فيديو القداس الألهي الذي ترأسه البطريرك الراعي اليوم 25 تموز/2021 في كنيسة الديمان/مع نص عظتى البطريرك الراعي والمطران عودة

80

اضغط هنا لمشاهد فيديو القداس الذي ترأسه البطريرك الراعي اليوم في كنيسة الديمان

فيديو القداس الألهي الذي ترأسه البطريرك الراعي اليوم 25 تموز/2021 في كنيسة الديمان/مع نص عظتى البطريرك الراعي والمطران عودة

المطران عودة: رغم الأزمة لم نشهد تغييرا في الرؤية أو النهج/الأحد 25 تموز 2021

البطريرك الراعي: نُهيب بكل المعنيّين بموضوعِ التكليفِ والتأليفِ أن يتعاونوا ويُسهِّلوا، هذه المرّة، عمليّةَ تشكيلِ الحكومة سريعًا، فلا يُكرّروا لعبةَ الشروطِ والشروطِ المضادّةِ وبدعةَ الاجتهاداتِ الدستوريّةِ والتنازعِ على الصلاحيّات.
الأحد العاشر من زمن العنصرة
الديمان – الأحد ٢٥ تمّوز ٢٠٢١
وطنية – ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداس الأحد في الصرح البطريركي الصيفي في الديمان، عاونه فيه النائب البطريركي العام المطران حنا علوان ورئيس مزار سيدة لبنان الاب فادي تابت والقيم البطريركي الأب طوني الآغا وأمين سر البطريرك الأب هادي ضو. وحضرت القداس النائبة العامة للراهبات الانطونيات الأخت لينا خوند ورئيس بلدية العقيبة في كسروان جوزيف الدكاش وعدد من الراهبات وعدد كبير من المؤمنين.
عظة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي
بعد الإنجيل، ألقى الراعي عظة بعنوان “لقد وافاكم ملكوت الله” (متى12: 28). وقال فيها:
1. عندما شفى يسوع ذاك الممسوس الأعمى والأخرس، الذي وقع ضحيّة الأرواح الشريرة، عبّر عن أنّ الإنسان هو طريقه. وقد جاء ليخلّصه من كلّ أنواع معاناته، الروحيّة والمعنويّة والإجتماعيّة. وقال: “لقد وافاكم ملكوت الله” (متى12: 28).أي إنّ يسوع المسيح الإله المتجسّد دخل تاريخ البشر، وأصبح رفيق الدرب لكلّ إنسان، ليفتديه ويخلّصه، ويجعله بالتالي طريق الكنيسة. إنّ كلّ عمل سياسيّ لا يهدف إلى خدمة الإنسان وتأمين حقوقه الأساسيّة يفقد مبررّ وجوده.
يسعدنا أن نحتفل معكم بهذه الليتورجيا الإلهيّة فأحيّيكم جميعًا، ونصلّي معًا ملتمسين النعمة كي ننتصر بها على تجارب الشيطان، وعلى مسّ الأرواح الشريرة، ونعمل معًا لخير كلّ إنسان روحيًّا وماديًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا.
2. إنّ الربّ يسوع، بآلامه وموته وقيامته، حقّق الخلاص التام والنهائيّ، وانتصر على الشيطان مسبّب الخطيئة، وحاملٍ الإنسان على ارتكابها بالغشّ والاحتيال والاستمالة. وبات المسيح الربّ المخلّص المطلق لكلّ إنسان. وباسمه يستطيع المؤمن الانتصار على تجارب الشيطان، والاستيلاء على الأرواح الشريرة.
3. فعل الشيطان والأرواح الشريرة نوعان: فعل عاديّ بواسطة التجربة من باب الشهوة المثلّثة الكامنة في الإنسان، وهي شهوة العين وشهوة الجسد وكبرياء الحياة (راجع 1يو 2: 16). وفعل خارق العادة بالمسّ الشيطانيّ الذي يحصل إمّا بواسطة اضطرابات حسيّة في جسد الانسان الممسوس، وإمّا بواسطة أفكار استحواذيّة ودوافع داخليّة ترمي إلى الإستسلام وتجربة الانتحار، وإمّا بواسطة توتّرات عصبيّة تقود الممسوس إلى فقدان الوعي الذاتّي، والقيام بأفعال أو التلفّظ بكلمات ضدّ الله والمسيح والعذراء والقدّيسين، وإمّا أيضًا بواسطة تأثيرات على الأشياء والحيوانات.
ولكن يجب التمييز بين المسّ الشيطانيّ والأمراض النفسيّة والعصبيّة. فلا بدّ في هذه الحالة من استشارة الأخصّائيّين.
إنّ المسّ الشيطانيّ يقتضي “صلاة التعزيم لطرد الأرواح الشريرة” التي قال عنها الربّ يسوع في إنجيل اليوم: “أنا بروح الله أخرج الشياطين”. صلاة التعزيم (exorcisme) هي التي تلتمس بها الكنيسة علنًا وبقوّة سلطانها، باسم يسوع المسيح، حماية الأشخاص من قبضة الشيطان والأرواح الشريرة ونفوذهم؛ وتلتمس طردهم وإعتاق النفس من استحواذهم.
ويدعو الربّ يسوع في إنجيل اليوم إلى الإيمان بقوّة روحه القدّوس على تحرير الأنفس من تجارب الأرواح الشريرة ومسّهم، لأنّهم بهذا الإيمان يلجأون إلى إلتماس قوّة الروح ليتحرّروا ويخلُصوا، وإلّا ماتوا في حالة بؤسهم. هذا ما يعنيه قول يسوع: “لهذا أقول لكم: تُغفر للناس كلّ خطيئة تجديف، أمّا التجديف على الروح القدس، فلا يُغفر ” (متى 12/ 31). لا لأنّ الله لا يغفر، بل لأنّ المجدّف يرفض قدرة روح الله، فلا يلتمسها.
4. بالنسبة إلى يسوع المسيح، المخلّص والفادي، الناس فئتان: الأوّلى منفتحة عليه بالقلب وتؤمن به وبكلامه. هذه الفئة من الناس هي فئة الشعب الطيّب الحرّ داخليًّا الذي عندما شاهد آية شفاء ذاك الممسوس الأعمى والأخرس، رأى في يسوع “المسيح الآتي”، وقال:”لعلّ هذا يكون إبن داود” (متى 12: 23)؟
أمّا الفئة الثانية فهي فئة المتكبّرين الممتلئين من ذواتهم الأنانيّين، المتمثّلين بالفريّسيّين الذين اعتبروا أنّ يسوع بقوّة الشيطان شفى ذاك الممسوس.
الفئة الأولى ترى الخير في الآخرين كعطيّة يمجّدون الله عليها، وتعتبره مساهمة في الخير العام، أمّا الفئة الثانية فيتآكلها الحسد عند رؤية الخير في الآخر، وتظنّه منافسًا لها، وتعمل على إضعافه وإزالته.
5. هذا الواقع نجده بكل أسف في مجتمعنا اللبنانيّ بنوع خاص. ولهذا السبب تتعطّل مسيرة الدولة بمؤسّساتها الدستوريّة والعامّة، ويُعرقل عمل المخلصين، وتطغى المصالح الفرديّة والحزبيّة والفئويّة على الصالح العام وخير المواطنين، وتتوسّع شبكة الفساد والمفسدين والمستولين على المال العام الذين يسمحون لأنفسهم بهدره وتبذيره وتبديده، ولا من حسيب أو رقيب.
ولذا، إنّ التدابير التي تتّخذُها الدولةُ تُفاقِم الوضعَ سوءًا. فنرى الفَقَر يزدادُ، وكذلك الجوع وفِقدانُ الغذاءِ والدواءِ والمحروقات. نرى الكهرباءَ تَنقطعُ أكثر، وأيضًا الماء وجميع مستلزماتِ الحياةِ الطبيعية. صار إذلالُ الناس جُزءًا من اليوميّاتِ فيما الكرامةُ هي شيمتُنا. لا تُحلّ مشاكلُ المواطنين بمدِّ اليدِ إلى ودائعِهم الماليّة، بل بتحرير القرار السياسيّ، واتّباعِ نهجٍ وطنيٍّ وديبلوماسيٍّ وأمنيٍّ مختلف، نهجٍ يَفتح آفاقَ الحلولِ الصحيحة، ويأتينا بالمساعداتِ الماليّةِ، ويُعيد لبنانَ إلى دورةِ الاقتصادِ العالميّ، ويخرجه من محور العُزلةِ المناهضِ لمصلحته، بينما موقعُ لبنان الطبيعيُّ هو الحِيادُ الإيجابيّ الناشط بحسن العَلاقةِ مع الجميع، وبلعب دور الإستقرار في المنطقة، وتعزيز القضايا المشتركة.
6. في هذا السياق، إنَّ الفعاليّات التجاريّةَ والاقتصاديّةَ والفئات التي تَستورد الموادَّ الغذائيّةَ والطبيّةَ والدواءَ مدعوةٌ هي أيضًا إلى التصرّفِ بمسؤوليّةٍ وروحٍ إنسانيّة. فالزمنُ ليس زمنَ الأرباحِ الطائلةِ على حسابِ معاناةِ الشعب. إنّنا، وإن كنّا ندري بالصعوباتِ الماليّةِ الناتِـجةِ عن تقلّبِ أسعارِ العُملات الأجنبيّة، فلا شيءَ يُبرّرُ اختفاءَ الموادِّ الاساسية والضروريّة، ولا هذا الغلاءَ الفاحش، ولا الفروقاتِ الهائلةَ في الأسعار.
7. نَتطلّعُ إلى أن تجريَ الاستشاراتُ النيابيّةُ غدًا وتُسفر عن تكليفِ شخصيّةٍ وطنيّةٍ إصلاحيّةٍ يَثِقُ بها الشعبُ اللبنانيُّ المنتفِضُ والباحثُ عن التغييرِ الحقيقي، ويرتاحُ إليها المجتمعان العربيُّ والدوليُّ المعنيان بمساعدة لبنان للخروج من ضائقته المادية ومن الانهيار.
ونُهيب بكل المعنيّين بموضوعِ التكليفِ والتأليفِ أن يتعاونوا ويُسهِّلوا، هذه المرّة، عمليّةَ تشكيلِ الحكومة سريعًا، فلا يُكرّروا لعبةَ الشروطِ والشروطِ المضادّةِ وبدعةَ الاجتهاداتِ الدستوريّةِ والتنازعِ على الصلاحيّات. الوضعُ لا يَحتملُ البحثَ عن جنسِ الحقوقِ والصلاحيّاتِ، والبلدُ يَسقط في الفَقرِ، وتَنتشر فيه الفوضى، وتَترنّح مؤسَسات الدولة. فما قيمةُ حقوقِ الطوائف أمام الخطر الداهم على لبنان. أليس “لبنانُ أوّلًا”؟
ونطالب المسؤولين بأن يَنتهوا من تأليف الحكومةِ قبل الرابع من آب، تاريخِ تفجيرِ مرفأ بيروت. ونقول لهم: لم تُقدِّموا إلى الشعب الحقيقة، فقدِّموا إليه، على الأقلِّ، حكومة. اسمعوا أنينَه وصرختَه، احذَروا غضبَه وانتفاضتَه. لا يمكن الإستمرار في محاولات التهرّب من العدالة إذ نرى البعض غيرَ عابئ بدماء من سقطوا ولا يقيم شأنًا لهذه الكارثة التي غيّرت وجه لبنان. إن جميعَ التبريرات التي تُقدَّمُ لا تُقنِع أحدًا رغم قانونيّة البعض منها، لأن هناك من يَتذرَّع بالدستورِ للالتفافِ على العدالة. ولهذا السبب طالبنا، إذا اقتضى الأمر، بتحقيقٍ دوليٍّ يَضع الجميعَ أمام مسؤولياتِهم ويحول دون تهرب أي متهم.
8. فيما نحن على موعد الإحتفال بالذبيحة الإلهيّة على المرفأ في الذكرى السنويّة الأولى لحدوث الإنفجار الذي دمّر البشر والحجر، نضمّ إلى ذبيحة المسيح الفادي الضحايا والجرحى وآلام عائلاتهم ومعاناة التهجير، سائلين الله أن يجعلها كلّها ثمن قيامة لبنان. للإله الواحد والثالوث، الآب والإبن والروح القدس، كلّ مجدٍ وتسبيح، الآن وإلى الأبد، آمين.
* * *
#البطريرك_الراعي #البطريركية_المارونية #شركة_ومحبة #حياد_لبنان #الديمان #الراعي

المطران عودة: رغم الأزمة لم نشهد تغييرا في الرؤية أو النهج
الأحد 25 تموز 2021
وطنية – ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، قداس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت.
وبعد الإنجيل المقدس، قال عودة في عظته: “إن المجنونين، اللذين صادفهما المسيح في كورة الجرجسيين، خرجا من بين القبور وكانا شرسين جدا، عدائيين وخطرين، حتى إنه لم يقدر أحد أن يمر من تلك الطريق بسببهما. بدت على وجهيهما علامات عذاب الشياطين، وقد سكنا القبور، التي هي رمز للموت. الشيطان هو روح مميت، يعيقنا عن القيام بوصايا الله المحيية بحجج مختلفة، ويجذبنا إلى عمل الخطيئة المميت. حياة النفس تكمن في الطاعة لمشيئة الله. الطاعة سر في حياة الكنيسة، سر لا يمكن أن يدركه، بسهولة، الإنسان المعاصر الذي يفتخر بتنمية الفكر النقدي لديه. الطاعة كناية عن انقياد نفسنا إلى حركتها الطبيعية نحو الله، واسترجاع صحتها. عندما لا نطيع مشيئة الله، نترك النفس بلا شفاء، لأن الوصايا الإلهية تنمي الفضائل التي تقودنا إلى الله، وعصيانها يسهل عمل الأرواح الشريرة. إذا، الخطيئة والأهواء، هي أبواب للشياطين، لكي تستحوذ على الإنسان وتجعله شرسا جدا. في هذه الحال، لا ينقذنا التصنع في التصرف، إذ لا يستطيع الناس أن يقتربوا منا. فحضورنا لا يريحهم، ولا يحررهم، بل يقيدهم وسط الاضطراب، والجو الخانق الذي يخلقه تسلط الأهواء على النفس. إلا أن بعض الناس هم بركة من الله لأنهم مهذبون في القلب، يسكن الله قلوبهم الطاهرة، وتنبع من كل كيانهم المحبة الحقيقية والحرية والراحة للذين يقتربون منهم. إنهم تماما بعكس الشرسين جدا والمتصنعين في تصرفاتهم”.
أضاف: “كثيرا ما نسمع عن أناس يتعاملون مع الشيطان، أو حتى يعبدونه ويقربون له الذبائح الحيوانية، أو حتى البشرية أحيانا. وهناك أيضا من يشجع التعامل مع الشيطان من خلال الشعوذة، أو تشجيع المتنبئين الذين يخرجون كل فترة بأخبار جديدة ويزرعون الرعب في النفوس بدل الطمأنينة. حتى عبادة الزعماء هي نوع من الوثنية لأنها قبول بالعبودية للمخلوق بدل الخالق”.
وتابع عودة: “إن انفصال الإنسان عن الله يتركه ضائعا وسط أخطار كثيرة. يتأرجح في الفراغ، ويرغب في إيجاد سند يتكئ عليه. يشغله المستقبل المجهول بشدة، كما تشغله مشكلة المرض والألم والخوف من قوى الظلام. في الوقت نفسه، في غياب الله، يشعر أن إرضاء أهوائه هو جمال الحياة الوحيد. فاللذة والمال، والقوة والتسلط على الآخرين هي كلها القوى المحركة لنشاطاته، بيد أن هذه الأمور كلها ملوثة بسم الريبة في اقتنائها وعبور فترة التمتع بها سريعا. والشيطان، كفكر معاد لله، يعد الإنسان باكتساب هذه المتع المخالفة للناموس، وبضمان استمرارها، وكم لدينا أمثلة في بلدنا، يسيرون بهدي الشيطان، ظانين أن التمسك بالمال والعروش والسلطة دائم لهم فقط. من لم يتدرب على النظر إلى حياته من منظار جهاده الشخصي وحريته، تضلله وعود الشيطان بسهولة، لأنه يحب الحلول السريعة والمؤقتة، على مثال كل الحلول التي شهدناها في هذا البلد”.
وأردف: “إنجيل اليوم يظهر لنا جليا مدى جنون الشيطان المدمر، كما يدلنا على ضعف الشيطان أمام المسيح. فالشيطان لا يحدد مستقبل الإنسان، ولا يعرفه، حتى إنه لا يعرف مستقبله الشخصي، لأنه لو عرف أن الخنازير ستقفز في المياه وتموت، لما طلب الإنتقال إليها. محبة المسيح هي التي تحد من حرية الشياطين المدمرة، وقد سمح لها الرب بالدخول في الخنازير ليدل على جنونها المدمر. سمعنا في الإنجيل: “وإذا بقطيع الخنازير كله قد اندفع من على الجرف إلى البحر ومات في المياه”. إن رعاية الخنازير كانت مخالفة للناموس، وقد حظرتها الشريعة اليهودية، لكن الخنازير كانت بيئة تحبها الشياطين، إلا أنها احتاجت إلى إذن المسيح لتمكث فيها. إذا، ليس ممكنا أن يجد الإنسان في الشياطين أمانا ولا ثباتا، ولا شفاء أو معرفة المستقبل، لأنها تضلله بالتخيلات، تماما كما يفعل السياسيون في زمن الإنتخابات التي باتت على الأبواب. يقطعون وعودا واهية، ولو صدقوا في جزء بسيط منها لما آلت الأمور إلى ما وصلت إليه في هذه الأيام. الشياطين لا تشفي ولا تحل المشاكل، بل مشيئتها هي الدمار، وعندما تعطي شيئا، يكون هدفها إحداث أذية كبرى. لهذا، بعض الذين يمنحون سلطة، ربما تكون سلطتهم بابا لخراب ضخم، لا لإصلاح عظيم. لذلك، على كل من يحصل على سلطة، من أي نوع، أن يسأل نفسه إن كانت من الله أو من الشيطان”.
أضاف: “مسيحيون كثيرون يعيشون مسيحية يسيطر عليها حضور الشياطين المرعب، ويبعدون خوف الله السلامي من حياتهم، منجرين وراء الخوف المقلق من الشياطين. الحقيقة أنهم يسقطون، بلا وعي، في الإيمان بمبدأين، على مثال هرطقة قديمة تدعى “المانوية”. يرون الشيطان من جهة كإله، هو إله الشر، والثالوث القدوس من جهة ثانية كإله الخير. إلا أن الشياطين مخلوقات ضعيفة وفاسدة، لا تقوى إطلاقا على الذين يعيشون وصايا الله ويلتصقون به. المجنونان، في إنجيل اليوم، إلتصقا بالعيش بين القبور، حيث الظلام والرائحة النتنة، فيئسا وأصبحت نفساهما مسرحا تلعب فيه الشياطين كما تريد.
يقول الرب يسوع: “تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم” (متى 11: 28). هذا الكلام يعني أن الله حاضر في أوقات الألم والمصاعب والشدائد، ينتظر منا أن ندعوه ليحمل عنا آلامنا، لا أن نحاسبه على وجودها، ونلقي أنفسنا في أحضان الشياطين. من يفهم العذاب يدرك المعنى العميق للحرية، حرية أن يقبل حضور الله فيه، فيلقي عليه كل ألم وتعب ووجع، عوض أن يصارع وحيدا ويستقر في القلق واليأس.
“ما لنا ولك يا يسوع ابن الله؟ أجئت إلى ههنا قبل الزمان لتعذبنا؟” هذا ما تفوه به المجنونان، وهو لسان حال كل إنسان يشعر بالوحدة، وبأن عذابه يفوق عذابات أهل الأرض. قضية العذاب والألم قضية وجودية تطالنا في صميم حياتنا، وتشكل للمؤمن نقطة تساؤل حول علاقته بالله، وموقف الله من عذابات المؤمن. لماذا يصمت الله في أوان الشدة؟ ولماذا يسمح بعذاب محبيه؟”.
وتابع عودة: “إن الله لا يغيب عن خليقته ولا يشاء سقوطها، بل “يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون” كما يقول بولس الرسول في رسالته الأولى إلى تيموثاوس (2: 4). لكن الله يدعونا أن ننظر في أوان الشدة إليه لا إلى آلامنا وعذاباتنا. المسألة هي هل أنسلخ عن الله وأستقر في الشدة، أو أتحد بالله من خلال قبولي الشدة، ورفعها قربانا أمامه؟، إن الشدة والحزن والمصاعب هي مقتنياتنا في أرض الغربة التي هي حياتنا على الأرض. هي علامات فقرنا وضعفنا مهما كانت ثروتنا وقوتنا وسلطتنا بحسب مقاييس هذا العالم. هي جحيمنا مهما كنا في الرخاء. من يسرع إلى الله ليلقي عليه أحماله سيكتشف أن الله كان واقفا عند باب قلبه يقرع منتظرا أن يفتح له باب حياته، ليكللها من فيض بركاته”.
وقال: “غدا تبدأ استشارات نيابية نأمل أن يسمى على أثرها رئيس يكلف تشكيل حكومة، بأسرع وقت، تتولى وقف الموت الزاحف إلى حياة اللبنانيين. لقد أدى التناحر السياسي إلى خنق البلد ونحر المواطنين، وقد حان وقت العمل الجدي لوقف الكارثة. إن التعامي عن الحقيقة ودفن الرأس في الرمال جبن. من الضروري جدا تشكيل حكومة بالسرعة القصوى، لكي تبدأ بالإصلاحات الضرورية جدا، والتي طال انتظارها، من أجل تحقيق بعض الإستقرار السياسي والإقتصادي، ومن أجل إعطاء إشارة إيجابية إلى المجتمع الدولي الذي ينتظر بدوره هذه الإشارة ليساعدنا. إن دول العالم تستشعر الخطر المحدق بنا، إلا أهل البيت الذين يتلهون بخلافاتهم ومصالحهم، ضاربين عرض الحائط مصلحة البلد وأهله. منذ اندلاع الثورة ثم مصادرتها والإلتفاف على مطالبها، لم نشهد عملا جادا أو نية صادقة من أجل كبح الإنهيار. سنتان ضاعتا من عمر اللبنانيين وقبلها سنوات، والأوضاع تتراجع، والمشاكل الحياتية والإقتصادية والإجتماعية والسياسية تتضاعف، وذوو السلطة في عالم آخر، لا يبالون بآلام اللبنانيين وأنينهم، بل يمعنون في خنقهم وإذلالهم وإفقارهم وتجويعهم. رغم الأزمة لم نشهد تغييرا في الرؤية أو النهج. البلد غارق في الظلام والفقر والمرض ولا من يبالي. ألا يدركون أن النار التي ستأكل البلد ستحرقهم وسيكونون من ضحاياها؟”.
وختم عودة بالدعوة الى “عدم الانجرار وراء خدع الشيطان، لأنها كثيرة الأشكال والألوان، ودعوتنا أن نتبع المسيح ومحبي المسيح الحقيقيين، ونصرخ جميعا، بقلب واحد: لتكن مشيئتك، كما في السماء كذلك على الأرض، آمين”.