المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكنديةLCCC/

نشرة الأخبار العربية ل 14 تشرين الأول /لسنة 2025

اعداد الياس بجاني

#elias_bejjani_news 

في أسفل رابط النشرة

        http://eliasbejjaninews.com/aaaanewsfor2025/arabic.october14.25.htm

أرشيف نشرات أخبار موقعنا اليومية/عربية وانكليزية منذ العام 2006/اضغط هنا لدخول صفحة الأرشيف

 

عناوين النشرة

عنوان الزوادة الإيمانية

أَلحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّكُم سَتَبْكُونَ وتَنُوحُون، أَمَّا العَالَمُ فَسَيَفْرَح. أَنْتُم سَتَحْزَنُونَ ولكِنَّ حُزْنَكُم سَيَتَحَوَّلُ إِلى فَرَح

 

عناوين مقالات وتغريدات الياس بجاني

الياس بجاني/فيديوونص/ذكرى شهداء 13 تشرين الأول 1990 وتنكر ميشال عون لهم وللبنان وغرقه في اوهام السلطة والمال

الياس بجاني/عيد الشكر في كندا وآيات من الكتاب المقدّس تحكي فرح فضيلة الشكر

الياس بجاني/نص وفيديو/عربي وانكليزي/عند بري بالمصيلح وبغيرها إسرائيل عم ترد ع عهركم وفجوركم وعنترياتكم ودجل مقاومتكم

الياس بجاني/أعرف عدوك الأخطر الذي هو أصحاب شركات الأحزاب وقطعانهم

الياس بجاني/يا وليد بيك جنبلاط بيكفي دجل وتقية ومكر وتلون حربائي انت آخر همك ما تسميهم شهداء حزب الله أو حماس.

الياس بجاني/كتيبة المستشارين في قصر بعبدا والأسئلة!!

 

عناوين الأخبار اللبنانية

ترامب: ندعم عون في نزع السلاح والأخير: ليبدأ مسار التفاوض

يديعوت أحرونوت: يجب أن نوجّه أنظارنا نحو الشمال

رابط فيديو ونص تعليق لنديم قطيش تحت عنوان وقف اطلاق النار في غزة

حصار إعادة الإعمار: إقفال حسابات "وتعاونوا" وغيرها في Whish

لبناني متهم بالعمالة لإسرائيل يصدم أصدقاءه: تفاصيل لم تُروَ

لبنان الرسمي يلاقي رياح السلام...ترامب: أدعم عون في مهمته لنزع سلاح "حزب الله"

 

عناوين الأخبار الإقليمية والدولية

ترامب يُعلن بزوغ فجر شرق أوسط جديد

شرم الشيخ تُنصف "كامب ديفيد" وتحيي آمال السلام

إسرائيل تفرج عن المعتقلين الفلسطينيين بعد تسلمها 20 أسيراً

ترامب: "الحرب انتهت" في غزة

إعدام عملاء إسرائيل في غزة يثير الجدل

مشروع أميركي بمجلس الأمن لشطب الشرع من العقوبات الأممية/بتول يزبك/المدن

اتفاق وقف الحرب على غزة: ملامحه ودوافعه والتحديات المقبلة

قسد تعلن اتفاقاً مبدئياً مع دمشق لدمج قواتها

 

عناوين المقالات والتعليقات والتحاليل السياسية الشاملة

حين يواجه القانون منطق القوة/د. جوسلين البستاني/نداء الوطن

الخليّة الإرهابية... عندما يتحول "حزب الله" إلى ضابطة عدلية/سامر زريق/نداء الوطن

"Pass" ترامب لـ عون : "نحنا معك، كمِّل!"/جويس عقيقي/نداء الوطن

أكبر صحن حمّص/صالح المشنوق/نداء الوطن

أكبر صحن حمّص/صالح المشنوق/نداء الوطن

فعاليات "حزب الله" تُشعل الجدل في صيدا وتهدّد الهويّة الوطنية/طارق أبو زينب نداء الوطن

مرحلة عاصفة و"الاستسلام" هو الهدف: المارينز مجدداً في بيروت؟/منير الربيع/المدن

غارة المصيلح تفضح "منعزلات" الطوائف والمناطق: تعاطف إنتقائي؟/بتول يزبك/المدن

الاتحاد الأوروبي يُمكّن الاضطهاد الديني في باكستان/أوزاي بولوت/معهد غايتستون

هذه ليست موعظة/عقل العويط/النهار

ذكرى ١٣ تشرين الأول ١٩٩٠ /القاضي فرنسوا ضاهر/فايسبوك

تشرين صمد العسكر وخذلهم القائد/جان الفغالي/نداء الوطن

بهاك ١٣ تشرين/جو مجلّي

"اليوم التالي" بعد غزّة: هل يبقى لبنان وحيدًا؟/بتول يزبك/المدن

آخرهم نصرالله: موت المشاريع السياسية الكبرى بمقتل زعمائها/إيلي الحاج/المدن

"كاوبوي السلام" يفتتح الشرق الأوسط الجديد: كلّ شيء لإسرائيل!/منير الربيع/المدن

نهاية حلف الأقلّيات وأوهام استِنهاضه!/زياد الصائغ/المدن

 عقائد عديدة والمضمون واحد/مصطفى علّوش/المدن

 

عناوين المؤتمرات والندوات والبيانات والمقابلات والمناسبات الخاصة والردود

الرئيس عون: "لا بد من التفاوض" مع اسرائيل لحلّ المشاكل العالقة

إقفال تنورين الملوثة وشركات مياه أخرى قيد الاختبار/مصطفى رعد/المدن

استعراض "حزب الله" الكشفي: القوة بالديموغرافيا.. والأجيال

سلام يشيد بجهود الوساطة.. وهيكل: الجيش محلّ إجماع اللبنانيين

حصار إعادة الإعمار: إقفال حسابات "وتعاونوا" وغيرها في Whish

وفد قضائي سوري في بيروت يستكمل البحث بملف الموقوفين السوريين

 

تغريدات مختارة من موقع أكس

تغريدات مختارة لليوم 13 تشرين الأول /2025

 

تفاصيل الزوادة الإيمانية لليوم

أَلحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّكُم سَتَبْكُونَ وتَنُوحُون، أَمَّا العَالَمُ فَسَيَفْرَح. أَنْتُم سَتَحْزَنُونَ ولكِنَّ حُزْنَكُم سَيَتَحَوَّلُ إِلى فَرَح

إنجيل القدّيس يوحنّا16/من20حتى24/:”قالَ الربُّ يَسوع: «أَلحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّكُم سَتَبْكُونَ وتَنُوحُون، أَمَّا العَالَمُ فَسَيَفْرَح. أَنْتُم سَتَحْزَنُونَ ولكِنَّ حُزْنَكُم سَيَتَحَوَّلُ إِلى فَرَح. أَلمَرْأَةُ تَحْزَنُ وهِي تَلِد، لأَنَّ سَاعَتَهَا حَانَتْ. ولكِنَّهَا مَتَى وَلَدَتِ ٱلطِّفْلَ، لا تَعُودُ تَذْكُرُ ضِيقَهَا، لِفَرَحِهَا أَنَّ إِنْسَانًا وُلِدَ في العَالَم. فَأَنْتُمُ الآنَ أَيْضًا تَحْزَنُون، إِنَّمَا سَأَعُودُ فَأَرَاكُم، وتَفْرَحُ قُلُوبُكُم، ولا يَنْزِعُ أَحَدٌ فَرَحَكُم مِنْكُم. وفي ذلِكَ اليَوْمِ لَنْ تَسْأَلُونِي شَيْئًا. أَلحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: كُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ مِنَ الآبِ بِٱسْمِي، يُعْطِيكُم إِيَّاه. حَتَّى الآنَ لَمْ تَطْلُبُوا بِٱسْمِي شَيْئًا. أُطْلُبُوا تَنَالُوا فَيَكْتَمِلَ فَرَحُكُم”.

 

تفاصيل مقالات وتغريدات الياس بجاني

عيد الشكر في كندا وآيات من الكتاب المقدّس تحكي فرح فضيلة الشكر

الياس بجاني/13 تشرين الأول / 2025

“اشكروا في كل شيء، لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم” (01 تسالونيك05/18)

https://eliasbejjaninews.com/2025/10/5182/

تحتفل كندا، في ثاني اثنين من شهر تشرين الأول من كل سنة، بعيد الشكر Thanksgiving Day، وهو من أعرق الأعياد الوطنية والروحية في تاريخها، إذ يجتمع الناس في هذا اليوم لتقديم الشكر لله على عطاياه وبركاته وخصوبة الأرض وغلالها الوفيرة.

هذا التقليد الذي يجمع بين البساطة والقداسة، يعود إلى مئات السنين، حين كان المزارعون الأوائل والسكان الأصليون — من الهنود الحمر — يحتفلون بعد موسم الحصاد بتقديم القرابين والشكر للآلهة التي كانوا يعبدونها، عرفانًا بجميل العطاء ووفرة القوت. ومع مرور الزمن، تحوّل هذا التقليد إلى عيد وطني وروحي يرمز إلى الامتنان لله، الخالق وواهب الحياة.

إنّ كلمة “الشكر” وردت في الكتاب المقدّس حوالي 181 مرة، وهذا ليس عبثًا، بل دلالة على أهميّة هذه الفضيلة في علاقة الإنسان بخالقه. فالسيد المسيح نفسه شكر الآب في كل مناسبة، كما شكر الأنبياء والرسل عبر الأجيال الله على عطاياه وخلاصه ومحبته. الشكر في جوهره ليس مجرّد كلمة أو طقس، بل ثقافة إيمانية وروحية تُهذّب أخلاق الإنسان وتزرع فيه التواضع والعرفان، وتجعله يرى في كل ما يملك نعمة لا استحقاقًا.

في يوم عيد الشكر، يجدر بنا أن نرفع قلوبنا قبل أيدينا، وأن نتذكّر أن كل عطية صالحة هي من عند أبي الأنوار (يعقوب 1:17). نشكر الله على نعمة الحياة، على العائلة والأصدقاء، على الصحة والأمان، على الأوطان التي تحتضننا، وعلى كل تجربة نمرّ بها، لأنها فرصة للتقوّي بالإيمان والنموّ بالمحبة. فالشكر لا يكون فقط في أيام الفرح، بل أيضًا في أوقات الألم، لأنّ الإيمان الحقيقي يُثمر حين نشكر في كل حال، كما قال بولس الرسول: “لكن اعلم هذا أنه في الأيام الأخيرة ستأتي أزمنة صعبة، لأن الناس يكونون غير شاكرين، دنسين.” (2 تيموثاوس 3:1-2)

إنّ عدم الشكر هو علامة جحود وانفصال عن الله، فيما الشكر الدائم هو تعبير عن حضور الله في القلب. من يشكر يعيش بسلام، لأنّه يدرك أن يده ليست مصدر العطاء، بل يد الله التي تعمل فيه ومن خلاله. ومن لا يشكر، يكون في غربة عن ذاته وعن الناس، لأنّ الجحود يقتل الفرح ويعمّق الأنانية.

فلنطلب من الرب في هذا اليوم المبارك، أن يمنحنا قلوبًا شاكرة وألسنة حامد، وأن يعلّمنا أن نرى في كل شيء وجه نعمته. فبالشكر تدوم النعم، وبدونه تذبل الأرواح. ولنتذكّر دومًا أن الشكر ليس موسميًا بل أسلوب حياة، يعبّر عن إيمان عميق وثقة مطلقة بالله الذي يرعانا في كل حين.

في أسفل النص عدد من الآيات الإنجيليّة من العهدين القديم والجديد، تتكلّم عن فضيلة الشكر بأبهى صورها ومعانيها، وتؤكّد أنّه من صميم الحياة المسيحية التي تدعو إلى الحمد والاعتراف بجميل الله الدائم.

عيد شكر مبارك لكندا وللكنديين ولكل مؤمن يشكر الرب على الدوام.

*الياس بجاني/فيديو/ذكرى شهداء 13 تشرين الأول 1990 وتنكر ميشال عون لهم وللبنان وغرقه في اوهام السلطة والمال

https://www.youtube.com/watch?v=59IUZSeGuyA

الياس بجاني/13 تشرين الأول/2025

***الكاتب ناشط لبناني اغترابي

رابط موقع الكاتب الإلكتروني

https://eliasbejjaninews.com

عنوان الكاتب الإلكتروني

phoenicia@hotmail.com

 

الياس بجاني/نص وفيديو/عربي وانكليزي/عند بري بالمصيلح وبغيرها إسرائيل عم ترد ع عهركم وفجوركم وعنترياتكم ودجل مقاومتكم

الياس بجاني/11 تشرين الأول/2025

https://eliasbejjaninews.com/2025/10/148125/

ع الأكيد، بكي ودموع وندب بري وحزب الله وجنبلاط، وبيانات كتيبة المستشارين ورئيسون ببعبدا، وزجليات ونتاق وهرار كل باقي تجار وكذبة المقاومة والتحرير الدجالين والذميين والجبناء، ومعون وبضهرون  وذمية وتقية حربائيات كل اصحاب شركات الأحزاب وصنمية وغباء قطعانهم… هودي كلن، لا بيقدموا ولا بيأخروا مصيركم الأسود…. بدون تكبوا إسرائيل بالبحر، وتقتلوا اليهود، وتصلوا بالقدس، وتعملوا جمهورية ملالوية بلبنان.. تحملوا، أو انقبروا اضبضبوا وسملوا سلاحكم الإيراني التنك للدولة، وعملوا سلام مع دولة إسرائيل، واعتذروا من اللبنانيين عن كل اجرامكم وفحشكم وإرهابكم وعهركم ونفخة صدوركم التعتير.

**الياس بجاني/فيديو/عند بري بالمصيلح وبغيرها إسرائيل عم ترد ع عهركم وفجوركم وعنترياتكم ودجل مقاومتكم

https://www.youtube.com/watch?v=iXKbS6-ruv0

الياس بجاني/11 تشرين الأول/2025

**الكاتب ناشط لبناني اغترابي

عنوان الكاتب الألكتروني

Phoenicia@hotmail.com

رابط موقع الكاتب الألكتروني

https://eliasbejjaninews.com

 

أعرف عدوك الأخطر الذي هو أصحاب شركات الأحزاب وقطعانهم

الياس بجاني/11 تشرين الأول/2025

سخافة وصنمية وجهل وغباء قطعان أصحاب شركات الأحزاب كافة ودون استثناء واحد هم كارثة اجتماعية ووطنية وفكرية وأخطر من حزب الله وإجرامه بمليون مرة

 

يا وليد بيك جنبلاط بيكفي دجل وتقية ومكر وتلون حربائي انت آخر همك ما تسميهم شهداء حزب الله أو حماس.

الياس بجاني/10 تشرين الأول/2025

كتب وليد جنبلاع أكس: ان إلغاء المجلس الأعلى السوري اللبناني  خطوة متقدمة على طريق العلاقات الطبيعية بن لبنان وسوريا لكن متى ستطالب بعض الأصوات السيادية في لبنان بالانسحاب الاسرائيلي الكامل والالتزام باتفاق الهدنة وان تحميل المقاومة كل تبعات العدوّان تزوير للتاريخ واهانة للشهداء المقاومة @lebanon https://pic.x.com/TBOdYKcW3s

ردي على نفاقه

يا وليد بيك جنبلاط بيكفي دجل وتقية ومكر وتلون حربائي انت آخر همك ما تسميهم شهداء حزب الله أو حماس. غريب أمرك فأنت ورغم ذكائك إلا أنك لا تحتحرم ذكاء الآخرين وتتوهم أن البشر كلهم من نوعية وخامة وثقافة قطعانك وقطعان أقرانك من أصحاب شركات الأحزاب التعتير من العنيد بري والمعرابي والصهر الفاجر وصاحب شعار الخط إلى أخر واحد فيكم..انتم أخطر ما أصاب لبنان وهو لن يغادر جهنم التي واصلتموه إليها قبل غروبكم عن وجوهنا

 

تفاصيل الأخبار اللبنانية

ترامب: ندعم عون في نزع السلاح والأخير: ليبدأ مسار التفاوض

المدن/13 تشرين الأول/2025

شدّد الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب على دعم إدارة "الرئيس اللّبنانيّ في نزع سلاح حزب الله"، معتبرًا أنّ لبنان يقوم بعملٍ رائع على هذا الصعيد. ترامب وفي كلمةٍ ألقاها أمام الكنيست الإسرائيليّ تطرّق فيها إلى الشأن اللّبنانيّ، حيث اعتبر أنّ "حزب الله هو خنجر ضرب إسرائيل وأنهيناه". وقال "في لبنان دُمّر حزب الله، وندعم نزع سلاح الحزب وحصره بيد الدولة، وبناء دولة تعيش بسلام مع جيرانها". وفي حديثٍ آخر قال ترامب: "نحن نبني مستقبلًا جديدًا. الروابط التجاريّة الّتي سننشئها هنا ستكون بين تل أبيب ودبي، بين حيفا وبيروت، بين القدس ودمشق، بين إسرائيل مع مصر والسعوديّة وقطر".

عون: طالبنا بتدخل أميركي وفرنسي لكنها لم تتجاوب يأتي ذلك بالتزامن مع موقف عبر عنه رئيس الجمهوريّة جوزاف عون، حيث أكّد أنّه على "إسرائيل وقف عدوانها على لبنان ليبدأ مسار التفاوض". عون أشار إلى أنّ "إسرائيل مستمرة في توجيه الرسائل العسكريّة والدمويّة للضغط علينا"، مذكّرًا بالعدوان الذي تعرضت له منطقة المصيلح يوم السبت الماضي، "وهو خير دليل على السّياسة العدوانيّة الإسرائيليّة المستمرة ضدّ لبنان، في الوقت الذي تقيَّد فيه لبنان بالاتفاق الذي جرى التوصل إليه في تشرين الثاني الماضي، وطالبنا مرارًا بتدخّل أميركيّ وفرنسيّ، لكنّها لم تتجاوب". عون اعتبر أنّه "سبق للبنان أنّ تفاوض مع إسرائيل برعاية كلّ من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، وهذا ما أسفر عن اتفاق ترسيم الحدود البحرية، فما الذي يمنع ان يتكرَّر الأمر نفسه لإيجاد حلول للمشاكل العالقة، لا سيما أن الحرب لم تؤدّ إلى نتيجة؟".  عون كان أمل أمس، أن "تتجاوب إسرائيل مع الدعوات الصادرة عن قادة الدّول العربيّة والأجنبيّة، من أجل وقف سياستها العدوانيّة في فلسطين ولبنان وسوريا، بما يوفّر مناخاتٍ إيجابيّةً للعمل من أجل سلامٍ عادلٍ وشاملٍ ودائمٍ، يحقّق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط". والجدير ذكره أن عون طالب وبعد العدوان الإسرائيلي على المصيلح إسناد لبنان بهدنة غزة، وقال في تصريح "كما السؤال عن أنه ما دام قد وُرط لبنان في حرب غزة، تحت شعار إسناد مُطلقيها، أفليس من أبسط المنطق والحق الآن، إسناد لبنان بنموذج هدنتها، خصوصاً بعد أن أجمع الأطراف كافة على تأييدها؟!".

 

يديعوت أحرونوت: يجب أن نوجّه أنظارنا نحو الشمال

المدن/13 تشرين الأول/2025

في قراءة لما بعد اتفاق غزة، نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" تقريراً تساءلت فيه "هل عدنا إلى ما قبل 6 تشرين الأول؟ أم هل تعلّمنا الدرس الذي كُتب بدماء كثيرة؟". تحدث التقرير عن اليوم التالي مباشرة بعد السابع من تشرين الأول، عندما "انضم حزب الله إلى المعركة ضد إسرائيل، معلناً أن السبب هو دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته". وأكد التقرير "على ما يبدو، فإنّ التنظيم، الذي تفاجأ بنجاح النموذج الأولي الذي نفذته حماس، كان يعتقد أنه سيتمكن من الانضمام إلى الاحتفال بشروطه الخاصة؛ أن ينهك إسرائيل ويحافظ على قدراته الضخمة ليوم المعركة الذي سيختاره هو". وتابع التقرير: "لكن حسن نصرالله وقيادة التنظيم اللبناني لم يتصوروا أن هذا القرار سيُدخِل حزب الله في حرب استنزاف وتآكُل وحسم ستؤدي إلى توجيه ضربة قاسية إليه، وتدمير خطته المعدَّة لاحتلال الجليل، وتغيير قواعد اللعبة على الحدود الشمالية. وعلى الرغم من المخاوف الكبيرة من الثمن الباهظ الذي يمكن أن ندفعه في مقابل إنهاء الحرب، فإن علينا أن نوجّه أنظارنا نحو الشمال؛ فبعد وقف إطلاق النار مع حزب الله، الذي قوبل بانتقادات، أصرّت الحكومة والجيش على تنفيذ "وثيقة التفاهم الجانبي"، التي تمنح الجيش حرّيّة تصرف تامة ضد أيّ نشاط من حزب الله يعيد تهديد سكان الجليل".  وتابع المقال: "لم تعد السياسة قص العشب ولا الاحتواء ولا محاولة منع التصعيد، فالواقع الجديد الذي نراه بوضوح وراء السياج هو فرْض واقع أمني حازم ويومي لا مساومة فيه. وتواجَه محاولات حزب الله لرفع رأسه، وإعادة بناء نقطة مراقبة، وتهريب أسلحة، أو حتى الاقتراب من البنية التحتية الإرهابية التي أعدّها ودُمّرت، بردٍّ هجومي؛ إذ إن الجيش الإسرائيلي يقف على الخطوط الأمامية وما وراءها، وفي مواجهة السكان، ويبادر ويهاجم ويقتلع كل جذور الإرهاب. وهذا النموذج يثبت فاعليته، ويجب أن يكون الواقعَ الوحيد الذي نسعى إليه، ونتبنّاه الآن أيضاً في الجنوب إزاء غزة". وأضاف المقال: "ووسط نشوة حذرة، يرتفع صوت خطِر لأولئك الذين يسارعون إلى إعلان الهزيمة. فهذه الأصوات، التي بعضها مدفوع بمواقف سياسية ساخرة، تتحدث عن صمود حماس وفَشَلِ أهداف الحرب، وهذا كلام كاذب، يكاد يكون كلاماً موالياً لحماس في روحه. ومَن يدعي أننا خسرنا، فهو يتغاضى عن الواقع الذي حدث في القطاع. الهدف الأول والأسمى: إعادة الرهائن، وقد تحقق، لكن يجب ألاّ نخدع أنفسنا مرة أُخرى. الهدف الثاني: توجيه ضربة قاضية إلى "حماس"، ولن يتحقق هذا الهدف أبداً إلاّ بالمثابرة والصمود الصلب لعقود قادمة. إن النصر الكامل الذي سيسمح لسكان الجنوب بالعودة إلى منازلهم بأمان تام، وتربية أطفالهم بلا خوف، لن يتحقق عبر الاتفاقات أو بفضل أطراف خارجية؛ إنما فقط بوجود عسكري دائم مبادر وهجومي". وتابع المقال: "على الرغم من الأهازيج والاستقبال الحافل الذي يُنتظر للرئيس الأميركي دونالد ترامب عند هبوطه في إسرائيل بوصفه عرّاباً لهذا الاتفاق، فإن هذه الحرب لم تنتهِ بعد، والنصر الحقيقي الذي سيدوم للأجيال لا يُقاس فقط بما كان؛ بل أيضاً بما سيكون، والاختبار الكبير هو الذي يواجهه الآن الجيش الإسرائيلي وحكومة إسرائيل، وهو بسيط: هل عدنا إلى ما قبل 6 تشرين الأول/ أكتوبر؟ أم هل تعلّمنا الدرس الذي كُتب بدماء كثيرة؟". ووفق يديعوت أحرونوت "فالجواب موجود في النموذج الشمالي؛ لقد انتهى عهد الجولات في غزة، وانتهى عهد الهدوء في مقابل الهدوء، والخوف من أيام قتال، والاختبار من الآن فصاعداً هو أن يقف الجيش الإسرائيلي على الخطوط الجديدة، في المنطقة العازلة، أمام سكان غلاف غزة، وأن يستمر في الأعمال الهجومية غير المتوقفة ضد كل محاولة لإعادة بناء "الإرهاب". كل مسلح يرفع رأسه، وكل محاولة لإقامة بنية تحتية، وكل نشاط شبه "إرهابي" يجب أن يقابَل بنار فورية. إن النصر الكامل الذي سيسمح لسكان الجنوب بالعودة إلى منازلهم بأمان تام وتربية أطفالهم بلا خوف، لن يتحقق عبر الاتفاقات أو بفضل أطراف خارجية؛ إنما فقط بوجود عسكري دائم ومبادر وهجومي، يوضح للعدو بأوضح صورة ممكنة: مَن يحاول تهديد منازلنا وعائلاتنا مرة أُخرى، لن يُردع فقط؛ بل أيضاً سيُدمّر".

 

رابط فيديو ونص تعليق لنديم قطيش تحت عنوان وقف اطلاق النار في غزة

13 تشرين الأول/2025

https://eliasbejjaninews.com/2025/10/148173/

https://www.youtube.com/watch?v=j23_hxAc95k

وقف اطلاق النار في غزة ما انهى الحرب، بل انهى حقبة سياسية كاملة.

عشرين سنة ادعت فيها الميليشيات انها قادرة تصنع مستقبل الشرق الأوسط لوحدها.

حماس ليست الخاسر الوحيد.

كل ساحات إيران إذا بتلاحظوا عم تخلص بنفس الطريقة.

حزب الله قبل بوقف اطلاق النار من دون تحقيق أي هدف، هيكله العسكري تمدر قويادتو قتلت. لبنان يلي ما كان محتل صار محتل.

 الحوثيين راح يواجهوا صعوبات أكثر بتبرير الهجمات بعد ما حماس نفسها استسلمت بما في ذلك بقاء إسرائيل بغزة.

إيران شخصياً واجهت الإختبار يلي انتجت محور المقاومة تا تتجنب الحرب مع إسرائيل وأميركا مباشرة

12  يوم اثبتت انو إيران أضعف بكتير مما تدعي.

هيدي مش هزائم تكتيكية،هيدي نهاية مشروع المقاومة كلو.

المشروع  الإيراني ما خسر عسكرياً فقط، بل انتهت صلاحيتوبعد فشلوا بتقديم بديل للنماذج الغربية والخليجية.

اوضح انقاض موجودة اليوم بغزة المدمرة. هي انقاض محور المقاومة وإجاباتها القديمة.

المقاومة مش هي جوهر الهوية.

التطرف اللاهوتي حول الجهاد والنصرة ما بيبني المستقبل.

الصراع الأبدي مش مصدر للكرامة.

يمكن اتفاق غزة مش راح يكون نهاية الصراع، إنما الأكيد هو نهاية الكفاح المسلح، ونهاية الميليشيات كفاعل سياسي كبير في المنطقة

 

حصار إعادة الإعمار: إقفال حسابات "وتعاونوا" وغيرها في Whish

المدن/13 تشرين الأول/2025

كشفت التدابير الأمنية، الدولية والاسرائيلية، في الداخل اللبناني،  مرحلة جديدة من موانع إعادة إعمار ما دمرته الحرب الاسرائيلية على لبنان في العام الماضي، مما دفع بناشطين من الجنوب لاعتبار ما يجري "حصاراً جديداً"، وأنه "يُضاف الى الاعتداءات الاسرائيلية التي تمنع سكان الجنوب من العودة اليه".

واتخذت التدابير منحيَين أمنيين، أولهما يتمثل في الملاحقة الاسرائيلية لمهندسين يعملون في إعادة الإعمار أو يشجعون عليه، وتمثل ذلك في اغتيال مهندسين اثنين في منطقة الجرمق قبل نحو اسبوعين، ثم  التهديد الذي ساقته المسيّرات الاسرائيلية للمهندس طارق مزرعاني الذي نشط في تأسيس تجمّع ابناء المنطقة الحدودية، للضغط باتجاه إيقاف الجهود المدنية الآيلة لتحقيق هذا الهدف. لكن التدابير لم تنحصر في إسرائيل، إذ تؤازرها جهود دولية، وضغوط على لبنان والمؤسسات فيه، للمضيّ باتجاه إطباق الحصار، ومنع تمويل اي جهد يمكن أن يعيد الحياة الى المنطقة الحدودية. وتمثل ذلك في اجراءات اتخذتها شركة "Whish Money" لتحويل الأموال في الداخل، إذ أقفلت حسابات مخصصة لتلقي التبرعات، وهي آلية مجتمعية انطلقت بعد الحرب، كبديل عن التمويل الدولي المتعذر، والعجز الحكومي عن تمويل أي خطة. وانتشرت، منذ ليل الأحد، معلومات في مواقع التواصل، تشير الى اقفال بعض الحسابات، وفي مقدمها حساب عضو مجلس بلدية راميا، حسين صالح، الذي أقفل  إقفال حسابه استنادًا إلى التعميم رقم 170 الصادر عن مصرف لبنان. وسرعان ما تكشفت حسابات أخرى جرى اقفالها، من بينها حساب جمعية "وتعاونوا" التي نشطت منذ نهاية الحرب في جمع التبرعات، وشراء البيوت الجاهزة التي قصفت إسرائيل معظمها، كما موّلت استحداث مراكز تعليم مؤقتة في المنطقة الحدودية، كبديل عن المدارس الرسمية التي هُدمت. وقالت الجمعية في بيان: "فوجئنا أخيراً بقيام شركة Whish Money بإغلاق حسابنا المخصص لجمع التبرعات، رغم تقديمنا كل المستندات المطلوبة لإعادة تفعيله، ما عرّض خططنا ومشاريعنا، خصوصاً في القرى الحدودية، لخطر التوقف". وأسفت لأن "يأتي هذا القرار ضمن سلسلة ممارسات تهدف إلى تعطيل جهود الإعمار ودعم الأهالي، من استهداف منشآت ومؤسسات، إلى إقفال حسابات الناشطين العاملين في الإغاثة". وتشير منشورات مواقع التواصل إلى أن هناك العشرات من الحسابات جرى اقفالها، ووضعت هذه الإجراءات ضمن سياق "الحصار المالي على بيئة المقاومة"، و"إغلاق منافذ التمويل والمساعدات"، و"تماهي الشركة مع الضغوط الدولية"، علماً أن الشركة، مضطرة الى التدقيق في الأموال، تنفيذاً للتعليمات الرسمية والقوانين اللبنانية والتدابير الدولية لمكافحة تبييض الأموال، منعاً لحظر أنشطتها ومعاقبتها. والحال أن النقاشات اليوم، تتخطى هذا الجانب التفصيلي من الإجراءات الآخذة في التوسع، والتي تتكفل اسرائيل بجزء منها، عبر قصف الجرافات ومنع ورش إعادة الإعمار من العودة واستهداف المهندسين وإبعادهم عن المنطقة، فيما تتكفل الضغوط الدولية بتهديد الشركات، وبإتمام الحصار المالي على البيئة الجنوبية، ومن ضمنها بيئة الحزب.  تلك البيئة، رفعت صوتها أخيراً في وجه الدولة اللبنانية و"حزب الله" على حدّ سواء.. ويتناقل ناشطون في مواقع التواصل مقطع فيديو لتاجر من آل قطيش، تعرضت ممتلكاته للتدمير في الحرب، ومنذ ذلك الوقت "لم ينظر أحد إلينا"، وخسر واحدة من أكبر المؤسسات التجارية في الجنوب. تلك الأصوات، يمكن أن تشكل عامل ضغط مجتمعي على الأطراف السياسية المؤثرة في الجنوب، في وقت يحتاج "حزب الله" الى نحو مئة مليون دولار أواخر الشهر المقبل، لتأمين بدل إيجارات لمن هُدمت منازلهم وتمنع إسرائيل إعادة إعمارها.

 

لبناني متهم بالعمالة لإسرائيل يصدم أصدقاءه: تفاصيل لم تُروَ

المدن/13 تشرين الأول/2025

كل شيء انكشف في مجموعة "واتسآب" تضم خمسة من أصدقائه، عندما أرسل أحدهم فيديو لتقرير وبيان للأمن العام حول تفكيك شبكة تعمل لصالح العدو الإسرائيلي، وكانت بصدد التحضير لأعمال إرهابية من تفجيرات واغتيالات في الداخل اللبناني، وتوقيف بعض أعضائها.  ظهرت الحروف الأولى من اسم "م. ص." ضمن أربعة أسماء مرمّزة وردت في بيان الأمن العام. في البداية، لم يصدق الأصدقاء الأمر، وظلوا في حيرة، حتى انتشرت صورته في تقارير إخبارية بوسائل الإعلام اللبنانية، كما كُشف عن اسمه الكامل (رغم أن بيان الأمن العام أبقى الاسم مرمّزاً). وأدركوا أن ما تمت مشاركته بالمجموعة، كان صحيحاً، لكنهم لم يصدقوا الخبر إلا بعد ظهور صورته في تقرير تلفزيوني آخر. كانت الصدمة الكبرى لأصدقائه الذين عرفوه عن قرب. أحدهم قال: "لم أصدق ما قرأت، لم أستوعب أن صديقي الذي عرفته طوال هذه السنوات، الشخص الذي كنت أثق فيه، فعل هذا". ويضيف: "الآن أفكر كيف يمكن لشاب أن يبيع بلده ومحيطه ودينه، ويتعامل مع العدو الإسرائيلي؟" وأضاف آخر: "الحمد لله أننا قطعنا صلتنا به قبل أن يدخل بيتنا".  سارع أصدقاء "م. ص." الى حذف صوره من حساباتهم الاجتماعية. ويقول أحد أفراد المجموعة: "محوت كل الصور التي تجمعني به، لم أعد أريد أي ذكرى تجمعنا. لا أتشرّف بأن أكون صديقاً سابقاً لخائن".

وتساءل الأصدقاء كيف استطاع أن يخون كل شيء، وكيف تحول من صديق مقرّب إلى عميل، بينما كانوا يتذكرونه شاباً متديّناً، منخرطاً في العمل التطوعي، يشاركهم الضحك والتخطيط لمشاريع خيرية، قبل أن تتحول كل صورته إلى لغز صادم عن الخيانة والخيبة. "م. ص." الذي يحمل الجنسية البرازيلية إلى جانب جنسيته اللبنانية، حسبما أفاد بيان "المديرية العامة للأمن العام"، هو شاب لبناني بدأ دراسة الهندسة المدنية في العام 2013، ويتحدر من إحدى قرى البقاع الغربي، وكان يبدو للجميع معتدلاً، وملتزماً دينياً وسياسياً ضد إسرائيل. ينتمي الى عائلة ميسورة مادياً ومعروفة في محيطها. انضم إلى جمعية خيرية لممارسة العمل التطوعي بين 2017 و2020، وكان مقرباً من "الجماعة الإسلامية" لكنه لا يحمل بطاقة حزبية. بعد إنهاء دراسته الجامعية في بيروت، تسجل في برنامج "MBA" في برلين، ومن هناك بدأت ترتسم الشكوك حول نشاطه، حسبما تشير التقديرات.

في أوساط أصدقائه، بدأ التحليل، وتسارعت التكهنات: "هل بدأ مشواره بالتجسس أثناء وجوده في ألمانيا؟"، يسأل أحد اصدقاءه، إذ ربط بين هذه الرحلة، ومسار تشغيله من قبل العدو، بالنظر الى أن رحلاته الى أوروبا تكررت في الآونة الاخيرة، مما أثار أسئلة في أوساط أصدقائه عن هذا التغيير المفاجئ في نمط حياته، لناحية تكرار رحلاته السياحية الى أوروبا بمفرده، علماً أنه كان في تلك المرحلة يتحضّر للزواج، وقد تزوج بالفعل قبل انكشافه بنحو شهرين. وكانت التحقيقات المنشورة في تقارير إعلامية، كشفت عن اسم مشغّل له يُدعى "مارتين"، ويقيم في ألمانيا، كما شارك الشاب في عملية اغتيال أحد أقربائه، علي الحاج، زوج عمته، الذي ينتمي إلى "الجماعة الإسلامية"، واستهدف منزله في الرفيد في البقاع الغربي العام 2024. كل المعلومات الجديدة التي ظهرت دفعة واحدة بعد تحقيقات بدأت في أيلول، تركت أصدقاء "م. ص." مذهولين، متسائلون عن الدوافع؟ فمن الناحية المادية، لم يكن "م. ص" بحاجة لذلك، وفقاً لمجموعة اصدقائه المقربة منه، ويسأل هؤلاء: لماذا باع كل شيء وتعاون مع العدو الإسرائيلي؟ في مجالسهم اليوم، يذكر أصدقاؤه "م. ص." كما عرفوه: شاب عادي، طموح، كان ملتزماً دينياً، ويغالي في التزامه الديني في ممارساته اليومية. كان في نظرهم صديقاً مقرّباً، قبل أن تتحول صورته في عيونهم إلى لغز صادم، وتنقلب الصورة باتجاه الخيانة والخيبة. لم تقتصر الصدمة على الصداقات القديمة. فالكل يحاول استيعاب "خيانته لأقرب المقربين منه"، في إشارة إلى زوج عمته! ويقول أحد الأصدقاء: "كيف كنا نخطط سوياً ونضحك سوياً ونتشارك في العمل الخيري، وهو شخص يفتقد أصلاً للخير؟" ويضيف: "إذا كانت الخلافات السياسية سبباً في تنمية الحقد، فكيف يمكن لشخص أن ينزلق الى التعامل مع العدو، مهما كان هذا الاختلاف السياسي كبيراً؟"

 

لبنان الرسمي يلاقي رياح السلام...ترامب: أدعم عون في مهمته لنزع سلاح "حزب الله"

نداء الوطن/14 تشرين الأول/2025

الرئيس الأميركي: تم القضاء على خنجر "حزب الله" الذي كان مسلطًا على إسرائيل

دخلت المنطقة أمس زمنًا جديدًا، حيث أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال ولادة هذا الزمن عن مكان لبنان فيه. وبدوره، أعلن رئيس الجمهورية جوزاف عون عن ملاقاة لبنان رياح السلام التي هبت في الشرق الأوسط فقال أمس وللمرة الأولى في عهده: "الأوضاع في المنطقة تسير نحو التفاوض لإرساء السلام والاستقرار ولا يمكن أن نكون نحن خارج هذا المسار". ولفتت مصادر سياسية بارزة لـ "نداء الوطن" إلى أن الدول العربية تدفع باتجاه عدم وجود محور الممانعة في الزمن الجديد، في ظل إصرار أميركي فريد من نوعه لن تكون معه عودة إلى الوراء من الآن فصاعدًا". وقالت: "ما شهدناه (أمس) هو زلزال لا تقف تردداته عند حدود مكان حصوله، ستكون له ترددات في لبنان، كان أولها موقف رئيس الجمهورية السبت الماضي حيث حمّل "حزب الله" مسؤولية توريط لبنان في حرب غزة وطلب منه بشكل واضح أن يحذو حذو "حماس" في إعلان انتهاء مشروعه المسلح". وتوقفت المصادر عند مخاطبة الرئيس ترامب أمس من الكنيست الإسرائيلي رئيس الجمهورية وحياه على ما قام به وطالبه باستكمال ما يقوم به لجهة الانتهاء من سلاح "حزب الله"، ورأت في هذه الخطوة دليلًا على التوجه الأميركي الحازم لإنهاء أزمة لبنان من خلال نزع سلاح "الحزب".

"حزب الله" يهاجم

لم يتأخر "حزب الله" في شن حملة على التطور الجديد في الموقف الرسمي. فقال عبر قناة "المنار" التلفزيونية التابعة له وفي نشرتها المسائية أمس: "مؤتمرٌ لم تحضره إيران لرفضِها إعطاء قائد الحرب الصهيونية على المنطقة دونالد ترامب براءة السلام، لكن حضره العديد من الدول وحتى هنغاريا وأرمينيا ولم يُدْع إليه لبنان المتعلق بعض سياسييهِ بحبلِ السرّةِ الأميركي وشعارات السلام. أليست إهانة سياسية جديدة لمن يضعون كلَ أوراقهم في السلة الأميركية؟".

ترامب: ندعم رئيس لبنان لنزع سلاح "الحزب"

وكان الرئيس الأميركي قد قال في كلمته في الكنيست: "في لبنان، تم القضاء على خنجر "حزب الله" الذي كان مسلطًا على إسرائيل، وتدعم إدارتي رئيس لبنان الجديد في مهمته لنزع سلاح "حزب الله" نهائيًا ونزع الكتائب الإرهابية لـ "الحزب" وبناء دولة مزدهرة تعيش بسلام مع جيرانها، وهو (أي عون) يعمل على ذلك بشكل جيد جدًا". وأعلن ترامب "أن هناك أمورًا جيدة تحصل في لبنان".

عون: يجب أن نكون في مسار التفاوض

من ناحيته، قال الرئيس عون أمس أمام "جمعية الإعلاميين الاقتصاديين: "الأوضاع في المنطقة تسير نحو التفاوض لإرساء السلام والاستقرار ولا يمكن أن نكون نحن خارج هذا المسار، بل لا بد من أن نكون ضمنه، إذ لم يعد في الإمكان تحمل مزيد من الحرب والدمار والقتل والتهجير". ودعا عون إلى "التفاوض" للتوصل إلى حلول، على غرار ما حصل في ملف ترسيم الحدود البحرية برعاية أميركية وأممية سائلًا: "ما الذي يمنع أن يتكرَّر الأمر نفسه؟ وما الذي يمنع التفاوض لا سيما أن الحرب لم تؤد إلى نتيجة؟". ولفت إلى أن إسرائيل "ذهبت إلى التفاوض مع "حركة حماس" لأنه لم يعد لها خيار آخر بعدما جربت الحرب والدمار، واليوم الجو العام هو جو تسويات، ولا بد من التفاوض، أما شكل هذا التفاوض فيحدَّد في حينه".

سلام والعمل على "حصر السلاح"

في سياق متصل، كتب رئيس الحكومة نواف سلام على منصة "أكس": "أهنئ إخوتنا الفلسطينيين في غزة. كما أحيي الجهود الدبلوماسية التي بذلها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وكل الدول الشقيقة والصديقة، لوقف هذه الحرب التي طالت كثيرًا وذهب ضحيتها آلاف المدنيين الأبرياء. كلنا أمل في أن تساهم قمة شرم الشيخ في فتح أفق جديد في المنطقة، لكن بينما حكومتنا ملتزمة مضمون إعلان وقف العمليات العدائية لشهر تشرين الماضي، وهي تعمل جاهدة على بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية وعلى حصر السلاح، ما زالت البلاد تتعرض لاعتداءات إسرائيلية شبه يومية. ولذلك، أدعو الأشقاء والأصدقاء الإقليميين والدوليين إلى مشاركتنا العمل من أجل وقف هذه الاعتداءات وانسحاب القوات الإسرائيلية الكامل من الأراضي اللبنانية، ومساعدتنا في إعادة الإعمار، مما يساهم ليس في استقرار لبنان فحسب، بل في استقرار المنطقة بأسرها".

غراهام ونزع سلاح "الحزب"

وفي واشنطن، أعلن السيناتور الجمهوري الأميركي ليندسي غراهام،أمس، أنه "من الضروري أن ينجح لبنان في نزع سلاح "حزب الله" قبل أن يعمّ السلام الحقيقي في المنطقة ويجب أن تكون المنطقة والعالم مستعدَين لمساعدة لبنان في هذا المسعى المهم".

 

تفاصيل الأخبار الإقليمية والدولية

ترامب يُعلن بزوغ فجر شرق أوسط جديد

نداء الوطن/14 تشرين الأول/2025

يريد الرئيس الأميركي دونالد ترامب دخول التاريخ كـ "رئيس السلام"، ويبدو أن مهمّته تتكلّل بالنجاح في الشرق الأوسط من خلال اعتماده استراتيجية "السلام من خلال القوّة"، لكن هذه المقاربة أتت بعد معارك وحروب ضدّ أذرع الأخطبوط الإيراني ورأسه، خاضتها حليفة بلاده إسرائيل انتقامًا لهجوم 7 أكتوبر، الذي غيّرت تداعياته وجه المنطقة. وبعد نجاحه بفرض "خطة ترامب" لوضع حدّ لحرب غزة، لم يتردّد الرئيس الجمهوري بقطف ثمار اللحظة التاريخية من خلال زيارة إسرائيل بالتزامن مع إطلاق سراح جميع رهائنها الأحياء، فضلًا عن مصر، لتعبيد الطريق أمام مسار سلام سيكون طويلًا ومتعرّجًا.

وخلال كلمته أمام الكنيست الإسرائيلي أمس، حيث حظي باستقبال حارّ للغاية، أشاد ترامب بـ "فجر شرق أوسط جديد"، بعد الإفراج عن جميع الرهائن الإسرائيليين الـ 20 الأحياء في إطار اتفاق شرم الشيخ وأربع جثث رهائن من أصل 28 جثة. وأكد أنه "بعد عامين مروّعين من الظلام والأسر، يعود 20 رهينة شجاعًا إلى أحضان عائلاتهم المجيدة، وهي بالفعل لحظة مجيدة، كما يعود 28 من الأحبّة أخيرًا إلى الوطن ليستريحوا في هذه الأرض المقدّسة إلى الأبد". وشكر "العالم العربي والإسلامي الذي توحّد للضغط على "حماس" من أجل إطلاق سراح الرهائن"، لافتًا إلى أنه "لقد تلقينا الكثير من المساعدة من أشخاص لم يكن ليتوقعهم أحد".

وجزم ترامب، الذي قاطعه الحضور بتصفيق متكرّر، بأنه "يجب نزع سلاح "حماس"، حتى لا تشكل خطرًا على إسرائيل في المستقبل"، معربًا عن أمله في أن تنضمّ "كلّ الدول التي نسعى إليها" سريعًا إلى "اتفاقات أبراهام"، من دون "أي مماطلة أو ألاعيب". وشدّد على أنه "يجب أن تكون قصة العزم الإسرائيلي الشديد والانتصارات منذ 7 أكتوبر، إثباتًا للعالم بأسره على أن من يسعون إلى تدمير هذه الأمّة محكوم عليهم بالفشل المرير، دولة إسرائيل قوية، وستعيش إلى الأبد".

ودعا ترامب، الغزيين، إلى "تركيز اهتماماتهم على استعادة مقوّمات الاستقرار والأمان والكرامة والتنمية الاقتصادية، حتى يتمكّنوا أخيرًا من نيل الحياة الأفضل التي يستحقها أبناؤهم"، كما دعا الفلسطينيين إلى الابتعاد نهائيًا عن "مسار الإرهاب والعنف وطرد قوى الشرّ المليئة بالكراهية التي تعيش بينهم"، مبديًا اعتقاده أن ذلك سيحدث. وحسم أن "قوى الفوضى التي ابتليت بها المنطقة هُزمت تمامًا... من غزة إلى إيران... لم تسفر الكراهية المريرة عن أي شيء سوى البؤس والمعاناة والفشل". وكان لافتًا قوله إن "يد الصداقة والتعاون ممتدّة دائمًا" نحو إيران رغم أن "نظامها تسبّب في الكثير من الموت في الشرق الأوسط"، مشدّدًا على أن الاتفاق حول غزة ما كان ليحدث لولا قيام أميركا بقصف المنشآت النووية الإيرانية. وأبدى ترامب اعتقاده أن إيران أصبحت الآن مستعدّة لعقد صفقة خاصة بها، معتبرًا أن "روابط جديدة من الصداقة والتعاون والتجارة ستربط تل أبيب بدبي، وحيفا ببيروت، والقدس بدمشق...". ورأى أنه "لقد تحطّم خنجر "حزب اللّه" الذي طالما وُجّه إلى عنق إسرائيل"، مؤكدًا أنه يدعم الرئيس اللبناني جوزاف عون في مساعيه لنزع سلاح "حزب اللّه".

وتحدّث خلال خطابه الحافل بالنكات والسخرية والخروج عن النصّ المكتوب، عن أن "السماء صافية والمدافع صامتة وصفارات الإنذار ساكنة والشمس تشرق على أرض مقدّسة أصبحت أخيرًا في سلام"، حاسمًا أنه "حان الوقت الآن لترجمة هذه الانتصارات ضدّ الإرهابيين في ساحة المعركة إلى الجائزة الكبرى المتمثلة في السلام والازدهار للشرق الأوسط بأكمله". وأثنى على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معبّرًا عن "امتنانه لرجل يتمتع بشجاعة ووطنية استثنائية، وكانت شراكته حاسمة في جعل هذا اليوم التاريخي ممكنًا". كما حض الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ على منح نتنياهو عفوًا في ظلّ متاعبه القانونية الجارية.

وقبل خطاب ترامب، ألقى نتنياهو كلمة أمام الكنيست، حسم فيها التزامه بـ "تحقيق السلام وفقًا لرؤية ترامب"، مشيرًا إلى أنه يمدّ "يد السلام إلى كل من يريد السلام معنا". ووصف ترامب بأنه "أعظم صديق" لإسرائيل على الإطلاق في البيت الأبيض، شاكرًا إيّاه على الاعتراف بـ "الحقوق التاريخية لإسرائيل" في الضفة الغربية. وتحدّث عن تحقيق "انتصارات مذهلة"، مشيرًا إلى "مقتل جميع قادة 7 أكتوبر"، والضربات التي وجّهتها بلاده لميليشيا الحوثي اليمنية و "حزب اللّه" في لبنان، وإسقاط نظام الأسد في سوريا، و "تدمير البرنامج النووي الإيراني".

وجزم نتنياهو بأن "السنوات المقبلة هي سنوات السلام داخل إسرائيل وخارجها"، مؤكدًا أن "السلام سيأتي أسرع مِمّا يظن الناس بقيادة ترامب". وأبدى انفتاح بلاده على "معاهدات سلام جديدة"، وقال مخاطبًا ترامب: "تحت قيادتك، يمكننا إبرام معاهدات سلام جديدة مع الدول العربية في المنطقة والدول المسلمة خارج المنطقة"، حاسمًا أن "أحدًا لا يريد السلام أكثر من شعب إسرائيل". وأعلن أنه رشح ترامب لـ "جائزة إسرائيل"، ما قد يجعل الرئيس الأميركي الشخص الأوّل غير الإسرائيلي الذي يفوز بأعلى وسام وطني في البلاد، علمًا أن نتنياهو أهدى ترامب "حمامة ذهبية".

في السياق، رأى رئيس الكنيست أمير أوحانا أن ترامب ليس "مجرّد رئيس أميركي آخر"، بل هو "عملاق في التاريخ اليهودي، شخصية لا نجد لها نظيرًا إلّا إذا عدنا نحو 2500 عام إلى غياهب الزمن، إلى كورش الكبير"، فيما توجّه زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد إلى ترامب بالقول: "كونك لم تُمنح جائزة "نوبل للسلام" هو خطأ جسيم من اللجنة، لكن لن يكون لديهم خيار، سيّدي الرئيس، سيتعيّن عليهم منحها لك العام المقبل". وحسم أنه "لن نذهب إلى أي مكان، الشرق الأوسط هو وطننا ونحن هنا للبقاء"، مشيرًا إلى أن المحتجين ضدّ إسرائيل في الغرب خُدعوا بواسطة خبراء الدعاية.

وقبل انعقاد جلسة الكنيست، زار ترامب مكتب نتنياهو في الكنيست، حيث كتب في سجل زوّار البرلمان: "إنه لشرف عظيم لي، هذا يوم جميل، وبداية جديدة". وكان الكنيست المحطة الوحيدة لترامب في هذه الزيارة القصيرة التي أصبح خلالها الرئيس الأميركي الرابع الذي يُلقي خطابًا في الكنيست بعد جيمي كارتر عام 1979، وبيل كلينتون عام 1994، وجورج بوش الابن عام 2008. ورافق ترامب في الكنيست كبار المسؤولين من إدارته، بمَن فيهم وزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الحرب بيت هيغسيث، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كاين، الذين شكرهم على جهودهم في التوصّل إلى اتفاق وقف النار. كما حضر صهر ترامب جاريد كوشنر والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، اللذان حصلا، كلّ على حدة، على تصفيق حارّ من جمهور القاعة.

ويأتي ذلك بعدما سلّمت "حماس" جميع الرهائن الـ 20 الأحياء المتبقين لديها إلى إسرائيل بموجب اتفاق وقف النار في غزة، فضلًا عن أربع جثث لرهائن، في وقت أفرجت فيه إسرائيل عن جميع السجناء والمعتقلين الفلسطينيين المقرّر إطلاق سراحهم ضمن الصفقة، وهم 1718 فلسطينيًا اعتُقلوا في غزة بعد 7 أكتوبر، فضلًا عن 250 سجينًا محكومين بالمؤبّد. وبينما أُطلق سراح معظم السجناء في الضفة والقدس وغزة، جرى ترحيل 154 سجينًا إلى مصر، وفقًا للسلطة الفلسطينية، فيما اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن إعلان "حماس" تسليم رفات أربع رهائن هو إخلال بالالتزامات، محذرًا من أن "أي تأخير أو تجنب متعمّد سيُعتبر خرقًا فاضحًا للاتفاق وسيُردّ عليه وفقًا لذلك".

إلى ذلك، باركت "حماس" "لأسرانا الأحرار، ولذويهم ولجماهير شعبنا إنجاز تحريرهم"، مدّعية أن "طوفان الأحرار إنجاز وطني تاريخي، جسّد وحدة شعبنا"، بعدما أقحمت القطاع بحرب مدمّرة على مدى عامين. وذكرت أن "طوفان الأحرار أكد أن مقاومة شعبنا وتمسّكه بأرضه هو السبيل لتحرير الأرض"، معتبرة أن "مقاومتنا الباسلة أبدعت في الوفاء بوعدها لأسرانا الأحرار". وزعمت بأن "طوفان الأحرار حطّم غطرسة نتنياهو وعصابته المتطرّفة وأفشل مخطّطاتهم"، مشيرة إلى أن "فرحة اليوم (أمس) بتحرير أسرانا، محطة في مسار متواصل حتى إنجاز التحرير".

 

شرم الشيخ تُنصف "كامب ديفيد" وتحيي آمال السلام

نداء الوطن/14 تشرين الأول/2025

بعدما دشنت القاهرة مسار السلام في الشرق الأوسط عام 1978 من خلال اتفاقية "كامب ديفيد" مع إسرائيل، عملت التيارات القومية والإسلامية المختلفة على عرقلة استكمال هذا المسار، مفضلة استغلال "القضية الفلسطينية" والصراع مع إسرائيل كمبرّر للتسلّح وقمع المعارضين الداخليين وفرض أجنداتها الإقصائية والرجعية في بلادها والجوار. ولم تشهد المنطقة لحظة سيّئة ومشؤومة كيوم نجاح "الثورة الإسلامية" في 11 شباط 1979، ما أدخل نظام الملالي المعادلة الشرق أوسطية بتصديره "ثورته المخرّبة" للأوطان من بوابة "القضية الفلسطينية"، ودفع بذلك المنطقة إلى آتون نزاعات مذهبية أغرقتها بمستنقعات الدماء والفساد. إلّا أن ميزان القوى الجديد الذي أفرزته ذيول "طوفان الأقصى" فرض تراجع خيار "الحرب الأبدية" مع إسرائيل في المنطقة وعودة زخم السلام العادل، الذي لا يمكن بناء أوطان مستقرّة ومزدهرة من دونه. إنطلاقًا من ذلك، شهدت أعمال "قمة شرم الشيخ للسلام" برئاسة أميركا ومصر، حدثًا تاريخيًا أمس، حيث وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيريه المصري عبدالفتاح السيسي، والتركي رجب طيب أردوغان، وأمير قطر تميم بن حمد، على وثيقة شاملة في شأن اتفاق إنهاء حرب غزة، بحضور قادة ومسؤولين من أكثر من 31 دولة ومنظمة دولية، إلّا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يحضر القمة، مبرّرًا ذلك بعطلة عيد العُرش، فيما زعم مسؤولون أتراك لاحقًا أن أردوغان هدّد بمقاطعة الفعالية في حال حضور نتنياهو. وبعد توقيع الوثيقة، أكد ترامب، الذي منحه السيسي "قلادة النيل"، أن "الوثيقة التي وقعناها للتو تاريخية"، موضحًا أنه "حققنا معًا ما قال الجميع إنه مستحيل وهو السلام في الشرق الأوسط". وحسم أن "حرب غزة انتهت والمساعدات بدأت في التدفق"، لافتًا إلى أن "مرحلة إعادة بناء غزة قد تكون الأصعب"، لكنه جزم بأن "إعادة إعمار غزة تتطلّب أن تكون منزوعة السلاح". وأعرب عن شكره لقادة مصر والسعودية والإمارات وقطر والأردن وتركيا وباقي الدول العربية والإسلامية "التي مكّنتنا من تحقيق هذه الانفراجة"، مؤكدًا أنه "اتفقنا على ضرورة دعم غزة ولا نريد أن نموّل أي شيء يتعلّق بالتحريض على الكراهية وإراقة الدماء". ورأى أن "الجميع" سيرغب في الانضمام إلى "اتفاقات أبراهام".

توازيًا، لفت السيسي إلى أن مصر كانت أوّل من أطلق مسار السلام في الشرق الأوسط عندما قام الرئيس الراحل أنور السادات بزيارة تاريخية إلى القدس عام 1977، معتبرًا أن تلك الخطوة دشنت عهدًا جديدًا أتاح للأجيال اللاحقة فرصة للحياة. ورأى أنه "نشهد لحظة تاريخية فارقة ونأمل في أن ينهي هذا الاتفاق صفحة مؤلمة في تاريخ البشرية"، جازمًا بأن "أمن الشعوب لا يتحقق بالقوة العسكرية فقط والسلام خيارنا الاستراتيجي". وأكد أنه "من حق الشعب الفلسطيني تقرير مصيره وأن ينعم بالحرّية"، داعيًا الشعب الإسرائيلي إلى "مد يده لتحقيق السلام". وكشف أنه "سنعمل خلال أيام على وضع الأسس المشتركة لإعادة إعمار قطاع غزة"، مشدّدًا على أنه "يجب تنفيذ اتفاق غزة للوصول إلى حل الدولتين وتكامل شعوب المنطقة". واعتبر رئيس وزراء باكستان شهباز شريف أن "اليوم (أمس) هو أعظم يوم في التاريخ الحديث، لأن السلام تحقق بعد جهود مضنية قادها الرئيس ترامب"، مجدّدًا ترشيحه ترامب لنيل جائزة "نوبل للسلام".

وقبل توقيع الوثيقة، عقد ترامب والسيسي جلسة حوارية، أكد خلالها ترامب أن "المرحلة الثانية" من خطته في شأن غزة "قد بدأت بالفعل"، موضحًا أن "المراحل كلّها متداخلة قليلًا مع بعضها البعض". وأكد أن الوثيقة "شاملة للغاية وتوضح القواعد واللوائح". أمّا بعد توقيع الوثيقة والكلمات التي ألقاها ترامب والسيسي وشريف، فعقد المشاركون في القمة جلسة محادثات مغلقة مع ترامب قبل أن يغادر الأخير مصر عائدًا إلى واشنطن.

وأفادت الرئاسة المصرية بأن القمة تناولت أهمية التعاون بين أطراف المجتمع الدولي لتوفير كلّ السبل من أجل متابعة تنفيذ بنود الاتفاق والحفاظ على استمراريته، بما في ذلك وقف حرب غزة بصورة شاملة، والانتهاء من عملية تبادل الرهائن والأسرى، والانسحاب الإسرائيلي، ودخول المساعدات الإنسانية والإغاثية لقطاع غزة، موضحة أن "القمة شهدت في هذا السياق مراسم توقيع قادة الدول الوسيطة على وثيقة لدعم الاتفاق". وذكرت أنه جرى التشديد على ضرورة البدء في التشاور حول سبل وآليات تنفيذ المراحل المقبلة لخطة ترامب للتسوية، بدءًا من المسائل المتعلّقة بالحوكمة وتوفير الأمن، وإعادة إعمار قطاع غزة، وانتهاء بالمسار السياسي للتسوية. وشارك في القمة قادة دول وممثلون عن كلّ من فلسطين، الأردن، السعودية، قطر، الإمارات، سلطنة عُمان، الكويت، البحرين، العراق، تركيا، إندونيسيا، باكستان، أذربيجان، فرنسا، قبرص، ألمانيا، المملكة المتحدة، إيطاليا، إسبانيا، اليونان، المجر، النرويج، هولندا، أرمينيا، كندا، اليابان، بارغواي، والهند، إلى جانب أميركا ومصر، بالإضافة إلى كلّ من سكرتير عام الأمم المتحدة، والأمين العام لجامعة الدول العربية، ورئيس المجلس الأوروبي، ورئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، ورئيس وزراء المملكة المتحدة الأسبق توني بلير.

في الغضون، تسعى "حماس" التي تلقت ضربات قاصمة خلال الحرب، إلى إعادة تأكيد سطوتها على قطاع غزة منذ دخول وقف النار حيّز التنفيذ، إذ قتلت العشرات في حملة أمنية وحشية على جماعات شكّلت تحدّيًا لسلطتها. وأعادت الحركة نشر مقاتليها تدريجيًا في شوارع غزة منذ بدء سريان وقف النار. ونشرت أمس أفرادًا من "كتائب القسام" لدى تحرير الرهائن، في استعراض للقوّة أمام الغزيين. ويأتي ذلك بعدما دارت اشتباكات ضارية بين "حماس" وأفراد من عائلة دغمش في مدينة غزة الأحد. وأعدمت "حماس" عددًا مِن مَن وصفتهم بـ "العملاء والخارجين عن القانون" في مدينة غزة، في وقت نشر فيه الجيش الإسرائيلي مقطعًا مصوّرًا يُظهر مسلّحين يعدمون رجالًا في ساحة أمام جماهير، متهمًا "حماس" بتنفيذ تلك الإعدامات. وكان ترامب قد ردّ على سؤال من صحافي ليل الأحد - الإثنين في شأن تقارير عن أن "حماس" تستهدف خصومًا لها وتعتبر نفسها قوة شرطية، قائلًا إنه "يريدون حقًا وقف المشكلات، وهم منفتحون في هذا الصدد، وأعطيناهم موافقة لفترة من الوقت". وبينما تنصّ "خطة ترامب" على نزع سلاح "حماس" والفصائل الأخرى وتسليم الحكم في غزة إلى لجنة تكنوقراط فلسطينية غير مرتبطة بـ "حماس" وتعمل تحت إشراف "مجلس السلام" برئاسة ترامب، استبعدت الحركة إجراء محادثات عن ترسانة أسلحتها، مدعية أنها ستكون مستعدّة لتسليم الأسلحة لدولة فلسطينية في المستقبل. وذكرت أنها لا تسعى إلى تولّي دور في الهيئة التي ستحكم غزة مستقبلًا، لكنها شدّدت على أن ذلك يجب أن يُتفق عليه بين الفلسطينيين من دون سيطرة أجنبية.

 

إسرائيل تفرج عن المعتقلين الفلسطينيين بعد تسلمها 20 أسيراً

المدن/13 تشرين الأول/2025

وصلت حافلات تقلّ معتقلين فلسطينيين أفرجت عنهم إسرائيل، اليوم الاثنين، إلى مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة، حيث استقبلتهم تجمعات حاشدة بالزغاريد والتصفيق والهتافات. وتمّ الإفراج عن هؤلاء مقابل الأسرى الإسرائيليين الذين أفرجت عنهم حركة حماس في وقت سابق اليوم. ويفترض أن يتم الإفراج عن 250 معتقلا في السجون الإسرائيلية، بينهم 250 "لأسباب أمنية"، و1700 اعتقلوا منذ بدء الحرب في قطاع غزة في تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وفي وقت سابق، تسلّم الصليب الأحمر جميع الأسرى الإسرائيليين الذين ما زالوا على قيد الحياة والبالغ عددهم 20 من حركة "حماس" في قطاع غزة، حسبما أفادت هيئة البث الإسرائيلية. وأعلنت قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي وجهاز الأمن العام "الشاباك" في بيان مشترك أن قواته استلمت الأسرى الـ13 المحررين في قطاع غزة، وهم الآن في طريقهم إلى إسرائيل. ووفقاً للبيان يتم مرافقة الأسرى الإسرائيليين المحررين من قبل قوات الجيش وجهاز الأمن طوال رحلتهم، حيث سيخضعون فور وصولهم لتقييم طبي أولي للتأكد من حالتهم الصحية. وكان الجيش الجيش الإسرائيلي قد أعلن في وقت سابق اليوم أن قواته وأفراداً من جهاز الأمن العام "الشاباك" تسلموا 7 أسرى إسرائيليين أفرجت عنهم "كتائب القسام" وسلمتهم للصليب الأحمر، ضمن المرحلة الأولى من صفقة التبادل. واحتلت حشود منذ الليلة الماضية ساحة الرهائن في تل أبيب حيث نصبت شاشات ضخمة ورفعت صور الأسرى لمتابعة عمليات الافراج. ومساء الأحد، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اليوم الرابع لوقف إطلاق النار أن عودة الأسرى تشكل "حدثاً تاريخياً" يختلط فيه "الحزن" بـ"الفرح". وأشارت السلطات الإسرائيلية إلى احتمال ألا تسلم جثث كل الأسرى المتوفين الاثنين. وأكدت الناطقة باسم نتنياهو شوش بدرسيان أنه في هذه الحالة "ستساعد هيئة دولية متفق عليها بموجب الخطة، في تحديد مكان الرهائن (المتوفين) في حال عدم العثور عليهم وتسليمهم". ورحب المجتمع الدولي، صباح الإثنين، بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين من قبل حركة حماس ضمن صفقة التبادل، معتبراً ذلك خطوة مهمة نحو السلام في غزة والمنطقة. وأشاد العديد من القادة والمسؤولين الدوليين بدور الرئيس الأميركي في التوصل إلى هذا الاختراق الدبلوماسي، مؤكدين أن إطلاق الرهائن يمثل مرحلة حاسمة على طريق إنهاء الصراع وبناء الاستقرار. وقالت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، إن الإفراج عن الرهائن يشكل إنجازاً كبيراً للدبلوماسية، وأضافت أن الاتحاد الأوروبي سيستأنف مهمة المراقبة عند الحدود بين غزة ومصر بعد غد الأربعاء لضمان الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار. من جانبه، رحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإطلاق الرهائن، مؤكداً أن السلام أصبح ممكناً لإسرائيل وغزة والمنطقة بأسرها، بينما أشادت الصين بالإفراج عن الأسرى ودعت إلى تعزيز الاستقرار في المنطقة. وفي السياق ذاته، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن تقديم حزمة مساعدات بقيمة 20 مليون جنيه إسترليني لدعم خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة في غزة، بالتعاون مع يونيسف وبرنامج الأغذية العالمي والمجلس النرويجي للاجئين، للوصول إلى السكان المستضعفين الذين عانوا من المجاعة وسوء التغذية. وأكد برنامج الأغذية العالمي أنه سيعمل على توسيع نطاق عملياته من خلال 145 نقطة توزيع في أنحاء القطاع، لتعويض الانقطاع الحاد للمساعدات الحيوية بعد سنوات الحرب. من جهتها، حضّت حماس الاثنين الرئيس الأميركي  والوسطاء في اتفاق وقف إطلاق النار في غزة على ضمان عدم استئناف إسرائيل عملياتها العسكرية في القطاع. وقال الناطق باسم الحركة حازم قاسم "نرحب بتصريحات الرئيس الأميركي  ترامب الذي أكد بشكل واضح انتهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وندعو كل الوسطاء والأطراف الدولية لاستمرار مراقبة سلوك الاحتلال وضمان عدم استئناف عدوانه على أهلنا في قطاع غزة".

 

ترامب: "الحرب انتهت" في غزة

المدن/13 تشرين الأول/2025

أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الأحد، انتهاء الحرب في غزة، مشيراً إلى أنه يتعين أن ينسب الفضل لدولة قطر، وذلك خلال توجهه إلى إسرائيل ومصر للاحتفال باتفاق وقف إطلاق النار في القطاع والإفراج عن الأسرى. وقال ترامب للصحافيين في رد على سؤال عما إذا كان واثقاً من انتهاء النزاع بين إسرائيل وحركة حماس: "الحرب انتهت. حسناً؟ هل فهمتم ذلك". وأضاف ترامب في حديث إلى وسائل الإعلام قبل صعوده إلى طائرة الرئاسة في قاعدة أندروز أن وقف إطلاق النار سيصمد، "الجميع متحمّسون جداً لهذه اللحظة"، لافتاً إلى أن غزة تبدو مثل "موقع هدم"، لكن الأمور ستصير جيدة في غزة. وبين ترامب أنه سيجري تشكيل "مجلس سلام" على نحو سريع من أجل غزة. وفيما يتعلق بضمانات بعدم العودة إلى الحرب، أكد أنه تم تقديم الكثير من الضمانات اللفظية. وفيما يتعلق بالمحتجزين، رجح ترامب أن يطلق سراحهم مبكراً بعض الشيء. وأشار إلى أنه سيلقي كلمة أمام الكنيست الإسرائيلي، وأن العلاقات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "جيدة وهو قام بعمل جيد للغاية". وأقلعت الطائرة الرئاسية من قاعدة آندروز قرب واشنطن، ويرافق ترامب في رحلته وزراء الخارجية ماركو روبيو والدفاع بيت هيغسيث ومدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف، وفق البيت الأبيض. ويُتوقع أن تطلق حركة "حماس" سراح الأسرى الإسرائيليين في ساعة مبكرة من صباح الاثنين، لتمهيد الطريق أمام المرحلة التالية من خطة الرئيس الأميركي لغزة.

وبموجب الاتفاق ستسلم "حماس" الاثنين لاسرائيل 48 أسيراً لا يزالون في غزة من أحياء وأموات احتجزتهم خلال هجوم تشرين الأول/اكتوبر بينهم 20 على قيد الحياة. في المقابل، ستُفرج إسرائيل عن 250 معتقلاً فلسطينياً محكومين بالسجن مدى الحياة، و1700 معتقل من سكان غزة احتجزوا منذ اندلاع الحرب.

وأكد مصدران مطلعان على المفاوضات و"حماس" لوكالة "فرانس برس" الأحد، أن الحركة وحلفاءها أنهوا كل التحضيرات لتسليم اسرائيل الاثنين جميع الأسرى الأحياء المحتجزين في غزة لكن ما زالت "حماس" تصرّ على أن تتضمن قائمة المعتقلين الذين ستفرج عنهم إسرائيل بموجب الاتفاق، سبعة قادة فلسطينيين بارزين.يأتي ذلك فيما يترأس الرئيسان المصري والأميركي "قمة سلام" في غزة بعد ظهر الاثنين في شرم الشيخ، بحضور قادة من أكثر من 20 دولة، بالإضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. ولن تشارك إسرائيل ولا حماس في الاجتماع. وستوقّع دول الوساطة في وقف إطلاق النار في غزة، وثيقة ضامنة للاتفاق منتجع شرم الشيخ المصري، وفق ما أفاد مصدر دبلوماسي وكالة "فرانس برس". وقال الدبلوماسي لـ"فرانس برس" مشترطاً عدم كشف هويته، إن "الموقعين سيكونون الضامنين وهم الولايات المتحدة ومصر وقطر وربما تركيا"، وذلك بعد أن أشارت وزارة الخارجية المصرية في وقت سابق إلى أن وثيقة لإنهاء الحرب في غزة ستوقع خلال القمة. وعاد مئات آلاف الفلسطينيين عقب وقف إطلاق النار إلى شمال قطاع غزة الذي شكل الهدف الرئيسي للمرحلة الأخيرة من الهجوم الإسرائيلي، ووجد معظمهم أن منازلهم تحولت أنقاضا. وأفاد الدفاع المدني في غزة بعودة نصف مليون شخص إلى شمال القطاع بحلول السبت. من جهته، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي  أن بلاده حققت "انتصارات هائلة" في حربها ضد حركة حماس في غزة، مشدداً على أن "المعركة لم تنته بعد". وأضاف "ما زالت أمامنا تحديات أمنية كبيرة جداً. البعض من أعدائنا يحاولون التعافي لضربنا من جديد. لكننا (..) سنتولى أمرهم"، من دون تفاصيل إضافية.

وعشية العودة المرتقبة للأسرى أعرب نتنياهو عن الأمل بأن تشكل عودتهم فرصة ليتوحد الإسرائيليون. وقال: "هذه أمسية مفعمة بالعواطف، أمسية دموع، أمسية فرح لأن غدا (يَرجع الأبناء إِلَى تُخُمِهِم)" مسشتهداً بما ورد في العهد القديم. وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير في بيان: "الضغط العسكري الذي مارسناه في السنتين الأخيرتين" منذ هجوم حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 في جنوب إسرائيل "بالإضافة إلى التدابير الدبلوماسية الإضافية، شكّلا انتصاراً على حماس". وأضاف "سنواصل التحرك من أجل رسم واقع أمني يضمن ألا يشكل قطاع غزة بعد الآن تهديدا لدولة إسرائيل ومواطنيها".

 

إعدام عملاء إسرائيل في غزة يثير الجدل

المدن/13 تشرين الأول/2025

تصدر إعدام مسؤول عن تجنيد العملاء للعمل لصالح اسرائيل، الجدل، وانقسم المغردون بين من يؤيد إعدام العملاء ميدانياً، ومن يرفض تلك الاعدامات من دون محاكمة، منعاً للتسفي والثأر بعد الحرب الاسرائيلية المدمرة على القطاع.  وتناقل رواد مواقع التواصل الفلسطينيين معلومات عن تنفيذ حكم إعدام ميداني بحق أحمد زيدان الترابين، واعتبروه مسؤولاً عن ملف تجنيد العملاء في خانيونس. وتحدثت معلومات أخرى عن اشتباكات أسفرت عن مقتل 32 شخصاً في حملة بدأت بعد سريان وقف إطلاق النار يوم الجمعة. وسرعان ما أثارت الحادثة جدلاً واسعاً في مواقع التواصل، إذ اعتبر البعض أن الفعل مبرر بعد ما عاناه الفلسطينيون في القطاع من الاحتلال الذي ارتكب مجازر واغتيالات، ما كانت لتحدث لولا وجود عملاء له. وفي المقابل، قال آخرون إن الاعدامات الميدانية من دون محاكمة، تنطوي على مخاطر، إذ يمكن أن يكون هناك من يسعى للثأر، ويقوم بتصفية أشخاص على خلاف معهم بذريعة التعامل مع العدو.  

وقال مسؤول أمني يوم الاثنين إن قوات أمنية تابعة لحركة "حماس" قتلت 32 من أفراد عصابة في مدينة غزة . وأضاف المسؤول وهو من حركة حماس أن ستة أفراد من قوات الأمن لقوا حتفهم أيضا في أعمال العنف. وقال إن العملية الأمنية استهدفت "إحدى العصابات الخطيرة التابعة لإحدى العائلات في مدينة غزة، والتي أسفرت عن مقتل 32 عنصراً إجرامياً وإصابة 30 آخرين وتوقيف 24 منهم، بينما استشهد 6 من رجال الأمن الأبطال أثناء أدائهم واجبهم الوطني، وإصابة 3 آخرين. كما تمت مصادرة جميع الأسلحة والمضبوطات التي كانت بحوزة تلك العصابات وتسليمها للجهات المختصة"، حسبما أفادت "رويترز".  ونشرت وزارة الداخلية التي تديرها حركة حماس في قطاع غزة قوات أمنية في القطاع منذ وقف إطلاق النار في الحرب التي استمرت لعامين مع إسرائيل، وقالت إن الخطوة تهدف إلى منع وجود فراغ أمني يسفر عن انفلات أمني وعمليات نهب. ولم يحدد المسؤول هوية العصابة. وأكد المسؤول أن العصابة ليست جزءا من جماعة يقودها ياسر أبو شباب، أبرز المناوئين لحماس والمتمركز في رفح جنوبي غزة، وهي منطقة تسيطر عليها إسرائيل. واتهمت حماس أبو شباب وأنصاره بالتعاون مع إسرائيل، ولكنه ينفي تلقيه أي دعم إسرائيلي أو أي اتصالات له بالجيش الإسرائيلي. وأكد المسؤول الأمني في حماس أنه "إضافة إلى ذلك تم تصفية واحد من أخطر العملاء المجرمين والمطلوبين وهو الذراع اليمنى للعميل/ ياسر أبو شباب حيث تمت تصفيته وقتله. وحاليا يتم العمل على قطف رأس أبو شباب شخصيا وسيكون ذلك في القريب العاجل"، حسبما أفادت "رويترز". وأضاف: "الأجهزة الأمنية في قطاع غزة تؤكد أن الحملة الأمنية مستمرة ومتصاعدة حتى إغلاق هذا الملف بالكامل، ولن يُسمح لأي جهة خارجة عن القانون بتهديد أمن المواطنين أو استقرار المجتمع".

 

مشروع أميركي بمجلس الأمن لشطب الشرع من العقوبات الأممية

بتول يزبك/المدن/13 تشرين الأول/2025

ينظر مجلس الأمن الدولي في مشروع قرار أميركي من شأنه تخفيف قيود طويلة الأمد على سوريا، بما في ذلك تزويد البلاد بأسلحة محدود، إلى جانب شطب اسم الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير داخليته أنس خطاب، من قائمة عقوبات الأمم المتحدة. وينص المشروع على رفع القيود عن "تدفّق الأصول المالية والتمويل والموارد الاقتصادية" إلى الحكومة المركزية السورية، كما يفتح الباب أمام تخفيف عقوبات طويلة الأمد على سوريا وإعادة العلاقات الدولية مع الحكومة. ووفق مسودة المشروع، فإن هذا الإجراء لا يلغِي التزامات الدول الأعضاء بمواجهة "أعمال إرهابية" محددة، بما في ذلك نشاطات داعش والجهات المرتبطة بالقاعدة. ويتضمن نص المشروع صلاحيات بتخفيف قيود نقل أسلحة محدودة وتحت إشراف الأمم المتحدة، وإتاحة تزويد سوريا بمعدّات وخبرات فنية لأهداف ضيقة مثل التخلص من الأسلحة الكيماوية، والحماية النووية، وعمليات إزالة الألغام، وهي خطوات اعتبرها دبلوماسيون "أساسية" لإعادة بناء البنية التحتية وتمكين النازحين من العودة إلى ديارهم. كما يدعو إلى شطب اسم الرئيس الشرع ووزير داخليته من قائمة عقوبات الأمم المتحدة "سارية المفعول، اعتباراً من تاريخ" القرار، من دون أن تُرفع العقوبات عن "هيئة تحرير الشام"، التي ستظلّ مدرجة لدى الأمم المتحدة. ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي أممي، قوله إن الصين أبدت "راحة" مع هذه المقترحات، وذلك في لحظة نادرة من التوافق بين الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن. ووفق ما جاء في نص المشروع، فإن تجميد الأصول المفروض بموجب قرارات مكافحة الإرهاب السابقة، لن ينطبق على الأموال والموارد الاقتصادية المخصّصة للحكومة السورية، لكن مع دعوة للدول والمؤسسات لاتخاذ ضوابط تضمن ألا تستفيد هذه الأموال عناصر أو كيانات ما تزال مُدرجة في قوائم عقوبات القاعدة و"داعش". وقالت محللة الأمم المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية نوّهت مايا أونغار، إن المسودة تحوي بندين قد يحددان مسار تعافي وإعادة إعمار سوريا، أولهما، توضيح أن تجميد الأصول لم يعد يطول الحكومة السورية حتى لو كان فيها أفراد مدرَجون، بهدف طمأنة مؤسسات مالية حذرة وتشجيع الاستثمار. وأضافت أن البند الثاني، هو تخفيف محدود لحظر الأسلحة يسمح لهيئات الأمم المتحدة المختصة بالنووي والأسلحة الكيماوية وخدمات إزالة الألغام، بالعمل بفعالية أكبر داخل البلاد، ما يسهل جهود إعادة الإعمار والتنمية. وبحسب الصحيفة، فإن مشروع القرار يشير إلى مسعى دولي لإعادة الانخراط مع دمشق من دون التراجع الكامل عن الآليات التي تستهدف مجموعات مصنفة إرهابية، فيما يبقى تنفيذ ونجاح الضمانات المالية والأمنية مرتبطين بموقف البنوك والمؤسسات الدولية وإصرار أعضاء مجلس الأمن على آليات رقابية فعّالة. يُشار إلى أن الشرع لا يزال مدرجاً على قائمة العقوبات الأممية، بسبب ماضيه المسلح، ويحتج إلى إذن من الأمم المتحدة للسفر في الزيارات الخارجية.

 

اتفاق وقف الحرب على غزة: ملامحه ودوافعه والتحديات المقبلة

المركز العربي للابحاث ودراسة السياس/المدن/13 تشرين الأول/2025

أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في 9 تشرين الأول/ أكتوبر 2025، موافقة إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" على خطة السلام التي اقترحها لوقف الحرب في قطاع غزة.وجاء رد حماس حول النقاط التي توافق عليها في الخطة من دون التطرق إلى ما لا يتفق مع موقفها، ومن ذلك استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين خلال 72 ساعة من بدء تنفيذ الاتفاق، مقابل إفراج إسرائيل عن عدد من الأسرى الفلسطينيين، إلى جانب البدء في انسحاب تدريجي لقواتها من قطاع غزة (وهو ما لم يرد في خطة ترامب على نحو واضح). وفي المقابل، أقرّ مجلس الوزراء الإسرائيلي الاتفاق بعد يوم واحد من إعلان الوسطاء عنه رسمياً. وبينما عدّ ترامب رد حماس الإيجابي في صيغته بمنزلة موافقة على الخطة، تفاجأت إسرائيل بهذا التفسير؛ إذ اعتبرته موافقة على المرحلة الأولى فحسب، وظل رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو يكرر ضرورة تنفيذ المراحل الأخرى، التي تشمل نزع سلاح حماس. وعلى الرغم من التفاؤل المحيط بتنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، فإن غموضاً يكتنف المراحل اللاحقة، لا سيما ما يتعلق بآليات التنفيذ وضمانات وقف الحرب نهائياً.

دوافع التوصل إلى وقف إطلاق النار

أسهمت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في تعميق عزلة إسرائيل الدولية، وأحدثت تحولات عميقة في توجهات الرأي العام العالمي نحوها، بما في ذلك داخل الولايات المتحدة الأميركية، فقد بيّنت استطلاعات الرأي العام تفوق تعاطف الأميركيين مع الفلسطينيين على تعاطفهم مع إسرائيل، أول مرة، وامتد هذا التحول إلى المعسكرين الجمهوري والديمقراطي، في أوساط الشباب. وفي موازاة ذلك، تصاعدت الاحتجاجات في مدن العالم وعواصمه، وعلى المنصات الرقمية، مطالبةً بوقف حرب الإبادة التي ترتكبها إسرائيل، وإنهاء تجويع الفلسطينيين وإدخال المساعدات الإنسانية، وكسر الحصار الخانق على القطاع. وانعكست هذه الضغوط الشعبية في تغيّر مواقف عدد من الدول الغربية المعروفة تاريخياً بدعمها إسرائيل، مثل بريطانيا وكندا وأستراليا، والتي اتجهت إلى الاعتراف بدولة فلسطين خلال مؤتمر حل الدولتين، الذي عُقد على هامش الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في أيلول/ سبتمبر 2025، على الرغم من المعارضة الشديدة من واشنطن وتل أبيب. وفي بُعد آخر، شكّلت هذه الحرب تحدياً للدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل؛ إذ بات من الصعب الاستمرار في التماهي مع السردية الإسرائيلية بعد عامين على حرب الإبادة، وتصاعد الغضب الدولي إزاء جرائم إسرائيل وصلفها، وتزايد الدعوات في التعامل معها بوصفها دولة منبوذة ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ومع قادتها باعتبارهم مطلوبين للعدالة الدولية؛ ما زاد من العبء على الولايات المتحدة في دعمها لها دولياً. وبرزت بوادر التحول أيضاً في موقف الرئيس ترامب، الذي يعدّ أكثر الرؤساء الأميركيين دعماً لإسرائيل؛ إذ بدا أنه فقد صبره إزاء رغبة نتنياهو في الاستمرار في الحرب من دون أفق واضح لإنهائها، ولا سيما مع استعداد إسرائيل لاحتلال مدينة غزة، التي يقطنها نحو مليون فلسطيني وشروعها في تهجيرهم، واحتمال ارتكاب مجازر مروعة في حق المدنيين. وإضافة إلى ذلك، أدت رغبة ترامب الشديدة في الحصول على جائزة نوبل للسلام دوراً مهماً أيضاً في تحول موقفه نحو وقف الحرب في غزة، حيث يجهد في ترسيخ صورته كـ "صانع سلام" في العديد من الصراعات حول العالم.

وتزايد الحرج الأميركي من سياسات نتنياهو خصوصاً عقب العدوان الإسرائيلي الذي استهدف دولة قطر في 9 أيلول/ سبتمبر 2025، وما أثاره من موجة غضب في الأوساط العربية والإسلامية. ويبدو أن العدوان الإسرائيلي الفاشل على الوسيط القطري، والذي جاء متزامناً مع موجة الاعترافات الدولية بدولة فلسطين، وتزايد عزلة إسرائيل والولايات المتحدة على الساحة الدولية، والتحولات العميقة في توجهات الرأي العام الأميركي والدولي، مثّلت كلها مجتمعةً نقطة تحوّل دفعت ترامب إلى إعلانه أن الوقت قد حان لإنهاء الحرب في غزة؛ فاغتنم اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لعقد اجتماع مع عدد من قادة الدول العربية والإسلامية، أبرزها قطر وتركيا والسعودية والأردن وباكستان ومصر، لبلورة خطته لوقف الحرب، واستُدعي في إثرها نتنياهو إلى واشنطن لإبلاغه بذلك. أعلن ترامب عن خطته المؤلّفة من 21 نقطة خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نتنياهو في البيت الأبيض، والتي كانت في الحقيقة صياغة إسرائيلية، شملت جميع النقاط التي تكررها إسرائيل بوصفها أهداف الحرب، وجاءت إنقاذاً لنتنياهو من العزلة الدولية بتحويل شروطه لوقف الحرب إلى مبادرة دولية. وقد شكل الإعلان عن الخطة، وتأييد دول عربية وإسلامية لها، على الرغم من عدم أخذ أيّ من اقتراحاتها في الاعتبار، حرجاً كبيراً لحركة حماس؛ ما دفعها إلى إصدار بيان يُظهر استعدادها للتعامل مع الخطة من باب خلق ديناميكية تصعِّب العودة إلى الحرب بعد إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين (وجميعهم جنود وضباط) الذي تحولوا إلى عبء عليها. والرهان أن ينجم عن إطلاق سراحهم واحتفاء ترامب بإنجازه أجواء دولية ضد العودة إلى الحرب هو رهان معنوي أساساً. ويعتمد نجاحه على مدى ضغط الرأي العام في الغرب (نقطة القوة الرئيسة حتى الآن)، وعلى موقف واضح من الدول العربية، وهو نقطة الضعف الرئيسة منذ بدء الحرب. وقد كان رد حماس المخرج الوحيد الممكن بمنح ترامب الإنجاز الذي أراده من دون قبول البنود الإسرائيلية في خطته.

جاء الاتفاق على المرحلة الأولى من الخطة نتيجة لمحادثات غير مباشرة استضافتها مصر في شرم الشيخ، بعد يوم واحد من الذكرى الثانية لعملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وبدء الحرب الإسرائيلية على غزة. وشارك في هذه المحادثات مسؤولون رفيعو المستوى من الولايات المتحدة وقطر وتركيا ومصر، ما أضفى عليها أهمية سياسية كبيرة. وأوفد ترامب صهره جاريد كوشنر المعروف بقربه من نتنياهو، ومبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف للمشاركة في المحادثات؛ ما عكس مدى اهتمام ترامب بالتوصل الى اتفاق. وفي اليوم التالي، أعلن ترامب أن إسرائيل وحماس وقّعتا على المرحلة الأولى من الخطة الإطارية، التي تنص على وقف القتال، وإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات، وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى ما يُعرف بـ "الخط الأصفر" في غزة، الذي يُفترض أن يشكّل الحد الفاصل لمرحلة الانسحاب الإسرائيلي الأوّلي وفقاً للخطة.

الملامح العامة للاتفاق

أعلن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، خليل الحية، التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في القطاع، يتضمّن انسحاباً إسرائيلياً تدريجياً منه وتبادلاً للأسرى بين الطرفين. وأكد أن الحركة تلقّت ضمانات من الولايات المتحدة وعدد من الوسطاء الإقليميين تقضي بإنهاء العمليات العسكرية وبدء تنفيذ بنود الاتفاق. وأعلنت رئاسة الوزراء الإسرائيلية فجر الجمعة (10 تشرين الأول/ أكتوبر) أن الحكومة صدّقت رسمياً على مقترح ترامب لإنهاء الحرب وإعادة المحتجزين. وقد شارك كوشنر وويتكوف في جزء من جلسة الحكومة الإسرائيلية الخاصة بالتصديق على الاتفاق، في محاولة لزيادة الضغط على أعضاء الحكومة من المتطرفين للتصويت لصالح الخطة، حيث وصف كوشنر الصفقة بأنها "ستُسهم في عزل حركة حماس، وستدفع عدداً من الأطراف في العالم العربي إلى السلام، وأن الاتفاق يحافظ على أمن إسرائيل". ويبدو واضحاً أن الهدف من ذلك تحويل عزلة إسرائيل إلى عزلة لحماس. ومع ذلك، صوّت أعضاء في الحكومة ضد خطة ترامب، وعلى رأسهم وزير المالية بتسئيل سموتريتس، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير. وعقب تصديق الحكومة، أعلن الجيش الإسرائيلي بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار اعتباراً من ظهر يوم الجمعة، إيذاناً ببدء المرحلة الأولى من تنفيذ الخطة. في حين أكّد نتنياهو أن القوات الإسرائيلية ستبقى في القطاع لضمان نزع سلاح حماس، مضيفاً: "إذا تحقق ذلك بسهولة فسيكون أمراً جيداً، وإن لم يتحقق، فسيتم بالطريقة الصعبة". وهذا يعني تهديداً صريحاً بمواصلة الحرب. تنص المرحلة الأولى من الخطة على أن تسحب إسرائيل قواتها إلى "الخط الأصفر" خلال 24 ساعة، مع تدفق المساعدات الإنسانية، وتنفيذ عملية تبادل الأسرى والجثامين في غضون ثلاثة أيام. وتُبقي إسرائيل خلالها على سيطرتها على نحو 53 في المئة من مساحة القطاع. وتشير التقديرات إلى أن التبادل سيشمل 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء، في حين يُعتقد أن 26 آخرين لقوا حتفهم، إضافة إلى اثنين ما زال مصيرهما مجهولاً. وأوضحت حماس أن عملية استعادة جثامين القتلى قد تستغرق وقتاً أطول من عملية إطلاق سراح الأحياء. وفي المقابل، ستفرج إسرائيل عن 250 أسيراً فلسطينياً من ذوي الأحكام الطويلة، إضافةً إلى 1700 آخرين اعتُقلوا خلال الحرب. وبعد دخول الاتفاق حيّز التنفيذ، ستبدأ شاحنات المساعدات الغذائية والطبية في التدفق إلى القطاع، دعماً للغزيين الذين اضطر مئات الآلاف منهم إلى اللجوء إلى المخيمات بعد تدمير منازلهم ومدنهم بالكامل بفعل العمليات العسكرية الإسرائيلية. وأكد ترامب أن "لا أحد سيُجبَر على مغادرة غزة".

وعلى الرغم من إعلان ترامب عن ثقته بصمود وقف إطلاق النار، وإشارته إلى وجود "إجماع" على الخطوات التالية، أقر بوجود تفاصيل لم تُحسم بعد في المراحل اللاحقة، وهو ما دفعه إلى السعي لمنح الاتفاق زخماً إضافياً، عبر إعلان نيته زيارة المنطقة، وإلقاء كلمة أمام الكنيست الإسرائيلي، إضافة إلى زيارة مرتقبة إلى مصر، حيث ستُجرى مراسم التصديق على الاتفاق بحضور عدد من قادة المنطقة والعالم.

وأعلنت القاهرة لاحقاً عن قمة دولية الإثنين 13 تشرين الأول/ أكتوبر، بمشاركة أكثر من عشرين زعيماً، من بينهم الرئيس ترامب، في إطار الجهود الرامية إلى إنهاء الأعمال القتالية وتعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. ومن المحتمل أن تكون هذه القمة مرتبطة بالمرحلة التالية من خطة ترامب، والتي تتضمن تشكيل هيئة دولية تُعرف باسم "مجلس السلم العالمي"، يتولى الإشراف على إدارة قطاع غزة بعد الحرب، ويرأسه ترامب نفسه. في حين رفضت حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى، في بيان مشترك، ما وصفته بـ "الوصاية الأجنبية"، مؤكدةً أن إدارة غزة شأن فلسطيني داخلي بحت.

وفي إطار تنفيذ الاتفاق، قررت الولايات المتحدة نشر نحو 200 جندي ضمن قوة عمل مشتركة لمراقبة التنفيذ. وفي هذا السياق، زار قائد القيادة المركزية الأميركية، براد كوبر، قطاع غزة، لبحث "آليات تأسيس مركز تنسيق لدعم الاستقرار ما بعد الحرب"، مشدداً في الوقت ذاته على أن الجيش الأميركي لن ينشر قوات داخل القطاع. أما الدول العربية والإسلامية التي ترغب واشنطن في إشراكها في قوة حفظ الاستقرار، مثل إندونيسيا وأذربيجان، فقد اشترطت أن يجري ذلك تحت غطاء قانوني واضح، سواء من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو عبر قرار من جامعة الدول العربية.

هل يصمد تنفيذ الاتفاق؟

على الرغم من نجاح الوسطاء في حل العديد من نقاط التباين بين حماس والاحتلال الإسرائيلي بشأن المرحلة الأولى فقط من الخطة، فإنه لم يتضح بعد إذا ما كانت المفاوضات قد أحرزت تقدماً حقيقياً في القضايا الأكثر تعقيداً. فالاتفاق الذي جرى التوصل إليه يُعد مجرد خطوة أولى ضمن خطة أوسع نطاقاً، ولا يمكن التعويل عليه لتحقيق استقرار دائم ما لم يجرِ التوافق على المراحل اللاحقة. ففي حين تمثل المرحلة الأولى الجزء الأقل تعقيداً في الاتفاق، لا تزال الأسئلة المتعلقة بمصير المقاومة الفلسطينية وسلاحها، وإعادة إعمار القطاع وإدارته، والانسحاب الإسرائيلي الكامل منه، من دون إجابات أو تصورات واضحة. بناء عليه، لا تتجاوز خطة ترامب، باستثناء مرحلتها الأولى التي تتضمن إجراءات واضحة ملزمة للطرفين، كونها خطوطاً عامة ومبادئ أولية تفتقر إلى استراتيجية شاملة وواضحة لتنفيذها بما يؤدي الى إنهاء الصراع وإيجاد حل دائم للقضية الفلسطينية. ويظل ذلك رهناً بقدرة نتنياهو على المناورة واستغلال الثغرات الكثيرة والغموض القائم حول العديد من نقاط الخطة لصالحه، في غياب ضمانات ملزمة تفرض عليه الالتزام ببنود الاتفاق، وهو ما ظهر عملياً في موضوع قائمة الأسرى الفلسطينيين. وعلى الرغم من أن التنفيذ المتزامن لبنود المرحلة الأولى قد يقلل من فرص إفشال الاتفاق، فإن المخاوف تبقى قائمة من احتمال تملّص نتنياهو من التزاماته اللاحقة بعد استعادة المحتجزين الإسرائيليين. وبهذا المعنى، فإن تحديات حقيقية تهدد المراحل اللاحقة من الاتفاق، وسيعتمد إلزام إسرائيل على وقف الحرب نهائياً على الإرادة السياسية للمجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة والدول الأوروبية والعربية، الراغبة في إنهاء الحرب والتصدي لرغبة نتنياهو في استئنافها.

خاتمة

يمثل الإعلان عن اتفاق وقف الحرب في غزة خطوةً هي الأهم حتى الآن نحو إنهاء حرب إبادة استمرت عامين، وأسفرت عن استشهاد أو إصابة ما يقارب ربع مليون فلسطيني؛ أي ما يعادل نحو 13 في المئة من سكان القطاع، وهي أكبر نسبة ضحايا بين المدنيين شهدتها حروب التاريخ المعاصر. يستند الاتفاق في مرحلته الأولى إلى زخم دولي وضغوط أميركية مكثفة يقودها الرئيس ترامب؛ ما يجعل من الصعب على نتنياهو التنصل منه، على الرغم مما تتضمنه الخطة الإطارية من تبنٍّ واضح للمطالب الإسرائيلية. يقوم الاتفاق على مرحلتين؛ تتضمن الأولى وقفاً لإطلاق النار وانسحاباً جزئياً للقوات الإسرائيلية، يتبعهما تبادل للأسرى والرهائن. وتشكل هذه المرحلة ركيزة أساسية لتثبيت وقف إطلاق النار، غير أن الاتفاق في مجمله لا يخلو من التعقيد، إذ يستند إلى ثلاث مرجعيات مختلفة. فحركة حماس والفصائل الفلسطينية لديها رؤيتها بشأن بنود الاتفاق الأولي ومآلاته النهائية، في حين تحتفظ إسرائيل بتصور مغاير تماماً لشكله النهائي وشروط تنفيذه، أما الولايات المتحدة، التي رضخت في خطتها للشروط الاسرائيلية، فتحاول الحفاظ على قدرٍ من المرونة يفضي إلى التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وهذا مرهون بقدرتها على الضغط على إسرائيل لكي تقبل أن تحلّ الخلافات المتبقية بشأن سلاح المقاومة ووجود قواتها في القطاع بالتفاوض، وليس بمواصلة الحرب. ولكن من غير الواضح إذا ما كان سيُترجم الزخم الدولي في قمة شرم الشيخ إلى ضغط لوقف الحرب نهائياً ومواصلة التفاوض، أم أنه سيتحول إلى ضغط على حماس وتبرير لمواصلة إسرائيل الحرب بحجة رفض المقاومة تنفيذ البنود الإسرائيلية في الخطة الأميركية.

 

قسد تعلن اتفاقاً مبدئياً مع دمشق لدمج قواتها

المدن/13 تشرين الأول/2025

أعلن قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، التوصل إلى "اتفاق مبدئي" مع الحكومة السورية حول آلية دمج قواته ضمن وزارتي الدفاع والداخلية، في خطوة تعكس تقدماً محدوداً في مسار التفاهمات الجارية منذ أشهر بين الطرفين. وقال عبدي، في مقابلة مع وكالة "فرانس برس"، من قاعدة عسكرية في مدينة الحسكة، إن محادثات مباشرة تُجرى حالياً في دمشق بين وفدين عسكري وأمني من قواته والسلطات السورية لبحث التفاصيل، موضحاً أن "النقطة الأهم في المباحثات الأخيرة كانت الاتفاق على آلية مبدئية لدمج قوات قسد وقوى الأمن الداخلي الكردية ضمن الوزارتين". ويعود أصل التفاهمات إلى اتفاق وقّعه عبدي مع الرئيس أحمد الشرع في 10 آذار/ مارس الماضي، تضمن بنوداً أساسية أبرزها، دمج المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية الكردية في المؤسسات الوطنية السورية بحلول نهاية العام الجاري، بما يشمل نقل السيطرة على معابر حدودية ومطار وحقول نفط وغاز إلى دمشق. إلا أن التنفيذ يسير ببطء وسط اتهامات متبادلة. وكشف عبدي أن اجتماعاً عُقد الأسبوع الماضي في دمشق، بحضور المبعوث الأميركي توم براك، وقائد القيادة الوسطى الأميركية (سنتكوم) براد كوبر، شدد على "الإصرار المشترك والإرادة القوية للإسراع بتطبيق الاتفاق". ووفق عبدي، تضم قوات "قسد" وقوى الأمن الداخلي نحو 100 ألف عنصر. وسيجري، تبعاً لقوله، "إعادة هيكلة قسد أثناء دمجها ضمن بنية وزارة الدفاع"، على أن تُوزع على تشكيلات عسكرية عدة، وتُمنح "تسمية جديدة" متوافقة مع نظام الوزارة. لكنه أكد أن اسم "قسد" سيبقى "اسماً تاريخياً"، بعد أن "سطرت ملاحم بطولية ضد تنظيم داعش وجميع المعتدين". وحول الموقف التركي، قال عبدي إن "أيّ نجاح للمفاوضات سيكون مرهوناً بدور تركيا"، معرباً عن أمله بأن تلعب أنقرة "دوراً مساعداً ومسهماً في عملية التفاوض". وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد دعا الأربعاء الماضي، "قسد" إلى الالتزام بوعودها، وإتمام اندماجها ضمن مؤسسات الدولة الجديدة. وتشن تركيا منذ سنوات هجمات متكررة على مناطق سيطرة الأكراد شمال شرق سوريا، معتبرة وحدات حماية الشعب – العمود الفقري لقسد – "تنظيماً إرهابياً". وبالرغم من التقدم المعلن، أكد عبدي أن مطلبه الأساسي يبقى "إقرار نظام لامركزي في سوريا"، وهو ما "لم يُقبل حتى الآن"، مشيراً إلى استمرار النقاش لإيجاد صيغة وسطية. لكنه شدد على أن "النقاط المشتركة التي تفاهمنا عليها أكثر من النقاط الخلافية"، موضحاً: "متفقون على وحدة أراضي سوريا، وعلى وحدة الرموز الوطنية، واستقلال القرار السياسي، وعلى محاربة الإرهاب". وكشف عبدي أنه طالب الشرع خلال آخر لقاء بـ"إضافة بعض البنود إلى الإعلان الدستوري المعمول به"، خصوصاً ما يتعلق بـِ "ضمان حقوق الشعب الكردي"، مؤكداً وجود "تجاوب" من جانب دمشق.وفي هذا السياق، أثنى الشرع على دور الولايات المتحدة وفرنسا بوصفهما وسيطين في المحادثات مع الإدارة الذاتية، في الوقت الذي تسعى فيه السلطة الانتقالية لترسيخ قبضتها الأمنية، والانطلاق في مشاريع إعادة الإعمار. وتزامن إعلان عبدي مع إعلان السلطات السورية التوصل إلى "وقف شامل لإطلاق النار" مع الأكراد شمال البلاد، عقب اشتباكات في حلب بين قوات حكومية وكردية أودت بحياة شخصين. ويُنظر إلى الهدنة بوصفها خطوة ضرورية لمنع انهيار التفاهمات التي تعثرت منذ اتفاق آذار/ مارس. أما بشأن ملف النفط والغاز، فأوضح عبدي أن "الموضوع لم يُبحث بعد"، لكنه أكد أن الثروات الباطنية في شمال شرق سوريا "ملك لكل السوريين"، ويجب أن تُوزع عائداتها على نحوٍ عادل على جميع المحافظات.

 

تفاصيل المقالات والتعليقات والتحاليل السياسية الشاملة

حين يواجه القانون منطق القوة

د. جوسلين البستاني/نداء الوطن/14 تشرين الأول/2025

القانون لا يُجزَّأ؛ ومن أراد أن يرفع رايته، فعليه أولًا أن يخضع لمقتضياته في الأرض والسلاح والمال.

فقد أثار تعميمٌ إداري أصدره وزير العدل موجَّهٌ إلى كتّاب العدل، عاصفةً من الاعتراضات، تصدّرها النائب حسين الحاج حسن الذي عقد مؤتمرًا صحافيًا باسم كتلة "حزب الله". وخلال المؤتمر، اتهم الحاج حسن التعميم، الذي ينصّ على وجوب التحقق من هوية المتعاملين والتأكّد من عدم إدراجهم على لوائح العقوبات، بـ"انتهاك الأصول والدستور"، و"تجاوز الصلاحيات"، و"المسّ بمبدأ الفصل بين السلطات". مستحضِرًا بذلك مفرداتٍ نادرًا ما يستخدمها قادة "حزب الله" في مواقف أخرى، بل عادةً ما يهاجمونها باعتبارها "ذرائع غربية" أو "شكليات بيروقراطية". من جهة أخرى، ركّز سعادة النائب في بُنيته الخطابية على الجانب القانوني من الموضوع، مُكرّرًا عبارة "بالقانون"، ومُستعينًا بعدّة مواد قانونية ومراسيم لدعم اعتراضه، محاولًا تغليف موقف مَصلحي بعَباءة مبدئية. في حين يُمكن إدراج ردّة الفعل هذه ضمن مفهوم "الانتقائية القانونية"، وتصنيف المؤتمر الصحافي بالسياسي المُقنّع بلغة القانون.

فالتعميم في جوهره لا يتجاوز الممارسات المُتبعة في معظم الدول المُلتزمة بالاتفاقات الدولية لمكافحة تبييض الأموال، وهو مُنسجم مع المعايير التي تطلبها مجموعة العمل المالي (FATF). وحتى إن بدا مبالغًا فيه في الصياغة، فإنه لم يستهدف طائفة أو جهة بعينها، بل أراد إدخال كتاب العدل ضمن منظومة الشفافية الدولية التي تتبعها كل الدول.

لكن يبدو أن هذا التعميم يمسّ مصالح سياسية، أو ربما يستهدف جزئيًا أطرافًا مُعيّنة، ما دفع "حزب الله" إلى اعتباره اعتداءً على "السيادة". فالإشارة إلى "لوائح العقوبات الدولية" قد تُقرأ على أنها إدخال غير مباشر للعقوبات الأميركية والأوروبية في النظام اللبناني. لذلك أكّد سعادة النائب أن لبنان يقبل "بالعقوبات الأممية لا الدولية"، مُشدّدًا على الـ "Nuance" حسب قوله بين المفهومَين. وهنا تكمُن المفارقة: إذ بعد عقود من ازدراء القرارات الأممية واعتبارها مُجرّد أدوات بيد القوى الكبرى، بات اليوم "حزب الله" يتذرّع بها للدفاع عن مصالحه المباشرة. فمنذ التسعينات، استقرّ في خطاب الأمين العام السيد حسن نصرالله نهج ثابت يقوم على نزع المصداقية عن الأمم المتحدة ومؤسساتها. وقد أكّد في خطاب عبر تلفزيون "المنار" بتاريخ 3 تموز 2011 أن "حزب الله فوق القانون الدولي والقانون اللبناني". ولكن، وبعد العدوان الإسرائيلي على المصيلح منذ بضعة أيام، سارع "حزب الله" إلى مطالبة الدولة بتحمل مسؤولياتها ورفع شكوى إلى مجلس الأمن.

وفي العودة إلى مضمون المؤتمر الصحافي، نلاحظ أنه يُشكّل امتدادًا للنمط نفسه: استدعاء القانون لا بوصفه معيارًا عامًا للشرعية، بل كأداةٍ ظرفيةٍ وسلاحٍ دفاعيّ تستخدمه مجموعةٌ تملك سجلًّا حافلًا بالمخالفات القانونية، من الاحتفاظ بترسانةٍ وسلاحٍ مُنظَّمٍ خارج سلطة الدولة، إلى تشكيل ميليشيا مسلّحةٍ موازية. وهو ما يُعدّ إخلالًا بمبدأ احتكار الدولة للسلاح والأمن، فضلًا عن مخالفةٍ صريحةٍ للمادة 49 من الدستور؛ والمادة 1 من قانون الأسلحة والذخائر (المرسوم الاشتراعي رقم 137 تاريخ 12/6/1959) التي تحظر اقتناء الأسلحة الثقيلة من دون ترخيص رسمي.

إضافة إلى السيطرة الميدانية المُسلّحة (أحداث أيار 2008) واللجوء إلى السلاح لفرض إرادة سياسية، والتي تخالف المواد 335 و336 من قانون العقوبات اللبناني (تجريم العصابات المسلحة والاعتداء على السلطة العامة).

هناك أيضًا احتلال أراضٍ خاصة أو استغلالها لأغراض عسكرية أو حزبية من دون رضا مالكيها (جنوب لبنان، جزين والبقاع)، ومنعهم من الدخول إليها، الأمر الذي يُعدّ مخالفة للمادة 737 من قانون العقوبات اللبناني (من اغتصب عقارًا أو قسمًا منه بالقوة، أو استولى عليه من دون حق) والمادة 221 (إذا كان احتلال الأرض جزءًا من خطة عسكرية أو مُسلّحة). في ما خصّ المخالفات المالية، تمارس مؤسسة "القرض الحسن" نشاطًا مصرفيًا وإقراضيًا من دون ترخيص من مصرف لبنان أو خضوع لرقابته، وهو ما يخالف المادة 206 من قانون النقد والتسليف اللبناني (المرسوم الاشتراعي رقم 13513 تاريخ 1/8/1963)، والتي تتعلّق بالعقوبات المفروضة على من يمارس أعمال الصيرفة أو العمليات المالية من دون ترخيص رسمي.

كما أن إنشاء شبكات مالية موازية لتحويل الأموال والتسليف داخل لبنان وخارجه، خارج النظام المالي الشرعي اللبناني، يُشكّل مخالفة للمادة 19 من قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب رقم 44/2015، والتي تُعدّ الركيزة التنفيذية لضمان التزام القطاع المالي اللبناني بمعايير مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وفق المعايير الدولية (FATF). يشمل أيضاً النشاط غير القانوني التهرّب الجمركي وتهريب بضائع خاضعة للرسوم، والتي تخضع للمواد 324 إلى 326 من قانون الجمارك اللبنانية. وعلى الرغم من الإجراءات الرسمية الحديثة التي أعقبتها ضبطيات وإقالات موظفين مشتبه بهم، فإن التهريب لا يزال مستمرًا.

أما المخالفات في ميدان العدالة، فقد تمثلت في التدخل في القضاء والتحقيقات، من خلال حماية مشتبهين ومنع توقيفات، وصولًا إلى عرقلة العدالة والتأثير على مجرى التحقيق، وهو ما يُخالف المادة 418 من قانون العقوبات (التدخل في القضاء أو الضغط على قاضٍ)، والمادة 399 (التهديد أو الضغط على موظف عام). أخيراً، تجدر الإشارة إلى أنّ القضاء الإداري لا يقبل مراجعةً صادرة عن جهةٍ تُمارس عملًا يناقض النظام العام. لذا، كان الأولى بـ "حزب الله" أن يبدأ باحترام مادةٍ واحدةٍ على الأقل من الدستور، هي المادة 49، علّه يُجنب لبنان حربًا أخرى. والأهمّ أنه في بلدٍ اختُزل فيه الصراع السياسي منذ عقودٍ في معركةٍ حول معنى الدولة نفسها، يبلغ العبث السياسي ذروته حين يتقدّم "حزب الله" فجأةً في موقع المدافع عن القانون.

 

الخليّة الإرهابية... عندما يتحول "حزب الله" إلى ضابطة عدلية

سامر زريق/نداء الوطن/14 تشرين الأول/2025

في موازاة الاهتمام المنصبّ على مفاعيل اتفاق وقف حرب الإبادة الإسرائيلية في "غزة"، وسياقاته التي تطول لبنان، لم تنل الخليّة الإرهابية التي كشفها الأمن العام الاهتمام المتناسب مع طبيعة العمليات التخريبيّة التي كانت تحضر لتنفيذها إبّان الفعاليّات التي أقامها "حزب اللّه" في الذكرى السنوية الأولى لاغتيال أمينيه العامين، خصوصًا في ظلّ انصراف الأخير إلى استعراضات إظهار القوّة، والحضور العدديّ، وطغيان الرسائل الاستفزازية المتوخاة منها، والجهات المرسلة إليها على جوانب شديدة الأهميّة في القضية.

مسارعة "الحزب" عبر وسائل إعلامه والصحافيين المقرّبين منه إلى كشف تفاصيل عن الخلية، وتوظيفها ضمن سياق سياسيّ مبتسر يخدم السرديّة التي يبثها، ويواظب على زرعها في مخيال حاضنته، عن الخطر الوجودي واستهداف الشيعة من العالم بأسره، ربّما أسهمت في بروز مناخ عام من اللامبالاة. والأسوأ منها كان تعزيز إشارات التشكيك في أداء المؤسّسات الأمنية بسبب العلاقة الملتبسة مع "الحزب"، حيث بدا أن إيقاع قنوات التنسيق بينهما لا يزال صاخبًا. بيد أن قضية هذه الخلية تكتسي بدلالات تدعم مسار الدولة الناشئ، وإعادة ترتيب العلاقة المتوترة مع "الحزب"، وإداراتها عبر معادلة وسطية تبتعد عن الصدام معه لتبعاته السلبية، لكنها تعمل على تفكيك حلقات نفوذه وتأثيره داخلها بشكل متدرّج.

والحال أن الأمن العام هو من اكتشف خيوط هذه الشبكة وعمل على تفكيك خباياها. وعقب التحقيقات الأولية مع الرأس الأبرز، وهو لبناني – برازيلي، سارع مدير الأمن العام اللواء حسن شقير إلى زيارة بعبدا، لإحاطة رئيس الجمهورية بتفاصيل القضية، مع خارطة للأهداف والأشخاص المتورّطين والأدوات المستخدمة.

غير أن أجهزة "الحزب" بعدما عرفت باعتقال الرأس المدبّر، عمدت إلى تنظيم مسار موازٍ ومستقلّ عن التحقيقات الرسمية، رامت من خلاله تظهير استعادتها بأسها وسطوتها، وكذلك استمرارية قنوات التواصل مع الأجهزة الأمنية بما يخدم مصالحها، حيث سارعت إلى اعتقال أحد أبرز رؤوس هذه الخلية، وهو ألمانيّ من جذور فلسطينية. والأدهى أنها رفضت تسليمه للأجهزة الأمنية الرسمية بعد 3 مرات من المطالبة به.

وبالتالي، فإن "الحزب" أوحى عن عمد بوجود شريك مضارب للدولة في هيبتها وشرعيتها، في محاولة لإعادة إحياء ثنائية "الدولة – الدويلة" الجدلية، مع قيامه بدور ضابطة عدلية غير شرعية، لا تتلقى أوامرها من القنوات الرسمية، لديها نظارات خاصة، وتطبّق قوانين خارجة عن سلطة الدولة. الأمر الذي يشكل خرقًا مضاعفًا للقوانين في زمن "حصرية السلاح والقرار"، كما لاتفاقية وقف إطلاق النار التي وقع عليها عبر وزرائه في تشرين الثاني الماضي.

وبعدما نما إلى علمه أن الأمن العام يحضر لإقامة مؤتمر صحافي لكشف ملابسات القضية أمام الرأي العام، عمد "الحزب" إلى تسريب المعطيات عبر آلته الإعلامية وبسياق سياسي موجّه يناسب أهدافه، وخصوصًا غسيل السمعة، وفي الوقت نفسه يُحرج المؤسسات الأمنية ويصوّب عليها، بما قاد في النهاية إلى العدول عن المؤتمر الصحافي. وفي هذا السياق، يلاحظ أن "الحزب" يمعن عبر آلته الإعلامية في تسليط الأضواء بشكل سلبي على الأمن العام، وجعله عرضة للانتقادات، وتصوير مديره العام بأنه شخص استعراضيّ، وذلك نتيجة انزعاج أجنحته من المساعي الجدية والهادئة التي يقوم بها اللواء حسن شقير لتخليص الأمن العام من الإرث الإشكالي للحقبة الماضية، وما أفضى إليه من انطباع سائد لدى شرائح كثيرة بأنه إحدى دوائر نفوذ "الحزب"، وإعادته إلى لعب دوره الوطني الطبيعي، بدعم وتغطية مباشرين من بعبدا.

إشراف الرئيس جوزاف عون على عملية إعادة تنظيم أدوار الأجهزة الأمنية ضمن دوائر عمل تكاملية تحدّ من التنافس التقليدي بينها، لتركّز على تطبيق التوجّه الاستراتيجي للدولة والسياسات الأمنية للحكومة، أثبت نجاعته في هذه القضية كما في الحرب على سوق المخدّرات وباروناته، من ناحية الغطاء السياسي وسرعة تبادل المعلومات وفعالية الإجراءات، خصوصًا في ظلّ الاجتماعات الدورية الثابتة بين رؤسائها والتي تختلف سياقاتها عمّا كان سائدًا وتؤسّس لشراكة فاعلة يبنى عليها الكثير.

 

"Pass" ترامب لـ عون : "نحنا معك، كمِّل!"

جويس عقيقي/نداء الوطن/14 تشرين الأول/2025

بعنوان "إنهاء الكابوس الطويل" حضر الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" إلى "الكنيست" الإسرائيلي وألقى كلمة تاريخية بشأن إنهاء الحرب في غزة قبل أن يتوجه بعدها إلى مصر للمشاركة في قمة "شرم الشيخ" لتوقيع اتفاقية وقف الحرب في غزة في حضور عدد من قادة الدول الغربيين والعرب. في الشكل، ارتدى "ترامب" ربطة عنق حمراء ترمز إلى السلطة والقوة والحزم، كيف لا؟ و"ترامب" هو من صنع السلام ورسم ملامح الشرق الأوسط الجديد، مع حليفه الدائم، رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، الذي لم يتردد "ترامب" في دعمه، إلى حد وصل به إلى الخروج عن نص الخطاب المكتوب والطلب على الملأ، في "الكنيست"، من الرئيس الإسرائيلي بالعفو عنه في قضايا الفساد المرفوعة ضده وسط تصفيق الحاضرين.

أما "نتنياهو"، أو "Bibi" كما يحلو لترامب تسميته، فلاقى صديقه في مطالبه وارتدى ربطة عنق زرقاء ترمز إلى السلام والهدوء والثقة والتطمين والدبلوماسية، بمعنى آخر، أراد نتنياهو توجيه رسالة قبول بطرح "ترامب" والسير بخطته للسلام، وأكبر دليل على ذلك قول "نتنياهو" لـ "ترامب":  ملتزمون السلام وفق خطتكم ونمد يدنا للسلام لمن يريده معنا!". على أي حال، لم يكتب "ترامب" مجرد خطاب عادي، في لحظة عادية، بل كتب التاريخ، في لحظة مفصلية، في مشهد كان أقرب إلى مهرجان، مهرجان قوة وحزم وسلام انتظره الشرق الأوسط منذ وقت طويل، فكان "ترامب" القيصر الذي أطلق "إمبراطورية السلام" التي ينوي توسيعها لتطال دول الشرق الأوسط، ومنها إيران، كما قال. وأمام هذا المشهد التاريخي الذي يغير معالم الشرق الأوسط ويرسمها من جديد، يقف لبنان ليس فقط متفرجًا، بل متفرجًا عن بعد، وليس حتى من على مقاعد الاحتياط، بل من وراء الشاشات.

فلبنان لم يحجز لنفسه "Ticket" لمشاهدة المباراة الإقليمية والدولية في "شرم الشيخ"، حيث يعقد اتفاق السلام، فهو لم يدعَ إلى القمة لأنه، حتى الساعة، لا يزال مستبعدًا من المشهد، طالما أن سلاح "حزب الله" لم يسحب بعد.

والخوف كل الخوف، أن تُقطع للبنان "One way ticket" تخرجه من اللعبة الإقليمية والدولية إلى غير رجعة فيضيّع الفرصة الذهبية لـ "العصر الذهبي" الذي تحدث عنه "ترامب" للشرق الأوسط.

ولكن، في كلام "ترامب" بصيص أمل أعطي للبنان، فالرئيس الأميركي، وفي خطوة لافتة ومقصودة طبعًا، تحدث في كلمته في "الكنيست" عن لبنان، لا لشيء سوى لأن "ترامب" أراد تمرير "Pass" دعم إلى رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون، على قاعدة: "نحنا معَك، كمِّل!" آملاً أن يتلقف عون الرسالة، فقال "ترامب": "في لبنان، تم القضاء على خنجر "حزب الله" الذي كان مسلطًا على إسرائيل وإدارتي تدعم رئيس لبنان الجديد في مهمته لنزع سلاح "حزب الله" نهائيًا ونزع الكتائب الإرهابية لـ "الحزب" وبناء دولة مزدهرة تعيش بسلام مع جيرانها، وهو (أي عون) يعمل على ذلك بشكل جيد جداً" وأضاف "ترامب" أن هناك أموراً جيدة تحصل في لبنان.

وكأن "ترامب" أراد أن يبعث، عن سابق تصور وتصميم، برسالة دعم وتشجيع للرئيس عون للمضي قدمًا في مهمة سحب السلاح والانخراط بخطة السلام في الشرق الأوسط، كي لا يبقى لبنان خارج "الديل" ويضيّع فرصة الازدهار على نفسه. علماً، أنه، وقبل كلام "ترامب"، كان رئيس الجمهورية قال أمام "جمعية الإعلاميين الاقتصاديين" كلامًا إيجابيًا يلاقي طرح "ترامب" قبل أن يعلنه الأخير، فقال عون: "الأوضاع في المنطقة تسير نحو التفاوض لإرساء السلام والاستقرار ولا يمكن أن نكون نحن خارج هذا المسار، بل لا بد من أن نكون ضمنه، إذ لم يعد في الإمكان تحمل مزيد من الحرب والدمار والقتل والتهجير". وفي ما يشبه الغمز من قناة "حزب الله" وعدم جدوى الحرب الذي أدخل لبنان فيها، دعا عون إلى "التفاوض" للتوصل إلى حلول، على غرار ما حصل في ملف ترسيم الحدود البحرية برعاية أميركية وأممية سائلاً: "ما الذي يمنع أن يتكرَّر الأمر نفسه؟ وما الذي يمنع التفاوض لا سيما أن الحرب لم تؤد إلى نتيجة؟". وفي ما يشبه أيضًا دعوة "حزب الله" إلى ألّا يكون ملكيًا أكثر من الملك نفسه (أي "حماس")، أضاف عون: "إسرائيل ذهبت إلى التفاوض مع "حركة حماس" لأنه لم يعد لها خيار آخر بعدما جربت الحرب والدمار، اليوم الجو العام هو جو تسويات، ولا بد من التفاوض، أما شكل هذا التفاوض فيحدَّد في حينه!". على أي حال، بين غزل "ترامب" - "نتنياهو" وتصفيق "الكنيست" الحار إثر صفقة العصر بين "إسرائيل" و"حماس" وبين ربطتي العنقين الحمراء والزرقاء، ومشهدية "شرم الشيخ" التي حضرها كبار قادة الدول العربية، لا يزال لبنان يرتدي ربطة عنق رمادية، لا للإشارة إلى الأناقة والبساطة كما يدل الأمر بل إلى الـ "لاقرار" حتى الساعة وضبابية الموقف لجهة تنفيذ سحب سلاح "حزب الله" بشكل جذري، على أمل أن تتحول "رمادية" لبنان إلى "حمراء" عبر دولة قوية قادرة تفرض سلطتها على كامل أراضيها قبل أن تسطَّر بحق لبنان "بطاقة حمراء" تخرجه من اللعبة الدولية!

 

أكبر صحن حمّص

صالح المشنوق/نداء الوطن/14 تشرين الأول/2025

لا يتميّز لبنان فقط بقرب بحره من جبله، وبأنه يمكن للمواطن أو السائح (عندما يعود إلينا) أن يتزلّج ويسبح في اليوم نفسه. بل إنّه كسر مجموعة هائلة من الأرقام القياسيّة، اعترف بها كتاب غينس للأرقام القياسيّة العالمية (Guinness book of world records). نذكر هنا أبرز هذه الإنجازات: في العام 2010، قام الشيف رمزي شويري بتحضير أكبر صحن حمّص، بلغ قطره سبعة أمتار. أما في العام 2011، فقد حققنا إنجاز أطول ساندويش دجاج، في منطقة الحازمية. وزن الساندويش بلغ 577 كيلوغرامًا، وكان مصنوعًا من قطعة واحدة متواصلة من الخبز. بطبيعة الحال، في العام 2017، أضفنا إلى اللائحة بجهد العاملين في مدرسة أمجد في الشويفات أطول منقوشة، وبلغ طولها 32 مترًا (لا أدري من أصلًا ينافسنا على أطول أو أقصر منقوشة) واللائحة تطول. لكن كل هذه الإنجازات التي وجدت طريقها إلى كتاب غينس تبدو متواضعة أمام إنجازين سطّرهما "حزب الله" في الأشهر الأخيرة، ولا شك أن المحرّرين في غينس ينتظرون بفارغ الصبر إدخالهما في العدد المقبل من الكتاب.

الأول كان جنازة السيّد نصرالله، وقد اتحفنا نعيم قاسم بمعلومة مهمّة مفادها أن الجنازة كانت الأكبر في تاريخ لبنان، بل - إذا احتسبنا العدد نسبة إلى عدد السكان - "الأكبر في تاريخ العالم". الملفت بالموضوع أن الشيخ نعيم تجاهل جنازة الإمام الخميني في العام 1989، التي كانت حتى بالتقديرات المحافظة أكبر (بشكل عام ونسبيًا) من جنازة نصرالله. إلا إذا افترض قاسم، كما قيل في الإعلام، إن مليون شخص حضر جنازة نصرالله (لماذا ليس  تسعمئة ألف أو مليون ومئة ألف؟ أسهل للبروباغاندا)، وهي خرافة لا تقلّ فداحة عن وعد "الحزب" بالصلاة في القدس. إلى هذا الحد الاستعراض "مقبول"، ومفهوم سياسيًا. أما الاستعراض المضحك - المبكي، فكان إصرار "الحزب" على توصيف تجمّع كشافة المهدي في المدينة الرياضيّة بأنه "أكبر تجمّع كشفي في العالم"، وكأن أحدًا في هذا العالم معني بمبارزة حول حجم التجمّعات الكشفية.

وقد انبرى معلّقو الحزب ومؤثروه على الاستعراض اللفظي المرافق للمناسبة، مؤكدين أهميّة العدد ما يثير السخرية ليس فقط لأن مشهد الأطفال لا يذكّر إلا بـ "أشبال هيتلر" الفاشيين و"الرواد الشباب" الشيوعيين اللينينيين (الكل يعلم مصير التنظيمين وأفكارهم)، بل لأن "حزب الله" مهووس بفكرة رفض العددية وحكم الأكثرية، نظرًا إلى أن ثلثي اللبنانيين على الأقل رافضون لسلاحه (لذلك يصرّ على ما يسمى "حكومات الوحدة الوطنية" و"الميثاقية"). إلا أن "الحزب" بحاجة إلى تلك الاستعراضات لافتعال حضور سياسي - شعبي يعوّض الانهيار المعنوي الناتج عن تطوّر الأحداث: قبل سنتين تمامًا من "أكبر تجمّع كشفي في العالم"، قام "حزب الله" باستعراض عسكري في جنوب لبنان، بأسلحة شبيهة بأفلام الخيال العلمي، تحت شعار "سنعبر" (إلى إسرائيل نفسها التي عبرت إلى 5 نقاط في جنوب لبنان). بدل الجليل، عبر "حزب الله" إلى المدينة الرياضية، وبدل اللباس العسكري، لجأ إلى اللباس الكشفي (كان من الأفضل للحزب تأليف مجموعة اسمها "صبية الخميني"، نظرًا إلى أن مؤسس الكشاف في بريطانيا في بداية القرن العشرين روبير بادن - باول كان ندم على فكرته لو سمع شعارات الصبية في المدينة الرياضية).

الملفت في كل هذا المشهد ليس سخافة استعراضات "الحزب"، ولا عقد النقص التي يعبّر عنها من يريد تهنئة "الحزب" على انتقاله من النشاطات العسكرية إلى النشاطات المدنية (الحزب مستمر في نشاطاته العسكرية بالخفاء). الملفت هو المقارنة التالية: فيما يستعرض "الحزب" حجم حضوره الشعبي، مرددًا الشعارات الخمينية، رافضًا تسليم سلاحه، ومبقيًا لبنان في دوامة الحرب والاحتلال والتعديات، نرى أمامنا شرق أوسط جديدًا يتشكّل على وقع استسلام "حماس" وانتهاء الحرب في غزة (بعد سقوط الأسد في سوريا). هذا الشرق الأوسط عنوانه مقسوم إلى شقين مترابطين. انتهاء المشروع الإيراني الأيديولوجي العسكري العابر للأوطان بمعناه الفعلي والعملي (الرواسب ما زالت تعبث في أكثر من مكان)، وانتصار خيار السلام الاستراتيجي العربي القائم على رفض الأيديولوجيات والحروب الدائمة وعلى محوريّة النمو الاقتصادي التكاملي بين كل دول المنطقة. وقد رأينا تطوّر الأحداث في سوريا، من الخيارات الحاسمة التي اعتمدها رئيسها أحمد الشرع، إلى حجم الاستثمارات العربية التي تتدفق على الدولة المهدّمة بحكم عقود من حكم البعث الأسدي. ونرى ذلك اليوم أيضًا في مؤتمر السلام في شرم الشيخ، بحضور الرئيس ترامب، الذي دخل تاريخ "صناع السلام" من بابه العريض بفرضه إنهاء الحرب في غزة. كل هذه الأحداث عنوانها السلام، والاستقرار، والازدهار في الدول الوطنية، أي الثلاثي الذهبي المناقض تمامًا للمشروع الاستراتيجي الذي قادته إيران تحت عنوان "وحدة الساحات".

أين لبنان من كل هذا المشهد، وبالتحديد أين الدولة اللبنانيّة من هذا الشرق الأوسط؟ تبدو الدولة اللبنانية، بالمعنى العام للكلمة (برغم جهود رئيس الحكومة الحثيثة) خارج المشهد، بل خارج التاريخ. الأفكار القديمة هي هي. التعابير البالية هي هي. المعادلات السياسية التي حكمت أذهان المسؤولين طوال ثلاثة عقود من الزمن ما زالت تتحكّم بالمشهدية: إدانة الضربات الإسرائيلية، التخوّف من الحرب الأهلية، الحرص على وحدة الجيش، مراعاة مشاعر "البيئة"، تقارير سريّة عن نزع سلاح، ورفض السلام "الأحادي" (وكأن الاتفاقات الإبراهيمية لم تحصل). Paroles et paroles et paroles. رئيس الجمهورية يشير (وحسنًا فعل) إلى ضرورة أن لا يكون لبنان خارج المشهد الإقليمي، ولكنه يربط دخوله بوقف الضربات الإسرائيلية. إذا توقفت إسرائيل يدخل؟ كيف؟ إلى أين؟ قبل تسليم الأسرى؟ ماذا عن النقاط الخمس؟ لا أحد يعلم. لا أحد يعلم شيئًا. لا خطة، ولا رؤية، ولا جرأة على اتخاذ القرار. كأننا عدنا ذهنيًا (وخطابيًا) إلى العام 2016. ليس عام انتخاب ميشال عون، بل عام دخولنا إلى كتاب غينس بسبب صناعتنا لأكبر علبة cornflakes (بوزن 2.7 طن!)، علبة لا تكفي لاحتواء كل آمالنا المعلّقة حتى إشعار آخر أو حرب أخرى.

 

أجيال السيد وأجيال الجنرال

عماد موسى/نداء الوطن/14 تشرين الأول/2025

ظهر المؤرخ ميشال عون في مكتبته وخلفه مكتبة زاخرة بسير الأبطال وأمّهات الكتب التي يغرف منها ويغوص يوميًا في صفحاتها. قعد ابن التسعين ربيعًا في صومعة الفكر ليروي للجراميز "قصة 13 تشرين". تخلى شيخنا الجليل وجنرالنا الأسطورة طوعًا عن ربطة العنق مكتفيًا  بسترة كحلية وقميص أبيض، وراح يروي القصة وخلاصتها أن "القوات اللبنانية" الساعية إلى السلطة  لا إلى بناء الوطن "قصفت بعبدا وساعدت الجيش السوري في ضرب مراكز الجيش"، فحمل الجنرال حاله وتوجّه للقاء السفير الفرنسي آنذاك رينيه ألا ، جار بعبدا فاعتقله "ما فيك تطلع لأنك تحت الحماية الفرنسية والسوريون بدأوا بقتل المدنيين" عندها طلب عون من جنوده تلقي الأوامر من الجنرال الفذ إميل لحود. من سمع سمع ومن لم يسمع حارب حتى الإاستشهاد. أما لماذا شُنّت الحرب على الجنرال فلسببين: رفض أن يصبح رئيسًا للجمهورية بلا صلاحيات التي انتقلت إلى الوزارة وإصراره على انسحاب الجيش السوري بما يعني ضمنًا أن الآخرين كانوا مع ضرب الصلاحيات وبقاء الجيش السوري في لبنان. أجيال ورا أجيال، تنتظر هذه المناسبة للتمتع بقصة البطولة والعنفوان والتماثل مع روح القائد الوثابة، الذي ختم رسالته إلى الإخوة والأخوات، الأشبال والشبلات، الرسل والرسولات، بجملة من مخزون  لا ينضب ولعلها أفضل ما قيل في الذكرى المجيدة طوال 35 سنة: "خسارة دون ندم وذل للرابحين".

كأني بالجنرال التسعيني صورة شاحبة لشيخ الحكّائين نعيم قاسم ولقادة "حماس"  والفصائل ممن أغرقوا شعبهم في مغامرات فاشلة وخسارات مدوية وأذلّوا الرابحين بعدما انتهت الحرب ولعبة الغش ومراكمة الانتصارات الواهية فوق الجماجم والأنقاض. وصل القائد دونالد ترامب إلى المنطقة لتغيير وجهها ووجهتها نحو الأفضل في الوقت الذي كان الجنرال يعمل لتجميل تاريخه. وقبيل العرض الكشفي أحيت جمعية"رسالات" أكبر تجمع كشفي في العالم، إذ تجاوز العدد الخمسة والسبعين ألفًا وهو عدد يغصّ فيه ملعب ماراكانا في البرازيل وذلك برعاية الكشّاف الأول الشيخ نعيم قاسم، خليفة المرحوم اللورد روبرت بادن باول، هنا في بيروت، وفي مدينة كميل شمعون الرياضية بدا شيخ الكشافين نعيم قاسم منبهرًا بجمهور الكشافة والجوالة والمرشدات والدليلات والـ "فونفار" وسرايا الدفاع وحثهم على المقاومة كـ: "المقاومة كخيار تربوي وثقافي وأخلاقي وسياسي، وهي جهاد النفس والعدو وقوة إيمان وإرادة وصمود وعز واستقلال، وهي تربية على الأصالة وحب الوطن والدفاع عن الأهل والأحبة" ما أروعك يا شيخ وأنت تلقي مثل هذا الكلام الجميل وترفع  مجددًا شعار "Be Prepared" مشددًا على أهمية التعلم من خلال العمل  (صناعة صواريخ وقنابل وخلافه) و"تنمية الذات والاستقلالية والانضباط" لكن تحت راية الولي الفقيه حضرة اللورد!

 

فعاليات "حزب الله" تُشعل الجدل في صيدا وتهدّد الهويّة الوطنية

طارق أبو زينب نداء الوطن/14 تشرين الأول/2025

تشهد مدينة صيدا في الآونة الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في النشاطات الاجتماعية والثقافية والسياسية التي ينظمها "حزب اللّه" تحت شعار "أنا على العهد". ورغم الطابع الشبابي والثقافي لبعض هذه الفعاليّات، إلّا أن أبعادها السياسية واضحة، ما يثير تساؤلات حول أهدافها وتأثيرها على التوازن الاجتماعي في المدينة، التي لطالما شكّلت رمزًا للاعتدال ورفض الطائفية والانفتاح الوطني. تأتي هذه التحرّكات ضمن سعي "الحزب" لتعزيز حضوره المباشر في المدن الكبرى، مستهدفًا الشباب والعائلات عبر واجهات ثقافية واجتماعية، ما يضع صيدا أمام تحدٍ جديد للحفاظ على هويّتها وخصوصيّتها الاجتماعية والسياسية. وتؤكّد المصادر المحلّية أن هذه الأنشطة لم تعد مجرّد مبادرات عابرة، بل أصبحت جزءًا من مسعى منظم لتعزيز الحضور والنفوذ داخل المدينة. كلّ فعالية تُقام تحمل بعدًا سياسيًا يسعى للتفاعل مع المجتمع الصيداوي عبر واجهات جذابة، ما يعكس استراتيجية واضحة لاستقطاب شرائح مختلفة من المجتمع. وقد برز هذا التوجّه بوضوح خلال نشاط أُقيم مؤخرًا في السوق التجارية من دون أي تنسيق مسبق أو ترخيص رسميّ من بلدية صيدا، ما اعتُبر تجاوزًا للأطر القانونية وأثار نقاشًا واسعًا حول دور المؤسسات الرسميّة في الحفاظ على النظام العام وتنظيم الفضاءات العامة.

مساعي "حزب اللّه" لترسيخ حضوره السياسي والشعبي

أفادت مصادر صيداوية مطّلعة لـ "نداء الوطن" أن حفل إزاحة الستار عن الجدارية العملاقة عند المدخل الجنوبي للمدينة، والتي تُظهر صورتي الأمينين العامين السابقين لـ "حزب اللّه" حسن نصراللّه وهاشم صفي الدين، مثّل نموذجًا واضحًا للنهج الذي يتبعه "الحزب". فقد حمل الحدث رسائل سياسية محدّدة تهدف إلى ترسيخ حضوره في صيدا وتعزيز رمزيته السياسية، إلى جانب جذب الانتباه الإعلامي وإشراك الفئات المحلية في الفعاليات لتعزيز التأثير الشعبي. وحضر الفعالية النائب علي فياض، إلى جانب  جواد نصرالله وياسر عباس الموسوي، ما أكّد سعي "الحزب" لتثبيت نفوذه السياسي والشعبي عبر قياداته. في المقابل، لوحظ غياب نائبي صيدا، أسامة سعد وعبد الرحمن البزري، ما أضاف بعدًا سياسيًا مهمًا يعكس الانقسامات المحتملة في المشهد المحلّي.

النشاطات الفنية وتباين ردود الفعل

في الجانب الفني، أثارت فعالية كشافة الإمام المهدي ردود فعل متباينة، خصوصًا لعدم حصولها على ترخيص رسميّ من البلدية. رأى البعض أن الحدث شكّل محاولة صريحة لفرض حضور حزبي على الفضاء العام، بينما تداول ناشطون بيانًا مجهول المصدر يعكس امتعاض الأهالي، مؤكّدين رفض صيدا التحوّل إلى منصة لتصفية الحسابات الحزبية أو استعراض النفوذ السياسي. يعكس هذا التباين وعي المجتمع المحلّي بالمخاطر المرتبطة بالاستغلال السياسي للفضاء العام، ما يجعل متابعة التنسيق بين المجتمع المدني والبلدية أمرًا حيويًا. وأوضح البيان أن المدينة عانت خلال السنوات الماضية من سياسات التهميش ومحاولات المساس بوحدتها، مؤكّدًا حرص أبناء صيدا على الحفاظ على أمنها واستقرارها وسِلمها الأهلي.

دور بلدية صيدا

أكّد عضو المجلس البلدي في مدينة صيدا، رامي بشاشة، لـ "نداء الوطن"، أن البلدية تحرص على البقاء خارج أي اصطفافات سياسية، مشدّدًا على اعتزاز أهالي المدينة بالاعتدال والانفتاح الوطني. وشدّد بشاشة على ضرورة التزام الجهات الحزبية والجمعيات الأهلية بالإجراءات القانونية واستحصال التراخيص الرسمية قبل أي نشاط، حفاظًا على أمن المدينة وسلامة المشاركين، وتجنبًا لتحويل أيّ فعاليّة إلى ساحة انقسام أو وسيلة لاستعراض النفوذ الحزبي. كما أضاف أن التنسيق بين البلدية والمجتمع المحلي يضمن حماية النظام العام ويعكس التزام المؤسّسات الرسمية بصون الهوية الصيداوية.

تحدّيات الحفاظ على الهوية الصيداوية

في ضوء هذه التطوّرات، يظلّ الشارع الصيداوي يقظًا وحريصًا على صون هويّته وخصوصيّته السياسية والاجتماعية. فالوعي الشعبي والمؤسّساتي معًا يشكّل خط الدفاع الأول ضد أي محاولات لاستغلال الفضاء العام لأغراض حزبية. وتظلّ رسالة أهالي صيدا واضحة: الحفاظ على الوحدة الوطنية، وصون الانفتاح والاعتدال، ورفض الخطابات الطائفية التي طالما ميّزت المدينة، هي أولوية لا مساومة عليها، لضمان استمرار إرثها وهويّتها التي يعتز بها كل أبنائها.

 

مرحلة عاصفة و"الاستسلام" هو الهدف: المارينز مجدداً في بيروت؟

منير الربيع/المدن/13 تشرين الأول/2025

في الكواليس السياسية، يجري التداول بفكرة مطروحة لدى الإدارة الأميركية وتتمثل بإمكان إرسال جنود من قوات المارينز إلى لبنان للإشراف على مراحل تطبيق اتفاق وقف اطلاق النار وحصر السلاح بيد الدولة. هي فكرة مستمدة من الإدارة الأميركية لاتفاق غزة حيث سيشرف حوالى 200 جندي أميركي على آلية التطبيق. ليست الفكرة حديثة، بل يتجدد طرحها لا سيما بعد تحديد مهلة زمنية لانتهاء عمل قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل). وإلى جانب الأميركيين، جهاتٌ أوروبية عديدة تفكر في الأمر نفسه، أي أن تكون لها قوات عسكرية في جنوب لبنان، ولو لم تتم تسميتها بالقوة متعددة الجنسيات.

"التعويض" بالحرب على لبنان

في أي حال، يبقى كل ذلك مؤجلاً في انتظار اتضاح تبلور مسار الحلّ على الساحة اللبنانية، وسط تضارب في القراءات والمعلومات حول المرحلة المقبلة وكيفية تعاطي الإسرائيليين معها إذا نجح الاتفاق في غزة وتم تثبيت وقف إطلاق النار. والمخاوف تتنامى لبنانياً من احتمال لجوء إسرائيل إلى التعويض بفتح حرب جديدة على الساحة اللبنانية، من دون إغفال مخاوف أخرى من احتمال حصول تصعيد إسرائيلي- إيراني، على الرغم من كشف وزير خارجية إيران عباس عراقجي عما تبلغته طهران من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نقلاً عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من أن تل أبيب غير معنية بأي حرب جديدة مع إيران.

خياران |أمام طهران

سيكون الأمر إذاً مرتبطاً بمسار التفاوض الإيراني- الأميركي. وقد كشف عراقجي أيضاً عن دخول وسطاء على خط التواصل بين واشنطن وطهران، فيما تكشف مصادر ديبلوماسية عن التحضير لعقد جولة مفاوضات مباشرة بين الإيرانيين والأميركيين في نهاية الشهر الجاري في سلطنة عمان. من هنا، سيستمر الضغط الأميركي والإسرائيلي على إيران، مع التلويح باللجوء إلى تنفيذ عمليات عسكرية ضد أهداف في داخل إيران. فواشنطن تضع طهران بين خيارين، بحسب المعلومات الديبلوماسية: إما أن تتعرض لضربة عسكرية كبرى تتضمن إسقاط النظام، وإما القبول بالشروط المفروضة، والتي أصبحت معروفة، وهي وقف تخصيب اليورانيوم بالكامل، والتخلي عن برنامج الصواريخ البالستية، ووقف دعم كل حلفائها في المنطقة ودفعهم إلى التخلي عن أسلحتهم.

إعادة نشر شاملة للقوات على الحدود

تركز إسرائيل في هذه المرحلة على البحث في السيناريوهات الممكنة على جبهتها الشمالية مع لبنان. وتشرع قيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي بإعداد تصورات لكيفية التعامل مع كل الاحتمالات، بما في ذلك إعادة نشر قوات عسكرية على امتداد الحدود، ونشر قوات من قطاع غزة إلى الحدود مع لبنان وسوريا. وتتهم إسرائيل حزب الله بأنه لا يزال يعمل على إعادة بناء قواته وقدراته العسكرية.

شحنة الصواريخ المهرَّبة إلى الحزب

في هذا السياق، جاء خبر إعلان وزارة الداخلية السورية عن توقيف شحنة صواريخ يتم تهريبها من منطقة القصير. وبحسب المعلومات، إن هذه الصواريخ هي من نوع كورنيت أي فئة الصواريخ الموجهة المتوسطة المدى، وهي السلاح الأبرز الذي كان يستخدمه حزب الله في مواجهاته ضد إسرائيل. وذلك يتقاطع مع مواقف مسؤولي الحزب الذين يؤكدون أنه استعاد جهوزيته تحسباً لاندلاع أي مواجهة جديدة.

أيام عصيبة آتية

وفق القراءة الديبلوماسية، ستكون الأيام المقبلة عصيبة جداً، ليس بالضرورة على المستوى العسكري، بل على مستوى الانتظار السياسي وحجم الضغوط التي ستتزايد لدفع لبنان إلى ما تريده واشنطن وتل أبيب، وهو التفاوض المباشر مع نية مسبقة بالاستسلام. وجانب من هذه الضغوط تؤشر إليه ضربة المصيلح، التي هي بمثابة استهداف واضح ومباشر لأي محاولة إعادة إعمار في الجنوب. وهذا المسار يمكن أن يتفاعل ويتصاعد بضربات متدرجة، مع احتمال اللجوء إلى فرض المزيد من العقوبات على شخصيات أو مؤسسات، والغاية من ذلك واضحة، وهي فرض الشروط ودفع لبنان إلى الالتزام بها.

 

غارة المصيلح تفضح "منعزلات" الطوائف والمناطق: تعاطف إنتقائي؟

بتول يزبك/المدن/13 تشرين الأول/2025

لم يعد اللّبنانيّون يلتفتون إلى كلّ قصفٍ، فقد تعوّدوا أن يمرّ الحدث أمنيًّا، وأن تطمس تبعاته سياسيًّا. لكنّ غارات 11 تشرين الأوّل على المصيلح، شمال اللّيطاني، بدا كأنّها كسرت هذا الروتين. سلسلة ضرباتٍ على معارض جرّافاتٍ وحفّاراتٍ على طريق المصيلح، الزهراني، أصابت منشآتٍ مدنيّةً وتجاريّةً، وأغلقت لوقتٍ وجيزٍ شريانًا حيويًّا يصل بيروت بالجنوب، وأوقعت قتيلًا وسبعة جرحى، بحسب وزارة الصّحّة. الجيش الإسرائيليّ قدّم روايته المعتادة، "معدّاتٌ هندسيّةٌ يستخدمها حزب الله في إعادة الترميم". أمّا الوقائع الميدانيّة والصّور والبيانات، فثبّتت أنّنا أمام أوسع ضربةٍ منذ وقف إطلاق النار في تشرين الثاني الماضي.

اللافت في هذه الموجة لم يكن عدد الصواريخ أو حجم الخسائر وحدهما، بل أيضًا "ردّة الفعل السّياسيّة" المتباينة، جريًّا على الشائع، أو لنقل الانتقائيّة الصارخة في التّعاطف. مرّةً أخرى تظهر الحساسيّات اللّبنانيّة على سطحٍ يزعم وطنيّةً جامعةً، بينما الباطن طوائف ومناطق تعلن تضامنها أو تبخل به تبعًا لخريطة الولاءات لا لخريطة الضحايا. هنا بالتحديد ينشأ السّؤال الذي تناوله الرأي العامّ، لماذا ترفع الشكوى الدوليّة الآن، ولم ترفع أمس وأوّل من أمس، في بلدٍ صار الموت فيه "يوميّات"؟

الشكوى إلى مجلس الأمن، سياسة "الممكن" أم إدارة صورة؟

بعيد الضربات أصدر رئيس الحكومة نواف سلام توجيهًا إلى وزير الخارجيّة يوسف رجّي لتقديم شكوى عاجلةٍ إلى مجلس الأمن والأمين العامّ للأمم المتّحدة، بوصف ما جرى "انتهاكًا فاضحًا" للقرار 1701 وترتيبات وقف الأعمال العدائيّة. وبالفعل، باشرت البعثة الدّائمة في نيويورك الإجراءات ونشرت الرسالة كوثيقةٍ رسميّةٍ. هكذا قال بيان السراي، وهكذا كرّرته وسائل إعلامٍ عدّةٌ لبنانيّةٌ ودوليّةٌ. من الناحية الإجرائيّة نحن أمام خطوةٍ متناسقةٍ مع خطّ الحكومة منذ تشكيلها، التمسّك بالقرار 1701، وتأكيد أنّ قراري السّلم والحرب في يد الدولة. لكنّ توقيتها وطريقة تسويقها فتحا باب الشكوك حول "تمييزٍ" غير معلنٍ بين ضحايا وضحايا.

ليس في الشكوى جرمٌ بحدّ ذاته، كما تشير المصادر، المشكلة في "الاستنساب" وفي ما يتسرّب للنّاس من انطباعٍ بأنّ الدولة تتحرّك عندما تقع الضربة خارج "جغرافيا الحرب المعهودة"، أو عندما تلامس مناطق ذات رمزيّاتٍ معيّنةٍ، بينما تغدو الضربات اليوميّة في العمق الجنوبيّ "خبرًا قديمًا". هنا تتكثّف معضلتان، وفق المصدر، الأولى عجز الدولة عن حماية مواطنيها بالتّساوي، والثانية عجزها عن إقناع مواطنيها بالتّساوي أنّها حاولت ذلك.

برّي وجعجع، بيانان بلغتين متناقضتين على الورقة نفسها

موقف رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي جاء سريعًا، إدانةٌ صريحةٌ للعدوان واعتباره اعتداءً على "لبنان كلّه"، مع دعوةٍ إلى وحدة الداخل. لغةٌ معروفةٌ، تضع الحدث في إطار "العدوانيّة الإسرائيليّة" وتستحضر 1701، وتسلّط الضّوء على المدنيّين والبنية التحتيّة، وتطالب بتفعيل الضّغط الدوليّ. في المقابل قرأ خصوم برّي في ما جرى تأكيدًا على فشل "معادلة" الرّدع، ولا سيّما أنّ الاستهداف طاول منشآتٍ مدنيّةً وتجاريّةً بعيدةً عن خطّ الاشتباك التقليديّ. أمّا رئيس حزب القوّات اللّبنانيّة سمير جعجع فاختار لهجةً أخرى، لا معنى، برأيه، لسيناريو "الاستنكار ثمّ الشكوى" ما دام السلاح خارج الدولة. "الحلّ الوحيد"، كما كرّر في مواقف متقاربةٍ خلال الأيّام الأخيرة، هو تسليم حزب الله سلاحه "في أسرع وقتٍ"، لأنّ الدولة وحدها القادرة على حماية اللّبنانيّين. هذا المنطق لا يندرج في خانة "تواطؤٍ" مع العدوان كما يتّهمه خصومه، بل هو، في روايته، استثمارٌ في السّلم الدائم عبر إعادة امتلاك الدولة قرار الحرب والسّلم، وإقفال الذريعة على إسرائيل وعلى الدّاخل معًا.

رسائل الغارة، الاقتصاد كهدفٍ عسكريٍّ

قراءة الرّسائل لا تقلّ أهمّيّةً عن رصد الأضرار، اختيار معارض الجرّافات والحفّارات هدفًا مباشرًا يكشف انتقال الاستهداف الإسرائيليّ من "الأهداف التكتيكيّة" إلى "بيئة الإعمار" نفسها، أدواتٌ وشركاتٌ قد تستخدم في إعادة بناء ما تهدّم، تصنّف في قاموس الجيش الإسرائيليّ "معدّاتٍ هندسيّةً تابعةً لحزب الله" أو "تخدم ترميم بنيته". بهذا المعنى يصبح الاقتصاد نفسه "هدفًا عسكريًّا"، يتداخل المدنيّ بالعسكريّ، والبشر بالآلة، والطريق العامّ بمنطقة القتال. ليس الأمر مستحدثًا في حروب المنطقة، لكنّ كثافته أخيرًا واتّساعه خارج مربّعات الاشتباك هما الجديد. ومن يراقب البيانات الإسرائيليّة الأخيرة، أو تغطيات الصحافة المقرّبة من المؤسّسة العسكريّة، يلمسْ تكرارًا لعبارة "خرق تفاهمات ما بعد وقف النار" عبر "محاولات إعادة بناء" قدراتٍ أو مواقع ولو لغاياتٍ مدنيّةٍ. الخلفيّة السياسيّة واضحةٌ، لا إعمار بمعناه الاجتماعيّ قبل تفاهمٍ نهائيٍّ يثبّت الوقائع الحدوديّة والأمنيّة وفق اشتراطاتٍ صارمةٍ، وما لم يقل صراحةً يقال فعلًا، الضّغط على شروط الإعمار يوازي الضّغط على شروط السّياسة.

"تمييزٌ بين الضحايا" أم فشلٌ في تعريف الضحيّة؟

في الساعات الأخيرة، اشتعل النقاش حول "التّعاطف الانتقائيّ"، لماذا ترفع الشكوى الآن؟ ألأنّ الضحايا هنا "أقرب" إلى قلب السّلطة أو أنّهم من غير الشيعة أو من غير البيئة المُلامة على جرّ البلاد إلى الحرب الإسرائيليّة الأخيرة، أم لأنّ الجغرافيا أشدّ حساسيّةً؟ الرأي العامّ، ولا سيّما على المنصّات المحليّة، طرح ذلك بلا مواربةٍ. والحقّ أنّ التّمييز لا يقاس فقط بوجود شكوى من عدمها، بل أيضًا بطريقة صياغة الخطاب الرّسميّ حول الضحايا، أحيانًا تصبح الضحيّة "مادّةً" لتصفياتٍ حسابيّةٍ داخليّةٍ أو لتعزيز روايةٍ مسبقةٍ. مصادر في "القوّات اللّبنانيّة" تقدّم روايةً أخرى، في حديثها إلى "المدن" تؤكّد أنّ لا علاقة للرّبط الجاري بين "استهداف المسيحيّين" وبين تحرّك الدولة. برأيها المنطقة مختلطةٌ ديموغرافيًّا، والشكوى رفعت لأنّ الضربة وقعت خارج نطاق المواجهة المعتاد، وفي منطقةٍ كثيفةٍ سكانيًّا، ولأنّ طبيعة الاستهداف لم تكن واضحةً. ثمّ تعود هذه المصادر لتضع كلّ ذلك في خانةٍ واحدةٍ، "جميع هذه الشكاوى، في النهاية، تصبّ في مسارٍ واحدٍ، أن يسلّم حزب الله سلاحه. فالاستهدافات ما كانت لتوجد لو كان قرار السّلم والحرب بيد الدولة وحدها". هذا التّشخيص الصّارم يواصل منطقه إلى الخلاصة، "نستهلك أنفسنا بالبيانات والاستنكارات والشكاوى من دون نتيجةٍ، الحلّ أن يصبح القرار للدولة، وإلّا فالدّوران في الحلقة نفسها سيستمرّ". وعندما تسأل هذه المصادر عن التوسّع الجغرافيّ للاستهداف تجيب بحذرٍ، "الواضح أنّ الهدف كلّ ما يتّصل بحزب الله، بما في ذلك جرّافاتٌ وأعمال إعادة إعمارٍ، وقد تتّسع الأمور، وربّما بتغطيةٍ دوليّةٍ، خصوصًا بعد انتهاء حرب غزّة". في المقابل يرى خصوم هذا الموقف أنّ اختزال المأساة بسلاح حزب الله وحده يغفل جانبًا آخر، إسرائيل تدير سياسة "عقابٍ بنيويٍّ" للمجتمع الجنوبيّ، تضرب البنى الّتي تسمح بإعادة الحياة، وتستغلّ الانقسام الدّاخليّ لتوسيع هامشها. وتاليًا فإنّ "التّسليم" بأنّ كلّ استهدافٍ "نتيجةٌ مباشرةٌ" للسلاح يتجاهل تاريخًا طويلًا من استخدام المدنيّين أداة ضغطٍ في الحروب.

بين "باسيفيّةٍ" مفقودةٍ وثقافةٍ سياسيّةٍ عالقةٍ

لعلّ المعضلة الأعمق ليست في "منطق" هذا الطرف أو ذاك، بل في غياب حركةٍ سلميّةٍ عابرةٍ للطوائف تعيد تعريف السّلم قيمةً بذاتها، لا مجرّد "وقف إطلاق نارٍ" أو "هدنةٍ". نقف دائمًا بين موقفٍ يمجّد العنف باسم "التغلّب"، وآخر يرفض العنف لكنّه لا يبني ثقافةً سلميّةً صلبةً. من هنا تبدو "الباسيفيّة" ترفًا فكريًّا عندنا، لا نهجًا سياسيًّا، فيما الحرب، حتّى عندما تهدأ، تظلّ مقياس السّياسة وأفقها. وهنا لا يعود الخلاف مجرّد اختلافٍ في "الأدوات"، بل في تعريف الدولة نفسها، هل هي جهازٌ إداريٌّ يفاوض العالم على الشكاوى والقرارات الدوليّة، أم هي كيانٌ يحتكر العنف المشروع ويعيد بناء العقد الاجتماعيّ؟ عند هذه النّقطة تحديدًا تنشأ الفجوة بين خطابين، خطاب "المقاومة" الذي يعد بحمايةٍ فعليّةٍ بوسائل غير شرعيّة، وخطاب "السّيادة" الذي يعد بسلمٍ مستدامٍ عبر احتكار العنف. كلاهما يتحدّث عن حماية المدنيّين، وكلاهما يملأ الطريق إلى هذه الحماية بأثمانٍ باهظةٍ على المدنيّين أنفسهم. والحال أنّ التوسّع الجغرافيّ للضربات إلى ما بعد مربّعات الجنوب المعهودة ليس "حادثةً عابرةً"، إذا صحّت القراءة الإسرائيليّة المعلنة، ردع "التّرميم"، فهذا يعني عمليًّا أنّ كلّ نشاطٍ اقتصاديٍّ ذي صلةٍ بإعادة الإعمار مرشّحٌ للاستهداف. نحن بإزاء "استراتيجيّة نزع القدرة على النّهوض"، أي ضرب شروط الحياة نفسها. كلّ ما استنزف هنا، من تعبٍ ودموعٍ ودمٍ ومالٍ طوال أربعة عقودٍ، لم يصرفْ على الحفر والتّسليح وحدهما، كان يبنى، بالتّوازي، كيانٌ سياسيٌّ مكتمل الشروط خارج الجغرافيا وحدود الدولة، مشروعٌ نصفه متخيّلٌ ونصفه منجزٌ عمليًّا، كيانٌ يرى في "لبنان" مجرّد إطارٍ ضيّقٍ لا يتّسع "لدولة الحزب" وشعبها. جمهورٌ عاش طويلًا في "منعزلاتٍ" طائفيّةٍ وسياسيّةٍ ومناطقيّةٍ، وما رافقها من قطيعةٍ مع سائر الجماعات، ثمّ وجد نفسه في نظامٍ لا يملك خطابًا وطنيًّا موحّدًا ولا عقدًا جامعًا. وحين نهضت محاولةٌ لتبديل هذا المسار، "ثورةٌ" عالية السّقف والرّغبات، اصطدمت بأوّل اختبارٍ، تحويل الغضب العامّ إلى تنظيمٍ ومعنى، أو برنامجٍ بديلٍ للنموذج المتربّص بجمهوريّةٍ تتداعى. منذ تلك اللحظة صرنا أمام مفترقٍ جديدٍ يفرض إعادة صياغة تصوّرٍ للخروج من مأزقٍ وجوديٍّ يتغذّى من انقسام الداخل ومن "دولة ظلٍّ" تتمدّد فوق دولةٍ رسميّةٍ تتقلّص.

 

الاتحاد الأوروبي يُمكّن الاضطهاد الديني في باكستان

أوزاي بولوت/معهد غايتستون/ 13 تشرين الأول/2025

(ترجمة من الإنكليزية بتصرف بواسطة الياس بجاني بالإستعانة بمواقع ترجمة ألكترونية)

https://eliasbejjaninews.com/2025/10/148189/

دأبت باكستان لسنوات على قمع أقلياتها والمعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين بشكل خطير – حتى عبر الحدود الوطنية. ومع ذلك، تواصل باكستان التمتع بمزايا الترتيب التحفيزي الخاص للاتحاد الأوروبي بموجب نظام الأفضليات المعمم (GSP+). يتعرض الصحفيون في باكستان (وحتى أفراد عائلات الصحفيين المنفيين) للاختفاء القسري. فقد اختُطف الصحفي آصف كريم كهتران وشقيقا الصحفي الباكستاني المنفي المقيم في الولايات المتحدة أحمد نوراني في مارس 2025 وما زالا مفقودين. وثّق تقرير صدر عام 2025 عن لجنة الولايات المتحدة للحريات الدينية الدولية سجن أكثر من 700 فرد في عام 2025 بتهمة "التجديف". يمثل هذا الرقم زيادة بنسبة 300% عن العام السابق. هذه الأعمال ليست حوادث معزولة، بل هي جزء من حملة أوسع للتطهير "الديني"، تقودها جماعات إسلامية متطرفة مثل حركة لبيك باكستان (TLP) وتُسهّلها منظومة قانونية تُجرّم الهوية الأحمدية.

استهداف الأقليات بموجب قوانين التجديف

تستمر قوانين التجديف الصارمة في باكستان في استهداف الأقليات الدينية. يوثق تقرير صادر عن لجنة حقوق الإنسان الباكستانية (HRCP) أن أفراد الأقليات المتهمين بالتجديف يتعرضون بشكل متزايد للإعدام دون محاكمة على يد الغوغاء أو يُقتلون أثناء طلبهم حماية الشرطة... إن تصاعد خطاب الكراهية، والتهديدات ضد الشخصيات القضائية، وتسييس نقابات المحامين لا يؤدي إلا إلى دفع البلاد نحو تحول خطير نحو التطرف الإسلامي داخل مؤسسات الدولة. يبدو أن الشرطة مهتمة أكثر بتهدئة زعماء الإسلاميين المحليين والحفاظ على الهدوء من تطبيق القانون وحماية الأقليات. ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يدافع عن المبادئ والمُثل التي أُسِّس عليها نظام الأفضليات المعمم. وفي الوقت الحالي، فإنه ببساطة يُشجّع سلوكًا لا يُحتمل ويُحرج نفسه.

أزمة التعصب والاضطهاد المتفاقمة

تعيش باكستان في أزمة تعمق من التعصب الديني والاضطهاد المنهجي. شهد هذا العام ارتفاعًا مقلقًا في العنف والتمييز والتواطؤ المؤسسي. وقد استُهدفت بشكل خاص الطوائف المسيحية، والأحمدية، والهندوسية.

على الرغم من الدعوات المتكررة للإصلاح والإدانة الدولية، فإن فشل باكستان في حماية مواطنيها الأكثر ضعفاً قد خلّف وراءه مسارًا من الأرواح المدمّرة، ودور العبادة المُدنَّسة، ومجتمعاً يتفتت بشكل متزايد بفعل الكراهية.

لطالما قمعت باكستان أقلياتها، والمعارضين السياسيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والصحفيين لسنوات – حتى عبر الحدود الوطنية. ومع ذلك، تستمر باكستان في التمتع بمزايا الترتيب التحفيزي الخاص للاتحاد الأوروبي بموجب نظام الأفضليات المعمم (GSP+).

وقد سُلِّط الضوء على هذا التناقض مرة أخرى في الأمم المتحدة.

الأمم المتحدة تدعو الاتحاد الأوروبي إلى المراجعة

كجزء من الدورة الستين الجارية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (UNHRC)، تعاونت المنظمة غير الحكومية الدولية "كاب حرية الضمير" (CAP Freedom of Conscience) مع المؤسسة الإخبارية "الاتحاد الأوروبي اليوم" (EU Today) من خلال حدث جانبي في 1 أكتوبر. دعا هذا الحدث الاتحاد الأوروبي إلى مراجعة وضع باكستان في نظام الأفضليات المعمم (GSP+) في ضوء انتهاكاتها طويلة الأمد لحقوق الإنسان التي ترعاها الدولة. كما عُرض خلال الحدث فيلم وثائقي حول الموضوع، تضمن تصريحات من عدة أعضاء في البرلمان الأوروبي. كان المنظمون يأملون بوضوح في زيادة الوعي بأزمة حقوق الإنسان المستمرة في باكستان. ونتيجة لدورة مجلس حقوق الإنسان، حضر العديد من المشرعين وأعضاء المفوضية الأوروبية.

وفي وقت سابق، وتحديداً في 30 سبتمبر، أثار المدافع البلوشي عن حقوق الإنسان جوشوا جورج باوز مخاوف ملحة بشأن فشل باكستان في الوفاء بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان مع استمرارها في الاستفادة من الوضع التجاري لنظام الأفضليات المعمم للاتحاد الأوروبي.

انتهاكات ضد الصحفيين

نقلاً عن تقرير حرية الصحافة في جنوب آسيا للفترة 2024-2025 الصادر عن الاتحاد الدولي للصحفيين، أشار باوز إلى أن الصحفيين الباكستانيين واجهوا 34 انتهاكًا خطيرًا لحرية الصحافة. شمل ذلك سبع عمليات قتل وثمانية اعتداءات غير مميتة، مما وضع باكستان في المرتبة 158 على مؤشر حرية الصحافة العالمي.

وفقًا للجنة حماية الصحفيين (CPJ)، قُتل ما لا يقل عن 68 صحفيًا في باكستان بين عامي 1992 و2025. ومن الأمثلة الحديثة مقتل امتياز مير، الصحفي الذي أُردي قتيلاً بالرصاص في كراتشي الشهر الماضي. كان مير، وهو مذيع في قناة "مترو 1 نيوز" التلفزيونية، في طريقه إلى المنزل في سيارة يقودها شقيقه الأكبر عندما أطلق ستة مشتبه بهم يستقلون دراجتين ناريتين النار على مركبتهما. في 2 أكتوبر، اقتحمت الشرطة في إسلام أباد نادي الصحافة الوطني، واعتدت على العديد من الصحفيين. أظهرت لقطات تمت مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي ومن قبل المنافذ الصحفية رجال الشرطة وهم يعتدون ويدفعون الصحفيين داخل النادي. تُعد الهجمات العنيفة جزءًا من الحصار الأوسع الذي يتعرض له الصحفيون الباكستانيون. يواجه الصحفيون في جميع أنحاء باكستان بشكل متزايد حملات قمع، واختفاء قسري، وحظر سفر، وتجميد حسابات مصرفية، وفصل من العمل، ونفيًا لتحديهم هياكل السلطة الراسخة في البلاد. على سبيل المثال، قالت الصحفية والمذيعة التلفزيونية سامينا باشا إن حسابها المصرفي جُمِّد بأمر من الوكالة الوطنية للتحقيقات في الجرائم الإلكترونية (NCCIA) في باكستان. ووصفت ذلك بأنه جزء من جهد متصاعد لإسكات الصحفيين المستقلين. يتعرض الصحفيون في باكستان (وحتى أفراد عائلات الصحفيين المنفيين) للاختفاء القسري. فقد اختُطف الصحفي آصف كريم كهتران وشقيقا الصحفي الباكستاني المنفي المقيم في الولايات المتحدة أحمد نوراني في مارس 2025 وما زالا مفقودين. تُستهدف أيضًا قنوات الصحفيين على يوتيوب على نطاق واسع. ففي 8 يوليو، وبناءً على طلب من وكالة الجرائم الإلكترونية، أمرت محكمة في إسلام أباد بحظر 27 قناة على يوتيوب بموجب قانون منع الجرائم الإلكترونية، متهمة إياها بنشر محتوى "مُعادٍ لباكستان".

أرقام صادمة

لفت باوز الانتباه أيضًا إلى تقرير صدر عام 2025 عن لجنة الولايات المتحدة للحريات الدينية الدولية، والذي وثّق سجن أكثر من 700 فرد في عام 2025 بتهمة "التجديف". يمثل هذا الرقم زيادة بنسبة 300% عن العام السابق. وأشار كذلك إلى رصد حقوق الإنسان الذي قامت به "بانك" (Paank)، وهي إدارة حقوق الإنسان في الحركة الوطنية البلوشية (Baloch National Movement)، والذي وثّق 785 حالة اختفاء قسري و121 عملية قتل خارج نطاق القانون في النصف الأول من عام 2025 وحده. ووجهت "بانك" نداءً مباشراً إلى المجلس الأوروبي:  "يُعد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأكبر لباكستان. يجب ربط استمرار الامتيازات التجارية في إطار نظام الأفضليات المعمم بإحراز تقدم حقيقي في مجال حقوق الإنسان، وليس بوعود فارغة".

وبالمثل، أفادت الجرجا الوطنية البشتونية (Pashtun National Jirga) الشهر الماضي أن أكثر من 4000 من البشتون مفقودون.

العنف ضد الأحمديين

تقف جريمة القتل الوحشية التي راح ضحيتها لائق شيما في 18 أبريل كرمز قاتم لهذه الأزمة. كان شيما، وهو عضو يبلغ من العمر 47 عامًا في الطائفة الأحمدية في باكستان، قد تعرض للضرب حتى الموت على يد حشد من المسلمين السنة خارج مكان عبادة أحمدي في حي صدر بكراتشي. أفادت التقارير أن الحشد، الذي يتألف من أنصار حركة لبيك باكستان الإسلامية المتطرفة (TLP)، اقتحم الشوارع الضيقة. وصرخوا شعارات مُعادية للأحمدية واتهموا الطائفة بانتهاك قوانين باكستان الخبيثة المُعادية للأحمدية. وعلى الرغم من تدخل الشرطة، تضخم الحشد إلى أكثر من 600 شخص. إن وفاة شيما ليست سوى إدخال آخر في السجل الطويل للعنف ضد الأقلية الدينية الأحمدية في باكستان. وفي هجوم آخر، قُتل الدكتور الشيخ محمود، وهو طبيب جهاز هضمي وكبد أحمدي بارز، بالرصاص في سارجودها، البنجاب في 16 مايو، حسبما أفادت منظمة التضامن المسيحي في جميع أنحاء العالم (Christian Solidarity Worldwide). ووفقًا للتقارير الأولية، وصل محمود، وهو طبيب يحظى باحترام كبير، إلى مستشفى فاطمة حوالي الساعة 2:30 ظهرًا لرعاية مرضاه، كجزء من روتينه المعتاد. وأثناء سيره في ممر المستشفى، أطلق عليه رجل مجهول كان يتربص به النار من الخلف، مما أسفر عن مقتله. وفر القاتل من مكان الحادث وهو يُشهر مسدسًا بشكل علني. لطالما تعرضت الطائفة الأحمدية (التي يبلغ عددها حوالي 500,000 في باكستان وقرابة 10 ملايين على مستوى العالم) لتمييز منهجي. على الرغم من أن الأحمديين يعتبرون أنفسهم مسلمين ويتشاركون في معتقدات متطابقة تقريبًا مع التيار الإسلامي السائد، إلا أن تعديلاً أُدخِل على دستور باكستان عام 1974 يعلنهم غير مسلمين. وفي عام 1984، جُرِّمت العديد من ممارساتهم الدينية. لم يؤد هذا الإطار القانوني إلا إلى تشجيع الجماعات المتطرفة وشرعنة الاضطهاد. يعيش الأحمديون في خوف، وغالبًا ما يخفون هوياتهم، ويتجنبون العبادة العلنية، ويواجهون تدنيس مقابرهم وأماكن عبادتهم. ففي 10 مايو، دُنِّس ما لا يقل عن 90 من شواهد قبور المسلمين الأحمديين في إقليم البنجاب. حُطِّمت الشواهد وشُوِّهت، وتناثر الحطام في جميع أنحاء مقبرة. وفقًا لقسم الشؤون الخارجية للجماعة الأحمدية المسلمة في المملكة المتحدة، 269 من قبور المسلمين الأحمديين تعرضت للتخريب خلال 11 هجومًا منفصلاً في عام 2025 وحده، وفي عام 2024، شُوِّه 319 من شواهد القبور في 21 حادثة.

هذه الأعمال ليست حوادث معزولة بل هي جزء من حملة أوسع للتطهير "الديني"، تقودها جماعات إسلامية متطرفة مثل حركة لبيك باكستان (TLP) وتُسهّلها منظومة قانونية تُجرّم الهوية الأحمدية.

العنف ضد الهندوس والمسيحيين

كما اشتد اضطهاد الهندوس في باكستان. ففي 17 سبتمبر 2024، تعرض معبد راما بير الهندوسي في إقليم السند لهجوم من قبل إرهابيين مسلحين أطلقوا النار عشوائياً على المصلين، مما أدى إلى إصابة أربعة أشخاص. هذه الهجمات على أماكن العبادة الهندوسية تتكرر بشكل مُقلق. ولا يؤدي مناخ الإفلات من العقاب إلا إلى تشجيع العداء العميق الجذور تجاه الأقليات الدينية.

كما تصاعدت حالات التحول القسري والزواج المبكر للفتيات الهندوسيات والمسيحيات. ففي كل عام في باكستان، يتم اختطاف أكثر من 1000 فتاة مسيحية وهندوسية، تتراوح أعمارهن عادة بين 12 و 25 عامًا، ويُجبرن على اعتناق الإسلام والزواج من رجال مسلمين. تتعرض النساء والأطفال من الأقليات الدينية لخطر كبير للاختطاف والتحول القسري والزواج القسري. إن التحول القسري إلى الإسلام ليس غير قانوني في باكستان. ونادراً ما تتخذ السلطات أي إجراء ذي مغزى لتقديم الجناة إلى العدالة، وغالباً ما ترفض الشرطة تسجيل الشكاوى المقدمة من الضحايا أو عائلاتهم.

بالإضافة إلى ذلك، تُعد الاتجار بالفتيات والنساء على طول الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني (CPEC) مشكلة ضخمة. يذكر تقرير صادر عن معهد بروكينغز:

 "في المقابل، كانت حقيقة أن العديد من الضحايا ينتمون إلى الطائفة المسيحية في باكستان - الأقل حماية بمفاهيم الشرف المجتمعية، والأقل حماية لأنهم مهمشون... جعلت حقيقة أن معظم الضحايا ينتمون إلى الطائفة المسيحية الفقيرة والمهمشة في باكستان، من المؤسف، من الأسهل على باكستان صرف الانتباه عن القضية دون أن يتبع ذلك صرخة احتجاج عامة." كما أشار تقرير صادر عام 2020 عن التحالف من أجل المساواة الدينية والتنمية الشاملة إلى أن الاعتداء الجنسي المُستهدَف إيديولوجياً يوجه تحديداً نحو الأقليات الدينية، سواء للافتراس الجنسي أو كـ "غزو" لكسب الفتاة إلى الإسلام.

التمييز المؤسسي والإفقار

إن التأثير القوي للمشهد الديني الإسلامي في باكستان تمييزي بشكل خاص تجاه النساء والفتيات من الأقليات الدينية. يعاني هؤلاء الأقليات في باكستان من التهميش الاقتصادي والاجتماعي. وكثيراً ما يُحصرون في وظائف وضيعة، ويُحرمون من الحصول على التعليم والخدمات الحكومية، ويُستبعدون من التمثيل السياسي. في المناطق الريفية، تُعد الاستيلاء على الأراضي التي تستهدف مجتمعات الأقليات أمرًا شائعًا، مع القليل من الانتصاف القانوني. وتواجه النساء من هذه المجتمعات تمييزًا مضاعفًا. وتُعد معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة لديهن أقل بكثير من كل من المتوسط الوطني ومعدلات الرجال داخل مجتمعاتهن.

استمرار العمل بقوانين التجديف القاسية

أثارت لجنة حقوق الإنسان الباكستانية (HRCP) مراراً وتكراراً ناقوس الخطر بشأن تدهور حالة الحرية الدينية في البلاد ودعت إلى الإفراج عن المسجونين بموجب المادة 298-جيم من قانون العقوبات الباكستاني، وهو بند يُجرّم الأحمديين لتعبيرهم عن هويتهم كمسلمين أو للتبشير بعقيدتهم. يورد تقرير لجنة حقوق الإنسان الباكستانية، "شوارع الخوف: حرية الدين أو المعتقد في 2024/25"، تفاصيل عن العنف الذي تقوده الغوغاء وعمليات القتل خارج نطاق القانون. تستمر قوانين التجديف الصارمة في باكستان في استهداف الأقليات الدينية. يوثق تقرير لجنة حقوق الإنسان الباكستانية أن أفراد الأقليات المتهمين بالتجديف يتعرضون بشكل متزايد للإعدام دون محاكمة على يد الغوغاء أو يُقتلون أثناء طلبهم حماية الشرطة. في قضيتين منفصلتين، أُعدِم أفراد خارج نطاق القانون على يد أجهزة إنفاذ القانون، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة للإصلاح داخل أنظمة الشرطة والقضاء في باكستان. إن تصاعد خطاب الكراهية، والتهديدات ضد الشخصيات القضائية، وتسييس نقابات المحامين لا يؤدي إلا إلى دفع البلاد نحو تحول خطير نحو التطرف الإسلامي داخل مؤسسات الدولة.

تُعد حادثة جارانوالا، التي دمر فيها مسلمون ما لا يقل عن 24 كنيسة وشردوا مئات المسيحيين قسراً في أغسطس 2023، مجرد مثال واحد على العنف الناتج عن قوانين التجديف. ويتزايد استخدام قانون التجديف لاستهداف المسيحيين والهندوس والأقليات المسلمة مثل الأحمديين. المسيحيون هم ضحايا لحوالي ربع جميع اتهامات التجديف على الرغم من أنهم يمثلون أقل من 2% من السكان. يتهم منافسون تجاريون مسلمون رجالاً مسيحيين بالتجديف كوسيلة لتدمير أعمالهم وسمعتهم. بالإضافة إلى ذلك، يشغل المسيحيون والهندوس والأشخاص من مجتمعات الأقليات الأخرى عادة وظائف ذات مكانة متدنية، ويُشار إليهم بكلمة "شورا" (chura)، وهي كلمة مهينة تعني "قذر"، ومحجوزة لكناسي الطرق ومنظفي المجاري.

الموقف الرسمي غير الكافي

يعاني المسيحيون في باكستان من الوضع الأمني المتفجر، والمستوى العالي من العنف، ونقص القنوات الفعالة لطلب الحماية. يبدو أن الشرطة مهتمة أكثر بتهدئة زعماء الإسلاميين المحليين والحفاظ على الهدوء من تطبيق القانون وحماية الأقليات. في أكتوبر الماضي، أقرت رئيسة وزراء البنجاب مريم نواز شريف بخطورة الوضع خلال احتفال ديوالي في لاهور. وحثت المواطنين على الاعتراف بالمسؤولية الجماعية لحماية الأقليات وشددت على أن احترام التنوع الديني أساسي لسلامة باكستان. هذه التصريحات تستحق الثناء ولكنها نادرة. وبدون إجراءات سياسية ملموسة ومساءلة، فإنها تظل بلا أسنان وغير كافية.

التركيبة السكانية والاضطهاد المستمر

جمهورية باكستان الإسلامية هي دولة مسلمة رسمياً منذ استقلالها عام 1947. وتؤكد التركيبة السكانية للبلاد على وضع أقلياتها المؤلم. فمن بين عدد سكان يبلغ حوالي 251.9 مليون نسمة، يشكل المسلمون 97%. ولا يشكل الهندوس والمسيحيون سوى 1.6% لكل منهما. ويشكل الأحمديون مجرد 0.2%. هذه المجتمعات صغيرة جدًا بحيث لا تشكل أي تهديد للأغلبية، ومع ذلك تواجه اضطهادًا لا هوادة فيه. تُعد قوانين التجديف في باكستان من بين الأقسى في العالم. وهي تفرض عقوبة الإعدام الإلزامية على إهانة النبي محمد والسجن على الأحمديين الذين "يتظاهرون بأنهم مسلمون". وكثيراً ما تصبح هذه القوانين أسلحة لتسوية الخلافات الشخصية والتحريض على العنف الطائفي.

وفقاً لمنظمة حقوق الإنسان "الأبواب المفتوحة" (Open Doors)، يعاني جميع المسيحيين في باكستان من التمييز المؤسسي. فالمهن التي يُنظر إليها على أنها متدنية وقذرة تُخصَّص للمسيحيين من قبل السلطات، كما يتضح في إعلانات الوظائف. العديد من المسيحيين فقراء وضحايا للعمل بالسخرة، حيث يُجبرون إما على اعتناق الإسلام أو يُزوَّجون في زيجات أطفال من قبل أرباب عملهم. وتكون الفتيات المسيحيات في أوضاع العمل بالسخرة أكثر عرضة للاحتجاز غير القانوني من قبل أرباب عملهن.

تلاحظ "الأبواب المفتوحة":

 "باكستان هي موطن لعشرات الجماعات الإسلامية المتطرفة. ويتزايد تشكيل الهيئات الاستشارية للحكومة بالكامل من علماء إسلاميين يؤثرون على القوانين. وتُدار الآلاف من المدارس الدينية دون رقابة حكومية على كيفية تمويلها أو ما تقوم بتدريسه. وأي شخص يدعو إلى إصلاح قوانين التجديف يتعرض للتهديد علناً من قبل متطرفين يعتقدون أن "الكفار" يستحقون الموت. وغالباً لا تحل الجماعات المتطرفة المحظورة نفسها، بل تعيد تسمية نفسها، أو تنتقل عبر الإنترنت، أو تندمج مع جماعة قائمة. ومن السهل إثارة المشاعر الدينية وما يترتب عليها من عنف الغوغاء، وهي تُستهدف ضد الأقليات الدينية، وخاصة المسيحيين، كما ظهر في عنف أغسطس 2023 في جارانوالا. تعاني باكستان من تفتت عرقي. وتُعتبر مقاطعة بلوشستان ومناطق السند المركزية خارج نطاق سيطرة سلطات الدولة. ويُنظر إلى الأقليات الدينية على أنها غير طاهرة، لأسباب دينية ولأنها لا تنتمي إلى الجماعات العرقية الحاكمة."

كما وثق مركز دراسة الكراهية المنظمة (The Center for the Study of Organized Hate)، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن العاصمة، التأثير المدمر لاتهامات التجديف وعنف الغوغاء على الأقليات الدينية في باكستان. ويسلط تقريره الضوء على تصاعد الهجمات على المسيحيين في البنجاب خلال عامي 2023 و 2024، واستمرار استهداف الأحمديين هذا العام. وفقاً للمنظمة، تعرضت الطائفة الأحمدية لـ ست جرائم قتل بدافع المعتقد في عام 2024 وثلاث جرائم أخرى في النصف الأول من عام 2025. إن هذا النمط من العنف مستمر ومتصاعد.

الدعوة إلى العمل الدولي والإصلاح

أعرب المجتمع الدولي بشكل متزايد عن قلقه إزاء فشل باكستان في حماية أقلياتها. وانتقدت الأمم المتحدة والعديد من البلدان تقاعس الحكومة ودعت إلى إصلاحات عاجلة. ومع ذلك، فإن التغيير الهادف ليس في الأفق. حثت لجنة حقوق الإنسان الباكستانية على إنشاء لجنة تحقيق مستقلة بناءً على نتائج اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بالإيقاع في قضايا التجديف. يمكن أن تكون مثل هذه اللجنة خطوة حيوية نحو العدالة، ولكن فقط إذا عملت بشكل مستقل وتم تمكينها من محاسبة الجناة.

يجب مواجهة تواطؤ الدولة الباكستانية في الاضطهاد المستمر للهندوس والمسيحيين والأحمديين والمسلمين الشيعة والسيخ في باكستان، وكذلك الصحفيين الناقدين، سواء من خلال الصمت أو التأييد القانوني أو المشاركة النشطة، بشكل جاد.

لقد أصبحت آلة الاضطهاد الديني قاتلة، مع تحول القوانين التمييزية وجرائم الكراهية التي لا تخضع للرقابة إلى مسؤولية قاتلة. لم تعد الحاجة الملحة للعمل مسألة مبدأ؛ بل هي، بالنسبة للأقليات الدينية، مسألة بقاء. يجب أن يبدأ الإصلاح في باكستان بالإلغاء الفوري للقوانين التي تُجرم المعتقد؛ وملاحقة أولئك الذين يحرضون وينفذون العنف، وتوفير الحماية الكاملة للحقوق المتساوية لكل مواطن، بغض النظر عن الدين. تُصاد وتُمحى وتُدفن مجتمعات الأقليات تحت وطأة الكراهية المؤسسية.

ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يدافع عن المبادئ والمُثل التي أُسِّس عليها نظام الأفضليات المعمم. وفي الوقت الحالي، فإنه ببساطة يُشجّع سلوكًا لا يُحتمل ويُحرج نفسه.

*أوزاي بولوت، صحفية تركية، هي زميلة أولى متميزة في معهد غيتستون.

© 2025 معهد غيتستون. جميع الحقوق محفوظة. المقالات المطبوعة هنا لا تعكس بالضرورة آراء المحررين أو معهد غيتستون. لا يجوز إعادة إنتاج أي جزء من موقع غيتستون أو أي من محتوياته.

 

هذه ليست موعظة

عقل العويط/النهار/13 تشرين الأول/2025

طابة المصير في ملعبنا، وتستحثّنا على اتّخاذ قرارٍ تاريخيٍّ ينجّي بلداننا وشعوبنا من تكرار المقتلة التي شُغفت مازوشيّاتُنا الحمقاء بها، حدّ أنّ بعضنا بات لا يطيق فراقها، بل يعشق الخسارة، وأنْ نعيش قتلى. بدليل أنّنا لا نكفّ عن الاستخفاف بموازين القوى، فنرتكب الأغلاط الجوهريّة إيّاها، ونعيد الكرّة، وكأنّنا لم نستخفّ، ولم نرتكب، ولم نعاود الارتكاب.

ليست المازوشيّة هي العلّة الوحيدة التي تُفقِدنا الرؤية. فنحن دون فلسفة الدولة، وسماسرة، وبيّاعو أوهام وضمائر وبلدان وشعوب، ونكذب على أنفسنا، ونتبادل التكاذب، بل نصدّق كذبنا وتكاذبنا، ونريد أنْ "نجبر" العالم بتصديقهما.

لم يعد ثمّة وقتٌ بعد الآن للتلاعب بالوقت، هربًا إلى أمام، تراجعًا إلى وراء، أو دورانًا في حلقةٍ مفرغة. ما على الطاولة، قد يكون وليمةً مسمومة، ولا يمثّل فرصةً ذهبيّة، لكنّه "حقيقة" جائرة. يكفي أنْ نعي ذلك وعيًا غير منقوص، بحيث يُترَك للعقل أنْ يضعنا أمام علمٍ لا مجال للخطأ فيه:

هذه هي موازين القوى، وقد خضنا حروبًا كثيرةً، وارتكبنا حماقاتٍ كبرى، فماذا ربحنا، وماذا خسرنا؟ فهل خسرنا سوى ضحايانا وقتلانا وشهدائنا وأراضينا وبيوتنا وأحلامنا وأعمارنا وأفراحنا ومستقبل أجيالنا؟ وهل سوى اللغو والإنشاء والخطابة والوهم والهلوسة والإنكار، ما ربحنا؟

آخرها "حرب الإسناد"، التي لا يزال علينا أنْ نجتاز مشقّاتٍ عظيمةً، قبل أنْ نتحرّر من ارتداداتها، فنستعيد عقولنا المصادَرة والمسروقة والمستعبَدة. فليتها لم تكن، لا هي ولا "طوفان الأقصى"، ولا... "حروبنا" الأخرى المستمرّة، الصغيرة منها والمتصاغرة.

أخشى ما أخشاه، أنْ نتعامى، مرّةً جديدةً عن الرؤية الواقعيّة، فنواصل "مسيرتنا" العامرة بالنكبات والهزائم، مدجّجين بالمعميات والانفصامات والتخرّصات والأوهام والحماقات، لا يعنينا أنْ نعيد النظر في ما نحن فيه، ولا أنْ نقارن بين ما جنيناه وما خسرناه.

إنّه زمن النقد الذاتيّ، وهو يلحّ إلحاحًا "وجوديًّا" على شعوب المشرق العربيّ، وعلينا نحن اللبنانيّين بشكلٍ خاصّ، بسبب ما انتهينا إليه من محنٍ وطرقٍ مسدودة.

الوعظ مقيتٌ ومستهجَنٌ وثقيلُ الظلّ، وقد يعاكس المرجوَّ منه، وخصوصًا عندما ينطوي، لاإراديًّا، على شيءٍ من التنزيه الذاتيّ، والاستعلاء.

الواقعيّة تفترض سحب الدونكيشوتيّات والرؤى الانتحاريّة والحسابات الخاطئة من التداول.

موازيننا خاطئة.  ارتباطاتنا وتبعيّاتنا خاطئة. الكذب على الذات، والتكاذب، مصيبة. بيع الذات والبلاد والناس لأيٍّ كان مصيبة. الابتزاز مصيبة. الهرب إلى الأمام مصيبة. الإنكار مصيبة. والانتفاخ بالذات هو المصيبة، وبه يصل المرء في حينٍ من الدهر، إلى نقطة اللّارجوع، فيتوهّم أنّه الحقّ والحقيقة، ولا يعود قادرًا على إقناع نفسه بأيّ احتمالٍ معاكسٍ أو مضادّ. آنذاك، يفقد البوصلة، ويصبح محكومًا بمنطقٍ قياميٍّ لا حياد عنه، من شأنه أنْ يزجّ به، وبالآخر، وبالجميع، في استحقاقاتٍ ومواجهاتٍ ستؤول إلى الخراب الأقصى.

كلّنا في الوحل، وكلّنا في المحنة الوجوديّة. الخروج من الطريق المسدود ضرورةٌ مطلقة. النكبة هذه ليست فلسطينيّةً فحسب، بل لبنانيّةٌ أيضًا وخصوصًا. وإذا أمعنّا النظر العاقل، وجدناها شرقيّةً مطلقًا، وهلمّ.

الطابة، طابة المصير في ملعبنا. ثمّة بيننا مَن لا يرى (أو لا يريد أنْ يرى) هذه "الحقيقة" الخطيرة.

ثمّة مَن تجرّع السمّ مرغمًا قبلنا (ألا تتذكّرون؟!). وها ثمّة مَن يتجرّعه الآن. لم نعد نريد أنْ يجرّنا أحدٌ إلى مقتلة. ولا أنْ نموت من أجل لا شيء. ولا من أجل أيّ شيء. فقط أنْ نعيش، وبشيءٍ من كرامة.

... وهذه ليست موعظة!

 

ذكرى ١٣ تشرين الأول ١٩٩٠

القاضي فرنسوا ضاهر/فايسبوك/13 تشرين الأول/2025

هي ذكرى الحرب الخاطفة التي شنّتها القوات العربية السورية على المنطقة الشرقية الواقعة تحت سيطرة الحكومة الانتقالية برئاسة العماد ميشال عون، الذي رفض الالتحاق بالشرعية الدستورية التي انبثقت عن اتفاق الطائف والمتمثلة برئيس الجمهورية الياس الهراوي المنتخب من نواب الأمة بعد إغتيال سلفه الرئيس رينيه معوض، كما  وإلحاق جيشه بقيادة الجيش الشرعية المتمثلة أيضاً آنذاك بالعماد إميل لحود.

فكان من نتيجة حالة التمرد هذه، أن أُعطيت القوات العربية السورية الضوء الأخضر من الولايات المتحدة الأمريكية بموافقة السلطة الشرعية اللبنانية ووزير الدفاع اللبناني آنذاك البير منصور لإنهاء حالة العصيان التي شكّلها العماد ميشال عون، حتى لو اقتضى الأمر إجتياح المنطقة الشرقية عسكريّاً وإستخدام الطيران الحربي السوري لهذه الغاية. وقد كان محظوراً عليه دولياً التحليق في أجوائها منذ سنة ١٩٧٨.

غير أن العماد عون آثر المواجهة والتحدي بدلاً من أن يلتحق بالشرعية الدستورية ويسلمها المناطق التي كان يسيطر عليها ويلحق جيشه بها.

فكان من نتيجة تلك المواجهة العسكرية التي وقعت يوم ١٣ تشرين الأول من سنة ١٩٩٠ أن إجتاحت القوات العربية السورية المنطقة الشرقية عسكريّاً ووضعت يدها عليها وبسطت نفوذها على المؤسسات الدستورية الواقعة في نطاقها.

الأمر الذي أسقط المنطقة الشرقية، التي تسلّمها العماد ميشال عون محرّرة من المقاومة اللبنانية إبان توليه حكومته الانتقالية في ١٩٨٨/٩/٢٢، في يد النظام السوري. حيث تمكن من إستكمال قبضته على الشرعية اللبنانية بجناحيها الغربي والشرقي لحقبة إنطلقت في ١٣ تشرين الأول ولم تنتهي الاّ إثر صدور قرار دولي بانسحابه من لبنان في ٣٠ نيسان ٢٠٠٥.

وكان من نتيجة المواجهة العسكرية التي خاضها العماد ميشال عون أن أقحم جيشه في معركة غير متكافئة ومغطاة دولياً حتى حسمها والقضاء على حالة التمرّد التي شكلها. فإذ به يترك جيشه يقاتل على الجبهات ويلجأ الى السفارة الفرنسية.

بحيث تُعيد ذكرى ١٣ تشرين الأول كل هذه المعطيات التي اقترنت بإستبسال واستشهاد والقبض على مئات من الضباط والأفراد من الجيش المقاتل وترحيلهم الى غياهب المعتقلات السورية، والى اللاعودة الى ديارهم.

وإذا كان البعض يستذكر هذه الذكرى من زاوية خواتيمها بفعل تضحيات هؤلاء الأبطال الذين أُقحموا في معركة خاسرة ومحسومة النتائج دولياً.

في حين يقرؤها البعض الاخر من زاوية مسؤولة الذي تسبّب بها، لسبب إقصاء النظام السوري له عن الوصول الى السدّة الرئاسية الأولى رغم تنفيذه لدفتر شروطه (لا سيما، إلغاء القوات اللبنانية عسكرياً). حتى ولو أدت تلك الحرب الى نتائج غيّرت وجه لبنان وضربت كيانه في الصميم وصدّعت التوازنات الطائفية التي نشأ عليها، حتى أنها أباحت اجتياحه واحتلاله على التوالي من الأجنبي، السوري فالإيراني، لعقود

 

تشرين صمد العسكر وخذلهم القائد

جان الفغالي/نداء الوطن/13 تشرين الأول 2025

لم يكن لدى الضباط والعسكر على جبهات ضهر الوحش وضهور الشوير وبسوس، راديو “ترانزستور” ليستمعوا إلى “بيان الاستسلام” الذي سجّله العماد ميشال عون بصوته، عبر الهاتف، لإذاعة لبنان في الفنار. كان العماد عون قد أصبح في السفارة الفرنسية في مار تقلا في الحازمية، اتصل من هاتف السفير الفرنسي “رينيه ألا” بالأستاذ رفيق شلالا، في الإذاعة، وقال له إنه يريد أن يسجِّل بيانًا لبثه إلى العسكريين، أنجز الأستاذ رفيق المهمة وبث البيان الذي يطلب فيه العماد عون من العسكريين أن يتلقوا الأوامر من العماد إميل لحود.

استسلم العماد عون، لكن ضباطه والعسكر لم يعرفوا باستسلامه فأكملوا القتال حتى آخر رصاصة، فاستُشهِد مَن استُشهد، وأُعدِم مَن أُعدِم، وأُسِر من أسر، على يد الجيش السوري، وكانوا يعتقدون أن العماد عون يدير العمليات فيما الحقيقة أنه انتقل إلى السفارة الفرنسية بواسطة ملالة، ويروي أحد رؤساء الأجهزة الأمنية السابقين، الذي تولّى دورًا محوريًا منذ تلك الفترة وحتى العام 2005، وما زال حيًا ويضطلع بدور سياسي، أن العماد عون نقل معه إلى السفارة مبلغًا كبيرًا من المال، بالدولار الأميركي، بالملايين.

كانت القيادة السوريّة قد حدّدت موعدًا لموفد عون، بيار رفول، في يوم 13 تشرين، أي في اليوم الذي سقط فيه العماد عون، وكان إيلي حبيقة هو الذي أخذ الموعد لرفول من القيادة السورية وأبلغه به، ولم تكن المرة الأولى التي يلتقي فيها رفول السوريين بطلب من العماد عون.

هذه إحدى الحقائق الدامغة عن 13 تشرين 1990، ولا ينفع تزوير الحقائق وتضليل الناس، فالحقيقة يملكها اثنان، مَن استشهدوا ومَن كانوا في الميدان وبقوا على قيد الحياة.

الحقيقة الثانية أنه ليس صحيحًا على الإطلاق أن أحدًا غير القوات السورية قصف قصر بعبدا، وهذا موثق في غرفة العمليات في قيادة الجيش اللبناني آنذاك، ويعرف سجلّاتها الضباط الذين كانوا في مقرّ القيادة، والبعض منهم ما زال على قيد الحياة. وهناك شهادات موثقة لمسؤولين كانوا قادة محاور وجبهات، وتبلّغوا أوامر صارمة بعدم إطلاق رصاصة اعتبارًا من السادسة صباحًا أي قبل ساعة من بدء الهجوم السوري.

الحقيقة الثالثة، وربما يجب أن تكون الأولى في الترتيب، هي أن العماد ميشال عون لم يكن يومًا خصمًا أو معاديًا لسوريا. كانت للقيادة السورية اليد في تعيينه قائدًا للجيش خلفًا للعماد ابراهيم طنوس عام 1984، ومنذ لحظة تعيينه “كانت عينه” على رئاسة الجمهورية، وكانت مراسلاته إلى القيادة السورية تتمّ عبر الوزيرين والنائبين السابقين ألبير منصور ومحسن دلول والأستاذ فايز قزي، ولمّا يئس من أن تقبل به سوريا رئيسًا للجمهورية، أعلن “حرب التحرير”، حتى أقرب المقرّبين منه لم يُعلمهم بإعلان الحرب، عمليًا لم تكن “حرب تحرير”، بالمعنى العسكري، بمقدار ما كانت عبارة عن قصف مدفعيّ انتهى بمحاولة خرق جبهة سوق الغرب، لكن بطلًا من أبطال الجيش اللبناني هو العميد الراحل سليم كلاس هو الذي أنقذ الجبهة ومنع سقوط خط الدفاع الرئيس عن قصر بعبدا.

فشَلُ “حرب التحرير” فتحَ الطريق إلى مؤتمر الطائف، وهذه كبرى الحقائق وهي أنه “لولا حرب التحرير لَما كان الطائف”.

أمّا الحقيقة الملحّة فهي أن على قيادة الجيش أن تستردّ ذكرى 13 تشرين من مغتصبيها، لوقف المتاجرة بها، و “لَمّ الشعبية على ظهرها”، فما علاقة التيار الوطني الحرّ بمناسبة 13 تشرين؟ في 13 تشرين، سقط رهان العماد ميشال عون على أنه سيكون رئيسًا للجمهورية بالقوّة، واستخدم الجيش اللبناني لكي يبقى في قصر بعبدا، لا ليحرّر، ولو كان فعلًا يريد التحرير، لماذا انتظر من 23 أيلول 1988، تاريخ دخوله إلى القصر، حتى 14 آذار 1989، ليبدأ بالتحرير؟ لماذا انتظر ستة أشهر؟ وبعد معركة سوق الغرب في آب 1989، لماذا قبِل بوقف إطلاق النار، بعدما دمَّر الجيش؟

ربّما كان على العماد عون أن يقول آنذاك: “لو كنت أعلم”! لكنه إلى اليوم، لم يتعِظ.

 

بهاك ١٣ تشرين

جو مجلّي/13 تشرين الأول 2025

بهاك ١٣ تشرين،  نتركوا وحدن لمصيرن ولو كان مصيرن معروف انو يندبحوا لانو في حدا، ما غيرو اللي اخترع الاسم المعبّر "الفخار المكسر"، لأنو بيعرف صعوبة لحم الفخار المكسور.

 كان يخبّر انو هو القبطان وآخر واحد بيترك السفينة، وكان اول واحد صار بسفارة اجنبية بعد  خمس دقايق  من  بداية هجوم كان عارف انو بدو يصير.

 كان لازم يحكيهن ع موجة اللاسلكي قبل ما يشمّع الخيط، قام حكاهن ع الراديو من السفارة الاجنبية غلطتن انو ما كانوا حاملين معن ترانزيستور  AM و FM وشو كانوا رايحين يعملوا هونيك بلا ترانزيستور؟

المقدم الشهيد جورج زعرب

الرائد الشهيد البير طنوس

النقيب الشهيد علي ابو علي

النقيب الشهيد جورج نصر الله

النقيب الشهيد روبير ابوسرحال

الملازم اول الشهيد المفقود جورج ابو هلون

الملازم اول الشهيد المفقود طانيوس زغيب

المؤهل الاول الشهيد اوجان بو زيدان

المعاون الشهيد شاهين شاهين

المعاون الشهيد جورج اسحق

الرقيب الاول الشهيد غسان بو عيسى

المعاون الشهيد حبيب نصر

المعاون الشهيد نديم متري

المعاون الاول الشهيد مارون عبدو

الرقيب الشهيد سيمون مخول

الرقيب الاول الشهيد طوني غندور

المعاون الشهيد مارون يونس

الرقيب الاول الشهيد جورج شمعون

المعاون الاول الشهيد كميل مخلوف

الرقيب الاول الشهيد كميل رزق

الرقيب الاول الشهيد شربل حنينة

الرقيب الشهيد حليم القاضي

الرقيب الاول الشهيد جوني مارون

الرقيب الشهيد لحود حدشيتي

المعاون الشهيد جوزيف راشد

المعاون الشهيد حبيب بولس

الرقيب الاول الشهيد نبيل فارس

الرقيب الاول الشهيد شعلان البيطار

الرقيب الاول الشهيد محمود الشعار

الرقيب الاول الشهيد نديم ابو صالحة

الرقيب الاول الشهيد جورج لطوف

المعاون الشهيد انطوان طنوس

المعاون الشهيد غازي سليمان

الرقيب الاول الشهيد الياس القاضي

الجندي الشهيد سمعان ادم

الرقيب  الاول الشهيد موسى عوض

الرقيب الشهيد سيمون بو فيصل

الرقيب الشهيد اميل يوسف

الرقيب الشهيد جورج عويني

الرقيب الاول الشهيد ابراهيم عيد

الرقيب الاول الشهيد مطانيوس يوسف

الرقيب الاول الشهيد حنا ابو ملهب

الرقيب الشهيد علي مقلد

المعاون الشهيد حكمت غضبان

المعاون الشهيد جريس ريشا

المعاون الشهيد علي نصر

المعاون الشهيد مروان الزغبي

الرقيب الشهيد زيد فريحة

العريف الشهيد طاني البيطار

الرقيب الشهيد يوسف حرب

الرقيب الاول الشهيد اكرم حنا

الرقيب الشهيد بطرس يمين

الرقيب الشهيد ريمون حدشيتي

الرقيب الشهيد حليم معوض

الجندي الشهيد كابي مخلوف

العريف الشهيد موريس الخوري

العريف الشهيد جاك الياس

الرقيب الاول الشهيد ماجد قطايا

الجندي الشهيد عامر البايع

العريف الشهيد فارس واكيم

العريف الشهيد مخايل فرح

العريف الشهيد سمير اسطفان

الرقيب الشهيد بيار حنا

العريف الشهيد نواف السبعلي

الرقيب الشهيد هاني عبدو

الرقيب الشهيد جرجس موسى

العريف الشهيد طانيوس وهبة

العريف الشهيد بسام شاهين

الرقيب الشهيد نبيل عكاوي

العريف الشهيد محمد خياط

العريف الشهيد متري سعادة

العريف سيمون عوض

العريف الشهيد فادي عبد الكريم

العريف الشهيد جوزيف جريح

العريف الشهيد ايلي سلامة

الرقيب الشهيد موريس سلامة

الرقيب الشهيد روك جبور

العريف الشهيد روبير الاشقر

العريف الشهيد رونالد سلامة

العريف الشهيد اوهانس بورساليان

العريف الشهيد احمد الاكومي

العريف الشهيد اليا سلوم

العريف الشهيد حيدر غندورة

الجندي الشهيد خير الله امهز

الجندي الشهيد حسن الخطيب

الجندي الشهيد عماد سلامة

الجندي الشهيد كاظم صالح

الجندي الشهيد غابي مخلوف

الجندي الشهيد اسامة الفرخ

الجندي الشهيد خالد النبوت

الجندي الشهيد حسن مرعي

الجندي الشهيد عماد حسين

الجندي الشهيد غسان علي

الجندي الشهيد روني ابو نقول

الجندي الشهيد الياس براك

الجندي الشهيد كلود حتي

الجندي الشهيد الياس البراك

الجندي الشهيد وليد العاشق

الجندي الشهيد علي شبيب

الجندي الشهيد بيار يوسف

الجندي الشهيد ربيع ابو زيدان

الجندي الشهيد بطرس الدكاش

الجندي الشهيد رامز سركيس

العريف الشهيد جوني ناصيف

العريف الشهيد جاك نخول

العريف الشهيد مطانيوس جرجس

العريف الشهيد نبيل خوري

العريف الشهيد جان خوري

العريف الشهيد جورج بشور

العريف الشهيد الياس عون

العريف الشهيد الياس بركات

العريف الشهيد ميلاد العلم

 

"اليوم التالي" بعد غزّة: هل يبقى لبنان وحيدًا؟

بتول يزبك/المدن/14 تشرين الأول/2025

"نحن نبني مستقبلاً جديدًا، الرّوابط التّجاريّة الّتي سننشئها هنا ستكون بين تلّ أبيب ودبي، وبين حيفا وبيروت، وبين القدس ودمشق، وبين إسرائيل ومصر والسعوديّة وقطر". هذا ما قاله الرّئيس الأميركيّ دونالد ترامب من على منبر الكنيست الإسرائيليّ، مضيفًا، كما تسرّب إلى بيروت، أنّ "خنجر حزب الله المصوّب إلى حلق إسرائيل قد تحطّم بالكامل"، وأنّ واشنطن "تدعم فعليًّا" الرّئيس اللّبنانيّ الجديد في مهمّة "نزع سلاح حزب الله بشكلٍ دائم". عبارةٌ واحدةٌ كهذه تكفي لتفتح ملفّ "لبنان ما بعد غزّة" على مصراعيه، ماذا يريد ترامب؟ كيف يقرأ العهد الرّئاسيّ رسالته؟ وأين تقف القوى اللّبنانيّة من مشهدٍ إقليميٍّ يتبدّل بسرعةٍ غير مسبوقة؟

مفترقٌ حادّ، عزلةٌ وحرب… أم سلّمٌ إلى تسوية؟

لئن استعصى الاستشراف التامّ لمآلات اتّفاق غزّة وآليّات تطبيقه، فإنّ الواجهة العريضة للشرق الأوسط، على لسان "راعيه" الأميركيّ، باتت أوضح من ذي قبل. وفيما تعاد صياغة منظومةٍ كاملةٍ من القوى والأفكار في المشرق، ينعزل اللبنانيّون عن نقاشٍ حيويٍّ حول مصير بلادهم، تحلّ محلّه مناوشاتٌ داخليّةٌ تبدّد الطاقات. لكنّ لبنان، هذه المرّة، عند مفترقٍ لا لبس فيه، إمّا عزلةٌ تتبعها حربٌ طاحنة تجبره، طوعًا أو كرهًا، على المثول أمام "الهندسة" المستجدّة، وإمّا الالتحاق بالرّكب عبر علاج ملفّ السّلاح أوّلًا، وقد صار قرين بقاء الدّولة أصلًا. البحث هنا لا يتعلّق بشعارٍ أو هتاف، بل بترتيباتٍ صلبةٍ على حدودٍ مشتعلةٍ منذ سنوات، وبنظام أمنٍ إقليميٍّ جديدٍ يعد بإغراءاتٍ اقتصاديّةٍ لمن يحسن التكيّف، ويلوّح بعقوباتٍ وخياراتٍ خشنةٍ لمن يعارض.

من مسقط إلى الجنوب، الزمن الإيرانيّ – الأميركيّ

الملفّ، في جوهره، مرتبطٌ بمسار التّفاوض الإيرانيّ ـ الأميركيّ. تكشف مصادرٌ دبلوماسيّةٌ (راجع "المدن") عن وساطاتٍ دخلت بين واشنطن وطهران، وتحضيرٍ لجولة محادثاتٍ مباشرةٍ في عمان. وفيما يستمرّ الضّغط الأميركيّ والإسرائيليّ على إيران، بالتّلويح بعمليّاتٍ عسكريّةٍ داخل أراضيها، يوضع طهران بين خيارين، ضربةٌ كبرى تهدّد النّظام، أم قبولٌ بشروطٍ باتت معروفة، وقف تخصيب اليورانيوم بالكامل، والتخلّي عن برنامج الصّواريخ الباليستيّة، ووقف دعم الحلفاء الإقليميّين ودفعهم إلى التخلّي عن أسلحتهم. معنى ذلك في بيروت واضح، "اليوم التالي" في غزّة ليس جزيرةً معزولة، بل مفتاحٌ لسلسلة إعادة تموضعٍ تمتدّ إلى جنوب لبنان. قبل يومين، دان الرّئيس جوزف عون غاراتٍ إسرائيليّةً على الجنوب بعد وقف النّار في غزّة، وسأل صراحةً إن كانت إسرائيل توسّع دائرة النّار نحو لبنان، في رسالة تحذيرٍ تثبّت أولويّة حماية المدنيّين وترفض "تطبيع" الخروقات بعد الهدنة. أمّا اليوم، فانتقل الخطاب الرّئاسيّ خطوةً إلى الأمام، الدّعوة إلى التفاوض مع إسرائيل وعدم بقاء لبنان خارج ترتيبات التسويات الإقليميّة، مع تشديدٍ على ضرورة التزام إسرائيل وقف العمليّات شرطًا لمناخٍ تفاوضيّ. التحوّل من ردّ الفعل إلى مبادرةٍ سياسيّةٍ يضع رئاسة الجمهوريّة في قلب هندسة "اليوم التالي" لبنانيًّا.

واللافت أنّ التحوّل في لهجة الرّئاسة اللبنانيّة، من إدانة الغارات إلى الدّعوة إلى التفاوض مع التلويح بشرط وقف الخروقات الإسرائيليّة، جعل من رئاسة الجمهوريّة لاعبًا محوريًّا في هندسة "اليوم التالي". هذا التطوّر لم يأت من فراغ، بل هو امتدادٌ لتقاربٍ داخليٍّ يحتاج إلى موارد سياسيّةٍ أكثر ممّا يحتاج إلى غطاءٍ خارجيٍّ.

على امتداد عقدين، تولّى "نموذج المقاومة" تحديد إيقاع الحياة العامّة بوجهيها، الدّاخليّ والخارجيّ. اليوم يتبدّى انحسار ذلك النّموذج في ترجمته الميليشيويّة وفي دوره كمنظومة حكمٍ موازيّة، وتحديدًا باتّفاق غزّة. وهذا بمثابة انحسارٍ لعالمٍ بكامله من القوى والعلاقات يضع المشرق العربيّ راهنًا أمام فراغٍ كبير. السّؤال هنا ليس "هل نحبّ ذلك أم نكرهه؟" بل، كيف يحمي لبنان نفسه ويصوغ مصلحته في عالمٍ كهذا؟ وهل يستطيع أن يعيد تعريف دوره بلا أن يعيد تعريف سلمه الأهليّ ودولته وسلاحه؟

بين "رسالة ترامب" و"تفويض الرّئيس"، تقاطعٌ أم تضارب؟

في المشهد اللّبنانيّ، يتقدّم خطابان متوازيان، الأوّل أميركيٌّ حادٌّ يتحدّث عن "نزع السّلاح" جزءًا من ترتيبات "اليوم التالي"، والثاني رئاسيٌّ لبنانيٌّ يدعو إلى مفاوضاتٍ بضماناتٍ بعد وقف النّار والتزام الحدود وسقوف القرار 1701. أفهما مساران متكاملان أم مشروعان متصادمان؟

في حديثٍ إلى "المدن"، يشير النّائب آلان عون إلى أنّ "الوساطة الأميركيّة ليست جديدةً منذ اندلاع الحرب، من ورقة باراك إلى لقاءات مورغان أورتيغاس. لسنا أمام تدخّلٍ خارجيٍّ بقدر ما نحن أمام حاجةٍ إلى وسيطٍ بين لبنان وإسرائيل في الاشتباك الجاري. المهمّ اليوم أن تكون أيّ مبادرةٍ شاملةً، تأخذ في الاعتبار هواجس ومطالب الفريقين كي يكتب لها النّجاح". لا يكتفي عون بالتّوصيف، يضيف مؤكّدًا الثّقة بمقاربة الرّئاسة، "لنا كامل الثّقة بما يقوم به الرّئيس على هذا الصّعيد. سار في درب حصر السّلاح منذ خطاب القسم، ووضع الجيش خطّته ويسهر على تنفيذها. وإذا كان من أسلوبٍ استيعابيٍّ وتطمينيٍّ لهواجس البعض، فهذا لا يلغي إصراره على المضيّ قدمًا في حصر السّلاح على مجمل الأراضي اللّبنانيّة". لكنّه يقابل ذلك بشرطٍ موازٍ، "لبنان يحتاج أيضًا إلى تطميناتٍ حول النّوايا الإسرائيليّة والأطماع التي تثير هواجس لدى فئةٍ من اللّبنانيّين. هذا ما يجب الحصول على ضماناتٍ بشأنه خلال المسار التّفاوضيّ".

يحسم عون "شبهة" التّضارب بين رسائل واشنطن وخريطة طريق بعبدا، "لا تناقض ما دام الهدف واحدًا. يجب إعطاء التّسهيلات السّياسيّة اللازمة للرّئيس كي يفاوض على أفضل الشّروط، تحت سقف إنهاء الصّراع العسكريّ وحماية السيادة من أيّ اعتداءٍ مستقبليّ. لا خطوط حمر توضع في وجه الرّئيس خلال مفاوضاته". على الضفّة المقابلة، يقارب النّائب أنطوان حبشي (عن "الجمهوريّة القويّة") المسألة من زاويةٍ داخليّةٍ صرف. يقول، "لا نعدّ السّلاح نتيجةً لضغطٍ خارجيّ، بل نعتبره ملفًّا داخليًّا. رفضنا أيّ سلاحٍ خارج الدّولة منذ 2005 إلى اليوم. كلام ترامب ليس معيارنا، واجبنا أن تكون لنا دولة. وقد تبيّن أنّ هذا السّلاح، على رغم ما أحيط به، لا يملك قيمةً ردعيّة، ولم يستطع أن يحمي أهله ولا لبنان. وإذا دلّ كلام ترامب على شيء، فعلى أنّ المجتمع الدّوليّ والإقليميّ لن يساعد لبنان في إعادة الإعمار والخروج من أزمته الماليّة من دون استعادة الدّولة سيادتها". يجدّد حبشي موقفًا مرنًا في الشّكل حاسمًا في المضمون، "قد أفهم دعوة الرّئيس إلى التّفاوض، لكنّ السّلاح لم يعد مطروحًا للتّفاوض ولا للحوار ولا لأيّ مقاربةٍ تبقيه خارج سلطة الدّولة. من لا يريد تسليم سلاحه لا يريد تسليمه. المسؤوليّة اليوم على السّلطة التنفيذيّة، رئيس الجمهوريّة والحكومة، اللّذين اتّخذا قراراتٍ، ومطلوبٌ المضيّ في تنفيذها بالكامل".

وبينما تخيّط العواصم الكبرى ترتيبات الجنوب، يستحضر حبشي مرجعيّاتٍ طالما تكرّرت قبل غزّة وبعدها، "كنّا نطالب بتطبيق القرار 1701 قبل حرب غزّة وقبل حرب الإسناد التي افتعلها حزب الله وورّطت لبنان. القرار 1701 لا يقتصر على الجنوب وحده، ولم يطبّق كما يجب. وعندما طالبنا به وبالقرار 1559 لم تكن حرب غزّة قد اندلعت. هذا ملفٌّ داخليٌّ لبنانيٌّ لا علاقة له بما يريده الخارج. نقيس خياراتنا انطلاقًا من واقعنا، منذ 2006 إلى اليوم جرّ السّلاح خارج الدّولة الويلات بلا فائدة. وإذا كان التّمسّك به لأغراضٍ داخليّة، فحريٌّ بنا، درءًا للحروب الأهليّة، أن يجمع هذا السّلاح وتبسط الدّولة سيادتها على كامل أراضيها".

"الدّولة أو لا دولة"، اختبار الشّارع والمؤسّسات

يبقى امتحان "اليوم التالي" داخليًّا بامتياز. فحتّى لو وقّعت تفاهماتٌ على الحدود، ستولد أسئلةٌ من قبيل، كيف نضمن أمن مجتمعٍ تربّى على منطق "الحماية"؟ كيف نعيد تعريف "الكرامة الوطنيّة" من دون شعاراتٍ فارغة؟ وكيف نرمّم ثقة النّاس بمؤسّساتٍ تطالبهم بتسليم سلاحٍ مقابل رواتب متآكلةٍ وخدماتٍ منهارة؟

بعد غزّة، لن يبقى شيءٌ على ما كان عليه. هذا ليس تهويلًا بل توصيفٌ لزمنٍ جديد. لبنان أمام فرصةٍ تضاهي الخطر، يمكن أن يخرج من "اقتصاد الحرب" إلى "اقتصاد الرّبط"، ربط المرافئ والمرافق والطّاقة، شرط أن يحسم هويّة الممسك بقرار الحرب والسّلم. ويمكن أن يسقط في عزلةٍ تستدعي جولةً أشرس من المواجهة، يدفع فيها اللّبنانيّون مرّةً أخرى ثمن ما لم يقرّروا.

 

آخرهم نصرالله: موت المشاريع السياسية الكبرى بمقتل زعمائها

إيلي الحاج/المدن/14 تشرين الأول/2025

ماذا سيبقى من المشروع السياسي لـ"حزب الله" بعد غياب قائده الكاريزميّ، الأمين العام السابق حسن نصرالله، في ظروف شديدة القسوة؟ يبدو السؤال ملحّاً عندما يندرج في سياق محاولة لتبيان المسار المستقبلي المحتمل لهذا الحزب، بناءً على تجارب ومشابهة ومصائر قادة غابوا جميعاً - يا للمفارقة - بأسلوب عنيف أو غير طبيعي، وانطوت معهم أحلام تغيير متناقضة ومتعددة الاتجاهات. مفارقة أخرى ترقى إلى مستوى القاعدة، هي أن القادة الكبار في مرحلة ما بعد حرب 1975 نسجوا علاقات تجاوزت حدود لبنان. جميعهم حمّلوا الوطن مشاريع وتطلعات تفوق قدرته على التحمّل، وكانت لهم أدوار بالغة الأهمية في تغيير موازين القوى، كلٌّ في المرحلة التي عاشها وطبع بصمته فيها.

كمال جنبلاط: "المُعلّم" والمشروع المجهض

"المُعلّم" كمال جنبلاط هو أول اللاعبين الكبار. اغتيل مشروعه السياسي وهو على قيد الحياة، عندما اقتحم حافظ الأسد المشهد بدباباته التي عبرت بوابة المصنع في 1976، قبل أن يغتاله جسدياً في آذار 1977. كانت فئات متنوعة من اللبنانيين، كبيرة نسبياً، تتململ وتسعى إلى ثورة على النظام كلٌّ لأسبابها؛ يسارية، وعروبية ناصرية وبعثية، وإسلامية. وضعها جميعها "المعلم" تحت عباءته الواسعة وقادها في ثورة مطالب وحقوق إصلاحية. بالكاد استطاع، مع المُنظِّرين الذين تحلَّقوا حوله وتظلّلوا بزعامته، وأبرزهم محسن إبراهيم وجورج حاوي، أن يوفِّق بين متناقضاتها في ما عُرف بـ"البرنامج المرحلي للأحزاب والقوى الوطنية والإسلامية". إلا أن حركة الظروف والأقدار كانت أسرع. بخلاف الشخصيات القيادية الأخرى التي شهد اللبنانيون صعودها ورحيلها المفجع، لم يرَ كمال جنبلاط شيئاً من مشروعه يتحقق في أيامه. مختصر المشروع داخلياً: سيطرة أطراف "الحركة الوطنية" على الدولة اللبنانية برئاسة جنبلاط وبالتحالف مع "منظمة التحرير الفلسطينية". بالطبع، تحت شعارات إلغاء الطائفية السياسية، وبناء دولة اشتراكية علمانية تتبنى الإصلاح الجذري وتوزيع الثروة، وتتجاوز النمط التقليدي للزعامات الإقطاعية والطائفية. بالتبسيط، يمكن أيضاً النظر إلى المشروع من زاوية أنه عملية انتقال للسلطة من اليمين المسيحي الذي سُمّي انعزالياً خلال الحرب إلى الطرف الإسلامي العروبي-اليساري بقيادة كمال جنبلاط.

على المستوى الخارجي: كان المشروع يتمثل في فتح الحدود اللبنانية الجنوبية للعمليات الفدائية الفلسطينية، وربط لبنان بما سُمّي لاحقاً "محور الصمود والتصدّي" والمعسكر الشرقي آنذاك. لفظ المشروع السياسي-العسكري أنفاسه الأخيرة بعد 5 أعوام عندما اجتاح جيش أرييل شارون لبنان حتى بيروت، وأخرج منها "منظمة التحرير الفلسطينية" في 1982. لم تشهد الجنبلاطية صراعاً على إرث "المعلّم" بفعل الضوابط الصارمة والتقاليد والعادات الخاصة بالطائفة. لكن الحزب بقيادة نجله وليد، تحوّل من تقدّمي اشتراكي جامع في تركيبته لشخصيات ومجموعات من كل لبنان، إلى حزب مدافع عن الطائفة وحدودها وحضورها ودورها. على هذا الأساس خاض الحرب والسياسة والسلم، ولا يزال. بعد 48 سنة على اغتيال كمال جنبلاط، أوقفت السلطات السورية الجديدة الرجل الذي أشرف على تنفيذ الجريمة، اللواء السوري إبراهيم الحويجي، ودعا الزعيم وليد جنبلاط إلى التوقف عن إحياء الذكرى السنوية، ما دام العدل قد أخذ مجراه.

موسى الصدر: "الإمام المغيَّب" وتجزُّؤ الإرث

الشخصية الكاريزمية الثانية، حسب التسلسل الزمني، هي الإمام موسى الصدر الذي انقطعت أخباره في ليبيا عام 1978، أي بعد ثلاث سنوات من اندلاع حرب لبنان. كان قد نجح في عمل دؤوب خلال الستينيات والسبعينيات في تأسيس كيان سياسي-اجتماعي وازن للشيعة. وساهم أسلوب تغييبه وإبقاء مصيره معلَّقاً مدة طويلة في استمرار جزء من مشروعه السياسي في حالة "انتظار" روحي، لكنه لم يمنع "توريث" العمل السياسي وتوزُّع الإرث. بنى الإمام الصدر مشروعه لإنهاء التهميش التاريخي لطائفته ورفعها من أسفل السلم الاقتصادي والاجتماعي، على دعامتين: "المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى" مرجعية دينية لها، وحركة "أمل" مرجعية سياسية وعسكرية. وضع نصب عينيه دمج الشيعة مواطنين في الدولة اللبنانية. كما أيّد القضية الفلسطينية بقوة وتحالف مع الفلسطينيين، لكنه عارض انتشارهم وأعمالهم العابرة للحدود التي كانت ترتد سلباً على أبناء الجنوب. باختصار، أراد للشيعة حاضراً ومستقبلاً أفضل، وللبنان دولة منسجمة مع العالم العربي. ولم يوالِ ثورة الإمام الخميني. تغييبه المفاجئ في ليبيا ترك فراغاً قيادياً وعقيدياً. صحيح أن المشروع لم يمُت بتغييب صاحبه، لكنه تجزَّأ وتحوَّل ليصبح إرثاً مُتنازعاً عليه، بدايةً داخل حركة "أمل"، ولاحقاً بين الحركة بقيادة الرئيس نبيه بري وبين "حزب الله"، الذي أخذ عن الإمام الصدر عنوان رفع الحرمان عن الطائفة ودمجه في إطار مشروع "ولاية الفقيه" والبُعد الإقليمي الإيراني. هكذا قدَّم الحزب نفسه وارثاً لـ"مشروع المقاومة" الذي نادى به الإمام المغيَّب، لكنه فصَل نفسه عن "الإطار الوطني" الذي تمسَّك به الصدر، ليصبح قوة عابرة للحدود. وبمرور الزمن والحروب، طوَّع الحزب الحركة وتنافسا على كسب القاعدة نفسها استناداً إلى مصدرين أساسيين: "الحزب" من دفق إيراني مالي وعسكري وتقني، والحركة من حساب الدولة اللبنانية. تُضاف إلى هذين المصدرين أموال مغتربين دعموا مشروع نهوض الطائفة وأصيبت غالبيتهم بنكسة نتيجة الانهيار المالي. بعد "حرب إسناد غزة" عادت أسهم رئيس حركة "أمل" نبيه بري إلى الصعود داخلياً وعربياً ودولياً في مقابل هبوط وزن "الحزب"، فيما "الثنائي الشيعي" يواجه مجتمِعاً أقسى أزمة عرفتها الطائفة في التاريخ الحديث بفعل تراكم نتائج الحرب وأيضاً سياسات عزلت الحركة والحزب عن العرب وعن بقية فئات المجتمع اللبناني، وحاصرتهما سياسياً في موقع صعب. صار التعامل معهما - بخلاف ما أراده الإمام الصدر للشيعة - باعتبارهما السلطة صاحبة القرار التي حكمت بمزيج من الرعونة والجشع والأوهام الغيبية وقلة التبصُّر والتحالفات الخارجية، أوصلت لبنان إلى دمار شامل. بعد 47 عاماً على تغييب الإمام الصدر، يمكن القول براحة ضمير إن مشروعه غُيِّب معه. وحتى الاهتمام بمصيره الشخصي تراجع إلى درجة عدم الاكتراث لمضمون تقرير "بي بي سي-عربي" الصادم عن احتمال وجود جثمانه محفوظاً داخل ثلاجة في ليبيا، والاكتفاء برمي نجل القذافي هانيبال عشر سنوات وأكثر في السجن انتقاماً، من دون تهمة ولا محاكمة.

بشير الجميّل: "الرئيس الشهيد" والعهد القصير

الشخصية الكاريزماتية الثالثة التي غابت عنفياً هي الرئيس بشير الجميّل. كان صعوده الأشد ضجيجاً والأقصر عمراً، فلم يُتَح التعرف عليه رئيساً للجمهورية إلا بالتلمُّس خلال 21 يوماً، وهي المدة الفاصلة بين انتخابه واغتياله في 1982. يمكن اختصار مشروعه السياسي بلبنان دولة على النمط الغربي، لا مكان فيها للفساد، وخارج النفوذ السوري. مع أرجحية في القرار للمسيحيين بحكم وجوده على رأس الدولة، ولكن مع مراعاة بحساسية عالية للمسلمين من ضمن التوجه العام الذي رسمه في خطاباته الأخيرة، وأساسه أن لبنان لجميع أبنائه على قدم المساواة، وأن المسيحيين فيه لن يعودوا مرة أخرى عرضة لتهجيرهم في بلادهم ودفعهم إلى الهجرة منها والتخلي عن دورهم في الدولة. أما في السياسة الخارجية فكان بشير الجميّل ذاهباً بوضوح، على غرار مصر، إلى سلام مع دولة إسرائيل التي أنقذت طائفته من مصير الدامور والعيشية وسواهما في مرحلة مغالاة التنظيمات الفلسطينية، إلى درجة إطلاق "أبو إياد" عبارة "الطريق إلى فلسطين تمرّ في جونية". عبارة حفرت عميقاً في وجدان المسيحيين الذين تحوّلوا بغالبيتهم مناصرين لـ"الجبهة اللبنانية" ونجمها القائد الشاب الذي أزال لاحقاً جميع منافسيه من أمام صعوده. باغتيال بشير الجميّل، ضُرب الركن الأساس في مشروعه السياسي، وبان بوضوح أنه قائم إلى حد بعيد على شخصيته التي لا تهاب التحدي والمجازفة والأثمان الباهظة. انتقلت الرئاسة والقيادة إلى شقيقه أمين الذي لم يكن من فريقه وتوجهاته وطريقة تفكيره وأسلوبه في اتخاذ القرار. بالتزامن، تعرَّض عهده لضغوط ضخمة من الخارج بقيادة محور واسع سوفياتي-سوري-إيراني، وداخلياً من الفريق المتحالف مع ذلك المحور، كما من الذين نازعوه على إرث بشير السياسي والشعبي في الكتائب و"القوات"، ولاحقاً "التيار العوني"، الذي مارس من خلاله الجنرال ميشال عون سياسة مناقضة كلياً لنهج بشير، قائمة على الوصول إلى السلطة بأي وسيلة، بعدما أسقط في السنوات الأخيرة من الحرب "فيدرالية أمر واقع" كان فرضها بشير الجميّل وعزَّزها سمير جعجع بين 1985-1990، إذ خيَّر ميشال عون المسيحيين بين الدولة و"الدويلة"، الشرعية أو السلاح غير الشرعي، فاختار معظمهم الدولة والسلاح الشرعي.

وبعد حربي 1989-1990 الفاشلتين، فضلاً عن "حروب أهلية" سابقة بين رفاق السلاح في "القوات" والكتائب، لم يتبقَّ من مشروع بشير سوى مبادئ عامة يستشعرها من أيَّدوا مشروعه المزدوج للبنان والمسيحيين فيه، أو لأحد شِقَّي المشروع الذي لم تتضح معالمه تماماً. إلّا أن اسم الرجل وصورته لا يزالان يثيران العواطف في بيئته السياسية ويستخدمان في المناسبات الحزبية والانتخابية لشحذ الهمم وكسب الأصوات.

رفيق الحريري: "الرئيس الشهيد" ومشروع السلام والإعمار

على نقيض من سبقوه في الغياب العنيف، حضرت الشخصية الكاريزماتية الرابعة، الرئيس رفيق الحريري، إلى عالم السياسة اللبنانية بقوة السلام. كان مهندس "وثيقة الوفاق الوطني- الطائف" وممثل إرادة دولية-عربية في إنهاء حروب لبنان الطويلة وإعادة إعماره. لكن دخوله حلبة السياسة اصطدم بواقع تلزيم تطبيق اتفاق الطائف إلى سوريا بقيادة الرئيس حافظ الأسد الذي كان في عز مجده. وحملت الواقعية السياسية رفيق الحريري على مجاراة التيار لقاء إطلاق يده في ورشة الإعمار. فكانت مسيرته أليمة مع "وكلاء نظام الأسد" في لبنان آنذاك، الذين تفنَّنوا في وسائل ابتزازه في الصغيرة والكبيرة، وأرهقوه في السياسة والشارع، ولا سيما الركن الثاني في الدولة رئيس حركة "أمل" نبيه بري، وحليفه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي كان يتعامل معه "على القطعة".

أما "حزب الله" فانصرف، مدعوماً من إيران وسوريا، إلى بناء أنفاق حرب يُحتمَل على الدوام أن يندفع إليها في أي وقت، في موازاة اندفاع الحريري إلى بناء أنفاق السلام وجسوره وطرق التواصل الواسع والسريع بين اللبنانيين وإنشاء المباني والمؤسسات وترميم الدولة، على أمل ربيع سلام للمنطقة منتصف التسعينيات كما كان يتوقع. بعد ذلك، أخذ مشروعه الإعماري يتعثر ومشروعه السياسي المرتكِز على "اتفاق الطائف" يصطدم يومياً بإرادة الغلَبة لفريق على فريق في غياب مسيحيين ذوي تمثيل قوي يساندونه، واصطدم بمطبَّات جشع بلا حدود خففت زخمه، لتبدأ من 1998 جلجلته مع انتخاب إميل لحود رئيساً للجمهورية وخلفه بشار الأسد وفريقه في دمشق وبيروت.

كان رفيق الحريري يبني ويُعلِّم ويكرِّس ثقافة الانفتاح، و"حزب الله" يشعل حروباً ويُعلي من قدر العصبية المذهبية. نموذجان متناقضان تماماً انتهى نزاعهما بنسف موكب "الرئيس الشهيد" ذات 14 شباط 2005. وصار رمزاً ليس لسُنَّة لبنان فحسب -وقد رأوا فيه قائداً محبوباً كريم النفس يعتزون به ويرفع دورهم ومكانتهم في إدارة لبنان- بل أيضاً لجمهور كبير متنوع من اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين ودروزاً، التقوا في 14 آذار وشَتَّتَتْهم الحسابات والمصالح الحزبية لاحقاً، غير أنهم لا يزالون -لو اجتمعوا- القوة الشعبية والسياسية الأكبر في لبنان.

قام مشروع رفيق الحريري بالتقاء سعودي، خليجي عموماً، وغربي فرنسي، لا سيّما بوجود صديقه الرئيس جاك شيراك في الرئاسة، على النهوض بلبنان القائم على التعايش بين فئاته كافة والاقتصاد القوي الجاذب والموحِّد لأبنائه، وأيضاً جذب الاستثمارات للمشاركة في مشاريع الإنشاءات والتطلعات الضخمة. سقط هذا المشروع ليس فقط باغتيال حامله الرئيس الشهيد، بل أيضاً بضربات ارتدادية على نجله الرئيس سعد الحريري وتياره "المستقبل" ومؤسساته تباعاً، وانقلاب المعادلة رأساً على عقب، مما أدّى إلى خروجهما من حقل العمل السياسي -حتى اليوم- لتبقى "الحريرية" قوة كامنة في النفوس وقوة انتخابية قادرة، لو سمحت الأوضاع اليوم، على إيصال 18 نائباً تقريباً إلى برلمان 2026. يعني ذلك أن "الحريرية" باقية بالرغم من غياب الرمز ووارثه. وأنها إرث عاطفي ماثل، أما المشروع السياسي فأمر آخر.

حسن نصرالله: مشروع "الولي الفقيه" ومستقبل الحزب

الشخصية الكاريزماتية الخامسة التي غابت اغتيالاً، السيد حسن نصرالله، يختلف عمّن سبقوه بأنه ليس المؤسس في تنظيمه، ثمّ بأنه لم يحمل مشروعاً خاصاً به يختمه باسمه. منذ بدايته، حدَّد نطاقه بأنه جندي في خدمة مشروع "الثورة الإسلامية" في إيران. يمكن الحديث تالياً عن المشروع السياسي لـ"حزب الله" في لبنان وليس لنصرالله، من دون الوقوع في مغالطة أن غيابه لم يهزّ هذا المشروع في العمق، لا بل شكَّل نصف أسباب هزيمة الحزب في "حرب إسناد غزة". النصف الآخر يعود إلى التفوق الإسرائيلي العسكري والتقني والاختراقات وسواها.

ويمكن توقع أن لا شيء ولا أحد سيستطيع أن يخفف على المفجوعين باغتيال نصرالله وقع غيابه، ويحملهم على فك الحداد العاطفي والسياسي عليه بمرور زمن قريب.

يمكن القول مجازاً إن ذكرى عاشوراء، ولمدة طويلة، ستمرّ بهم مرتين في السنة، إحداهما في 27 أيلول. وإنهم ما زالوا في حال إنكار لما حدث، خصوصاً أن طَبْع شهدائهم ومن عاونوه نجحوا في إدخال عبادة القائد إلى أعماق الحزبيين وبيئاتهم العائلية والمناطقية بموهبته الخطابية وشخصيته الاستثنائية في نظر من أحبوه ووالوه وصدَّقوا كل كلمة قالها من دون إمرارها بالعقل والمنطق والنقد. إلا أن النتيجة العملية كانت كارثية على هذه البيئة في شكل خاص. تصديقها أن العدو إسرائيل أوهى من خيوط العنكبوت، على سبيل المثال، وأنها لا تجرؤ على استفزاز "حزب الله" لأنه قادر على تدميرها في 7 دقائق، وتحرير الجليل ثم القدس وبقية فلسطين، كان أقصر طريق إلى الهزيمة المهولة. ما هو مستقبل المشروع السياسي لهذه الجماعة في لبنان بعد اغتيال نصرالله، وموافقة قيادة الحزب على أغرب اتفاق استسلام في تاريخ الحروب: منح العدو الحق في ضرب أي منشآت واغتيال أي كادر أو عنصر في الحزب من دون أن يكون العدو قد خرق وقف النار، بينما لا يحق للحزب في المقابل بأي رد تحت طائلة اعتباره مبادراً إلى خرق الاتفاق؟

الجواب في صياح أنصار الحزب "هيهات منّا الذلّة"، مستعيدين صورة نصرالله وخليفته على صخرة الروشة وفي القلوب. هكذا على المدى المنظور، لم يعد أمام من تبقى من قيادة الحزب سوى الإنكباب على محاولة طمأنة الناس الذين فقدوا أبناءهم وقراهم وأرزاقهم إلى أن الفرج آتٍ وعليهم التمسك بالصبر. وفي السياسة، يُحضِّرون لتأكيد استمرار تفرُّدهم في قيادة الطائفة مع حليفتهم حركة "أمل" برئاسة نبيه بري من خلال انتخابات مجلس النواب المقبل، 27 على 27، على غرار ما فعلوا في الانتخابات البلدية. لكن المستقبل لا يبدو مشرقاً حتى لو نجحوا في إمرار الاستحقاق النيابي، فسيكون عليهم تقديم المزيد من "التنازلات" كل يوم إلى الدولة اللبنانية، التي ما كانوا يقيمون لوجودها حساباً، تحت وطأة الضغط الإسرائيلي والدولي، متخلِّين تدريجاً عن مخازن أخرى للأسلحة والذخائر والأنفاق المخبوءة، على أمل تزداد صعوبة تحققه بمرور الزمن في وصول دعم مالي وعسكري من إيران، في ظل معجزة سياسية مستحيلة عملياً ومن خارج صندوق التوقعات، تتمثل في اتفاق يهبط من السماء بين إدارة ترامب وقيادة الخامنئي، بما يتيح للحزب ترميم قدراته العسكرية والتعافي فعلياً وليس كلامياُ كما يحصل. بغير ذلك، سيكون "حزب الله" على المدى المتوسط والبعيد عرضة لخلافات ونزاعات داخلية أقوى من قدرات الأمين العام نعيم قاسم الضعيفة، تماماً كما حصل قبله في حركة "أمل" وحزبي الكتائب و"القوات". ويزيد الصورة قتامة أن إيران تعيش هي أيضاً أسوأ أوضاعها، ويبدو ما بقي من عمر نظامها ومرشدها قصيراً.

بناءً على كل ما سبق، الجواب هو نعم: يموت المشروع السياسي في لبنان بموت صاحبه.

 

"كاوبوي السلام" يفتتح الشرق الأوسط الجديد: كلّ شيء لإسرائيل!

منير الربيع/المدن/14 تشرين الأول/2025

بثقة كبيرة ينظر الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى نفسه. ربما يتملّكه شعور بتقديم نسخة محدّثة عن الكاوبوي، بما يتجاوز تصوير الشجاعة أو الثقة إو الإقدام، أو حتى المغامرة للانتقال إلى مرحلة الفتوحات. فترامب لا يتوانى عن الحديث حول فتح عصر جديد في منطقة الشرق الأوسط، ليبدو وكأنه فاتح "العصر الإسرائيلي ومكرّسه". وهو ما يتجلى في كلامه من على منبر الكنيست. تحدث بوضوح عن حجم الدعم الأميركي الذي جرى تقديمه إلى الإسرائيليين، وفي الوقت نفسه، وجه التحية إلى الجنود الأميركيين، الذين لولاهم لما تحقق ما يصفه بالانتصارات الإسرائيلية. إنه فجر الشرق الأوسط الذي يريد ترامب أن يشقّه بعصاه، يتلاءم تماماً مع رؤية إسرائيل إلى المنطقة ومصلحتها. في الكنيست شرح وفصّل العناوين العريضة لمضمون خطته التي ذهب إلى شرم الشيخ واجتمع برؤساء دول عربية، إسلامية وأوروبية لدفعهم إلى التوقيع عليها.

دمج المنطقة ضمن الرؤية الإسرائيلية

رؤيته التي سعى إلى فرضها في قطاع غزة على إسرائيل وحركة حماس وكل دول الجوار، يريد لها أن تتعمم على دول المنطقة، وأهمها سوريا ولبنان، فهو تحدث بوضوح عن توسيع مسار الاتفاقات الإبراهيمية أو مسارات السلام كي تضمن إسرائيل عيشها بسلام إلى جانب جوارها. وفي ذلك استعادة لطروحاته السابقة أو طروحات غيره من الإدارات الأميركية حول دمج إسرائيل في المنطقة. لكن الفارق، بعد الحرب الواسعة التي شنتها تل أبيب في السنتين الماضيتين، هو أن المسعى أصبح دمج المنطقة ضمن رؤية إسرائيل ومصلحتها. ولذلك وجه ترامب رسائله العلنية، والتي سبقتها رسائل أخرى غير علنية، إلى كل الدول المعنية، وعلى رأسها إيران التي قال إن فرصتها قائمة للوصول إلى اتفاق. وما يقصده حتماً يرتبط بإبرام اتفاق بناء على الشروط التي تفرضها واشنطن، من خلال دفع طهران إلى التخلي عن تخصيب اليورانيوم نهائياً، ووقف برنامج صناعة الصواريخ البالستية وتطويرها، ووقف دعمها للحلفاء في المنطقة.

مصالح التقسيم و"التصغير" لسوريا

مع سوريا، سيضغط ترامب لتجديد التفاوض بينها وبين إسرائيل، إذ إن المسار تعثر في الفترة الماضية لأسباب عديدة، أبرزها رفض الرئيس السوري أحمد الشرع لقاء نتنياهو في ظل الحرب على غزة، وبسبب الشروط الإسرائيلية القاسية، ومنها استمرار سيطرة إسرائيل على نقاط استراتيجية داخل الأراضي السورية، والإصرار على فتح ممر أمني أو انساني في اتجاه السويداء، مع ما يعنيه ذلك من خسارة سوريا لسيادتها على مساحات أساسية من جغرافيتها، ويفسح في المجال أمام وصل هذا الخط من الجنوب السوري بشمال شرق البلاد. لكن الشروط الإسرائيلية تجاه سوريا واضحة وهي خلق منطقة عازلة في الجنوب وخالية من السلاح، إضافة إلى دفع دمشق للقبول بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، مع الإشارة إلى أن نتنياهو وجه شكراً لترامب على اعترافه بهذه السيادة. في المعنى الاستراتيجي ليس من مصلحة إسرائيل أن تبقى سوريا موحدة بهذه المساحة الجيوستراتيجية، لا بل إن المصلحة الإسرائيلية تتجلى في تقسيم سوريا أو تصغيرها من خلال خلق كيانات ذاتية أو موازية، أو جعلها في حالة شرذمة دائمة.

المسار الجديد لا يدور إلا حول إسرائيل

لبنان كذلك، يجد نفسه معنياً بشكل مباشر بهذه الرؤية الأميركية، لا سيما أن ترامب تقصّد تمرير دعوته المباشرة للبنانيين للدخول في مسار السلام، علماً أن رسائل غير علنية وغير رسمية كان قد تلقاها المسؤولون اللبنانيون حول ضرورة الذهاب نحو تفاوض مباشر مع إسرائيل ولو على المستوى السياسي، وهذا الضغط سيتزايد في المرحلة المقبلة، وقد يبلغ حدود التصعيد العسكري لدفع لبنان إلى الاقتناع بما هو مفروض عليه. ذهب ترامب أبعد من ذلك عندما تحدث عن حيفا وبيروت، في معرض حديثه عن الروابط التجارية التي يريد إنشاءها بين إسرائيل وسوريا، وبينها وبين الدول الأخرى في المنطقة، وكأنه يشير ضمنياً إلى أن المسار الجديد في المنطقة لا بد أن يدور أمنياً وسياسياً واقتصادياً حول إسرائيل، مع تركيز الاهتمام على الجوانب الاقتصادية للتغاضي عن الصراعات السياسية أو الايديولوجية، وهو ما يتطابق تماماً مع رؤية مبعوثَيه إلى المنطقة ستيف ويتكوف وتوم باراك.

مفاوضات في قلب النار

يسعى ترامب إذن إلى فرض مساره للسلام على المنطقة، وهو ما طرحه في قمة شرم الشيخ، علماً أن الدول العربية والإسلامية والأوروبية شددت على أهمية مبادرة السلام العربية أو حلّ الدولتين الذي يرفضه نتنياهو بالكامل. يريد للبنان وسوريا أن يكونا مشمولين بهذا المسار إلى جانب الدول الأخرى. لكن سوريا دخلت في طريق التفاوض المباشر، وأما لبنان فلا يزال يتمنّع، علماً أن الضغوط عليه تتزايد، وهي التي دفعت رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى استحضار مسألة التفاوض والعودة بالذاكرة إلى التفاوض حول ترسيم الحدود البحرية. لكن ما لا يريده لبنان هو الاتجاه إلى التفاوض تحت النار والاحتلال، فيما إسرائيل تصر على عقد المفاوضات تحت قوة النار وقبل انسحابها من الأراضي التي تحتلها. وهي تواصل عملياتها وتهدّد بتصعيدها إذا لم يستجب لبنان لشروطها.

 

نهاية حلف الأقلّيات وأوهام استِنهاضه!

زياد الصائغ/المدن/13 تشرين الأول/2025

شهدَ الشرقُ الأوسطُ خلالَ العقودِ الخمسينَ الأخيرةِ نشوءَ ما يمكنُ تسميتُهُ بـ"حلفِ الأقلياتِ"، وهو تحالفٌ غيرُ معلنٍ، تشكّلَ على قاعدةِ تبادلِ المصالحِ بينَ أنظمةٍ ثيوقراطيةٍ (دينيةِ الطابعِ) وأنظمةٍ ديكتاتوريةٍ (عسكريةٍ أو أيديولوجيةٍ). كانَ الرابطُ بينَ الطرفينَ الخوفَ المتبادلَ منَ التحولِ الديمقراطيِّ ومن صعودِ الأكثرياتِ الشعبيةِ بما تحملُ من نزعةٍ إلى المشاركةِ والمساءلةِ. هذا الحلفُ لم يتأسسْ على قيمٍ أو مبادئَ مشتركةٍ، بل على هواجسَ وجوديةٍ ومصلحيةٍ. فالثيوقراطياتُ كانتْ ترى في الأنظمةِ المستبدةِ ضمانةً لاستمرارِ نفوذِها الطائفيِّ أو المذهبيِّ، فيما وجدتِ الديكتاتورياتُ في توظيفِ الأقلياتِ وسيلةً لضبطِ المجتمعاتِ وإدامةِ حكمِها باسمِ “حمايةِ التنوعِ". تجسدتْ هذه المنظومةُ في تلاقي أنظمةٍ مثلَ النظامِ الإيرانيِّ ذي المرجعيةِ الدينيةِ مع أنظمةٍ عربيةٍ سلطويةٍ، وأحيانًا في تواطؤاتٍ إقليميةٍ ودوليةٍ سمحتْ بتحويلِ مفهومِ “الأقلياتِ” إلى أداةٍ سياسيةٍ. وهكذا، تحوّلَ الدفاعُ عنِ الهوياتِ الفرعيةِ إلى ذريعةٍ لقمعِ الهوياتِ الوطنيةِ الجامعةِ، مما أجهضَ فرصَ بناءِ الدولةِ المدنيةِ الحديثةِ، ورسّخَ الانقساماتِ على حسابِ فكرةِ المواطنةِ المتساويةِ.

كانتْ نتائجُ هذا الحلفِ مدمّرةً على المستويينِ البنيويِّ والإنسانيِّ في الشرق الأوسط. فبدلَ أن تُشكّلَ الأقلياتُ عنصرَ غنىً ثقافيٍّ ودينيٍّ، تحوّلتْ إلى مادةِ صراعٍ وإقصاءِ، بفعلِ توظيفِها في مشاريعِ السلطةِ. أدّى ذلكَ إلى تآكلِ الدولةِ الوطنيةِ، إذ استُبدلتِ الولاءاتُ العامةُ بولاءاتٍ فئويةٍ، وصارَ معيارُ الانتماءِ هو الهويةُ الطائفيةُ لا الكفاءةُ أو المواطنةُ. انهارتْ منظوماتُ العدالةِ والشفافيةِ، وغرقتِ المجتمعاتُ في الفسادِ والعنفِ، وتحوّلَ الجيشُ والأمنُ إلى أدواتٍ لحمايةِ السلطةِ لا لحمايةِ الشعبِ. كما تسبّبَ هذا الحلفُ في تفكّكِ المجتمعاتِ منَ الداخلِ، وفي تهجيرٍ واسعٍ للسكانِ على أسسٍ دينيةٍ أو مذهبيةٍ، كما حدثَ في العراقِ وسوريا واليمنِ. أمّا على المستوى الفكريِّ، فقد ولّدَ التحالفُ بينَ الديكتاتوريّةِ والتعصبِ الدينيِّ ثقافةَ الخوفِ، وأضعفَ النخبَ المدنيةَ، وأخّرَ نشوءَ طبقةٍ سياسيةٍ ديمقراطيةٍ قادرةٍ على إدارةِ التنوعِ. النتيجةُ النهائيةُ كانتْ إنتاجَ شرقٍ أوسطَ منهكٍ، عاجزٍ عنِ التطورِ الاقتصاديِّ والاجتماعيِّ، تهيمنُ عليهِ العصبياتُ وتُغيّبُ عنهُ فكرةُ العقدِ الاجتماعيِّ المتوازنِ الذي يؤمّنُ المساواةَ ويضمنُ الحقوقَ.

تبدو المرحلةُ الراهنةُ بدايةَ انهيارِ هذا الحلفِ التاريخيِّ. فمعَ التغيراتِ العميقةِ التي شهدتْها المنطقةُ، من انتفاضاتِ الربيعِ العربيِّ إلى التحولاتِ في المواقفِ الدوليةِ، بدأ التوازنُ الذي جمعَ بينَ التطرفِ الدينيِّ والديكتاتوريّةِ يتفككُ. لم يعدْ منَ الممكنِ تبريرُ القمعِ باسمِ حمايةِ الأقلياتِ، كما لم تعدِ الثيوقراطياتُ قادرةً على احتكارِ الدينِ وتوظيفِهِ في خدمةِ السلطةِ. لقد كشفَ الواقعُ أنَّ الأنظمةَ التي بنتْ شرعيتَها على ثنائيةِ “الحمايةِ مقابلَ الولاءِ” لم تعدْ قادرةً على إنتاجِ الأمنِ أوِ الاستقرارِ. سقطتِ الأسطورةُ التي جمعتِ المستبدينَ ورجالَ الدينِ المتطرفينَ في خندقٍ واحدٍ، لأنَّ الشعوبَ باتتْ تدركُ أنَّ كليهما يحولُ دونَ قيامِ الدولةِ الحديثةِ. كما أنَّ التحولاتِ الإقليميةَ والدوليةَ، بما في ذلكَ إعادةُ ترتيبِ أولوياتِ القوى الكبرى، تُضعفُ شرعيةَ هذا الحلفِ الذي عاشَ على معادلةِ “الفوضى المنظمةِ". إنَّ ما نشهدُهُ اليومَ هو نهايةُ حلفٍ هشٍّ، فقدَ وظيفتَهُ التاريخيةَ، ولم يعدْ قادرًا على الاستمرارِ في ظلِّ صعودِ الوعيِ الشعبيِّ بمفهومِ المواطنةِ والكرامةِ والعدالةِ الاجتماعيةِ.

يُعدُّ انتصارُ فكرةِ قيامِ الدولةِ الفلسطينيةِ مدخلًا استراتيجيًّا لبدايةِ حلٍّ أوسعَ في الشرقِ الأوسطِ، لأنَّ جوهرَ الصراعِ في المنطقةِ إرتبطَ تاريخيًّا بغيابِ العدالةِ للشعبِ الفلسطينيِّ. إنَّ قيامَ دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلةٍ وذاتِ سيادةٍ لا يعني فقطْ إنصافَ الفلسطينيينَ، بل يعني أيضًا إسقاطَ منطقِ الهيمنةِ والعنفِ الذي غذّى حلفَ الأقلياتِ لعقودٍ. إنَّ تحقيقَ هذا الهدفِ يفتحُ البابَ أمامَ إعادةِ بناءِ العقدِ الاجتماعيِّ في المنطقةِ على قاعدةِ المساواةِ والمواطنةِ لا الهوياتِ الفرعيةِ. فقيامُ الدولةِ الفلسطينيةِ سيعززُ فكرةَ “الحقوقِ المتساويةِ للشعوبِ”، ويكرّسُ منطقَ القانونِ الدوليِّ بدلَ منطقِ القوةِ، ما يشكّلُ مقدمةً لإعادةِ الاعتبارِ للشرعيةِ والمؤسساتِ في سائرِ الدولِ. وبالموازاةِ، يصبحُ خيارُ المواطنةِ الحاضنةِ للتنوعِ هو النموذجَ القادرَ على إنقاذِ المجتمعاتِ منَ الانقسامِ والتطرفِ. فالمطلوبُ هو مشروعُ دولةٍ مدنيةٍ ديمقراطيةٍ تحترمُ الخصوصياتِ دونَ أنْ تحوّلَها إلى جدرانِ فصلٍ، وتستوعبَ جميعَ المكوناتِ في إطارِ مؤسساتٍ ضامنةٍ للحريةِ والمشاركةِ.

لبنانُ، الذي طالما قدّمَ نفسَهُ نموذجًا للتنوعِ والتعدديةِ، هو اليومَ أمامَ اختبارٍ مصيريٍّ، إما أنْ يتحوّلَ إلى مختبرٍ للانهيارِ الكارثيّ الفوضويّ لحلفِ الأقلياتِ، أو إلى منصةٍ لإطلاقِ نموذجٍ جديدٍ في المنطقةِ يقومُ على المواطنةِ. لم يعدْ ممكنًا استمرارُ المعادلةِ القائمةِ على توازنِ الطوائفِ لا على دولةِ المؤسساتِ. المجتمعُ اللبنانيُّ باتَ يختنقُ تحتَ وطأةِ الزبائنيةِ الطائفيةِ والانقسامِ العموديِّ الذي يعطّلُ أيَّ إصلاحٍ حقيقيٍّ. مواكبةُ المسارِ الجديدِ في الشرقِ الأوسطِ تقتضي أنْ يباشرَ لبنانُ إصلاحًا جذريًّا في مفهومِ الحكمِ. الانتقالَ من نظامِ المحاصصةِ إلى دولةِ المواطنةِ الدستوريةِ، على أنْ يكرّسَ الحيادَ الإيجابيَّ، وأنْ يحرّرَ قرارَهُ الوطنيَّ منَ الارتهاناتِ الخارجيةِ، وأنْ يعيدَ بناءَ اقتصادِهِ على أساسِ العدالةِ الاجتماعيةِ. فقطْ عندَها يستطيعُ لبنانُ أنْ يستعيدَ رسالتَهُ كبلدِ التعدديةِ الحيةِ، لا كملاذٍ للانقساماتِ. إنَّ إعادةَ تأسيسِ الدولةِ اللبنانيةِ على قاعدةِ الدستورِ والمواطنةِ هيَ الطريقُ الوحيدةُ لكي يواكبَ لبنانُ التحولَ التاريخيَّ الجاري في الشرقِ الأوسطِ نحوَ تجاوزِ الطائفيةِ وبناءِ الدولةِ المدنيةِ الجامعةِ.إتّفاقُ الطَّائِف مَدخَلٌ مؤسِّس وبنيويّ. قيادة سياسيَّة جديدة ومتجدِّدة بدءًا من انتِخابات 2026 سياقٌ تراكميّ ضروريّ.

 

 عقائد عديدة والمضمون واحد

مصطفى علّوش/المدن/13 تشرين الأول/2025

لا يوجد تعبير أكثر صدقًا عن حال المجموعات السياسية، أو الأفضل القول السلطوية، في عالمنا سوى تصريح إبراهيم ماخوس، وزير خارجية سوريا أثناء حكم البعث ما قبل استيلاء حافظ الأسد على السلطة، بعد تنكيله برفاقه سنة 1970. وأقول مجموعات سلطوية ولا أقول أحزابًا، لأن سعيها للسلطة يتفوق على سعيها لتحقيق برنامج سياسي. كما أن صفة الزعامة أو رئاسة القبيلة تصح أكثر لكون تلك المجموعات ترتبط بأفراد يكون الحفاظ على سلطتهم، أو وجودهم، أهم بآلاف المرات من النصر والهزيمة، ويجوز من أجلهم استباحة أو التضحية بأرواح الناس ودمار بيوتهم.

إبراهيم ماخوس، الطبيب الماركسي العقائدي "زمط" من مخالب الأسد بلجوئه إلى الجزائر حيث عاد إلى مهنته، قال إنه ما هم إن دمرت المدن أو تم احتلالها، وما هم إن قتل الآلاف، لكن العدو فشل في إسقاط حزب البعث، معتبرًا أن حزبه هو القوة الوحيدة القادرة على قيادة الأمة نحو النصر!

اليوم ذهب البعث، واندثرت الماركسية ومات زعماء قبائل ظنوا أنهم باقون إلى الأبد، وظهرت مجموعات تأخذ من الدين غطاءً لسعيها إلى السلطة، مفترضة أن الإمعان في الابتعاد عن التقاليد الدينية والالتزام بشعارات علمانية كالماركسية أو الديموقراطية أم الليبرالية، هي سبب الهزيمة، ربما عقابًا من المولى عز وجل. هذه المجموعات لم تأت مع ذلك بجديد، فهي كلها تستند إلى منطق واحد، تحقيق حكم الله على الأرض عن طريق وكيل ما، يأمر فيطاع، ويدعو للمزيد من التضحية والاستشهاد. لكن عنوان النصر أو الهزيمة بقي واحدًا وهو أن "العدو هزم لأنه فشل في القضاء على جماعتنا" لأنها الوحيدة القادرة على قيادة "الأمة" نحو النصر المبين. وعلى الطريق، يتحول زعماء القبيلة إلى أشباه أنبياء، أو أولياء، ويصبح الأبناء فداءً لهم والبيوت المدمرة ذخيرة لسلطتهم، وعند موتهم تبنى لهم الصروح العظيمة كمثال خوفو وخفرع ومنقرع وأباطرة الصين وجنكيز خان ولينين... تتحول ضرائحهم إلى مزارات مقدسة، ومن ثم إلى معالم سياحية، وينسى الناس بعدها كم من الأرواح ضحي بها وكم من البيوت دمرت في سبيل "تخليد ذكرى" القائد أو الزعيم.

هذا بالضبط ما استند إليه قادة الصهيونية في دراسة عقليتنا في الاستمرار في إثم التضحية بالحياة والبيوت والأرض رغم الهزائم التي نتصورها انتصارات. ونعيد الكرة في النهج ذاته بالرغم من النتائج، مع قائد آخر وعقيدة أخرى على طريق هزيمة منتصرة أخرى، نخسر فيها المزيد من الأرواح والبيوت والمستقبل.

اليوم نحن أمام استحقاق جديد عسى أن نتعلم منه بأن الحياة أفضل من الموت وبأن الرهان على البناء أجدى من استدراج الدمار. وهنا، لا أريد أن أحرم غزة من بطولتها في الصمود أمام آلة الموت، لكن مظاهر الاحتفال في لحظة إعلان اتفاق غزة أكدت أن أهل هذا القطاع العظيم يريدون أن يأملوا بالحياة والاستمرار بالبناء فوق الدمار. صحيح أن رد الفعل المنطقي على سبعة عقود من الإذلال والاعتقال التعسفي والإهانة والاستيلاء على الأرض والحصار هو شيء يشبه السابع من تشرين. وربما، لو أتت الخواتيم بالنصر المبين، حتى ولو كان مستبعدًا، لكان تحول من نظم هذه العملية إلى أسطورة. لكن ما فات الجميع هو أن الوحش الصهيوني كان يعول على رد فعل مماثل، لا بل يسعى إليه لتسويغ توحشه. وهنا، لن ألجا إلى منطق توهم المؤامرات، رغم احتمالها، لكنني كنت دائمًا أقول بأن عقليتنا وحدها هي مؤامرة مستدامة.

الدرس الأهم الذي يجب أن نحمله من تجاربنا، في فلسطين ولبنان وسورية هو أن الحياة ليست منة من زعيم يسعى للخلود، وليست ملكًا جماعيًا للأمة أو العقيدة أو الأوهام، بل هي ملك فردي لا يحق التفريط به. فتجربة الموت لا تعني من يفقد حياته، بل من بقي حيًا ليندبه ويفتقد وجوده. كما أن البيت المدمر يعني الأحياء وليس الأموات، كما المدرسة والجامعة والمستشفى. فلا شيء سيعوض عن الأب والأم والشقيق والأبناء، وقد تتمكن الأطراف الصناعية من تعويض ما لساق بترت، لكن، ما الذي سيعوض عن اليد التي تبني والعيون التي تقرأ لتتعلم وتترك معلوماتها لمن يأتي بعدها بأن لا زعيم ولا عقيدة تستأهل التضحية من أجلها. هي اليوم فرصة تاريخية علينا جميعًا التعويل عليها والاستفادة من اندفاعة دولية نحو فلسطين، هي ذاتها تلك الفرصة التاريخية التي أسست للدولة العبرية منذ سبعة عقود. ولا شك أن لا إسرائيل المتطرفة في عنصريتها، ولا حماس التي تسعى لتأكيد بقائها وبأن التضحيات لم تذهب سدًا، ولا إيران التي بنت امبراطوريتها العربية على مظلومية فلسطين يريدون لهذه الفرصة أن تصبح تحولًا نوعيًا في طبيعة المواجهة، أي من الانتصار المبين إلى الحفاظ على المكتسبات، ولو ضئيلة، والبناء عليها.

 

المؤتمرات والندوات والبيانات والمقابلات والمناسبات الخاصة والردود

الرئيس عون: "لا بد من التفاوض" مع اسرائيل لحلّ المشاكل العالقة

ال بي سي/13 تشرين الأول/2025

أكّد رئيس الجمهورية جوزاف عون أنه "لا بد من التفاوض" مع إسرائيل بهدف حلّ المشكلات العالقة بين الطرفين، بالتزامن مع بدء تطبيق المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لانهاء الحرب في غزة. وقال عون، في تصريحات أمام وفد من الإعلاميين الاقتصاديين، وفق بيان عن الرئاسة: "سبق للدولة اللبنانية أن تفاوضت مع إسرائيل برعاية أميركية والأمم المتحدة، ما اسفر عن اتفاق لترسيم الحدود البحرية". وسأل: "ما الذي يمنع أن يتكرَّر الامر نفسه لايجاد حلول للمشاكل العالقة؟" وأضاف: "اليوم الجو العام هو جو تسويات ولا بد من التفاوض".

 

إقفال تنورين الملوثة وشركات مياه أخرى قيد الاختبار

مصطفى رعد/المدن/13 تشرين الأول/2025

أثار خبر إصدار وزارة الصحة قراراً بتوقيف العمل في شركة مياه تنورين، وسحب منتجاتها من السوق اللبناني، بسبب ثبوت تلوث في منتجات الشركة، عقب فحوصات أجراها مركز البحوث الصناعية في الجامعة اللبنانية، بلبلةً في أوساط المواطنين اللبنانيين الذين يعتمدون بالدرجة الأولى على شراء مياه الشرب المعبأة. وفي اتصال "المدن" مع وزير الزراعة د. نزار هاني، الذي وقع القرار بتكليف عن وزير الصحة، قال الأخير إنه "وقع الوثيقة بطلب مُلِحّ من وزير الصحة العامة ركان ناصر الدين الموجود في الخارج"، مضيفاً أنه "أُعطيت شركة تنورين مهلة 15 يوماً لتصحيح الخطأ الصحي". وأضاف هاني أن "القرار كان متخذًا من قبل، بعد إجراء فحوصات مخبرية لعدد من الشركات الخاصة بتوزيع المياه المعدنية الصالحة للشرب، وقد استُلمت العينات في 2 تشرين الأول 2025، وأُصدرت النتائج في 7  تشرين الأول".  هاني الذي لم يستبعد أن تكون هناك شركات أخرى مخالفة بعد إصدار النتائج المخبرية، قال: "الملف لدى وزير الصحة شخصيًا الذي يتابع الموضوع الصحي عن كثب". وتقول مصادر "المدن" إن هناك جامعة خاصة عملت قبل 10 أيام على جمع عينات من جميع الشركات الموجودة في السوق اللبناني، بدءاً من تنورين، نستله، صحة، 1750، اكوافينا، وغيرها من الماركات المحلية للتأكد من صحتها، كي يبنى على الشيء مقتضاه.

 

استعراض "حزب الله" الكشفي: القوة بالديموغرافيا.. والأجيال

المدن/13 تشرين الأول/2025

لم يكن التجمع الكشفي الذي نظمته "كشافة المهدي" التابعة لـ"حزب الله"، في مدينة كميل شمعون الرياضية في بيروت، تحت عنوان "أجيال السيد"، مجرد احتفال تربوي، بل استعراض للقوة البشرية، يحمل رسائل سياسية واجتماعية واضحة، وليس أقلها عرض المقدرات البشرية للحزب، التي لا تتوقف عند مناصرين أعداد الناخبين، بل تتجاوزها الى استعراض الأجيال. ويعد هذا الحدث الذي جَمَع أكثر من 74 ألف فتى وفتاة ضمن التشكيلات والفرق الكشفية، ثاني أكبر استعراض للقوة البشرية ينظّمه "حزب الله" خلال عام واحد، بعد التشييع الشعبي الواسع للأمينين العامين السابقين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين في شباط/فبراير الماضي. ويأتي هذا الحشد بعد الحرب وانتكاساتها العسكرية، وفي ظل ضغوط دولية على الحزب والدولية اللبنانية لتسليم سلاحه، وضغوط محلية من قبل خصومه، أثاروا في وقت سابق مسألة تمثيله السياسي، كما أثاروا فعالية إضاءة صخرة الروشة. وحاول الحزب في هذا الحشد الأخير، الإثبات الحزب ما زال يمتلك قدرة تنظيمية وجماهيرية قوية، تعكس متانة بنيته الاجتماعية والسياسية رغم التحديات المحيطة به. وحاول الدفع برسالة مفادها بأن شرعيته يأخذها من قوته الشعبية، ومن الأجيال التي تتعاقب تحت مسيرته، وعازمة على الاستمرار على الأقل، لجيلين مقبلين. ويُستدل الى ذلك بتغريدات ومنشورات مناصرين الذين سألوا في مواقع التواصل: "هل هذا الحشد يدل على ما يُقال إن حزب الله انتهى؟"  ورغم أن المناسبة بدت احتفالًا بذكرى تأسيس الجمعية، إلا أنها حملت رسائل سياسية واجتماعية متعددة، تؤكد أن حزب الله يسعى إلى تكريس صورته كقوة اجتماعية قادرة على الحشد والتعبئة، لا كتنظيم عسكري فحسب. تتعزز هذه السردية، بكلمة أمينه العام الشيخ نعيم قاسم الذي أشار إلى أن "المقاومة، بما عبّر عنه، هي خيار تربوي وأخلاقي وثقافي وجهادي وسياسي"، في إشارةٍ إلى كونها نهجاً متكاملاً يتجاوز الطابع العسكري. ورأى أن "الجيل الجديد هو من يحمل الراية ويواصل الطريق". ويُظهر الخطاب تركيز الحزب على فكرة "الأجيال" بوصفها الضمانة لاستمرارية مشروعه، حيث تُقدَّم التجربة كمسار تربوي وثقافي يُنقل عبر الأجيال، لا كفعل محدود بزمانه وظروفه. كما يأتي عرض "أجيال السيد" في لحظة سياسية واقتصادية معقدة تمرّ بها بيئة الحزب، وفي ظل غياب زعيمه الأبرز. لذلك، يحمل التجمع رسالة أخرى مفادها أنه نجح في إظهار تماسكه وقدرته على التعبئة والتنظيم، مما يوجّه رسالة داخلية وخارجية بأن حضوره الشعبي لم يتراجع، وأنه ما زال يمتلك أدوات الفعل والتأثير. منذ نشأته، راهن الحزب على المجتمع قبل الميدان. واليوم، يعيد تأكيد هذا النهج من خلال تحويل جمهوره العقائدي إلى مصدر قوة سياسية واجتماعية، قادرة على الاستمرار في أي ظرف. فـ "القتال بالديموغرافيا" بات يعكس فكرة الحزب عن ضرورات الاستمرار، حيث يصبح الحشد المنظّم والمجتمع المنضبط جزءًا من استراتيجيته الدفاعية والسياسية، وتحديداً في المعارك الداخلية، وفي مواجهة الضغوط الدولية، على قاعدة أن التهميش للحزب، هو تهميش لعشرات الآلاف، وأن الحزب ذاب في هذا المتمع، وتكامل معه. والفكرة الأخيرة، يستحيل أن تحظى برضى الطائفة الشيعية التي يواجه معارضو الحزب فيها، فكرة "الذوبان"، ويصرون على المسافة الضرورية عن الحزب كتشكيل عسكري أو حزب سياسي، وهي مسافة واقعية أيضاً، باعتراف الحزب نفسه عندما تستهدف إسرائيل المدنيين وممتلكات السكان في الجنوب والضاحية والبقاع وغيرها.. هذه المسافة، تثبتها نتائج الانتخابات النيابية التي تفيد بأن المقترعين للحزب، لا يتخطون الـ35%، فيما تحظى "حركة أمل" بنسبة قريبة، ويتقاسم النسبة الاخيرة معارضو "الثنائي" والمحايدون والنخب الشيعية.

 

سلام يشيد بجهود الوساطة.. وهيكل: الجيش محلّ إجماع اللبنانيين

المدن/13 تشرين الأول/2025

في موقفين مترابطين حول التطوّرات الأمنيّة والسّياسيّة، كتب رئيس الحكومة نواف سلام على منصّة "إكس" مهنّئًا "إخوتنا الفلسطينيّين في غزّة"، ومحيّيًا "الجهود الدبلوماسيّة الّتي بذلها الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب، وكلّ الدول الشقيقة والصديقة، لوقف هذه الحرب الّتي طالت كثيرًا وذهب ضحيّتها آلاف المدنيّين الأبرياء". وأعرب عن الأمل "في أنّ تُسهم قمّة شرم الشيخ في فتح أفقٍ جديد في المنطقة"، مؤكّدًا أنّ "الحكومة ملتزمةٌ مضمون إعلان وقف العمليات العدائيّة لشهر تشرين الماضي، وتعمل جاهدًة على بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتيّة، وعلى حصر السلاح"، ولافتًا إلى أنّ "البلاد ما زالت تتعرّض لاعتداءاتٍ إسرائيليّة شبه يوميّة". ودعا "الأشقاء والأصدقاء الإقليميّين والدوليّين إلى مشاركتنا العمل من أجل وقف هذه الاعتداءات، وانسحاب القوات الإسرائيليّة الكامل من الأراضي اللبنانيّة، ومساعدتنا في إعادة الإعمار، بما يُسهم ليس في استقرار لبنان فحسب، بل في استقرار المنطقة بأسرها".

هيكل: "الاعتداءات تمثّل تهديدًا مستمرًّا للبنان" تفقد قائد الجيش العماد رودولف هيكل قيادة لواء المشاة العاشر في بلدة كفرشخنا، زغرتا، حيث استمع إلى إيجازٍ عن الوضع العملانيّ في قطاع اللواء، والتقى الضبّاط والعسكريّين، مثمّنًا جهودهم واحترافهم في تنفيذ المهمّات، بخاصّة ضمن المناطق النائية وخلال الظروف المناخيّة القاسية. وأكّد هيكل أنّ "أمنَ لبنان مُصانٌ بفضل احتراف العسكريّين وصلابتهم وعزيمتهم، وإصرارهم على أداء الواجب عن قناعةٍ وإيمانٍ رغم صعوبة المرحلة الحاليّة"، مشدّدًا على أنّ "المؤسّسة العسكريّة تبقى محلَّ إجماعِ اللبنانيّين، وثقةِ الدول الشقيقة والصديقة، بفضل تفاني عناصرها". ولفت إلى "تمادي العدوّ الإسرائيليّ في اعتداءاته على المواطنين، واستهدافه الممتلكات والمنشآت المدنيّة، وآخرها في منطقة المصيلح جنوبًا"، مشيرًا إلى أنّ "هذه الاعتداءات تتسبّب بسقوط شهداء، وتخلّف أضرارًا مادّيّة كبيرة، وتمثّل تهديدًا مستمرًّا للبنان، وخرقًا فاضحًا للقوانين الدوليّة، واتفاقِ وقف الأعمال العدائيّة". كما تفقد عددًا من وحدات اللواء في منطقتَي البداوي وتربل، واطّلع على التدابير الأمنيّة المتّخذة لحفظ الأمن في قطاع المسؤوليّة، متوجّهًا إلى العسكريّين بالقول: "نحن ننظر إلى وطننا بمختلف مناطقه بعين المسؤوليّة لأنّنا نرتدي بزّة الشرف والتضحية والوفاء، والمؤسّسة العسكريّة هي الضامن لوحدة البلاد رغم الافتراءات والشائعات، ونجاحها يعتمد على نجاح الوحدات وأدائها في مختلف المناطق اللبنانيّة، لكلٍّ منكم دورٌ أساسيّ في استمرار الجيش الذي يتولّى مهمّاتٍ جسامًا ونوعيّة في الداخل وعلى امتداد الحدود، فلا مجال أمامنا للضعف أو التهاون". وختم مؤكّدًا أنّ "الجيش يجسّد الأمان بالنسبة إلى المواطنين، ولن يتوانى عن تقديم التضحيات من أجل خلاص لبنان".

 

حصار إعادة الإعمار: إقفال حسابات "وتعاونوا" وغيرها في Whish

المدن/13 تشرين الأول/2025

كشفت التدابير الأمنية، الدولية والاسرائيلية، في الداخل اللبناني،  مرحلة جديدة من موانع إعادة إعمار ما دمرته الحرب الاسرائيلية على لبنان في العام الماضي، مما دفع بناشطين من الجنوب لاعتبار ما يجري "حصاراً جديداً"، وأنه "يُضاف الى الاعتداءات الاسرائيلية التي تمنع سكان الجنوب من العودة اليه".

واتخذت التدابير منحيَين أمنيين، أولهما يتمثل في الملاحقة الاسرائيلية لمهندسين يعملون في إعادة الإعمار أو يشجعون عليه، وتمثل ذلك في اغتيال مهندسين اثنين في منطقة الجرمق قبل نحو اسبوعين، ثم  التهديد الذي ساقته المسيّرات الاسرائيلية للمهندس طارق مزرعاني الذي نشط في تأسيس تجمّع ابناء المنطقة الحدودية، للضغط باتجاه إيقاف الجهود المدنية الآيلة لتحقيق هذا الهدف. لكن التدابير لم تنحصر في إسرائيل، إذ تؤازرها جهود دولية، وضغوط على لبنان والمؤسسات فيه، للمضيّ باتجاه إطباق الحصار، ومنع تمويل اي جهد يمكن أن يعيد الحياة الى المنطقة الحدودية. وتمثل ذلك في اجراءات اتخذتها شركة "Whish Money" لتحويل الأموال في الداخل، إذ أقفلت حسابات مخصصة لتلقي التبرعات، وهي آلية مجتمعية انطلقت بعد الحرب، كبديل عن التمويل الدولي المتعذر، والعجز الحكومي عن تمويل أي خطة. وانتشرت، منذ ليل الأحد، معلومات في مواقع التواصل، تشير الى اقفال بعض الحسابات، وفي مقدمها حساب عضو مجلس بلدية راميا، حسين صالح، الذي أقفل  إقفال حسابه استنادًا إلى التعميم رقم 170 الصادر عن مصرف لبنان. وسرعان ما تكشفت حسابات أخرى جرى اقفالها، من بينها حساب جمعية "وتعاونوا" التي نشطت منذ نهاية الحرب في جمع التبرعات، وشراء البيوت الجاهزة التي قصفت إسرائيل معظمها، كما موّلت استحداث مراكز تعليم مؤقتة في المنطقة الحدودية، كبديل عن المدارس الرسمية التي هُدمت. وقالت الجمعية في بيان: "فوجئنا أخيراً بقيام شركة Whish Money بإغلاق حسابنا المخصص لجمع التبرعات، رغم تقديمنا كل المستندات المطلوبة لإعادة تفعيله، ما عرّض خططنا ومشاريعنا، خصوصاً في القرى الحدودية، لخطر التوقف". وأسفت لأن "يأتي هذا القرار ضمن سلسلة ممارسات تهدف إلى تعطيل جهود الإعمار ودعم الأهالي، من استهداف منشآت ومؤسسات، إلى إقفال حسابات الناشطين العاملين في الإغاثة". وتشير منشورات مواقع التواصل إلى أن هناك العشرات من الحسابات جرى اقفالها، ووضعت هذه الإجراءات ضمن سياق "الحصار المالي على بيئة المقاومة"، و"إغلاق منافذ التمويل والمساعدات"، و"تماهي الشركة مع الضغوط الدولية"، علماً أن الشركة، مضطرة الى التدقيق في الأموال، تنفيذاً للتعليمات الرسمية والقوانين اللبنانية والتدابير الدولية لمكافحة تبييض الأموال، منعاً لحظر أنشطتها ومعاقبتها. والحال أن النقاشات اليوم، تتخطى هذا الجانب التفصيلي من الإجراءات الآخذة في التوسع، والتي تتكفل اسرائيل بجزء منها، عبر قصف الجرافات ومنع ورش إعادة الإعمار من العودة واستهداف المهندسين وإبعادهم عن المنطقة، فيما تتكفل الضغوط الدولية بتهديد الشركات، وبإتمام الحصار المالي على البيئة الجنوبية، ومن ضمنها بيئة الحزب.  تلك البيئة، رفعت صوتها أخيراً في وجه الدولة اللبنانية و"حزب الله" على حدّ سواء.. ويتناقل ناشطون في مواقع التواصل مقطع فيديو لتاجر من آل قطيش، تعرضت ممتلكاته للتدمير في الحرب، ومنذ ذلك الوقت "لم ينظر أحد إلينا"، وخسر واحدة من أكبر المؤسسات التجارية في الجنوب. تلك الأصوات، يمكن أن تشكل عامل ضغط مجتمعي على الأطراف السياسية المؤثرة في الجنوب، في وقت يحتاج "حزب الله" الى نحو مئة مليون دولار أواخر الشهر المقبل، لتأمين بدل إيجارات لمن هُدمت منازلهم وتمنع إسرائيل إعادة إعمارها.

 

وفد قضائي سوري في بيروت يستكمل البحث بملف الموقوفين السوريين

المدن/13 تشرين الأول/2025

يزور وفدٌ سوريٌّ اليوم الثلاثاء لبنان برئاسة وزير العدل الّسوريّ مظهر الويس، للقاء مسؤولين لبنانيّين واستكمال البحث في مسار إطلاق سراح عددٍ من الموقوفين السوريّين. وبحسب ما تفيد مصادرٌ متابعةٌ لـ"المدن"، فإنّ الوفد القضائيّ السوريّ "سيبحث توقيع اتّفاقٍ قضائيٍّ بين لبنان وسوريا يتيح إطلاق سراح موقوفين سوريّين جرى توقيفهم بسبب انتمائهم للثورة السوريّة ومناصرتها". وتشير المعطيات إلى أنّ لبنان يبدي إيجابيّةً في معالجة هذا الملفّ، غير أنّه "متمسّكٌ حتّى الآن بعدم تسليم أيّ موقوفٍ متّهمٍ بقتال الجيش اللبنانيّ". وتوضح المصادر أنّ الوفد السوريّ "يطالب بإطلاق سراح عددٍ من الموقوفين وتسليمهم إيّاه ليصطحبهم معه إلى سوريا"، إلّا أنّ ذلك "غير محسومٍ حتّى الآن ويرتبط بما سيتمّ التوصّل إليه مع الجانب اللبنانيّ". كما أفادت مصادر "المدن" بأنّ الوفد السوريّ "سيتوجّه إلى سجن روميّة لعقد لقاءٍ مع عددٍ من الموقوفين السوريّين والاطّلاع على أوضاعهم". ويذكر أنّ تحريك هذا الملفّ جاء بعد الزيارة التي أجراها وزير الخارجيّة السوريّ أسعد الشيباني الأسبوع الفائت إلى لبنان ولقاءاته بالمسؤولين. وفي السّياق، زار أمس نائب رئيس الحكومة طارق متري رئيس الجمهوريّة جوزاف عون، وبحث معه "تطوّرات العلاقة مع سوريا وكيفيّة العمل على دفعها قدمًا انطلاقًا من معالجة ملفّ الموقوفين"، على أن "تتمّ المعالجة بشكلٍ تدريجيّ". وتكشف مصادرٌ متابعةٌ لـ"المدن" أنّ الحكومة "ستبحث أيضًا في إيجاد صيغةٍ لمعالجة قضيّة عشرات الموقوفين اللبنانيّين الذين جرى توقيفهم منذ سنواتٍ من دون محاكمة، على أن يعمل على تسريع المحاكمات".

 

تغريدات مختارة من موقع أكس

تغريدات مختارة لليوم 13 تشرين الأول/2025

البابا لاون الرابع عشر

إن الخيار الأوّلي للفقراء يولد تجديدًا استثنائيًا في الكنيسة وفي المجتمع، عندما نكون قادرين على التحرر من المرجعيّة الذاتية وننجح في الإصغاء إلى صرختهم.

 

 

 

******************************************

في أسفل رابط نشرة الأخبار اليومية ليومي 13-14 تشرين الأول/2025/

نشرة أخبار المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية باللغة العربية ليوم 13 تشرين الأول/2025

/جمع واعداد الياس بجاني

https://eliasbejjaninews.com/2025/10/148167/

ليوم 13 تشرين الأول/2025

LCCC Lebanese & Global English News Bulletin For October 13/2025/

Compiled & Prepared by: Elias Bejjani

https://eliasbejjaninews.com/2025/10/148170/

 For October 13/2025

**********************
رابط موقعي الألكتروني، المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

https://eliasbejjaninews.com

Link for My LCCC web site

https://eliasbejjaninews.com

****

Click On The Link To Join Eliasbejjaninews whatsapp group

اضغط على الرابط في اسفل للإنضمام لكروب Eliasbejjaninews whatsapp group

https://chat.whatsapp.com/FPF0N7lE5S484LNaSm0MjW

*****

الياس بجاني/اتمنى على الأصدقاء والمتابعين لمواقعي الألكتروني الإشتراك في قناتي ع اليوتيوب.Youtube

الخطوات اللازمة هي الضغط على هذا الرابط  https://www.youtube.com/channel/UCAOOSioLh1GE3C1hp63Camw

  لدخول الصفحة ومن ثم الضغط على مفردة SUBSCRIBE في اعلى على يمين الصفحة للإشترك.

Please subscribe to My new page on the youtube. Click on the above link to enter the page and then click on the word SUBSCRIBE on the right at the page top

*****

حسابي ع التويتر/ لمن يرغب بمتابعتي الرابط في أسفل

https://x.com/EliasYouss60156

My Twitter account/ For those who want to follow me the link is below

https://x.com/EliasYouss60156

@followers

@highlight