المطران عوده في ذكرى اغتيال الشهيد جبران تويني: التطاول على القضاء والتهرب من العدالة آفة تنخر الوطن/نص عظةالبطريرك الراعي لليوم 12 كانون الأول/2021: نرفض تعطيل مجلس الوزراء خلافا للدستور بقوة النفوذ ونية التعطيل السافر

133

البطرير الراعي: نرفض تعطيل مجلس الوزراء خلافا للدستور بقوة النفوذ ونية التعطيل السافر
وكالة الأنباء الوطنية/12 كانون الأول/2021

المطران عوده في ذكرى اغتيال الشهيد جبران تويني: التطاول على القضاء والتهرب من العدالة آفة تنخر الوطن
وكالة الأنباء الوطنية/12 كانون الأول/2021
ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، قداسا في كاتدرائية القديس جاورجيوس للروم الارثوذكس في وسط بيروت، في ذكرى استشهاد جبران تويني، في حضور حشد من المؤمنين.
بعد القداس ، ألقى عوده عظة قال فيها: “سمعنا في إنجيل اليوم مثلا عن (إنسان صنع عشاء ودعا كثيرين). العشاء العظيم هو دعوة الله إلى الملكوت. من اللافت أنه دعا كثيرين في البدء، ثم دعا الناس جميعهم. لقد دعا أولا شعبه إسرائيل، الذي حاز الناموس، وبعد جحوده، دعا الأمم الخاطئة كلها، كما دعا المنبوذين: (المساكين والمشوهين والعرج والعميان)، ثم دعا عابدي الأوثان، والذين (في الشوارع والأزقة) وخارج المدينة. لقد دعانا كلنا إلى ملكوته، ولما أصبحنا مجالسي مائدته، صرنا نشارك عشاء ملكوته في سر الشكر المقدس”.
أضاف: “سر الشكر هو السر الذي يؤسس الكنيسة، حيث نعيش الأمور الماضية والمستقبلية كأنها حاضرة. تظهر خبرة الكنيسة هذه جليا في الكلام الجوهري، حيث يقول لنا القديس يوحنا الذهبي الفم إن الإله الثالوث هو من أحضرنا من العدم إلى الوجود، وأقامنا ثانية نحن الساقطين، وصنع كل شيء حتى أصعدنا إلى السماء ومنحنا ملكه الآتي. لذلك نشكره على كل إحساناته، نشكره من أجل ملكوته الآتي، الذي منحنا إياه الآن، إذ إننا نتذوقه مسبقا باشتراكنا في سر الشكر، بعد التهيئة اللازمة. يقول القديس إسحق السرياني: (المحبة التي كرز بها الرب هي الملكوت… فماذا تراه الذي تأكلونه وتشربونه على مائدة الملكوت إلا المحبة؟). المحبة ليست شعورا سطحيا، بل هي معرفة الله وشركة معه”.
وتابع: “مثل اليوم، يدعو الله الناس جميعا إلى معرفته، لكن معرفته ليست من نطاق العقل والفهم، بل هي نتيجة الرؤية القلبية الطاهرة: “طوبى لأنقياء القلوب فإنهم يعاينون الله”. نحن لا نأتي إلى الكنيسة ونشارك في الأسرار الإلهية لكي نتمم إحدى الواجبات الدينية، ولا لمجرد مشاركة الناس في الإيمان الواحد، بل لندخل في معرفة الله بعمق. معرفة الله العميقة هي التي توحدنا، محققة طلبة صلاة المسيح الكهنوتية: (ليكونوا واحدا) (يو 17: 21). الحجج التي أعطاها المدعوون المستعفون لا تدل على عدم الإيمان، بل على إلتصاقهم بالأموال والأملاك والعائلة. طبعا، لا يكمن الشر في الأملاك أو العمل أو العائلة، بل في تقييم الأمور بطريقة خاطئة. هذه كلها يباركها الله عندما نستخدمها وفقا لمشيئته، إلا أن نجاحنا لا يتحقق إلا عندما يكون الله وكلمته مركز حياتنا ونشاطاتنا كلها. إن الطريقة التي نعيش فيها وسلوكنا طيلة النهار يؤثر على صلاتنا. إذا لم نفكر بالله ولم نهتم للتصرف وفقا لمشيئته، يصبح الذهن ثقيلا عندما نقف للصلاة، عاجزا عن الإنفصال عن موضوع اهتمامه، فلا يقدر أن يصلي، وحينئذ يقول بسهولة: (أسألك أن تعفيني). لهذا تدعونا الكنيسة، في القداس الإلهي، أن نطرح عنا كل اهتمام دنيوي، كوننا مزمعين أن نستقبل ملك الكل”.
وقال عودة: “نستذكر اليوم إنسانا لم يتهرب ولم يستعف من كل استحقاقات بلاده الموصلة إلى عرس الحرية والديموقراطية، الذي لم نصل بعد إلى الاحتفال به حقا. ففي حين استعفى الكثيرون، وهربوا، عاد جبران إلى بلده الأحب إلى قلبه، عاد ليصير ذبيحا على مذبح الحرية ومحبة الوطن. جبران عمل جاهدا للمحافظة على استقلال لبنانه، وحمايته من الشرذمة والطائفية والتحزب الأعمى لغير الوطن، هو القائل: (المحافظة على الإستقلال تكون بتعزيز إيماننا به وبوحدتنا). للأسف، كلما اتحد اللبنانيون لينهضوا ببلدهم، يعاد تفتيتهم إلى مجموعات متفرقة، تحت عدة رايات وعدة رؤوس، غير راية الوطن، الرأس الأوحد. قال أيضا: (لم يعد مقبولا أن تبقى الحكومة مكتوفة، مشلولة القرار والتحرك، خاضعة لأقلية سياسية تتصرف ببساطة كأنها هي الأكثرية الحاكمة).
لقد دعا جبران، منذ العام 2005، إلى ما لا يزال اللبنانيون يطالبون به. قال: (كشف الحقيقة يعني ألا حماية بعد اليوم للمجرمين، أيا كانوا، وأينما كانوا)، لكننا فوجئنا بعدة جرائم، على رأسها تفجير العاصمة، ولم نفاجأ بمحاولة إخفاء الحقيقة والمجرمين، لأن هذا النهج قد تجذر في لبناننا. إن عدم المساءلة وعدم المحاسبة، وعدم معاقبة أي مخالف للقانون ومرتكب لجنحة أو جريمة قد أوصلنا إلى هذا الفلتان. أما التطاول على القضاء والقضاة، والتهرب من العدالة فهي الآفة التي تنخر جسم وطننا”.
وأضاف: “صرخ جبران منذ سنوات قائلا: (وحدة لبنان مكرسة ووحدها الوصاية الخارجية تهددها)، لكن الآذان صمت عن سماع هذا النداء، وفضل بعض اللبنانيين استعداء الداخل من أجل ارتباطهم بالخارج، ولو على حساب وحدة البلد ومصلحة المواطنين.
لقد عرف جبران أن قدر لبنان أن تكون حريته دائما معمدة بالدم، إلا أنه تفاءل دوما بأن قدره أيضا أن يبقى شامخا وأقوى من كل المؤامرات. ناضل جبران دوما من أجل توعية الشباب كي لا يقعوا في أخطاء الماضي نفسها، وكان يقول: (على الجيل الجديد أن يتذكر الحرب ليعتبر بتجاربها لا ليحيي أحقادها)، لكن الساسة لم يريحوا شباب بلدنا من ضخ الأحقاد، وتسعير الخلافات الحزبية والطائفية، والتذكير بماض أليم، كثيرون من أولئك الشباب لم يعيشوا بشاعته.
عاش جبران آلام بلده الحبيب، وبشرنا بأن لبنان سيقوم بعد صلب الديمقراطية فيه، لكن جلجلة الوطن لم تنته بعد، وقيامته تأخرت بسبب من يحسدونه ولا يحبونه، ويسخرونه مطية لأهدافهم. أما الذين أحبوه حبا كبيرا فقد أهرقت دماؤهم، التي نأمل أن يعي أبناء لبنان ثمنها الباهظ، ولا يدعوها تذهب هباء، وأن يحافظوا على كل ذرة تراب خضبت بتلك الدماء الزكية. صاح جبران بأعلى صوته: (لا أحد سيسكت صوتنا. صوتنا هو صوت الشعب، صوت المنتفض، صوت الفاضح، صوت الحق والحقيقة)، لكن مسؤولي بلادنا فعلوا ما بوسعهم ليبقوا هذا الصوت منخفضا، لا بل مكتوما، هؤلاء نفسهم الذين قال عنهم: (ما يريده الشعب هو إلغاء هؤلاء السياسيين الذين يوميا يبيعون الوطن من الخارج، في حين يبيعون الداخل مواقف كاذبة للاستهلاك). لقد فضح جبران نفاقهم ففجروا جسده، لكن صدى صوته ما زال يقض مضاجعهم، ويخيفهم من فكرة عودة اللبنانيين إلى وعيهم، والسير نحو الصورة البهية التي عمل جبران، ومن ماثله في حب الوطن، على رسمها لسنين طوال، قبل أن يحاولوا إسكاتهم بالترهيب والتفجير. ليت أبناء بيروت ينصتون إلى ما قاله جبران في العام 1986 عن عاصمتنا الحبيبة: (بيروت بكت وصرخت للجميع: إلى متى سيبقى شعبي يتعاطى معي وكأني فندقٌ وكأن أبنائي نزلاء فندق؟). حتى بعدما فجرت العاصمة، تعاطى معها المسؤولون كأنها فندق أصابه التصدع، وليست قلب وطن رمي بطعنة أصابت منه مقتلا”.
وأردف: “أمام الإستحقاق الإنتخابي المقبل، نستذكر ما قاله جبران: (إلى متى سنظل نقبل أن يحكمنا الفاشلون المفروضون علينا بالقوة لتشويه سمعة لبنان والإجهاز عليه؟)، ولا يسعنا إلا أن نأمل بما تفاءل به قائلا: (إن شعب لبنان هو تلك الأعجوبة اللبنانية، آملين أن يعي الجيل الجديد هذه الحقيقة ويعمل على أساسها).
هذا الشاب المفعم بالحياة والأمل كان عاشقا لوطنه، أمينا له، نذر له الحياة والقلم، وعمل من أجل حريته واستقلاله ووحدته وازدهاره وتفوقه. أمثال جبران يخيفون ذوي النفوس الضعيفة التي تضمر الحسد والحقد والغدر لكنها لا تقوى على المواجهة. هؤلاء يبيعون وطنهم من أجل ولاء أو مصلحة. لكن التاريخ لا يذكر إلا الأبطال ولا يمجد إلا الكبار، كبار النفس والهدف. وهل أنبل من حب الوطن والموت من أجله؟ رغم غيابه بالجسد، جبران ما زال حاضرا في قلوب محبيه، وفي صوت بناته، وهو لن يغيب عن صلاتنا وعن ذاكرة لبنان”. وختم عوده: “دعاؤنا أن يرحم إلهنا المحب البشر نفوس أحبائنا جبران ورفيقيه أندريه ونقولا، وجميع الذين سقطوا دفاعا عن وطن الحرية لبنان، وأن يلهم شباب لبنان وشاباته في مسيرتهم نحو التغيير، مستلهمين سيرة القديسين”.

البطرير الراعي: نرفض تعطيل مجلس الوزراء خلافا للدستور بقوة النفوذ ونية التعطيل السافر
وكالة الأنباء الوطنية/12 كانون الأول/2021
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداس الأحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه النائب البطريركي المطران حنا علوان، الأمين العام لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك الأب كلود ندرة، ومشاركة عدد من المطارنة والكهنة، في حضور وفد من أهالي الموقوفين وأهالي شهداء انفجار مرفأ بيروت، رابطة “كروس رود”، الهيئة الكاثوليكية للتعليم المسيحي في الشرق الأوسط، قنصل جمهورية موريتانيا ايلي نصار، نجل الشهيدين صبحي ونديمة الفخري باتريك الفخري، عائلة المرحوم جوزيف الياس الجميل، وحشد من المؤمنين.
بعد الإنجيل، ألقى الراعي عظة بعنوان “تراءى له ملاك الرب في الحلم”، قال فيها: “تراءى ليوسف ملاك الرب في الحلم، وكشف له سر حبل مريم، بحيث أن المولود فيها هو من الروح القدس، وكشف له دعوته بأن يكون زوجا شرعيا بتولا لمريم البتول، وأبا بالتبني للمولود الإلهي. وبات على يوسف أن يحمل المسؤولية تجاه الكنزين: مريم الكلية القداسة، ويسوع الطفل الإله. بالبشارة لزكريا، كانت البشرى بمولود هو يوحنا، وبالبشارة لمريم كانت البشرى بميلاد إبن الله منها وهي عذراء، واليوم بالبيان ليوسف كانت البشرى عن مكانه ودوره في هذا التصميم الإلهي الخلاصي. إن الله يتعاون مع كل إنسان مؤمن لكي يحقق تصميمه عبر تاريخ البشر بمحطات هو يحددها”.
أضاف: “يسعدنا أن نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية، راجين أن نصغي لما يقوله الله لكل واحد وواحدة منا في مسيرتنا نحو ميلاد إبنه الأزلي إنسانا في الزمن. وإذ أحييكم جميعا أوجه تحية خاصة إلى الهيئة الكاثوليكية للتعليم المسيحي في الشرق الأوسط، بشخص رئيسها الأب كلود ندره والأعضاء، وجميع العاملين في رسالة التعليم المسيحي في لبنان وبلدان الشرق الأوسط. واليوم 12 كانون الأول مخصص للاحتفال بيوم التعليم المسيحي في هذه البلدان، لتزامنه مع أحد البيان ليوسف مثال معلم التعليم المسيحي وقدوته. سنتلو في آخر القداس الصلاة المخصصة لهذا اليوم”.
وتابع: “حيي بيننا “رابطة Crossroad-درب الصليب” التي تتألف بمعظمها من مصابي الحرب ونتائجها، وتهدف إلى مساعدة المعوقين في مختلف حاجاتهم بشكلٍ يحفظ كرامتهم. وتستمد قوتها من الشعور بالتحدي للتغلب على الإعاقة والعجز، ومن شعور المشاركة في آلام الآخرين باعتبارهم واحدا معهم في الجرح والألم. وأحيي أيضا وفد أهالي الموقوفين وأهالي الشهداء الذين سقطوا في إنفجار مرفأ بيروت. كلهم يطالبون بسير المحاكمة والحد من عرقلتها واتباع أصولها القانونية بعيدا من تسييسها وتطويفها. ويطالب أهالي الموقوفين من دون محاكمة منذ سنة وأربعة أشهر بالإحتفال معهم بعيد الميلاد. كما أوجه تحية خاصة إلى عائلة عزيزنا المرحوم المهندس الشيخ جوزيف الياس الجميل الذي ودعناه في بلدته عين الخروبة العزيزة مع ابنه وابنتيه وأحفاده وأشقائه وشقيقاته وعائلاتهم، منذ ثلاثة وعشرين يوما. فإنا نصلي لراحة نفسه ونفس المرحومة زوجته سلوى الحاج بطرس، ولعزاء أسرته.
وقال: “كشف الله سره المكتوم منذ الدهور ليوسف عندما وقع في الحيرة والقلق بشأن حبل مريم الإلهي، ودعوتها السامية لتكون أم إبن العلي القدوس، معتبرا نفسه خارج هذا التدبير الإلهي. ففكر بتخليتها سرا، تجنبا للمرور بالقضاء، واحتراما لكرامة مريم وقدسية ما يجري فيها من تدبير إلهي. في الليلة الأخيرة من مرحلة القلق والتساؤل والحيرة، وقد قضاها يوسف من دون أي شك في الصلاة وإستلهام إرادة الله، حضر الرب وخاطبه عبر ملاكه في الحلم، وكشف له السر الخفي. فصدق يوسف وآمن ونفذ”.
أضاف: “أمثولتان اثنتان نتعلم من هذا الحدث: الأولى، أن الله يواكب خطوات كل إنسان لحظة بلحظة، لأنه معاونه في صنع تاريخ البشر المدعو ليتماهى مع تاريخ الخلاص. عند ساعات القلق والحيرة والاضطراب، نتعلم من يوسف أن نعود إلى الله لنصغي في جو من الصلاة والاستلهام والتسليم لما يلهمنا عليه في أعماق ضمائرنا. والأمثولة الثانية أن نعمل بما يوحيه الله لنا، على مثال يوسف الذي صنع كما أمره ملاك الرب (متى 1: 24). في كل مرة نصنع إرادة الله، المتجلية لنا مباشرة أو بواسطة رؤسائنا، نكون في خط تدبير الله ومشروعه، ولو بدا ذلك مخالفا لمنطقنا الشخصي ولمصلحتنا. يقول القديس البابا يوحنا الثالث والعشرون: الله يكتب بخط مستقيم على أسطر ملتوية. ما أجمل أن نعمل وفقا لما نصلي: لتكن مشيئتك”
وتابع: “برجاء وطيد نصلي لكي يصغي إلى إلهامات الله المسؤولون، وبخاصة الذين يستعملون نفوذهم السياسي لعرقلة اجتماع مجلس الوزراء، وسير التحقيق العدلي في كارثة انفجار المرفأ، ولكي تستعيد الدولة مسيرتها الطبيعية بمؤسساتها الدستورية. لا يمكن أن تسير البلاد من دون سلطة إجرائية تقرر وتصلح وتجري الإصلاحات وتنفذ القرارات الدولية، وتراقب عمل الوزراء، وتمارس كامل صلاحياتها الدستورية. ولا يمكن القبول بحكومة تعطل نفسها بنفسها. هل في نية المعطلين اختبار تجريبي لما ستكون عليه ردود الفعل في حال قرروا لاحقا تعطيل الإنتخابات النيابية فالرئاسية؟ كيف يستقيم حكم من دون قضاء مستقل عن السياسة والطائفية والمذهبية، علما بأن العدالة أساس الملك؟ إننا نرفض رفضا قاطعا تعطيل انعقاد مجلس الوزراء خلافا للدستور، بقوة النفوذ ونية التعطيل السافر، لأهداف غير وطنية ومشبوهة، وضد مصلحة الدولة والشعب. وما يزيد من قلق اللبنانين أن الدولة تحاول التضحية بودائعهم لمصلحتها ومصلحة المصارف. وفي هذا الإطار، نحذر المشرعين من مغبة وضع صيغة للكابيتال كونترول تودي بما بقي للناس من أموالٍ تحت ستار توزيع الخسائر. فهل ذنب المواطنين أنهم وضعوا أموالهم في المصارف لكي تجعلوهم شركاء في الخسائر؟ لقد أذليتم الشعب كفايةً، وسرقتم جنى عمره كفايةً، وأفقرتموه كفاية. فارحموه لكي يرحمكم الله. تفعلون ذلك والشعب لا يملك القدرة للذهاب إلى طبيب. وإذا استطاع ووصف له دواء فلا يجده لا في الصيدليات ولا في المستوصفات ولا في المستشفيات ولا حتى في وزارة الصحة. تتبخر أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية قبل أن تصل إلى المرضى، فيموت الناس في بيوتهم وعلى الطرقات وأمام أبواب المستشفيات والوزارات. هذه حال كارثية لم يعرفها لبنان في تاريخه”.
وقال: “وما يزيد من قلق اللبنانين أيضا القرار الرقم 96/1، تاريخ 25 تشرين الثاني 2021 الذي أصدره وزير العمل السيد مصطفى بيرم، وأثار موجة عارمة من الاحتجاج أدلى بها رجال قانون ودستوريون. فاعتبروا عن وجه حق: أن القرار يسير في اتجاه معاكس لما ورد في مقدمة الدستور حول رفض التوطين. أنه لا يراعي مبدأ المعاملة بالمثل. لا يأخذ بالاعتبار مبدأ الافضلية في تأمين العمل للبنانيين في هذه الظروف العسيرة. لا ينسجم مع بعض قوانين المهن الحرة( محاماة، طب، هندسة…) التي تفرض شروطا خاصة للسماح للاجنبي بممارستها. أنه يفتح باب العمل امام الذين استثناهم في الادارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات. وبنتيجة كل ذلك، بما أن قرار وزير العمل يتعارض مع مجموعة قوانين وبخاصة القوانين التي تنظم المهن الحرة، يعتبر رجال القانون وجوب تقديم دعوى أمام مجلس شورى الدولة وطلب إبطال هذا القرار. ونحن بقدر ما نحترم الذات الإنسانية ونشعر مع النازحين واللاجئين، نلفت النظر إلى أن مسؤولية الاعتناء بهؤلاء الإخوة تعود إلى الأمم المتحدة من خلال منظمة الأونروا للفلسطينيين، وإلى المفوضية العليا لشؤون النازحين السوريين. إن لبنان عاجز عن تلبية حقوق نحو مليوني لاجئ ونازح، ونطالب لهم، احتراما لكرامتهم، بحياة طبيعية، وبأن يجد العرب والعالم حلا نهائيا للقضية الفلسطينية خارج لبنان، وللنازحين السوريين بإعادتهم سريعا إلى بلادهم”.
أضاف: “تابعنا بفرح وتقدير تدشين كاتدرائية سيدة العرب في المنامة، عاصمة مملكة البحرين الشقيقة. هذا الحدث السعيد يدل على تقدم الحوار بين الأديان، وخصوصا بين المسيحية والإسلام، ويبرز نهج الانفتاح الذي يسلكه ملك البحرين في إطار الانفتاح الخليجي عموما. وحبذا لو أن اللبنانيين الذين أنشئ وطنهم نموذجا لتعايش الأديان أن يحييوا هذه الرسالة العظيمة عوض طعنها كل يوم. ففيما تولد الصيغة اللبنانية في العالم لا يجوز أن تسقط في أرضها الأم، لبنان”.
وختم الراعي: “يا رب، ساعد كل واحد وواحدة من البشر أن يصغوا إلى صوتك وإلهاماتك، لكي يصححوا حياتهم وطريقة عيشهم ونظرتهم إلى الحياة، فيتموا إرادتك الخلاصية، ويبنوا تاريخا بشريا أكثر إنسانية، لمجدك”.
بعد القداس استقبل الراعي المؤمنين المشاركين في الذبيحة الإلهية.