مواطن جنوبي سيادي وحر: بين قسوة الواقع وبساطة الحلول للخلاص من ما نحن عليه من تقهقرٍ وهوان؛ هل سيبقى اللبناني حائراً تائهاً في المتاهات مشتت الذهن والقرار

113

بين قسوة الواقع وبساطة الحلول للخلاص من ما نحن عليه من تقهقرٍ وهوان ؛ هل سيبقى اللبناني حائراً تائهاً في المتاهات مشتت الذهن والقرار.
مواطن جنوبي سيادي وحر/16 كانون الثاني/2022

لتبسيط الامور نستعرض بشكل موجز المحطات التي ادت الى خراب لبنان.

دخول النازحين  الفلسطينيين الى لبنان في العام ١٩٤٨ باعدادٍ تفوق قدرة لبنان على الاستيعاب ومن ثم تحولهم الى لاجئين الى اجل غير محدد وبعد ذلك سرعان ما تبدل واقع الحال واصبحوا  تنظيمات مسلحة تتمتع بحرية الحركة حتى حدود التطاول والاعتداء على الجيش وهيبة الدولة وصلاحياتها، وفي سياق تخلي الدولة عن سيادتها اتى اتفاق العار الذي ابرم في القاهرة ليمنح الفلسطينيين القدرة على اقتطاع مساحات من الجنوب اللبناني كمنصات للعمل الفدائي بهدف “تحرير” فلسطين انطلاقاً من لبنان دون سواه من الدول المجاورة لفلسطين “المحتلة” او المباعة .

وما لبثت المنظمات الفلسطينية ان استبدلت الهدف من العمل الفدائي لتحرير الارض الى العمل بكل الوسائل لاحتلال لبنان وتحويله الى وطن بديل بدعمٍ شامل من الدول الاعضاء في جامعة الدول العربية وتحت اعين المجتمع الدولي بكامله.

وبعد سقوط القسم الاكبر من الدولة في قبضة عرفات ورفاقه وحلفائه البلديين، انبرت جامعة الدول العربية تحت تأثير العاطفة الاخوية المزيفة الى ارسال قوات الردع العربية المزعومة وعلى راسها الجيش السوري للوقوف الى جانب الجيش ومساعدة الدولة على استعادة هيبتها ونفوذها واعادة الفلسطينيين الى مخيماتهم .

وصلت قوات الردع الى لبنان بمشاركة وحدات عسكرية من بعض الدول العربية وبعد انقضاء فترة وجيزة على وجودها عادت هذه الوحدات ادراجها الى بلادها ليبقى الجيش السوري وحده بالوية النخبة الذي خلع عنه قناع الحمل وظهر بوجه الذئب المفترس ليعكس حقيقة نواياه باخضاع لبنان واحتلاله وضمه الى المحافظات السورية تجسيداً لحلم البعث التاريخي.

ولكن الملفت ان الجيش السوري بعد سيطرته التامة على الدولة اللبنانية حرص على الابقاء على جبهة الجنوب مستعرة من خلال القصف المتبادل بين الفلسطينيين والاسرائيليين ما جعل من المنطقة الحدودية ساحة للاستثمارات السياسية تحت عنوان الصمود والتصدي ومقاومة الاحتلال لاسترجاع فلسطين والجولان السوري ، فتفاقمت الامور وقامت اسرائيل باجتياح لبنان وصولاً الى العاصمة بيروت ما ادى الى الخروج القسري للمنظمات الفلسطينية نحو تونس واعلان هزيمتها العسكرية في لبنان، وبعد ان لملم جيش البعث اشلائه الناتجة عن العملية المذكورة استدرك نظام الاسد انه فقد عنصر المناورة الغير مباشرة التي طالما اعتمدها، ولذلك توجه الى ايران لإيجاد البديل، وهكذا ولد حزب الله بعد زواج المصلحة السورية على النزعة التوسعية للثورة الايرانية، وان المضحك المبكي في هذا المسلسل المأساوي ان ساسة البلاد تماهوا وتعاونوا وقدموا لبنان والانسان ضحية على مذبح مصالحهم وانانيتهم وجشعهم وخياناتهم الموصوفة .

في العام ٢٠٠٥ وعلى وقع الاحداث الدامية المتمثلة في قطع رؤوس كل من تجرأ على مخالفة المصلحة السورية الايرانية، اندلعت ثورة شعبية واسعة دفعت المجتمع الدولي الى اخراج سوريا قسرياً من لبنان، ولكن السوريين اوكلوا المهمة لحزب الله الذي استطاع عبر تخاذل الطواقم السياسية التي تعاقبت على الحكم من بسط سيطرته على لبنان ومصادرة قراره وتحويله الى جزيرة ايرانية معزولة عن العالم بمعونة الاحزاب اللبنانية المصابة بداء الشبق السلطوي الغير قابل للعلاج الكلاسيكي.

وها نحن  نعيش فعلاً في جاهلية القرن الواحد والعشرين، وقد يكون الآتي من الايام اكثر شدة وقسوة.

بعد  ثورة ١٧ تشرين ولد على الساحة اللبنانية ارادة وطنية واعية شجاعة كسرت جبروت الطغاة وحطمت نرجسيتهم، ورسمت المسار والآلية لانتشال البلاد من براثن الذئاب المسعورة.

لهذه الاسباب لدى اللبنانيين اليوم فرصةً تاريخية ومصيرية للخروج من الدوامة المزمنة من خلال خوض العملية الديمقراطية برعاية ورقابة دولية “رغم الاحتلال الرابض على صدورنا” لاعطاء الثقة  لشرفاء الامة اللبنانية لاعادة بناء وطن الحرية والمعرفة والسلام من اجل الانسان.

ايها اللبناني لا مكان للحيرة او التردد او المكوث في دوامة الخوف بعد كل ما جرى ويجري. والا ذهبت ثورتنا ادراج الرياح وسكن وطننا والانسان في آتون جهنم الموعودة.

إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ
فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر
وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي
وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر
لن يكتب لكم البقاء الا اذا كنتم اقوياء ولن تكتب لكم الحياة الا اذا كنتم اقوى من الموت.