الياس بجاني: هل لبنان محتل أم مخطوف ومأخوذ رهينة، وما هي وضعية الطائفة الشيعية اللبنانية في ظل الاحتلال الإيراني للبنان؟

345

هل لبنان محتل أم مخطوف ومأخوذ رهينة، وما هي وضعية الطائفة الشيعية اللبنانية في ظل الاحتلال الإيراني للبنان؟

الياس بجاني/07 كانون الأول/2021

لفتني مقال نُشر يوم أمس وفيه يعترض كاتبه، المفترض أنّه من أبناء الطائفة الشيعيّة الكريمة “المعارضين لحزب الله”، على مَن يعتبرون إيران محتلّة للبنان، وأكثرهم، بحسب زعمه، من المسيحيين السياديين. ورأى الكاتب أنّ اعتبار إيران محتلّة بواسطة ذراعها حزب الله، لهو أمّر خطأ، “لأنّ المحتل يجب أن يكون من غير أبناء البلد، بينما مقاتلو حزب الله هم “شيعة لبنانيون” وليسوا غرباء”.

وأساء الكاتب إلى الشيعة اللبنانيين أكبر إساءة حين زعم أنّ مقاومة حزب الله ستخدُم الحزب نفسه، إذ ستؤدّي إلى أن “يهيأ للمخيال الشعبي الشيعي العام، أنَّ وجودَ الطائفة مرتبطٌ بقوة الحزبِ، وانّ إضعاف الحزب وادماجه في دولة لبنان هو تهديد للشيعة وخطر على وجودهم”، وهذا برأينا كلام هراء، لأنّ الشيعة، في كواليسهم، هم أكثر التوّاقين إلى إنهاء حالة حزب الله، وقد شهدنا على كوابيسهم جراء ما تعرّضوا له من بطشه في مناطقهم على أثر قيام ثورة 17 تشرين.

الحقيقة على أرض الواقع تناقض طرح الكاتب، إذ تُشير كافة المعطيات بأنّ حزب الله هو تنظيم إيراني 100%، ومَن هم منخرطون فيه يندرجون في خانة “الجنود الإيرانيين”، لا أكثر ولا أقل، حتّى ولو كانوا يحملون الجنسية اللبنانية. يذكّرني وضع حزب الله والمحتلّ الإيراني الفارسي للبنان، بالوضع الذي كان قائمًا إبّان استعمار الدولة الفارسيّة الأشمونيّة لمنطقة الشرق الأوسط، فحينذاك كان أسطول هذه الدولة جبارًا وقد صنع مراكبه الألف أهلُ فينيقيا واليونان وقبرص، غير أنّ رجال الأسطول وجنوده كانوا من أهل فارس ومادي، لأنّ الدولة الفارسيّة المستأثرة والمغتصبة لم تكن تثق بشعوب البلاد التي تحتلّها، وكانت تتعامل معهم على قاعدة: “ادفعوا الضرائب وقدّموا العون لجنودنا وإلّا نؤدّبكم أو نبيدكم”. أوَليست وضعية حزب الله تشبه وضعية أهل مادي وأهل فارس لناحية الثقة التي تمنحه إيّاها جمهوريّة إيران الإسلاميّة؟

بكل الأحوال، فإنّ قادة تنظيم حزب الله، بمن فيهم سيّدهم نصرالله، يفاخرون بـِ “تأيرنهم وتفرسنهم” علناً، ويعتبرون أنفسهم جنودًا في ولاية الفقيه..

إذًا، ومن دون أدنى شك، وطبقاً للأساليب والممارسات العسكرية والقانونية الفارسيّة، التاريخيّة والحاضرة، فإن حزب الله إيراني يحتل لبنان، كل لبنان!

محاولة هذا الكاتب التمييز بين الاحتلال والخطف في عنوان مقالته، فيها سعي متعثّر لتشويه الحقيقة، مع أنّنا لا نخالفه الرأي بأنّ حزب الله يخطف أبناء الطائفة الشيعية الكريمة، كما يخطف أبناء باقي الطوائف، ويأخذ الجميع كرهائن بقوة الهيمنة وسطوة السلاح، وبحجّة تحالف الأقليّات المذهبي، كما وبإغراءات الخدمات والمال، وبعزل الشعب اللبناني عن المجتمع الدولي وعن الشعوب العربية.

لكن!!!
أوَليس في عمليّة الخطف هذه احتلال لذاتيّة مَن يحتجزهم ولقرارهم، كما فيها احتلال لسيادة الدولة وقرارها؟! أوَليس التأثير من خلال احتلال القرار أقسى وأوجَع وأفعل من مجرد احتلال التراب؟!!

إنّ عملية خطف حزب الله القسرية للبنان واللبنانيين، أكثر ما تنعكس على الطائفة الشيعية التي باتت منقسمة حول هويّتها وانتماءها منذ حقبة الاحتلال السوري للبنان وبالتنسيق الكامل والممنهج بين نظام الأسد وجمهورية الملالي.

من منّا لا يتذكر معارك إقليم التفاح الدموية، يوم جرى تدجين حركة أمل وأيرنتها بالقوة المسلحة، وكذلك وبنفس الأسلوب الإرهابي تم التعامل مع كل المجموعات والأحزاب والأفراد الذين كانوا يعتبرون أنفسهم مقاومين ويسعون لتحرير فلسطين.

باختصار، نحن نؤكّد بنعم مُدوّية، أنّ إيران تحتل لبنان، كل لبنان، وفي نفس الوقت هي تحتلّ قرار الطائفة الشيعية وتأخذها رهينة.

من هنا، نعم المطلوب تحرير لبنان من الإحتلال الإيراني، وفي نفس الوقت فك أسر الطائفة الشيعية من خاطفيها، وإعتاقها من وضعية الرهينة…

والأهم أنه في أيّ حلّ للمعضلة اللبنانيّة، حاضراً أو مستقبلاً، يقضي بعدم إلحاق عسكر حزب الله المؤدلج والممذهب إيرانياً بالجيش اللبناني تحت أي ظرف.

يبقى أن كل السياديين اللبنانيين، وتحديداً المسيحيين منهم، ليسوا ضد الطائفة الشيعية لا من قريب ولا من بعيد، ولا هم يعتبرونها بأي شكل من الأشكال شريحة غير لبنانية، بل لبنانية قلباً وقالباً وروحاً وانتماء وواجبهم الوطني مساعدتها على التحرر من وضعيّات الخطف والرهينة.

*الكاتب ناشط لبناني اغترابي
عنوان الكاتب الالكتروني
Phoenicia@hotmail.com
رابط موقع الكاتب الالكتروني

https://eliasbejjaninews.com