الأب سيمون عساف/أَوجعني ضميري كثيراً

179

أَوجعني ضميري كثيراً
الأب سيمون عساف/22 كانون الثاني/2022

“يا ليتهم شهداءَ الأَرزِ ما قُتلوا  فدى ترابِ أرضٍ أو فدى علمِ

ما قائدٌ مرَّ في يومٍ بمقبرةٍ  إِلا وكلُّ شهيدٍ صاحَ أَين دمي”

وصلتني رسالة عبر الهاتف المحمول، كما يسمُّونه، مع صورتين واحدة للسيدة رندا برِّي وواحدة للسيد ماهر ميقاتي على ما أَظنّ، قِوام أَو مضمون أَو فحوى الرسالة: خمسين مليون دولار بدل فحوصات PCR  من المطار بعملية سطو من جيوب المواطنين، فتلوَّى القلب والوجدان انصدع.

لم يشفَون من مرض الغزو القبَلي المترسِّخ في دماء عروقهم. والله يا جماعة عيب هو الأمر ومخزي، كيف أقدمتم على فعلتكم وكأنكم ابرياء والحق لكم مشروع ومباح؟ ألا تسمعون بالإفلاس في البلد والسرقات، فجئتم تؤكدون أنكم كذلك من هذا الصف المخجل؟ يا للمذلة! ماذا عسانا نقول بعد؟ نهب الحراميه على المفضوح لا عيب ولا حياء ولا شؤمة.

ومن تراه يُحاسب، والزمام في يدهم هُم الأَولياء.  والله والله أَستحي من نفسي أَن أَكتب عن مسؤولين في بلادي يتصرَّفون بسلوكيات مشينة مهينة تعيق ولا تليق. نعم إنها هتيكة وإِهانة للشعب اللبناني برُمَّته. إِلى هذا الحد بلغت بهم الوقاحة والوساخة، وما من حسيب او رقيب او قضاء يجرؤ على المساءلة. مثل سائر قضايا البلد المُعلَّقة بخصوص النيترات امُّونيوم والسرقة المُتمَّمة من الفاجر على عينك يا تاجر.

لذلك انتفضَتْ فيَّ أَخلاقي على الانحراف ونهضَتْ غيرة شفقتي على الناس الجياع  المقهورين المُعدَمين المخدوعين الفقراء، وتجاسر اندفاعي المتحمِّس لوطن يتداعى وينهار بشكل سريع أَمام عينيّ حتى الزوال والاضمحلال. من أَين لي أَن أَعتصم بالسكوت ويُذبح لبنان قدَّامي؟ يا ويلتاه من هذا الجرم القبيح وهذه المجزرة المخزية! إستحوا يا عمَّاه استحوا…

لا يمكنني أَن أُنقذ منازعاً يحشرج، وما قوارب عندي لانتشال الغريق، ولا سلطة لديَّ لأثيرها ثورة عارمة تطيح بكراسي جلاَّسٍ  جزَّارين يحكُمون ويتحكَّمون برقاب العباد وأعناقهم من دون أَن يرمش لهم جفن. أَينكم يا قديسي الأرز لا تجترحون المعجزات والخوارق والأَعاجيب؟

يا للضحايا الأبرياء تُساقون كل يوم الى المسالخ ولا تنبثون بشفة، لماذا هذا الصمت القاتل يا بني أَمي.

كان جمال باشا السفَّاح في حرب العالمية الأُولى، موجودا في صالون حلاقة يقص شعره عند حلاَّق في البلد، فسأله الحلاَّق إِلى أَي متى تدوم هذه الظلامة يا سيّد جمال؟ أَجابه الباشا لو كان أَهالي لبنان خليقين بالحياة غلبوني بل طردوني من اليوم الأول.

واليوم نحن نعاني من كابوس الغلاء ومن نهابِّي الخزينة وفساد القضاة الفاسقين وسفالتهم، الذين هم رمز الحق والعدل. ومن ماسكي مقاليد الدستور والتشريع، نراهم لصوصا “زعراناً” خونة قتلة يرقصون على أوجاع الناس ويقهقهون في مآتمهم مُطرِّبين لا يبالون بمآسي خلَّفوها وخرَّبوا كل ما في بُنيَةِ الدولة.  لم يتركوا مرافىء ومرافق وعقارات وصناديق مال ومؤسسات، يعني عوض السعي للعمار الكامل سعيٌ الى الدمار الشامل.

وأَذكّر الجميع أنه حين كان الموارنة يتمتعون بصلاحيات كان لبنان مرآة الشرق وقبلة أَنظار العالم على كل صعيد ومستوى.، والكلام للمحامية بُشرى خليل وليس لي، أَما اليوم فهو يشبه نفاوة الخمَّارات لا بل وأكثر مزبلة التاريخ مدى الأجيال.

إِنني جد متعجِّب يوم التقيت بالسيدة رندا بري في افريقيا أَبيدجان، لم أَعهدها إِلا سيدة محترمة، لذا اتساءل “شو عدا ما بدا”؟ لماذا هذا الصيت المُلطَّخ الموصوم بالعار، حتى أَبناءُ طائفتها ينحون عليها باللائمة من فجِّ وعميق!

أَما السيد ماهر ابن رئيس مجلس الوزراء صاحب الحَول والطَول، أَفٍّ له وعليه، إلم يكتفِ السيد نجيب ميقاتي بما حصل من أَموال الناس والإِسكان والخليوي، حتى جاء الوريث يستكمل الدرب من بعده على ما تبقَّى؟

لا لا لبنان القديم انتسى، ولبنان الحالي انتهى ولبنان الآتي ألله يعلم كيف صيغته ستكون. وكل ما أَعرف أَن الموارنة ارتكبوا أَخطاءً جسيمة بحق تاريخهم، فانزلق من بين أَيديهم ما اورثه لهم الأجداد والأباء والشهداء. أَجل، هذا ما سبَّب لي الوجع الناخع في العظام والتبكيت للضمير ولم يبقَ سوى المناحة والمراثي على المظلومين والمحتاجين الى عضَّة في لقمة الخبز.!!!وللحساب يوم يا أبناء  الجارية؟؟؟؟