الأب سيمون عساف: كل بيت ينقسم على ذاته يخرب

97

كل بيت ينقسم على ذاته يخرب
الأب سيمون عساف/07 كانون الأول/2021

هل نحن أوفياء؟ كيف نكون والتشرذم ضارب الأطناب؟ قالها السيد المسيح كل مملكة تنقسم علبى ذاتها تصبح عرضة للخراب. طالما لا يقبل بعضنا البعض فكيف يقوم البناء؟ والدليل بعد اتفاق الطائف ذهب البلد بشكل ملحوظ الى مصيره المشؤوم إِفلاس وانحطاط ومذلَّة!

ا خطر ببال مرة أن لبنان الذي عرف الحروب والوان الويلات، سيخضع الى هذه الهزائم الإِقتصادية والأخلاقية والاجتماعية.

لا أَلوم العشائر في البيادي على ما يفعلون من غزو وثأر وسطو وسيطرة الأقوى على الأضعف. هذا ليس غريبا عن منطقهم في رمال الصحراء، لأن ثقافتهم تقضي بإِلغاء الآخرين وتذويبهم حتى الإِبادة والتنعُّم بالغنائم والمتاع. تحدثنا على العشائر وطبائعهم والعادات التي عليهم نشأوا، لا مجال للتعجُّب والاستغراب هذه هي تربيتهم والمناخ الذي فيه عاشوا وما زالوا يعيشون.

بالعودة الى الوطن وأي وطن رحمة الله عليه، الى الهيكل الثاوي المتداعي الذي لم يبقَ منه الا العظام. أليست الشرائح تسلك والطوائف تتصرّف كتلك العشائر البدائية؟

من سعى الى الإِعمار والعمران بعد ان رصدت الدول إِحياء البُنى التحية في لبنان عندنا؟ إِن جميع التبرُّعات والأرصدة توزعت نهبا على الجيوب وبقي لبنان من سيِّءٍ الى أسوأ بهمة رؤوساء المليشيات نبيه برِّي ووليد جنبلاط والسنيوره والحريري عرَّاب اتفاق لاالطائف والأتباع من الأذناب البقية العارية من الوطنية والوجدان.

ليس المسيحيون وحدهم الخاسرين بل جميع الشرفاء إِلى أية طائفة انتموا. وممارسات الماسكين بقبضة حديدية، قرارات التعيِّنات على القطاعات العامة والخاصة، وعلى المرافق المفصلية والمرافىء الحيوية والمؤسسات الحكومية، عاثوا فسادا بفسقهم وسفالاتهم ومتاجراتهم، بشتَّى أنواع البيع والشراء وبما يُسمَّى دولة، غير مقتنعين الا بمليشياتهم كأنها تدوم الى الأبد.

ضربوا كشحاً عن كيان الدولة اللبنانية التي كانت زينة الشرقَين، فأوصلوا لبنان وشعبه الى الحضيض حتى سخرت سائر الدول منهم وتطلعت الى لبنان وكأنه خيام للقبائل وزريبة لمواشيهم. لا يستحق شعبنا هذا الذل وهذه البهدلة، لأنه أفرز عبقريات على مدِّ تاريخه وبطولات وشهداء وقديسين. فماذا أعطى هؤلاء الكفرة المجحفين بحق التاريخ والتراث والهوية والانتماء؟ والأدهى أنهم استبعدوا الطبقة الثقيفة الراقية وأتَوا بجهَّال عرايا من المستويات والأخلاق والإخلاص والقيم. نعم هذا ما أناخ كاهل المواطنين، ويا ليتهم يستحون؟ لكن حسب المثل المأثور “اللي كانو يستحو ماتو”.

بقي علينا ان ننصب العداء لهؤلاء النصَّابين القصَّابين النهَّابين الحراميهْ، ونعتلي فوق الجراح ونوطد العزائم مشاكسين مماحكين مصممين بعناد لا يلين على بقاء لبنان بفضل المخلصين الأمناء الذين يحترمون قبور اجدادهم الذين سكنوا هذه الأرض، مصرِّين على إعادة الإِعمار واستعادة الرصيد القديم مهما صدمت الحواجز والعراقيل ورغم أُنوف المغرضين المتآمرين الخونة الذين أطاحوا بأسمى وأرقى بلد صدَّر للكون الأبجدية واللون والشعر والأدب والفنَّ والاختراع والفلسفة.

نعم بهذه النوعية الساعية الى كمال ذاتها يعود لبنان الى ماضي عزِّه وسؤدده والعنفوان. ليست المرَّة الأولى التي لوَّعتنا وأوجعتنا، اعتدنا على الصمود والوقوف بعد الانكسار. يقول المثل: وحدها تخسَّرنا المعركة التي نتناساها. ندائي الى كل أرزيٍّ ينتسب الى سلالة النبلاء، أن يعود الى وطن مسقط رأسه فيه، يترحَّم على الجدود ويبدأ بورشة عمار جديدة محترمة. بهذه القناعة الواعية القاصدة بضمير حيّ الالتزام بالتجديد والولادة، وبعدم التشرذم والانقسام، تُبنى المملكة وبعد الخراب بالاتفاق والتناغم والانسجام تتعمَّر.