راغدة درغام: حزب الله يعيش هذه الأيام القلق الوجودي خائفاً من لعنة الاستغناء/Raghida Dergham: In a changing Middle East, Hezbollah is losing relevance,The group could be the victim of a regional realignment that appears to be focused on detente

177

In a changing Middle East, Hezbollah is losing relevance/The group could be the victim of a regional realignment that appears to be focused on detente
Raghida Dergham/The National/November 14/2021

“حزب الله” يعيش هذه الأيام القلق الوجودي خائفاً من لعنة الاستغناء.
مشهد التطبيع ببعده السوري والإسرائيلي… والقلق الوجودي لمن؟
راغدة درغام/النهار العربي/14 تشرين الثاني/2021
لافتة وتيرة التموضع وحجز الأمكنة التي تسبق 29 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، موعد استئناف المفاوضات النووية مع إيران في فيينا، لافتة، ليس فقط بأبعادها الأميركية والروسية والصينية والأوروبية نحو الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وإنما أيضاً لجهة تزامنها مع مستجدّات إقليمية مفاجئة دلالاتها فائقة الأهمية وردود الفعل نحوها مثيرة للفضول والاهتمام. ففي خضمّ مشروع الفوضى في العراق الذي تنفّذه طهران عبر وكلائها بمختلف الوسائل، منها الرافضة لنتيجة الانتخابات ومنها المتوعّدة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وفي أوج تصعيد “حزب الله” ضد دول الخليج العربية وضد القضاء في لبنان بتعليمات من إيران، حدث اختراقٌ عبر البوابة السورية بزيارة وزير خارجية دولة الإمارات للرئيس السوري لاقى مواقف ذات دلالات تستحق القراءة المنفتحة على ماذا يجول في ذهن القيادات الإيرانية وكيف يترجمها الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله.
وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان تواصل مع وزير خارجية الإمارات عبدالله بن زايد في أعقاب اجتماع بن زايد مع الرئيس السوري بشار الأسد فيما كانت إيران تقوم بمناورات عسكرية كبيرة في البحر الأحمر ومياه الخليج قرب مضيق هرمز بتزامن مع بدء الإمارات والبحرين وإسرائيل مناورات عسكرية مشتركة هي الأولى التي يُعلن عنها تقودها القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية في البحر الأحمر والخليج.
شتائم حسن نصرالله المتوقَّعة لمثل هذه التدريبات لدول خليجية مع إسرائيل أخذت طريقها بسرعة الى الثلّاجة. أتت تعليقاته على لقاء بن زايد بالأسد مقنَّنة في تصنيفها “إعلاناً للهزيمة العربية” أمام ما سمّاه انتصار النظام السوري وانتصار الحرب على الإرهاب. مواقفه عكست بدء هبوطه من أعلى الشجرة التي تسلّقها في مواجهته مع الدول الخليجية مستخدماً جورج قرداحي، وزير الإعلام الجاهل والمتعجرف في آن، أداة تصعيد لاقى استياءً شعبياً من تسلّط “حزب الله” على الدولة والسيادة في لبنان، ولاقى احتقاراً عارماً لرفض قرداحي الاستقالة مكلّفاً بمواقفه المُزارع والتاجر في الداخل والمواطن اللبناني في الخارج قطع الأرزاق.
حسن نصرالله وجد نفسه فجأة رافعاً إصبعه وهو يتأبّط غصن شجرة قد يتهاوى. صعَّد ضد السعودية وتباهى أنه على علم بأربع جولات من المحادثات المهمّة بين السعودية وإيران في العراق زاعماً أنه “لم يؤتَ فيها على ذكر لبنان وعلى ذكر “حزب الله” على الإطلاق، لا في مسألة اليمن ولا في غير مسألة يمن”. تحدّث بلغة الاستراتيجية العسكرية الإقليمية ليبيّن أنه على علم بمعادلات الصفقات، وقال إن “القصّة هي قصّة مأرب” اليمنية وليس الأزمة اللبنانية. بصراحة، إن التباهي بعدم ذكر لبنان أو “حزب الله” في المحادثات الإيرانية – السعودية يفتقد المنطق ويعكس التوتّر الاستراتيجي لـ”حزب الله” النابع من الخوف من صفقات كبرى وراء ظهر لاعب أصغر يعتبر نفسه غير قابل للاستغناء عنه – لكنه يقلق.
المشهد الدولي والاقليمي ركّز ويركّز على ما يمكن اعتباره العدّ العكسي الى إحياء الاتفاق النووي مع إيران وتطوير العلاقات الأميركية والأوروبية مع طهران، وما يرافق ذلك من تفاهمات مع اسرائيل- دولية وإقليمية. وهنا نظرة ضرورية لهذا المشهد:
– لم تقبع الدول الخليجية العربية في ظل الانتظار الى حين إتمام الصفقات الإيرانية الدولية ولم ترافق المؤشرات نقلة نوعية في هذه الصفقات مستلقية. بل انها أخذت الى المبادرة الاستراتيجية.
– المباحثات السعودية – الإيرانية جزء من هذه المبادرة التي بالطبع تركّز على ملف اليمن لأنه يتعلّق بالأمن القومي السعودي، لكنّها مباحثات أمنيّة أوسع تطرق باب الأمن القومي للدول العربية الخليجية وغير الخليجية- والعراق قد يكون في مقدمها.
– لبنان ليس في الأولوية في تلك المحادثات لأنه سقط في أيادي “حزب الله” وهو أداة مقايضة ثمينة لدى طهران في مساوماتها الدولية والإقليمية، بما فيها تلك التي تجريها مع إسرائيل عبر روسيا أو سوريا، أو عبر “حدود” الانتهاكات والمواجهات السيبرانية أو الميدانية في سوريا. ما تريده السعودية والدول الخليجية العربية الأخرى من إيران في ما يتعلق بـ”حزب الله”، هو كفّ يده عن الأمن القومي الخليجي عبر بوابة اليمن وبوّابة العراق، وبالتأكيد التدخل المباشر منه في الدول الخليجية.
– العراق فائق الأهمية لمشروع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وهي لن تستغني عنه إلا إذا عدلت عن مشروع هلالها الفارسي أو إذا ضمنت القوى الدولية والإقليمية لطهران مصالح استراتيجية واقتصادية هائلة في العراق. حتى الآن، ما زال العراق في مرحلة تقويض سيادته وتدجينه عبر استراتيجية الفوضى أوّلاً ثم إلحاقها بتكتيك تمكين رجال طهران من فرض ما يريدونه بآليات السيطرة المنظَّمة على الأمن في البلاد.
– سوريا مشهد آخر من حيث تقاطع المواقف العربية والأميركية والروسية والإسرائيلية والإيرانية فيها على وقع استمرار بشار الأسد في السلطة. الأردن كان ناشطاً جدّاً مؤخراً في دفع تطبيع العلاقات العربية مع سوريا الأسد. جزء من جهود الملك عبدالله كان مع الرئيس الأميركي جو بايدن وجزء آخر صبَّ في تعاونٍ مع مصر ومع البنك الدولي ومع إدارة بايدن في تفاهمٍ على مد الغاز عبر أنابيب من مصر الى الأردن الى سوريا فلبنان. برّرت إدارة بايدن مباركتها باسم المساعدات الإنسانية للبنان. حقيقة الأمر هي أن هذه الصيغة كانت أولى خطوات المَخرج من “قانون قيصر” الذي يحظر التعامل مع سوريا الأسد والذي فرضه الكونغرس في عهد دونالد ترامب.
– القرار الأميركي هو الخروج العسكري من سوريا، ورأي إدارة بايدن هو أن هذا الخروج يتطلّب بالضرورة تعاون روسيا وبشار الأسد- وكذلك إيران. وما إبعاد ممثل “الحرس الثوري” الفائض حماسه ضد القوات الأميركية في سوريا، جواد غفاري، سوى مؤشر على التفاهمات الجارية والتي يقودها مسؤول الشرق الأوسط الأول في البيت الأبيض، بريت ماكغورك. فالولايات المتحدة، بالذات في زمن بايدن، تريد أن تتحرّر من أعباء منطقة الشرق الأوسط برمتها. تريد المغادرة.
– سوريا هي أيضاً محطّة مهمّة في التطبيع مع إسرائيل- الأمر الذي تريده روسيا والولايات المتحدة وكذلك الدول العربية التي طبّعت مع إسرائيل. إحدى عراقيل التطبيع بين سوريا وإسرائيل هي إيران التي لم توافق بعد على الجهود الروسية الرامية الى صفحة جديدة في العلاقات الإيرانية – الإسرائيلية، أقلّه على الصعيد العلني. قوة إيران العسكرية داخل سوريا ميدانية وفي شتى أنحاء سوريا ولذلك يُؤخَذ برأيها. لكن قوة إسرائيل العسكرية داخل سوريا تجد لنفسها مباركة روسية صامتة، وربما مباركة سورية – إذا برزت الحاجة. استراتيجياً، روسيا أقوى من إيران في سوريا. تكتيكياً، إيران تبقى قوية ما لم يتم تحييدها في سوريا – وهذا يتطلّب قرارات كبرى، دولية وإقليمية.
– التطبيع العربي مع دمشق يحدث على أصعدة عدّة بمشاركة أردنية وإماراتية ومصرية وبحرينية وربما يكون هدفه الحدّ من نفوذ إيران في مناطق معينة في سوريا. هذه الدول العربية تعترف بالمصالح الروسية في سوريا وشرعيّتها التي أضفاها عليها بشار الأسد. وهذه الدول الأربع هي التي طبّعت مع إسرائيل وهي في صدارة التطبيع مع سوريا. والمسألة ليست مصادفة، بل إنها خطوة استراتيجية لبشار الأسد موقع قدم فيها ومصالح متعددة.
– اذا ركبت سوريا قطار التطبيع مع إسرائيل لن تكون وحدها، فهي تتأبّط لبنان معها في “تلازم المسارين”، وهي قد تتبع المغرب وليبيا في هذه الخطوة التي لم تعد غير واردة. ماذا سيفعل “حزب الله” بمقاومته عندئذ؟ ما زال ذلك أمراً مجهولاً، لكن السؤال يُطرَح ليس فقط في معادلة التطبيع العربي مع سوريا وإسرائيل، وإنما في معادلة التطبيع الأميركي – الإيراني أيضاً.
– الإمارات أخذت على عاتقها قفزة استراتيجية لافتة لم تأتِ من فراغ – إن كان في علاقاتها المعلنة مع إسرائيل والقائمة على تعزيز التعاون التجاري والتدريب العسكري، أو في اعتمادها مبدأ خفض- التصعيد de-escalation مع إيران، الى زيارة وزير خارجيتها دمشق ولقاء الأسد بلا أي اعتراض أميركي جدّي للقفز على “قانون قيصر”. الإمارات دخلت عضواً في المنتدى الاقتصادي الرباعي الجديد الذي يضم الولايات المتحدة والهند وإسرائيل. البعض اعتقد أن هدف المنتدى مواجهة الصين، لكن علاقات الإمارات بالصين قويّة جدّاً ولن تدخل في تكتّلات ضدها ولا ضد روسيا. فسياسة الإمارات نحو سوريا تتوافق كثيراً مع الأولويات الروسية هناك. وهذا الأسبوع، فازت الإمارات باستضافة مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP28 عام 2023- فاهتماماتها متعدّدة من المناخ الى الطاقة الى التجارة الى الأمن البحري ضمن استراتيجية مدروسة على المدى البعيد.
الأسبوع المقبل سيجري المبعوث الأميركي الخاص لإيران، روبرت مالي، مشاورات مع السعودية والإمارات والبحرين وإسرائيل للتنسيق بشأن مسائل عدّة ومخاوف، منها ما يدخل في المسيرة التطبيعية، ومنها ما يتطرّق الى المخاوف من الأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار. إنما الأولوية القاطعة لإدارة بايدن هي ألا يؤثِّر أي شيء في الجولة المقبلة من المحادثات النووية وإحياء صفقة JCPOA.
شدّ الحبال سيزداد في الأسبوعين المقبلين، لكن “الطبخة استوت” بحسب المؤشرات. ظاهرياً، تبدو الشروط الإيرانية تعجيزية لإدارة بايدن، لكن هناك تصريحات ذات دلالات على نسق ما قاله وزير الخارجية الإيراني عن استعداد بلاده “لتفاهم جيّد” وعن اعتبار عودة كل الأطراف الى التزاماتها “مبدأ مهم وأساسي”. وفعلياً، إن ما يريده الرئيس جو بايدن هو استعادة العلاقات الأميركية – الإيرانية التي أبرمها الرئيس الأسبق باراك أوباما ونائبه بايدن وفريقهما حينذاك الذي يمسك زمام الملف الآن.
الفارق هو أن الدول الخليجية العربية أُصيبت حينذاك بالصدمة الأوبامية، لكنها اليوم تموضعت لاستيعاب القرارات البايدنية. هذه الدول هي ذاتها التي يعتقد “حزب الله” إنها عابرة وقابلة للإهانة. واقع الأمر، أن بلاغة “حزب الله” التصعيدية تأتي على حساب الشعب اللبناني الذي أبلغه بكل وضوح أن إذلاله وقهره وتجويعه للبنانيين ليس “مقاومة”. السيد حسن نصرالله يقول إن إسرائيل تعيش القلق الوجودي من المقاومة التي حيّدها لسنوات بقرار منه ومن إيران. مع اختلاط الأوراق الإقليمية والدولية، يبدو “حزب الله” هو الذي يعيش هذه الأيام القلق الوجودي خائفاً من لعنة الاستغناء.

In a changing Middle East, Hezbollah is losing relevance/The group could be the victim of a regional realignment that appears to be focused on detente
Raghida Dergham/The National/November 14/2021
egional realignment is storming ahead in the run-up to November 29, the date set for the resumption of nuclear negotiations between Iran and the global powers in Vienna. This is being driven by sudden, major regional developments. This includes the alleged actions by Iran’s proxies in Iraq, such as an assassination attempt against Prime Minister Mustafa Al Kadhimi as well as Hezbollah’s activities in Lebanon.
And yet, a breakthrough has also taken place in Syria, after a meeting between Sheikh Abdullah bin Zayed, Minister of Foreign Affairs and International Co-operation, and Syrian President Bashar Al Assad in Damascus. Following the visit, Iranian Foreign Minister Hossein Amir-Abdollahian and Sheikh Abdullah had a phone call. At the same time, Iran staged large-scale military drills in the Red Sea and the Gulf near the Strait of Hormuz, as the UAE, Bahrain and Israel held joint military exercises, led by the US Central Command in the Red Sea and the Gulf, the first of its kind.
Predictably, angry comments against such drills by Hezbollah leader Hassan Nasrallah were quickly proven wrong. Nasrallah has said he was in the loop about recent Saudi-Iranian talks in Iraq. He claimed that they did not mention “Lebanon or Hezbollah, neither with regards to Yemen or other issues”. However, Nasrallah’s claim reflects Hezbollah’s anxiety over deals taking place behind its back.
The current regional landscape is focused on the nuclear deal with Iran, and the development of US and European relations with Tehran and the effect this has on regional approaches to Israel. This means a number of things.
One is that all this time Gulf states have not been sitting around waiting until international deals were cut with Iran. Instead, they have taken strategic initiatives.
Saudi-Iranian talks are part of this, which naturally are focused on the Yemeni issue, given its implications for Saudi security. However, there are also broader security talks on the national security of Arab states, particularly Iraq. Lebanon does not appear to be a priority in these talks.
Syria is another place where Arab, American, Russian, Israeli and Iranian positions intersect, acknowledging the inevitability that Mr Al Assad will remain in power. Jordan has recently been active in promoting Arab normalisation of relations with him. King Abdullah’s efforts involved bringing US President Joe Biden on board over the issue of delivering gas via Egypt, Jordan and Syria to Lebanon. The Biden administration justified its consent by invoking humanitarian aid to Lebanon. But the truth is that this agreement was the first step to limiting the effect of the Caesar Act, which sanctions commercial dealings with the Syrian regime, imposed by US Congress under Donald Trump’s presidency.
The US is considering withdrawing its troops from Syria. The view of the Biden administration is that this exit would require the co-operation of Russia, Assad and Iran. The ousting of Javad Ghaffari, the IRGC general hostile to US forces in Syria, could be an indication of the agreements being made.
Syria is a crucial component of the drive for normalisation with Israel – something desired by Russia, the US and the Arab states that have normalised ties with Israel. One of the obstacles to it between Syria and Israel is Iran. Iran is a significant military power in Syria, and therefore has leverage. But Israel’s military role in Syria has tacit understanding from Russia and even the Assad regime. Strategically, Russia is stronger than Iran in Syria.
Arab normalisation with Damascus is taking place at multiple levels. Its purpose may be to limit Iran’s influence in certain regions of Syria. These Arab states acknowledge Russia’s interests in Syria and the subsequent sense of legitimacy this bestows on Mr Al Assad. These same countries have normalised ties with Israel and are leading the normalisation with Syria, which is not a coincidence.
If Syria normalises relations, it will not be alone. Perhaps it will affect Lebanon, which is joined at the hip to Syria. Libya could follow suit. What would Hezbollah do with its resistance then? The same conundrum would apply in any US-Iranian normalisation.
This week, US envoy for Iran Robert Malley is holding talks with Saudi Arabia, the UAE, Bahrain and Israel to discuss several issues, some involving the normalisation drive and others on concerns over Iran’s destabilising activities. The absolute priority for the Biden administration remains that nothing should affect the coming round of the nuclear talks seeking to revive the nuclear deal.
On the surface, the conditions that Iran has set for Washington appear to be deliberately unfeasible. However, some statements issued by Iran carry different implications, such as the remarks by its foreign minister about his country being open to a “good agreement”. For Mr Biden, the return to Obama era terms is a priority.
But a major difference is that back then key Arab states were taken by surprise. Today they have repositioned themselves to be ready. These are the same states Hezbollah is aggravating. In reality, Hezbollah’s escalation has only come at the expense and anger of Lebanese people. The group claims Israel feels an existential threat from it. But as the regional and international deck is reshuffled, it seems that it is Hezbollah that should be worried.