فيديو وبالنص/الياس بجاني: المطلوب من دول الخليج لتحرير لبنان من أحتلال حزب الله الإيراني

240

فيديو وبالنص/المطلوب من دول الخليج لتحرير لبنان من أحتلال حزب الله الإيراني

الياس بجاني/05 تشرين الثاني/2021

هذا ما هو عملياً المطلوب من دول الخليج العربي عموماً، ومن السعودية تحديداً، للمساعدة الجدية والأخوية والفاعلة، في تحرير لبنان واللبنانيين، من رجس وشرور احتلال الملالي الإيرانيين، ومن جيشهم الإرهابي المسمى زوراً، “حزب الله”، وذلك بعد أن أقرت هذه الدول رسمياً بأن لبنان دولة محتلة:

أولاً: التعاون مع مثقفين وحقوقيين لبنانيين سياديين واستقلاليين وشرفاء، وهم كثر داخل وخارج لبنان، في إعداد مشروع دولي واضح المعالم، يؤكد دون أي لبس بأن لبنان دولة محتلة، ومارقة، وفاشلة. ومن ثم حمل هذا المشروع والذهاب به إلى مجلس الأمن، والسعي بالتعاون مع كل الدول القادرة والراغبة، لوضع لبنان تحت البند السابع، وتسليمه كلياً للأمم المتحدة، وذلك لتنفيذ القرارات الدولية الخاصة بلبنان وهي، اتفاقية الهدنة مع إسرائيل، 1559، 1701، 1680.

ثانياً: المشاركة العسكرية الفاعلة في قوات اليونيفل التي ستقوم بتنفيذ القرارات الدولية بالقوة، وذلك بعد وضع الجيش اللبناني، وكل القوى الأمنية اللبنانية تحت أمرتها.

نشير هنا إلى أن أي مشروع قرار يقدم لمجلس الأمن يجب أن يكون مقدم من دولة أو دول، والدولة اللبنانية المحكومة من قبل حزب الله لن تقوم بهذا الأمر… في حين أن الشعب اللبناني، كشعب وليس كدولة لا يتمتع بصفة الدولة، وهنا أهمية دور دول الخليج العربي.

مطلوب من دول الخليج العربي كافة، أن تعي حقيقة معاناة اللبنانيين بكل شرائحهم المذهبية والإثنية، وفي مقدمهم أبناء الطائفة الشيعية الكريمة، حيث أنهم جميعاً في وضعية المخطوف والرهينة، وهم بالتالي عاجزين عن تحرير بلدهم ومواجهة المحتل الإيراني دون مساعدة خارجية فاعلة وجدية، في حين أن الدولة في لبنان هي بأمرة حزب الله، وهو من خلالها، أو من خلال صمتها وتبعيتها وعجزها وجواسيسيه بداخلها، يضطهد ويعاقب ويسجن ويغتال كل من يعارض احتلاله.

ونذكر الدول العربية كافة، بأن الإحتلال الإيراني هو خطر وجودي وكياني وحضاري وثقافي، ليس فقط على لبنان واللبنانيين، بل على كل الدول العربية وشعوبها، كون المشروع الإيراني التوسعي والمذهبي والدكتاتوري والإرهابي يستهدف كل هذه الدول، وليس فقط لبنان.

في الخلاصة: لبنان دولة محتلة وفاشلة ومارقة، وحكامها وحكمها هم مجرد أدوات بيد المحتل الإيراني، والشعب اللبناني هو مخطوف ومأخوذ رهينة وغير قادر على تحرير نفسه وبلده دون مساعدة من الخارج… ومن أحق من الدول العربية لنجدته ومساعدته.؟

*الكاتب ناشط لبناني اغترابي
عنوان الكاتب الألكتروني
Phoenicia@hotmail.com
رابط موقع الكاتب الالكتروني على الإنترنت
http://www.eliasbejjaninew.com

في أسفل مقالات نشرت أمس وهي تحكي معاناة اللبنانيين وضعية الإحتلال الإيراني الإرهابي للبنان

*قِمّةُ غلاسكو لبنانيّة … دولةَ لبنان ما بَلغت مرحلةَ انهيارٍ شاملٍ كهذه التي بَلغَتها في ظلِّ هذا العهد، عهدِ حزب الله
سجعان قزي/النهار/2021

*الطلاق الحبي مع «حزب الله»
د. توفيق هندي/الشرق الأوسط/04 تشرين الثاني/2021

*الأزمة في لبنان وليست معه
الدكتور هادي بن علي اليامي/صحيفة الوطن السعودية/03 تشرين الثاني/2021

*لبنان حين اختار إيران
فهد سليمان الشقيران/الشرق الأوسط/04 تشرين الثاني/2021

*حكومة «الإنقاذ» قضت على ما تبقى من لبنان!
هدى الحسيني/الشرق الأوسط/04 تشرين الثاني/2021

قِمّةُ غلاسكو لبنانيّة … دولةَ لبنان ما بَلغت مرحلةَ انهيارٍ شاملٍ كهذه التي بَلغَتها في ظلِّ هذا العهد، عهدِ حزب الله
سجعان قزي/النهار/2021
العُزلةُ اللبنانيّةُ مزدوِجة: عُزلةُ دولةِ لبنان عن شعوبِ العالم، وعُزلةُ شعبِ لبنان عن دولته. وأصلًا إنَّ مُشكلةَ العالمِ مع لبنان هي ذاتُها مُشكلةِ اللبنانيّين مع حزب الله. وقبلَ أن تَسحَبَ دولُ الخليجِ الأربعُ سفراءَها من لبنان، سبَقَها الشعبُ اللبنانيُّ وسَحَبَ ثقتَه من دولتِه وأجْلى أجيالَه عنها وقَطعَ عَلاقاتِه معها. وكانت انتفاضةُ 17 تشرين الأوّل 2019 إحدى مظاهرِ هذه القطيعة.
كلنا يَعرف أنَّ دولةَ لبنان ما بَلغت مرحلةَ انهيارٍ شاملٍ كهذه التي بَلغَتها في ظلِّ هذا العهد، عهدِ حزب الله. وكُلّنا يَعرِفُ أنَّ دولةَ لبنان ما مرّةً ورَّطَت اللبنانيّين بقطيعةٍ ديبلوماسيّةٍ وسياسيّةٍ واقتصاديّةٍ مع دولِ الخليجِ كهذه التي ورَّطَهُم بها هذا العهد. واليوم زادَت معرِفتُنا ـــ فالثقافةُ نَبعٌ لا يَنضُب ـــ بأن دولةَ لبنان لم تَـنْزوِ في عُزلةٍ تامّةٍ كهذه التي انْتبَذَه فيها هذا العهد. الحقيقةُ ليست تجنيًّا، بل جرسُ إنذارٍ للالتحاقِ بالحقّ.
نَفهمُ أن تَطلُبَ دولةُ لبنان وَساطةَ أميركا مع دولةِ إسرائيل، العدوّ، لترسيمِ الحدودِ وتحديدِ حِصّةِ لبنان في المربَّعاتِ النفطيّة. لكنّه مُستهجَنٌ أنْ تَستجْديَ دولةُ لبنان شَفاعةً فرنسيّةً وأميركيّةً وقطريّةً وعُمانيّةً في أزْمتِها مع السعوديّةِ ودولِ الخليجِ العربيِّ، الشقيقةِ والصديقة، وهي مَن كانت تَتوسّطُ لنا مع الآخَرين لحلِّ أزَماتِ لبنان ووقْفِ حروبِه ومساعدتِه ماليًّا واقتصاديًّا. وغريبٌ بالمقابل، أنَّ الدولتين الوحيدتَين اللتَين لا يحتاجُ لبنانُ إلى وسيطٍ معهما هما: سوريا وإيران، أي الدولتَين اللتَين بسببِ تحالفِ الحكمِ اللبنانيِّ الحاليِّ معهما استراتيجيًّا، خَسِرنا أصدقاءَنا التاريخيّين ووُضِعنا في سجنٍ انْفراديّ.
العُزلةُ اللبنانيّةُ مزدوِجة: عُزلةُ دولةِ لبنان عن شعوبِ العالم، وعُزلةُ شعبِ لبنان عن دولته. وأصلًا إنَّ مُشكلةَ العالمِ مع لبنان هي ذاتُها مُشكلةِ اللبنانيّين مع حزب الله. وقبلَ أن تَسحَبَ دولُ الخليجِ الأربعُ سفراءَها من لبنان، سبَقَها الشعبُ اللبنانيُّ وسَحَبَ ثقتَه من دولتِه وأجْلى أجيالَه عنها وقَطعَ عَلاقاتِه معها. وكانت انتفاضةُ 17 تشرين الأوّل 2019 إحدى مظاهرِ هذه القطيعة.
من هنا أَنَّ صرخةَ السعوديّةِ تَلتقي متأخِّرةً مع صرخةِ اللبنانيّين وليس العكس. سَبَقنا السعوديّةَ بسنواتٍ في الدعوةِ إلى تحريرِ قرارِ الشرعيّةِ من هيمنةِ حزبِ الله. فقَبْل أن يختارَ العهدُ بين السعوديّةِ وحزبِ الله، كان واجبُه أن يَختارَ بين الشعبِ اللبنانيِّ وحزبِ الله، ففَضَّلَ الحزب. وإذا دولةُ لبنان لم تَستمِع اليومَ إلى الصرخةِ السعوديّةِ، فالعربُ والعالمُ لم يَستمعوا بالأمسِ إلى صرخةِ اللبنانيّين وظنّوها ذَبذَباتٍ صوتيّةً أو دَلعًا على حبيب. ما هَبَّ أحدٌ إلى مساعدةِ اللبنانيّين وإخراجِهم من مأزِقهِم مع أنَّ جُزءًا كبيرًا من مشاكلِ لبنان ناتجٌ عن الصراعاتِ العربيّةِ والإقليميّةِ والدوليّة. ليست جميعُ مشاكلِنا من نَبعِ العسَل أو نَبعِ الباروك.
منذُ ثلاثينَ سنةً بارَكَ العربُ والعالمُ تسليمَ لبنان إلى سوريا التي أوْدَعتْه، رغمًا عنها وعنّا، إلى إيران. لقد سَكتوا على الباطِل، وتغاضَوا عنه، وبعضُهم كان عَرّابَ التسوياتِ المشبوهةِ التي أدّت إلى الحالةِ التي ابْتُلِينا بها. واليوم أيضًا، نرى العربَ يَعودون تدريجًا إلى سوريا بذريعةِ استعادتِها من الحُضنِ الإيرانيِّ إلى الحضنِ العربيّ، ويَخرُجون من لبنانَ ويُبقُونَه في الحُضنِ الإيرانيّ. واليومَ كذلك، يُطبّعون عَلاقاتِهم مع إسرائيل التي دَفنَت الحقَّ الفِلسطينيَّ إلى غيرِ رجعة، ويَقطعون، أو يُقَنّنون، عَلاقاتِهم بلبنانَ الذي لا يزالُ يَتحمّلُ عِبءَ اللاجئين الفِلسطينيّين ويُدافعُ عن القضيّةِ الفِلسطينيّة.
حقُّ دولِ الخليجِ، وفي طليعتِها السعوديّةُ، أن تَغضَبَ من دولةِ لبنان، وواجبُ دولةِ لبنان أن تَنزَعَ فتيلَ الغضبِ بإقالةِ وزيرٍ متّهمٍ أو باستقالةِ حكومةٍ يُفْتي بمصيرِها حزبُ الله. هذا التدبيرُ هو عِقابٌ ضروريّ، لكنّه ليس حلًّا نهائيًّا. حزبُ الله باقٍ بعد الحكومةِ وسيَقوى أكثرَ بدونِ وجودِ حكومة. لذا، حبّذا لو نَتّفِقُ مع دولِ الخليجِ والمجتمعِ الدُوَليّ على الحلِّ مثلما نحن متَّفقون معهم على المشكِلة. فإذا كان حزبُ الله مشكلةً لبنانيّةً، فحلُّها ليس لبنانيًّا. وأكبرُ دليلٍ هو مجموعةُ القراراتِ الدوليّةِ بهذا الشأنِ من 1559 إلى 1701، ومجموعةُ القراراتِ الصادرةِ عن القِممِ العربيّةِ بخصوصِ حزبِ الله تحديدًا. “الحلُّ اللبنانيُّ” الوحيدُ لحزبِ الله هو مواجهتُه عسكريًّا، فهل هذا حلٌ أم هو حربٌ أهليّة؟ نحن مستعدّون لمواجهة حزبِ الله سياسيًّا إلى أبعدِ الحدود، لكنّنا لسنا بوارِدِ مواجهتِه عسكريًّا إلا إذا هو فرضَ علينا المواجهةَ، فنُقاوم.
قد يكون لبنانُ قصّرَ في تنفيذِ القراراتِ الدوليّةِ لأنَّ دولتَه أسيرةٌ، بل متواطئةٌ مع حزبِ الله، لكنَّ تقصيرَ الأممِ المتّحدةِ والدولِ الكبرى يَفوق التقصيرَ اللبنانيَّ أضْعافًا. لماذا لم تَتجاسَر القوّاتُ الدوليّةُ على تنفيذِ مضمونِ القرار 1701؟ لماذا لم تَنزَع سلاحَ حزبِ الله ـــ ولديها كاملُ الصلاحيّةِ ــــ في منطقةِ انتشارِها، ولم تَمنع وجودَه جَنوبيَّ الليطاني؟ ما هي الآليّةُ التي لحظَها مجلسُ الأمنِ الدوليُّ لتنفيذِ القرار 1559 الداعي إلى سحبِ سلاحِ جميعِ الميليشياتِ وفي طليعتِها سلاحُ حزب الله؟ أبعدُ من ذلك، لماذا ـــ وهذا سؤالٌ وليس تمنيًّا ـــ لم تُدَمِّر إسرائيلُ آلةَ حزبِ الله العسكريّةَ سنةَ 2006 مثلما دَمَّرت الآلةَ العسكريّةَ الفِلسطينيّةَ سنة 1982 إذا كانت تريدُ فعلًا إنهاءَ حالةِ حزبِ الله؟ إنَّ أقصى ما وَصلَ لبنانُ إليه مع حزبِ الله هو “إعلان بعبدا” الذي لَحظَ وضعَ استراتيجيّةٍ دفاعيّةٍ وتحييدَ لبنان، لكنْ سُرعان ما انْقلَب حزبُ الله على الإعلانِ.
تاريخيًّا، قديمًا وحديثًا، جميعُ عمليّاتِ نزعِ السلاحِ غيرِ الشرعيِّ في لبنان حَصلت بواسطةِ دولةٍ أو مجموعةِ دولٍ أجنبيّةٍ آزَرها الجيشُ اللبنانيّ. فتركيبةُ لبنانَ المركزيّةُ تُعقِّدُ دورَ الجيشِ، المتعدِّدِ التكوين، في نزعِ أسلحةِ الميليشياتِ الطائفيّةِ التكوين. من هنا إنَّ الأممَ المتّحدةَ مَدعوّةٌ بإلحاحٍ إلى عقدِ مؤتمرٍ دوليٍّ خاصٍّ بلبنان يُعلنُ حِيادَ لبنان ويُصدِرُ قرارًا جديدًا ذا مفعولٍ تنفيذيٍّ فوريٍّ بخصوصِ انتشارِ السلاح. وإذا كان العالمُ يحتاجُ، بعدُ، إلى دليلٍ على استحالةِ الحلِّ اللبنانيِّ وحتميّةِ الحلِّ الدوليّ، فقد جاءت الأزمةُ مع السعوديّةِ ودولِ الخليج لتُعطيَه دليلًا إضافيًّا.
بانتظارِ الحلِّ الدوليّ، تستطيعُ الدولةُ اللبنانيّة، إذا حَزمَت أمرَها، أن تقومَ بما يلي:
1) توجيهُ رئيسِ الجُمهوريّةِ رسالةً يُبلغ فيها الشعبَ اللبناني والعالمَ العربيَّ والمجتمعَ الدوليّ، خروجَ لبنان من جميعِ المحاورِ والتزامَ الحيادِ حيالَ جميعِ صراعاتِ المنطقة.
2) تأكيدُ وجودِ إرادةٍ سياسيّةٍ بمعالجةِ جميعِ مواضيعِ الخلافِ مع دولِ الخليج.
3) إغلاقُ كلِّ المعابرِ غيرِ الشرعيّةِ بين لبنان وسوريا، ومراقبةُ المعابرِ الشرعيّةِ لمنعِ التهريبِ.
4) محاكمةٌ جِدّيةٍ لعصاباتِ التهريبِ المعروفةِ إلى السعوديّةِ وغيرِها. خلافُ ذلك، جميعُ الجهودِ الاستثنائيّةِ التي بَذَلها رئيسُ الحكومةِ مشكورًا في مؤتمرٍ “غلاسكو للمناخ”، تبقى في إطارِ العَلاقاتِ العامّة.
لبنان أيضًا يحتاجُ أن تَنعقدَ في ربوعِه “قِمّةُ غلاسكو” خاصّةٌ به لوقفِ الانبعاثِ الحراريِّ في أجوائِه السياسيّةِ، ولـِخَفضِ حرارةِ الأزَماتِ المحتَبسَةِ أو قيدَ التفجيرِ. نحن في درجةٍ حراريّةٍ مرتفعةٍ قد تكون مؤشِّرًا إلى حلٍّ ما.

الطلاق الحبي مع «حزب الله»
د. توفيق هندي/الشرق الأوسط/04 تشرين الثاني/2021
هذا ما كنت توصلت إليه مع رفيق الدرب الدكتور محمد شطح قبيل اغتياله. وقد أفصحت عن هذا الرأي «الخطير» علناً، في مقابلة متعددة الأطراف يديرها مارسيل غانم على شاشة الـ«LBC» في اليوم الذي سبق مراسم دفن صديقي العزيز محمد.
ولكن ماذا يعني الطلاق الحبي مع «حزب الله»؟ كان في ذلك الحين قد أصبح واضحاً لمحمد (ولكن كان واضحاً بالنسبة لي منذ عام 2005) أن المساكنة مع الحزب في الحكومات المتتالية منذ حكومة السنيورة الأولى (13 يوليو «تموز» 2005) كما الحوار معه عن «استراتيجية دفاعية» لا ينفع، لا بل إنه يعطيه غطاء لبنانياً شرعياً مجاناً في وقت أن الحزب يفعل ما يشاء من دون أخذ بعين الاعتبار الرأي الآخر، وبالتالي يدفع بلبنان إلى أن يصبح مقاطعة من الجمهورية الإسلامية في إيران.
كما أن الطلاق الحبي مع «حزب الله» كان يعني أيضاً تحميله حصراً مسؤولية أفعاله وأعماله، وبالمقابل الانطلاق بحركة سيادية جامعة سلمية تطالب بتحرير لبنان من الاحتلال الإيراني الممارس من خلال «حزب الله» («علماً» بأن الحزب جزء لا يتجزأ من الجمهورية الإسلامية في إيران) وتنفيذ الشق من القرار 1559 المتعلق بتسليم الميليشيات سلاحها الذي رفضت 14 آذار في عام 2005 تطبيقه من قبل الأمم المتحدة، بحجة أنه يستجلب المخاطر على الوحدة الوطنية وأن اللبنانيين كفيلون بتنفيذه في مرحلة لاحقة عبر الحوار الهادئ مع «حزب الله» (طاولات الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية التي أنتجت حرب الـ2006 وتنكر «حزب الله» لإعلان بعبدا بتاريخ 11 – 6 – 2012 حين صدوره). غير أن توجه 14 آذار هذا كان يعبر عن تعطش المكونات الرئيسية لـ14 آذار للسلطة بعد حرمانها، انطلاقاً من انتخابات عام 2005 والاتفاق الرباعي («حزب الله»، وأمل، والتقدمي الاشتراكي، والمستقبل) بالإضافة إلى بعض قرنة شهوان.
وقد أعلن الرئيس فؤاد السنيورة يوم الدفن في خطبة رثاء محمد، أن الموقف لن يكون نفسه قبل اغتياله من بعده، غير أنه قبيل الدفن وعند تقبل العزاء أسر لي بأن كلامي خطير. فأجبته أن كلامي هذا هو ما كان يفكر فيه المرحوم، وللأمانة كان علي أن أتفوه به كي تفتح مرحلة جديدة بعد اغتياله.
غير أن تيار المستقبل اتخذ في حينه الموقف المعاكس بتسمية الرئيس تمام سلام لتشكيل الحكومة وأتحفنا بنظرية عقد النزاع مع «حزب الله» عبر تسمية وزراء راديكاليين، أعني نهاد المشنوق وأشرف ريفي، بالإضافة إلى نظرية سخيفة أخرى، عنوانها النأي بالنفس، علماً بأن هذه النظرية أتت بها حكومة ميقاتي الثانية (الثماني آذارية) بعد أن أسقط «حزب الله» وأتباعه بشكل مسرحي حكومة الحريري بتاريخ 12 يناير (كانون الثاني) 2011، وذهب الحريري إلى المنفى الطوعي. فكانت مناسبة جديدة للعودة إلى السلطة عبر مجالسة «حزب الله» الدونية مرة أخرى بدل أخذ العبر والكف عن التحجج بضرورة اتباع السياسة «الواقعية» تجاهه خلاصاً للبنان من الأعظم.
والأدهى، أن مكونات 14 آذار المتهالكة ذهبوا أبعد من ذلك بانتخاب ميشال عون الحليف المسيحي الأول لـ«حزب الله» رئيساً للجمهورية بحجة ضرر الفراغ الرئاسي ولكن بالحقيقة شغفاً بالسلطة. وكان من نتائجها تشكيل سعد الحريري حكومتين انتهت الثانية باستقالته في تاريخ 29 – 10 – 2019 على أثر ثورة 17 تشرين وهرباً من تحمل المسؤولية. وقد أذعنت مكونات 14 آذار المتهالكة لقانون انتخابي يعتمد النسبية أعطى لـ«حزب الله» في عام 2018 الغالبية النيابية بحيث وصّفت إيران في حينها البرلمان اللبناني بأنه برلمان المقاومة.
والحقيقة أنه منذ ذلك الحين، بات «حزب الله» يتحكم في المؤسسات الدستورية الثلاث (رئاسة الجمهورية، والبرلمان، والحكومة) بالإضافة إلى تحكمه في مفاصل السلطة الدولية الأخرى وسطوته على الطبقة السياسية المارقة الفاسدة القاتلة بمكوناتها كافة، التابعة مباشرة له أو حتى المشاكسة له، كونها تتعاطى هذه الأخيرة من داخل اللعبة السلطوية الدولتية.
فلا عجب أن يصل الوضع اللبناني إلى هذا الدرك، ولا عجب أن نرى دول الخليج تنتفض على هذا الواقع في لبنان لأنه يشكل ضرراً استراتيجياً لها.
والحل يكمن في تشكيل تحالف سيادي – تغييري سلمي واسع له مصداقيته يهدف إلى الخلاص من الاحتلال الإيراني كما من الطبقة السياسية المارقة المتجذرة في بنى الاجتماع السياسي اللبناني، مما يفسح بالمجال بعد مرحلة التعافي لنخبة من الشباب السيادي – التغييري بأن يأخذ لبنان إلى شاطئ الأمان والاستقرار والازدهار المستدام.
* سياسي لبناني

الأزمة في لبنان وليست معه
الدكتور هادي بن علي اليامي/صحيفة الوطن السعودية/03 تشرين الثاني/2021
بادئَ ذي بدءٍ، فات على وزير الاعلام اللبناني، جورج قرداحي، الذي جاء إلى هذا المنصب الرفيع وجلس على كرسي الوزارة بالصدفة وفي غفلة من الزمن، أنّ ما يتحدّث عنه هو قضية أفتَت فيها المؤسسات القانونية التي تحكم العالم، مثل الأمم المتّحدة ومجلس الأمن الدولي الذي قطع بأنّ تدخّل قوّات التحالف العربي في الأزمة اليمَنيَّة ينسجم مع قواعد القانون الدولي ولا يمثّل انتهاكًا لسيادة اليمن، لأنّه جاء استجابة لطلب رسمي تقدّمت به الحكومة الشرعية التي يقودها الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي يعترف به العالم أجمع.
هنا يتبادر إلى الأذهان سؤال بديهي عن الدافع الذي يقف وراء إطلاق قرداحي لتصريحاته الخرقاء، ومغزى هذا التوقيت بالذات، وأقول إنّه تعمّد ذلك ولم يأتِ مصادفة، فمذيع البرامج الترفيهية الذي لا تربطه صلة بعلم السياسة، ولم يعمل في مجالها، نجح في أغسطس/آب الماضي في نيل بركة حزب الله لتعيينه وزيرًا، ولم يجد غير الإساءة للمملكة عربونا يقدّمه لسادته الجدد في ضاحية بيروت الجنوبية، فأراد أن ينال رضاهم بذلك الفعل الرخيص.
وبعيدا عن تعليقات قرداحي وكلماته الهابطة التي لا تستحقّ التعليق أصلًا، أقول إنّ الموقف السعودي القويّ لم يكن فقط بسبب هرطقات هذا الوزير، لكنّه كان النقطة التي أفاضت الكأس، إذ كما هو معلوم، من القاصي والداني، أنّ المملكة تمدّ حبال الصبر كثيرًا، وتترفع عن الغوص في سفاسف الأمور، لاسيّما مع الأشقّاء العرب، انطلاقًا من مكانتها كراعية وحاضنة للبيت العربي، أملًا في عودة الضالين إلى جادة الصواب. لكنّها عندما تردّ فإن ردّها يتوازى مع حجمها ومكانتها، فغضبة الحليم معلومة المآلات.
من الأسباب الأخرى التي دفعت المملكة إلى اتّخاذ هذا الموقف، هو مواصلة حزب الله الإرهابي تصدير المخدرات إليها ضمن المنتجات الزراعية، وتغاضي الحكومات اللبنانية المتعاقبة عن وقف هكذا ممارسات، كما والتغاضي عن معاقبة الفاعلين المعروفين للجميع، رغم التنبيهات المتكرّرة، والإخباريات المقدّمة إلى السلطات في بيروت، والمقرونة بجميع المعلومات والأدلة، لكنّ بيروت أصمَّت أذنها عن كل ذلك، وبدت غير مكترثة بما يُصيب السعوديّة من إساءات حزب الله وأتباعه انطلاقًا من أراضيها.
كذلك يستقوى الحزب الإرهابي على دولته، ويستمر في دعم الميليشيات الحوثية، المعادية للمملكة وللعرب، ويُدرّب كوادرها على إطلاق المقذوفات، ويمدّها بالصواريخ والمسيّرات، على ما أثبتته الرياض بالأدلة والوقائع المعزّزة بالتواريخ، غير أنّ بيروت لا تزال تُخفق في اتّخاذ فعل صارم يوقف هذه التجاوزات.
أكثر ما لفت إعجابي في تصريحات وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان هو قوله إنّه «ليست هناك أزمة مع لبنان بل أزمة في لبنان بسبب هيمنة إيران»، وهي كلمات أصابت كبد الحقيقة، وبمثلها عبّرت المملكة عن حتميّة تصحيح المسار في بيروت، وضرورة إجراء إصلاحات شاملة تُعيد إلى هذا البلد الشقيق سيادته وقوّته ومكانته بين الدول.
وللحقيقة، فإنّ الحكومات اللبنانية في الفترة الأخيرة باتت لا تتحكّم بأفعالها، إذ باتت لا تستطيع التقرير في أي شأن ما لم تحصل على موافقة حزب الله الذي يحتاج بدوره إلى موافقة النظام الإيراني على كل صغيرة وكبيرة، وبالتالي فإن طهران أصبحت هي التي تتحكم في بيروت عمليًّا وتقرر ما يجب أن يحدث أو لا يحدث. المملكة بطبيعة الحال لا تريد أن تملي على الحكومة اللبنانية شيئا، كما لا تُريد أن تتدخّل في الشؤون الداخليّة اللبنانيّة، لا بل تحرص، من موقعها العربي، على تعزيز دور وسيادة الحكومة اللبنانية بالحدّ الأدنى الذي يعيد ثقة العالم أجمع للتعامل معها، وإلّا كيف يتعامل العالم مع مَن لا يملك أمره ولا يستطيع اتّخاذ أيّ قرار إلا بعد موافقة الآخرين الأولياء عليه؟
هنا كان لا بدّ من موقف قويّ، موقف يكشف عن عمق الأزمة، وهو ما أقدمت عليه الرياض واحتذت بمثالها دول الخليج الشقيقة باستدعاء سفرائها من بيروت وطلب مغادرة سفراء لبنان خلال (48) ساعة، ووافقت عليه بقية الدول العربية التي أصدرت بيانات تؤكد تضامنها مع الموقف السعودي العادل.
الآن بات الطريق واضحًا أمام الحكومة اللبنانية، إما موقف واضح من الحزب وتقييد تحركاته ووقف تجاوزاته، حتى تعود بيروت فاعلة ومؤثرة في محيطها العربي، وإمّا التمادي في تغطية حزب الله وتسهيل مهمّاته المعادية للعرب، فيضيع لبنان واللبنانيون في فلك الشر الإيراني الذي أوردهم موارد الهلاك، وأوصلهم إلى درك سحيق، لم يكن يدور بذهن أكبر المتشائمين أنّهم سيصلون إليه في يوم من الأيام. لا مجال للمواقف الرمادية بعد اليوم، ولا بدّ من تصحيح شامل يعيد الأمور إلى نصابها ليلزم كل شخص حدّه وحدوده، فالمملكة لن ترضى باستمرار محاولات استهدافها التي تنطلق من لبنان بتهريب الأسلحة للحوثيين والمخدرات إلى أراضيها، فيما يتم ذلك تحت سمع وبصر السلطات في بيروت دون أن تحرّك الأخيرة ساكنا لتصحيح الوضع. ولا أقول إنّ المملكة تُعاقب لبنان، لا سمح الله، بل على العكس، فهي تضع لبنان على مسار الحلّ النهائي لكلّ أزماته، والذي يبدأ بإشهار المعضلة الحقيقيّة التي يُعاني منها هذا البلد، ألّا وهي هيمنة إيران على سيادته. ولن تجدي محاولات تصوير الأزمة على أنها ناتجة عن تصريحات ذلك المذيع الذي لا يفقه في أمور السياسة شيئًا، فهو وأمثاله الذين على استعداد لبيع كل القيم والأخلاق في سوق النخاسة الذي يديره حسن نصر الله، لا يمثلون في حسابات المملكة أكثر من ذرة رمل، وهي لن تضيع وقتا في مماحكات عديمة النفع، ولن تلتفت عن مسيرتها القاصدة نحو النماء والتطوّر.
الدكتور هادي بن علي اليامي/
*عضو مجلس الشورى السعودي
*الرئيس السابق لحقوق الإنسان في جامعة الدول العربيّة

لبنان حين اختار إيران
فهد سليمان الشقيران/الشرق الأوسط/04 تشرين الثاني/2021
الخضة التي تعرض لها قادة لبنان بعد الإجراءات الدبلوماسية والسياسية الخليجية الأخيرة كانت مدوية؛ إذ في الوقت الذي يصفها فيه الخليجيون بالإجراءات المتأخرة، اعتبرها ساسة لبنان مفاجئة وقاسية. اعتاد أولئك طوال العقود الطويلة الماضية استسهال الهجوم على السعودية، واستمراء العفو والتغاضي والتعالي. رغم كل الإزعاج الذي سببه لبنان للسعودية طوال السنين لم تأخذه السعودية على رأس أولوياتها.
تصاعد دور لبنان الخطير على مصالح السعودية والخليج منذ اغتيال رفيق الحريري، حينها دخل «حزب الله» في حلبة السياسة، وتدرج حتى وصل في مايو (أيار) 2008 لاستخدام السلاح ضد اللبنانيين في بيروت بما عرف بمجزرة «7 أيار»، ورغم تفوق حلفاء السعودية في الانتخابات بعدها، غير أن «حزب الله» استمر في اغتيال كبار النخب والساسة ورجال الأمن من فريق «14 آذار».
تشكُل محور الممانعة وخروج سوريا من الباب وعودتها من الشباك جعل المهمة أمام لبنان شبه مستحيلة. بعد انسحاب وليد جنبلاط من «14 آذار»، ثمة قصة مطولة يرويها عبد العزيز خوجة في مذكراته: أرسلت القيادة السعودية خطاباً تلاه خوجة على جنبلاط بحضور غازي العريضي، وكان الخطاب يؤنبه على الخذلان التاريخي لتكتل كان التعويل عليه لتركيب محور وازن داخل لبنان بوجه المحور السوري الإيراني. ظن الزعماء، ومنهم جنبلاط، أن السعودية كالمعتاد «تزعل وترضى». تدريجياً تداخلت التحالفات، وانفضت التكتلات، وعادت حليمة لعادتها القديمة. تمترس الزعماء وراء مصالحهم الآنية مفضلين السلامة وراحة البال، حتى طوّقهم «حزب الله»، وقد قالها بوضوح وليد جنبلاط في حوار تلفزيوني معه، إننا في لبنان نعيش في إيران، وبالفعل كل شيء في لبنان يدل على أنه بات قطعة من إيران باستثناء مناطق قليلة أصر أهلها على سحق «حزب الله»، في حال جرب قوتهم واختبر تحملهم.
السعودية معظم مشاريعها تتعلق بالاقتصاد والتنمية، استثمارات تريليونية، مشاريع تعنى بالبيئة والخضرة والمناخ، لا وقت لديها لدول الصراخ والفشل. لم تختر السعودية الهجوم على لبنان، بل العدوان جاء من قبلهم، ولم يقتصر الأمر على «حزب الله»، فهذا الحزب الإرهابي الهجوم عليه وتلقي الاعتداءات منه تحصيل حاصل، لكن الكارثة أن يمارس العدوان على السعودية من تيارات تقدم نفسها باعتبارها مدنية وذات بعد علماني. ليست القصة في تصريحات وزير لا قيمة له من قبل ولا من بعد، بل في منهج منظم يطرح سياسياً وإعلامياً طوال السنوات السبع الماضية.
ساسة لبنان هم من اختاروا إيران؛ العماد ميشال عون قالها قبل تولي السلطة إنه من المحور الإيراني. جبران باسيل رفض إدانة التدخل الإيراني في الشؤون العربية؛ رفض إدانة استهداف مصافي «أرامكو»، رفض إدانة العدوان الحوثي على السعودية، بالطبع إدانته ليست قيمتها منه هو، بل من ما يمثله منصبه السياسي؛ الذي شغله كبار رجالات الدولة في لبنان قبل أن يصبح منصباً بلا جدوى. اختار اللبنانيون إيران حين تصرح مي خريش نائبة جبران باسيل، وتقول إنها تفضل إيران على السعودية؟! ولماذا تفضلها؟
تقول الفاضلة إن في إيران حياكة السجاد، ثم تقول إن فيها الشجر والخضرة، ولم تكلف هذه السياسية نفسها عناء الاطلاع على السعودية لتعرف أنها قارة متنوعة التضاريس، ومتعددة المناخات، وأن ثلثها الجنوبي فيه من الجبال والوديان والخضرة ما لن تجد مثيله ليس في لبنان بل وفي معظم دول العالم، لتبحث في محرك البحث عن مناظر الطبيعة في منطقة مثل «رجال ألمع». هذا على سبيل المثال، لتبيان مستوى فراغ العقول وتفشي الجهل المريع في كوادر «التيار الوطني الحر» بكبار قادته وصغاره لا فرق. الأدمغة عبارة عن «طقم» واحد.
والعجيب هذه الثقة المفرطة في إعطاء النصائح للسعوديين والخليجيين. شخص صحافي لديه خواطر على «يوتيوب» يسدي باغتباط نصائحه لدولة كبيرة وغنية وقيادية مثل السعودية؛ تحليلاته كلها تنم عن ضعف في التفكير، وتقصير بالاطلاع، وهشاشة في التصور. بآخر التحليل تكتشف أن ساسة لبنان بمعظم قادتهم، سواء من في «14 آذار» الذين خضعوا لـ«حزب الله»، أو من «8 آذار»، الذين استنصروا بـ«حزب الله» اختاروا المحور الإيراني، ولذلك ما جدوى دول الخليج في هذه الحالة؟!
حين يفضل «حزب الله»، وحزب رئيس الجمهورية، إيران، على السعودية والخليج، ماذا ينتظر هؤلاء من الخليج؟ هل ينتظرون التكريم والدروع التذكارية؟! بالطبع سيواجهون بإجراءات حاسمة توازي العدوان السياسي والإعلامي، والمعركة بدأت للتو.
مر زمن طويل من الهدوء في التعامل مع الإساءات الصادرة من لبنان. اليوم الدول تبحث عن مصالحها، والدولة التي لا تفيد يتم تجاوزها. يعيش النظام السياسي حتى الآن في عهود سحيقة مضت، لا يزالون يستخدمون النظريات القومية والناصرية والاشتراكية في التداولات الحزبية، نحن في زمن الشراكات والتداول والصفقات والتكتلات الاقتصادية. زمن الخطابات والعنتريات والقضايا الفارغة انتهى.. السعودية تقود قمم المناخ والاخضرار، وتبرم اتفاقيات في الطاقة البديلة والمناخ، وتعمل على تغيير وتحول جذري داخلي، لا وقت لديها للإنصات للدول الفاشلة.
على من اختار إيران أن يذهب معها، ويقتدي بتجربتها، وأن يطلب دعمها، وأن يرسل محازبيه للعمل هناك والإقامة هناك، والدراسة هناك، بخاصة «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» الذين تفتقت أدمغتهم عن أفكار حياكة السجاد ومناظر الشجر في إيران.
إنها باختصار نكبة كبرى يعيشها لبنان، لكن ساساتها هم من اختار هذه النكبة. بقية الدول قامت بإجراء واحد؛ فقط أغلقت أبوابها، لسان حالها يقول: عيشوا كما تريدون، نحن لا نحتاجكم، لكم دينكم ولي دين.

حكومة «الإنقاذ» قضت على ما تبقى من لبنان!
هدى الحسيني/الشرق الأوسط/04 تشرين الثاني/2021
ماذا فعلتم بلبنان، وماذا تريدون أن تفعلوا بعد بشعبه؟ حكومة «معاً للإنقاذ» كان يجب أن يكون شعارها: «وحدكم للارتطام»، خصوصاً وقد حصل الانهيار التام.
في دول العالم الحر، يخطئ وزير فيستقيل أو يقال خلال لحظة. في الدول الحرة لا مرجعية للوزير، كفاءته مرجعيته. المفاجأة هي كم مرجعية تقف وراء جورج قرداحي وزير الإعلام؟ تحدث بتحدٍّ أن لبنان دولة مستقلة وذات سيادة – نعود إلى هذه العبارة لاحقاً – ويقول أيضاً إنه خارج الحكومة كان يعبّر عن تضامنه الأخوي مع الشعب اليمني الذي تعتدي عليه المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة (لم نسمعه يعبّر عن تضامنه مع الشعب اللبناني الذي اعتدت عليه سوريا وتعتدي عليه إيران عبر وكيلتها ميليشيا «حزب الله»). قال أيضاً إنه اليوم داخل الحكومة يلتزم ببرنامجها (الذي هو واضعه)! ويتبنى مواقفها. هذه العبارة تكفي لنعرف أنْ لا مبدأ له. وهو مقابل السعودية التي أثرى من ورائها ومقابل مصلحة لبنان ينطبق عليه هذا البيت من الشعر:
ولا خير في ودِّ أمرئ متلون … إذا الريح مالت مال حيث تميل
لم يكذب قرداحي هذا الشعر، وانتشى بعدما رفع الحوثيون صوره في الشوارع في اليمن، ولو انتظروا قليلاً لمزقوها.
الغريب سخافة الحكومة في لبنان. لست مع نظرية المؤامرة، لكن منذ عام 1982 و«حزب الله» يحيك المؤامرات للبنان. يقولون، وهذا معروف، أن راعي قرداحي هو سليمان فرنجية المحسوب على الرئيس السوري بشار الأسد، وفي لبنان هو مع «حزب الله»، إذن لسوريا و«حزب الله» دور في اختيار ابن كسروان وزيراً ينفّذ ما يملونه عليه. يأتي قرداحي لعقد مؤتمر صحافي وإلى جانبه أحد أبرز المحسوبين على سوريا ليكرر أنه حر وفي بلد حر، حتى بسرقات أموال الناس، وأن على الدول الأخرى ألا تستوطي حائط لبنان، مقدمة ليبلغنا أن الأوامر جاءته من «حزب الله» بعدم الاستقالة.
أين الحرية لا بل أين السيادة والمعابر الشرعية وغير الشرعية التي كرسها «حزب الله» للتهريب؟ أين السيادة ومرفأ بيروت تم تدميره مع ثلث العاصمة بسبب نترات الأمونيوم التي حفظها الحزب لسنوات في العنبر رقم 12 وكان ممنوعاً على الجميع الاقتراب منه باستثناء عناصر الحزب، وقيل إن الحزب وسوريا تخوّفا من أن تنفجر هذه المادة لو حُفظت في سوريا حيث هناك قصف طيران روسي وأميركي وإسرائيلي، فقد يصاب المستودع وتقع الكارثة، أما أن تقع في بيروت فهذا هو المطلوب؟
قال وزير الخارجية عبد الله بو حبيب إن السعودية ترفض الحوار، وقال رئيس الوزراء نجيب ميقاتي إن قرداحي قال ما قاله قبل أن يصبح وزيراً. لم يقل لنا ميقاتي لماذا اختاره؟ وما كفاءاته؟ ولماذا طوال حرب اليمن لم يرتدِ بذلة الصحافي ويسافر إلى هناك ليرى بأمّ عينيه كيف يقتل الحوثيون اليمنيين، وكيف كان أفراد «حزب الله» يقومون بتدريبهم، ولربما كان التقى اللواء الإيراني عبد الرضى شهلائي الذي كان معروفاً بالرجل الشبح، وكان من أخطر عناصر «الحرس الثوري» الإيراني؟ لو فعل قرداحي هذا التحقيق لكان آخر من التقاه قبل أن يُقتل على يد القوات الأميركية. ونصل إلى تصريح رئيس الجمهورية ميشال عون بأن المواقف والآراء التي تصدر عن البعض يجب ألا تؤثر على العلاقات مع السعودية. كم أن الأمر بسيط عند عون.
وزير الخارجية السعودي اختصر الحقيقة: «هيمنة (حزب الله) تجعل التعامل مع لبنان غير ذي جدوى».
هل استمع المسؤولون اللبنانيون وزعيم {حزب الله} نصر الله يهدد اللبنانيين بمائة ألف مقاتل «لو أُشير لهم بإزالة الجبال لأزالوها»؟ حتى الميليشيا التي يرأسها استفظعت هذا التهديد، إذ بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف قال عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق: «نقول لأعداء لبنان، إن (حزب الله) الذي أعد مائة ألف مقاتل لمواجهة العدو الإسرائيلي، لن يضيع البوصلة، فهو قد أعد وجهز وسلح هذا العدد من المقاتلين… ليحمي لبنان ويدخل إلى الجليل»! ثم هل ننسى عندما قال صهر الرئيس الطامح للوصول إلى رئاسة الجمهورية على رماح «حزب الله»، هذا إذا بقيت الجمهورية: «أنا اليوم أريد أن أستعين بصديق! حسن نصر الله ليكون الحكم لأننا كلنا مستهدفون»؟ وكان يقصد المسيحيين. ألم يستمع جبران باسيل إلى نصر الله وهو يتحدث عن الدولة الإسلامية بمفهومه (…) حيث قال: «حتى لو أقام بعض الناس كانتونات فإننا لن نسامح من يقيم كانتوناً مسيحياً في المنطقة الشرقية وفي جبيل وكسروان لأن هذه مناطق المسلمين وقد جاءها المسيحيون غزاة»؟!
يتذرع الحكم في لبنان بأنه لا يستطيع شيئاً مع «حزب الله»، فهو فصيل لبناني استباح لبنان علناً وأمام أعين السلطات، أدخل تهريباً 100 ألف صاروخ بحجة محاربة إسرائيل، والدولة تتفرج. لبنانية «حزب الله» كذبة، وكان صادقاً محمد رعد، رئيس كتلة الحزب في البرلمان، عندما قال إن بعض اللبنانيين يعدّوننا «جالية إيرانية». وهذا صحيح لأنهم كذلك.
إلى المسؤولين اللبنانيين الذين يتحججون بأن «حزب الله» لبناني وعلى السعودية ودول الخليج أن تقدّر ضعفهم أن يراجعوا ما قاله نصر الله:
– لا نؤمن بوطن اسـمه لبنان، بل بالوطن الإسلامي الكبير («النهار» في سبتمبر/ أيلول 1986).
– كلنا في لبنان حاضرون للتضحية بأنفسـنا وبمصالحنا وبأمننا وسـلامتنا وبكل شـيء لتبقى الثورة في إيران قوية متماسـكة («النهار» 9 مارس/ آذار 1987).
– إن «حزب الله» لا يقاتل من أجل السـجناء ولا من أجل مزارع شـبعا أو حتى القضايا العربية أياً كانت وفي أي وقت، وإنما من أجل إيران («السفير» 16 يونيو/ حزيران 1986).
– مشروعنا هو إقامة مجتمع المقاومة والحرب في لبنان («السفير»، نوفمبر/ تشرين الثاني 1987).
– إننا أبناء أمة «حزب الله» نلتزم أوامر قيادة واحدة حكيمة تتمثل بالولي الفقيه الجامع للشرائط. في لبنان لا نعد أنفسنا منفصلين عن الثورة في إيران… («السفير»، 16 سبتمبر 1986).
إذن الأزمة مع السعودية أعمق من قضية تصريح سطحي لمقدم برامج ترفيهية أصبح وزيراً في لبنان بقدرة تلونه، فماذا حصل حقيقهً لتخرج السعودية عن طورها، وهي على مر التاريخ تتصرف بدبلوماسية هادئة وباع طويل؟
طبعاً استاء المسؤولون في الرياض من كلام قرداحي وازداد هذا من عدم اعتذاره. إنما الأهم هو موقف الدولة اللبنانية ممثلةً بالرئاسات الثلاث والذي كان متذبذباً وغير حاسم بدلاً من إقالة الوزير. وقد رأت السعودية أن لبنان الدولة في براثن إيران التي سيطرت عليه بالكامل بواسطة حزب إرهابي، ولهذا فإن المملكة هي في حِلٍّ من التزاماتها تجاهه.
لقد طفح كيل المملكة من تصرف الدولة اللبنانية غير المسؤول والمنحاز بالكامل إلى إيران، منذ أن نأى جبران باسيل بنفسه عن الصراع السعودي – الإيراني بعد الاعتداء على السفارة السعودية في طهران، إلى التهجم المستمر من الأمين العام لـ«حزب الله» على المملكة، إلى تصدير كميات ضخمة من المخدرات إلى السعودية وعدم اتخاذ لبنان أي إجراءات جدية لمنع حصول هذا، وبحده الأدنى شراء سجانر لكشف عمليات التهريب، طبعاً عدا عن معرفه السعودية بقيام «حزب الله» بتدريب الحوثيين على راجمات الصواريخ التي تستهدف منشآت نفطية ومدنية سعودية. وهكذا يصبح التصريح التافه الذي جاء به جورج قرداحي هو القشة التي قصمت ظهر البعير.
وقد استاء اللبنانيون الذين يعملون في السعودية والإمارات والكويت وعددهم يفوق 400 ألف لبناني يحوّلون إلى أهلهم في الوطن ما يفوق خمسة مليارات دولار يستفيد منها أكثر من مليوني لبناني في الداخل هم في أمسّ الحاجة إليها مع انهيار النظام المصرفي. ورغم تأكيد المملكة والإمارات عدم التعرض للبنانيين المقيمين، فإن هؤلاء جميعاً أُصيبوا بالقلق وأصبحوا ناقمين على العهد ومن هم وراء العهد وبالتحديد «حزب الله» مما أوصلهم إلى ما هم فيه. ونتيجة الأزمة ستصبح عمليات التحويل إلى لبنان أكثر صعوبة وتكلفةً بسبب تقييد المصارف في الخليج، وسيتوقف الاستيراد من لبنان والذي يبلغ حجمه 375 مليون دولار مع السعودية فقط، مما سيقفل عدداً من المؤسسات التي ستصرف موظفيها.
الأزمة مع السعودية ستسد الآمال المعلقة على صندوق النقد الدولي الذي تزمع حكومة ميقاتي الدخول في مفاوضات معه لخطة إنقاذ شاملة، حيث إن الدول المانحة لأي خطة تتصدرها السعودية والإمارات وقطر والكويت، وهذا بالطبع غير ممكن في هكذا ظرف.
حتماً سيلعن التاريخ عهد ميشال عون الذي أقنع مجتمعه المسيحي بأن ضمان أمنه هو مع الإيراني البعيد وعقد صفقة مع أداته «حزب الله» أوصلته لرئاسة البلاد. إلا أنه فاته بفكره المريض أن الإيراني في عقر داره وهو صاحب القرار الأوحد الذي يدير البلاد بكل شاردة وواردة، تماماً كما فاته عندما تحالف مع صدام أن العالم كله بقيادة الولايات المتحدة تحالف لإسقاطه.
وفي النهاية كلمة وفاء للسعودية، إذ في تاريخ لبنان الحديث كانت الحاضن والحريص والداعم لسلامة لبنان بلا مقابل، ففي رعايتها لمؤتمر الرياض عام 1976 أنهت حمام الدم فيما سميت «حرب السنتين»، وفي اجتياح إسرائيل عام 1982 سخّرت كل علاقاتها لانسحاب إسرائيل وإحلال قوة دولية مكانها، وأغدقت المال لتخفيف آلام اللبنانيين وإعادة إعمار ما تهدم، وكانت المحور في جميع مؤتمرات الصلح بين الأفرقاء المتنازعين من «لوزان» إلى «سان كلو» إلى «الطائف» الذي أرسى دستوراً جديداً للبلاد، عدا عن المساعدات الإنسانية. سيفقد اللبنانيون هذا الدور البناء المعطاء لوقت طويل، ولن يبقى لهم سوى دور إيران التي نشرت ثقافة الموت والفوضى والعوز والكذب والفقر والقمع، وحتماً سيلعن التاريخ كل من تعاون مع «حزب الله» – إيران.
إن لبنان مصاب بداء السرطان ولن تنتهي هذه الحالة إلا بموت الجرثومة أو موت المريض، وعلى اللبنانيين أن يدافعوا عن حياتهم ويقضوا على السرطان.