الكولونيل شربل بركات: هل تكون الانتخابات النيابية المزعومة رافعة جديدة لحزب الله؟

598

هل تكون الانتخابات النيابية المزعومة رافعة جديدة لحزب الله؟
الكولونيل شربل بركات/07 كانون الثاني/2022

لن تغير الانتخابات في لبنان أي شيء في قدرة حزب السلاح الايراني على السيطرة ولو لم يفز باي مقعد نيابي، فالانتخابات ما هي إلا مناسبة لتغيير الحلفاء واستعمال الجميع بشكل أو بآخر للرضوخ لشروط المحتل. فقد يسقط عون ليبرز آخرون مستعدون للولاء أكثر منه، ولو ظهروا بمظهر المعادي، لأنهم سيثبتون للشعب عدم امكانية التغيير ولا بد من الاتفاق على بعض المبادئ التي ستكون أقل مما استطاع عون التباهي به. فلقاء مار مخايل والاتفاق الذي نتج عنه لم يكن في مظهره إلا ردة فعل على تحمّس السنيورة وجنبلاط للدفاع عن حزبلا بوجه تنفيذ القرار الدولي 1559 والتبرع بحل مشكلته داخليا واستيعابه ضمن مشروع السلطة بالحلف الرباعي. وما قام به السنيورة بمنع تنفيذ القرارات الدولية تحت البند السابع كانت هدية أخرى لهذا الحزب الذي لم يرضَ إلا بمحاصرة السنيورة ومنعه من الحكم حتى اقتلاعه كليا بعد غزوة “الثامن من أيار المجيدة”. إذا ماذا يمنع من تكبير جعجع مثلا (وهو المعتبر الخصم الأكثر وضوحا) والذي كان السبب بانتخاب عون بعد محاصرته وتهديده بفرنجية، وقد فاخر ولا يزال بأنه من صنع قانون الانتخاب الذي قال عن نتائجه قاسم سليماني بأنها أعطت إيران 72 نائبا في البرلمان اللبناني؟ ومن يدري فقد يخلق وضع أمني يظهر فيه هذا بطلا يحمي بعض المناطق، ولكنه يرضخ للحل النهائي باعطاء الحزب شيء “بسيط” بنظر اللبنانيين ينهي المشكلة مثل “الاستراتيجية الدفاعية” التي يعتمد فيها “جيش إيران في لبنان” كجزء من القوى الرسمية للدولة اللبنانية كما هي حال الحرس الثوري الإيراني وقوات الحشد العراقية؟ وسينجح جعجع أو أي من الاسماء التي ستأخذ الدور بالحصول حينها على كتلة نيابية من ثلاثين نائبا ولكن ليحصل حزبلا على البقية التي لا مفر لها أي 98 نائبا هذه المرة. فمن سيستطيع تغيير الوضع ومن سيبقى من اللبنانيين المتعلقين بكرامتهم والسيادة في البلد المكتمل احتلاله والذي لن يخرج من الحفرة المرسومة له بقدرة الأمبراطورية وتخطيطها؟
إذا كانت الانتخابات ليست الحل فما هو الحل إذا؟

*******

بعد أن أظهر ما يسمى بحزبلا بكل وضوح ولاءه للامبراطورية الفارسية الجديدة ومعاداته لمن لم يخضع لها، وبعد أن استغل كل ما في تسامح وانفتاح اللبنانيين، وبالتالي انتشارهم واقتصادهم الحر، لبسط سيطرته على إحدى الطوائف الرئيسية بقبضة حديدية استعمل فيها كل ذكاء وحنكة تاجر البازار ودقة وطول نفس حائك السجاد، وبالرغم من محاولة العالم مساعدة اللبنانيين للتخلص من براثنه في العديد من المرات لم يكن القرار الدولي 1559 وحيدها ولا غيره من القرارات والتي سقطت على عتبة السياسة المحلية “الغبية” خلال سيطرة ما كان يسمى تجمع 14 آذار، ها هو اليوم، وقد أفقر اللبنانيين وجردهم من كل مظاهر الفخر والاعتزاز لتبطل المقارنة مع وجهه القبيح الذي لا يحمل سوى العنف والحقد والمستقبل الأسود، يطل علينا بمعادلة جديدة يضحك بها على العالم الحر مرة أخرى، ويسهم فيها اللبنانيون الغارقون بمصالحهم الشخصية الضيقة والغير قادرين على رؤية منفتحة وبعيدة النظر وهي الانتخابات.
الانتخابات النيابية بالعادة هي محطة مهمة في العملية الديمقراطية في اي بلد، وهي التي تسمح بالتغيير السلس للسلطة وبتعديل المجريات التي يعتبرها الشعب بأنها فشلت في تقدمه وخدمته، ومن هنا فإنها تصبح وسيلة للتعبير عن راي الأكثرية وتبديل القيادة السياسية.

في لبنان الرازح تحت عبئ سلاح المرتزقة هذا والذي يراد له أن يكون منصة دائمة لتبادل الرسائل بين الامبراطورية الجديدة وسائر العالم. وهذه الامبراطورية الناشئة تنوي وتخطط لتكون القوة الوحيدة التي تسيطر على عقدة المواصلات العالمية بين القارات، عنينا بها الشرق الأوسط ومصادر الطاقة الأساسية فيه، وأهمها لبنان الذي يعتبر واجهة هذا الشرق على المتوسط وأحد المواقع التي تشرف على سواحله والداخل بواسطة سلسلة جباله العالية حيث يمكن نشر وسائل مراقبة ومتابعة وتوجيه حديثة تغطي شرق البحر الأبيض المتوسط بكامله عدى عن الداخل الذي يمتد من مصر إلى العربية والعراق وما بعدها حتى تركيا.

في لبنان هذا خطط الفكر الاستراتيجي الفارسي للقبض على جزء من الشعب المسالم والمتجذر في تلك الأرض منذ أقدم العصور ليزرع معه شبكة عملاء ومرتزقة تعمل جاهدة في كل أنحاء الأمبراطورية الجديدة والعالم لخدمة مشاريعه، ومن هنا الاستمرارية والتركيز على أهداف ابعد من المصالح الضيقة للزعامات المحلية، والتخطيط لافراغ البلد من سكانه قدر الامكان (وهكذا نفهم تهجم البعض على الموارنة ومحاولة تغيير التاريخ) وزرع أفواج جديدة من الموالين يمكن استقدامهم من اي مكان لتسهل السيطرة عليهم كما حصل في بعض أنحاء سوريا التي أفرغت من سكانها. ولذا فإننا نرى السيد، وهو الوجه الرئيسي المخول الاعلان عن بعض خطوات المشروع، يسارع إلى قطع اي أمل باعادة العلاقات مع الدول الخليجية كلما بدا ذلك ممكنا، كون هذه تشكّل مصدر ثقة واطمئنان للبنانيين بالقدرة على تجاوز المرسوم لهم لافراغ البلد والسيطرة الكاملة عليه.

العملية إذا ليست موضوع اشخاص ولا مشروع فئة صغيرة، إنها جزء من تخطيط عالمي كبير يحاول معه الفكر الفارسي السيطرة مجددا على المنطقة بتغيير المفاهيم التي سادت العالم منذ الحرب العالمية الثانية، فما كان يطلق عليه من شعارات حرية الشعوب وتقرير المصير وغيرها من مبادئ الأمم المتحدة وما حملته شرعة حقوق الانسان، تصبح بالية مع هذا الفكر الجديد الذي يعيدنا إلى مرحلة قوروش المؤسس وداريوس الكبير وأرتحشستا الثالث وكسرى أنو شروان، وقد كان الأول أنشأ الأمبراطورية وفتح الجوار بينما نظم الثاني سيطرتها المباشرة وتألم لبنان من تصرفات الثالث وأعتمد الرابع في هجمته على القبائل الجبلية التي اسكنها في ممرات لبنان لتسهيل دخوله إلى الساحل، وهو الذي قتل تسعين الفا من سكان القدس وغنم خشبة الصليب وخاطب هرقل بفوقية وتعجرف غامزا من قدرة الهه، ولكنه عاد وقتل على يد ابنه الذي قبل كل شروط هرقل وأعاد القبائل الجبلية إلى مواطنها لتلاحقه اللعنة فتسقط مملكته بدخول العرب واحتلال المدائن عاصمته واجبار الفرس على اعتناق الدين الاسلامي. وما نراه اليوم من استعمال الاسلام شعارا للسيطرة على الشرق الأوسط قد يكون ردة فعل من نوع آخر تريد إذلال العرب إلى الأبد، ومن هنا الاصرار على امتلاك السلاح النووي، وها إن المدائن تعود مع سيطرتهم على بغداد، وفتوحات قمبيز تتجلى في دخولهم دمشق وصنعاء وضاحية بيروت الجنوبية وغزة وسيناء. من هنا فإن حزبلا في لبنان، صنيعة هؤلاء، لن يرضخ لنتائج أي انتخابات كما يتصور البعض، ولن يُهمد اندفاعه العقوبات الاميركية، وما هبوط سعر تداول العملة وعدم الاستقرار في لبنان إلا وسائل يدفعها واسياده إلى الظهور لطرد كل منافس أو وطني مندفع قد يقف بوجههم.

لن تغير الانتخابات في لبنان أي شيء في قدرة حزب السلاح الايراني على السيطرة ولو لم يفز باي مقعد نيابي، فالانتخابات ما هي إلا مناسبة لتغيير الحلفاء واستعمال الجميع بشكل أو بآخر للرضوخ لشروط المحتل. فقد يسقط عون ليبرز آخرون مستعدون للولاء أكثر منه، ولو ظهروا بمظهر المعادي، لأنهم سيثبتون للشعب عدم امكانية التغيير ولا بد من الاتفاق على بعض المبادئ التي ستكون أقل مما استطاع عون التباهي به. فلقاء مار مخايل والاتفاق الذي نتج عنه لم يكن في مظهره إلا ردة فعل على تحمّس السنيورة وجنبلاط للدفاع عن حزبلا بوجه تنفيذ القرار الدولي 1559 والتبرع بحل مشكلته داخليا واستيعابه ضمن مشروع السلطة بالحلف الرباعي. وما قام به السنيورة بمنع تنفيذ القرارات الدولية تحت البند السابع كانت هدية أخرى لهذا الحزب الذي لم يرضَ إلا بمحاصرة السنيورة ومنعه من الحكم حتى اقتلاعه كليا بعد غزوة “الثامن من أيار المجيدة”. إذا ماذا يمنع من تكبير جعجع مثلا (وهو المعتبر الخصم الأكثر وضوحا) والذي كان السبب بانتخاب عون بعد محاصرته وتهديده بفرنجية، وقد فاخر ولا يزال بأنه من صنع قانون الانتخاب الذي قال عن نتائجه قاسم سليماني بأنها أعطت إيران 72 نائبا في البرلمان اللبناني؟ ومن يدري فقد يخلق وضع أمني يظهر فيه هذا بطلا يحمي بعض المناطق، ولكنه يرضخ للحل النهائي باعطاء الحزب شيء “بسيط” بنظر اللبنانيين ينهي المشكلة مثل “الاستراتيجية الدفاعية” التي يعتمد فيها “جيش إيران في لبنان” كجزء من القوى الرسمية للدولة اللبنانية كما هي حال الحرس الثوري الإيراني وقوات الحشد العراقية؟ وسينجح جعجع أو أي من الاسماء التي ستأخذ الدور بالحصول حينها على كتلة نيابية من ثلاثين نائبا ولكن ليحصل حزبلا على البقية التي لا مفر لها أي 98 نائبا هذه المرة. فمن سيستطيع تغيير الوضع ومن سيبقى من اللبنانيين المتعلقين بكرامتهم والسيادة في البلد المكتمل احتلاله والذي لن يخرج من الحفرة المرسومة له بقدرة الأمبراطورية وتخطيطها؟
إذا كانت الانتخابات ليست الحل فما هو الحل إذا؟

إن العالم اليوم المتلهي عن حقوق الشعوب والمنشغل بمشاكله لن يفتش بالطبع على مشاكل جديدة يغطس راسه بها، ولكن إذا قاوم اللبنانيون فكرة استيعاب حزب السلاح وأوقفوا العمل بكل جوانب الحياة الوطنية لا بل طالبوا الدول التي لها مصلحة بخلاص لبنان أن تقف معهم بشكل واضح وصريح والعمل على تخليص لبنان من المجموعة المؤتمرة بأوامر الولي الفقيه بدءً بالطائفة الشيعية، فإن أملا كبيرا قد يبدأ بالولادة لا بل قد يكبر سريعا ليضم دولا تحمل اقتراح حل تتبناه الأمم المتحدة يفصّل فيه تدخلا دوليا حاسما لتنفيذ القرارات الدولية بحذافيرها ووضع كافة القوى المسلحة اللبنانية تحت قيادة دولية وتخليص لبنان من آفة السلاح إن في المخيمات الفلسطينية أو البؤر المسلحة التي تركتها سوريا أو في مناطق حزب السلاح الأيراني، وتساوي اللبنانيين من حيث الرضوخ للقوانين، وعندها فقط يمكن ملاحقة كل الفاسدين واسترجاع ما سرقوا من ثروات البلد، وعندها فقط تنحل مشاكل البحث عن الغاز والبترول وغيرها، وعندها يتعهد لبنان بانهاء دور الساحة ومفهوم التعدي على الغير أو تعدي الغير عليه فيسهم باستقرار المنطقة واستعادة ازدهاره ودوره في بناء الشرق الأوسط المتجدد والخالي من التناتش والاستغباء. بعد كل ذلك تاتي الانتخابات النيابية لتتوج الحلول وتضع برامج تحديث القوانين والأنظمة التي تثمل كل أفكار اللبنانيين لتجعل منها منطلقا للنجاح يصبح البلد فيه إحدى الدول الفاعلة والتي تعلّم الشعوب على الدفاع عن الحرية واحترامها والعمل في ظلها وكيفية تفاهم المختلف وتعاون المتنوع في إدارة البلاد وتحفيذ العباد على العمل المجدي.
…فهل يمكن التأمل بهكذا مستقبل وهل من يسمع؟..