علي حماده/الحوار بين الثوابت والتكتيك

292

الحوار بين الثوابت والتكتيك

علي حماده/النهار/16 كانون الأول 2014

الحوار المتوقع قريبا بين “تيار المستقبل ” و”حزب الله” من شأن حصوله ان يخفف بعضا من الاحتقان في الساحة اللبنانية، ولكن استمرار الاحتقان في التراجع يستوجب ان يكون الطرف المتسبب بالاحتقان ذا صدقية في التعامل، لا ان يتكرر ما حصل في الماضي، عندما كانت الجولات الحوارية محطات لالتقاط الانفاس ما لبث “حزب الله” ان انهاها بالانقضاض على كل ما تم الاتفاق عليه.

هذا الكلام ليس موقفا سلبيا من الحوار مع “حزب الله” بالرغم من الماضي السيئ للحزب في الحياة السياسية اللبنانية، انما ينم عن حرص حقيقي على ان تكون الجولة الحوارية التي قد تنطلق قبل نهاية السنة انعكاسا للواقع المستجد عند الحزب وليس لصورة مغايرة للواقع، بمعنى ألا تكون حالة موقتة يعود بعدها الى ممارسات اسوأ مما مضى. ولكي نكون صرحاء نقول إن سبب الاحتقان المذهبي الاول في البلاد يعود الى السلاح غير الشرعي الذي يتمسك به “حزب الله” خالقا شعورا من انعدام الامان لدى جميع الشرائح اللبنانية الاخرى، التي ترى في سلاحه عنصر تهديد اساسيا لمستقبلها ومصيرها. نعم هذه هي الحقيقة، ومن يقول العكس في الفريق المقابل يجافي الحقيقة مشاعر الناس ومزاج الشارع. حتى الرئيس سعد الحريري لا يسعه ان ينكر الامر حتى لو اراد ان يبرز اعلى درجات الانفتاح وحسن النيات تجاه “حزب الله ” في الحوار العتيد. ان اهم عامل ليس لنجاح الحوار فحسب، انما لكي يسير على سكة سليمة هو بقول الحقيقة كما هي، ونقل الصورة الفعلية بواقعية ومن غير تحوير، وأن توضع مشاعر الناس، ملايين الناس على طاولة الحوار لكي يتم البحث مع الطرف المتسبب بكل هذه الاحتقانات والتوترات في الوسائل والاجراءات الممكن اتخاذها لوضع البلاد على مسار وفاقي حقيقي. واذا لم يتم ذلك فسيكون الحوار المشار اليه مجرد محطة كسابقاتها، ثم ينزلق لبنان مجددا في مسارات التوتير الميداني اكثر واكثر.

الحق ان السلاح غير الشرعي الذي يتمسك به “حزب الله” لا يمكن ان يبني وطنا، ولا ان يؤسس لمواطنية، ولا يمكن ان يمتّن الوحدة الوطنية، ولا يمكن ان يرسخ دولة قانون ومؤسسات، ولا حتى دولة قادرة. فبقاء السلاح بيد حزب مذهبي وستاليني الصبغة يبقي لبنان على شفير الهاوية. ان هدف اي حوار مع الضد هو ايجاد قواسم مشتركة يمكن الاتفاق عليها. والبحث في نقاط التقاء محتملة يمكن دفع المسار الحواري والاجراءات المصاحبة صوبها خطوة اثر خطوة. لكن الاهم من ذلك كله ان يبقى الطرف الممثل للاستقلاليين، والمدافع عن الكيان ومعنى لبنان التاريخي، واعيا ان التكتيك وان يكن ضروريا لتحقيق مكاسب موقتة للجماعة والخاصة على حد سواء، لا يمكن ان يغيّب الثوابت الوطنية الكبرى التي من دون الدفاع عنها وبلا هوادة لا تعود للتكتيك اهمية لانه يتحول عندها استسلاما. والاستسلام المعلن او المقنع في حالة لبنان هو انتحار دائم!