام مقاطعتها انسجامًا مع موقف المسيحيين.
بدأت المعارضة المسيحية للانتخابات ساعة إقرار القانون 92/154، حيث أصدرت الأحزاب والقوى المسيحية بيانات تدعو الى الإضراب في اليوم التالي لاقراره، وجاءت الدعوة إلى الإضراب على لسان قائد القوات اللبنانية سمير جعجع، وحزب الوطنيين الأحرار وتيار العماد ميشال عون، في حين دعا العميد ريمون إده إلى مقاومة الانتخابات بكل الطرق الديموقراطية واصفاً كل من يبادر إلى اجراء هذه الانتخابات «بأنه مجنون أو خال من اي ضمير وطني..» كذلك عارض الرئيس أمين الجميل بشدة اجراء الانتخابات وقد استجابت للمقاطعة بيروت الشرقية وبعض مناطق جبل لبنان ، جبيل، كسروان والمتن وبعبدا، وبعض مناطق الجنوب ، جزّين، والشريط الحدودي ، وبعض مناطق الشمال ، بشري، البترون.
جاءت نتائج انتخابات 1992 مشوبة بالعيوب، ففي جبيل، على سبيل المثال لا الحصر، ونتيجة غياب العميد ريمون إده والمقاطعة المسيحية الشاملة، فاز المرشحان المارونيان ميشال الخوري باكثرية 130 صوتاً، والمرشحة مهى الخوري أسعد بـ41 صوتاً، فيما كان الصراع على المقعد الشيعي وكانت نسبة الاقتراع في هذه الدائرة 6.5٪ اكثريتهم الساحقة من الشيعة.
أين ” دلع ” 2022 من مآسي 1992 ؟
قانون اليوم تمَّ بموافقة الجميع .
ليس فيه دائرة ” إبنة ست ” ودائرة ” إبنة جارية “
مقاطعة 1992 كانت عابرة للطوائف وشاملة ومع ذلك لم تُلغَ الإنتخابات بل تمت ” بمَن صوَّت” .
اليوم كل العدة الإنتخابية أنجزت ، فهل مسموح أن يسبب ” الحَرَد ” إلى تطيير الإنتخابات ؟
عام 2000 جرى تقسيم بيروت لتقليل نواب رفيق الحريري، فكانت النتيجة انه اجتاح بيروت انتخابيًا ومَن ينسى عبارة “زي ما هيي” للرئيس الشهيد رفيق الحريري في تلك الإنتخابات ؟