المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكنديةLCCC/

نشرة الأخبار العربية ل 21 تشرين الأول /لسنة 2025

اعداد الياس بجاني

#elias_bejjani_news 

في أسفل رابط النشرة

        http://eliasbejjaninews.com/aaaanewsfor2025/arabic.october21.25.htm

أرشيف نشرات أخبار موقعنا اليومية/عربية وانكليزية منذ العام 2006/اضغط هنا لدخول صفحة الأرشيف

 

عناوين النشرة

عنوان الزوادة الإيمانية

مثال القاضي الظالم والأرملة المصرة على حقها

 

عناوين مقالات وتغريدات الياس بجاني

الياس بجاني/رجاء أخذ العلم بأن حسابي على منصة "إكس" مجمّد لأسباب أجهلها، وهذا هو الحساب الرابع خلال خمس سنوات الذي يتعرض لهذا التجميد الاعتباطي.

الياس بجاني/نص وفيديو/عربي وانكليزي: الذكرى السنوية لمجزرة العيشية ولإغتيال داني شمعون وعائلته... أحبوا لبنان حتى الشهادة فبذلوا أنفسهم على مذبحه قرابين طاهرة

الياس بجاني/نص وفيديو: ذكرى اغتيال الشهيد وسام الحسن وتخاذل وذمية وفشل أصحاب شركات أحزاب 14 آذار

 

عناوين الأخبار اللبنانية

اقتراع المغتربين في سجال بري وجعجع...برّاك يقرأ مزاميره فهل من يسمع؟

افيخاي ادرعي: جيش الدفاع هاجم أهدافًا إرهابية تابعة لحزب الله الإرهابي في لبنان

رابط فيديو مقابلة من موقع "دي أن أي" مع الكاتب والمخرج يوسف الخوري : لتوقيع السلام وحل الحزب ومحاسبته من قاسم ونزول

تحذير أميركي للبنان: التردُّد في نزع سلاح «حزب الله» قد يفتح الباب لتحرُّك إسرائيلي

نصر الله في المشهد الأخير: هكذا قُطع الحبل مع طهران

شهادات عن «حرب الإسناد» في لبنان... وأسرار دُفنت مع «ثلاثة رجال»

بري يكشف لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل سقوط مقترح التفاوض مع إسرائيل ...قال إن برّاك أبلغه عدم موافقة تل أبيب على المبادرة الأميركية

 

عناوين الأخبار الإقليمية والدولية

مفاوضات غزة.. وفد حماس في مصر وويتكوف وكوشنر في إسرائيل

ويتكوف وكوشنر لنتنياهو: ليس مسموحاً تعريض اتفاق غزة للخطر

تقرير: ويتكوف وكوشنر أبلغا نتنياهو بأنهما يتوقعان من إسرائيل احترام اتفاق وقف النار...نائب الرئيس الأميركي سيزور الدولة العبرية الثلاثاء ويبقى بضعة أيام

نتنياهو: لو أصغيت لمعارضي حرب غزة لمات الإسرائيليون وسط «دخان نووي»...قال إن الجيش الإسرائيلي ألقى «153 طناً من القنابل» على القطاع الأحد

بن غفير: إذا لم تُفكك «حماس» سأُفكّك الحكومة الإسرائيلية...حذر من عدم إقرار قانون عقوبة «الإعدام للإرهابيين»

«حماس»: لإسرائيل سياسة ثابتة في خرق اتفاق وقف النار

إسرائيل تفتح معبر كرم أبو سالم لإدخال المساعدات إلى غزة

خطة ترامب: كي لا يتحول المرحلي إلى دائم ويتمدد الانقسام لغزة

إسرائيل مقبلة على أزمة سياسية.. مع عودة الكنيست من عطلته

خامنئي لترامب حول تدمير النووي الإيراني: عِش هذا الوهم

اكتشاف سجن تحت الأرض في ريف حمص استخدمته ميليشيات الأسد

«قسد» تعلن مقتل 2 من عناصرها في انفجار لغم بريف دير الزور

سوريا: الجيش الإسرائيلي ينفّذ سلسلة توغلات..ويفجّر حقل ألغام

واشنطن تُحرج بغداد بالعقوبات.. إيران والحشد بمرمى الاتهامات

هاجس إسرائيل من دور تركيا بسوريا: محور سني إسلامي!

زيلينسكي مستعد للانضمام إلى قمة ترامب وبوتين حال دعوته

بيعها مستحيل...مسروقات "اللوفر" عملة سرية في عالم الجريمة!

 

عناوين المقالات والتعليقات والتحاليل السياسية الشاملة

وجهة نظر شخصية – سوريا ولبنان: القطعتان التاليتان لتحقيق سلام المشرق/السفير توم باراك/موقع أكس

السلام المهدَّد: مسارٌ دائم التأجيل/د. شارل شرتوني/نقلاً عن موقه هذه بيروت

ديبلوماسيّة الموفدين الخاصّين... وشخصانيّة السّياسات/زياد الصائغ/المدن

لبنان وجامعة العجز العربي/شبل الزغبي

من أرض الأرز إلى عرش بطرس... لبنان يفرح بقدّيسه الجديد/مروان الشدياق/نداء الوطن

خماسية الضباط هي المفضلة/منير الربيع/المدن

وكأنّ الجنوب ليس من لبنان/ملاك فقيه/موقع الدولة

بين "بقائي" وبقاء لبنان، أين دولة الرئيس؟/الدكتور شربل/اللواء

المفاوضات ليست بديلًا عن نزع السلاح/شارل جبور/نداء الوطن

لا بدّ من نزع سلاح "حزب الله" قبل فوات الأوان...واشنطن: تغريدة برّاك رسالة واضحة تمامًا للبنان/أمل شموني/نداء الوطن

هل يرجع الحريري؟ ليش ما بيرجع؟/عماد موسى/نداء الوطن

القذاذفة يهدّدون والقضاء بين الكفالة والفدية/أحمد الأيوبي/نداء الوطن

المبادرة الرئاسية والمفاوضات المباشرة مع إسرائيل/سامر زريق/نداء الوطن

التزامن مع التعميم رقم 1355/التأمين والذهب والعقارات تحت مجهر OFAC/نخلة عضيمي/نداء الوطن

 

عناوين المؤتمرات والندوات والبيانات والمقابلات والمناسبات الخاصة والردود

تحقيقات تتشعّب بين السياسة والمال و "أبواق الممانعة" في الواجهة/الجامعة اللبنانية تهتز بفضيحة تزوير كبرى

لم يكن أنطون سعاده بطلًا، بل كان شخصيةً يساريةً قوميةً غوغائيةً سعت إلى ضرب استقلال لبنان عبر انقلابٍ عسكريٍّ فاشل

لقد دخلتم إلى المنظومة، وأصبحتم – للأسف – جزءًا لا يتجزأ منها، تحت لواء واقعٍ تهيمن عليه قوى الميليشيا.

اللغز الحياتي القاتل..

 

تغريدات مختارة من موقع أكس

تغريدات مختارة لليوم 20 تشرين الأول /2025

 

تفاصيل الزوادة الإيمانية لليوم

مثال القاضي الظالم والأرملة المصرة على حقها

إنجيل القدّيس لوقا18/من01حتى08/"قَالَ الرَبُّ يَسُوعُ لِتَلامِيذِهِ مَثَلاً في أَنَّهُ يَنْبَغي أَنْ يُصَلُّوا كُلَّ حِينٍ وَلا يَمَلُّوا، قَال: «كانَ في إِحْدَى المُدُنِ قَاضٍ لا يَخَافُ اللهَ وَلا يَهَابُ النَّاس. وَكانَ في تِلْكَ المَدِينَةِ أَرْمَلَةٌ تَأْتِي إِلَيْهِ قَائِلَة: أَنْصِفْني مِنْ خَصْمي! وظَلَّ يَرْفُضُ طَلَبَها مُدَّةً مِنَ الزَّمَن، ولكِنْ بَعْدَ ذلِكَ قَالَ في نَفْسِهِ: حَتَّى ولَوكُنْتُ لا أَخَافُ اللهَ وَلا أَهَابُ النَّاس، فَلأَنَّ هذِهِ الأَرْمَلةَ تُزْعِجُني سَأُنْصِفُها، لِئَلاَّ تَظَلَّ تَأْتِي إِلى غَيْرِ نِهَايةٍ فَتُوجِعَ رَأْسِي!». ثُمَّ قالَ الرَّبّ: «إِسْمَعُوا مَا يَقُولُ قَاضِي الظُّلْم. أَلا يُنْصِفُ اللهُ مُخْتَارِيهِ الصَّارِخِينَ إِلَيْهِ لَيْلَ نَهَار، ولو تَمَهَّلَ في الٱسْتِجَابَةِ لَهُم؟ أَقُولُ لَكُم: إِنَّهُ سَيُنْصِفُهُم سَرِيعًا. ولكِنْ مَتَى جَاءَ ٱبْنُ الإِنْسَان، أَتُراهُ يَجِدُ عَلَى الأَرْضِ إِيْمَانًا؟».

 

تفاصيل مقالات وتغريدات الياس بجاني

الياس بجاني/رجاء أخذ العلم بأن حسابي على منصة "إكس" مجمّد لأسباب أجهلها، وهذا هو الحساب الرابع خلال خمس سنوات الذي يتعرض لهذا التجميد الاعتباطي.

 

الياس بجاني/نص وفيديو/عربي وانكليزي: الذكرى السنوية لمجزرة العيشية ولإغتيال داني شمعون وعائلته... أحبوا لبنان حتى الشهادة فبذلوا أنفسهم على مذبحه قرابين طاهرة

الياس بجاني/21 تشرين الأول/ 2025

https://eliasbejjaninews.com/2024/10/68292/

إن الوحشية الممنهجة التي تستهدف الأحرار والسياديين في وطن الأرز من قادة ورجال دين وأهل علم، لا تزال مستمرة منذ السبعينات بأساليب قمعية وإرهابية مختلفة. لا شيء تغيّر للأفضل منذ مجزرة بلدة العيشية واغتيال الشهيد داني شمعون وعائلته، لأن البلد لا يزال محتلاً، وحكامه وسياسيوه وأحزابه في غالبيتهم العظمى كانوا ولا يزالون طرواديين وتابعين للمحتل، ينفذون فرماناته ضاربين عرض الحائط بمصالح الوطن ومواطنيه.

في البداية جاءنا الاحتلال الفلسطيني، ومن بعده الاحتلال السوري، فسرطان حزب الله وأسياده الملالي الكفرة. واليوم، ونحن نحيي ذكرى الشهيد داني شمعون وعائلته وومجزرة بلدة العيشية، لا بدّ لنا أن ندرك بوعي وطني وإيماني أن حزب الله دمّر لبنان، وهجّر أهله، وفكّك مؤسساته، وورّطه رغماً عن إرادة غالبية اللبنانيين في حرب مدمّرة مع إسرائيل خدمةً للمصالح الإيرانية. ورغم كل الخسائر والدمار، يرفض حزب الله الاعتراف بالهزيمة وتسليم سلاحه للدولة، والالتزام باتفاقية وقف إطلاق النار وبالقرارات الدولية وبالدستور. إن التاريخ يعلّمنا أن الأوطان التي لا يسقيها شعبها تضحيات وقرابين بسخاء ودون حساب، تنهار مذابحها، وتتشتت شعوبها، وتُهمَّش هويتها، ويُقتلع تاريخها، وتُنتهك كرامتها.

لبنان القداسة، الذي أنعم الله عليه بشباب لا يهابون الموت ولا يبخلون بالشهادة في سبيله من أمثال داني شمعون وعائلته، باقٍ ولن تقوى عليه قوى الشر. فالشهادة تولد من فعل إيمانٍ وفعل محبة: إيمانٍ بوطنٍ وقضية، ومحبةٍ مجبولةٍ بالعطاء ترقى بنبلها إلى حد تقديم الذات من أجل من نحب.

الشهداء هم النبراس الذي ينير لنا الطريق نحو الحرية، وحافزٌ لمتابعة رسالة القداسة والرقي. واليوم، ونحن نستذكر مجزرة بلدة العيشية واغتيال داني شمعون وعائلته، نؤكد أن إيماننا بالله وبلبنان وبحقنا في حياةٍ حرةٍ وكريمة، يتطلّب منا تحمّل الألم والصعاب، لأن المجتمعات لا تُبنى إلا بالحب والرجاء والتضحيات حتى الاستشهاد.

لقد انقضت سنين طويلة على مجزرة العيشية واغتيال الشهيد داني شمعون وأفراد أسرته، إلا أن الجرائم النكراء تلك لا تزال ماثلة في ذاكرة ووجدان الأحرار والسياديين من أهلنا. جرائم بشعة اقترفها المحتل السوري ومرتزقته المحليون من الكفرة والأبالسة الذين ارتضوا دور الأدوات والمرتهنين.

مرتزقة من أهلنا، للأسف، قبلوا بخنوع أدوار الطرواديين والإسخريوطيين، فباعوا دماء الشهداء، وهم السرطان الأخلاقي والقيمي والوطني الذي يفتك بوطننا وشعبنا. هؤلاء أنفسهم من يتحكم اليوم بقرار لبنان ومصيره، ويجرّونه، بدافع الحقد والكراهية والعقد الدفينة، إلى الهاوية والدمار.

القيادات وأصحاب شركات الأحزاب المسخ الذين يناصرون المحتل الإيراني، المتمثل بذراعه المحلية الإرهابية حزب الله، قفزوا فوق دماء الشهداء والتحقوا بالخانعين طمعاً بالسلطة والنفوذ، فداكشوا السيادة بالكراسي وتعاموا عن كل القرارات الدولية الخاصة بلبنان.

إن جريمة مجزرة العيشية واغتيال داني شمعون وعائلته لا تزال تزرع في القلوب غصّةً، وفي العيون دموعاً حسرةً على أبطالٍ شرفاء افتدوا بأرواحهم وطن الأرز وناسه.

علينا أن لا ننسى، ومهما كانت الصعاب والتضحيات، أن لبنان بلدٌ مقدس، حدوده مدوّنة في الكتاب المقدس، وأرضه وقفٌ لله، أي ملكه، وهو مذكورٌ أكثر من سبعٍ وسبعين مرة في فصول العهد القديم من الإنجيل:

"البار كالنخلة يزهو، وكأرز لبنان ينمو" (مزمور 92:12).

"تسير الجبال والسلام في أرضه، وصوته كصوت لبنان" (هوشع 14:6).

وفي الإسلام، شهادة تكريمٍ وإكبارٍ للبنان، فقد جاء في الحديث الشريف أن النبي محمد قال: “ثلاثة جبال من جبال الجنة”. قيل: “يا رسول الله، فما الأجبال؟” قال: “جبل أحد، يُحبّنا ونُحبّه، والطور من جبال الجنة، ولبنان من جبال الجنة”. وقد جاء أيضاً: “لو ذكرت لنا أسماء الجبال السبعة التي تحمل العرش يوم القيامة، لكان الجبل اللبناني بينها”. وقال كعب الأحبار: “جبل لبنان أحد الجبال الثمانية التي تحمل العرش يوم القيامة”، وأمسك عن ذكر السبعة الأخرى. (نقلاً عن كتاب “اسم لبنان عبر العصور” للمؤرخ أنطوان خوري حرب).

في الخلاصة، الحرية نعمةٌ إلهية وهبنا الله إياها لنكون أحراراً في القول والتصرّف والفكر والمعتقد.

فيا أبانا السماوي، أنعم علينا بعطايا الثبات في الموقف، والعناد في الشهادة للحق.

إن الشهيد داني شمعون، وشهداء بلدة العيشية، وكل شهداء وطن الأرز المقدس، هم الخميرة الإيمانية التي تُخمّر باستمرار عجين الوطن وتزرع الحب والعطاء والرجاء.

**الكاتب ناشط لبناني اغترابي

عنوان الكاتب الألكتروني

Phoenicia@hotmail.com

رابط موقع الكاتب الألكتروني

https://eliasbejjaninews.com

 

الياس بجاني/نص وفيديو: ذكرى اغتيال الشهيد وسام الحسن وتخاذل وذمية وفشل أصحاب شركات أحزاب 14 آذار

الياس بجاني/19 تشرين الأول/2025

https://eliasbejjaninews.com/2025/10/68253/

وسام الحسن هو شهيد من كوكبة شهداء ثورة الأرز التي باعها طاقم 14 آذار الحزبي الاستسلامي والتجاري، وقفز فوق دماء شهدائها، وتلحف بذلٍّ بما سماه "واقعية" للاستسلام لحزب الله الإرهابي، واستبدل (داكش) السيادة بالمناصب، وغرق في أوحال المغانم والحصص. أصحاب شركات أحزاب 14 آذار كافة، وفي مقدمهم تيار المستقبل الذي غطّى سعد الحريري احتلاله، تحالفوا مع من قتلوا الحسن، وشاركوهم الحكم، وشرعنوا احتلالهم، وزوّروا التاريخ والحقائق، وسمّوهم نفاقاً "محرّرين" و"مقاومة"، واعتبروهم خلافاً للحقيقة "لبنانيين" و"ممثلين نيابياً للطائفة الشيعية".

“فرّق تسد”، و”أطعم الفم تستحي العين”، هذا ما فعله ويفعله حزب الكبتاغون منذ عام 2005. فقد تعامل مع ضعفاء النفوس ودغدغ غرائزهم، وزرع الأسافين بين شرائحهم، وشوّه كل ما هو قيم وأخلاق، وجنّد ضعفاء النفوس من جماعات ثقافة الأبواب الواسعة. هؤلاء يسيرون عكس تاريخ وطرق وأساليب تحرير البلدان المحتلة. هم يتوهّمون ويوهمون الشعب بأن تحرير لبنان من احتلال حزب الله ممكن من خلال الطرق الديمقراطية، مثل الانتخابات بكل أنواعها، وهم يعلمون أن الحزب "المحتل" قد فصّل قانون الانتخاب على مقاسه، وهو من يسيطر على الحكومات والقوى الأمنية، والمؤسسات كافة التي تشرف على الانتخابات. ارتضوا صاغرين أن يشرعنوا الاحتلال بمشاركته في الحكم، والتلحّف بالثلاثية الخشبية "جيش-شعب-مقاومة"، مقابل مواقع سلطوية تأثيرها محلي بحت، وأعطوه كل النفوذ والسلطة والقرارات الاستراتيجية والعسكرية.

هذا ما حصل في صفقة ترسيم الحدود مع دولة إسرائيل، حيث تم استبعادهم بالكامل، بينما محور الشرّ الإيراني المتمثل بنبيه بري وحركته وحزب الشيطان اعترفوا بدولة إسرائيل وتنازلوا عن أراضٍ لبنانية وثروات هي ملك الشعب اللبناني. هذه بعض الأساليب والطرق الشيطانية التي يسعى إليها جيش إيران في لبنان، حزب الله، الذي يواجه اليوم حرباً إسرائيلية فكّكت تركيبته وقتلت معظم قادته ودمّرت الجنوب والضاحية والبقاع وهجّرت بيئته.

أصحاب شركات أحزاب 14 آذار كانوا وما زالوا، حتى في عزّ الحرب الحالية، وعلى خلفية الجهل والغباء، يستغفلون الناس بالحديث عن من هو مرشح للرئاسة، والانتخابات النيابية والوزارات السيادية، في حين أن البلد المحتل يُدمّر، والسيادة مغيّبة، والاستقلال مسروق، والقرار الحرّ مصادر. ما نفّذه حزب الله بمنهجية ودهاء هو شقّ الشرائح اللبنانية كافة، وزرع الأسافين بينها، وجرّها للتناحر على أمور داخلية نفعية وذاتية غير استراتيجية، وغير سيادية، وغير استقلالية، تتعلّق كلها بالمناصب والحقائب وصغائر الأمور بكل أنواعها. وللأسف، نجح في مسعاه، إلا أن إسرائيل له ولأسياده الملالي بالمرصاد، وسوف تقتلعه وتلغي دوره بالقوة.

الحزب اللاهي يأخذ دور الحاكم والولي والناصح والمؤدب عند الضرورة، وكذلك المنظِّم والمقرِّر وفقاً لمصالحه، بناءً على مشروعه اللاهي الإيراني الذي يُلغي الجميع. للأسف، غرق كل الطاقم السياسي اللبناني، وتحديداً 14 آذار الحزبي، في فخ الحزب اللاهي، وخصوصاً أصحاب شركات الأحزاب المسيحية "الطامعين" في السلطة والمال. لم يعد الاحتلال، ولا دويلاته، ولا سلاحه، ولا حروبه، ولا القرارات الدولية الخاصة بلبنان موضوع اهتمام الطبقة السياسية اللبنانية، وتحديداً المسيحية. نجح الحزب اللاهي وفشلت الأحزاب التجارية والعائلية اللبنانية ومعها أصحابها الخطأة، الغارقون في أوحال لا تنتهي من جشع الصفقات والمغانم والسمسرات الشيطانية. حزب الله كالسرطان، نهش المؤسسات الواحدة تلو الأخرى، في حين اختار الطاقم السياسي أن يكون في غيبوبة سيادية، ولا أولوية عنده غير الأجندات الشخصية والفجع للكراسي والمواقع والنفوذ.

نسأل: ألا يخجل هؤلاء بفجورهم ووقاحتهم حتى من ذكر جريمة اغتيال الشهيد وسام الحسن والترحّم عليه في ذكرى اغتياله السنوية؟ في حين أنهم انتقلوا إلى صفّ من اغتاله، وأوقفوا كل التحقيقات المتعلقة باغتياله. بؤس هكذا قيادات نرجسية وطروادية، وبؤس شرائح غنمية من أهلنا امتهنت التبعية العمياء لهؤلاء الفجّار والتجار، وتخلّت طوعاً عن كل ما هو بصيرة وحرية رأي وشهادة للحق واحترام للذات.

يبقى أن وسام الحسن هو شهيد من كوكبة شهداء ثورة الأرز التي باعها طاقم 14 آذار الحزبي الاستسلامي والتجاري، وقفز فوق دماء شهدائها، وتلحّف بذلّ هرطقة "الواقعية"، واستبدل السيادة بالكراسي، وغرق في أوحال المغانم والحصص... إلا أن الظروف انقلبت رأساً على عقب، وها هو حزب الله في طريقه إلى الانكسار والاقتلاع بعد أن تعرّى وتبيّن أنه أوهن من بيت العنكبوت، وليس دولة إسرائيل.

صلاتنا من أجل راحة أنفس كل الشهداء.

الياس بجاني/فيديو: ذكرى اغتيال الشهيد وسام الحسن وتخاذل وذمية وفشل أصحاب شركات أحزاب 14 آذار

https://www.youtube.com/watch?v=UOUG-CU7-PE

October 19, 2025

**الكاتب ناشط لبناني اغترابي

عنوان الكاتب الألكتروني

Phoenicia@hotmail.com

رابط موقع الكاتب الألكتروني

https://eliasbejjaninews.com

 

تفاصيل الأخبار اللبنانية

اقتراع المغتربين في سجال بري وجعجع...برّاك يقرأ مزاميره فهل من يسمع؟

نداء الوطن/21 تشرين الأول/2025

تصدّر الأحداث أمس مقال مطوّل نشره المبعوث الأميركي توم برّاك على حسابه عبر منصة "إكس" بعنوان "سوريا ولبنان: الخطوة التالية نحو سلام شامل في الشرق الأوسط"، وأكد فيه أهمية قيام لبنان بنزع سلاح "حزب الله" قبل أن تقوم إسرائيل بذلك. بدوره، أعلن مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب للشؤون الأفريقية مسعد بولس، أن "محادثات السلام في المنطقة قد تتوسع لتشمل سوريا ولبنان". وترافق هذا التطور الدبلوماسي غير المسبوق مع تصعيد لافت في حركة المسيّرات الإسرائيلية في لبنان التي حلقت أمس وللمرة الأولى في الأجواء فوق القصر الجمهوري في بعبدا. وتزامنًا، علمت "نداء الوطن" أن دولًا أوروبية وغربية أبلغت عددًا من المنظمات المدنية العاملة في لبنان بتوخي الحيطة والحذر في الأيام المقبلة وعدم التنقل إلا للضرورات القصوى واقتصار عملها في لبنان على الضروريات القصوى وتجنب الذهاب إلى مناطق الجنوب والبقاع ومحيط الضاحية الجنوبية.

عون وبري والمفاوضات مع إسرائيل ثالثهما

وأتت هذه التطورات فيما كان رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري يبحثان في لقاء جمعهما في بعبدا في وضع الجنوب والقصف الإسرائيلي المستمر ووضع لبنان بعد اتفاق غزة، وفق معلومات "نداء الوطن". وأضافت هذه المعلومات أن البحث بين الرئيسين تناول بشكل أساسي مسألة التفاوض مع إسرائيل. وبعدما طرح الرئيس عون سابقًا تجربة التفاوض على الحدود البرية، ركز الرئيس بري على تفعيل عمل الميكانيزم خصوصًا أنها تضم جميع الأطراف المعنية بهذا الموضوع، وجرى التشاور بين عون وبري وتم الاتفاق على إبقاء خطوط التواصل مفتوحة قبل تبني أي شكل من أشكال التفاوض خصوصًا أنه يجب معرفة رأي إسرائيل وأميركا في هذا المجال. ولفتت مصادر سياسية عبر "نداء الوطن" إلى أن رئيس المجلس حاول في اجتماع بعبدا "الإيحاء بأن رئيس الجمهورية في صفه وتحييد الأخير عن المسار العام وإجهاض فكرة الرئيس عون حول المفاوضات عن طريق تفكيك الفكرة وإفراغها من مضمونها وتحويلها إلى مسألة شكلية وليست جوهرية كما هو مفترض". كما لفتت المصادر إلى أن كلام بري عن "علاقة ممتازة" مع رئيس الجمهورية موجّه أيضًا للرئيس نواف سلام لإظهار الأخير أنه على مسافة أبعد من رئيس الجمهورية مما هي المسافة بين عين التينة وبعبدا .

برّاك: مواجهة كبرى بين إسرائيل و"الحزب"

في المقابل، رأى برّاك أن "خطوات سوريا الشجاعة نحو اتفاق حدودي، ونأمل أن يكون تطبيعًا مستقبليًا، تمثل الخطوات الأولى نحو تأمين الحدود الشمالية لإسرائيل. ويجب أن يكون نزع سلاح "حزب الله" الخطوة الثانية. ونبه برّاك من أن "إذا لم تتحرك بيروت، فسيواجه الجناح العسكري لـ "حزب الله" حتمًا مواجهة كبرى مع إسرائيل في لحظة قوة إسرائيل ودعم إيران لـ "حزب الله" في أضعف نقاطه".   وخلص إلى القول: "يصل السفير الأميركي الجديد إلى لبنان، ميشال عيسى، الشهر المقبل لمساعدة بيروت على اجتياز هذه الملفات المعقدة بثبات. الآن هو وقت لبنان للعمل". وتساءلت أوساط إذا كانت تغريدته الطويلة تمهيدية لتنحّيه عن الملف لمصلحة السفير الجديد ميشال عيسى أو رسالة تنبيه لا تقبل أي تأويل.

لبنان في عين العاصفة

وقرأت مصادر سياسية بارزة وثيقة الصلة بالموقف الأميركي أبعاد ما صرّح به برّاك. وقالت لـ "نداء الوطن" في هذا الصدد: "إنه حراك استراتيجي ويأتي ضمنه كلام برّاك. فهو قال إنه في حال لم تقدم الدولة اللبنانية على خطوات لنزع سلاح "حزب الله " فسيترك الأمر لإسرائيل وينعكس تداعيات على الملف اللبناني. أهمية الموقف الذي أعلنه برّاك هي في توقيته، وهو الأول من نوعه بعد قمة شرم الشيخ ومبادرة رئيس الجمهورية في اتجاه المفاوضات وحلّ المشاكل العالقة بين لبنان وإسرائيل".  وقالت المصادر: "نتحدث عن دخول أميركي متجدد على الخط للقول إن الملف التالي هو لبنان، فلا يفكرن أحد بأن هذا الملف منسي، وأن لبنان على الرف الأميركي. بل بالعكس، ستكون الخطوة التالية في لبنان بعد غزة. هذا تحذير قبل العاصفة كي يأخذ لبنان بالاعتبار أن تلافي هذه العاصفة سيكون بنزع سلاح حزب الله. فإذا لم يقدم على ذلك، فسيكون لبنان في قلب العاصفة".  وخلصت المصادر إلى القول: "استراتيجيًا، بدأ موضوع سلاح "الحزب" يتحرك من الباب الأميركي بعد قمة شرم الشيخ بدعوة بيروت إلى أن تقدم، لأنه من الواضح أن "حزب الله" ليس في وارد التخلي عن مشروعه المسلح".

و"حزب الله" يرد

وبينما غاب أي موقف رسمي من مقلب برّاك قال عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسين الحاج حسن: "الكلام الأميركي واضح والمطالب الإسرائيلية واضحة، وكما قال برّاك في مقابلته ‏الأخيرة، إن السلام وهم، وإن إسرائيل لا تريد أن تنسحب من النقاط ‏الخمس، وإن إسرائيل تريد في المنطقة أن تذهب حيث تشاء ومتى تشاء وكيفما تشاء".

ردود بين جعجع وبري والخلاصة: المجلس سيد نفسه

وفي سياق منفصل اندلع أمس سجال بين رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع وبين الرئيس بري عندما كتب جعجع على حسابه عبر منصة "إكس"، التالي: "دولة الرئيس نبيه بري، لا تستطيع اختزال المجلس النيابي بشخصك. إن قولك "إننا قد جربنا تصويت المغتربين في الانتخابات النيابية السابقة لمرة واحدة وأخيرة، ولا إمكانية على الإطلاق لتكرار هذا الأمر لمرة ثانية مهما علا الصراخ والضجيج"، هو قول يضرب المجلس النيابي، والنظام البرلماني، والنظام اللبناني، والديمقراطية". على الأثر، نقلت مصادر عن بري قوله ردًا على كلام جعجع: "من أين لك هذا الكلام الذي نسبته إليّ؟ ألم يعد في جعبتك غير استصدار كلام عن لساني والجواب إليك". وبعد رد عين التينة كتب جعجع مجددًا على حسابه عبر منصة "إكس": "دولة الرئيس بري، هذا أقصى ما كنت أتمناه. من هذا المنطلق، نحن في انتظار أن تُدرِج اقتراح القانون المعجل المكرر، الذي وقعه 67 نائبًا، على جدول أعمال أول جلسة تشريعية. ولك منّا ألف تحية". وأبلغت مصادر نيابية بارزة "نداء الوطن" أن ما قصده جعجع هو الإصرار على وضع اقتراح القانون المعجل الخاص بتعديل قانون الانتخابات على جدول أعمال أول جلسة تشريعية، وتذكير بري بأنه رئيس للمجلس وليس رئيسًا للنواب ما يعني الأكثرية النيابية هي التي تقرر".

وليلًا، علمت "نداء الوطن" أن وزير الثقافة غسان سلامة زار معراب حيث استقبله جعجع وبحثا معًا في موضوع اقتراع المغتربين.

عدوان: جلسة اليوم إدارية وليست تشريعية

وفي سياق متصل، أعلن النائب جورج عدوان مساء أمس أن جلسة مجلس النواب اليوم، هي إدارية تنظيمية وليست تشريعية. أضاف أن نواب كتلة "الجمهورية القوية" سيحضرون الجلسة حيث لن يكون هناك تغيير على مستوى أعضاء هيئة المكتب ورؤساء اللجان.وأوضح عدوان أن النائب ميشال الدويهي سينسحب ولن يترشح لعضوية هيئة المكتب، وبالتالي لن تكون هناك مفاجآت. وخلص عدوان إلى القول: "بعد الجلسة سيكون لنا موقف تصعيدي في ما يتعلق باقتراع المغتربين".

يوم أمني طويل

ميدانيًا، واصل الطيران المسيّر الإسرائيلي تحليقه على علو منخفض فوق بيروت والضاحية الجنوبية، منذ صباح أمس. وشوهدت مسيّرات تُحلّق على مستوى منخفض فوق بيروت والضاحية الجنوبية عصرًا، كما حلقت مسيرة إسرائيلية قرب القصر الجمهوري في بعبدا

ونفذ الطيران الحربي الإسرائيلي قرابة الثانية والثلث من بعد ظهر أمس سلسلة غارات جوية وصلت إلى ثماني غارات استهدفت مناطق مفتوحة وأودية في مناطق المحمودية، الجرمق، مجرى نهر الخردلي وهي تقع عند أطراف بلدتي الجرمق ومزرعة الدمشقية إلى الشرق من سهل الميدنة - كفررمان.

وألقت الطائرات المغيرة عددًا من الصواريخ التي أحدث انفجارها دويًا هائلًا تردد صداه في مناطق النبطية ومرجعيون والريحان وإقليم التفاح وتعالت سحب الدخان الكثيف التي غطت أجواء المنطقة المستهدفة، وتسببت بإشعال حرائق عدة في الأحراج. وكتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على منصة "إكس" إن الغارات استهدفت بنى تحتية لـ "حزب الله" في منطقة النبطية.

 

افيخاي ادرعي: جيش الدفاع هاجم أهدافًا إرهابية تابعة لحزب الله الإرهابي في لبنان

موقع أكس/20 تشرين الأول/2025

هاجم جيش الدفاع قبل قليل بنى تحتية إرهابية لحزب الله في منطقة النبطية في لبنان. يواصل حزب الله الإرهابي محاولاته لإعادة بناء البنى التحتية الإرهابية في أنحاء لبنان حيث يشكل وجود البنى التحتية الإرهابية ونشاط حزب الله في المنطقة خرقًا للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان.

سيواصل جيش الدفاع العمل لإزالة أي تهديد والدفاع عن دولة إسرائيل

 

رابط فيديو مقابلة من موقع "دي أن أي" مع الكاتب والمخرج يوسف الخوري : لتوقيع السلام وحل الحزب ومحاسبته من قاسم ونزول

20 تشرين الأول/2025

https://www.youtube.com/watch?v=l1D4z4bYENA

 

تحذير أميركي للبنان: التردُّد في نزع سلاح «حزب الله» قد يفتح الباب لتحرُّك إسرائيلي

الشرق الأوسط/21 تشرين الأول/2025

قال المبعوث الأميركي الخاص توم برَّاك، اليوم الاثنين، إنه حان الوقت الآن ليتحرك لبنان بشأن سلاح «حزب الله»، مضيفاً: «إذا استمرت بيروت في التردد بشأن نزع سلاح (حزب الله) فقد تتصرف إسرائيل بشكل أحادي وستكون العواقب وخيمة». وأشار إلى أن «حزب الله» قد يسعى لتأجيل انتخابات 2026 في لبنان «بذريعة الحرب مع إسرائيل»، لافتاً إلى أن ذلك سيخلق «فوضى عارمة ويمزق النظام السياسي الهش ويعيد إشعال فتيل انعدام الثقة الطائفية». وتابع برّاك: «الاعتقاد بأن ميليشيا واحدة قادرة على تعطيل الديمقراطية قد يدعو إلى تدخل إقليمي ويخاطر بدفع لبنان من الأزمة إلى انهيار مؤسسي كامل». يسري منذ 27 نوفمبر (تشرين الثاني) اتفاق لوقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل إثر مواجهة دامية لمدة عام، تمّ التوصل إليه برعاية أميركية وفرنسية. وينصّ على تراجع «حزب الله» من منطقة جنوب نهر الليطاني (على مسافة نحو 30 كيلومتراً من الحدود مع إسرائيل) وتفكيك بنيته العسكرية، وحصر حمل السلاح في لبنان بالأجهزة الرسمية. وإضافة إلى الغارات المستمرة التي تشنها، أبقت إسرائيل قواتها في خمس تلال في جنوب لبنان، في حين نصّ الاتفاق على انسحابها الكامل من المناطق التي توغلت داخلها خلال الحرب. وعلى وقع ضغوط أميركية، اتخذت الحكومة اللبنانية في أغسطس (آب) قراراً بتجريد «حزب الله» من سلاحه. ووضع الجيش اللبناني خطة من خمس مراحل لسحب السلاح، في خطوة سارع الحزب المدعوم من طهران إلى رفضها، واصفاً القرار بأنه «خطيئة».

 

نصر الله في المشهد الأخير: هكذا قُطع الحبل مع طهران

شهادات عن «حرب الإسناد» في لبنان... وأسرار دُفنت مع «ثلاثة رجال»

بيروت: علي السراي /الشرق الأوسط/21 تشرين الأول/2025

في الأشهر الأخيرة قبل اغتياله، اعتقد الأمين العام السابق لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، أن «حرب الإسناد» ستظل حتى نهايتها تحت سقف «قواعد الاشتباك»، وأن إيران لن تترك 4 عقود من «المقاومة الإسلامية» في لبنان فريسة سهلة، غير أن حسابات خاطئة هي ما أعاقت الحزب عن قرارات حاسمة بشأن الحرب التي أضحت بحلول سبتمبر (أيلول) 2024 دموية وشاملة. يكشف هذا التحقيق عن أن «أسراراً ميدانية طُمرت مع قادة في الحزب اغتالتهم إسرائيل، ومعها فقد نصر الله الفاعلية مع بدلائهم المجردين من المعرفة الميدانية»، رغم أن رواية مخالفة أفادت بأن مشكلة الحزب لم تكن في القادة، بل في خسارة مشغلي الصواريخ، «العملة النادرة» في الحزب والحرب. يستند التحقيق إلى مقابلات مع شخصيات لبنانية وعراقية كانت على تماس مع قيادة الحزب عام 2024، أجريت بين أغسطس (آب) وأكتوبر (تشرين الأول) 2025، وتنوعت بين قياديين سابقين ورجال دين وعناصر أمن، حُجبت هويات بعضهم لأسباب أمنية. ورغم أن حرب الإسناد في لبنان باتت مسرحاً لسرديات متصارعة، فإن الشهادات ملأت جزءاً معقولاً من ثغرات المشهد الأخير الذي سبق اغتيال نصر الله، ما بين يناير (كانون الثاني) وحتى سبتمبر 2024. خلال تلك الفترة، قُتل نحو 3768 شخصاً، وجرح أكثر من 15 ألفاً وفق السلطات اللبنانية، بينما أفاد تقرير لجامعة تل أبيب بأن «حزب الله» خسر نحو 2500 من عناصره في غارات ضربت أكثر من 12 ألف هدف، كان أكثرهم أهمية حسن نصر الله، وقادة عسكريين من نخبة «الجهادية» للحزب.

حرب تحت السقف

في الأسابيع الأولى من الحرب، سادت قناعة «حزب الله» بأن «قواعد الاشتباك» ستبقى سارية، وأن الأمر «لن يبلغ حرباً مفتوحة»، وفق شخصية لبنانية كانت على صلة وثيقة مع قادة عسكريين. نقل الرجل الذي وافق على التحدث لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم الكشف عن هويته، عن أحد الاجتماعات الخاصة لأفراد متنفذين في الحزب في مرحلة مبكرة من الحرب إن «حسابات نصر الله لم تكن تتعدى مناوشات في نطاق مزارع شبعا». واستخدام مزارع شبعا مجازاً، وفق الشخصية اللبنانية، إشارة إلى مناوشات كلاسيكية بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي باستخدام مسيَّرات مفخخة أو صواريخ مصنعة محلياً. ظل الحال داخل ذهنية «حزب الله» في نطاق «معادلة الردع» منذ اتفاق وقف العمليات الواسعة بعد حرب 2006. ورغم أن نصر الله قال في خطاب شهير آنذاك إنه «ذاهب إلى حرب مفتوحة»، لكنه لم يذهب أبعد مما حدث بالفعل. نقلت الشخصية اللبنانية عن قيادي في «حزب الله» أشيع لاحقاً أنه أصيب بجراح بليغة وتوارى عن الأنظار، إن «جزءاً من خطط الحزب بعد (طوفان الأقصى) اعتمد على أن إيران ستنجح يوماً في ضبط الردع ووقف النار من خلال تموضعها في المفاوضات». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحزب انتظر إيران تعيد التوازن إلى الصراع المختل، ما دام (حبل السرة) مضفوراً بين طهران والضاحية، ونصل إلى لحظة وقف النار من دون خسارة كبرى». طالما صرح مسؤولون إيرانيون، على رأسهم المرشد الإيراني علي خامنئي، أن طهران لن تتخلى عن حلفائها، كما أن نصر الله نفسه كان يرجع الفضل إلى إيران كون حزبه متماسكاً ومدعوماً مالياً وتسليحياً.

ثلاث عيون

في منزله قرب الضاحية ببيروت، تحدث رجل دين شيعي إلى «الشرق الأوسط» عن نقطة تحول لعبت دوراً حاسماً في تأخر «حزب الله» عن إدراك المسار السريع للحرب الشاملة. رجل الدين، وهو لبناني الجنسية ودرس العلوم الدينية في النجف، كان خسر 4 شباب من عائلته خلال الحرب، منهم اثنان قضوا بغارة إسرائيلية في «العديسة»، إحدى بلدات «مرجعيون»، جنوبي البلاد. يقول إن نصر الله خسر كذلك قياديين قلبوا عليه المعادلات في ساحة المعركة. يضيف الرجل الذي بدا في منتصف الستينات: «تبين في النهاية، أنه كلما قتل قائد ميداني يخسر نصر الله عيناً تساعده على الرؤية الواضحة. الأمين العام السابق كان شديد التعلق والهوس بالمتابعة الميدانية، لكنه بدأ يفقد أدواته الفاعلة». وفقاً لهذه الشهادة، فإن أكثر ما أثّر على نصر الله غياب 3 قياديين هم طالب عبد الله، ويلقب بـ«أبو طالب»، إبراهيم عقيل، المعروف أيضاً باسم إبراهيم تحسين، ووسام الطويل الذي يعتقد أن صلة تربطه بالأمين العام السابق، ومن الصعب تأكيدها. من مراجعة التسلسل الزمني لسقوط الثلاثة، فإن نصر الله بدأ يخسر ما قيل إنهم «العيون الثلاث» على امتداد المراحل المتقلبة لـ«حرب الإسناد». قُتل الطويل، وهو قائد بارز في قوة «الرضوان» التابعة للحزب، في 8 يناير 2024. وضربت غارة إسرائيلية في 11 يونيو (حزيران) منزلاً في قرية جويا جنوب لبنان، لتقتل طالب عبد الله المعروف بكنية «أبو طالب» المسؤول عن عمليات الحزب في المنطقة الوسطى من الشريط الحدودي الجنوبي مع إسرائيل وحتى نهر الليطاني. قيل يومها إنه اغتياله كان الأقسى على نصر الله. وفي 20 سبتمبر 2024، خسر نصر الله أيضاً إبراهيم عقيل، قائد المجلس العسكري، الذي خَلَف فؤاد شكر الذي اغتيل في 30 يوليو (تموز) 2024. في النهاية، «حوصر نصر الله بمعلومات ميدانية مشوشة، ولم يكن يعرف ضباط الحزب في الميدان تفسير ما يحدث كلما انتظرواً قراراً في لحظة حاسمة»، يقول رجل الدين. شيء من الفوضى عم غرف العمليات خلال فترات معينة. اشتكى قياديون في الميدان «من الارتجال، لأن العناصر كانت تتصرف بدافع القلق والريبة أكثر مما كان يتوجب عليها، بانضباط»، وفق مصادر لبنانية.إلى جانب القياديين الثلاثة، كان نصر الله خسر قائد وحدة «عزيز» محمد نعمة ناصر في 3 يوليو. لم يبق سوى علي كركي الذي اغتيل مع الأمين العام السابق في الغارة التي استهدفت حي ماضي بالضاحية يوم 27 سبتمبر 2024. رغم فقدان القادة الثلاثة، وعلى مدار ثمانية أشهر، بقي نصر الله ومحيطه يفكرون داخل صندوق «قواعد الاشتباك»، ومواقفه كانت تستبعد «الحرب الشاملة». بعد اغتيال الطويل، قال نصر الله إن «تصرفات المقاومة تُدار بروية، وليس من منطلق انفعال». وفي إثر اغتيال أبو طالب، نقلت وسائل إعلام لبنانية عن مصادر الحزب أن «الرد سيكون ضمن الحدود، وليس حرباً شاملة على الفور». وخلال تشييع إبراهيم عقيل، ألقى نعيم قاسم كلمة مطوّلة، ملخصها أن الحزب «دخل في مرحلة جديدة عنوانها معركة الحساب المفتوح». بعد أيام معدودة، اغتيل نصر الله.

يقول علي الأمين، وهو ناشر وكاتب لبناني، إن نصر الله «كان يعتقد أن الحزب قادر عسكرياً على ردع إسرائيل ومنع نشوب حرب شاملة، غير أن هذا التقدير تبين لاحقاً أنه خاطئ».

«الدرون» يعرف الحزب جيداً

تكمن مشكلة «حزب الله» في «حزب الله» نفسه؛ في طريقة تكوينه القادة وتعويضهم. بحسب مصادر لبنانية، فإن القادة الميدانيين الذين اغتيلوا منذ يناير وحتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 كانوا أفراداً ضمن سلسلة منقطعة من القيادة. ليسوا جزءاً من جسم مؤسساتي أو تراتبية تنقل الخبرة والمعلومات بسلاسة. تقول المصادر، إن «القائد البديل لم يتمكن من الإحاطة بكامل أسرار القائد الذي اغتيل؛ ثمة تفاصيل عملياتية بقيت طيّ الكتمان. كان ذلك أحدَ مشكلات نصر الله في التعاطي مع الحرب وإدامة الحزب». فُهم من مقابلات أجرتها «الشرق الأوسط»، أن كل قائد في «حزب الله» يبني منظومته الخاصة من العلاقات والمعلومات والأساليب بناءً على خبرته الشخصية بشكل منفرد، وعندما يُقتل، تُدفن خبرته معه، بما في ذلك خرائطه الحزبية التي أضحت في النهاية مقتنيات شخصية، حتى لو كانت عن مخازن السلاح أو خطط الانتشار، توارى الثرى مع صاحبها. «في مرحلةٍ ما من الحرب، بات «الدرون» الإسرائيلي حين يحلق فوق وحدة لـ«حزب الله» أكثر معرفةً بالحزب من القائد الميداني الذي تسلّم مهامه حديثاً»، يقول رجل الدين اللبناني.

إسرائيل من ثقب إبرة

تسرب الشك إلى دائرة حسن نصر الله، للمرة الأولى، بعد اغتيال صالح العاروري، النائب السابق لرئيس المكتب السياسي لـ«حماس» في 2 يناير 2024. يقول رجل الدين اللبناني إن الأسبوع الأول من ذلك العام كان قاسياً، إذ انتهى باغتيال وسام الطويل أيضاً. سُمِع على نطاق محدود داخل الحزب إن «نصر الله لم يتوقع ما حدث (...) ظل صامتاً لفترة بعد الاغتيالين». اختار نصر الله الدفاع بدل الهجوم. يقول علي الأمين، إنه في إثر اغتيال العاروري ترشح من مطبخ الحزب القيادي أن عسكريين وميدانيين، التقوا نصر الله بشكل عاجل، «طلبوا فتح الحرب إلى أقصاها، بسبب ما تقوم به إسرائيل من اصطياد للكوادر والعناصر»، لكن رد نصر الله عليهم كان: «إياكم أن نذهب إلى هناك». رد فعل الحزب كان الانكماش والغرق في الشك العميق. يقول رجل الدين اللبناني إن هذه عادة «الحركات الإسلامية، الشيعية خصوصاً، هو الانعزال بداعي مراجعة النفس». مع ذلك، أفادت مصادر أمنية أن الحزب نفض شبكات اتصالاته عله يعثر على ثقب الإبرة الذي تتسرب منه المعلومات إلى «العدو». في شهادة لقيادي شيعي عراقي كان نقطة اتصال مع «حزب الله» اللبناني منذ عام 2015، قال إن «قنوات التواصل مع الحزب تغيرت مراراً مع تصاعد الاغتيالات في بيروت». وتابع: «كنا نتعرف على أشخاص جدد في كل مرة نحتاج إلى شيء من الضاحية».

تفهّمت فصائل عراقية «المحاذير التي طغت سلوك أشخاص في الحزب، ممن كانوا معتادين على تغذية مجموعات عراقية بتقديرات سياسية وميدانية». قال القيادي العراقي، إن «حزب الله كان مرجعاً ليس فقط لتحركاتنا الميدانية، بل نعود إليه في تفاعلاتنا السياسية المحلية، لذلك تحمس كثيرون في بغداد لتقديم المساعدة». في مرحلة ما من أغسطس 2024، طلب الإيرانيون من فصائل عراقية إسناد «حزب الله». قال القيادي العراقي: «سألناهم كيف ذلك. قالوا: في هذه المرحلة اضغطوا في الإعلام أنكم جاهزون للحرب». بعد فترة، عاد إلى الإيرانيين برسالة من فصائل عراقية مسلحة أظهرت استعداداً للقتال دفاعاً عن «حزب الله»، مفادها: «قالوا لنا: لا، حتى نصر الله لا يريد ذلك». وفي 20 سبتمبر 2024، تعهّد فصيل «كتائب سيد الشهداء» العراقي، بإرسال 100 ألف مقاتل إلى حدود لبنان، ولم يذهب أحد.

البحث عن التسريب

فاحت رائحة «خيانة» من مكان ما. يلمح إلى ذلك القيادي العراقي، الذي قال إنه ظل يتردد على بيروت حتى سبتمبر 2024، يقول إن «وسطاء أُبلِغوا في مناسبات مختلفة بإيقافهم عن مهام نقل الرسائل. كان الحزب في الحقيقة يجرب طرقاً أخرى». لدى رجل الدين اللبناني تفسير لهذا. لقد «اختبر الحزب طرقاً مختلفة في التواصل، في محاولة لاكتشاف أين يكمن الاختراق. من أي شق خفي تسربت إسرائيل إلى جدار الأمن المشيد حول قيادات الحزب». لكن تفجير أجهزة الاتصال اللاسلكية المعروفة باسم «البيجر» عصف بالحزب وعزل القيادات عن بعضها وعن شبكاتها الميدانية ودخلت المنظومة في حالة تشبه الإطفاء التام. وفي مرحلة ما، توقفت محاولات من تبقى في القيادة رأب صدع استخباري رافق نشاط الحزب منذ أكتوبر 2023. قال رجل الدين اللبناني إن وحدات ميدانية تابعة للحزب لم تسمع شيئاً في الأيام التي تلت تفجير «البيجر». واستغرقت القيادة وقتاً طويلاً قبل أن تعود إلى تغذية «ضباط الوحدات بالأوامر الروتينية، ولم تكن تجدي». في تلك المرحلة، سأل قيادي عسكري في «حزب الله» نصر الله عما إذا كانت قواعد الاشتباك لا تزال سارية. «كان من غير المعتاد عدم سماع جواب محدد»، وفق شهادة حصلت عليها «الشرق الأوسط». وأدرك نصر الله أنه بات في قلب حرب مفتوحة لم يكن يرغب فيها، لكن الوقت كان متأخراً، كما تنقل مصادر عن قياديين حضروا اجتماعات مفصلية. يقدّم علي محمد أحمد، وهو أستاذ الإعلام السياسي، قراءة قريبة إلى حد ما من سردية يتبناها تيار المقاومة، على نطاق واسع. يقول إن بقاء قواعد الاشتباك التقليدية كان سيجعل الكفة تميل ضد إسرائيل، لكن ما غيّر المعادلة فعلياً هو التفوق التقني والمعلوماتي الذي لم يضعه الحزب في الحسبان. ذلك كان هو المعطى الناقص.

المشهد الأخير

على نطاق واسع، قيل إن نصر الله حضر يوم 27 سبتمبر تشييع محمد سرور، قائد وحدة مسيّرات الحزب، قبل أن يتوجه إلى حارة حريك في الضاحية، برفقة نائب قائد «فيلق القدس» في لبنان، عباس نيلفوروشان. ما دار بينهما بقي طي الكتمان. لا أحد يعرف ما إذا كانا قد راجعا، للمرة الأخيرة، أين وصلت بهما «حرب الإسناد». وصلا في النهاية إلى مخبأ تحت الأرض، وهو مقر مركزي للحزب، وهناك انتهت رحلتهما. قضيا في هجوم تقول إسرائيل إنها استخدمت فيه أطناناً من متفجرات خارقة للتحصينات. في اليوم التالي، تفجّرت أطنان من الأسئلة في الضاحية، وفي كل مكان. يقول رجل الدين اللبناني، الذي كان يتحدث وعيناه ترصدان صور القتلى من عائلته، إن «كثيرين من بيئة (المقاومة) استغرقوا وقتاً طويلاً تحت الصدمة، لكنهم في النهاية كانوا يسألون: من خذل الآخر؟ الحزب أم إيران؟ المقاومة أم ولاية الفقيه؟». يرى علي محمد أحمد أن «العقل الكامن في الحزب كان يعمل بطريقة واحدة وأساسية، وهي أنه لم يكن يستطيع مغادرة حرب تُفرض عليه. لذلك، استمر فيها». لا يتخيل علي الأمين أن نصر الله كان قد أعلن قيام «وحدة الساحات» لولا استناده إلى دور إيراني، وقناعته بأن إسرائيل «تحسب حساباً لقوة الأذرع في لبنان والعراق واليمن»، لكن تلقيه صدمات أمنية وعسكرية جعله وطهران في حالة من الارتباك، فقطع الحبل بينهما. وبسبب «جهلهما بخطط الحرب الإسرائيلية في حرب الإسناد» اكتشفا أنهما وقعا في الفخ. غير أن علي محمد أحمد، يقول إن «الحزب منظومة قيادة جماعية. لكن إسرائيل تفوقت في مرحلة مبكرة من الحرب عندما حيّدت مشغلي الصواريخ الاستراتيجية». يرى محمد أحمد أن المشغّلين «عملة نادرة» من الصعب تعويضهم. ومشكلة «حزب الله» ليست خسارة القيادات الميدانية، بل المشغلين.

«حين أطلق الحزب مئات الصواريخ في اليوم الأخير قبل وقف النار، عرفنا أنه تمكن من ضخ دم جديد، بمشغلي صواريخ جدد»، يقول محمد علي. «لم يخذل أحد الآخر». المشكلة تكمن في أن الطرفين، إيران و«حزب الله»، كانا يعيشان في لحظة ما قبل السابع من أكتوبر 2023، ولم تتحرك الساعة في يد أيٍّ منهما. يقول عقيل عباس، الباحث العراقي المتخصص في الشأن الأميركي، إن الحزب وإيران لم يفهما بشكل دقيق حجم التغير الكبير، رغم أن إسرائيل وبنيامين نتنياهو كانا يكرّران أن ما حدث يشبه أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة. «الجميع فهم أن القواعد القديمة لم تعد سارية، وأن هناك قواعد جديدة تُفرض بالقوة». ما عمّق الأزمة على إيران والحزب أن الوسطاء الدوليين اختفوا من الساحة. «في حروب سابقة، كان الأوروبيون، مثلاً، مهتمين بوقف الحرب، إلا هذه الحرب»، وفق عباس. مهما يكن، فإن سرعة إسرائيل لعبت دوراً حاسماً في صنع الفارق. «لم تكن إيران قادرة على فعل شيء حيال ذلك. الأحداث كانت أكبر من قدرتها على الاستجابة، إذ تحتاج وقتاً للإعداد لمواجهة بهذا الحجم». مع ذلك، حاولت إيران في وقت متأخر أن تتواصل مع نصر الله وتحثه على التهدئة، وربما الانسحاب، بعد أن أدركت أن طريقة التفكير القديمة لم تعد صالحة، لكنها لم تكن قادرة على إجبار نصر الله على فعل شيء. يقول الباحث العراقي إن طهران كانت ترى نصر الله «صاحب الميدان». بعد نحو عام من وقف النار في لبنان، فإن نهاية الحرب في لبنان تعتمد على الجمر الذي لا يزال يلمع تحت الأنقاض، كما يصفه رجل الدين اللبناني. يقول إن «لبنان الذي يُكتب له السلام، يُكتب عليه في نفس الصفحة، جبهات وخطوط تماس جديدة».

 

بري يكشف لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل سقوط مقترح التفاوض مع إسرائيل ...قال إن برّاك أبلغه عدم موافقة تل أبيب على المبادرة الأميركية

بيروت: ثائر عباس/الشرق الأوسط/21 تشرين الأول/2025

كشف رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري أن مسار التفاوض المقترح بين لبنان وإسرائيل قد سقط بسبب رفض تل أبيب التجاوب مع مقترح أميركي بهذا الشأن، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن المسار الوحيد حالياً هو مسار «الميكانيزم» الذي يضم ممثلين للدول المعنية والراعية لاتفاق وقف العمليات العدائية الذي أوقف حرب لبنان الأخيرة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. والتقى بري صباح الاثنين رئيس الجمهورية جوزيف عون، حيث شكّلت الأوضاع الأمنية في الجنوب وملف التفاوض مع إسرائيل محوراً أساسياً في الاجتماع الذي اكتفى بعده بالقول: «اللقاءات دائماً ممتازة مع فخامة الرئيس». وقالت رئاسة الجمهورية في بيان لها إنه «تم عرض خلال اللقاء الأوضاع العامة في البلاد، ولا سيما في الجنوب في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية. كما تطرق البحث إلى التطورات في المنطقة بعد قمة شرم الشيخ والاتفاق حول غزة». وأتى لقاء عون مع بري بعد ثلاثة أيام على اجتماع رئيس الجمهورية جوزيف عون مع رئيس الحكومة نواف سلام وبعد ساعات على كلام لافت للمبعوث الأميركي توم براك الذي حذّر لبنان من أن التردُّد في نزع سلاح «حزب الله» قد يفتح الباب لتحرُّك إسرائيلي.

بري: تم التراجع عن أي مسار للتفاوض مع إسرائيل

وقال الرئيس بري إن الموفد الأميركي توماس براك، أبلغ لبنان بأن إسرائيل رفضت مقترحاً أميركياً يقضي بإطلاق مسار تفاوضي يستهل بوقف العمليات الإسرائيلية لمدة شهرين، وينتهي بانسحاب إسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلة وإطلاق مسار لترسيم الحدود وترتيبات أمنية، وتالياً، يقول بري إنه «تم التراجع عن أي مسار للتفاوض مع إسرائيل، ولم يبقَ سوى الآلية المتبعة عبر لجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار (الميكانيزم)». ونقل براك إلى الجانب اللبناني في الأسبوع الماضي، مبادرة تقوم على أن يجتمع رؤساء الجمهورية جوزيف عون، والبرلمان نبيه بري، والحكومة نواف سلام معه لمناقشة انسحاب إسرائيلي من لبنان خلال شهرين، ووقف الخروقات، في إشارة إلى مفاوضات غير مباشرة لحل الأزمة، وكان رد لبنان إيجابياً على المبادرة الأميركية. وقال بري إن «براك أبلغ لبنان بشكل رسمي أن المبادرة رفضتها إسرائيل، وبالتالي، لم يعد هناك من مسار دبلوماسي قائم، إلا العمل ضمن آلية لجنة (الميكانيزم)». وأشار إلى أنه «حصل تطور مهم في آلية عملها، بعدما باتت تجتمع كل أسبوعين، خلافاً للمسار الذي اتبعته في السابق»، حيث كانت تعقد اجتماعات متقطعة ومتباعدة.

بري «متشائل»: متمسكون باتفاق وقف إطلاق النار

وشدد بري: «إننا متمسكون باتفاقية وقف إطلاق النار التي تم التوصل إليها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وهي الاتفاقية التي يفترض أن تشرف على تنفيذها لجنة الميكانيزم»، مشيراً إلى أنها «الآلية المعتمدة حالياً، ولا شيء سواها».وأمام هذه التطورات، رفض بري القول إنه متشائم أو متفائل، قائلاً: «أنا متشائل»، في إشارة إلى مساحة مختلطة بين التشاؤم والتفاؤل.

براك يحذّر لبنان من عواقب وخيمة

وقال براك عبر منصة «إكس»، في منشور له بعنوان: «وجهة نظر شخصية - سوريا ولبنان القطعتان التاليتان نحو سلام المشرق»، إن «13 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 سيذكر كلحظة فارقة في دبلوماسية الشرق الأوسط الحديثة». وفي الشأن اللبناني قال: «حان الوقت الآن ليتحرك لبنان بشأن سلاح حزب الله»، محذراً من أنه «إذا استمرت بيروت في التردد بشأن نزع السلاح فقد تتصرف إسرائيل بشكل أحادي وستكون العواقب وخيمة». وأشار إلى أن «حزب الله» قد يسعى لتأجيل انتخابات 2026 في لبنان «بذريعة الحرب مع إسرائيل»، لافتاً إلى أن ذلك سيخلق «فوضى عارمة ويمزق النظام السياسي الهش ويعيد إشعال فتيل انعدام الثقة الطائفية». وأضاف: «الاعتقاد بأن ميليشيا واحدة قادرة على تعطيل الديمقراطية قد يدعو إلى تدخل إقليمي ويخاطر بدفع لبنان من الأزمة إلى انهيار مؤسسي كامل». وقال: «يبقى مبدأ الحكومة اللبنانية (دولة واحدة، جيش واحد) أكثر من مجرد طموح، مقيداً بسيطرة حزب الله السياسية وخوفه من الاضطرابات المدنية». وقال براك: «في وقت مبكر من هذا العام، قدمت الولايات المتحدة خطة (محاولة واحدة أخرى)، وهي عبارة عن إطار لنزع السلاح المرحلي، وحوافز اقتصادية تحت إشراف الولايات المتحدة وفرنسا لكن رفض لبنان اعتمادها بسبب تمثيل وتأثير حزب الله في مجلس الوزراء اللبناني...». وأشار إلى أن «الخطوات الشجاعة لسوريا نحو اتفاق حدودي، آملاً تطبيعاً مستقبلياً، تشكّل أولى خطوات تأمين الحدود الشمالية لإسرائيل. ويجب أن يكون نزع سلاح حزب الله الخطوة الثانية»، معتبراً أن لبنان «يواجه الآن خياراً حاسماً: أن يسلك طريق التجديد الوطني أو يبقى غارقاً في الشلل والتدهور». ورأى أنه «إذا فشلت بيروت في التحرك، فإن الذراع العسكرية لحزب الله ستواجه حتماً إسرائيل مواجهة كبيرة، في لحظة قوة إسرائيل ونقطة ضعف حزب الله المدعوم من إيران. وبالمقابل، سيواجه جناحه السياسي على الأرجح عزلة محتملة مع اقتراب انتخابات مايو (أيار) 2026».

 

تفاصيل الأخبار الإقليمية والدولية

مفاوضات غزة.. وفد حماس في مصر وويتكوف وكوشنر في إسرائيل

المدن/20 تشرين الأول/2025

يلتقي وفد من حركة "حماس"، مسؤولين مصريين في القاهرة، للبحث في الحوار الفلسطيني الذي تعتزم مصر استضافته، والهادف إلى البحث في مستقبل غزة بعد الحرب، وفق ما أفاد مصدر مطلع اليوم الاثنين. وأوضح مصدر مطلع، أن وفد "حماس" سيعقد خلال اليومين المقبلين، "لقاءات مع المسؤولين المصريين تتعلق بالحوار الفلسطيني-الفلسطيني الذي سترعاه مصر قريباً".

توحيد الجسم الفلسطيني

وأشار الى أن الحوار، "يهدف إلى توحيد الجسم الفلسطيني ومناقشة القضايا الرئيسة المهمة، بما في ذلك مستقبل قطاع غزة وتشكيل لجنة الكفاءات المستقلة التي ستتولى إدارة القطاع"، مشدداً على أن حماس "تعهدت للوسطاء بتمكين لجنة الكفاءات المستقلة". ودخل وقف إطلاق النار في قطاع غزة، حيز التنفيذ في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر، بموجب خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المؤلفة من 20 بنداً، بعد حرب مدمرة استمرّت سنتين. وتنص الخطة على وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين وأسرى فلسطينيين وانسحاب إسرائيلي من مناطق عدة، وفي مرحلة لاحقة، تسليم إدارة القطاع الى لجنة من التكنوقراط المستقلين بإشراف "مجلس سلام" يرأسه ترامب. وأكدت "حماس" أنها لا تعتزم المشاركة في حكم القطاع خلال المرحلة الانتقالية، مع تشديدها على ضرورة البحث في مستقبل القطاع. وقال المصدر المطلع، إن وفد "حماس" سيلتقي اليوم، مسؤولين مصريين وقطريين للبحث في "الخروقات الإسرائيلية، خصوصاً عشرات الغارات الجوية التي أسفرت عن عشرات الشهداء في قطاع غزة أمس". وأضاف أن الوفد "سيناقش البدء بالمرحلة الثانية لاتفاق وقف النار، وفتح معبر رفح الحدودي (بين مصر والقطاع) وزيادة المساعدات للقطاع، بناءً على الاتفاق الذي ينصّ على إدخال 400 شاحنة يومياً، واستكمال الانسحابات الإسرائيلية من القطاع". ووصل الوفد إلى مصر أمس الأحد، في يوم شنّت إسرائيل فيه غارات على القطاع، بعد زعمها أن الحركة "انتهكت" اتفاق وقف إطلاق النار ، في حين نفت "حماس" هذه المزاعم.

80 شهيداً بعد الهدنة

واستشهد 45 شخصاً وأصيب 158 آخرون، جراء الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار، إضافة إلى انتشال جثامين 12 شهيداً في آخر 24 ساعة، لترتفع حصيلة ضحايا الحرب منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إلى 68 ألفاً و216 شهيداً و170 ألفاً و361 إصابة، وفق آخر حصيلة أوردتها وزارة الصحة في القطاع اليوم. وبذلك، ترتفع الحصيلة منذ بدء سريان وقف إطلاق النار، إلى 80 شهيداً و303 إصابات، إضافة إلى انتشال جثامين 426 شهيداً، في وقت تشهد الأوضاع الميدانية في قطاع غزة توتراً بعد يوم دام من الغارات الإسرائيلية على رفح ومناطق أخرى في الجنوب.

لقاءات إسرائيلية-أميركية

والتقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم، المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي، جاريد كوشنر، ذلك عشية زيارة نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس، المقررة غداً الثلاثاء. وفي مقابلة مع برنامج "60 دقيقة" على قناة "سي بي إس"، قبل مغادرته الولايات المتحدة، قال كوشنر إن "الرسالة الأكبر التي حاولنا نقلها إلى القيادة الإسرائيلية هي أنه الآن بعد انتهاء الحرب، إذا كنت تريد دمج إسرائيل في الشرق الأوسط الأوسع، فعليك إيجاد طريقة لمساعدة الشعب الفلسطيني على النجاح وتحقيق الأفضل". وخلال افتتاح الكنيست دورته الشتوية، شدد نتنياهو على التزام حكومته "بإعادة جميع المحتجزين الإسرائيليين إلى البلاد حتى آخر واحد منهم"، في إشارة إلى جثث الأسرى المحتجزين في غزة. وقال نتنياهو إنّ "قبل أسبوع أعَدنا إلى البلاد 20 من الأسرى الأحياء الباقين، ومعهم 12 من الأسرى القتلى، لكن المهمة لم تكتمل بعد"، قبل أن يتلو أسماء 16 من الأسرى القتلى الذين لا تزال حثثهم في قطاع غزة. وأضاف "نواصل العمل بلا توقف لإتمام هذه المهمة". وخاطب نتنياهو أعضاء المعارضة قائلاً: "دعوتُمونا إلى وقف الحرب، إلى الاستسلام ورفع الأيدي، ولو كنا أصغينا إليكم لخرج (يحيى) السنوار و(محمد) الضيف بإشارات النصر". وكرر أن الحرب لن تنتهي، قبل أن يتم "القضاء على حماس عسكرياً وسلطوياً"، وقال إن المعركة لم تنتهِ، متهماً حركة حماس بخرق اتفاق وقف إطلاق النار في أعقاب مقتل جنديين إسرائيليين أمس، في رفح، جنوبي قطاع غزة. وأشاد نتنياهو بـ"شدة الضربات" التي نفّذها جيش الاحتلال يوم أمس بزعم الرد على "خرق حماس" للتهدئة، وقال: "هاجمنا حماس بـِ 153 طناً من القنابل، وقتلنا عناصر واغتيلت قيادات ودُمّرت مواقع".

 

ويتكوف وكوشنر لنتنياهو: ليس مسموحاً تعريض اتفاق غزة للخطر

المدن/21 تشرين الأول/2025

نقل الموفدان الأميركيان ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، رسالة حازمة خلال اجتماعهما، اليوم الاثنين، مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، مفادها أن "الولايات المتحدة تؤيد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكنها لا تسمح بخطوات قد تعرض اتفاق وقف إطلاق النار في غزة للخطر". وذكرت القناة (12) الإسرائيلية، أن نتنياهو ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، شددا خلال الاجتماع على أن "إسرائيل ملتزمة بوقف إطلاق النار، وتتوقع من حركة حماس الالتزام بالاتفاق كذلك". وأوضحت القناة أن المبعوثين نقلا موقف البيت الأبيض القائل إن أي تصعيد ميداني جديد، "قد يعرّض المرحلة الثانية من خطة الرئيس دونالد ترامب للخطر". من جهتها، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية، أن الرسالة التي نقلها الجانب الإسرائيلي خلال الاجتماع، شددت على أن تل أبيب سلّمت معلومات إلى آلية الرقابة الدولية التي تقودها الولايات المتحدة بهدف تسريع عمليات البحث التي تجريها "حماس" عن جثث الأسرى في غزة، مشيرة إلى "توقعاتها بأن تفي الحركة بالتزاماتها وتعيد جثث الأسرى المحتجزة لديها". وفي واشنطن، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إن بلاده "منحت حماس فرصة صغيرة لاحترام اتفاق وقف إطلاق النار"، لكنه توعّد بـ"القضاء" على الحركة إذا فشلت في الالتزام به. وأضاف ترامب للصحافيين، اليوم، "توصلنا إلى اتفاق مع حماس يضمن أن يكون سلوكهم جيداً جداً، وإن لم يفعلوا، سنقضي عليهم. وإذا اضطررنا لذلك، فسيتم القضاء عليهم"، محذراً من أنه إذا استمر العنف في غزة، "فسنتدخل ونعالج الوضع، وسيحدث ذلك بسرعة كبيرة وبعنف شديد".

زيارة المبعوثين ودي فانس

ووصل الموفدان ويتكوف وكوشنر إلى إسرائيل صباح اليوم، لإجراء محادثات مع المسؤولين الإسرائيليين حول متابعة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُبرم الأسبوع الماضي بين إسرائيل و"حماس" بناء على خطة ترامب، بعد تصعيد ميداني هدد بتقويضه. والتقى مبعوثا الرئيس الأميركي، وفي وقت سابق اليوم، بقيادات رفيعة في الجيش الإسرائيلي، في اجتماعات مطوّلة خُصصت لمراجعة الاستعدادات العسكرية لتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وبحسب ما أوردت القناة (12)، فقد شمل اللقاء رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) ورئيس شعبة التخطيط في الجيش. وفي حين أكد الجيش الإسرائيلي صحة هذه المعلومات، نقلت القناة عن مصادر سياسية، قولها إن "الاجتماعات عُقدت بموافقة الحكومة"، فيما اعتبرت القناة أن إدارة ترامب هي التي تدير فعلياً وتحدد وتيرة تنفيذ الاتفاق وخطواته الميدانية، بما في ذلك الإجراءات الإسرائيلية داخل القطاع. والتقى نتنياهو بالمبعوثين الأميركيين وبحث معهما "التطورات الأمنية والسياسية في المنطقة"، بحسب مكتب نتنياهو الذي أشار إلى أنه سيلتقي أيضاً نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس، الذي سيبدأ زيارته إلى إسرائيل، غداً الثلاثاء. وبحسب التقارير، تستمر زيارة فانس إلى إسرائيل مدة 48 ساعة. ومن المقرر أن يتوجه إلى مركز توزيع مساعدات وفقاً للآلية الأميركية-الإسرائيلية في قطاع غزة، ويلتقي عائلات أسرى، ويعقد اجتماعات مع نتنياهو، والرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ. في المقابل، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن الجانب الإسرائيلي نجح في ثني نائب الرئيس الأميركي، عن زيارة موقع داخل قطاع غزة، وأنه سيكتفي بمتابعته والإشراف عليه من موقع بعيد، مشيرة إلى أن فانس كان يرغب بزيارة القطاع ليصبح بذلك أرفع مسؤول أميركي يدخله منذ اندلاع الحرب في تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

 

تقرير: ويتكوف وكوشنر أبلغا نتنياهو بأنهما يتوقعان من إسرائيل احترام اتفاق وقف النار...نائب الرئيس الأميركي سيزور الدولة العبرية الثلاثاء ويبقى بضعة أيام

الشرق الأوسط»/20 تشرين الأول/2025

أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن مبعوثي الرئيس الأميركي دونالد ترمب؛ ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، أبلغا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم (الاثنين)، بأنهما يتوقعان من إسرائيل احترام اتفاق وقف إطلاق النار، باستثناء العمليات التي تُنفذ في إطار الدفاع عن النفس من قبل قواتها. ووصل ويتكوف وكوشنر إلى إسرائيل في وقت سابق اليوم، للاجتماع مع نتنياهو في إطار المساعي الأميركية لحماية اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وتأتي زيارة ويتكوف وكوشنر لإسرائيل قبل يوم واحد من زيارة متوقعة لنائب الرئيس الأميركي جي. دي فانس إلى المنطقة. كان المبعوثان قد غادرا منطقة الشرق الأوسط قبل أسبوع، عقب توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس»، لكنهما عادا إلى إسرائيل بعد يوم واحد من مقتل ضابط وجندي إسرائيليين في هجوم نفذه مقاتلو «حماس»، لترد إسرائيل بشن غارات جوية أوقعت عشرات القتلى.

 

نتنياهو: لو أصغيت لمعارضي حرب غزة لمات الإسرائيليون وسط «دخان نووي»...قال إن الجيش الإسرائيلي ألقى «153 طناً من القنابل» على القطاع الأحد

تل أبيب: «الشرق الأوسط»/20 تشرين الأول/2025

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الاثنين، إن حركة «حماس» شعرت «بالسيف على رقبتها»، واضطرت إلى قبول اتفاق وقف إطلاق النار الحالي لأنه أرسل الجيش الإسرائيلي إلى مدينة غزة، آخر معاقلها الرئيسية. وعدّ أنه مع دخول قوات الجيش الإسرائيلي مدينة غزة، «أدركت حماس أنها تواجه الفناء»، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل». وتابع نتنياهو في كلمته أمام الكنيست الإسرائيلي: «لو استمعتُ إلى الكثيرين ممن كانوا في هذه القاعة وخارجها، أنتم الذين طالبتموني بوقف الحرب، والاستسلام، والاستسلام... لو استجبتُ لهذه المطالب، لكانت الحرب قد انتهت بانتصار ساحق لحماس والمحور الإيراني بأكمله». وأضاف: «أنتم تعلمون ذلك، ونحن جميعاً نعلمه»، بينما طُرد نواب معارضة لمقاطعتهم كلام نتنياهو. وزعم نتنياهو أن الإسرائيليين من جميع قطاعات المجتمع «كانوا سيصعدون لبارئهم وسط دخان نووي» لو أوقف الحرب (باكراً) في قطاع غزة.

«رسّخنا مكانتنا كقوة عُظمى»

وأوضح أنه لن يقبل «أن تنتهي الحرب بشروط الاستسلام التي طالبت بها حماس، وللأسف بمساعدة جهات في إسرائيل أيضاً»، مشيراً إلى المعارضة الإسرائيلية «وبمساعدة حكومات العالم، وبمساعدة الصحافة الدولية، وبمساعدة العالم أجمع». وتابع «لقد عززنا ردع إسرائيل، وقوّمنا موقفنا، وأعدنا رهائننا - جميع الأحياء، وبعض القتلى ما زالوا هناك، وسنعيدهم أيضاً... لقد رسّخنا مكانتنا كقوة عظمى، لكن الحملة لم تنتهِ بعد».

«153 طناً» على غزة الأحد

وعدّ نتنياهو أن «حماس» انتهكت وقف إطلاق النار بشكل صارخ أمس بهجومها المميت على قوات الجيش الإسرائيلي في رفح. وأكد أن إسرائيل ردّت على «حماس» بـ153 طناً من المتفجرات على عشرات الأهداف، بما في ذلك على كبار القادة. وأضاف: «وقف إطلاق النار ليس تصريحاً لحماس بتهديدنا... سيكون هناك ثمن باهظ جداً للعدوان علينا». كان الجيش الإسرائيلي أعلن، الأحد، مقتل جنديين في اشتباكات دارت في رفح جنوب قطاع غزة. وبعد شن سلسلة من الغارات على القطاع واتهام «حماس» بخرق اتفاق وقف إطلاق النار، أعلن الجيش الإسرائيلي استئناف تطبيق وقف النار. وأكد نتنياهو أن إسرائيل تمد يدها أيضاً لمن يريدون العيش بسلام. وشدد قائلاً: "السلام يُصنع مع الأقوياء، لا الضعفاء، واليوم يعلم الجميع أن إسرائيل دولة قوية جداً. دولة أقوى من أي وقت مضى". من جهتها، نفت حركة «حماس» علمها بوقوع اشتباكات في رفح، وجددت تأكيدها على الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول).

بحث التحديات والفرص المتاحة

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إنه سيبحث التحديات والفرص المتاحة في المنطقة مع نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس خلال زيارته لإسرائيل التي من المقرر أن تبدأ الثلاثاء. وأضاف نتنياهو في كلمته أمام الكنيست، أنه يتوقع مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب إبرام اتفاقات سلام في المنطقة.

 

بن غفير: إذا لم تُفكك «حماس» سأُفكّك الحكومة الإسرائيلية...حذر من عدم إقرار قانون عقوبة «الإعدام للإرهابيين»

تل أبيب: «الشرق الأوسط»/20 تشرين الأول/2025

صرّح وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، بأنه إذا لم يُقرّ مشروع قانون «عقوبة الإعدام للإرهابيين» في القراءة الأولى في الهيئة العامة للكنيست خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، فإن حزبه اليميني المتطرف «عوتسما يهوديت» لن يعد نفسه مُلزماً بالتصويت مع الائتلاف الحاكم. وفي حديثه للصحافيين قبل الاجتماع الأسبوعي لكتلة حزبه في الكنيست في اليوم الافتتاحي للدورة البرلمانية الشتوية، قال بن غفير إنه مع إطلاق سراح آخر الرهائن الأحياء من غزة، لم يعد هناك «أعذار» لعدم المضيّ قدماً في التشريع، الذي يقول إنه سيردع الإرهاب. كما كرّر بن غفير مطالبته لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بمواصلة الحرب و«تفكيك (حماس)». وأضاف: «إذا لم تُفكِّك الحكومة (حماس)، فسأُفكّك الحكومة»، دون تحديد موعد نهائي، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل». يُمثّل تصريح بن غفير توضيحاً لتهديده الذي أطلقه مساء السبت، عندما صرّح لبرنامج «ميت ذا برس» على القناة 12، بأنه منح نتنياهو مهلة نهائية لتفكيك «حماس» و«فرض عقوبة الإعدام على الإرهابيين»، مهدداً بأنه في حال عدم استيفاء شروطه، سينسحب حزبه من الحكومة. وقال بن غفير في المقابلة: «ما أريده، وهذا ما وعدني به نتنياهو أيضاً، هو تفكيك (حماس)، وإذا لم يُفككها، فهو يعلم جيداً ما سيحدث»، رافضاً الإفصاح عن المدة التي منحها لنتنياهو للامتثال لمطالبه.

«حماس»: لإسرائيل سياسة ثابتة في خرق اتفاق وقف النار

غزة: «الشرق الأوسط»/20 تشرين الأول/2025

قال الناطق باسم حركة «حماس»، حازم قاسم، اليوم (الاثنين)، إن إسرائيل لديها سياسة ثابتة في استمرار خرق اتفاق وقف إطلاق النار، وطالب كل الأطراف التي تريد استمرار الهدوء في المنطقة، بالضغط على إسرائيل لضمان تنفيذ التزاماتها. وأضاف قاسم في تصريحات نشرتها «حماس»: «الحركة تتواصل مع الوسطاء بشكل مستمر بشأن استمرار خروقات الاحتلال الإسرائيلي، وهناك تواصل مستمر مع الجانب الأميركي بشأن التجاوزات التي يتعمد الاحتلال القيام بها». وأكد المتحدث باسم «حماس» أن الحركة التزمت بكل تفاصيل وقف إطلاق النار في غزة، خصوصاً في المرحلة الأولى من خلال تسليم كل الأسرى الأحياء دفعة واحدة، في إشارة منه إلى الرهائن الإسرائيليين. وتابع: «نعمل بشكل يومي على استكمال تسليم كل جثامين الأسرى الإسرائيليين»، مشيراً إلى وجود تحديات كبيرة في تسليم جثامين الأسرى، بسبب الدمار الكبير الذي لحق بالقطاع.

 

إسرائيل تفتح معبر كرم أبو سالم لإدخال المساعدات إلى غزة

المدن/20 تشرين الأول/2025

أكدت إسرائيل، اليوم الاثنين، إعادة فتح معبر كرم أبو سالم لإدخال المساعدات إلى غزة، وذلك غداة شنّها غارات جوية على القطاع عقب اتهامها "حماس" بخرق اتفاق وقف إطلاق النار، وهو ما نفته الحركة. وقال مسؤول عسكري إسرائيلي إن المعبر أعيد فتحه "بشكل كامل وفقاً للاتفاق الموقع" الذي بدأ تنفيذه في 10 تشرين الأول/أكتوبر، مشدداً على أن معبر رفح مع مصر "سيبقى مغلقاً حتى إشعار آخر". وكانت السلطات الإسرائيلية أعلنت، أمس الأحد، تعليق إدخال المساعدات الى القطاع بعد اتهامها حماس بخرق الاتفاق. وصباح الإثنين، بدأ تحرك شاحنات المساعدات الإنسانية من مصر نحو معبري العوجة وكرم أبو سالم، تمهيداً لدخولها إلى قطاع غزة. ويصل عدد شاحنات المساعدات إلى نحو 400 شاحنة يومياً، فيما تم اليوم دفع حوالي 10 شاحنات وقود إلى القطاع لتلبية الاحتياجات الطارئة. إلى ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته منتشرة وفق اتفاق وقف إطلاق النار وستواصل التصدي لأي تهديد مباشر. وأضاف الجيش في بيان أنه رصد، صباح الإثنين، مجموعتين مسلحتين تجاوزتا ما وصفه بـ"الخط الأصفر" واقتربتا من مواقع قواته في حي الشجاعية، فتعاملت معهما بإطلاق النار. وأكد البيان أن القوات ستبقى في جاهزية دائمة للتعامل مع أي محاولات تهدد أمن الجنود أو تنتهك اتفاق التهدئة. وفي سياق متصل، صرح وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن القوات ستتعامل بالقوة مع أي جهة أو فرد يتواجد خارج ما وصفه بـ"الخط الأصفر" في قطاع غزة، مؤكداً أن الرد سيكون فورياً ودون توجيه تحذير مسبق. وجاءت تصريحات كاتس في سياق تحذير واضح من توسيع أنشطة عسكرية أو تواجد مسلح في مناطق تعتبرها إسرائيل خارج نطاق المسموح به، ما يعكس تشددا في قواعد الاشتباك واستعدادا لاستخدام القوة بشكل سريع وحاسم. من جهته، دعا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اليوم الإثنين، إلى التزام إسرائيل وحركة حماس بتنفيذ اتفاق شرم الشيخ بشأن قطاع غزة. وأفادت الخارجية المصرية في بيان، بإجراء اتصالين هاتفيين بين عبد العاطي ونظيريه الفرنسي جان نويل بارو والدانماركي لارس لوكه راسموسن. وشدد عبد العاطي على "الأهمية البالغة لالتزام طرفي اتفاق شرم الشيخ بنص الاتفاق الخاص بوقف الحرب في غزة". واليوم الإثنين، وصل المبعوثان الأميركيان ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر إلى إسرائيل، بحسب ما أكد متحدث باسم سفارة واشنطن، بهدف إجراء محادثات مع مسؤولين إسرائيليين حيال الوضع في غزة.

 

خطة ترامب: كي لا يتحول المرحلي إلى دائم ويتمدد الانقسام لغزة

ماجد عزام/المدن/20 تشرين الأول/2025

سارت المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف اطلاق النار الدائم وإنهاء الحرب في غزة بطريقة مرضية، مع إنجاز تبادل الأسرى الأحياء ووقف الإبادة والمقتلة والمجاعة، وبدء إدخال المساعدات الإنسانية، ورغم التعثر في إعادة حماس جثث الأسرى الإسرائيليين لديها لأسباب لوجستية وموضوعية، تتعلق بالدمار الهائل في غزة، والحاجة لمعدات وخبرات فنية خارجية، إلا أن المرحلة الأولى لا تتعثر بالعموم، ولن تكون عودة إلى الحرب كما شهدناها خلال العامين الماضيين، لكن مع مخاوف جدية باحتمال عدم الشروع الجدي في المرحلة الثانية الصعبة والشائكة من الخطة، ومخاوف من أن يبقى الحال على ما هو عليه لا تتعلق فقط باحتمال استنساخ نموذج جنوب لبنان الذي سنقرأه لاحقاً، وإنما بإبقاء الواقع الراهن لجهة سيطرة حماس الأمنية، وبأسلحة خفيفة ودون إعادة بناء ترسانتها العسكرية على أقل من نصف  قطاع غزة، بدون إعادة اعمار جدية بما يشبه ما كان قائماً مساء 6 تشرين الأول/إكتوبر 2023، والعمل  بالتالي على تقسيم فعلي للقطاع وفق ما يسميه الوسيط  الأميركي بدعم إسرائيلي، بالمناطق الآمنة بحيث يمكن تطبيق المرحلة الثانية، وعلى الأقل الشروع بإعادة إعمارها، مع ترك القسم الآخر وشأنه ويكون المشهد سوريالياً، ومشابهاً تقريباً لما كان قبل الحرب بين غزة والضفة الغربية ولكن داخل غزة نفسها.

إنجاز المرحلة الأولى

بتفصيل أكثر، لم تخلق قصة إعادة جثث القتلى من الرهائن الإسرائيليين معضلة تنسف الاتفاق وخطة ترامب، غير أنها ستكون بالتأكيد عائقاً أمام الانتقال للمرحلة الثانية والمماطلة بظل المواقف داخل حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة، وحتى عائلات الأسرى والرأي العام المطالبة بعدم الانتقال الجدي إلى المرحلة الثانية قبل إنجاز المرحلة الأولى كاملة. وعليه فلن تمنع إسرائيل إدخال المساعدات الانسانية ولو ليس بالوتيرة المتوقعة والمتفق عليها، أي 600 شاحنة يومياً لكنها لن تستطيع ايقافها تماماً، ما سيؤثر للأسف على التعافي المبكر والإيواء العاجل، مع الحاجة إلى إغراق غزة بالمساعدات الغذائية والطبية، بما في ذلك مستلزمات الإيواء من خيم وبيوت جاهزة وإعادة تأهيل وتشغيل البنى التحتية الحيوية من مياه وكهرباء وصرف صحي ومستشفيات ومدارس.

إضافة إلى قصة الجثث والمماطلة الإسرائيلية، ثمة معضلات أخرى تتمثل برغبة حماس في إبراز نفسها كقوة فاعلة مسيطرة مع عمليات إعدام ميدانية صادمة، مستهجنة وغير مبررة بالتأكيد، لمن تتهمهم بالعمالة وسرقة المساعدات، وابتزاز للمواطنين مع تحاشي كبار التجار من مصاصي دماء الناس وقوتهم زمن الحرب.والمحزن أن هذا الأمر تحديداً قد لا تعارضه إسرائيل، رغم الخطاب الدعائي سعياً منها للحفاظ على الواقع الراهن لجهة السيطرة على أكثر من نصف القطاع (55  بالمئة تقريباً)  بسلة غذائه ومناطقه الحيوية الحدودية  التي تلامس نسبة التدمير فيها مئة في المئة، تحديداً بمدن بيت لاهيا وبيت حانون ومعبرها القريب "ايريز"، حيث تدخل غالبية المساعدات الإنسانية للكثافة السكانية بغزة والوسطى، إضافة لمدينة رفح بمعبرها ومحورها ومنفذها نحو العالم الخارجي، والسعي لمنع إعادة إعمار جدية وضخمة  لإبقاء غزة مدمرة وكومة من الأنقاض، منشغلة بنفسها وعاجزة نهائياً عن تهديد إسرائيل. من هذه الزاوية تحديداً يجب النظر إلى تصريحات القيادي بحماس محمد نزال، المتضمنة هدنة من ثلاث لخمس سنوات، والسيطرة الأمنية الميدانية الفعلية، والتنازل عن السلطة شكلاً مع الاحتفاظ بالسيطرة الكاملة على الحكم، وفق قاعدة من يملك السلاح يملك القرار، ورغم أن هذه السيناريو يعني تلاشي أي احتمال لإعادة الإعمار، حيث لن تدفع الدول المانحة (85 في المئة منها على قطيعة مع حماس وتحظر قوانينها التعامل معها وتتهمها بالإرهاب) في ظل الشك وانعدام اليقين باحتمال عودة الحرب في مرحلة قادمة.  هذه التصريحات تعبر كذلك عن الرغبة بالعودة إلى مساء 6 تشرين الأول/أكتوبر، وهذا كان الحقيقة وللأسف موقف حماس طوال الوقت منذ بداية الحرب، بينما تقول الأمم المتحدة إن عملية إعادة الإعمار بهذه الحالة -اذا حصلت أصلاً- ستستغرق قرون لا عقود فقط في حالة تغيير الواقع كلياً. لا يقل خطورة عما سبق استغلال الولايات المتحدة وحتى إسرائيل، المعطيات السابقة لخلق ما يمكن توصيفه بالمناطق الآمنة، وغزة أخرى خارج سيطرة حماس، مع استعداد لاستقبال من يريد اللجوء إليها من مناطق سيطرة الحركة، علماً أن جل سكان القطاع يتكدسون الآن في نصف أراضيه الممتدة من مدينة غزة إلى الوسطى ومواصي خانيونس، وللمفارقة هي نفسها التي تحدثت عنها اسرائيل ذات مرة كمنطقة إنسانية تتلقى المساعدات ولكن مع منع الدخول والخروج منها. 

سيناريو غزة الأخرى والمناطق الآمنة خارج سيطرة حماس وبحسب تعريف مسؤول أميركي، يتضمن إدارة ذاتية وقوة شرطية محلية وإدخال المساعدات وإعادة إعمار ولو جزئية أو مصغرة كذلك. هذا السيناريو الخطر يتضمن عدم العودة للحرب والقتل أو الإبادة والمجاعة، لكنه يعنى تكريس الانقسام السياسي والجغرافي الفلسطيني، ليس بين غزة والضفة الغربية، وإنما داخل غزة نفسها، وبالسياق عرقلة خطط إصلاح السلطة وتوحيد المؤسسات، وبالتأكيد إزالة الأفق والمسار السياسي عن جدول الأعمال. وعليه وما نحن بصدده خطير جداً، حتى لو كان في السياق النظري والفكري، وبالتأكيد  ثمة مجال واسع للعمل فلسطينياً وعربياً وأوروبياً ودولياً منسق لتخفيف سلبيات خطة ترامب، وجلب تفويض وغطاء أممي شرعي لها و إزاحة أو تحجيم توني بلير ومنع مجلس السلام من التدخل مباشرة في إدارة غزة وجعل الأمر منوط حصراً بلجنة وطنية مصداقة وكفؤة ونزيهة ضمن توافق فلسطيني واسع مع إصلاح السلطة وقيادتها عملية إعادة الإعمار، وخوض المقاومة والكفاح متعدد المستويات، على الطريق الشاق والطويل نحو الدولة  المستقلة وتقرير المصير.

 

إسرائيل مقبلة على أزمة سياسية.. مع عودة الكنيست من عطلته

المدن/20 تشرين الأول/2025

افتتحت الكنيست، اليوم الاثنين، دورتها الشتوية والأخيرة قبل الانتخابات المقبلة، وسط توتر سياسي حاد وهجوم من حكومة بنيامين نتنياهو على السلطة القضائية، وانتقادات من قيادات الائتلاف إلى المحكمة العليا والجهاز القضائي. وافتتح رئيس الكنيست أمير أوحانا، الذي افتتح الدورة بهجوم حاد على السلطة القضائية، وقدّم رئيس المحكمة العليا يتسحاق عميت، بصفته "قاضي المحكمة العليا" بدلاً من "رئيس المحكمة العليا". وقال أوحانا في مستهل خطابه: إن "دهس الكنيست من قِبل الجهاز القضائي يشكّل مساساً خطيراً بالديمقراطية الإسرائيلية"، وهذا ما أثار اعتراض أعضاء المعارضة، وأدى إلى صخب ومشادات خلال الخطاب. وأضاف أن هذا يعني "إلغاء ممثلي الشعب، أي السيادة نفسها، الشعب الذي خرج إلى صناديق الاقتراع في يوم الانتخابات، والذين أصواتهم متساوية جميعاً". وتابع أن "الجهاز القضائي، بما في ذلك مؤسسة المستشار القانوني للحكومة – وهي مؤسسة تعمل من دون قانون يحدّد صلاحياتها، والتي تتسع باستمرار – يقوّض عملياً جوهر الاختيار الشعبي". وردّ الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، على تصريحات أوحانا، مشدداً على أنه "لن يقبل بانتهاك الحد الأدنى من الاحترام"، وقال في خطابه: "أرحّب برئيس المحكمة العليا، وأقول إن الوقت قد حان لمناقشة هذه القضايا بعمق". وأضاف "إذا كنا نتحدث عن إلغاء أو تعديل قانوني، فلا بد من تحديد القواعد لذلك، لكن لا علاقة لذلك بانتهاك اللياقة أو كسر تقاليد استمرت عشرات السنين، وأدعو الجميع للجلوس والتحاور". من جانبه، توجّه نتنياهو إلى هرتسوغ بالقول: "قلت سابقاً إن عميت هو رئيس المحكمة العليا، وهذه حقيقة، لكنني أيضاً رئيس حكومة إسرائيل، وهؤلاء هم وزراء حكومتي وأعضاء الكنيست، وهذه أيضاً حقيقة. يجب الاعتراف بهذه الحقائق من جميع الأطراف، لا من طرف واحد فقط".

تهديد من بن غفير

وقبل الجلسة، هدّد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، خلال اجتماع كتلة حزبه في الكنيست، اليوم، بأنه إذا لم يُطرح مشروع قانون يفرض حكم الإعدام على أسرى فلسطينيين، خلال 3 أسابيع، فإن حزبه "القوة اليهودية" الفاشي، لن يكون ملتزماً بالتصويت على مشاريع قوانين الائتلاف، وذلك إلى حين يُطرح القانون للتصويت عليه. وقال بن غفير إن الاتفاق الائتلافي بين حزبه وحزب "ليكود"، برئاسة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ينصّ على سنّ قانون عقوبة الإعدام خلال ولاية الكنيست الحالية، وأن "الليكود" امتنع عن سن قانون كهذا، قبل الحرب على غزة.وأضاف أنه بعد نشوب الحرب "وجدوا ذريعة جديدة وهي أنه لا يمكن دفع القانون تحسباً من المسّ بالمخطوفين". واعتبر أن سن القانون سيشكل "رافعة ضغط كبيرة على حماس، بوصفه جزءاً من سلة الأدوات الإسرائيلية في الحرب. وسلة الذرائع انتهت الآن بعد عودة جميع مخطوفينا الأحياء". في حين قال وزير القضاء ياريف ليفين، إنه "مع بدء الدورة الشتوية للكنيست، أدعو جميع مركبات الائتلاف إلى وضع الخلافات جانباً، والعمل معاً من أجل استكمال التشريعات لعدد من مشاريع القوانين الهامة، التي كان ينبغي سنّها في دورة الكنيست السابقة، مثل قانون تحديد الهيئات القضائية في المحكمة العليا، والتشريع المتعلق بالاستشارة القضائية للحكومة والقانون الهام بإخراج قسم التحقيق مع أفراد الشرطة من النيابة العامة". يشار إلى أن مشروع قانون فصل منصب المستشارة القضائية للحكومة إلى منصبين، هما المستشارة القضائية والمدعي العام، سيكون مشروع القانون الأول الذي تطرحه الحكومة في دورة الكنيست الشتوية، بهدف إلغاء محاكمة نتنياهو، وسيطرح في الهيئة العامة للكنيست بعد غد.

أزمة نتنياهو

ومع عودة الكنيست، تجددت أزمة رئيس حكومة. فمن جهة، ثمة فرصة لتعزيز مكانته وشعبيّته إثر التوقيع على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وإعادة الأسرى الإسرائيليين، وبالتالي ثمة مصلحة في تقديم موعد الانتخابات، ومن جهة ثانية، يستميت نتنياهو للنجاة من محاكمته بتهم الفساد، وبالتالي يرغب في استغلال كل يوم تبقى في ولايته أملاً بوقفها. واعتبر موقع "واينت"، اليوم، أن الائتلاف الذي يقابله نتنياهو في هذه الدورة ليس ائتلافاً سهلاً، وبين جميع الفترات التي عايشها، تُعد هذه الفترة هي الأكثر حساسيّة على الإطلاق. والسبب ليس فقط قانون تجنيد الحريديم المتنازع عليه والذي يهدد منذ شهور الائتلاف بالتفكك، إنما أيضاً الحرب في غزة التي أخذت شكلاً جديداً بعد توقيع الاتفاق، في حين لا تزال "حماس" واقفة على رجليها خلافاً للنصر المطلق الذي لطالما تعهد نتنياهو بتحقيقه، وهو ما يفتح الباب أمام المزيد من التوترات. يُضاف إلى ما تقدّم، أن كل طرف في الائتلاف يشعر، وفق الموقع، باقتراب انتهاء ولاية الحكومة، وعليه، يستعد للانتخابات. وهو ما يدفع هذه الأطراف عملياً لأن تُشدد مواقفها أكثر وتتصلب في مطالبها، أملاً بأن يُمكنها ذلك من تحقيق مكاسب لطالما سعت إليها. ومن المتوقع أن يستعرض رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست بوعز بيسموت، خلال الأسبوعين المقبلين، مسوّدة قانون التجنيد، الذي من المفترض أن يبدأ مسار سنّه في الكنيست. ووفق الموقع، فإن مسودة القانون تتضمن تسهيلات للحريديم وتستعرض مقترحاً أكثر ليونة من الذي صاغه الرئيس السابق للجنة يولي أدلشتاين. وبالرغم من ذلك، فإن الأحزاب الحريدية تجد صعوبة في القبول بما هو مطروح أمامها هذه الأيام.

ولفت الموقع إلى أن قضية قانون التجنيد تثير علامات استفهام غير بسيطة بشأن سلامة الائتلاف واستقراره. والسبب أنها تدخل في نطاق القضايا التي يعود القرار فيها إلى الحاخامات؛ أي خارج سلطة السياسة، مشيراً إلى أنه من الصعب استشراف ردّة فعل هؤلاء الحاخامات، الذين لم تعد أحزابهم رسمياً جزءاً من الائتلاف، غير أنهم ما زالوا متمسكين بدعم استقراره ومستفيدين من الميزانيات الممنوحة لهم. كما تُشكل الحرب على قطاع غزة فتيل اشتعال بالنسبة لحزبين مركزيين في الائتلاف: "الصهيونية الدينية" ويقوده بتسلئيل سموتريتش، و"القوة اليهودية" الذي يقوده بن غفير. وضع كلا الحزبان هدفاً مركزياً نصب أعينهما منذ اندلاع الحرب، وهو القضاء على "حماس" عسكرياً ومدنياً وسلطوياً. غير أن انتهاء الحرب بالطريقة التي آلت إليها تترك الحركة في السلطة، وتُبقي الحزبين في حالة ترقب وانتظار أملاً بانهيار وقف إطلاق النار. وفي هذا الصدد، رجّح الموقع أنه في حال لم يعد الجيش لمهاجمة غزة بقوة، فقد يسارع سموتريتش وبن غفير لتنفيذ تهديداتهما بتفكيك الائتلاف، وربما يكون ذلك على طريقة ركوب الموجة واستغلال ذلك لتعزيز شعبيتهما قبيل الاستحقاق الانتخابي المرتقب.

 

خامنئي لترامب حول تدمير النووي الإيراني: عِش هذا الوهم

المدن/20 تشرين الأول/2025

قال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، اليوم الاثنين، إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب "واهم" باعتقاده أنه دمّر المنشآت النووية الإيرانية، وذلك في الغارات الأميركية التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية في حزيران/ يونيو الماضي. وقال خامنئي أثناء لقائه رياضيين إيرانيين: "يتفاخر الرئيس الأميركي: لقد قصفنا الصناعة النووية الإيرانية ودمّرناها. حسناً، عِش هذا الوهم!"، وفق ما نقل عنه موقعه الالكتروني. وتسائل خامنئي متوجهاً لترامب: "من أنت لتقرر ما يجب أن تفعله أو لا تفعله دولة تمتلك صناعة نووية؟"، مؤكداً أن "لا علاقة لأميركا بإيران وصناعتها النووية، وأن هذا التدخل تنمّر". وأضاف أن ترامب "يحاول عبر تصرفاته السخيفة وكذبه المستمر بشأن المنطقة وإيران وشعبها أن يرفع معنويات الصهاينة ويُظهر نفسه بمظهر القوي"، مضيفاً "إذا كان فعلاً يمتلك قدرة، فليذهب ويهدّئ الملايين الذين يهتفون ضده في مختلف الولايات الأميركية".

وقصفت الولايات المتحدة في 22 حزيران/ يونيو، موقع فوردو لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض في جنوب طهران، إضافة إلى منشآت نووية في أصفهان ونطنز بوسط البلاد، في خضم حرب استمرت 12 يوماً بين إيران وإسرائيل. ولم تُعرف بعد حصيلة الأضرار بدقّة، غير أن الرئيس الأميركي يكرّر منذ أشهر أن هذه المواقع "دُمّرت بالكامل". وكانت طهران وواشنطن، قد بدأتا في نيسان/ أبريل الماضي، مفاوضات غير مباشرة بوساطة سلطنة عمان حول البرنامج النووي الإيراني، لكنها توقفت بعد أن شنّت إسرائيل في 13 حزيران/ يونيو، هجوماً مباغتاً ضد إيران، وهذا ما أشعل حرباً استمرت 12 يوما، شاركت فيها الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل. وخلال الحرب، نفّذت إسرائيل مئات الضربات ضد مواقع نووية وعسكرية في إيران، واغتالت عدداً من العلماء المرتبطين ببرنامجها النووي، في حين ردّت طهران بإطلاق صواريخ ومسيّرات على مناطق إسرائيلية عدة.

وبيّن خامنئي أن بلاده تتعرض لحرب ناعمة تهدف إلى "إحباط الشعب الإيراني وجعله غافلاً أو يائساً من قدراته"، مشيراً إلى أن "أعداء الأمة الإيرانية يسعون أيضاً لتشويه الواقع عبر إنكار الإنجازات أو تجاهلها، وخلط الكذب بالحقيقة، وتضخيم العيوب، ونشر دعايات مغرضة لتصوير أجواء البلاد كئيبة ومظلمة". ووفق الموقع الإعلامي التابع لمكتب القيادة الإيرانية، أشار خامنئي إلى زيارة الرئيس الأميركي لإسرائيل، معتبراً أن هدفها "بثّ الأمل في نفوس الصهاينة اليائسين ورفع معنوياتهم"، موضحاً أن سبب هذا اليأس، هي "الصفعة المدوّية التي وجّهتها الجمهورية الإسلامية لإسرائيل خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً". وقال إن "الصهاينة لم يتوقعوا أن تتمكن الصواريخ الإيرانية بلهيبها ونيرانها من اختراق أعماق مراكزهم الحساسة وتدميرها وتحويلها إلى رماد".  وأكد أن "إيران لم تشترِ صواريخها من أحد ولم تستأجرها؛ بل هي صناعة محلية خالصة، وإذا اقتضت الحاجة فإن القوات المسلحة ستستخدمها مرة أخرى".

ومن دون الإشارة إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي تمّ في مدينة شرم الشيخ المصري في وقت سابق من الشهر الجاري، قال خامنئي إن "الولايات المتحدة شريكٌ رئيسي في جرائم الكيان الصهيوني"، مذكّراً بأن "أكثر من عشرين ألف طفل ورضيع استُشهدوا في حرب غزة"، متسائلاً: "هل هؤلاء إرهابيون؟ الإرهابي الحقيقي هو أميركا التي أنشأت تنظيم داعش ودفعت به إلى تخريب المنطقة، وما زالت تحتفظ ببعض عناصره في منطقة لاستخدامهم حين تشاء". ووصف خامنئي دفاع ترامب عن الشعب الإيراني بأنه "كذبة مكشوفة"، قائلاً: "العقوبات الثانوية الأميركية التي تتماشى معها دول كثيرة خوفاً تستهدف الشعب الإيراني، ولذلك فأنت عدوّ هذه الأمة لا صديقها". وأشار إلى تصريحات ترامب حول استعداده لعقد صفقة مع إيران قائلاً: "يقول إنه يحبّ الصفقات، لكن إذا كانت الصفقة قائمة على الإكراه ونتيجتها محسومة مسبقاً؛ فهي ليست صفقة؛ بل فرض وتنمر. والشعب الإيراني لن يخضع للفرض ولا للتهديد".

 

اكتشاف سجن تحت الأرض في ريف حمص استخدمته ميليشيات الأسد

دمشق: «الشرق الأوسط»/20 تشرين الأول/2025

عثرت قوى الأمن الداخلي في منطقة المخرم، بريف حمص الشرقي، على سجنٍ تحت الأرض شمال قرية بويضة السلمية، كان يستخدمه نظام الأسد وميليشياته خلال فترة الاحتجاجات الشعبية لاحتجاز المدنيين. وأوضح معاون مدير منطقة المخرم، عمر الموسى، في تصريح لوكالة سانا (الاثنين)، أن اكتشاف السجن جاء قبل نحو عشرة أيام أثناء قيام دوريات الشرطة بعمليات تفتيش وبحث في أماكن يشتبه باستخدامها لأغراض مشبوهة ضمن نطاق المنطقة. السجن عبارة عن مخبأ تحت الأرض مزود بباب حديدي، وبداخله تجهيزات مثل فرش إسفنجية وأغطية صوفية وأدوات تستخدم في التعذيب مثل العصي والحبال، بالإضافة إلى كتب ومطبوعات كانت موجهة للميليشيات المدعومة من النظام البائد. ويتصل الموقع بنفق بعمق خمسة أمتار وطول أربعين متراً. الخبر ليس هو الأول من نوعه في المحافظة منذ سقوط النظام، إذ أعلن مصدر أمني في محافظة حمص، في الرابع من الشهر الحالي، اكتشاف عدة مقابر جماعية تابعة لمنطقة المخرم بريف حمص الشمالي الشرقي، تضم رفات نحو 16 شخصاً مجهولي الهوية، وذلك بعد بلاغ من أحد رعاة الأغنام في المنطقة. المنطقة كانت تحت سيطرة ميليشيا «الدفاع الوطني» التابعة للنظام قبل سقوطه نهاية العام الماضي، وأوضح مسؤول الحواجز في منطقة المخرم، مصطفى محمد، أنه فور تلقي البلاغ، أرسلت دورية إلى الموقع، حيث اكتشفت 6 مقابر موزعة داخل المغاور، مشيراً إلى أن فرقاً من الدفاع المدني والطبابة الشرعية ستتخذ الإجراءات اللازمة لتحديد هويات الضحايا. وأوضح الطبيب الشرعي أحمد الخليل أن الرفات الموجود في أول مغارة تضم ثلاث جثث الأولى لرجل يقارب الثلاثين من عمره، والثانية لفتاة عشرينية، والأخيرة لطفل عمره نحو ثلاث سنوات، وأن مدة الوفاة تُقدر بعشر سنوات، ولا تزال الفرق المختصة مستمرة في الكشف عن بقية الرفات في المغاور الأخرى. وكانت فرق الدفاع المدني في محافظة حمص تمكنت في سبتمبر (أيلول) الماضي، من انتشال رفات عظمي لأشخاص مجهولي الهوية في حي كرم الزيتون بمدينة حمص، وذلك عقب تلقي بلاغ من سكان الحي يفيد بوجود رفات بشري. وفي الرابع والعشرين من الشهر الماضي عثرت قوى الأمن الداخلي في محافظة حمص على سجن تحت الأرض في منطقة زراعية قرب قرية أبو حكفة بالريف الشمالي الشرقي، كان يستخدمه النظام البائد لاحتجاز المدنيين.

 

«قسد» تعلن مقتل 2 من عناصرها في انفجار لغم بريف دير الزور

دمشق: «الشرق الأوسط»/20 تشرين الأول/2025

أعلنت قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، مساء اليوم الاثنين، مقتل 2 من عناصرها في انفجار لغم زرعه تنظيم «داعش» في ريف دير الزور بشرق سوريا. وأضافت في بيان أن الهجوم الذي وقع في منطقة «الكسرة» بريف دير الزور الشرقي استهدف سيارة تابعة لقواتها، وأسفر أيضاً عن إصابة ثلاثة آخرين بجروح. وذكرت «قسد» أنها بدأت عمليات تمشيط واسعة في منطقة الانفجار «لتعقب الخلايا الإرهابية المسؤولة عن هذا الهجوم الغادر».وتسيطر «قوات سوريا الديمقراطية» على أجزاء كبيرة من شمال وشرق سوريا، وتحالفت مع الولايات المتحدة في التصدي لتنظيم «داعش».

 

سوريا: الجيش الإسرائيلي ينفّذ سلسلة توغلات..ويفجّر حقل ألغام

المدن/20 تشرين الأول/2025

اعتقلت قوة من الجيش الإسرائيلي، مدنياً سورياً لأسباب مجهولة في ريف القنيطرة الشمالي، وذلك بالتزامن مع تنفيذ سلسلة توغلات في المحافظة. وأفاد مراسل "المدن" من سوريا، بأن قوة من الاحتلال الإسرائيلي احتجزت حافلة نقل مدني (سرفيس) عند مفرق الكسّارات على طريق بلدة جباثا الخشب، في ريف القنيطرة الشمالي، قبل أن تقوم باعتقال مدني لأسباب مجهولة. وأوضح المراسل أن مصير الشخص ما زال مجهولاً، لافتاً إلى أن القوة الإسرائيلية اقتادته إلى إحدى القواعد العسكرية في ريف القنيطرة، كما لم تعرف الأسباب وراء اعتقاله حتى الآن. في غضون ذلك، نفذت قوات إسرائيلية سلسلة توغلات في ريف القنيطرة، حيث أقامت دورية من الاحتلال مؤلفة من سيارتين عسكريتين محملتين بالجنود، حاجزاً على الطريق الواصل بين أوفانيا وجباتا الخشب شمال المحافظة. كما قامت دورية أخرى مؤلفة من عدة سيارات دفع رباعي محمّلة بالجنود، بإنشاء حاجز مؤقت على طريق بلدة جباثا الخشب، وقامت بعمليات تفتيش دقيقة للمارة. كذلك، نصبت قوة ثالثة من الاحتلال، حاجزاً على مفرق عين البيضة في ريف القنيطرة الشمالي، وذلك بالتزامن مع توغل إسرائيلي آخر لدورية في بئر السربوخ في محيط قرية طرنجة. أثناء ذلك، دوّى انفجار عنيف في جنوب البلاد، بالتزامن مع تحليق مكثف من قبل طائرات الاحتلال الحربية فوق محافظتي القنيطرة ودرعا جنوب البلاد. وقال مراسل "المدن"، إن الانفجار ناجم عن قيام قوات الاحتلال بتفجير حقل إلغام عند الحدود مع الجولان السوري المحتل. والسبت الماضي، اقتحمت قوة من الاحتلال الإسرائيلي، بلدة حضر ذات الغالبية الدرزية، شمال محافظة القنيطرة، عند الحدود مع الجولان المحتل، واعتقلت شخصاً يُدعى كمال نقور، يُشتبه في تورطه بعمليات تهريب أسلحة عبر طرق غير شرعية تمر من جبل الشيخ باتجاه الأراضي اللبنانية. كما أعلن الجيش الإسرائيلي، اعتقال عدد من المشتبه بهم خلال محاولتهم تهريب أسلحة من الأراضي السورية إلى الأراضي اللبنانية، مضيفاً أن المضبوطات شملت قنابل يدوية، ومسدسات، وصواريخ مضادة للدروع، وذخائر متنوعة.

 

واشنطن تُحرج بغداد بالعقوبات.. إيران والحشد بمرمى الاتهامات

بغداد - وليد إبراهيم/المدن/20 تشرين الأول/2025

لم تكن مفاجِئة لكنها كانت مُحرجة سواء بتوقيتها أو بشموليتها، تلك هي حزمة العقوبات التي أصدرتها مؤخراً وزارة الخزانة الأميركية ضد أفراد وأطراف عراقية، وصفتهم الخزانة بأنهم يعملون على "الالتفاف على العقوبات الأميركية" المفروضة على إيران، إضافة إلى مسؤوليتهم عن مقتل أفراد من القوات الأميركية واستهداف مصالح أميركا وحلفائها في الشرق الاوسط. وبالرغم من أن هذه العقوبات لم تكن الاُولى، فقد سبقتها عقوبات مشابهة في فترات متباعدة، إلا أن توقيتها أحرج رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي يحاول جاهداً إعادة ترميم علاقته بالإدارة الأميركية، خصوصاً في وقت يستعد فيه لخوض انتخابات برلمانية ستلعب دوراً هاماً في تحديد ورسم مستقبله السياسي للمرحلة المقبلة، خصوصاً تطلعه لولاية ثانية ورئاسة الحكومة المقبلة. البيان الذي أصدرته الخزانة الأميركية، قال إن العقوبات تمت بناءاً على "تقييمات استهدفت أفراداً وشركات وسفناً" استخدمت الأراضي العراقية لتهريب النفط الإيراني وبيعه على أنه نفط عراقي، لمساعدة طهران في الالتفاف على العقوبات الأميركية، إضافة إلى عمليات تهريب الأسلحة والانخراط بالفساد العام في العراق. من بين الجهات والأشخاص الذين شملتهم العقوبات، "شركة المهندس" التابعة لهيئة الحشد الشعبي، وهي شركة حكومية تم تأسيسها قبل نحو عامين، وصفها البيان بأنها "تكتل تجاري عراقي ضخم، وتُستخدم كواجهة لتقديمها دعماً مادياً ومالياً وتقنياً لكتائب حزب الله العراقية وفيلق القدس الايراني." ومن بين الأسماء التي تم استهدافها بهذه العقوبات، عدد من الشخصيات التي تم ذكرها بالإسم، قال البيان إنهم متهمون بتمويل فيلق القدس، إضافة إلى عمليات غسيل الأموال. ومن بين هذه الاسماء برز اسم رئيس اللجنة الاُولمبية العراقية عقيل مِفتن، والذي قال البيان إنه وشقيقه، الذي شملته بالعقوبات أيضاً، يمتلكان بنكاً عراقياً مرتبطاً بفيلق القدس الإيراني، وإنه "يستغل منصبه كرئيس للجنة الاُولمبية لأغراض الفساد وغسيل عشرات الملايين من الدولارات وتهريب النفط والمخدرات".

الموقف الحكومي

لم تتاخر الحكومة العراقية في بيان موقفها، معبرة عن أسفها لبيان الخزانة الأميركية ووصفته بأنه "يتنافى مع روح الصداقة والإحترام المتبادل" بين البلدين. وقالت الحكومة إن اتخاذ مثل هكذا إجراء، "من دون تشاور أو حوار مسبق، يشكل سابقة سلبية في نهج التعامل بين الدول الحليفة". وأضافت أن رئيس الوزراء "وجّه بتشكيل لجنة عليا تتولى مراجعة القضية ذات الصلة، على أن ترفع تقريرها وتوصياتها خلال شهر بما يلزم من إجراءات قانونية وإدارية". ومع أن الوقت لا يزال مبكراً للحديث عن الإجراءات التي يمكن أن تتخذها الحكومة، إلا أن الاعتقاد الذي أحدثه بيان الخزانة الأميركية، هو أنه وضع رئيس الوزراء، سواءً الحالي أو القادم، في زاوية ضيقة وأسقط من يديه كثير من الخيارات، خصوصاً في الطريقة التي بات يُفترض معها التعاطي سياسياً وقضائياً، وربما أمنياً أيضاً، مع الجهات والأسماء التي طالتها العقوبات، وما قد يتسبب به من حرمان سياسي لهذه الأطراف، خصوصاً في السلطة التنفيذية ومؤسساتها. إن مالا يمكن نكرانه أو التغاضي عنه، هو أن الأطراف التي شملتها العقوبات، تمتلك من القوة والنفوذ ما يجعل أي إجراء يمكن أن تتخذه الحكومة في الوقت الراهن لتحييدها أو تحجيمها، تحدياً كبيراً لرئيس الوزراء، لأنه قد يدفع باتجاه المواجهة المسلحة ويضرب الإستقرار في البلاد بالصميم، وهذا ما لا يتمناه أحد.

ثنائية السلاح والسياسة

أعاد قرار الخزانة الأميركية إلى الواجهة مرة اُخرى، الجدل في العراق بشأن "ثنائية السلاح والسياسة" التي تحولت في السنوات الأخيرة لتصبح ظاهرة عراقية، وتشكل واحدة من تجليات المشهد السياسي في عراق ما بعد العام 2003. فالفصائل المسلحة التي تضمنها قرار الخزانة الأميركية الأخير، وقبلها قرارات ممثالة طالت فصائل أخرى، باتت أسماءها تمثل مرتكزاً في العملية السياسية العراقية، تمتلك جميعها حضوراً سياسياً متميزاَ، ليس فقط في السلطة التشريعية بل والتنفيذية أيضاً. وبفضل هذا الحضور السياسي، نجحت هذه الفصائل من فرض نفسها على جميع مفاصل الحياة، حتى بات حضورها يطغى في كثير من الأحيان على حضور الدولة في العديد من هذه المفاصل، سواءً الرسمية أو غير الرسمية. وحتى تكتمل الصورة، فان هذه الفصائل ومن خلال أجنحتها السياسية، تستعد حالياً للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المتوقع إجرائها منتصف الشهر المقبل. ومع دعوة هذه الفصائل لأتباعها للمشاركة الواسعة بالانتخابات، فإن المتوقع هو أن تحافظ هذه الفصائل على وجودها داخل المؤسسة التشريعية، وهذا يعني مزيد من الحضور السياسي المستقبلي لها. وليس بعيداً عما يجري، يرى عدد من المحاميين أن مشاركة هذه القوى السياسية بالانتخابات التشريعية، تُعد مخالفة للدستور العراقي الذي يمنع مشاركة أي كيان سياسي لديه ارتباطات بالمؤسسة الأمنية. وهو أمر ينطبق على هذه الكيانات السياسية باعتبارها امتداداً لفصائل مسلحة تنمتي لهيئة الحشد الشعبي، وهي مؤسسة أمنية رسمية. وكان عدد من المحامين قد تقدم قبل شهر تقريباً، بدعوى قضائية لمنع هذه الكيانات السياسية من المشاركة في الانتخابات، لكن الدعوى لم يتم البتّ بها حتى الآن.

ومع استمرار محاولات فرض "ثنائية السلاح والسياسة" على الواقع العراقي، بالترهيب تارة وبالترغيب تارةً أخرى، فإن القناعة التي توفرت لكثيرين، هي أن بقاء هذا الحال لم يعد مستساغاً، لأنه يعني الإبقاء على وضع مرتبك للدولة العراقية وللعملية السياسية برمتها. فقد شكّل هذا التواجد مشكلة كبيرة للدولة العراقية، ليس داخلياً فحسب، بل وخارجياً أيضاً. فهذه الفصائل المسلحة رفضت في مواقف عديدة الانصياع لقرارات الحكومة، حتى بات وجودها يمثل "دولة موازية" للدولة العراقية. وإزاء هذا التشابك بالمواقف، فان ما لا تُخطئه العين، هو الموقف الواسع الرافض لما يجري. هذا الموقف الذي يؤكد أنه وعلى الرغم من كل ما تملكه هذه الفصائل من سطوة ونفوذ، والذي أوجد في لحظة ما شكلاً من "الاستحقاق" السياسي لها، فإن هذا "الاستحقاق" لم يعد يجد له مبرراً للبقاء والاستمرار.

 

هاجس إسرائيل من دور تركيا بسوريا: محور سني إسلامي!

أدهم مناصرة/المدن/20 تشرين الأول/2025

يؤشرُ تركيز الأبحاث الأمنية الإسرائيلية على دور تركيا العسكري في سوريا الجديدة، وإثارتها الخشية من نشوء محور إسلامي-سني بزعامة أنقرة، كبديل للمحور الإسلامي-الشيعي بقيادة إيران، أن الموضوع يشكل هاجساً أمنياً جدياً لدى الدولة العبرية ودوائرها الاستراتيجية في سياق الشرق الأوسط الجديد الذي تحاول رفقة أميركا، أن تفرضه بقوة السلاح وعنترية السياسة.. فالأمر يتعدّى حدود الدعاية الإسرائيلية المجرّدة، و"فنتازيا" تأويلات الإعلام العبري التقليدي.

"التحول الجوهري.. واستغلال الفراغ"

ولعلّ هذا ما يُستنتج من مقال لموقع "علما" المقرب من الاستخبارات الإسرائيلية، بعنوان "محور سني-إسلامي جديد؟"، مسلطاً الضوء على دور تركيا في بناء القوة العسكرية السورية بعد سقوط نظام الأسد. وقال كاتب المقال يعقوب لابين، المتخصص في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، إن وصول "جماعات سنية جهادية" إلى السلطة بعد سقوط الأسد، قد أحدث "تحولاً جوهرياً" في ميزان القوى الإقليمي، تمثّل في استبدال المحور الإيراني-الشيعي الذي كان يتمتع بنفوذ واسع في سوريا، بآخر سني مدعوماً من تركيا. واعتبر لابين أن هذا التحول دفع تركيا إلى "استغلال الفراغ" الذي نشأ بعد سقوط بشار الأسد وانسحاب حلفائه، لتصبح بسرعة "لاعباً مركزياً" يشكل الجيش السوري الجديد، مدعياً أن أنقرة تعمل على ترسيخ نفسها كحليف رئيسي للنظام السوري بقيادة أحمد الشرع، وتسعى إلى بناء قوة الجيش الجديد عبر التدريب المهني وتوفير الأسلحة، لتمكينه من السيطرة على البلاد.

مراقبة إسرائيلية.. و"سؤال مفتوح"!

ويعني هذا، أن مقال "علما" بنى تقييمه واستنتاجه على أساس انخراط تركيا في "تعزيز" القوة العسكرية داخل سوريا، مؤكدا أن إسرائيل تراقب ذلك عن كثب، وتحاول إحباط هذه المساعي بطرق متعددة، بزعم أن غاية الخطوة التركية "الاستراتيجية" بتعزيز التحالف مع دمشق، هي إظهار "قوة تركيا" والدفع ب"أجندة الرئيس رجب طيب أردوغان المتمثلة بالنيوعثمانية والإسلامية"، إلى جانب بناء قدرة عسكرية سورية يمكن تفعيلها ضد أهداف تحددها أنقرة، خصوصا الداخلية كقوات سوريا الديمقراطية (قسد). ورغم أن يعقوب لابين بدا غير جازم بشأن الإجابة على سؤاله حول ما إذا كانت هذه القوة ستُستخدم ضد خصم خارجي، على رأسه إسرائيل، إلا أنه اعتبره "سؤالاً مفتوحاً"، لاسيما وأن بناء القوة العسكرية السورية يعتمد كثيراً على مساعدة تركيا في مجال التدريب المهني والدعم الفني، مروراً بنقل أسلحة متطورة مصنعة في تركيا. وأشار كاتب المقال الإسرائيلي هنا، إلى أن "الواقع الجديد" يشكل "تحدياً طويل الأمد" بمنظور إسرائيل، بدعوى أن الأسلحة التركية التي تشغلها القوات السورية يمكن أن توجهها ضد إسرائيل ذات يوم، وأن ما وصفه بـ"النفوذ التركي" في الجيش السوري، قد يؤدي إلى استخدام مستقل مستقبلي لهذه الأسلحة ضد تل أبيب، على حد تعبيره. لكن لابين عاد ونوه إلى أن خريطة الصراع في سوريا تغيرت جوهرياً مقارنة بما كان عليه الحال قبل نحو 10 أشهر، فالجيش السوري أصبح الآن جزءاً من محور منافس لإيران، ما يخلق "فرصاً لإضعاف هذا المحور أكثر"، وفق قراءة إسرائيل الأمنية.

تدريب ولوجستيات.. فتسليح

وأضاف مقال "علما" أن الدعم الذي تقدمه أنقرة للجيش السوري، يتضمن جوانب شاملة ضمنها اتفاق التعاون العسكري الموقع بين الطرفين في آب/أغسطس 2025، لتطوير الجيش السوري وتعزيز قدراته، وإعادة تأهيل النظام الأمني بالكامل، وتدريب الجنود وفق معايير دولية.

وبينما أشار المقال الإسرائيلي إلى أن الدور العسكري التركي في سوريا، يشمل التدريب واللوجستيات والتسليح، إلا أن أكثر ما يقلق إسرائيل، هو إدخال أسلحة تركية "متطورة" إلى سوريا وتدريب قواتها عليها، بما يقوّض مستقبلاً حرية النشاط الإسرائيلي في سماء سوريا، مدعياً أن أنقرة بدأت في قاعدة بمدينة غازي عنتاب، بتعليم تلك القوات على "الدفاع الجوي"، باستخدام أنظمة تركية، كنظام مضادات للطائرات عيار 35 ملم، من إنتاج شركة "أسيلسان" التركية. ويرى لابين أن استخدام المعدات التركية، يهدف إلى تقليل اعتماد الجيش السوري على المعدات الروسية ودمج العقيدة التركية بالجيش السوري.

كما ألمح مقال "علما" إلى أن الهجوم الجوي الإسرائيلي في 8 أيلول/سبتمبر الماضي، على قاعدة كانت سابقاً مدرسة للدفاع الجوي جنوب حمص، استهدف مستودعاً خُزّنت فيه أسلحة تركية الصنع، وكذلك الحال بالنسبة لهجمات أخرى بالأشهر الماضية، غير أن إشارة الكاتب الإسرائيلي يعقوب لابين إلى مسؤولية إسرائيل عن تلك الهجمات وأهدافها الحقيقية، جاءت على شكل تلميح ضمني؛ لتدارك قيود الرقابة العسكرية الإسرائيلية.

توصية بـ"استعداد إسرائيلي"

وما يُستدل من مضمون المقال، أن الكاتب يعقوب لابين يُكثر الحديث عن "نوايا" تركيا العسكرية في سوريا، لكنه خلا من أي إقرار أمني إسرائيلي بامتلاك أدلة قاطعة بشأن إدخالها أسلحة كأنظمة دفاع جوي إلى سوريا حتى الآن. وخلص المقال إلى أنه مع تراجع النفوذ الإيراني، يبرز احتمال مواجهة مستقبلية بين محور سوري–تركي إسلامي جديد وإسرائيل، ما عدّه "خطراً طويل الأمد يتطلب استعداداً إسرائيلياً مناسباً"، مدعياً أن الدعم التركي لبناء الجيش السوري الجديد، ليس مجرد دعم لوجستي، بل خطوة استراتيجية لتأسيس "تحالف إقليمي جديد وتهديد عسكري محتمل". وطرح سؤالا مركزياً في مقاله بموقع "علما" الاستخباراتي، مفاده: "هل بدأت إسرائيل بالتحضير لهذا السيناريو؟".. فيجيب "لا يوجد تأكيد حتى الآن". والحال أن هكذا مقالات ذات خلفية أمنية وعسكرية إسرائيلية، تكشف تعمد تل أبيب المبالغة المقصودة بشأن دور تركيا العسكري بسوريا، وتضخيم نواياها أكثر من أفعالها؛ بغية خلق عدو جديد في المنطقة؛ لمحاولة تسويغ مواصلة إسرائيل اعتداءاتها على الأراضي السورية وانتهاك سيادة أراضيها، بحجة أنها منطقة صراعات إقليمية ودولية!

 

زيلينسكي مستعد للانضمام إلى قمة ترامب وبوتين حال دعوته

المدن/20 تشرين الأول/2025

أبدى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الاثنين، استعداده للمشاركة في القمة المرتقبة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، في حال دعي إليها. وقال زيلينسكي في تصريحات للصحافيين: "اذا دعيت إلى بودابست، إذا كانت دعوة وفق صيغة أن نجتمع ثلاثتنا، أو... أن يلتقي الرئيس ترامب ببوتين وأن يلتقي الرئيس ترامب بي، عندها وفق صيغة أو أخرى، سنتفق". على صعيد آخر، أكد زيلينسكي أن كييف في حاجة الى 25 نظام "باتريوت" للدفاع الجوي الأميركي الصنع لمواجهة الضربات الروسية، مؤكداً وجوب استخدام الأصول الروسية المجمّدة لتمويل شرائها. من جهته، نفى ترامب، أمس الأحد، مناقشته مع نظيره الأوكراني يوم الجمعة الماضي تنازل كييف عن منطقة دونباس لصالح روسيا كجزء من تسوية لإنهاء الحرب. وقال ترامب: "نعتقد أن ما ينبغي عليهم فعله هو التوقف عند خطوطهم، خطوط المعركة، أما الباقي فالتفاوض عليه صعب للغاية"، مشدداً على ضرورة توقف الطرفين عن القتال فوراً. وكانت وكالة "رويترز" قد نقلت عن مصدرين مطلعين أن ترامب تحدّث خلال الاجتماع مع نظيره الأوكراني عن التخلي عن مساحات من الأراضي لروسيا خلال اجتماع متوتر يوم الجمعة الماضي، مما تسبب في خيبة أمل للوفد الأوكراني. وأضاف المصدران أن ترامب رفض أيضاً تزويد أوكرانيات صواريخ "توماهوك"، وتحدّث عن تقديم ضمانات أمنية لكل من كييف وموسكو، وهي تعليقات رأى الوفد الأوكراني أنها تبعث على الحيرة. ونقلت الوكالة عن مصدر مطلع أن ترامب اقترح وقف إطلاق النار على الجبهات الحالية بعدما قال زيلينسكي إنه لن يتنازل طواعية عن أي أراض لروسيا. وقال مصدر مطلع للوكالة إن الاجتماع كان سيئاً للغاية، وإن ترامب لجأ إلى الألفاظ البذيئة مرات عدة خلال الاجتماع. من جهته، قال جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي إن ترامب لم يقرر بعد ما إذا كان سيجعل صواريخ "توماهوك" متاحة للأوكرانيين.

وفي هذا الشأن، نقل موقع "بوليتيكو" عن مصدر أن الرئيس الأوكراني ذهب إلى واشنطن على أمل إقناع ترامب بتزويد أوكرانيا بصواريخ "توماهوك"، لكنه غادر غير راض. وفي مقابلة بثتها أمس الأحد قناة "إن بي سي" حض زيلينسكي نظيره الأميركي على ممارسة مزيد من الضغط على بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا، لافتا إلى أن الرئيس الروسي "أقوى من حماس". وسُئل زيلينسكي في برنامج "ميت ذا برس" عما إذا يتعين على ترامب أن يكون أكثر صرامة مع بوتين بعدما قدّم خطة لوقف إطلاق النار في غزة، فأجاب بالإنجليزية "نعم، بل وأكثر من ذلك، لأن بوتين (وضعه) مشابه، ولكنه أقوى من حماس".

 

بيعها مستحيل...مسروقات "اللوفر" عملة سرية في عالم الجريمة!

المدن/20 تشرين الأول/2025

ما زالت الشرطة الفرنسية عن أربعة لصوص قاموا الأحد بسرقة حلي "لا تقدر بثمن" من متحف اللوفر في باريس.  ووقعت السرقة التي تحمل بصمة جماعات الجريمة المنظمة، في وضح النهار في أكبر متحف في العالم، والذي يستقبل سنوياُ نحو تسعة ملايين زائر، ويضم 35 ألف عمل فني على مساحة 73 ألف متر مربع. ولقيت العملية اهتماماً واسعاً عالمياً، وأثارت جدلاً سياسياً في فرنسا، وأعادت فتح النقاش حول أمن المتاحف التي تواجه "ضعفاً كبيراً"، وفق وزير الداخلية لوران نونيز. ويتابع القضية نحو 60 محققاً من فرقة مكافحة الجريمة (BRB) التابعة للشرطة القضائية في باريس، والمكتب المركزي لمكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس". وتحيل السرقة إلى أسئلة حول مصير الكنوز المسروقة لأنها تختلف إلى حد ما عن كنوز تتم سرقتها من مناطق الحروب كسوريا واليمن مثلاً وتظهر في دول أجنبية. وبحسب إيرين تومبسون، الأستاذة المتخصصة في جرائم الفن، فإن الأعمال الفنية الشهيرة التي تُسرق من متاحف عالمية كبرى مثل "اللوفر" يكاد يكون من المستحيل بيعها في السوق المفتوحة. هذه القطع موثقة جيداً لدرجة أنها تصبح "خطيرة جدًا" لأي مشترٍ، حتى في السوق السوداء. وبالتالي لا يمكن بيع هذه الأعمال حتى بجزء صغير من قيمتها الحقيقية بسبب شهرتها.

من جهة أخرى، يشير المؤرخ المعروف في جرائم الفن، نواه شارني، إلى أن مثل هذه التحف المسروقة كثيراً ما تتحول إلى شكل من "العملة السرية" في عالم الجريمة، حيث يتم تداولها بشكل سري بين العصابات كضمانات للصفقات، أو تُستخدم كورقة تفاوض من أجل الحصول على أحكام مخففة عند استرجاعها لاحقاً. وتحمل هذه القطع قوة رمزية ومالية هائلة في الأوساط الإجرامية، حتى وإن لم يكن من الممكن عرضها أو بيعها علناً.

مسروقات اللوفر

 ويختلف هذا الواقع تماماً عن القطع الأثرية المنهوبة من مناطق النزاع، كالعراق وسوريا. فهذه القطع، التي غالباً ما تكون غير موثقة أو سيئة التوثيق، يكون من السهل تهريبها وبيعها. وغالباً ما تُجزأ إلى أجزاء – مثل شظايا من الفسيفساء، أو أوانٍ خزفية، أو نقود، أو تماثيل – وتُباع بشكل مجهول عبر الإنترنت، أو من خلال تجار مشبوهين، أو حتى في معارض فنية في مدن كبرى لا تطرح الكثير من الأسئلة. وعلى عكس جواهر "اللوفر" التي يمكن تعقّبها بسهولة، تختفي هذه القطع ببساطة في مجموعات خاصة من دون أن يلاحظها أحد.

وبالتالي من الممكن أن تلجأ عصابة "اللوفر" إلى تشويه القطع أو تذويب الذهب وفك الأحجار الكريمة وبيعها منفردة مثلاً، أو قد تحاول بيعها إلى جامعي التحف النادرة في السوق السوداء عبر شبكة معقدة من الوسطاء ضمن عالم الجريمة المنظمة، وغيرها من الأساليب الخطرة في وقت تقوم فيها الشرطة المحلية والدولية بتعقب تلك الأنشطة التي تبدو وكأنها آتية من صفحات كتب أغاثا كريستي.

مسروقات اللوفر

 وكانت آخر سرقة تعرض لها "اللوفر" العام 1998، لكن أشهرها كان العام 1911 عندما سرقت لوحة الموناليزا على يد موظّف إيطالي يُدعى فينتشينزو بيروجيا، الذي دخل المتحف متخفياً، وأخفى اللوحة تحت معطفه بعد انتهاء الدوام تقريباً، ثم احتفظ بها في شقته في باريس لنحو عامين قبل محاولة بيعها إلى معرض في فلورنسا.  وهذه السرقة أصبحت مثالاً كلاسيكياً على كيفية ظهور أعمال فنية مشهورة على رادار المهربين، وإلى أي مدى يكون بيعها مستحيلاً تقريباً بسبب شهرتها وتعقيدها. وفي أيار/مايو1998، تعرض اللوفر أيضاً لسرقة لوحة بعنوان "Le chemin de Sèvres" للفنان فرانسوا كوروت، عندما أُخِذت من خلف إطارها بعد فك المسامير، ولم تسترجع حتى اليوم.  ويمكن ملاحظة لوائح طويلة لمسروقات من المتاحف بعضها مازال غامض المصير بينما عثرت الشرطة على مسروقات أخرى، أحياناً بعد فترة طويلة من الزمن، كما هو الحال العام 2012 عندما سرقت لوحتا بيكاسو وموندريان من متحف في اليونان، إلى أن عثر عليهما العام2021، بعد سنوات من الاختفاء. ووقعت السرقة الأخيرة في "اللوفر" بين الساعة 9,30 و9,40 صباحاً بتوقيت باريس، بواسطة شاحنة مجهزة برافعة ركنت لجهة رصيف نهر السين. وصعد اللصوص بواسطة الرافعة إلى مستوى نافذة الطابق الأول وقاموا بتحطيمها بواسطة جهاز قص محمول. ودخلوا إلى قاعة أبولون التي تضم مجوهرات التاج الفرنسي وهشموا واجهتين تحظيان بحماية عالية كانت الحلى فيهما.

مسروقات اللوفر

 وأوضحت وزارة الثقافة الفرنسية إن اللصوص سرقوا ثماني حلي "لا تقدر بثمن على الصعيد التراثي"، مشيرة الى أن قطعة تاسعة هي تاج الامبراطورة أوجيني زوجة نابوليون الثالث (الذي كان امبراطوراً بين العامين 1852 و1870) أسقطها اللصوص خلال فرارهم. وقالت المدعية العامة للجمهورية الفرنسية في باريس لور بيكو أن الرجال الأربعة كانوا "ملثمين" وفروا على درجات نارية والبحث جار عنهم. ومن بين الحلي الثماني المسروقة والعائدة كلها إلى القرن التاسع عشر، عقد من الياقوت عائد للملكة ماري-إميلي زوجة الملك لوي-فيليب الأول المؤلف من ثمانية أحجار ياقوت و631 ماسة بحسب موقع اللوفر الالكتروني.

وسرق اللصوص أيضاً عقداً من الزمرد من طقم عائد للزوجة الثالثة لنابوليون الأول، ماري لويز المؤلف من 32 حجر زمرد و1138 ماسة. أما تاج الامبراطورة أوجيني فيحمل حوالى ألفي ماسة. وقال نونيز أن عملية السرقة استمرت "سبع دقائق"، وأن منفذيها لصوص "متمرسون" ربما يكونون "أجانب" و"ربما" عرف عنهم ارتكابهم وقائع مشابهة. وأشارت وزارة الثقافة الى أن سرعة تدخل موظفي المتحف دفعت اللصوص "الى الفرار تاركين معداتهم خلفهم". ونظراً لأنه من شبه المستحيل بيع الحلي المسروقة كما هي، رجحت المدعية العامة بيكو فرضيتين، إحداهما أن يكون اللصوص تصرفوا "لصالح جهة معينة"، أو أرادوا سرقة أحجار كريمة "للقيام بعمليات غسل الأموال". وأعادت العملية، وهي السرقة الأولى في اللوفر منذ العام 1998، فتح النقاش في فرنسا بشأن أمن المتاحف التي أصبحت هدفاً للمجموعات الإجرامية لما تحويه من كنوز فنية، ولكونها تحظى بإجراءات حماية أقل من مؤسسات أخرى مثل المصارف. وتعرضت متاحف فرنسية في الآونة الأخيرة لعمليات سرقة وسطو، ما يسلط الضوء على عيوب محتملة في أنظمة الحماية والمراقبة. وفي منتصف أيلول/سبتمبر، سرقت عينات من الذهب من "المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي" في باريس الذي قدر قيمتها بنحو 600 ألف يورو. وفي أيلول/سبتمبر أيضاً، تعرض متحف في ليموج بوسط فرنسا، وهو أحد المتاحف الرائدة في مجال الخزف، للسرقة، وقدرت الخسارة بنحو 6,5 ملايين يورو.

مسروقات اللوفر

 وعندما سئل وزير الداخلية عن خلل محتمل في نظام المراقبة في اللوفر، أشار إلى أن أمن المتاحف هش. وقال نونيز: "نعلم جيداً أن هناك ضعفاً كبيراً في المتاحف الفرنسية"، مذكراً بأن "خطة أمنية" أطلقتها مؤخراً وزارة الثقافة "لم تستثن" اللوفر. وتعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في كانون الثاني/يناير بترميم متحف اللوفر وتوسيعه، بعدما أعربت مديرته عن قلقها إزاء تردي وضعه. وأثارت السرقة ردود فعل في فرنسا التي تواجه أزمة سياسية منذ أشهر. وأوضحت وزارة الثقافة أن أجهزة الإنذار على النافذة الخارجية لقاعة أبولون والواجهتين اللتين تحظيان بحماية عالية انطلقت بالتزامن عند وقوع العملية. وقال رئيس حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف جوردان بارديلا: "هذه إهانة لا تحتمل. إلى متى سيستمر انهيار الدولة؟" وقال زعيم مجموعة حزب الجمهوريين اليميني في الجمعية الوطنية لوران فوكييه: "فرنسا نهبت. علينا حماية أثمن ما لدينا: تاريخنا"، فيما تعهد ماكرون بأن السلطات ستعثر "على المسروقات وسيحال الفعلة على القضاء".

 

تفاصيل المقالات والتعليقات والتحاليل السياسية الشاملة

وجهة نظر شخصية – سوريا ولبنان: القطعتان التاليتان لتحقيق سلام المشرق

السفير توم باراك/موقع أكس/20 تشرين الأول/2025

(ترجمة من الإنكليزية بتصرف بواسطة الياس بجاني بالإستعانة بمواقع ترجمة ألكترونية)

https://eliasbejjaninews.com/2025/10/148360/

سيُذكر يوم 13 أكتوبر 2025 باعتباره لحظة فاصلة في الدبلوماسية الحديثة للشرق الأوسط. ففي شرم الشيخ، لم يكتفِ قادة العالم بالاحتفال بإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار وبدء مفاوضات السلام، بل اجتمعوا لتأييد الرؤية الجريئة ذات العشرين نقطة للرئيس دونالد ج. ترامب الهادفة إلى التجديد وإعادة الإعمار والازدهار المشترك في جميع أنحاء المنطقة.

تحت قيادته، بدأ عقد من الخوف والركود يتوارى ليحل محله الغاية والتفاؤل. توحدت الدول العربية والإسلامية والغربية في مسعى واحد: استبدال الشلل بالتقدم والعزلة بالإدماج.

لأول مرة منذ قرن، ظهر إجماع حقيقي – وهو إدراك بأن الشرق الأوسط، الذي مزقته الانقسامات القبلية والعقائدية وشوهته التركة الاستعمارية، يمكنه الآن أن ينسج نسيجًا جديدًا من التعاون. إن ما بدأ كتهدئة في غزة تطور إلى شيء أعظم بكثير: كان أولى لبنات الفسيفساء في لوحة متجددة من الشراكة. تحت رعاية الرئيس ترامب، لم يعد الاستقرار يُفرض بالخوف، بل يُتطلع إليه من خلال الفرصة المشتركة؛ لم يعد السلام مجرد استراحة من العنف، بل منصة للانطلاق نحو الازدهار. لا شك أن غزة، التي ابتُليت بالعنف، ستظل تشهد بعض التعثرات والعقبات وانتهاكات الثقة رغم التقدم الكبير المحرز الأسبوع الماضي. ومع ذلك، أدانت الدول الوطنية الإقليمية بالإجماع، ولأول مرة منذ عقود، ممارسات الإرهاب داخل منطقتها.

سوريا: القطعة المفقودة من السلام

ومع ذلك، تظل القطعتان الحيويتان التاليتان في بناء هذا الصرح السلامي غير مكتملتين. أولاً، سوريا: الممزقة والمنهكة بعد سنوات الحرب، تقف كرمز واختبار لقدرة هذا النظام الإقليمي الجديد على الاستدامة حقًا. لا يمكن لأي نسيج سلام أن يكتمل بينما تظل واحدة من أقدم حضارات العالم في حالة خراب. يجب أن تعبر رياح المصالحة التي انطلقت في غزة الآن الحدود الشمالية لإسرائيل لتبعث الحياة في خلاص سوريا.

لقد أظهر مجلس الشيوخ الأمريكي بالفعل بُعد نظر بتصويته على إلغاء "قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا" – وهو نظام عقوبات أدى غرضه الأخلاقي ضد نظام الأسد الخائن السابق، لكنه الآن يخنق أمة تسعى لإعادة البناء. يجب على مجلس النواب أن يحذو حذوه، معيدًا للشعب السوري حقه في العمل، وفي التجارة، وفي الأمل.

عندما أقر الكونغرس قانون قيصر في عام 2019، واجه العالم فظائع ذات نطاق لا يُغتفر. كانت العقوبات هي الأداة الأخلاقية المناسبة لتلك اللحظة. لقد جمدت الأصول، وقطعت التمويل غير المشروع، وعزلت نظامًا وحشيًا. لكن سوريا بعد 8 ديسمبر 2024، مع تنصيب حكومة سورية جديدة، ليست كسوريا عام 2019 ولا كالحكومة التي حكمتها سابقًا. لقد شرعت قيادتها في مسار المصالحة، واستعادت العلاقات مع تركيا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وأوروبا، بل وتشاركت في مباحثات حدودية مع إسرائيل.

في 13 مايو 2025، في الرياض، أعلن الرئيس ترامب عن نيته رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا – وهو تحول تاريخي من الإكراه إلى التعاون. أصبح هذا الوعد سياسة في 30 يونيو، عندما ألغى أمر تنفيذي رسميًا معظم العقوبات السورية، اعتبارًا من 1 يوليو. حولت هذه الإجراءات المزدوجة السياسة الأمريكية من العقاب إلى الشراكة، مما يشير للمستثمرين والحلفاء على حد سواء بأن أمريكا تقف الآن مع إعادة البناء، وليس التقييد.

إلغاء العقوبات ليس عملًا خيريًا؛ إنه استراتيجية. إنه يطلق العنان لقدرة الحلفاء والمستثمرين من القطاع الخاص على إعادة بناء شبكات الكهرباء وأنظمة المياه والمدارس والمستشفيات في سوريا. إنه يمهد الطريق لأحد أهم جهود إعادة الإعمار منذ فترة ما بعد الحرب في أوروبا. تظل الحيوية الاقتصادية هي الترياق الأكيد للتطرف؛ التجارة هي الجسر من الصراع إلى التعايش. لم تعد العقوبات المتبقية تعاقب المستبدين، بل تعاقب المعلمين والمزارعين وأصحاب المتاجر الذين يجب أن يقودوا تعافي سوريا.

الإلغاء، إذن، ليس استرضاءً، بل واقعية. إنه يواءم السياسة مع الحقائق على الأرض ومع تطلعات منطقة مستعدة لطي صفحة الماضي. ناشد ستة وعشرون من كبار رجال الدين المسيحيين من سوريا الكونغرس لإنهاء العقوبات، محذرين من أنها أصبحت الآن أحد الأسباب الرئيسية لتقلص الوجود المسيحي في وطنهم. إن مناشدتهم هي صدى أخلاقي للمد المتغير في المنطقة.

لقد أظهر الرئيس ترامب ومجلس الشيوخ بالفعل شجاعة. يجب على مجلس النواب الآن إكمال هذا العمل الرائد. إلغاء قيصر ليس نسيانًا للتاريخ، بل هو صياغة له من جديد، ليحل محل قاموس الانتقام بلغة التجديد.

لم تكن قمة السلام في غزة مسرحًا رمزيًا، بل كانت فاتحة لـ سمفونية جديدة من التعاون ترتكز على تكامل الطاقة، والترابط الاقتصادي، والطموح الإنساني المشترك. لقد وضع إطلاق سراح الرهائن، ووقف الأعمال العدائية، والالتزامات التي قُطعت في شرم الشيخ أساسًا يجب الآن مراقبته وتعديله وإدارته باستمرار في غزة، لأنه لا شك في أن هذه مسيرة وليست حدثًا. ومع ذلك، يجب الآن توسيع إيقاع الحوار نحو الشمال – إلى سوريا، وفي نهاية المطاف إلى لبنان. اتفاقيات إبراهيم للمنطقة بأسرها هي البوصلة الحقيقية.

لأول مرة في الذاكرة الحية، تتوافق الإرادة السياسية، والضرورة الاقتصادية، والأمل الشعبي، وكل ما يقف في طريق التقدم هو قيادة الحرس الثوري الإيراني العدائية والخائنة ووكلاؤها. لقد عرض الرئيس ترامب على المنطقة ميثاقًا متجددًا، يبادل العداء بالوئام، واليأس بالتنمية، والعزلة بالمصير المشترك. لقد حقق قانون قيصر هدفه. الآن، كما حث الرئيس، حان الوقت "لإعطاء سوريا فرصة".

لقد حان الوقت الآن لكي يتحرك الكونغرس لإلغاء قانون قيصر.

لبنان: الجبهة الثانية

بينما تستعيد سوريا استقرارها مع جيرانها، بما في ذلك إسرائيل وتركيا، فإنها تشكل الركيزة الأولى لإطار الأمن الشمالي لإسرائيل. يجب أن تكون الركيزة الثانية هي نزع سلاح حزب الله داخل لبنان وبدء المباحثات الأمنية والحدودية مع إسرائيل.

إن اتفاق وقف الأعمال العدائية لعام 2024، الذي رعته إدارة بايدن وتم التوسط فيه عبر وسطاء أمريكيين وفرنسيين وأمميين، كان يهدف إلى وقف التصعيد ولكنه فشل في النهاية. لم يكن هناك اتفاق مباشر بين إسرائيل وحزب الله بسبب حقيقة أن لبنان لا يزال يعتبر التعامل مع إسرائيل جريمة، وبالتالي لا توجد آلية حقيقية للإنفاذ. استمرار تمويل إيران لميليشيا حزب الله على الرغم من العقوبات وانقسام مجلس الوزراء اللبناني الذي يوصل رسائل متضاربة لقواته المسلحة اللبنانية، التي تفتقر إلى التمويل والسلطة للتحرك. كانت النتيجة هدوءًا هشًا دون سلام، جيشًا بلا سلطة، وحكومة بلا سيطرة.

لا تزال إسرائيل اليوم تحتل خمسة مواقع تكتيكية على طول "الخط الأزرق"، وتحافظ على قدرة الإنذار المبكر بينما تنفذ ضربات يومية ضد مستودعات حزب الله. وفي الوقت نفسه، يظل مبدأ الحكومة اللبنانية "دولة واحدة، جيش واحد" طموحًا أكثر منه واقعًا، مقيدًا بالهيمنة السياسية لحزب الله والخوف من الاضطرابات المدنية.

في وقت سابق من هذا العام، قدمت الولايات المتحدة خطة "محاولة أخرى"، وهي إطار عمل لـ نزع سلاح على مراحل، والتحقق من الامتثال، والحوافز الاقتصادية تحت إشراف الولايات المتحدة وفرنسا. رفض لبنان تبنيها بسبب نفوذ حزب الله وتمثيله في مجلس الوزراء اللبناني. بل إن مجلس الوزراء اللبناني محاصر بالشلل الطائفي ويحاول اتخاذ خطوة بنية حسنة إلى الأمام، وقد قلل الإسرائيليون من شأنها تمامًا. قال الإسرائيليون ببساطة إن الخطاب لا يتطابق مع الواقع.

مع استقرار دمشق، يزداد عزل حزب الله. تقوض سيطرة الميليشيا الأجنبية سيادة لبنان، وتعيق الاستثمار، وتؤدي إلى تآكل الثقة العامة، وتشكل إنذارًا دائمًا لإسرائيل. لكن حوافز العمل تفوق الآن تكاليف التقاعس: الشركاء الإقليميون مستعدون للاستثمار، شريطة أن يستعيد لبنان احتكار القوة الشرعية حصريًا تحت سلطة القوات المسلحة اللبنانية. إذا استمرت بيروت في التردد، قد تتصرف إسرائيل من جانب واحد – وستكون العواقب وخيمة.

لذلك، فإن نزع سلاح حزب الله ليس مجرد ضرورة أمنية لإسرائيل؛ إنه فرصة لبنان للتجديد. بالنسبة لإسرائيل، يعني ذلك حدودًا شمالية آمنة. بالنسبة للبنان، يعني استعادة السيادة وفرصة للإنعاش الاقتصادي. بالنسبة للولايات المتحدة، فإنه يحقق إطار الرئيس للسلام من خلال الرخاء مع تقليل تعرض الولايات المتحدة للمخاطر. وبالنسبة للمنطقة الأوسع، فإنه يزيل وكيلًا أساسيًا للنظام الإيراني إلى جانب حماس ويسرّع التحديث والتكامل العربي.

تحقيقًا لهذه الغاية، حاولت الولايات المتحدة توجيه لبنان نحو حل سلمي مع إسرائيل، من خلال الحوافز بدلاً من الفرض، بربط مساعدات إعادة الإعمار من دول الخليج بـ معايير قابلة للقياس، وضمان التحقق (دون سلطة إنفاذ) من خلال الإشراف الأمريكي والفرنسي والأمم المتحدة، وتقوية القوات المسلحة اللبنانية من خلال التدريب والدعم المستهدفين (خصصت الولايات المتحدة هذا الشهر أكثر من 200 مليون دولار إضافية للقوات المسلحة اللبنانية). كانت واشنطن مستعدة لتقديم غطاء دبلوماسي للانتقال السياسي السلمي لحزب الله، وتنسيق البيانات الإقليمية التي تربط الاستثمار بالتقدم، ومساعدة بيروت في تقديم نزع السلاح ليس استسلامًا، بل استعادة للسيادة. لقد تعثرت كل هذه المبادرات بينما تتسارع بقية المنطقة نحو طرد وكلاء إيران الإرهابيين.

تمثل تحركات سوريا الشجاعة نحو اتفاق حدودي، ونأمل في تعاون مستقبلي، الخطوات الأولى نحو تأمين الحدود الشمالية لإسرائيل. يجب أن يكون نزع سلاح حزب الله هو الخطوة الثانية. يواجه لبنان الآن خيارًا حاسمًا: اغتنام مسار التجديد الوطني أو الاستمرار في الغرق في الشلل والتدهور.

يجب على الولايات المتحدة دعم بيروت للانفصال بسرعة عن ميليشيا حزب الله المدعومة من إيران وتحقيق التوافق مع الإيقاع المناهض للإرهاب في منطقتها قبل أن تستهلكها الموجة الجديدة من عدم التسامح المطلق مع المنظمات الإرهابية.

إذا فشلت بيروت في العمل، فمن المحتم أن يواجه الجناح العسكري لحزب الله مواجهة كبرى مع إسرائيل في لحظة قوة إسرائيل ونقطة ضعف حزب الله المدعوم من إيران. وبالمقابل، سيواجه جناحه السياسي بلا شك عزلة محتملة مع اقتراب انتخابات مايو 2026.

إذا تعرض حزب الله لهجوم عسكري جاد من إسرائيل وواجه خسائر إقليمية أو سياسية أو في السمعة، فمن شبه المؤكد أنه سيسعى إلى تأجيل انتخابات مايو 2026 للحفاظ على قاعدة سلطته وإعادة تجميع صفوفه. إن إجراء الانتخابات في مثل هذه اللحظة سيكشف عن موقفه الضعيف، ويخاطر بانتكاسات انتخابية لحلفائه، ويشجع الفصائل المنافسة على تحدي هيمنته ضمن النظام الطائفي الهش في لبنان. من خلال التذرع بـ "الأمن القومي" و"عدم استقرار وقت الحرب"، يمكن لحزب الله أن يبرر التأخير كوسيلة للحفاظ على الوحدة وحماية المجتمع الشيعي من الاستغلال الخارجي المتصور. في الواقع، سيكسب التأجيل الوقت – لإعادة البناء العسكري، وإعادة التنظيم السياسي، وإعادة التفاوض على توازن القوى في فترة ما بعد الحرب قبل مواجهة الناخبين.

إن تأجيل انتخابات 2026 تحت ذريعة الحرب سيشعل فوضى كبرى داخل لبنان، مما يفكك نظامًا سياسيًا هشًا بالفعل ويعيد إشعال عدم الثقة الطائفي. ستنظر العديد من الفصائل اللبنانية – لا سيما الكتل المسيحية والسنية والإصلاحية – إلى التأخير على أنه استيلاء غير دستوري على السلطة من قبل حزب الله لترسيخ سيطرته وتجنب المساءلة عن دمار الحرب. من المرجح أن يؤدي مثل هذا الإجراء إلى شلل البرلمان، وتعميق الفراغ الحكومي، وإثارة احتجاجات على مستوى البلاد تذكرنا بانتفاضة 2019 – ولكن هذه المرة وسط توتر مسلح وانهيار اقتصادي. إن التصور بأن ميليشيا واحدة يمكنها تعليق الديمقراطية يمكن أن يؤدي إلى تآكل ثقة الجمهور في الدولة، واستجلاب للتدخل الإقليمي، والمخاطرة بدفع لبنان من الأزمة إلى انهيار مؤسسي كامل.

بفضل الزخم الذي اكتسبته "خطة النقاط العشرين" للرئيس، لم يكن المسار نحو توسيع اتفاق إبراهيم أوضح مما هو عليه الآن، بغض النظر عما قد يكون طريقًا وعرًا لحل قضية حماس. ما كان مجرد طموح أصبح سريعًا قابلًا للتحقيق. تقف إيران ضعيفة بشكل نهائي – سياسيًا واقتصاديًا وأخلاقيًا – بينما تقف المملكة العربية السعودية الآن على وشك الانضمام الرسمي. عندما تتحرك الرياض، سيتبعها الآخرون. بعد ذلك بوقت قصير، قد تجد دول المشرق التوافق لا يقاوم، ينجذبون ليس بالضغط ولكن بـ الازدهار. إنه إنجاز غير عادي أن نشهد جني السلام لثماره وترسيخ الرخاء بين الدول التي كانت خصومًا قبل أسبوع واحد فقط. سيذكر التاريخ هذا الأسبوع بأنه الأسبوع الذي بدأ فيه قرن من الصراع يتلاشى ليحل محله جيل من التعاون. يجب أن نضع في اعتبارنا أن التعاون هو مجرد مسار نحو السلام والتفاهم، وليس ضمانًا. يجب علينا جميعًا أن نواصل العمل بلا كلل للسماح لهذه القطع المعقدة من الفسيفساء بالعثور أخيرًا على مكانها بجوار بعضها البعض.

سيصل إلى بيروت الشهر المقبل سفير الرئيس ترامب المعين حديثًا الشديد الكفاءة السيد ميشيل عيسى، لمساعدة لبنان على توجيه مسار ثابت عبر هذه القضايا المعقدة. حان الوقت الآن لكي يتصرف لبنان.

 

السلام المهدَّد: مسارٌ دائم التأجيل

د. شارل شرتوني/نقلاً عن موقه هذه بيروت/20 تشرين الأول 2025

(ترجمة من الإنكليزية بتصرف بواسطة الياس بجاني)

https://eliasbejjaninews.com/2025/10/148377/

يمثّل التقدم الكبير نحو السلام الذي حققته إدارة الرئيس دونالد ترامب فرصة ثمينة، إن أمكن تجاوز العقبات الأساسية التي تعترض طريقه. فلا مجال لمقارنة هذا الإنجاز الدبلوماسي الباهر بالمحاولات السابقة الفاشلة التي اتسمت بسوء التخطيط لإنهاء دوامة العنف في المنطقة. لقد تلاشى ضجيج الرئيس الفرنسي وانهار الخطاب الشعبوي «الواوكي» الذي استغلّ حرب غزة لتحقيق مكاسب سياسية وإيديولوجية. والمثير للاهتمام في هذه المرحلة هو تخبّط حركة “حماس” ومحاولتها عرقلة الدينامية الجديدة وإجهاض الأفق السياسي الصاعد. أما القمع العنيف للمعارضة وإغلاق الفضاء السياسي فهما نذير شؤم واضح.

لقد عكست سرعة ردّ الرئيس ترامب وتحذيراته في الوقت المناسب رفض الحركة الإرهابية التخلّي عن هيمنتها وإصرارها على استعادة السيطرة على المشهد السياسي الفلسطيني. أما البيانات السياسية الصادرة عن مراكز القوى المتنازعة داخل “حماس”، فتبدو متضاربة مع بنود الهدنة، أحادية الجانب في مضمونها، وتوحي بأن الحروب لم تنتهِ بل جرى تأجيلها فقط. فمرحلة التعطيل بدأت بالفعل، وهي تهدف بوضوح إلى تحدّي الأفق السياسي الجديد. وتشير التطورات السياسية المتسارعة إلى الدور الإيراني ونزعاته الانتقامية، إذ قرّر النظام في طهران قلب المعادلات السياسية ودعم وكلائه المحليين في غزة ولبنان.

ويتكرّر السيناريو ذاته في البلدين. فـ”حزب الله” مصمّم على منع قيام دولة لبنانية حقيقية وعلى إبقاء البلاد رهينة الشلل والانقسام. أما المشهد السياسي اللبناني المفكَّك ومعوّقات «الدولة العميقة» المتجذّرة تلعب دوراً محورياً في هذا السياق، إذ تُجهض عمل الدولة السيّدة من منبعه. فالبرلمان اللبناني ليس سوى واجهة زائفة تُظهر عجزه التام عن مواجهة الاحتلال السياسي المذهبي، فضلاً عن تواطئه كلّما انتُهكت الصلاحيات الدستورية أو السيادة الوطنية.

السلطة التنفيذية بدورها منقسمة بعمق ولا تلتزم بالأنظمة الدستورية ولا تتوحّد حول برنامج سياسي واضح. وتطفو على مواقفها تناقضات بشأن تطبيق الهدنة المتفق عليها، فيما تكشف لا مبالاتها السياسية غياب أي التزام مبدئي بتنفيذها. هذا التسويف المستمرّ والازدواجية والتردّد يعيد طرح سؤال جوهري حول جدوى وجود الدولة اللبنانية، ويفتح الباب مجدداً أمام الفوضى الإقليمية.

في الحالتين، يُواجه مسار نزع السلاح وتطبيع الخطاب السياسي تحدّيات علنية، بينما يجد الفاعلون المحليون أنفسهم مجدداً أدوات في خدمة سياسة إيران التخريبية. هذا الواقع يحثّنا على إعادة النظر في فرضياتنا السياسية والبحث عن بدائل حقيقية لتجنّب انهيار الدينامية السياسية الصاعدة. وفي هذه المرحلة، تُحدَّد تحفّظات الرئيس ترامب حيال حلّ الدولتين وفق حسابات ظرفية، ومفاوضات دبلوماسية غير مباشرة مع طهران، وغموض يلازم هذه العملية. فلا إمكانية لحلّ سياسي فعّال ما لم يغيّر النظام الإسلامي في إيران خطابه السياسي، وينخرط في عملية دبلوماسية تدريجية، ويتخلّى عن وضعه المتمرّد.

إن الوساطات السياسية الجارية يجب أن تواجه الفاعلين المحليين ورعاتهم الإيرانيين عبر كامل الطيف السياسي، وأن تختبر نواياهم وقدرتهم على التأثير في المسارات السياسية الناشئة. ومواجهة الأجندات السياسية والعسكرية للمخرّبين أمر حتمي إذا أردنا منع الانحراف المتوقع. فلا وساطة دبلوماسية يمكن أن تنجح ما لم تُهزم إيران أو تُحتوى أو تُستقطب. فالعناد المحلي مردّه إلى قدرة طهران على إجهاض أي أفق سياسي بديل، وتغذية التطرف الإسلامي، وتأطير الفوضى ضمن مؤسساتها.

لا أمل بإحداث تغيير سياسي تدريجي طالما يجري السعي لمراعاة المصالح السياسية والاستراتيجية للنظام الإسلامي في طهران. يجب القضاء على بؤر الإمبريالية الإيرانية المتبقية، وإنهاء نزعتها التوسعية النووية والسياسية. فإعادة إطلاق عملية السلام تقتضي إعادة صياغة المعادلة الاستراتيجية لتجعل من الحلول الواقعية أمراً ممكناً. ما دامت لإيران حرية الحركة في المدى المنظور، تبقى فرص إعادة هيكلة النظام الإقليمي معدومة. أما الاعتماد على “نوايا” التنظيمات الإرهابية مثل “حماس” و”حزب الله” فهو انتحار سياسي.

قمة شرم الشيخ تشكّل محطة مفصلية في البحث عن حلّ سياسي مستدام، وفي معالجة مأزق نظام إقليمي فشل طويلاً في تحقيق الاستقرار الجيوسياسي، وفي بناء مؤسسات حديثة، أو في تحديث مفرداته وخطابه السياسي. فصنع السلام لا يمكن أن يقوم على العمليات السياسية المرتبكة أو الغموض الاستراتيجي الذي طبع تاريخنا السياسي المعاصر.

 

ديبلوماسيّة الموفدين الخاصّين... وشخصانيّة السّياسات!

زياد الصائغ/المدن/21 تشرين الأول/2025

تعيشُ الديبلوماسيةُ الدوليةُ تحوّلًا نوعيًّا في طبيعتِها ووظيفتِها. العالمُ الذي كان يُدارُ عبرَ القنواتِ الرسميّةِ للسفراءِ والسفيراتِ، وفقَ بروتوكولاتٍ راسخةٍ واتفاقياتٍ دوليّةٍ تُنظّمُ العلاقاتِ بينَ الدولِ، يشهدُ اليومَ انتقالًا متسارعًا نحوَ نمطٍ جديدٍ من الممارسةِ الديبلوماسيةِ، يقومُ على تكليفِ رؤساءِ الدولِ لموفدينَ خاصّينَ يتولَّونَ إدارةَ ملفاتٍ محدَّدةٍ خارجَ الأطرِ المؤسّسيةِ التقليديّةِ. هذهِ الظاهرةُ لم تَعُدْ استثناءً أو ظرفًا عابرًا، بل تكادُ تُصبحُ القاعدةَ الجديدةَ في السياسةِ الخارجيةِ، بما يطرحُ تساؤلاتٍ عميقةً حولَ طبيعةِ الدولةِ الحديثةِ، وحدودِ مؤسساتِها، ومآلاتِ العلاقاتِ بينَ الشعوبِ والأنظمةِ.

لطالما شكَّلتِ الديبلوماسيةُ الرسميّةُ ركيزةً أساسيةً في ضمانِ استقرارِ النظامِ الدوليِّ. فالسفيرُ/ة كان، تاريخيًّا، ممثِّلًا/ة شرعيًّا للدولةِ بكلِّ ما تحملهُ من عمقٍ مؤسّسيٍّ واستمراريةٍ في الموقفِ، بما يُتيحُ للدولِ التواصلَ عبرَ أدواتٍ تحكمُها التقاليدُ والعقلانيةُ، لا الانفعالاتُ أو المزاجيّاتُ الشخصيّةُ. لكنَّ الزمنَ تغيَّرَ. منذُ مطلعِ القرنِ الحادي والعشرينَ، بدأتْ ملامحُ ديبلوماسيةٍ جديدةٍ تظهرُ، حيثُ يميلُ الرؤساءُ/ ات إلى التعاملِ المباشرِ مع الملفاتِ الدوليةِ عبرَ موفدينَ خاصّينَ يتمتّعونَ بثقةٍ شخصيّةٍ وصلاحياتٍ واسعةٍ، ويعملونَ غالبًا خارجَ تسلسلِ وزاراتِ الخارجيةِ وسفاراتِها. في الولاياتِ المتحدةِ مثلًا، التي تُمثّلُ نموذجًا متقدّمًا للمأسسةِ الدّولتيّة، توسَّعتْ ظاهرةُ الموفدينَ الخاصّينَ بشكلٍ لافتٍ. يُعيّنُ الرئيس/ة مبعوثينَ خاصّينَ للمناخِ، وللشرقِ الأوسطِ، ولأوكرانيا، أو لكوريا الشماليّةِ، في موازاةِ عملِ وزارةِ الخارجيةِ. تحوّلتْ هذهِ الممارسةُ إلى أداةِ نفوذٍ سياسيٍّ مباشرٍ للرئيسِ/ة. خلالَ ولايةِ الرئيس دونالد ترامب الأولى، برزَ جاريد كوشنر، صهرُهُ ومستشارُهُ، بوصفِه القناةَ الأساسيّةَ لإدارةِ ملفاتِ الشرقِ الأوسطِ، بما فيها خطّةُ السلامِ والعلاقاتُ العربيّةُ – الإسرائيليّةُ، متجاوزًا الديبلوماسيةَ الرسميّةَ. حتّى في إدارةِ جو بايدن،  إحتفظَ جون كيري بصفةِ المبعوثِ الخاصِّ للمناخِ، بصلاحياتٍ تتيحُ له التفاوضَ باسمِ البيتِ الأبيضِ، لا باسمِ الحكومة.  يعبّرُ هذا التحوّل عن رغبةٍ في تحقيقِ سرعةٍ ومرونةٍ في التواصلِ مع العالمِ، لكنّه يعكسُ أيضًا تراجعَ الثقةِ بالبنيةِ الديبلوماسيةِ المؤسّسيةِ التي باتتْ تُتَّهَمُ بالبطءِ والعجزِ أمامَ تسارعِ الأزماتِ.

أمّا في روسيا، فالأمرُ يأخذُ منحًى أكثرَ تركيزًا على الشخصنةِ والولاءِ السياسيِّ. الرئيسُ فلاديمير بوتين أعادَ صياغةَ الديبلوماسيةِ الروسيّةِ بحيثُ باتتْ امتدادًا مباشرًا لإرادتِه، لا تجسيدًا لموقفِ الدولةِ كمؤسّسةٍ. الموفدونَ الخاصّونَ الذينَ كلّفَهم الكرملينُ لإدارةِ ملفاتٍ كالحربِ في سوريا أو أوكرانيا أو النفوذِ في إفريقيا، يتحرّكونَ بإدارة شخصيٍّة منه، ويعملونَ بتنسيقٍ وثيقٍ مع الأجهزةِ الأمنيّةِ والعسكريّةِ. إنّهم في الواقعِ أدواتٌ تنفيذيّةٌ في منظومةِ القرارِ الرئاسيِّ، لا مجرّدَ ممثّلينَ ديبلوماسيّينَ. بذلكَ تتحوّلُ الديبلوماسيةُ الروسيّةُ إلى ساحةٍ يُدارُ فيها العالمُ وفقَ رؤيةِ الزعيمِ، لا وفقَ المصالحِ الوطنيّةِ المؤسّسةِ على منطقِ الدولةِ.

فرنسا بدورِها لم تَبْقَ بعيدةً عن هذهِ الموجةِ. في عهدِ الرئيسِ إيمانويل ماكرون، تزايدَ اعتمادُ الإليزيهِ على الموفدينَ الخاصّينَ في الملفاتِ الحسّاسةِ، من لبنانَ إلى الساحلِ الإفريقيِّ، ومن أوكرانيا إلى الشرقِ الأوسطِ. وقد تحوّلَ الموفدُ الخاصُّ إلى أداةِ تدخّلٍ مباشرٍ باسمِ الرئيسِ الفرنسيِّ، متجاوزًا دورَ وزارةِ الخارجيةِ والسفاراتِ. يُقدَّمُ هذا الخيارُ باعتبارِه وسيلةً لتعزيزِ فاعليّة السياسةِ الخارجيّةِ وتسريعِ المبادراتِ، لكنَّهُ في العمقِ يُعبّرُ عن انتقالِ مركزِ الثقلِ من الديبلوماسيةِ المؤسّسيةِ إلى الديبلوماسيةِ الرئاسيّةِ، بما فيها من طابعٍ شخصيٍّ ومزاجيٍّ.

بهذا المعنى، تمثّل ظاهرةَ الموفدينَ الخاصّينَ  وجهًا جديدًا لتحوّلِ الدولةِ ذاتِها، إذْ لم تَعُدِ القراراتُ تُتَّخَذُ في المؤسساتِ العميقةِ ذاتِ الخبرةِ والتوازنِ، بل في دوائرَ ضيّقةٍ مُحيطةٍ بالرؤساءِ، تتحكّمُ فيها الثقةُ الشخصيّةُ أكثرَ من المعاييرِ المؤسّسيةِ. فهل يمكنُ القولُ إنّنا انتقلْنا من زمنِ الدولِ العميقةِ إلى زمنِ المزاجيّاتِ الرئاسيّةِ؟ يبدو أنّ الجوابَ باتَ أقربَ إلى الإيجابِ، خصوصًا مع تراجعِ الدورِ التاريخيِّ للسفراءِ الذينَ كانوا يُعبّرونَ عن استمراريّةِ الدولةِ فوقَ التبدّلِ السياسيِّ. المفارقةُ أنّ هذا التحوّلَ لا يخلو من الإيجابيّاتِ الظاهريّةِ. فالعالمُ اليومَ يعيشُ على إيقاعِ السرعةِ، والأزماتُ تتطلّبُ استجاباتٍ فوريّةً لا تحتملُ البيروقراطيةَ. لذلكَ، يُبرّرُ أنصارُ هذا النهجِ أنّ الموفدينَ الخاصّينَ يُتيحونَ للرؤساءِ التحرّكَ السريعَ والمباشرَ، ويُدخلونَ مرونةً على أدواتِ الديبلوماسيةِ. غيرَ أنّ هذهِ المرونةَ نفسَها تنطوي على خطرٍ كبيرٍ، إذْ تفصلُ بينَ السياسةِ الخارجيةِ والرقابةِ البرلمانيةِ، وتخلقُ مساحاتٍ رماديّةً تُمارسُ فيها السلطةُ بلا مساءلةٍ.

إنّ الديبلوماسيةَ القائمةَ على الموفدينَ الخاصّينَ تُعبّرُ عن تحوّلٍ في طبيعةِ الحكمِ أكثرَ ممّا تُعبّرُ عن تطوّرٍ في أدواتِه. فهي ديبلوماسيةُ الأفرادِ لا ديبلوماسيةُ الدولِ، قائمةٌ على الثقةِ الشخصيّةِ أكثرَ من الكفاءةِ المؤسّسيةِ، وعلى السرعةِ أكثرَ من التراكمِ. وبذلكَ يُصبحُ مستقبلُ العلاقاتِ الدوليةِ رهنًا بمزاجِ الزعماءِ، لا بعقلِ الدولةِ واستراتيجيتِها الطويلةِ المدى. وإذا كان هذا النمطُ يُلبّي متطلّباتِ اللحظةِ، فإنّهُ يُهدّدُ بتآكلِ الأعمدةِ التي قامتْ عليها الديبلوماسيةُ الحديثةُ، أيِ الاستمراريّةَ، والاحترامَ المتبادلَ، والشرعيّةَ المستمدّةَ من مؤسساتِ الدولةِ. لقد دخلْنا فعلًا أزمنةَ الموفدينَ الخاصّينَ، حيثُ تتراجعُ الديبلوماسيةُ عن كونِها علمًا ومهنةً لتُصبحَ فعلًا سياسيًّا شخصانيًّا. وما لم يُستعَدِ التوازنُ بينَ السرعةِ والعمقِ، وبينَ السلطةِ الشخصيّةِ والمؤسّسةِ العامّةِ، فإنّ العلاقاتِ بينَ الدولِ ستفقدُ معناها المستقرَّ لتتحوّلَ إلى لعبةِ انفعالاتٍ تحكمُها نزواتُ القادةِ لا مصالحُ الشعوبِ.

 

لبنان وجامعة العجز العربي

شبل الزغبي/20 تشرين الأول/2025

https://eliasbejjaninews.com/2025/10/148380/

منذ تأسيس جامعة الدول العربية، لم يجنِ لبنان منها سوى الخيبات والمواقف الرمادية. هذه المؤسسة، التي وُلدت بشعارات الوحدة والتضامن، تحوّلت عملياً إلى مظلة لتبرير العجز والانقسام، وإلى منبر للمزايدات القومية التي لا تصنع وحدة ولا تحفظ كرامة دولة واحدة. جامعة تُرفع فيها الشعارات، وتدفن فيها القضايا.

لم تستطع الجامعة أن تحل أي قضية عربية واحدة، كلها فشلت فيها فشلاً ذريعاً، بل في كثير من الأحيان كانت طرفاً غير مباشر في تأجيج الصراعات أو شرعنتها بالصمت. أما في ما يخص لبنان، فقد كانت عبئاً لا سنداً، إذ جُرّ إلى نزاعات لا شأن له بها، فقط ليُستعمل ورقة في صراعات الآخرين.

تحت عنوان "الوحدة"، تآمرت الأنظمة على بعضها، وتحت شعار "الأشقاء"، إشتعلت الحروب بين "الإخوة". لبنان، البلد الصغير بحجمه والكبير بثقافته، دفع ثمن هذا النفاق السياسي. فباسم “العروبة” أُدخل الفلسطيني المسلح إلى أرضه، وباسم “التضامن العربي” غُطّي الاحتلال السوري، وباسم “المقاومة” سُحقت سيادته واغتيل اقتصاده واستُنزفت طاقاته البشرية. نحن كلبنانيين، نؤمن بالهوية اللبنانية الخالصة، هوية تمتد جذورها إلى الحضارة الفينيقية التي أهدت العالم الحروف الأبجدية، وطوّعت البحار ونشرت التجارة والثقافة. نحن أبناء حضارة لم تُبنَ على الشعارات ولا على العداء، بل على الإبداع والانفتاح. وجود لبنان في جامعة الدول العربية اليوم لا يحمل أي قيمة وطنية. هو حضور رمزي، هدفه فقط أن يتسوّل بعض الفاسدين المتأمرين والذميين من أموال الخليج، ويتقاسموا المنافع باسم “العروبة” الكاذبة. لا الجامعة دعمت لبنان في مواجهة الفلسطيني المسلح، ولا تبنّت قضيته ضد الاحتلال السوري أو الهيمنة الإيرانية. بل إنّ معظم أعضائها وقفوا إلى جانب المعتدي على لبنان في مراحل كثيرة، تارة باسم القضية الفلسطينية، وتارة باسم “الممانعة”. الجامعة اليوم ليست سوى نادي أنظمة فاشلة، تتقاذف الخطابات وتُغرق نفسها في اجتماعات عبثية، بينما تغيب عن القضايا الجوهرية: سيادة الدول، كرامة الشعوب، وحماية الإنسان العربي من الاستبداد والفقر. آن للبنان أن يعيد التفكير في جدوى بقائه في هذه المؤسسة العاجزة. فلبنان ليس بحاجة إلى جامعة عربية تصدر بيانات شجب فارغة، بل إلى مشروع وطني سيادي يعيد له دوره التاريخي كمنارة حرية وثقافة وتنوير في الشرق. لبنان لم يكن يوماً ذيلاً لأحد، ولن يكون. نحن ورثة حضارة غزت العالم بالعلم لا بالسيف، وبالثقافة لا بالتحريض. وإذا كان بقاءنا في جامعة الدول العربية يعني التنازل عن هويتنا وسيادتنا، فالأجدر بنا أن نغادرها مرفوعي الرأس قبل أن نصبح مجرد صدى في قاعة من الأصوات الزائفة.

 

من أرض الأرز إلى عرش بطرس... لبنان يفرح بقدّيسه الجديد

مروان الشدياق/نداء الوطن/21 تشرين الأول/2025

لليوم الثالث على التوالي، تواصلت في أروقة الفاتيكان وعبر القارات أصداء إعلان قداسة المطران إغناطيوس شكرالله مالويان، أسقف ماردين للأرمن الكاثوليك، ذاك الراعي الذي جعل من صليبه جسرًا بين الأرض والسماء، ومن شهادته شعلةً لا تنطفئ في وجدان المؤمنين. من قلب ساحة القديس بطرس إلى أرمينيا، وصولًا إلى دير سيدة بزمار في لبنان، يتردّد اسم مالويان كترنيمةٍ من نور، ونداءٍ إلى الإيمان والصمود والرجاء.

عاشق أرض بزمار… وشهيد الإيمان

في التاريخ كما في الروح، تبقى بزمار مرآة القداسة. من ترابها خرج هذا الراهب الأرمني المتواضع الذي أحبّ أرض لبنان كما أحبّ وطنه الأم أرمينيا. هناك في دير سيدة بزمار البطريركي، عاش شكرالله ملكون مالويان سنوات التكوين، ينهل من ينابيع العلم والصلاة، قبل أن يعود إلى ماردين ليكون راعيًا على مثال قلب يسوع، يضمّد الجراح ويرعى شعبه وسط المحن. لكن العاصفة العثمانية التي اجتاحت الشرق مطلع القرن العشرين وضعت إيمانه على المحكّ. رفض أن ينكر المسيح رغم التعذيب والإغراء، فاختار طريق الجلجلة بثبات الشهداء، ليُقتل رميًا بالرصاص في 11 حزيران 1915، يوم عيد قلب يسوع الأقدس، مردّدًا: "اللهم ارحمني، بين يديك أستودع روحي". وبذلك صار صوته صدى لدماء الشهداء الأرمن الذين رووا أرض الشرق بالإيمان والدموع والرجاء.

قداسة تتخطّى الحدود

لم يكن الحدث الفاتيكاني الأخير مجرّد احتفالٍ بروتوكوليّ لتقديس سبعة طوباويين، بل كان لحظةً كونيةً تتحد فيها الكنيسة الجامعة بكلّ لغاتها وثقافاتها حول قداسةٍ تنبع من الألم وتثمر سلامًا. وقد حرص قداسة البابا لاوون الرابع عشر على لقاء الوفود المشاركة في قاعة بولس السادس في الفاتيكان، مؤكدًا في كلمته أن القديسين الجدد هم "علاماتٌ مضيئة للرجاء في زمنٍ يحتاج إلى نور". وقال البابا متوجّهًا إلى الحضور اللبناني والأرمني: "نحن نتشارك فرح الشعب الأرمني العزيز إذ نتأمّل قداسة الأسقف الشهيد إغناطيوس مالويان، الذي لم يتخلَّ عن رعيّته في أزمنة الشدائد، بل اختار أن يريق دمه في سبيل الله. فلتُجدّد شفاعته حماسة المؤمنين، ولتُثمر مصالحةً وسلامًا للجميع".

وفد لبناني في قلب الحدث

الوفد اللبناني الرسمي، الذي ضمّ عددًا من النواب والوزراء السابقين، ترأسه كاثوليكوس بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك غبطة البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان، في مشاركةٍ لافتةٍ تؤكّد عمق الحضور اللبناني في قلب الكنيسة الجامعة، وارتباط لبنان الروحي الدائم بروما وبالكرسي الرسولي.

أصوات من القلب

في أروقة اللقاء، عبّرت إحدى المؤمنات اللبنانيات عن مشاعرها قائلةً: "كان لقاءً مليئًا بالنعمة، وكأننا نعيش مجددًا لحظة القيامة. نحن في لبنان بلد القديسين، لكن كل مرة نشعر بنعمة جديدة، كأن الله يكلّمنا من جديد ويقول لنا: "الوجع ما بيروح ضيعان، بيصير قداسة"". وقال أحد الحجاج الأرمن: "اليوم نطلب شفاعة القديس مالويان ليبارك لبنان وأرمينيا، ويزرع فينا السلام. شعور لا يوصف أن نرى أول قديس أرمني كاثوليكي يُعلن في الفاتيكان على يد البابا، وأن نشهد وحدة الإيمان بين الشرق والغرب في لحظة سماوية واحدة".

ميناسيان: قداسة مالويان دعوةٌ إلى إيمانٍ لا يعرف الخوف

ومساء أمس، ترأس غبطة البطريرك ميناسيان قدّاس الشكر على إعلان قداسة المطران مالويان عند مذبح عرش القديس بطرس في بازيليك الفاتيكان، وسط حضور حاشد من اللبنانيين والأرمن الذين قصدوا روما خصيصًا لهذه المناسبة. وفي عظةٍ روحيةٍ جامعة، قال غبطته: "لسنا هنا لمجرّد تذكّر رجلٍ من الماضي، بل لنتقدّم بالشكر لله الذي كتب صفحةً خالدة من الإنجيل من خلال شهادةٍ حيّة لأحد خدامه". وتابع: "هذه ليست احتفاليةً عابرة، بل جواب الكنيسة على صرخة نفسٍ أحبّت المسيح حتى الاستشهاد… الصليب ليس هزيمةً بل هو انتصار".

واستشهد بقول المسيح: "ليس لأحدٍ حبٌّ أعظم من هذا، أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبّائه"، مؤكدًا أنّ قداسة مالويان "هي دعوةٌ إلى إيمانٍ لا يعرف الخوف، إيمانٍ يتكلّم، ويلتهب، ويصمد، ويحبّ حتى النهاية".

وأشار إلى كلمة الشهيد: "نحن نموت، ولكننا نموت من أجل المسيح"، واضعًا إيّاها كبرنامج حياة: الشهادة ليست نهاية مأسوية، بل هي طريقٌ إلى القيامة "حيث لا موت ولا وجع بعد الآن".

وختم داعيًا: "القداسة ليست امتيازًا لقلة، بل هي دعوة للجميع. فلنسِر على خُطى المسيح بقلبٍ ثابت وإيمانٍ نقي ومحبّةٍ متقدة".وكان المشهد مؤثرًا حين ارتفعت التراتيل الأرمنية في أرجاء الفاتيكان، كأنها صلوات تصعد من جبل الأرز ومن ماردين ومن أرض الشهداء إلى قلب السماء.

 لبنان الحاضر دائمًا

من ماردين التي شهدت الدم، إلى بزمار التي ربت الإيمان، إلى الفاتيكان الذي توّج الشهادة بالمجد، تتوحّد اليوم الأرض والسماء حول رسالة واحدة: أن القداسة ليست بعيدة المنال، وأن لبنان، أرض الرسل والقديسين، ما زال ينجب شهودًا يروون العالم بالإيمان.  اليوم الثالث من الاحتفالات لم يكن مجرّد تذكّرٍ لقدّيسٍ نال إكليل المجد، بل هو تجديدٌ لعهد الإيمان الذي لا يُكسر، ورسالةُ رجاءٍ من قلب الكنيسة إلى كلّ قلبٍ متعب: أن الألم، حين يُعاش في حبّ المسيح، يتحوّل إلى نورٍ لا ينطفئ. في زمنٍ يعصف به القلق والحروب، يسطع نجم القديس إغناطيوس مالويان ليذكّرنا أن الصليب ليس نهاية الطريق بل بدايتها، وأن من أحبّ حتى الدم صار حيًّا في المجد.

سلامٌ لذكراه، وبركةٌ على لبنان الذي يفرح اليوم بقديسه، وعلى أرمينيا التي قدّم منها للعالم شهيدًا للإيمان، وعلى الفاتيكان الذي احتضن نوره في قلب الكنيسة الجامعة.

 

خماسية الضباط هي المفضلة

منير الربيع/المدن/21 تشرين الأول/2025

نقل كلام الموفد الأميركي توم باراك مسار تعاطي الولايات المتحدة الأميركية مع لبنان إلى مرحلة جديدة، تتسم بالكثير من الوضوح والرسائل المباشرة. كشف باراك كل ما كان يضمره وما كان المسؤولون اللبنانيون يحاولون مقاربته بشكل مباشر. يمكن تلخيص موقف باراك بثلاث نقاط: أولاً، ضرورة اسراع لبنان في سبيل سحب سلاح حزب الله والتعاطي بجدية مع هذا الملف. ثانياً، الذهاب إلى مفاوضات مباشرة مع إسرائيل لمعالجة كل النقاط العالقة وإنهاء حال الحرب وإبرام اتفاق لوقف العمليات الحربية أو العدائية. ثالثاً، في حال عدم تجاوب لبنان سريعاً مع هذه الشروط، فإن إسرائيل قد تقدم على تنفيذ عملية عسكرية ضد حزب الله، أو أن لبنان سيُترك لمصيره في مواجهة الإهمال والترهل والانهيار في ظل عدم اهتمام أي من الدول الخارجية به.

خماسية الضباط هي المفضلة

يأتي كلام باراك كقوة دفع وتحفيز للدولة اللبنانية نحو القبول بتقديم تنازلات جدية وتشكيل وفد للتفاوض المباشر مع إسرائيل. ولطالما رفض لبنان رفع مستوى التفاوض وتحويله إلى تفاوض على مستوى سياسي وديبلوماسي. وهو يفضل أن يبقى في الإطار التقني والعسكري، ومن ضمن اللجنة الخماسية التي تشرف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، ويشارك فيها الإسرائيليون عبر ضابط. كما أن لبنان يتمثل بضابط، في حضور الضابطين الأميركي والفرنسي وضابط من اليونيفيل.

 وزير لبناني يفاوض ديرمر

ليست قصة الدعوة إلى التفاوض المباشر بالأمر الجديد، بل طرحت كثيراً في السابق. وقبل أشهر، تبلغ لبنان رسائل رسمية على لسان مسؤولين دوليين وأمميين بوجوب تعيين شخصية سياسية لعقد مفاوضات مباشرة مع شخصية سياسية إسرائيلية. وقيل حينذاك إن رئيس الوزراء الإسرائيلي يختار وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر لخوض هذه المفاوضات، ما يعني أن إسرائيل تريد وزيراً لبنانياً للمهمة. وقد رفض لبنان ذلك، وطالب بالتفاوض المكوكي الذي تقوم به الولايات المتحدة. وعندما اشتدت الضغوط، عاد لبنان وطرح فكرة التفاوض المشابه للآلية التي اعتمدت في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية.

عون "خذل" الضاغطين في نيويورك

ارتفع منسوب الضغوط الدولية والعسكرية الإسرائيلية على لبنان، وهو ما دفع برئيس الجمهورية جوزاف عون إلى الإعلان عن خيار التفاوض لتجنيب لبنان أي مخاطر وحماية البلد. وقد احتفظ عون للدولة اللبنانية بحق اختيار شكل المفاوضات وآلياتها. ما يعني أنه ترك الباب مفتوحاً أمام خيار التفاوض غير المباشر. لكن مسألة التفاوض المباشر كانت قد طُرحت أيضاً قبل فترة، وتحديداً قبل ذهاب رئيس الجمهورية إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وكانت هناك ضغوط لدفع عون إلى التعبير عن رغبة لبنان في التفاوض من على منبر الأمم المتحدة، وهو ما لم يحصل في حينها. وكان لبنان يشدد على ضرورة وقف الضربات الإسرائيلية والانسحاب من الجنوب، وبعد ذلك يمكن البحث في كل الملفات.

أفكار تفاوضية "مبتكرة"

عملياً يتوزع موقف لبنان على خيارات عديدة. أولها عدم الدخول في مفاوضات مباشرة ما دامت إسرائيل تواصل اعتداءاتها وضرباتها وتحتل أراضي لبنانية. ثانيها، أن التفاوض يجب أن يكون من ضمن لجنة مراقبة وقف إطلاق النار "الميكانيزم" ما دام كل الأطراف ممثلين فيها. وفي المقابل، جرى النقاش مع مسؤولين لبنانيين في أفكار أخرى، بينها رفع مستوى التفاوض ليتحول إلى تفاوض مباشر، لكن أن يكون الوفد تقنياً عسكرياً، فيما طُرحت فكرة أخرى وهي تعيين شخصية سياسية ضمن لجنة الميكانيزم للمشاركة في المفاوضات. وثمة فكرة أخرى مطروحة هي حصول مفاوضات مباشرة على مستوى عسكري وتقني تمتد لفترة معينة لأجل تأمين ظروف انسحاب إسرائيل من الجنوب ووقف الاعتداءات. فإذا نجحت هذه المفاوضات، يمكن حينها تغيير مستوى التفاوض.

لبنان منفتح على صيغة "مقبولة"

في هذا السياق، تستمر الاتصالات واللقاءات بين المسؤولين، وآخرها كان لقاء رئيس الجمهورية جوزاف عون برئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث جرى النقاش في هذا التفاوض والآلية التي ستعتمد. وحتى الآن، لا يزال لبنان يرفض الدخول في مفاوضات سياسية ومباشرة مع إسرائيل، ولكنه منفتح على البحث في صيغة تكون مقبولة. في المقابل، فإن حزب الله يرفض المفاوضات المباشرة، ويعتبر أن هناك اتفاقاً يجب على الدول الضغط على إسرائيل لتطبيقه.

هل تريد إسرائيل المفاوضات فعلاً؟

في أي حال، وفي انتظار ما سيقرره لبنان حول شكل هذا التفاوض، يتركز السؤال الأساسي حول الموقف الإسرائيلي، وسط تضارب في المعلومات بين إصرار إسرائيل على استدراج لبنان إلى مفاوضات لا تُقدّم فيها أي تنازل، وبين رفضها التفاوض وإبقاء الوضع على حاله، لأنه يلائمها إذ يتيح لها مواصلة تنفيذ عمليات عسكرية وأمنية عندما تشاء، ومن دون استدراج أي رد عسكري من جانب حزب الله.

17 أيار واستحقاق الإقرار في البرلمان

التفاوض سيكون بهدف الوصول إلى اتفاق يمكن أن تُطلق عليه تسمية "اتفاق وقف الأعمال الحربية أو العدائية" أو اتفاق إنهاء حالة الحرب. لكن الأساس فيه، هو نقل لبنان إلى مرحلة جديدة من العلاقة مع إسرائيل، ونقله إلى مرحلة سياسية جديدة على الصعيدين الخارجي والداخلي. وأي اتفاق من هذا النوع، وبكل ما فيه من أبعاد، سيكون مشابهاً لاتفاقية الهدنة أو اتفاق 17 أيار الذي يعود الإسرائيليون إلى فتح أوراقه ودفاتره والبحث في إدخال المزيد من التعديلات عليه. وهذا يعني أن الاتفاق سيكون في حاجة إلى إقراره في المجلس النيابي الذي قد لا تتيح توازناته إقرار أي اتفاق من هذا النوع، بل تكون المفاوضات حالياً مجرد محاولة لإرساء أرضية معينة، لا بد من تثبيتها مع الانتخابات النيابية المقبلة، وفي ظل المساعي إلى تغيير التوازنات السياسية داخل المجلس النيابي. 

 

وكأنّ الجنوب ليس من لبنان!”

ملاك فقيه/موقع الدولة/20 تشرين الأول/2025

كيف لأحد أساطين السّلطة في البلد، والّذي يتربّع على عرش السّلطة التّشريعيّة منذ 33عامًا، أن ينجرّ خلف “لطميّة” أمين عام حزب اللّه؟

لا يجد رئيس مجلس النّوّاب اللّبناني، نبيه برّي، المتربِّع على عرش رئاسة المجلس النّيابي منذ ثلاثة وثلاثين عامًا بالتّمام والكمال، أيّ حرج في توجيه سهام النّقد للدّولة التي يُعَدُّ هو، بلا منازع، واحدًا من أهم أساطينها. إنّها مفارقة عجيبة أن ينجرّ رئيس السّلطة التّشريعية وراء “لطميّة” الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، الّذي حكم سلفه فعليًا البلاد وأضحى نفوذه طاغيًا على مفاصل الدّولة اللّبنانية منذ عام 2008. وكان هذا العام شهدَ ذروة تحوّل القوّة العسكريّة والأمنيّة للحزب إلى هيمنة تشريعيّة وسياسيّة بعد قضم مواقع الرّئاسات الثّلاث، متوّجًا مرشحها ميشال عون رئيسًا للدّولة. لتأتي اليوم المفارقة الأعجب: اتهام الثّنائي لنفس الدّولة الّتي أمعن فيها  تخريبًا، تجاوزًا، وتجاهلًا، بالتّقصير تجاههم! والحال أنّ العلاقة بين الطّرفين (الثّنائي والدّولة) لطالما بدت متوتّرة. ورغم دأب الثّنائي على مخاطبة الدّولة والتّصرف تجاه قوانينها بصيغة “الغائب”، فقد أعلن برّي بهذا التّصريح الأخير انضمامه إلى حلف المواجهة المفتوحة ضدّ رئيس الحكومة. لقد تبيّن له أنّ مزاج طائفته ينزاح لصالح الخطاب “الشّتائميّ والتّخوينيّ” ضد نوّاف سلام، فآثر استلحاق الرّكب بدلاً من الوقوف في وجه التّيّار. وبذلك يسعى برّي إلى المزايدة وتقاسم المكاسب، والمشاركة في تسجيل الأهداف الّتي سجلها خصمه اللّدود وفيق صفا في مرمى “صخرة الرّوشة”.

النّكتة السّمجة والتّاريخ الدامي

إن جلَّ ما فعله الرّجل حقيقةً، لا يعدو كونه استحضار لتلك النّكتة السّمجة الّتي تطلّ برأسها عند أي أزمة تحيط بهم، وعنوانها: “الثّنائي الشّيعي والدّولة”. ورغم أنّ الجمع بين هذين الطرفين (الثّنائي والدولة) يبدو بحدّ ذاته عنوانًا لمسرحيّة كوميديّة سوداء تلخّص هذا العلاقة المتشابكة المضطربة بتاريخها الطويل. ولعلّ أبرز عناوين الاضطراب -بل وبشكل أدق افتعال الأزمات من حين لآخر- يتمثل في شكوى الثّنائي الأزليّة من ” تجاهل الدّولة للجنوب”. عنوان يصلح أن يكون سيمفونيةً أو نشيدًا غير وطني للثّنائي، له نغمة ثابتة ولو تنوّع العزف من منبر لآخر، فالثّابت هو ترديده عند كل مفترق. لكن ذريعة “التّجاهل” هذه تدحضها حقائق عديدة لا داعي لسردها. غير أنّ أهم ما فيها حقيقة تجاهل الثّنائي نفسه للجنوب، وارتهانه للخارج، ثمّ رمي المسؤوليّة على “الدّولة”، وهو ما تجلّى كمثال بـ “حرب الإخوة” باعتبارها واحدة من أكثر الحروب الجنوبيّة الداخلية دمويةً في الثّمانينيات، خاضها الثّنائي الشّيعي وحصدت آلاف القتلى والجرحى. تلك المعارك لم تكن دفاعًا عن أهل الجنوب ولا لأجل عودة الدّولة إليه، بل لحسابات “غير جنوبيّة” وغير لبنانيّة، وبهدف جعل أرض الجنوب لقمةً سائغةً وورقة تفاوض في يد الأطراف الخارجيّة، السوريّة والإيرانيّة آنذاك.

محطّات التّنكيل بالدّولة

أما المحطة الأخرى اللافتة لتجاوز الثّنائي للدّولة عن سبق إصرار، فهو شعار: “شكرًا سوريا” حين دعا أمين عام حزب الله الرّاحل، حسن نصر الله جماهيره للتّظاهر في الثامن من آذار عام 2005 بأعداد غفيرة، ليرفعوا هذا الشّعار بالضدّ من خيارات شعبيّة ورسميّة لبنانيّة. لقد كان الشّكر موجّهًا لنظام احتل دولة نصرالله لعشرات السّنوات، وأذاق مواطنيها كأس الذّل على حواجزه وفي فروعه الأمنيّة، ولم يتوانَ عن اغتيال رموزهم الوطنية، وقتل خيرة شباب الجيش اللبناني وقصف القصر الجمهوري، ومارَس القتل والاعتقال والتّدمير بحق عشرات الآلاف من أبنائها. ومن طقوس تنكيل الثّنائي الشّيعي بالدّولة كفكرة وواقع، قيامه بعزل كل منطقة تضم تجمّعًا شيعيًا عن محيطها، من خلال عشرات أحداث العنف، بدءًا من حرب المخيّمات، مرورًا بأحداث الجامعة العربيّة، فضلاَ عن الهجمات على المناطق المسيحيّة بذرائع مختلفة كالاحتجاج على شربل خليل، وأحداث 7 أيار الّتي لم توفّر كيفون والقماطيّة والباروك، وصولًا إلى القمصان السّود وأحداث الطيونة – عين الرمانة.

ويبقى المظهر الأوضح لعلاقة الثّنائي بفكرة الدّولة مدًّا وجزرًا، هو محاولات التّقزيم والحط من شأنها في عيون المحازبين لهم، والسّعي الدّؤوب كي لا تنضج وتقف على قدميها، بحيث يبقى تحالفهم “الدّويلة” هو الحل والملاذ ضمن معادلة الإضعاف هذه!. وكمثال فإنّ الدّولة التي يشتكيها رموز الهيمنة على الشّارع الشّيعي هي ذاتها الدّولة التي توجّه نصر الله، في أيار 2007، مهددًا جيشها وأركانها قائلًا: “مخيّم نهر البارد خط أحمر”، ليتم لاحقًا اغتيال النّقيب الطّيّار سامر حنّا عام 2008 على يد عنصر من حزب الله بدم ٍباردٍ. وهي نفسها الدّولة الّتي تُرك فيها الغطاء على التّنظيمات الفلسطينيّة الموالية لسوريا وإيران، والّتي صارت مأوى للخارجين عن القانون ومهرّبي السّلاح وتجّار المخدرات!.

“الضعيف وحده يلجأ للقضاء”؟

بينما يطالب هؤلاء بحضور الدّولة، فإنّهم لا يوفّرون مناسبة لإلغائها. فرئيس مجلس النّواب نبيه برّي لا ينفكّ يردّد عبارته الشهيرة: “الضّعيف وحده يلجأ إلى القضاء”!. فيما الطّرف الثّاني من الثّنائي، الحاج وفيق صفا، يزور القضاء لتهديده في عقر داره، لأنّ تحقيقات انفجار المرفأ لا تروق له، مهددًا القاضي بـ “قبعه”. ليسجّل بذلك حادثة غير مسبوقة في تاريخ القضاء اللبناني، وربما في تاريخ أيّ قضاء حول العالم!.

التّنكيل بالإقتصاد

وعلى صعيد اقتصادي، فمفهوم الدولة يزداد التباسًا وتشويشًا لدى الثّنائي. ففي “الدّولة” التي يتخيّلها ويريدها الثّنائي لا مشكلة بأن تُسرق تعويضات حرب عام 2006 تحت عنوان “صندوق مجلس الجنوب”. دولتهم المتخيّلة هي حيث يُمنع أي استثمار في الصّناعة أو الزّراعة أو الخدمات خارج منظومة المحاصصة الّتي يرعونها، وحيث يُوزَّع الضّباط والعناصر والموظفون ليس على أساس الكفاءة، بل وفقًا لمعيار الولاء المطلق، بما يضمن السّيطرة على المعابر والمرافئ والمرافق الحيوية كافّة!. هذا هو تصوّرهم الخاص عن “دولة” يحتاج جيشها إلى إذن بالتّنسيق مع “الحاج” إذا أراد دخول المناطق الشيعيّة، وفيها يكاد رئيس الحكومة أن يُهان من قبل “كتيبة الأهالي” حين يتجرّأ ويزور الجنوب “المحكوم بالتّجاهل” كما يتذرّعون.

نداء العودة إلى الوطن

إذًا، واضح ما هي الدّولة التي يريدها الثنائي. هي باختصار كيس ملاكمة لهم، وأمثولة سيّئة يصنعونها في عيون النّاس كي تبقى “البيئة” بحاجتهم! وبمناسبة الحديث عن صناعة “الضّعف” أو “المثال السّيئ” لا بدّ وأن نتوقف عند أحدث فصول الهجوم، حيث أطلق واحد من أعلى المراكز الدّينية النّداء: “دولتكم تحاصركم وتشدّ الخناق على أعناقكم!” بهذا النداء العاجل، توجّه المفتي أحمد قبلان في خطابه الأخير إلى أهالي الجنوب والضّاحية والبقاع، مستكملًا معركة “كيّ الوعي” التي برع فيها الثّنائي ومن لفّ لفيفهم. ويبدو بذلك أنّه لم يتبقَّ لهم معارك سوى معركتهم ضدّ هذه الدّولة، تعويضًا عن مجموعة الهزائم التي واجهوها، وعجزًا عن الرّد على الخروقات العسكريّة الإسرائيليّة، وتنصّلًا من وعود إعادة الإعمار. هذه الدّولة التي أمعنوا فيها خرابًا وإضعافًا، هي ذاتها التي تحاول اليوم إصلاح الخراب الذي لحق بالبلاد عقب نكبة حرب إسناد غزة. تحاول الدّولة ذلك من خلال تعزيز دور الجيش اللبناني والعودة إلى علاقات عربيّة ودوليّة تؤمّن غطاءً دبلوماسيًا للبنان، وتحميه من الاستباحة في حال تم الإلتزام بالإتفاق وحصر السّلاح بيد الدّولة. وهذا يضمن عودة آمنة للأهالي إلى القرى المهدّمة وتدفق أموال إعادة الإعمار.

مظلومية “غب الطلب”

ساهمت هذه السّياسة المتعمَّدة للثنائي داخل البيئة الشيعيّة، على مدى عقود، في خلق إنسانٍ يمنح نفسه “الحق في التناقض”: يعبِّر عن فائض قوّته في السّيطرة على مفاصل الدّولة كافة، ويستخدم لغة التّعالي مع شركائه في الوطن، حتى لو كان هو نفسه يتبع من ساهم في تآكل الدّولة وتحلّل مؤسساتها وانهيار اقتصادها وهجرة أبنائها. وفي الوقت نفسه، يُجاهر بمظلوميّته الّتي تصل أحيانًا إلى مقارنة أحداث اليوم بأحداث فترة الثمانينيّات، حين تعاكسه الظروف ولا يسعفه الحظ في كسب جميع المعارك. نحن، الّذين كذب علينا من وعدونا بالحماية والبناء واستجلبوا لنا الخراب والموت، يحقّ لنا أن ننحاز إلى خيار الدّولة وأن ندافع عنها، بعدما تبيّن لنا أن كل ما جربناه خارجها لم يجلب لنا سوى الويلات.

 

بين "بقائي" وبقاء لبنان، أين دولة الرئيس؟

الدكتور شربل/اللواء/20 تشرين الأول/2025

لمن لا يعلم، "إسماعيل بقائي" هو المتحدّث بِاسم وزارة الخارجيّة الإيرانيّة، وقد ندّد في تصريح له منذ يومين "بالاعتداءات والغارات الإسرائيليّة التي استهدفت محيط المصيلح والجنوب اللبناني وصولاً الى البقاع، معتبراً أنّ هذه الضربات تمثّل انتهاكاً لوحدة لبنان وللسيادة اللبنانيّة، ومُتّهما فرنسا وأمريكا بالتساهل إزاء تكرار الخروقات الاسرائيليّة".

وعلى طريقة المَثَل اللبناني بالدارِج،

"الكلّ يِحكوا مِن عَداك"، فإننا نسأل حضرة المتحدّث، ماذا فَعَلَت إيران و"حرسها الثوري" للبنان وجنوبِه لحمايته من الغطرسة الإسرائيليّة على مدى أكثر مِن سنتين، أي منذ أن جَرَرتُم أنتم أبناءَ وطني "الشيعة" الأحبّاء في ٨ تشرين الأول ٢٠٢٣، الى حربِ "إسنادٍ" لم تُسنِد إلّا مشروع نتنياهو بِسَحقِ حماس وتدميرِ غزّة وبسحق الآلة العسكريّة "لحزب الله" وتدمير ما استطاع في جنوب لبنان وبقاعه والضاحية؟

كلّ هذا وإيران تُدافع وتُحارب بالمناظير والنظّارات والنظريّات.

 فما أطلقت صاروخاً واحداً على تل أبيب دفاعاً عن ذراعها الأفعل "حزب الله"، حتى عندما اغتيلت قياداته العليا وعلى رأسها أمينه العام التاريخي والاستثنائي السيّد حسن نصرالله الذي أفنى عمره وهو يُبَشّر بعقيدة الوليّ الفقيه وبالمُرشِد الأعلى "للثورة الإسلاميّة" و"بمحور الممانعة" و"بوحدة الساحات" وبالقدرة على إزالة "الشيطان الأصغر" إسرائيل من الوجود وبالقدرة على الوقوف بوجه "الشيطان الأكبر" أمريكا.  على كلٍّ لم نَعُد نلوم إيران على عدم تدخّلها لحماية غزّة ولبنان بعدما أصابَها ما اصابَ غزّة ولبنان و"حماس" و"حزب الله" فَخَسِرَت الجمهوريّة الإسلامية في دزينة أيام فقط، العشرات من قياداتِها العُليا ومن علمائها النوويّين في لحظة واحدة، وَضُرِبَت برامجها وقواعدها النوويّة والصاروخيّة وشُلَّت قدراتها الدفاعيّة بالكامل.  فلعلّ ما حصل يُقنِع حلفاء إيران أنّها أضعف بكثير مِن كلّ الطروحات التي ادّعتها والتي أقنعت حلفاءها بها فدفعوا الثمن غالياً غاليا.

فبالله عليك يا "بقائي"، "إبقينا" بحالنا وارفع يدك عن لبنان ولا بَقَى "تبكّينا". دولة الرئيس نبيه برّي، وأنت المعروف بنباهَتِك، أنت اليوم قبطان مَسيرة "البيئة الشيعيّة" دون منازع، والقبطان تُعرَف مهاراتِه في عَصفِ العاصفة.

لبنان اليوم في قلب عاصفة الثنائي "نتنياهو - ترامب" الذي لا يَسأل لا عن حَجَر ولا عن بَشَر.  ونَحنَ كلنّا نريد إعادة إعمار الجنوب وعودة الجنوبيّين إليه كما الى كلّ المناطق المتضرّرة من "حرب الإسناد"،

 وكلّنا يريد إعادة الأسرى اللبنانيين الى عائلاتهم فنخرج جميعاً من الجحيم. فهل يُمكِن تحقيق ذلك قبل تسليمِ أمرِنا وكلِّ أوراقِنا وكلِّ سلاحِنا الى جَيشِنا والى دولتِنا وأنتم أحد اركانها؟ فيا حضرة القبطان إحرص على الركّاب أن يهدأوا ويَشدّوا الأحزِمَة من أجل هبوطهم الآمن في مدرج الشرعيّة.

تساؤل أخير دولة الرئيس برّي، هل بتُّم، كما "التيّار الحرّ"، تَخشون من تغيّر "المناخ الشيعي" في برلين ومشيغان وأبيدجان وغيرها، فتمنعون انتخاب المغتربين في الخارج لتحجبوا أصواتهم عن صناديق بلداتهم؟

لا تستنسخوا لعبة "حزب الله" الذي كان يُعطِّل البلد بِوَهرَةِ سلاحِه فتعطلوه أنتم بتجاوزكم حدِّ السُّلطة!!

 

المفاوضات ليست بديلًا عن نزع السلاح

شارل جبور/نداء الوطن/21 تشرين الأول/2025

ليس خافيًا على أحد أن الملف الرئيسي في لبنان، والذي يحظى بالاهتمام الخارجي، هو المتعلِّق بسلاح "حزب الله"، وهو ملف مجمّد التنفيذ، لأن الدولة لا تبدو عازمة على احتكار السلاح بالقوة، رغم أن ذلك من أبسط واجباتها ووظائفها، إذ لا دولة تُبنى من دون أن تحتكر وحدها استخدام القوة. وليس خافيًا على أحد أن هناك تفاهمًا ضمنيًا بين الدولة و"حزب الله"، يقوم مبدئيًا على بندين أساسيين:

البند الأول، الدولة اللبنانية لن تنزع سلاح "حزب الله" بالقوة، لكن على "الحزب" أن يتعاون مع الدولة بتسليمها ما يراه مناسبًا من مخازن وأنفاق وسلاح في جنوب الليطاني في هذه المرحلة، وذلك تجنبًا للضغط الدولي على الدولة.

البند الثاني، امتناع الدولة اللبنانية عن نزع سلاح "حزب الله" بالقوة لا يعني التهاون أو التساهل مع أي تحريك للسلاح أو استخدامه ضدّ إسرائيل أو في الداخل. فغض نظر الدولة عن نزع السلاح مشروط بتحويله عديم الفعالية والتأثير. وبمعزل عن أن تعطيل فعالية السلاح غير الشرعي لا يتحقّق بقرار، بل بخطوات تبدأ بنزعه، مرورًا بحلّ التنظيم الذي يستخدمه، ووصولًا إلى حظر عمله إذا أصرّ على الترويج لدوره المسلّح خلافًا للدستور، لكن بمعزل عن ذلك الآن، فإن هناك اعتقادًا بأن الخلفية الأساسية وراء ملاقاة الرئيس جوزاف عون للرئيس دونالد ترامب بالمبادرة إلى مفاوضات لحل المشاكل العالقة بين لبنان وإسرائيل، مردها إلى سبب رئيسي وهو محاولة تحقيق خرق في جدار الجمود الذي دخله ملف السلاح، من خلال القفز فوق هذا الملف، الذي لا تريد الدولة نزعه، ولا يريد "الحزب" تسليمه. ويتم هذا الخرق عبر محاولة إرضاء مزدوجة:

إرضاء واشنطن بأن لبنان لن يكون خارج الترتيب الذي تعمل عليه في المنطقة، وأنه سينضم إلى قطارها ويكون جزءًا من رؤيتها للشرق الأوسط، خصوصًا أن قمة شرم الشيخ جمعت مليار سني.

إرضاء "حزب الله" بأن سقف التفاوض هو العودة إلى اتفاقية الهدنة من جهة، وربط هذا التفاوض، من جهة ثانية، بخروج إسرائيل من النقاط التي تتواجد فيها، ووقف هجماتها، وإطلاق الأسرى، والشروع في إعادة الإعمار.

لكن هذه المبادرة ولدت ميتة مبدئيًا لثلاثة أسباب أساسية:

أولًا، لأن إسرائيل لن تنفِّذ ما هو مطلوب منها قبل ان ينفِّذ "حزب الله" ما وقع عليه في 27 تشرين الثاني 2024، لجهة تسليم سلاحه وتفكيك بنيته العسكرية. ولن تمنحه فرصة إعادة بناء قوته، بل ستبقيه تحت ضغط ضرباتها المستمرة، خاصة بعد أن تمكنت من شلّ حركته العسكرية بالكامل.

ثانيًا، لأن الولايات المتحدة تعتبر أن المدخل إلى التفاوض هو نزع سلاح "حزب الله"، الذي يشكل البند الأول بالنسبة إليها، وما قيمة التفاوض إذا كانت الدولة لم تحتكر السلاح بعد، وإذا كانت نتائج هذا التفاوض غير قابلة للترجمة في ظل السلاح الذي يحول دون هذه الترجمة؟

ثالثًا، لأن التفاوض المطلوب أميركيًا هو التفاوض الذي يقود إلى السلام، لا إلى إعادة العمل باتفاقية الهدنة التي طبقتها إسرائيل بالقوة، ولن توقف استخدام القوة قبل أن تتأكّد من قدرة الدولة اللبنانية على حماية حدودها. فواشنطن لا تعتبر الهدنة إنجازًا، بل ترى في ضمّ لبنان إلى السلام الإبراهيمي هو الإنجاز الحقيقي.

ومن الواضح أن رئيس الجمهورية أراد، في الوقت الضائع، أن يوجِّه رسالة صوتية تعبِّر عن استعداد لبنان لملاقاة المساعي الأميركية للسلام، لكنها رسالة معلّقة التنفيذ بانتظار التطورات العسكرية التي تُرغم "حزب الله" على التخلي عن سلاحه. ويلاحظ أن التصعيد الإسرائيلي بدأ يتدرّج بشكل تصاعدي، ولم تعد استهدافاته تقتصر على المنشآت العسكرية وعناصر "الحزب"، بل باتت تطال الجرافات والشاحنات، في رسالة واضحة مفادها أن العقبة أمام إعادة الإعمار لا تقتصر على غياب التمويل الخليجي، الذي يربط المساعدات باحتكار الدولة للسلاح، بل إن إسرائيل نفسها دخلت على هذا الخط، وللمرة الأولى خلافًا لما حدث في حرب 2006، ما يعني أنها رفعت منسوب الضغط على "الحزب" بربط الإعمار بتسليم السلاح.

ولا ينبغي التقليل من أهمية رسالة رئيس الجمهورية، ولو كانت صوتية، لأنه أكد من خلالها أن الدولة اللبنانية لا تتبنى المقاربة الأيديولوجية لـ "حزب الله" تجاه إسرائيل، وأن العقبة أمام المفاوضات الجدية ليست مبدئية، بل مرحلية وظرفية. وقد التقط "الحزب" هذه الرسالة، مدركًا أن ميزان القوى على الأرض إما يُبقي مفاعيلها مجمدة، أو يضع لبنان وجهًا لوجه مع إسرائيل.

وقد عبّر "الحزب" عن رفضه مبدأ المفاوضات بسلاسة، لأنه يتجنب الدخول في مواجهة مع رئيس الجمهورية، في ظل مواجهته المفتوحة أساسًا مع رئيس الحكومة، ولا يريد أن يصبح مكشوفًا ويضع الرئيسين في مواجهته، رغم أن عون حاول ترييحه بالكلام عن نسخة جديدة من المفاوضات البحرية، في حين يعلم الرئيس، ويعلم "الحزب" أيضًا، أن المرحلة الحالية تختلف جذريًا عن مرحلة الترسيم البحري، وأي تفاوض سيكون بأفق السلام.

وفي خلاصة هذا المشهد، فإن رئيس الجمهورية حاول كسر الجمود الذي دخله لبنان في ملف السلاح، وقد تلقت الدوائر الأميركية رسالته بترحيب، فيما تلقتها دوائر "الحزب" بقلق شديد، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يكتفي رئيس الجمهورية بهذا القدر ويتوقف عند هذا الحدّ بعد أن جسّ النبض ووجّه رسائله باتجاه واشنطن والضاحية، أم يخطو خطوة إلى الأمام بموافقته على تفاوض من دون شروط وتحت النار؟ وكيف سيكون موقف "حزب الله"؟ وفي أي اتجاه ستتحرّك الولايات المتحدة، فهل ستنتظر نتنياهو، أم ستفصل بين المسار العسكري الذي تتولاه إسرائيل، والمسار التفاوضي الذي تتولاه بنفسها؟

 

لا بدّ من نزع سلاح "حزب الله" قبل فوات الأوان...واشنطن: تغريدة برّاك رسالة واضحة تمامًا للبنان

أمل شموني/نداء الوطن/21 تشرين الأول/2025

دق توم برّاك، السفير الأميركي إلى تركيا والمبعوث الرئاسي إلى سوريا، ناقوس الخطر في منشوره أمس على منصة "إكس". فهو قدّم تحليلًا شاملًا يعكس رؤية، قال إنها شخصية، لكنها أميركية بامتياز. وركزت على الضرورة الملحة لنزع سلاح "حزب الله" لاستعادة سيادة لبنان واستقراره، ووضع بيروت ضمن رؤية سلام إقليمية أوسع نطاقًا يعمل عليها حاليًا الرئيس دونالد ترامب. واعتبر خبراء أميركيون أن كلام برّاك ينطوي على تداعياتٍ واسعة على لبنان، إذ إن عدم التحرّك بحزمٍ لنزع سلاح "الحزب" يُهدد بتعميق الأزمات القائمة في البلد. فلبنان يقف عند مفترق طرق، أعلن عنه ترامب بوضوح مرات عديدة. فالرئيس الأميركي، بحسب مصدر في البيت الأبيض، لطالما شدّد على ضرورة أن يختار اللبنانيون مسار استعادة سيادتهم وليعودوا جزءًا من شرق أوسط يجنح إلى السلام المتكامل والانتعاش الاقتصادي. ويضيف المصدر، إن ما قاله برّاك حول أهمية نزع سلاح "حزب الله" هو بمثابة الفرصة الوحيدة أمام هذا البلد ليحجز مكانه على متن "قطار مستقبل الشرق الأوسط المزدهر". فتغريدة برّاك، بحسب المصدر، تُبرز التقاطع الحاسم بين المصالح الأميركية والأمن الإقليمي والصراع الدائر في الشرق الأوسط، ومن هنا تكمن أهميتها على لبنان. وهي بمثابة رسالة واضحة تمامًا، ولا بدّ أن يقرأها اللبنانيون، لا سيما "حزب الله" قبل فوات الأوان وهي أن السلام في المنطقة مسار لا بدّ منه وآتٍ وبسرعة. من وجهة نظر واشنطن، يُعدّ نزع سلاح "الحزب" حاجة أمنية وفرصة استراتيجية للبنان جديد. إذ إن لبنان الحالي مع وجود "حزب الله" مسلحًا وممسكًا بمسار الدولة من خلال الترهيب بالحرب الأهلية والاستقواء بالسلاح والمبادرة إلى شن الحروب التي تخدم المصالح الإقليمية على حساب مصلحة لبنان مرة في سوريا وأخرى ضد إسرائيل وثالثة على الحدود بين المملكة السعودية واليمن، كلها عوامل انعكست سلبًا على موقع لبنان وأضعفت الدولة إلى أبعد مستوياتها. وماذا كانت النتيجة: "هدوء هش للسلم الأهلي، وجيش يهاب التحرك خوفًا من انقسامه، وحكومة منقسمة تفتقد إلى التوافق والسيطرة".

من هنا، قال مصدر أميركي إن واشنطن تتوافق تمامًا مع ما أشار إليه برّاك. فهو عكس في تغريدته أهداف السياسة الخارجية الأميركية الرامية إلى تحقيق الاستقرار في لبنان، ومواجهة النفوذ الإيراني، وتعزيز أمن الحدود الشمالية لإسرائيل. ولا يمكن المبالغة في أهمية هذا الموقف، لا سيما وأن القدرات العسكرية لـ "حزب الله" تُشكل تهديدات كبرى ليس فقط لإسرائيل، بل أيضًا للاستقرار الداخلي في لبنان.

من ناحية أخرى، توقف مصدر أميركي عند ذكر عامل الوقت في تغريدة برّاك، وقال "صراحة، عامل الوقت ليس بجديد. فالجانب اللبناني على علم به، وقد شدّد عليه كل الموفدين الأميركيين إلى لبنان، وسمع به كل المسؤولين الذي زاروا واشنطن". وأضاف المصدر أن الإدارة الأميركية أبدت حرصها واستعدادها لتشجيع الشركاء الإقليميين للاستثمار اقتصاديًا بشرط استعادة لبنان كامل سيادته. في المقابل، يرتب التأخير في نزع سلاح "حزب الله" عواقب "وخيمة". وقال المصدر إن إدارة ترامب ليست إدارة أميركية عادية تعمل من خلال القنوات الدبلوماسية التقليدية. وإن الرهان على التفاوض ذهابًا وإيابًا خطأ. وتابع قائلًا "مَن تمكّن من الضغط على إسرائيل وتركيا ومصر، لن يتوانى عن الضغط على لبنان، وهو البلد الذي لديه الكثير ليخسره". وأشار المصدر إلى أن كلام برّاك تجب قراءته في هذا السياق، خصوصًا وأن واشنطن لطالما اعتبرت "حزب الله" قوةً مزعزعةً للإستقرار في المنطقة.

أما لجهة القراءة في الوقائع الميدانية، فقال مصدر عسكري أميركي إن مخاوف برّاك حقيقية، وقد تمّ التعبير عنها مرارًا. فبينما لا تزال مواقف "حزب الله"  عسكريًا وسياسيًا  "مُحصّنة"، قال المصدر، إنه يتفق مع وصف التحديات التي يواجهها الجيش المُقيّد بالانقسامات الطائفية والتأثيرات السياسية. وقال إن تعليقات برّاك تكشف عن إحباط الكثيرين في واشنطن الذين يرون في تقاعس القيادة اللبنانية فشلًا في تحقيق إصلاح حقيقي. أما حول إمكانية تأجيل الانتخابات النيابية المقبلة في حال عدم نزع سلاح "حزب الله"، فلفت مصدر في الخارجية إلى أن واشنطن لا تحبذ تأجيل أي استحقاق انتخابي. غير أن كلام برّاك ليس بجديد بين أوساط الخبراء والناشطين في واشنطن. فالكثير من الخبراء الأميركيين المتخصصين بالشأن اللبناني يعتبرون أن إجراء الانتخابات في ظل وجود سلاح مع "الحزب" سيمنع المعارضة الشيعية تحديدًا من المشاركة في الاقتراع، وهو ما لا تحبذه واشنطن. فـ "حزب الله" خلال الانتخابات السابقة مارس القمع على البيئة الشيعية وصادر قرارها في المشاركة والتمثيل، واليوم تعتبر واشنطن "الحزب" بأنه في "أضعف حالاته"، من هنا لا يجوز السماح له بمصادرة القرار الشيعي. غير أن بعض الخبراء يعتبرون أن تأجيل الانتخابات خطر سيُعمق أزمة لبنان من خلال تقويض الديمقراطية، رغم أن ترسيخ "حزب الله" في الإطار السياسي اللبناني سيُفاقم حالة الاستقطاب في المجتمع اللبناني، مما يعيق أي تقدم يُذكر نحو الوحدة أو الاستقرار. وعلى قاعدة it’s now or never، يُؤطر برّاك نزع سلاح "حزب الله" في إطار أوسع ليشمل السلام الإقليمي والتكامل الاقتصادي، بما يتماشى مع رؤية ترامب القائمة على السلام من خلال الازدهار. ويؤكد مصدر في الخارجية الأميركية أن واشنطن تستثمر في مسار استعادة لبنان سيادته على أنه أمرٌ حيوي لاستكمال بناء السلام الإقليمي بعد التقدم المحرز في غزة وسوريا، فما حصل في الشرق الأوسط منذ تشرين الأول 2023 تحوّل إلى فرصة غير مسبوقة. وأن مقاربة إمكانية توسيع الاتفاقيات الإبراهيمية يتحول إلى واقع قريب.

 

هل يرجع الحريري؟ ليش ما بيرجع؟

عماد موسى/نداء الوطن/21 تشرين الأول/2025

في زيارته السنوية إلى وطنه الحبيب لبنان أعلن رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أمام جمهوره أن "تيار المستقبل" "باقٍ معكم، وسيكون صوتكم في كل الاستحقاقات الوطنية، وكل المحطات المقبلة"، وفي الخطاب نفسه أكد "باقٍ إلى جانبكم وسأكمل معكم لنكمل سوية بوصية رفيق الحريري، ومسيرة الاعتدال، والعيش المشترك، ولبنان أولًا!". جاء الاستحقاق البلدي كمحطة أولى في سلسلة المحطات المنتظرة فأعلن الحريري من الإمارات العربية المتحدة أن تياره "قرر عدم التدخل في الانتخابات البلدية في العاصمة بيروت، لا ترشيحًا ولا تأييدًا" باعتبار هذه الانتخابات ذات طابع عائلي وإنمائي. فماذا عن الانتخابات النيابية بعد سبعة أشهر؟ السؤال موجه إلى الشيخ ميشال حايك. ويُرجى الإجابة حتى نعرف، كبيارتة، بشكل خاص ماذا سنفعل، مرشحين وناخبين. في أي حال الحريري عائد في الأسبوع الثاني من شباط 2026 على الأرجح لإحياء الذكرى الحادية والعشرين لاغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، وسيرد على تساؤلات مواطنيه الملحاحة بشأن العودة إلى الحياة السياسية، بجواب لا يقل وضوحًا عن جواب العام الفائت: كل شي بوقتو حلو. نوّاب الدائرة الثانية الأحد عشر موقفهم المضمر واحد: الله يسعد سعد ويبعدو. نواب طرابلس وصيدا والبقاع وعكار الذين بدأوا يعدّون العدة للعودة الآمنة إلى مجلس الـ 2026 يتمنون لسعد طيب الإقامة في الإمارات حتى نهاية النصف الأول من القرن الحادي والعشرين. التغييريون العلمانيون بدأوا رفع الصلاة باكرًا كي يتخذ التيار الأزرق القرار التاريخي بتطليق العمل السياسي بالثلاث. فيما لسان حال المرشحين من خارج التشكيلات الحالية فهو: بيجي الحريري بالربيع؟ يجي ليش ما بيجي؟

سبعة أشهر على موعد الانتخابات النيابية وأمام كل مرشح أقله 30 عزا، 14 زفافًا، 15 أول قربانة، 20 عزيمة، 20 شاحنة زفت،  100 سيترن مازوت،  100 فوتة مستشفى 200 فوتة حيط.

كيف تتحضر الأحزاب؟

زيّت "حزب القوات اللبنانية" محركاته وشحمها مع غيار زيت فيتاس وفالفولين. الصورة ضبابية عند العرّافين وما يمكن أن يقال إن نوابًا عائدون ونوّابًا مغادرون وأن مرشحين حائرون. في وقت يدرس حزب "الكتلة الوطنية"  جديًا إمكان التحالف مع "مواطنون ومواطنات في دولة / الحركة التصحيحية" في كل دوائر لبنان.

أما الحزب "التقدمي الإشتراكي" فيحتاج في الدورة المقبلة لرافعة انتخابية في عاليه والشوف. المير مجيد طلال إرسلان هو الأمل والمرتجى. فهل يقبل أن ينضوي تحت جناح تيمور بك؟ "حزب الله" عينه في الدورة المقبلة على 4 موارنة 4 سنة. إثنان كاثوليك وواحد أقليات وواحد معمول بفستق مع كرابيج. حزب واستحلى.

وفي الغضون يُلاحظ أن "التيار الوطني الحر" أبكر في أنشطته السياحية تحت رعاية عون ترافل. كل ويك أند منتعرّف على منطقة جديدة.

ويبقى السؤال الأبرز: هل سيتغيّر رئيس السنّ؟

 

القذاذفة يهدّدون والقضاء بين الكفالة والفدية

أحمد الأيوبي/نداء الوطن/21 تشرين الأول/2025

شكّل الاحتجاز عبر الاختطاف لهنيبعل القذافي نموذجًا إضافيًا لعجائب القضاء اللبناني ولقدرة السياسة على التأثير في المسارات والأحكام، والأهمّ في ضرب حقوق الإنسان عندما تقع على المستهدَفين لعنة قرار الخنق والسجن، وهذا ليس جديدًا، وإن تعدّدت الطرق والأساليب، ولعلّ أشهرها ما نال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع من سجن وحلّ للقوات، بالإضافة إلى مئات السجناء الموقوفين بتهم الإرهاب والذين يعانون من غياب العدالة ومن تسلّط "الثنائي الشيعي" على قضاء فقد رمزيته والكثير من مصداقيته تحت وطأة التغوّل السياسي.

بعد اختطافه من سوريا على طريقة العصابات، وبوسيلة غير قانونية، أوقف بعضُ القضاء اللبناني هنيبعل معمر القذافي تحت ذريعة صلته بإخفاء أو اغتيال الإمام موسى الصدر، فبقي منذ العام 2015 في السجن بدون محاكمة تعرّض خلالها لسوء المعاملة مما أدّى إلى تدهور وضعه الصحي، وقد بلغ اليوم ما يقارب السنوات العشر في هذا الاختطاف الذي غطاه الرئيس نبيه بري لحسابات معقدة ومتداخلة، ليس بينها بالتأكيد طلب العدالة للإمام الصدر، لأنّ الجميع يعرف أنّ هنيبعل كان عمره سنتين أو ثلاثاً عند وقوع تلك الحادثة الغامضة، كما أنه لم يكن ذا صلة بالشأن السياسي في بلده لاحقًا.

وهنا يبرز السؤال: كيف يمكن أن يقبل القضاء استلام وتوقيف شخص جرى اختطافه من سوريا وإدخاله إلى لبنان بطريقة غير شرعية، أي على طريقة العصابات... وكيف يمكن وصف تعاون قضائنا أو بعضه مع مافيات الخطف لاستلام هنيبعل، وهل يصحّ البناء على ذلك أصلاً في المحاكمة التي لم تر النور طيلة عشر سنوات.. لماذا كلّ هذه المماطلة، والجميع يعلم أنّ الإمام الصدر تعرض فعلًا للاغتيال وأنه يستحيل أن يكون قد بقي على قيد الحياة طيلة هذه السنوات، وهل تحديد الملايين الأحد عشر التي جرى تحديدها ككفالة لإطلاق سراح هنيبعل، هي بمثابة الفدية السياسية غير المعلنة لبعض الأطراف النافذة؟

وفي عودة إلى سياق الأحداث، لا بُدّ من التذكير بأنّ مسار قضية هنيبعل القذافي قد تحرّك فعليًا مع استقبال الرئيس نواف وفد العشائر العربية في 25/7/2025 وإعلانهم المطالبة بإطلاق سراحه في وقفة عربية مشهودة كان لها ما بعدها وتزامن ذلك مع بدء تحركات واسعة لعشيرة القذاذفة وتنظيمها ردود فعل تطول المغتربين اللبنانيين الشيعة في أفريقيا، وهي العشيرة ذات النفوذ والسطوة والقدرة على حياكة التحالفات مع القبائل الأفريقية التي ما زالت على صلة بها حتى اليوم.

وقد واصلت العشائر العربية تحركها في الأيام التي سبقت القرار القضائي اللبناني المنقوص بإطلاق السراح المشروط، وتفيد مصادرها أنها لن توقف حركتها حتى إغلاق هذا الملف برفع الظلم القائم على هنيبعل القذافي.

وتحدثت مصادر خاصة عن إعطاء مهلة للسلطات اللبنانية لإطلاق سراح هنيبعل القذافي وإلا فإن العشائر الليبية (القذاذفة وحلفاؤهم) سيتحركون على قاعدة وجود انقسام في الدولة الليبية، وبالتالي سيتخذون خطوات قد تطول المغتربين الشيعة في أفريقيا، لفرض إطلاق سراح "الرهينة" نجل القذافي، وهذا يهدِّد بوقوع فوضى كبيرة لا يمكن ضبطها إذا انفجرت، وعلى الأرجح، فإنّ هذا هو سبب الحلحلة الحالية في ملف هنيبعل.

وكشفت المصادر العشائرية أنّ عشائر لبنان جدّدت ضغوطها والتقت عددًا من المسؤولين الرسميين ونقلت إليهم ضرورة إنهاء هذه الحالة الشاذة قبل أن تنحدِر الأمور نحو ردود فعل يصل مداها إلى حدود تهدّد الاستقرار الداخلي والاغترابي بعد هذا الإصرار على التمادي في مخالفة القانون والأعراف والأخلاقيات الإنسانية في قضية هنيبعل القذافي. واضح أنّ وضع كفالة بقيمة 11 مليون دولار مرفقة بمنع هنيبعل القذافي من السفر هو شكل من أشكال الالتفاف على ضرورة إطلاق سراحه ومماطلة في غير مكانها، خاصة بالنظر إلى تدهور حالته الصحية، مع التساؤل: كيف يمكن فرض مبلغ طائل كهذا ومعروف أنّ المخطوف القذافي جرى توقيفه ظلمًا عشر سنوات، بمعنى أنّ دولتنا يجب أن تدفع له التعويض، لا أن تفرض عليه كفالة مستحيلة. إن استمرار الابتزاز الحاصل لعائلة هنيبعل القذافي، الواقعة تحت طائلة العقوبات الدولية، مؤشر سلبي، يمكن أن يؤدي إلى انفلات العقال في الشوط الأخير من العملية الجارية، وهنا يجب أن يُدرك الجانب اللبناني أن اللعبة انتهت وحان وقت إنهاء هذا الخرق للعدالة، وهو خرق من عشرات آلاف الخروقات التي تجتاح حقوق الإنسان في لبنان.

 

المبادرة الرئاسية والمفاوضات المباشرة مع إسرائيل

سامر زريق/نداء الوطن/21 تشرين الأول/2025

كل الطرق تؤدي إلى المفاوضات مع إسرائيل. لبنان يرزح تحت وطأة حالة انسداد سياسي مع ارتفاع الضغوط الخارجية، معززة بالمزيد من الشروط من قبل "صندوق النقد" و"البنك الدولي"، في موازاة انحسار الاهتمام به، كما بدا في الاجتماعات السنوية لـ "الجمعية العامة للأمم المتحدة"، مرورًا بـ "قمة شرم الشيخ للسلام"، وصولًا إلى الضبابية المحيطة بمؤتمري دعم الجيش اللبناني وإعادة الإعمار اللذين أعلنت عنهما فرنسا. لتصبح بالتالي كل المسارات مرتبطة بإيقاع "السيمفونية الجديدة" التي تحدّث عنها سفير أميركا في أنقرة توم براك في مقالة له على منصة "أكس"، والتي يمكن اعتبارها بمثابة خارطة طريق تؤكّد أن لبنان جزء من استراتيجية اليوم التالي للمنطقة، لكن الخيار متروك لصناع قراره كي يأتوا طوعًا أو إكراهًا. فإمّا أن يأخذوا بزمام المبادرة للدخول في مفاوضات مع إسرائيل من أجل الانضمام إلى واحدة من أهم جهود إعادة الإعمار منذ أوروبا ما بعد الحرب، أو مشروع "مارشال المنطقة"، وإمّا أن يحصل ذلك بعد "انهيار مؤسّسي كامل" كما أشار براك. بمعنى آخر إما مبادرة ذاتية تحفظ للبنان هامشًا محدودًا من المرونة، وإما إخضاع قسري يزيد من ضعف موقفه على الطاولة. من هذا المنطلق يمكن فهم المبادرة التي أطلقها رئيس الجمهورية للدخول في مفاوضات سياسية مع إسرائيل، وسبب ترحيب الرئيس بري بها، ليس لكونها الحل الوحيد المطروح، بل لأنها أيضًا تعيد تصويب المسار الدستوري للمفاوضات الذي يدخل في صميم صلاحيات الرئاسة، بما يرفع عن كاهله الكثير من الحرج في الداخل، وخصوصًا على المستوى الشيعي في لحظة ينهار فيها كل النفوذ المؤسسي الذي جرت مراكمته منذ "انتفاضة 6 شباط 1984".

فيما صمت "حزب الله" عن إبداء موقف علني لعدة أيام عائد إلى معرفته أن المبادرة تمهيد لمفاوضات ثنائية مباشرة برعاية الوسيط الأميركي. انتظر صدور إشارة من الملالي قبل أن يمنح المبادرة نصف تغطية من خلال قبوله بانتقال المفاوضات من المستوى العسكري إلى السياسي، مع رفضه أن تكون مباشرة، حيث طفق يوجّه رسائل على لسان نواب ورجال دين يلوّح فيها بتهديد السلم الأهلي في حال حصول ذلك.

يدرك "الحزب" أنه لا فرق جوهريًا بين الحديث مباشرة أو عبر الوسيط الأميركي طالما أن الطرفان في مكان واحد، لكنه يسعى من خلال نصف التغطية هذه للحؤول دون تعرّضه وحاضنته لعاصفة تدميرية مهولة، مع الحفاظ على هامش من المناورة يعينه على توظيف خطابه الرفضي كأداة ضغط على الدولة لتحسين مكتسباته ضمن بنية النظام السياسي. إلى ذلك، عمِلت بعبدا على تحصين المبادرة الرئاسية بغطاء وطني جامع، اشتمل على نقلة ذكية لتعزيز الغطاء السني، ولا سيما حينما تنتقل إلى التفاوض المباشر، تتمثل بالدعوة إلى السلام التي أطلقها في برنامج "صار الوقت" أحد الناشطين من طرابلس، والتي لطالما اشتهرت بتماهيها مع النبض العروبي والإسلامي، فكانت رسالة تتوخّى قياس نبض الشارع السني عليها. مرّت الرسالة بهدوء، ولم يعقب عليها النواب والسياسيون السنة، ليكون صمتهم بحدّ ذاته موقفًا مؤيدًا ضمنيًا يجسّد تقبل الشارع السني.

لو كانت هناك معارضة صلبة لهذه الخطوة، لما أمكن صاحب الدعوة العودة إلى منزله ومدينته بيسر وممارسة حياته، فيما موجة الانتقادات التي طالته، كانت محدودة، ولم تخرج عن الإطار المتوقع، وغالبيتها متأثرة بخطاب "الإخوان المسلمين". أما اعتذاره فكان شكليًا ومرتبطًا بانتهاء دوره. هذه الرسالة تعدّ الثانية من نوعها، بعد الدعوة التي أطلقها نائب عكار وليد البعريني للتطبيع مع إسرائيل طالما أنه السبيل المتاح لإنقاذ لبنان، وكانت ردة الفعل محدودة أيضًا. بعدما قطعت المبادرة الرئاسية شوطًا لا بأس به، وصار النقاش في تشكيل الوفد المفاوض ومستوى التمثيل السياسي، لا يزال رئيس الجمهورية يدرس خطواته بتأنٍ شديد، حيث ثمّة ضغوط دولية هائلة لرفع إيقاع المفاوضات وجعلها بين وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية، رون ديرمر، ومن يناظره على الصعيد اللبناني، من أجل البحث الجدي في المسائل العالقة. وفي هذا الإطار، تشكّل المفاوضات السورية – الإسرائيلية المباشرة عاملًا مساعدًا لإطلاق مسار لبناني مشابه برعاية أميركية، خصوصًا في ظل عدم وجود بديل آخر على الطاولة سوى الإخضاع القسري، مع ما لذلك من تبعات كارثية على صعيد الدور والنتائج.

 

التزامن مع التعميم رقم 1355/التأمين والذهب والعقارات تحت مجهر OFAC

نخلة عضيمي/نداء الوطن/21 تشرين الأول/2025

دخل قطاعا التأمين والذهب في لبنان مرحلة التشدّد في الآليات الرقابية والامتثال بناءً على ما ورد في المراسيم والدوائر الرسمية، خصوصًا في سياق مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (AML/CFT) والتعامل مع الأشخاص أو الكيانات التي على قائمة العقوبات أو التي تخضع لمخاطر عالية.

يأتي ذلك بالتزامن مع التعميم رقم 1355 الذي وجّهه وزير العدل عادل نصّار إلى كتاب العدل ويتضمّن منع إجراء أي معاملة توثيق أو تصديق أو تفويض أو بيع أو نقل ملكية لأي شخص أو جهة مدرجة على لوائح العقوبات الدولية، سواء الصادرة عن مجلس الأمن أو وزارة الخزانة الأميركية أو الاتحاد الأوروبي. فخطوة نصّار لم تكن مجرّد إجراء إداريّ، بل بداية ما يمكن اعتباره حملة شاملة لتطبيق المعايير الدولية على كلّ المؤسسات المالية وغير المالية، بهدف الحدّ من استخدام الشبكات اللبنانية كواجهات مالية لأشخاص أو كيانات محظورة. ولإحكام الرقابة على كلّ منفذ ماليّ يمكن أن يستغلّ للالتفاف على العقوبات.

شركات التأمين تحت المجهر

مصادر مصرفية وقانونية مطّلعة على الملف أكّدت لـ "نداء الوطن" أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأميركي (OFAC) يراقب عن كثب مدى التزام لبنان بالعقوبات، لا سيّما بعد ورود تقارير عن استخدام بعض الشركات والمؤسّسات المالية لتسجيل أصول أو تحويل أموال لأشخاص على قوائم العقوبات.

وبحسب المعلومات، فإن شركات التأمين بدأت بالفعل تحديث أنظمة "اعرف عميلك" (KYC) وإجراء Enhanced Due Diligence على مستفيدين وشركاء تجاريين، لضمان عدم التعامل مع أي كيانات مصنفة على لوائح العقوبات الأميركية أو الأوروبية. مصادر دبلوماسية في بيروت كشفت أن المرحلة المقبلة قد تشمل أسماء رجال أعمال وشركات وساطة التأمين التي يشتبه في أنها ساعدت شخصيات معاقبة على تسجيل ممتلكات أو إجراء تحويلات مالية بطريقة غير قانونية. ويؤكّد المسؤولون أن المزاج في واشنطن تغيّر من مرحلة التحذير إلى الإنذار، وأن الجهات اللبنانية مطالبة بالالتزام التام، خصوصًا وزير الاقتصاد وهيئة الرقابة على التأمين، التي ستتلقى إخطارات فورية في حال الاشتباه بأي علاقة مع كيانات محظورة. كما يحتمل أن تتعرّض شركات التأمين التي تغطي أشخاصًا أو كيانات تدرج على قوائم دولية (مثل Office of Foreign Assets Control – OFAC أو الاتحاد الأوروبي) إلى خطر تجميد أصول، حظر تعامل أو فقدان الترخيص.

ماذا يعني هذا عمليًا لقطاع التأمين؟

من هنا، تصبح شركات التأمين والوسطاء هدفًا مباشرًا لجهود الامتثال:

- فحص المستفيدين النهائيين، مصادر القسط، جهات إعادة التأمين الأجنبية، والسلاسل التي تمرّ عبرها الأموال.

- التحقق من المستفيد الحقيقي سيطبّق بصرامة (خصوصًا للمدفوعات الكبيرة أو الأطراف ذات الصلة بمنظمات إقليمية).

- إمكانية تجميد عقود/مدفوعات أو رفض التغطية عن أشخاص/كيانات مدرجة على قوائم عقوبات أو عن ممولين يثيرون شبهة تمويلية.

- شركات التأمين التي تتعامل مع إعادة تأمين أو معالجة مطالبات عبر بنوك أو وسطاء خارجيين قد تواجه انقطاعات في قنواتها المالية إذا لم تظهر امتثالًا واضحًا.

FATF توصيات جديدة وإلّا...

يبدو أن مجموعة العمل المالي FATF وقبيل اجتماع اللجنة العامة المقبل بين 20- 24 تشرين الأول في فرنسا واجتماع الخبراء المشترك بين 4-6 تشرين الثاني في ساحل العاج، قد فرضت على الدولة اللبنانية الانتقال من مرحلة "التحذيرات" إلى التطبيق الفعلي للمعايير العالمية. فتوصياتها الأخيرة ضاغطة لتشديد الامتثال ورفع كفاءة الرقابة. وعلمت "نداء الوطن" من مصادر رسمية أن توصيات المجموعة التي سلّمت أخيرًا إلى المسؤولين اللبنانيين تضمّنت الرقابة على تجّار الذهب والعقارات الذين كانوا جزءًا من تبييض الأموال. وطلبت المجموعة التشديد على تجّار الذهب ومعرفة كل شخص يشتري ذهبًا وتفعيل تطبيق "اعرف عميلك". كما طلبت التركيز أيضًا على سوق العقارات، ومن هنا يأتي طلب وزير العدل من كتاب العدل التشدّد إضافة إلى مسألة ثالثة مطلوبة تتعلّق بالجمارك. بناء على ذلك، دخل لبنان عمليًا مرحلة "الرقابة الذاتية المفروضة"، حيث تتحوّل كل مؤسسة مالية أو مهنية إلى وحدة امتثال مستقلة، خوفًا من العقوبات أو تجميد الأصول. وهكذا، يقف لبنان عند مفترق طريق دقيق: إما الامتثال الكامل للمعايير الدولية وتفادي العقوبات، أو مواجهة مخاطر الانعزال المالي. إذًا، بعد كتاب العدل، جاء دور التأمين والذهب والعقارات، وربما يشمل التشدّد لاحقًا مهنًا حرة أخرى، لتصبح كلّ معاملة مالية تحت المجهر، فيما يراقب المجتمع الدولي خطوات لبنان بحذر شديد.

 

المؤتمرات والندوات والبيانات والمقابلات والمناسبات الخاصة والردود

تحقيقات تتشعّب بين السياسة والمال و "أبواق الممانعة" في الواجهة/الجامعة اللبنانية تهتز بفضيحة تزوير كبرى

نداء الوطن/21 تشرين الأول/2025

علمت "نداء الوطن" أن التحقيق في ملف التزوير الذي هز كلية الحقوق – الفرع الأول في الجامعة اللبنانية يسلك مسارًا سريعًا وحازمًا بعدما تبيّن أن القضية لا تقتصر على ثلاثة طلّاب كويتيّين كما أشيع في البداية، بل تتعدّاهم إلى تورّط لبنانيين اثنين دفعا رشاوى لتزوير امتحاناتهما بغية الحصول على شهادة الإجازة في الحقوق، تمهيدًا لاستخدامها في أغراض سياسية لاحقة، وتحديدًا في الاستعداد للاستحقاق النيابي المقبل. وتشير المعلومات الخاصة إلى أن أحد المتورّطين هو فادي أبو ديّة، المعروف بكونه من أبرز أبواق إعلام الممانعة، والذي استعجل عملية التزوير لتأمين المؤهّل الجامعي الذي يتيح له الترشح إلى مقعد نيابي، فيما المتورّط الثاني يدعى موسى حمية. وتفيد المعطيات بأن جهاز أمن الدولة والمديرية العامة للأمن العام يتولّيان التحقيق في الملف، بعد أن تمّ سحب المسابقات الأصلية وكشف عملية التلاعب التي جرت بفتح الصندوق واستبدال الأوراق الامتحانية، حيث أوقف الموظفون المتورّطون وبدأت جلسات الاستماع إلى المتهمين الأساسيين، وبينهم أبو ديّة وحمية. وفي موازاة التحقيقات الأمنيّة، علمت "نداء الوطن" أن رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور بسام بدران يتابع الملف شخصيًا بحزم استثنائي، رافضًَا أيّ تدخل سياسي أو وساطة لتسوية القضية أو التغطية على المتورّطين، انطلاقًا من حرصه على حماية سمعة الجامعة اللبنانية وصون موقعها الأكاديميّ وسمعته الشخصية في آن. وتكشف المصادر أن اسم فادي أبو ديّة ليس جديدًا في عالم الفضائح، إذ سبق أن تورّط في ملف المنح التعليمية للبنانيين إلى بيلاروسيا، حيث تلقى مبالغ مالية ضخمة من طلاب مقابل وعود بالحصول على منح دراسية لم تتحقق، قبل أن تُطوى القضيّة حينها بتدخل مباشر من وفيق صفا، المسؤول الأمني في "حزب اللّه" الذي جُمّدت مهامه أخيرًا. وبينما تتفاعل القضية في الأروقة الأكاديميّة والأمنيّة، تبدو الجامعة اللبنانية أمام اختبار جديد لشفافيتها وقدرتها على مواجهة الفساد من داخلها، وسط ترقب لما ستكشفه التحقيقات من خيوط سياسية وشخصيات نافذة تقف وراء واحدة من أخطر قضايا التزوير الأكاديمي في تاريخها.

 

لم يكن أنطون سعاده بطلًا، بل كان شخصيةً يساريةً قوميةً غوغائيةً سعت إلى ضرب استقلال لبنان عبر انقلابٍ عسكريٍّ فاشل

بيتر جرمانوس/موقع أكس/20 تشرين الأول/2025

لعب اليسار الغوغائي (وذلك قبل ظهور التأسلم السياسي او islamo gauchiste) في المشرق دورًا مزدوجًا بين الحلم بالتحرّر والوقوع في فخّ الأيديولوجيا المدمّرة. فقد كان اليسار السوفياتي - القومي – الناصري – البعثي الاسدي – الخميني أداة لتفكيك البنى الاجتماعية والروحية في المنطقة، تحت شعارات “الوحدة” و“العدالة” و“مناهضة الإمبريالية” و"محاربة الاقطاع والطبقية" وتحقيق العدالة الاجتماعية، لكنه انتهى إلى إنتاج أنظمة عسكرية ودينية قمعية فاسدة وإلى تدمير فكرة الدولة الحديثة نفسها. غير أن "اليسار المسيحي" كان الأسوأ من بينهم، لأنّه حارب ذاته قبل أن يحارب خصومه. رفع رايات القومية والعلمانية والتقدّم، ثمّ انقلب على إرثه الروحي والحضاري، وشارك في هدم ما تبقّى من حضورٍ مسيحيّ مشرقيّ حرّ. هذا اليسار لم يبدأ بالقوميين ولا انتهى بالعونيين؛ فهو سلسلة من الانتحارات الفكرية والسياسية التي سعت إلى استبدال الإيمان بالقومية، والعقل بالهتاف المؤدلج، والحرية بالخضوع لسلطة الطغاة. إنّ اليسار المسيحي الذي قاتل المسيحية الحرة (أقله في لبنان) على كل خطوط التماس وحتى في معارك التنظيف الاثني التي طاولتها وذلك قبل ظهور داعش بعقود، لا يمكنه أن يقود نهضة، لأنّه تخلّى عن ذاته قبل أن يواجه الآخرين. والنهضة الحقيقية لن تبدأ إلا حين يستعيد المشرق إيمانه بنفسه لا بالتنكر عن ذاته تحت اي شعار. كلا، بالنسبة إلينا لم يكن أنطون سعاده بطلًا، بل كان شخصيةً يساريةً قوميةً غوغائيةً سعت إلى ضرب استقلال لبنان عبر انقلابٍ عسكريٍّ فاشل. غير أنّ أتباعه ساعدوا لاحقًا حافظ الأسد في إخضاع لبنان ووضعه تحت سيطرته لأكثر من عقدين.

 

لقد دخلتم إلى المنظومة، وأصبحتم – للأسف – جزءًا لا يتجزأ منها، تحت لواء واقعٍ تهيمن عليه قوى الميليشيا.

د. دريد بشراوي/موقع أكس/20 تشرين الأول/2025

إزاء هذه الوعود الشعبوية، وبعد مرور عشرة أشهر على إطلاقها وعلى تسلّم وزير العدل مهامه (وهو المنسوب إلى حزب الكتائب)، ووفاءً لذكرى الشهداء، ومنهم الشهيد وسام الحسن الذي استُشهد في مثل هذا اليوم، نرى من واجبنا الوطني والحقوقي طرح الأسئلة التالية:

أين أصبحت ملفات اغتيال شهداء ثورة الأرز، والشهداء إلياس الحصروني، وباسكال سليمان، ولقمان سليم، وجو بجّاني، وجوزيف صادر وسواهم من الشهداء الذين طالتهم يد الإرهاب؟

وماذا فُعِل فعليًا لتحريك التحقيقات في هذه القضايا المجمّدة منذ عقود، وفي قضية تفجير مرفأ بيروت؟

وماذا تحقق، سوى تعيين بعض القضاة العدليين المطعون شعبيًا في حيادهم وخضوعكم المذل لإملاءات بري والمليشيا من ورائه؟

قبل دخولكم إلى منظومة الحكم، كنتم تصرّحون بأنكم «مغلوبون على أمركم»، وأن مؤسسات الدولة، وفي مقدّمها القضاء، كانت خاضعة لهيمنة الميليشيا وسلاحها غير الشرعي.

ورغم أنكم كنتم، بطرق مختلفة، جزءًا من هذا النظام السياسي، فقد بدا ادعاؤكم آنذاك أنكم خارج دائرة القرار.

لكن الواقع تغيّر اليوم: فمنذ عشرة أشهر، دخلتم الحكم من بابه العريض، وأصبحتم جزءًا من المنظومة السياسية، وتسلّمتم حقيبة وزارة العدل.

وهنا يبرز السؤال الملحّ: ما الذي يمنعكم مجددًا من تفعيل القضاء وتحريك هذه الملفات المجمّدة؟

فملف الشهيد بيار الجميل، على سبيل المثال، الذي أعادته المحكمة الخاصة بلبنان إلى القضاء اللبناني لعدم اختصاصها الزمني منذ أكثر من ثماني سنوات، لماذا لم تُتَّخذ حتى الآن أي إجراءات عملية بشأنه؟

ولماذا لم يُنفَّذ القرار القضائي المبرم بحق أشخاص مدانين بجرائم موثّقة، مثل حبيب الشرتوني، المحكوم باغتيال الشهيد بشير الجميل، وسليم عياش وحسين حسن عنيسي، المحكومين بحكم مبرم صادر عن قضاء دولي باغتيال الرئيس رفيق الحريري؟

ولماذا لم تُحرَّك بعد ملفات التحقيق المتعلقة بمحاولتَي اغتيال مروان حمادة وإلياس المر، واغتيال جورج حاوي، رغم صدور قرارات اتهامية فيها عن المحكمة الخاصة بلبنان بعد سنوات طويلة من التحقيقات، ورغم أنها جاهزة ومكتملة للمحاكمة؟

تلك الملفات التي أصدرنا فيها، في المحكمة الخاصة بلبنان، قرارات اتهامية مدعّمة بكل وسائل الإثبات، وأُحيلت على المحاكمة بعد عشرات السنين من الجهد والكفاح، والقهر والعذاب، والتهجير والنفي القسري، وحرماني من العودة إلى لبنان لأكثر من عشرين عامًا، فضلًا عن التهديدات التي تعرّضتُ لها شخصيًا من الميليشيا وزعيمها آنذاك.

كانت هذه الملفات جاهزة للمحاكمة، لو لم يقطع لبنان التمويل عن المحكمة، ولو لم تتبعه الدول الكبرى خضوعًا للرغبة الإيرانية، في وقتٍ كانت فيه إدارة الرئيس بايدن تسعى إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران، فكان الثمن إقفال المحكمة الدولية قسرًا.

فماذا فعلتم يا شيخ سامي وأنتم في الحكم منذ سنوات، ومعكم وزارة العدل منذ ما لا يقل عن عشرة أشهر؟

أم أنكم منشغلون بالتسويات مع الميليشيا و«الأخ الأكبر»؟ أم بمداواة «البيئة المجروحة» التي اغتال ابناءها شهداءنا؟

أم أنكم تمدّون اليد إلى الميليشيا وبيئتها لصوغ سرديةٍ أو قصة مشتركةٍ معها؟

أم أنكم منشغلون بالتحسّر على فقدان تلك البيئة لزعيمها، وبالأسى لأنكم لم تعودوا منشغلين بخطاباته والردّ عليها سياسيًا؟

أم أن الأولوية لديكم اليوم هي الانتخابات والمقاعد النيابية؟

كفى استهتارًا بعقول اللبنانيين.

توقّفوا عن المزايدات والرياء والمسرحيات الهزلية.

لقد دخلتم إلى المنظومة، وأصبحتم – للأسف – جزءًا لا يتجزأ منها، تحت لواء واقعٍ تهيمن عليه قوى الميليشيا.

الرحمة والخلود لشهدائنا الأبرار.

https://x.com/i/status/1980191965112160482

@samygemayel

 @adelnasar_

 

اللغز الحياتي القاتل..

حسن أحمد خليل/موقع أكس/20 تشرين الأول/2025

اللغز اللغزي.. اجابة على "ماذا بعد؟" في حياتك يقولون لك ان  المهم ان تنعم براحة البال والسعادة والقناعة ووو.. وان هناك ثوابت كونية  ارضية طبيعية من ليل ونهار وشمس وقمر وكواكب ونجوم ومجرات محكومة بحسابيات وبفيزياء وكيمياء وبيولوجيا ومغناطيسيات وحقول طاقة..

وغرائز حياتية ومعايير انسانية من زمن ومكان وخير وشر ورذيلة وفضيلة وعقاب وثواب .. واسال ماذا بعدهم؟ يقولون لك أحدهم: سبحان الذي قهر عباده بالموت.. واسال: من جاء بنا ولماذا يقهرنا؟ وماذا بعد القهر وبعد الموت؟ ماذا بعد النهاية، لان العقل لا يتقبل النهاية؟

يخبروك منذ ولادتك التي لم تكن قرارك وتقرأ انك ستذهب الى  جنة او نار.. وهناك اما تنعم بالطيبات او تحترق باستمرار. وتبقى في أحدهما في خلود لامتناهي.. ثوابا او عقابا لفترة زمنية قصيرة اشبه بثوان في المعيار الكوني للوقت؟

وتسال لماذا؟ ليس قراري انني ولدت ولا قراري ان اموت. واحاسب على ما بينهما. ثم تسال : ماذا بعد الزمن اللامتناهي؟ العقل الفضولي مفطور على السؤال عن "ماذا بعد؟"

ماذا بعد الطيبات او الاحتراق؟ ماذا بعد الخلود اللامتناهي؟ وماذا كان قبل البداية؟

وهل فعلا هناك الصفر العدم بينهما؟ ما العدم؟

What is after infinity?

What was before minus infinity?

Was there a Zero as middle point between them?

ماذا بعد؟ هذا هو اللغز القاتل لان لا اجابة عليه حتى الآن .. لم تستطع كل الاديان السماوية والروحية الاخرى ان تذهب فكريا زمنيا ابعد من الخلود.. لم يجب احد عن ماذا بعد الخلود؟ وماذا قبل البداية؟

قتل عشرات الفلاسفة بحثا  عنهما.. وكلنا في مقتل نبحث في العدم.. عن العدم وعن ما قبل البداية وما بعد النهاية.  الحقيقة المتجلية حتى الان هي محدودية العقل الذي استنتج اننا وكل نظامنا ومنظومتنا هي اقل من غبار كوني.. كل ما هذا الكون جماد وحياة..

ونبحث عن ماذا قبلهما وماذا بعدهما؟ ماذا بعد اللانهاية؟ وما كان قبل البداية والتكوين؟

 

تغريدات مختارة من موقع أكس

تغريدات مختارة لليوم 20 تشرين الأول/2025

البابا لاون الرابع عشر

إنَّ الله يُظهر تفضيلاً نحو الفقراء: فإليهم قبل الجميع تتوجَّه كلمةُ الرّجاء والتحرير من الرّب، ولذلك، فحتى في حالة الفقر أو الضعف، لا ينبغي لأحدٍ أن يشعر بأنّه متروك. والكنيسة، إن أرادت أن تكون حقًّا كنيسة المسيح، عليها أن تكون كنيسةً يجد فيها الفقراء مكانًا مميّزًا.

 

هادي مشموشي

أين أصبحت التحقيقات في سلسلة الاغتيالات التي حدثت عقب تفجير مرفأ بيروت بحق...

لقمان سليم

المصور جو بجاني

العقيد الجمركي ابو رجيلي

العقيد الجمركي جوزيف سكاف، علماً أنه كان أوّل من نبّه رسميًا عام ٢٠١٤ إلى خطورة شحنة نترات الأمونيوم المخزّنة في العنبر ١٢ في مرفأ بيروت ورفع تقريرًا داخليًا حذّر فيه من كارثة محتملة.

وهل تم ربط تصفية هؤلاء بجريمة تفجير المرفأ من قبل المحققين والأجهزة الامنية؟

لان في لبنان لا شيئ يحدث صدفة...

 

يوسف سلامة

‏مجلس النواب يرعى حماية ثقافة الفساد، ‏هل الحكومة تعمل معه عند رب عمل واحد؟ ‏إن لا، تعطيله يُسقط الهيكل على رأس المنظومة،

مسار التعطيل: ‏تطلب الحكومة من النواب المعترضين على قانون الانتخاب وهم أكثرية إعطاءها صلاحياتٍ استثنائية تعطيها حق التشريع، ‏عندها، يُكرّم المرء أو يُهان؟

 

زينا منصور

ملاحظات حول طرح توم_باراك

يعرض تصوره للسلام وهذا جيد لربط لبنان بٱليته.

لكنه ينظر للحزب كتهديد وحيد

ويتجاهل أنه حليف لليمين واليسار

يغفل الإنقسامات المعرقلة لنزع السلاح والإصلاح

ويفترض أن التمويل حافز كاف يضمن تعاون الكل

ويتنكر لوجود مشكلة بالنظام عدا عن مشكلة الحزب.

 

 زينا منصور

باراك يركز على أهمية إنخراط لبنان وسوريا بالسلام مع إسرائيل هذا جيد.

لكن

يبالغ بتبسيط مشكلة النظام بالبلدين وسلب الحقوق.

ويبالغ بالرهان على أن الدعم الأميركي والتعاون الإقليمي كاف لإقناع كل من دروز وموارنة ومسيحيي لبنان وشعوب سوريا بالتنازل عن حقوقهم بالنظام مقابل السلام.

 

بيتر جرمانوس

منذ زمنٍ بعيد، يحتكرون مسألة التفاوض مع إسرائيل لأنفسهم. ففي عام 1975، وخلال اجتماعٍ شهير في الأرز، قال رفعت الأسد لمجموعةٍ من المسيحيين: "ممنوعٌ عليكم أن تتفاوضوا مع إسرائيل، نحن من يتفاوض معها، وأنتم تتعاملون معنا." ثمّ أسقط حافظ الأسد اتفاق 17 أيار، لتصبح العلاقة مع إسرائيل

 

بشارة شربل

إيّاكم وصنين

فرَّط "الثنائي الشيعي" وتوابعه ميقاتي وعون - باسيل بالخط ٢٩ وبحقل كاريش في المفاوضات مع هوكشتاين للترسيم البحري. هذه المرة يجب ان يتولى سياديون وشيعة معارضون المفاوضات لئلا يتخلى الرماديون والممانعون عن نهر بيروت وجبل صنين.

 

 مجدى خليل

تبرع يا مؤمن من اجل اخوتنا فى افغانستان والبوسنة والهرسك.

حرفيا تعيد الحكومة المصرية والرئيس المصرى ما كانت تقوم به الجماعات المتطرفة فى الثمانينات والتسعينات، بما يعنى انهم اخوة فى الرضاعة. شعب ٦٦ ٪؜ منه تحت خط الفقر وفقا لتقارير البنك الدولى، يجمع من اجل إعمار غزة!! ونحن نعلم أن آلية التبرعات فى مصر ليست اختيارية بل تفرض على المصريين وعلى الشركات التى يملكها المسيحيون والمسلمين،ليبتلع الفساد جزء كبير من هذه التبرعات،ويذهب الباقى إلى حماس. الولاء والبراء والفساد على حساب فقراء المصريين!!! التطرف فى مصر هيكلي وعميق ومتغلغل وترعاه الدولة!!!

 

طوني بولس

لا قيامة للبنان تحت رعاية "منظومة بري"

نبيه برّي يتصرّف كأنّ المجلس النيابي ملكه الخاص، يفتح جلساته ويقفلها على هواه، ويمنح الشرعية لمن يشاء. لكن الحقيقة واضحة: البرلمان ملك الشعب، لا مزرعة لآل برّي.  ومسألة التفاوض مع إسرائيل أو حسم الملفات العالقة ليست بيده ولا بإذن "الثنائي"، بل تمرّ عبر الدولة اللبنانية ومؤسساتها الشرعية فقط.  برّي وحلفاؤه اليوم هم العائق الأكبر أمام قيام لبنان الجديد — لبنان السيادة، والإصلاح، والانفتاح على العالم.  لقد آن الأوان أن يتحرر لبنان من وصايتهم ومن عقلية "الإذن المسبق" من حاكم البلاد نبيه بري.

 

جوزيف ابو فاضل

جوزيف_أبو_فاضل:لهذه الأسباب والمشاهد والتصرفات الغبيّة أدناه  استطاع ميشال نعيم عون وأزلامه وصِبية #أرطة_ما_خلونا أن يضحكوا على القيادة السوريّة بعد أن حلبوها بالمال والأعمال والمراكز واستفادوا منها حتى انتفاخ كروشهم وهم يستفيدون اليوم من هذه "القيادة العلويّة" ذاتها التي قدّمت وتقدّم لهم اليوم الغالي والنفيس..مع الإشارة إلى أن السفير السوري السابق في #لبنان علي عبد الكريم لم يزر مرّة واحدة ميشال نعيم عون في الرابية إلا وكان معه في سيارته من اليرزة #جان_عزيز ويشارك في الإجتماع معهما في الصالون المقفل، ثم الذهاب مع السفير عبد الكريم بسيارته إلى السفارة..! ميشال نعيم عون وجبران اسكتوا..وضبّوهن لأنو قررت أفضحكن..!!لهذا الخبر أعلاه تتمة وتتمات...قال الحقيقة تحرركم قال !!  تكرمووووو... بإمكانكم سؤال المذكورة أسماؤهم أعلاه لتتأكدوا أنني أقول الحقيقة الساطعة..

قال السفارة بالعمارة قال صب عمّي صب

 

سمير جعجع

دولة الرئيس نبيه بري، لا تستطيع اختزال المجلس النيابي بشخصك. إن قولك "إننا قد جربنا تصويت المغتربين في الانتخابات النيابية السابقة لمرة واحدة وأخيرة، ولا إمكانية على الإطلاق لتكرار هذا الأمر لمرة ثانية مهما علا الصراخ والضجيج"، هو قول يضرب المجلس النيابي، والنظام البرلماني، والنظام اللبناني، والديموقراطية، برمتها. دولة الرئيس، ربما في السنوات الأربعين الماضية لم يقل لك أحد ذلك، وأنا أقوله لك اليوم: إن من يقرر في المجلس النيابي هو الأكثرية النيابية، لا أنت، ولا أي شخص آخر بحد ذاته، مع كامل احترامنا لك ولكل شخص آخر. إما دستور وقانون ونظام، وإما شريعة الغاب.ولن نقبل بعد الآن بشريعة الغاب. مع تحياتي، دولة الرئيس.

 

 نديم الجميّل

في مثل هذا اليوم، اغتيل اللواء وسام الحسن، لأنّه كان أوّل من اكتشف وحذّر من حقيقة السلاح غير الشرعي ومنظومة القتل التي حكمت لبنان. اغتاله حزب الله كما اغتال مَن سبقه، ظنًّا منه أنّه يقتل الحقيقة، لكنّ دم وسام سيبقى شاهداً على أنّه لا قيام لدولة في ظلّ دويلة، ولا عدالة من دون محاسبة.

 

د. فريد بستاني

في ذكرى مرور ٣٥ عاماً على اغتيال

الشهيد داني شمعون وعائلته، نستحضر رجلاً آمن بلبنان حرّاً، سيّداً، مستقلّاً، متطوّراً، عادلاً، وخال من كلّ فساد. إغتياله كان إغتيالاً لرؤية وطنية جامعة، لكن الفكر لا يغتال... والحق لا يموت.

#داني_شمعون

 

نانسي لقيس

https://x.com/i/status/1979949073986699386

من أمام السفارة الإيرانية، يطالب أهالي القرى الحدودية المرشد الأعلى باستعادة قراهم.

#سلم_السلاح

 

قاسم جابر

https://x.com/i/status/1979919540034089059

بتنزل الدرون بتقلك فتحلي هالشنطة الله يرضى عليك  بصوت أفيخاي

******************************************

في أسفل رابط نشرة الأخبار اليومية ليومي 20-21 تشرين الأول/2025/

نشرة أخبار المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية باللغة العربية ليوم 20 تشرين الأول/2025

/جمع واعداد الياس بجاني

https://eliasbejjaninews.com/2025/10/148351/

ليوم 20 تشرين الأول/2025

LCCC Lebanese & Global English News Bulletin For October 20/2025/

Compiled & Prepared by: Elias Bejjani

https://eliasbejjaninews.com/2025/10/148354/

For October 20/2025/

**********************
رابط موقعي الألكتروني، المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

https://eliasbejjaninews.com

Link for My LCCC web site

https://eliasbejjaninews.com

****

Click On The Link To Join Eliasbejjaninews whatsapp group

اضغط على الرابط في اسفل للإنضمام لكروب Eliasbejjaninews whatsapp group

https://chat.whatsapp.com/FPF0N7lE5S484LNaSm0MjW

*****

الياس بجاني/اتمنى على الأصدقاء والمتابعين لمواقعي الألكتروني الإشتراك في قناتي ع اليوتيوب.Youtube

الخطوات اللازمة هي الضغط على هذا الرابط  https://www.youtube.com/channel/UCAOOSioLh1GE3C1hp63Camw

  لدخول الصفحة ومن ثم الضغط على مفردة SUBSCRIBE في اعلى على يمين الصفحة للإشترك.

Please subscribe to My new page on the youtube. Click on the above link to enter the page and then click on the word SUBSCRIBE on the right at the page top

*****

حسابي ع التويتر/ لمن يرغب بمتابعتي الرابط في أسفل

https://x.com/EliasYouss60156

My Twitter account/ For those who want to follow me the link is below

https://x.com/EliasYouss60156

@everyone

@followers

@highlight