المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكنديةLCCC/

نشرة الأخبار العربية ل 24 تشرين الثاني /لسنة 2025

اعداد الياس بجاني

#elias_bejjani_news 

في أسفل رابط النشرة

        http://eliasbejjaninews.com/aaaanewsfor2025/arabic.november24.25.htm

أرشيف نشرات أخبار موقعنا 1اليومية/عربية وانكليزية منذ العام 2006/اضغط هنا لدخول صفحة الأرشيف

 

عناوين النشرة

عنوان الزوادة الإيمانية

فيمَا يَسوعُ يَتَكَلَّم بِهذَا، رَفَعَتِ ٱمْرَأَةٌ مِنَ الجَمْعِ صَوْتَها، وَقَالَتْ لَهُ: «طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذي حَمَلَكَ، وَلِلثَّدْيَينِ اللَّذَينِ رَضِعْتَهُمَا». أَمَّا يَسُوعُ فَقَال: «بَلِ ٱلطُّوبَى لِلَّذينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَحْفَظُونَها

 

عناوين مقالات وتغريدات الياس بجاني

الياس بجاني/ الاستقلال بظل احتلال حزب الله أصبح ذكرى ولبنان المحتل تنطبق عليه كل مواصفات الدولة الفاشلة والمارقة

الياس بجاني/رسالة الرئيس عون الإستقلالية

 

عناوين الأخبار اللبنانية

نتنياهو يتعهّد بمواصلة ضرب «حماس» و«حزب الله»

الجيش الإسرائيلي يؤكد مقتل رئيس أركان «حزب الله» بغارة على الضاحية

عون يندّد: الاستهداف يثبت تجاهل دعوات وقف الاعتداءات

الجيش الإسرائيلي: نجحنا في اغتيال هيثم الطبطبائي

نتنياهو: ننتظر من لبنان نزع سلاح الحزب.. وعمليات جديدة ممكنة

"حزب الله" ينعى القيادي هيثم علي الطبطبائي

إسرائيل تستهدف الرجل الثاني في «حزب الله» وسط ضاحية بيروت الجنوبية

طبطبائي إيراني الأصل ومصنف «إرهابياً» من قبل وزارة الخزانة الأميركية

الطبطبائي الرقم 2 في حزب الله: من التدخّل إلى "قوة الرضوان"

رسالة إسرائيلية مزدوجة وراء اغتيال الطبطبائي... فهل يردّ الحزب؟

 

عناوين الأخبار الإقليمية والدولية

إيران تحذر من محاولات استهداف خامنئي

لبنان- غزة- إيران.. ثلاثيةٌ هجومية إسرائيلية قيد التجهيز؟

هآرتس: نتنياهو يريد استئناف الحرب وعلى ترامب إيقافه

غزة: عملية إسرائيلية لا مفر منها والقوة الدولية قيد البحث

وفد من حماس بالقاهرة لبحث المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار

حمص: توتر طائفي بعد جريمة مروعة.. والأمن السوري يتدخل

عبدي يرفع سقف التفاوض مع دمشق: لمشاركة الدروز والعلويين

قلق إسرائيلي من الثقة التي يمنحها ترامب للشرع

نظير مجلي/الشرق الأوسط/قراءة مطولة في كتاب المدير السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)، يوسي كوهين. عنوان: الكتاب بالأحابيل تصنع لك حرباً

 

عناوين المقالات والتعليقات والتحاليل السياسية الشاملة

معضلة جوزاف عون: كيف تنقذ مَن صَمّم على الانتحار؟/إيلي الحاج/المدن

بين الاغتيال وحصرية السلاح: كيف تقرأ باريس مقتل هيثم الطبطبائي؟/أندريه مهاوج/نداء الوطن

كواليس أهداف زيارة ولي العهد السعودي إلى واشنطن/طارق أبو زينب/نداء الوطن

الشرع: لتخفيف الضغط عن لبنان وتجاوز الماضي والتعاون/منير الربيع/المدن

"الاتصالات" تلتف على قرار الحكومة.. ستارلينك حصرية مقنّعة؟/لوسي بارسخيان/المدن

هل الشيعة مهزومون؟/أسعد قطّان/المدن

رئيس الجمهورية في الجنوب: أبعد من مجرد رسالة دعم/لارا الهاشم/المدن

المغتربون يصوتون في الداخل: استراتيجية الثنائي محسومة/حسن فقيه/المدن

الطائف في صلب التحولات: التنفيذ والتعديل تبعاً للمصالح/إبراهيم الرز/المدن

 

عناوين المؤتمرات والندوات والبيانات والمقابلات والمناسبات الخاصة والردود

خطاب الرئيس اللبناني... ترقُّب لموقف «حزب الله» ومعارضته دونها صعوبات

بري لـ«الشرق الأوسط»: إنه استقلالي شكلاً ومكاناً ومضموناً في يوم الاستقلال

عون: إسرائيل تزدري القرارات.. وسلام: الطريق الوحيد هو 1701

ماكرون: خطاب عون عبَّر عن رؤيتنا.. وبزشكيان: لتطوير العلاقات

 

تفاصيل الزوادة الإيمانية لليوم

فيمَا يَسوعُ يَتَكَلَّم بِهذَا، رَفَعَتِ ٱمْرَأَةٌ مِنَ الجَمْعِ صَوْتَها، وَقَالَتْ لَهُ: «طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذي حَمَلَكَ، وَلِلثَّدْيَينِ اللَّذَينِ رَضِعْتَهُمَا». أَمَّا يَسُوعُ فَقَال: «بَلِ ٱلطُّوبَى لِلَّذينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَحْفَظُونَها

إنجيل القدّيس لوقا11/من27حتى32/:”فيمَا يَسوعُ يَتَكَلَّم بِهذَا، رَفَعَتِ ٱمْرَأَةٌ مِنَ الجَمْعِ صَوْتَها، وَقَالَتْ لَهُ: «طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذي حَمَلَكَ، وَلِلثَّدْيَينِ اللَّذَينِ رَضِعْتَهُمَا». أَمَّا يَسُوعُ فَقَال: «بَلِ ٱلطُّوبَى لِلَّذينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَحْفَظُونَها!». وفيمَا كانَ الجُمُوعُ مُحْتَشِدِين، بَدَأَ يَسُوعُ يَقُول: «إِنَّ هذَا الجِيلَ جِيلٌ شِرِّير. إِنَّهُ يَطْلُبُ آيَة، وَلَنْ يُعْطَى آيَةً إِلاَّ آيَةَ يُونَان. فكَمَا كَانَ يُونانُ آيَةً لأَهْلِ نِينَوى، كَذلِكَ سَيَكُونُ ٱبْنُ الإِنْسَانِ لِهذَا ٱلجِيل. مَلِكَةُ الجَنُوبِ سَتَقُومُ في الدَّيْنُونَةِ مَعَ رِجَالِ هذا الجِيلِ وَتَدِينُهُم، لأَنَّها جَاءَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَان، وَهَا هُنَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَان. رِجَالُ نِينَوى سَيَقُومُونَ في الدَّيْنُونَةِ مَعَ هذا الجِيلِ وَيَدِينُونَهُ، لأَنَّهُم تَابُوا بِإِنْذَارِ يُونَان، وَهَا هُنَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَان”.

 

تفاصيل مقالات وتغريدات الياس بجاني

الاستقلال بظل احتلال حزب الله أصبح ذكرى ولبنان المحتل تنطبق عليه كل مواصفات الدولة الفاشلة والمارقة

الياس بجاني/22 تشرين الثاني/2025

https://eliasbejjaninews.com/2025/11/149432/

من المفترض أن نحتفل اليوم في 22 تشرين الثاني بعيد استقلال لبنان، ولكن واقعنا المعاش هو في غير مكان، والاستقلال أصبح مجرد ذكرى لا وجود لأي من عناصره، التي من ضمنها القرار الحر، والحريات، والقانون، والمساواة، والديمقراطية، والخدمات، والسلام والأمن والاستقرار، والحدود المصانة وتطول القائمة. اليوم، لبنان فاقد لاستقلاله بالكامل وواقع رغماً عن إرادة غالبية شعبه تحت احتلال إيراني مذهبي وجهادي وإرهابي عبر ذراع محلي مسلح مكون من مواطنين لبنانيين مرتزقة يعملون بآمرة الملالي الفرس منضوين تحت راية ما يسمى كفراً وزندقة “حزب الله”. إن هذا الحزب بكل ما يمثله ويفعله ويسوّق له وما يسعى لفرضه بالقوة والإرهاب والإغتيالات والحروب والتهجير هو نقضيض للبنان ولكل ما هو لبناني وعدالة وحقوق ومحبة وسلام واستقرار وهوية وانفتاح على العالم.

نتيجة لهذا الاحتلال يعيش لبنان راهناً حرباً مدمرة بين “حزب الله” الإيراني من قمة رأسه حتى أخمس قدميه، حرباً إيرانية-إسرائيليية لا دخل لا للبنان ولأ لأكثرية اللبنانيين الساحقة بها. هذه الحرب ليست حرب لبنان، وحزب الله بدأها غب أوامر إيرانية وخدمة لمصالح وأجندة إيران الإرهابية والتوسعية والاستعمارية والمذهبية.

استقلال بالاسم فقط، نعم لا استقلال يُحتفل به اليوم، لأن الدولة اللبنانية أصبحت فعلياً دولة “حزب الله” وفي هذه الدولة المارقة والفاشلة الدستور ينتهك ع مدار الساعة، والحزب يمنع انتخاب رئيس للجمهورية ويقفل مجلس النواب ويستمر بتفكيك كل مؤسسات الدولة.

وهنا نشير إلى أن المجلس النيابي الحالي التبعي والفاشل والمتخلي عن واجباته الدستورية قد جاء نتيجة قانون انتخابي فصّله الحزب على مقاسه، مما جعل نتائج الانتخابات محسومة قبل إجرائها.

وكيف نحتفل بذكرى الاستقلال وكل مؤسسات الدولة مخترقة، والقضاء مهيمن عليه، وأموال الناس سرقت من البنوك، والحدود مشرعة للتهريب، والفوضى تعم البلاد حيث ينتشر القتل والسرقات والفقر والتهجير والذل.

من هنا فإن الاستقلال المفترض أن نحتفل به اليوم هو مجرد ذكرى دون محتوى أو مقومات، والاستقلال الحقيقي لن يعود للبنان إلا بتحرره من احتلال “حزب الله” وإبعاد الهيمنة الإيرانية، وهذا الأمر يتطلب تطبيق القرارات الدولية الخاصة بلبنان، بما فيها اتفاقية الهدنة والقرارات ١٥٥٩، ١٧٠١، و١٦٨٠. كما يستدعي إجراء انتخابات نيابية حرة بقانون عصري، ووقف الفساد، ومحاكمة الطبقة السياسية الفاسدة…وقد يكون الضرورة بمكان اعلان لبنان دولة فاشلة طبقاً لكل مقومات الفشل ووضعه تحت الوصاية الأممية.

حتى تحقيق ذلك، يبقى لبنان دولة محتلة، وعيد الاستقلال مجرد ذكرى مؤلمة لحرية لم تعد موجودة.

**الكاتب ناشط لبناني اغترابي

عنوان الكاتب الألكتروني

Phoenicia@hotmail.com

رابط موقع الكاتب الالكتروني على الإنترنت

https://eliasbejjaninews.com

 

رسالة الرئيس عون الإستقلالية

الياس بجاني/21 تشرين الثاني/2025

رسالة الرئيس عون الإستقلالية هي رزمة من المغالطات غير المعبرة عن الواقع والحقائق ومحشوة مقاربات زجلية اقل ما يقال فيها أنها ذمية

 

تفاصيل الأخبار اللبنانية

نتنياهو يتعهّد بمواصلة ضرب «حماس» و«حزب الله»

تل أبيب: «الشرق الأوسط»/23 تشرين الثاني/2025

شدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، على مواصلة القيام بـ«كل ما هو ضروري» لمنع «حزب الله» في لبنان، وحركة «حماس» في قطاع غزة من استئناف نشاطاتهما، وإعادة التسلح وبناء القدرات. وواصل الجيش الإسرائيلي الأسبوع الماضي ضرباته على أهداف في لبنان كان آخرها اليوم الأحد، إذ أعلن استهداف عنصر بارز من «حزب الله» في بيروت. وفي قطاع غزة، أعلن الدفاع المدني، السبت، مقتل 21 شخصاً، وسقوط عدد من الجرحى في ضربات إسرائيلية، وقال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب أهدافاً لـ«حماس» بعدما أطلق مسلح النار في اتجاه جنوده وعبر الخط الأصفر الذي انسحب الجيش خلفه بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقال نتنياهو في مستهل الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء: «نواصل ضرب الإرهاب على عدة جبهات». وأضاف: «هذا الأسبوع، ضرب الجيش في لبنان، وسنواصل القيام بكل ما هو ضروري لمنع (حزب الله) من إعادة ترسيخ قدرته على تهديدنا». وتابع: «هذا ما نفعله أيضاً في قطاع غزة. فمنذ وقف إطلاق النار، لم تتوقف (حماس) عن خرقه، ونحن نتصرف بناءً على ذلك». وكان السبت من أكثر الأيام دموية منذ دخول الهدنة بين إسرائيل و«حماس»، التي توسطت فيها الولايات المتحدة، حيز التنفيذ بعد عامين من الحرب المدمرة. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان السبت إنه «ضرب أهدافاً» لـ«حماس» بعدما أطلق «إرهابي مسلح» النار في اتجاه جنوده وعبر الخط الأصفر. وأكد أنه رداً على ذلك «بدأ الجيش باستهداف مواقع تابعة للإرهاب داخل قطاع غزة»، بحسب البيان. واتهم نتنياهو «حماس»، الأحد، بالقيام «بعدة محاولات» للتسلّل عبر الخط الأصفر «في محاولة لإيذاء جنودنا». وأضاف: «أحبطنا ذلك بقوة كبيرة، قمنا بالرد ووجهنا إليهم ضربة قاسية، أسفرت عن القضاء على عدد من المسلحين». ورأى رئيس الوزراء أن الادعاء أن إسرائيل بحاجة إلى موافقة خارجية قبل التحرك والرد ما هو إلا «كذبة مطلقة». وقال: «نحن نقرر بشكل مستقل، وهذا هو الوضع الطبيعي. إسرائيل مسؤولة عن أمنها». وفي وقت سابق الأحد، قال الجيش الإسرائيلي إنه بالتعاون مع الشاباك تم «اغتيال رئيس قسم الإمداد والمعدات في مقرّ الإنتاج التابع لحركة (حماس)». وجاء في البيان: «تم اغتيال علاء حديدي... وكان حديدي يشكّل محور معرفة مركزياً في مجال الإمداد والإنتاج داخل الحركة، وكان خلال الحرب حلقة وصل لتمرير الوسائل القتالية من مقرّ (حماس) إلى الكتائب والقادة الميدانيين بهدف القتال ضد القوات الإسرائيلية». واندلعت الحرب بين «حماس» وإسرائيل بعد هجوم غير مسبوق شنته الحركة على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 تسبّب بمقتل 1221 شخصاً. وخلّفت العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة منذ ذلك الحين 69756 قتيلاً على الأقل، وفق أرقام وزارة الصحة في القطاع التي تعدها الأمم المتحدة موثوقة. وبحسب المصدر ذاته، قتل في قطاع غزة منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ 339 شخصاً.

 

الجيش الإسرائيلي يؤكد مقتل رئيس أركان «حزب الله» بغارة على الضاحية

عون يندّد: الاستهداف يثبت تجاهل دعوات وقف الاعتداءات

بيروت: «الشرق الأوسط»/23 تشرين الثاني/2025

أكد الجيش الإسرائيلي أنه قضى على هيثم علي الطبطبائي القيادي في «حزب الله» اللبناني، وذلك في هجوم على الضاحية الجنوبية في بيروت اليوم (الأحد). ونقل المتحدث باسم الجيش، أفيخاي أدرعي، عن رئيس الأركان إيال زامير قوله إن الجيش استهدف «القائد الأبرز» في «حزب الله»، مؤكدا استمرار العمليات العسكرية «لإزالة التهديدات في طور تشكلها». وأضاف رئيس الأركان أن الجيش ملتزم بوقف إطلاق النار مع لبنان «إلا أننا لن نسمح لمنظمة حزب الله... بأن تتعاظم أو تعيد تسلحها». وأفادت وسائل إعلام لبنانية، نقلاً عن وزارة الصحة، بأن القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت قتل 5 أشخاص وأصاب 28. وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في وقت ستبق اليوم، بأن الأخير أمر بشن ضربة على بيروت استهدفت «رئيس الأركان» في «حزب الله». وجاء في بيان مقتضب «قبل قليل، وفي قلب بيروت، هاجمت قوات الجيش الإسرائيلي رئيس أركان (حزب الله)، الذي كان يقود عمليات إعادة بناء وتسليح التنظيم الإرهابي»، مضيفاً أن نتنياهو «أصدر الأمر بشن الهجوم».

الرئيس اللبناني يندد

ندد الرئيس اللبناني جوزيف عون، اليوم، بالغارة الإسرائيلية وقال إن استهداف اسرائيل للضاحية يؤكد أنها لا تأبه لدعوات وقف اعتداءاتها على البلاد. وقالت الرئاسة اللبنانية في بيان إن إسرائيل «ترفض تطبيق القرارات الدولية وكل المساعي والمبادرات المطروحة لوضع حد للتصعيد وإعادة الاستقرار ليس فقط إلى لبنان بل إلى المنطقة كلها».وجددت الرئاسة اللبنانية دعوة المجتمع الدولي «لتحمل مسؤوليته والتدخل بقوة وبجدية لوقف الاعتداءات على لبنان وشعبه منعاً لأي تدهور يعيد التوتر إلى المنطقة». من جانبه، قال رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام إن حكومته ستعمل مع الدول الصديقة من أجل حماية اللبنانيين ومنع أي تصعيد، ودعا إلى توحيد الجهود خلف مؤسسات الدولة بعد هجوم إسرائيلي استهدف الضاحية الجنوبية في العاصمة بيروت اليوم. وأضاف سلام في منشور على «إكس»: «حماية اللبنانيين ومنع انزلاق البلاد إلى مسارات خطرة هي أولوية الحكومة في هذه المرحلة الدقيقة. فهي ستواصل العمل بشتى الوسائل السياسية والدبلوماسية مع الدول الشقيقة والصديقة، من أجل حماية اللبنانيين، ومنع أي تصعيد مفتوح، وبما يضمن وقف اعتداءات إسرائيل وانسحابها من أرضنا وعودة أسرانا». وتابع قائلا إن التجارب أثبتت أن «الطريق الوحيد لترسيخ الاستقرار يمر عبر التطبيق الكامل للقرار 1701 وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية وتمكين الجيش اللبناني من الاضطلاع بمهامه».

«متمسكون بالمقاومة»

أكد المسؤول في «حزب الله» محمود قماطي أن قيادياً عسكرياً كبيراً كان المستهدف في الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت. وقال قماطي: «الاستهداف واضح، إنه يستهدف شخصية جهادية أساسية في المقاومة والنتائج غير معلومة»، مضيفاً: «لا خيار إلاّ بالتمسك بالمقاومة ولا يمكن قبول الاستمرار بهذه الاستباحة والعدوان يخرق خطاً أحمر جديداً»، في إشارة الى مواصلة إسرائيل ضرباتها على رغم اتفاق وقف إطلاق النار الساري بين الطرفين منذ قرابة عام. وأفادت الوطنية للإعلام بوقوع أضرار كبيرة في السيارات والمباني المحيطة بالغارة الي استهدفت الضاحية الجنوبية. وجاء الاستهداف بعد أقل من ساعتين من تصريح نتنياهو بأن بلاده ستواصل القيام بـ«كل ما هو ضروري» لمنع «حزب الله» في لبنان وحركة «حماس» في قطاع غزة من استئناف نشاطاتهما وإعادة التسلح وبناء القدرات. وقال نتنياهو في مستهل الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء «نواصل ضرب الإرهاب على عدة جبهات». وأضاف «هذا الأسبوع، ضرب الجيش في لبنان، وسنواصل القيام بكل ما هو ضروري لمنع (حزب الله) من إعادة ترسيخ قدرته على تهديدنا». إلى ذلك، نقل موقع «أكسيوس» الإخباري عن مسؤول أميركي كبير قوله إن «إسرائيل لم تبلغنا مسبقا بالغارة على بيروت وإنما بعدها مباشرة»، بينما قال مسؤول كبير ثان إن الولايات المتحدة كانت تعلم منذ أيام أن إسرائيل تخطط لتصعيد الضربات في لبنان.

من هو هيثم علي طبطبائي؟

هيثم علي طبطبائي، والمعروف أيضاً باسم أبو علي طبطبائي، هو قيادي عسكري بارز في «حزب الله»، وقاد القوات الخاصة للجماعة في كل من سوريا واليمن. وكان برنامج «مكافآت من أجل العدالة» الأميركي قد رصد مكافأة تصل إلى 5 ملايين دولار أميركي مقابل معلومات عن طبطبائي، مشيراً إلى أن الأعمال قام بها طبطبائي في سوريا واليمن ما هي إلا جزء من جهد أكبر يبذله «حزب الله» لتوفير التدريب والعتاد والجنود لدعم أنشطته الإقليمية لزعزعة الاستقرار. وفي 26 أكتوبر (تشرين الأول) 2016، صنفت وزارة الخارجية الأميركية طبطبائي بشكل خاص إرهابياً عالمياً بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224، بصيغته المعدلة. ونتيجة لهذا التصنيف، ومن بين العواقب الأخرى، تم حظر جميع ممتلكات طبطبائي، والفوائد العائدة عليها التي تخضع للولاية القضائية الأميركية، وتم منع الأميركيين بوجه عام من إجراء أي معاملات مع طبطبائي. كما يدخل في إطار الجريمة كل من الدعم المتعمد عن علم، أو محاولة توفير الدعم المادي، أو الإمكانيات المادية، أو التآمر لتوفيرهما لـ«حزب الله» الذي صنفته الولايات المتحدة منظمةً إرهابية أجنبية. وهذه أول ضربة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت منذ الخامس من يونيو (حزيران)، والخامسة منذ اعلان وقف اطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».وذكرت الوكالة الوطنية للاعلام الرسمية في لبنان أن الغارة الاسرائيلية شملت إطلاق ثلاثة صواريخ على المبنى.وسبق لإسرائيل ان استهدفت خلال النزاع وبعد وقف إطلاق النار، عددا من قياديي الحزب بضربات في الضاحية الجنوبية.ومع قرب حلول الذكرى الأولى لوقف إطلاق النار، كثّفت إسرائيل ضرباتها في أنحاء عدة من لبنان خصوصا في الجنوب والشرق، مؤكدة أنها تستهدف عناصر في الحزب ومنشآت له.

 

الجيش الإسرائيلي: نجحنا في اغتيال هيثم الطبطبائي

المدن/23 تشرين الثاني/2025

أعلن الجيش الإسرائيليّ "نجاح اغتيال هيثم علي الطبطبائي قائد أركان حزب الله". وكان قد نُقل عن مصدر أمنيّ لبنانيّ أنّ الغارة الإسرائيليّة على الضاحية أدّت إلى اغتيال القائد العسكريّ في حزب الله هيثم الطبطبائي. وكذلك، أشارت القناة 12 الإسرائيليّة إلى أن عملية تصفية طبطبائي قد نجحت.

وأعلن المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي أنّ رئيس الأركان الجنرال إيال زامير أشرف من مقرّ القيادة العليا على الغارة التي شنّها الجيش على الضاحية الجنوبيّة لبيروت، بمشاركة رئيس هيئة العمليّات الميجَر جنرال إتسيك كوهين، ورئيس شعبة العمليّات البريغادير يسرائيل شومر، وقادة آخرين. ونقل البيان عن زامير قوله: "استهدفنا القائد الأبرز في منظّمة حزب الله الإرهابيّة. الغارة هدفها منع تعاظم قوّة المنظّمة وضرب كلّ من يحاول الاعتداء على دولة إسرائيل". وأضاف أنّ "جيش الدفاع يواصل التزامه بالتفاهمات المتّفق عليها بين دولة إسرائيل ولبنان، إلّا أنّنا لن نسمح لمنظّمة حزب الله الإرهابيّة بأن تتعاظم أو تعيد تسلّحها، وسنعمل على إزالة أيّ تهديد موجَّه إلى مواطني دولة إسرائيل". وكان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو أعلن، في بيان، أنّ الجيش الإسرائيلي نفّذ هجومًا في قلب بيروت، موضحًا أنّ الغارة استهدفت "رئيس أركان حزب الله الذي دفع باتّجاه تعاظم قدرات الحزب". وأشار البيان إلى أنّ نتنياهو "أمر بتنفيذ الهجوم بناءً على توصية وزير الدفاع ورئيس الأركان"، في ما يدلّ على أنّ القرار اتُّخذ بالتنسيق بين المستويَيْن السياسي والعسكري في إسرائيل. وشنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارةً جويّة استهدفت الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، وتحديدًا شارع العريض في حارة حُريك، حيث أصابت الغارة شقّة في أحد المباني، وفق المعلومات الأولية. وأدّى القصف إلى سقوط خمسة شهداء، إضافة إلى نقل 20 جريحًا من موقع الاستهداف، وسط انتشار مكثّف لطواقم الإسعاف. وتزامنت الغارة مع تحليق مكثّف للطيران الإسرائيليّ في الأجواء اللبنانية وغارات وهمية في منطقة البقاع. فيما أفادت تقارير ميدانيّة بأنّ مسيّرة إسرائيليّة عادت لتحلّق فوق المبنى المستهدف في منطقة حارة حريك بالضاحية الجنوبيّة. ونشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي منشورًا على منصّة "إكس" أعلن فيه أنّ جيشه "استهدف شخصية مركزية في حزب الله في غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت".

سيرة الطبطبائي، راجع "المدن". كما أشارت القناة 12 الإسرائيلية إلى أنّ "إسرائيل حاولت اغتيال طبطبائي مرتين خلال الحرب، وهذه هي المرة الثالثة"، لافتة إلى أنّ الغارة على "رئيس أركان حزب الله في شقة اختبائه" تمّت "بتنسيق مع الأميركيين". من جهتها، أفادت القناة 14 الإسرائيلية بأنّ "هناك يقينًا تامًا لدى السلطة السياسية والعسكرية بأن حزب الله سيقوم بالرد على عملية الاغتيال"، في حين كشفت صحيفة "يسرائيل هيوم" أنّ إسرائيل "أخطرت واشنطن مسبقًا بالهجوم في بيروت، على المستوييْن السياسي والأمنيّ العسكريّ". وأوردت تقارير إعلامية أنّ الاستهداف الإسرائيليّ لم يُبنَ فقط على معلومات استخباراتية مصدرها مسيّرات إسرائيلية، بل استند أيضًا إلى "معطيات دقيقة وصلت إلى الجيش الإسرائيلي من داخل الضاحية الجنوبية"، ما يعزّز الانطباع بوجود اختراق استخباراتي في بيئة عمل حزب الله.  وقال مصدر أمنيّ لإذاعة الجيش الإسرائيليّ: "من لحظة وصول المعلومة الاستخباراتيّة وحتى تنفيذ الهجوم في الضاحية الجنوبيّة مرّت ساعة واحدة فقط"، في إشارة إلى السّرعة التي اتُّخذ فيها القرار بتنفيذ الغارة. وزعم المصدر "‏نحن ما زلنا ضمن منطق الإنفاذ، ولم نغيّر سياستنا تجاه حزب الله"، مشيرًا إلى أن إسرائيل "تواصل فرض اتفاق وقف إطلاق النار" ، رغم التصعيد الميداني الأخير.

وبشأن الردّ المحتمل، أشارت القناة الـ15، أنّ تلّ أبيب أبلغت لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار أنّها لن تصعد إلّا إذا ردّ حزب الله.

مسؤولون أمريكيون: واشنطن لم تُبلّغ مسبقًا

أفادت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أنّ الولايات المتحدة لم تُبلَّغ مسبقًا بالضربة الإسرائيليّة التي استهدفت اليوم في بيروت "رئيس أركان" حزب الله  هايثم علي طباطبائي، وذلك بحسب ما نقله تلفزيون "القناة 12" الإسرائيلي عن مسؤولٍ أمريكيٍّ رفيع المستوى. وقال المسؤول الأمريكي إنّ "الولايات المتحدة لم تُخطر مسبقًا بهذه الضربة في بيروت، ولم تكن جزءًا من قرار تنفيذها"، موضحًا أنّ المعلومات حول العملية وصلت إلى واشنطن بعد حصولها. مسؤولٌ أمريكيٌّ رفيعٌ ثانٍ أشار من جهته إلى أنّ واشنطن كانت "على عِلم منذ أيّام" بأنّ إسرائيل تخطّط لتصعيد ضرباتها في لبنان، مضيفًا أنّ الإدارة الأمريكية "لم تكن تعرف مسبقًا توقيت الضربة، ولا مكانها المحدّد، ولا الهدف الذي ستطاله"، ما يعني أنّ التنسيق بين الجانبين في هذا الملف اقتصر على الإطار السياسي العام للتصعيد، من دون الدخول في تفاصيل العملية الميدانيّة.

إذاعة الجيش الإسرائيلي تكشف موقع الطبطبائي في حزب الله

أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي أنّ هيثم علي الطبطبائي، الذي تصفه بأنّه "الرقم 2 في حزب الله بعد الأمين العام نعيم قاسم والقيادي الفعلي للحزب"، يُعدّ من كبار القادة العسكريّين في صفوف الحزب خلال السنوات الأخيرة. وبحسب الإذاعة، فقد قاد الطبطبائي في الأعوام الماضية قوّات النخبة في "حزب الله"، ومع اغتيال الصفّ العسكريّ الأوّل في الحزب بات فعليًّا القائد العام للقوّات العسكريّة والشخصيّة العسكريّة الأعلى نفوذًا على مستوى القيادة الميدانيّة. وأضافت الإذاعة أنّ الطبطبائي شارك خلال العام الماضي في قيادة الذراع العسكريّة للحزب إلى جانب القياديّ محمّد حيدر، مشيرةً إلى أنّهما تحمّلا معًا مسؤوليّة إعادة تأهيل "حزب الله" عسكريًّا، والعمل على تعزيز قدراته وتنظيم بنيته القتاليّة في المرحلة الأخيرة.

عمار من الضاحية يتوعد إسرائيل

أكّد النائب علي عمار، من مكان الاستهداف في الضاحية الجنوبيّة، أنّ "العدوانيّة الإسرائيليّة تضرب كلّ لبنان منذ اتفاق وقف النار الذي رعته واشنطن، وكلّ اعتداء على لبنان هو تجاوز للخطّ الأحمر"، معتبرًا أنّ "هذه العدوانيّة متأصّلة في هذا الكيان الذي يستهدف كرامة لبنان وسيادته وأمن مواطنيه".

وأضاف عمار أنّ "المقاومة تتعامل بأعلى درجات الحكمة والصبر، وهي ستحدّد الوقت المناسب لمواجهة هذا العدو"، مشدّدًا على أنّ "نحن في معركة شاملة مع العدو، وتوقيتنا للمعركة مختلف عن توقيت العدو، ونحن سنحدّده في الوقت المناسب".

السفارة الإيرانيّة تندّد بغارة الضاحية

أشارت السّفارة الإيرانيّة، في بيانٍ حول الاستهداف الإسرائيليّ للضّاحية الجنوبيّة، إلى أنّه "تتوسّع مساحة الاعتداءات الإجراميّة لتشمل الضّاحيةَ الجنوبيّةَ لبيروت، بتوقيعٍ واضحٍ من الكيان الإسرائيليّ الإرهابيّ الذي لا يتورّع عن تهديد الآمنين من أبناء الشّعب اللّبنانيّ العزيز".

وأكّد البيان أنّ "هذه الاعتداءات الجبانة لن تَنالَ من عزيمة أصحاب الحقّ، ولن تضعفَ إرادتَهم الرّاسخةَ في مواجهة الظّلم".

https://x.com/almodononline/status/1992575804270883187?s=20

ويأتي هذا الاستهداف في سياقِ مرحلةٍ يعتبرها مراقبون من الأخطر على الجبهة اللبنانيّة منذ اندلاع الحرب على غزّة، إذ انتقلت إسرائيل تدريجيًّا من سياسة "الاحتواء الموضعي" على الحدود إلى توسيع بنك الأهداف ليشمل العمقَ المدنيّ والسياسيّ والعسكريّ في الضاحية الجنوبيّة ومناطق أخرى من لبنان، تحت عنوان "شلّ قدرات حزب الله" ومنع ما تصفه بـ"تثبيت معادلة جبهتَيْن مفتوحتَيْن" في غزّة ولبنان معًا. سياسيًّا، تحاول الحكومة الإسرائيليّة، التي تواجه أزمات داخليّة حادّة وانتقادات حول الأداء في غزّة والملفّات الأسيريّة، نقل الضغط إلى الخارج عبر إظهار قدرتها على استهداف قيادات رفيعة في حزب الله، وإيصال رسالة مزدوجة إلى طهران وحلفائها بأنّ "ذراع إسرائيل الاستخبارية والجوّيّة" لا تزال فاعلة في العمق. في المقابل، يوازن حزب الله بين الردّ العسكريّ حفاظًا على معادلة الردع، وبين تجنّب الانجرار إلى حربٍ شاملة، في ظلّ ضغوط دبلوماسيّة دوليّة – خصوصًا فرنسيّة وأميركيّة – لدفع الطرفين إلى تسوية تضمن هدوء الحدود مقابل تفاهمات أوسع على واقع الجنوب وترتيبات ما بعد حرب غزّة. وبهذا المعنى، لا يُقرأ استهدافُ هيثم الطبطبائي، إن تأكّد رسميًّا، كحدثٍ أمنيّ معزول، بل كحلقة في مسار تصعيد متدرّج تسعى من خلاله إسرائيل إلى إعادة رسم قواعد الاشتباك، فيما يُصرّ حزب الله على أنّ أيّ مسّ بقياداته الميدانيّة لن يمرّ بلا ثمن، ما يرفع من منسوب المخاوف من انزلاقٍ أوسع في الأيام والأسابيع المقبلة إذا فشل المسار السّياسيّ في لجم هذا التصعيد.

 

نتنياهو: ننتظر من لبنان نزع سلاح الحزب.. وعمليات جديدة ممكنة

المدن/23 تشرين الثاني/2025

أكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنّ "إسرائيل لن تسمح لحزب الله أن يُشكِّل تهديدًا لها مرّةً أخرى"، مشيرًا إلى أنّه "يتوقّع من الحكومة اللبنانيّة تنفيذ التزاماتها وتجريد حزب الله من سلاحه"، ولافتًا إلى أنّ إسرائيل "قضت على هيثم طباطبائي، القائد الكبير في حزب الله". وأفادت "القناة 13" الإسرائيليّة بأنّ إسرائيل تدرس تنفيذ مزيدٍ من العمليّات على جبهة لبنان. في موازاة ذلك، نقلت "أكسيوس" و"القناة 12" عن مسؤولٍ أميركيّ قوله إنّ الولايات المتحدة "لم تتلقَّ أيّ احتجاج من الحكومة اللبنانيّة بشأن اغتيال طباطبائي".

تقديرات إسرائيلية: لا تبادل ضربات

أفادت هيئة البثّ الإسرائيليّة العامّة "كان 11" بأنّ إسرائيل تُقدِّر أنّه لن يكون هناك "تبادل للضربات" مع "حزب الله" عقب اغتيال رئيس أركانه هيثم طبطبائي. وأشارت الهيئة إلى أنّ إسرائيل، ورغم هذه التقديرات، تستعدّ لإمكان حصول ردّ فعل من جبهاتٍ أُخرى على الاغتيال الذي نُفِّذ في الضاحية الجنوبيّة لبيروت.

 

"حزب الله" ينعى القيادي هيثم علي الطبطبائي

المدن/23 تشرين الثاني/2025

أعلن "حزب الله" في بيانٍ أنّه "بكلّ فخرٍ واعتزاز" ينعى القائد الجهادي الكبير هيثم علي الطبطبائي (السيّد أبو علي)، الذي "ارتقى شهيدًا فداءً للبنان وشعبه" إثر غارةٍ إسرائيليّة استهدفت منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبيّة لبيروت. وأشار البيان إلى أنّ الطبطبائي "أفنى حياته في صفوف المقاومة منذ انطلاقتها، وكان من القادة الذين وضعوا المدماك الأساسي لبقاء هذه المقاومة قويّة قادرة على صون الوطن وصناعة الانتصارات". وأضاف البيان أنّ "منح الله الشهيد وسام الشهادة الرفيع، وإنّ شهادته ستضفي أملًا وعزيمةً وقوّةً لإخوانه المجاهدين"، مؤكّدًا أنّ "المجاهدين سيحملون دمه كما حملوا دماء القادة الشهداء، ويمضون قُدُمًا بثباتٍ وشجاعةٍ لإسقاط مشاريع العدوّ الصهيوني وراعيته أميركا". وتقدّم الحزب بالتعازي إلى "جمهور المقاومة وعائلات الشهداء"، سائلًا الله "الصبر والسلوان لهم والشفاء العاجل للجرحى".

 

إسرائيل تستهدف الرجل الثاني في «حزب الله» وسط ضاحية بيروت الجنوبية

طبطبائي إيراني الأصل ومصنف «إرهابياً» من قبل وزارة الخزانة الأميركية

بيروت: كارولين عاكوم/الشرق الأوسط»/23 تشرين الثاني/2025

عادت الضاحية الجنوبية لبيروت إلى الواجهة مجدداً مع استهدافها مرة جديدة من قبل الجيش الإسرائيلي، في عملية طالت الرجل الثاني في «حزب الله»، الإيراني الأصل، هيثم علي طبطبائي، ظهر الأحد، ما أدى إلى سقوط 5 قتلى و28 جريحاً. ونعى «حزب الله» في بيان، مساء الأحد، «القائد الجهادي الكبير»، مشيراً إلى أنه «أفنى حياته في المقاومة منذ انطلاقتها، وكان من القادة الذين ‏وضعوا ‏المدماك الأساسي» للآلة العسكرية للحزب. لكن الحزب لم يتوعد بالرد في بيانه. وأتى هذا الاستهداف في سياق التصعيد الإسرائيلي المتواصل ضد لبنان، الذي كان يتركز في الفترة الأخيرة على الجنوب والبقاع (شرق)، مترافقاً مع تهديدات مستمرة من قبل المسؤولين الإسرائيليين بتوسيع دائرة الحرب، وكان آخرها صباح الأحد، على لسان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي جدد التأكيد على مواصلة القيام بما يلزم لمنع «حزب الله» من إعادة بناء قدراته، في وقت تستمر فيه الاغتيالات المتنقلة التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان.

عون لوضع حد للتصعيد

وبينما أتت العملية بعد يومين من إطلاق الرئيس اللبناني جوزيف عون، مبادرة لوضع حل مستدام للأزمة مع إسرائيل، يقضي بتثبيت الاستقرار، ويربط الخطوات اللاحقة بالموقف العربي، اعتبر عون، في بيان الأحد، أن استهداف الضاحية الذي تزامن مع ذكرى الاستقلال، «دليل آخر على أنها (إسرائيل) لا تأبه للدعوات المتكررة لوقف اعتداءاتها على لبنان، وترفض تطبيق القرارات الدولية وكل المساعي والمبادرات المطروحة لوضع حد للتصعيد وإعادة الاستقرار؛ ليس فقط إلى لبنان بل إلى المنطقة كلها». وأضاف أن «لبنان الذي التزم وقف الأعمال العدائية منذ ما يقارب سنة حتى اليوم، وقدم المبادرة تلو المبادرة، يجدد دعوته للمجتمع الدولي بأن يتحمل مسؤوليته ويتدخل بقوة وبجدية لوقف الاعتداءات على لبنان وشعبه منعاً لأي تدهور يعيد التوتر إلى المنطقة من جهة، وحقناً لمزيد من الدماء من جهة أخرى».

سلام لتوحيد الجهود

من جهته، قال رئيس الحكومة نواف سلام عبر حسابه على منصة «إكس»، إن «الاعتداء على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم، يتطلب توحيد كل الجهود خلف الدولة ومؤسساتها»، مؤكداً أنّ «حماية اللبنانيين ومنع انزلاق البلاد إلى مسارات خطرة هما أولوية الحكومة في هذه المرحلة الدقيقة؛ فهي ستواصل العمل بشتى الوسائل السياسية والدبلوماسية مع الدول الشقيقة والصديقة، من أجل حماية اللبنانيين، ومنع أيّ تصعيد مفتوح، وبما يضمن وقف اعتداءات إسرائيل وانسحابها من أرضنا، وعودة أسرانا». وأضاف: «لقد أثبتت التجارب أنّ الطريق الوحيد لترسيخ الاستقرار يمرّ عبر التطبيق الكامل للقرار 1701، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية، وتمكين الجيش اللبناني من الاضطلاع بمهامه».

اغتيال دون إنذار

ونفذ الجيش الإسرائيلي العملية من دون إطلاق أي إنذار كما جرت العادة عند استهداف الضاحية الجنوبية، إن خلال الحرب العام الماضي، أو في الضربات التي استهدفت المنطقة بعد اتفاق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وهو ما أدى إلى سقوط عدد كبير من الجرحى في غارة الأحد، إذ أعلنت وزارة الصحة اللبنانية الغارة أوقعت 5 قتلى و28 جريحاً. وأفادت «الوكالة الوطنية للاعلام» بأن الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية، استهدفت شقة سكنية بأحد المباني في حارة حريك، حيث خلفت أضراراً كبيرة في السيارات والمباني المحيطة، مشيرة إلى أنه «أطلقت 3 صواريخ باتجاه المبنى المستهدف، وقد حضرت إلى المكان سيارات الإسعاف وعملت على نقل مصابين، كما فرض الجيش اللبناني طوقاً أمنياً حول المكان». ومع العلم أن هذه العملية هي الضربة الثالثة التي تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله»، منذ 5 يونيو (حزيران) الماضي، والخامسة منذ إعلان وقف إطلاق النار. وجاءت عملية الضاحية بعد ساعات من مقتل الأسير المحرر محمد صالح، إثر استهداف مسيرة إسرائيلية السيارة التي كان يستقلها في حي الرجم، لإحضار معدات يستخدمها في ترميم منزله ببلدته عيتا الشعب، بحسب «الوكالة الوطنية للإعلام».

بأمر من نتنياهو

وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن الأخير أمر بشن ضربة على بيروت الأحد، استهدفت «رئيس الأركان» في «حزب الله». وجاء في بيان مقتضب: «قبل قليل، وفي قلب بيروت، هاجمت قوات الجيش الإسرائيلي رئيس أركان (حزب الله)، الذي كان يقود عمليات إعادة بناء وتسليح التنظيم الإرهابي»، مضيفاً أن نتنياهو «أصدر الأمر بشن الهجوم». وقالت المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية شوش بدروسيان، إن «رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمر بتنفيذ الغارة في الضاحية الجنوبية لبيروت»، والتي أُطلقت عليها قناة «14» اسم «الجمعة السوداء». وأشارت إلى أن «العملية تأتي في إطار جهود إسرائيل لمنع (حزب الله) من إعادة بناء قوته وتهديد الأمن الإسرائيلي، مشددة على أن التنظيم يعمل بشكل فاعل على انتهاك التفاهمات بين لبنان وإسرائيل»، مؤكدة أن «الحكومة ستواصل اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لضمان عدم تعافي (حزب الله)، أو تعزيز قدراته العسكرية داخل لبنان».

في المقابل، ذكر مراسل لموقع «أكسيوس» في منشور على منصة «إكس»، نقلاً عن مسؤول أميركي كبير، أن «إسرائيل لم تخطر الولايات المتحدة مسبقاً بالغارة التي استهدفت مقاتلاً من جماعة (حزب الله) في إحدى ضواحي بيروت»، بحسب ما أفادت وكالة «رويترز». ولفت المنشور نقلاً عن المسؤول، إلى «أنه تم إبلاغ الإدارة الأميركية مباشرة بعد الضربة، بينما قال مسؤول كبير ثانٍ إن الولايات المتحدة كانت تعلم منذ أيام أن إسرائيل تخطط لتصعيد».

«حزب الله»: القيادة ستتخذ القرار المناسب

وفي حين يسود الترقب في لبنان لما ستكون عليه الخطوات المقبلة، لا سيما من قبل «حزب الله» بعد هذه العملية، قال رئيس المجلس السياسي في «الحزب» محمود قماطي، إن «كل الاحتمالات واردة، والقيادة ستتخذ القرار المناسب حول الرد»، في وقت أكدت فيه وسائل إعلام إسرائيلية مقتل طبطبائي، وأن «الجيش يستعد لرد محتمل من (حزب الله)». وأقر قماطي، من موقع الاستهداف حيث استمر تحليق المسيرات الإسرائيلية، بأن «قيادياً عسكرياً كبيراً استهدف في الضربة على الضاحية الجنوبية، والنتائج غير معلومة بعد». وقال إن «عدوان اليوم خرق خطاً أحمر جديداً، ونحن ملتزمون بالتنسيق الكامل مع الدولة والجيش اللبناني، ولا خيار إلا بالتمسك بالمقاومة، ولا يمكن قبول الاستمرار بهذه الاستباحة». ورأى أن «العدوان الإسرائيلي دليل جديد على أن العدو لا تنفع معه الاتفاقات، وهو لا يريد أن ينفذ أي اتفاق، وأي تفاوض جديد معه هو مضيعة للوقت، ونحن معنيون جيشاً وشعباً ومقاومة بوقف هذه الاستباحة».

إيراني الأصل... على لائحة «العدالة» الأميركية

وطبطبائي هو إيراني الأصل من أم لبنانية، وقالت القناة 12 الإسرائيلية إن «إسرائيل حاولت تصفيته مرتين خلال الحرب، وهذه هي المرة الثالثة». وطبطبائي هو القائد السابق لـ«قوة الرضوان»، وبات من أهم القادة في «حزب الله» بعد اغتيال أمينيه العامين؛ حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، وقياديين في الصفين الأول والثاني. وتشير المعلومات إلى أنه تولى مهام القيادي العسكري إبراهيم عقيل بعد اغتياله في شهر سبتمبر (أيلول) 2024، وهو الذي «كان يعدّ الرجل الثاني في الهيكلية العسكرية لـ(حزب الله)». وكان برنامج «مكافآت من أجل العدالة» الأميركي، أعلن عن مكافأة تصل إلى 5 ملايين دولار مقابل معلومات عن طبطبائي المعروف أيضاً باسم «أبو علي طبطبائي». وقالت إنه «قيادي عسكري بارز في (حزب الله)، وقاد القوات الخاصة للجماعة في كل من سوريا واليمن»، مشيرة إلى أن «الأعمال التي قام بها طبطبائي في سوريا واليمن ما هي إلا جزء من جهد أكبر يبذله (حزب الله) لتوفير التدريب والعتاد والجنود لدعم أنشطته الإقليمية لزعزعة الاستقرار».وفي 26 أكتوبر (تشرين الأول) 2016، كانت قد صنفت وزارة الخارجية الأميركية طبطبائي بشكل خاص كـ«إرهابي عالمي» بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224، بصيغته المعدلة. ونتيجة لهذا التصنيف، ومن بين العواقب الأخرى، تم حظر جميع ممتلكات طبطبائي، والفوائد العائدة عليها التي تخضع للولاية القضائية الأميركية، وتم منع الأميركيين بوجه عام من إجراء أي معاملات مع طبطبائي. كما يدخل في إطار الجريمة كل من الدعم المتعمد عن علم، أو محاولة توفير الدعم المادي، أو الإمكانات المادية، أو التآمر لتوفيرهما لـ(حزب الله) الذي صنفته الولايات المتحدة بوصفه منظمة إرهابية أجنبية».

جعجع لجلسة طارئة لمجلس الوزراء

وتوجه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، إلى كل من رئيس الجمهورية جوزيف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، عبر حسابه على منصة «إكس»، قائلاً: «لمواجهة الاعتداء الإسرائيلي الذي استهدف اليوم الضاحية الجنوبية، لا نستطيع التصرف كالعادة... إذا كان لدينا أي طريقة، وأؤكد أي طريقة، لإقامة توازن عسكري شرعي يمكِّننا من إيقاف الهجمات الإسرائيلية.. فلنعتمدها فوراً». وأضاف جعجع: «أما إذا لم يكن لدينا هذا الخيار، وكما هو واضح وجلي، فلا يبقى أمامنا إلا طريق واحد لا غير: الاستعانة بأصدقاء لبنان، غرباً وشرقاً، وفي طليعتهم الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية، للضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها وانسحابها من لبنان». وأشار إلى أن «ما تطلبه الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية لمساعدة لبنان هو قيام دولة فعلية في لبنان فحسب، تحتكر السلاح كله والقرارين العسكري والأمني كلياً. وهذا كان مطلبنا جميعاً نحن اللبنانيين، بدءاً باتفاق الطائف، مروراً بقرارات مجلس الأمن 1559 و1680 و1701، وليس انتهاء باتفاقية 27 نوفمبر 2024، وقراري مجلس الوزراء في 5 و7 أغسطس (آب) 2025». وتمنى جعجع «دعوة مجلس الوزراء إلى جلسة طارئة لوضع قراري مجلس الوزراء في 5 و7 أغسطس موضع التنفيذ، وإجراء مشاورات سريعة وفي العمق وبالتفاصيل كلها مع الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية وبقية أصدقاء لبنان، للاستعانة بقدراتهم على وقف الاعتداءات الإسرائيلية نهائياً، وسحب إسرائيل من لبنان، والعودة إلى اتفاقية الهدنة لعام 1949».

 

الطبطبائي الرقم 2 في حزب الله: من التدخّل إلى "قوة الرضوان"

المدن/23 تشرين الثاني/2025

يضع الاستهدافُ الإسرائيليّ الأخير في الضاحية الجنوبيّة اسمَ هيثم علي طبطبائي، المعروف بـ"أبو علي طبطبائي"، في واجهة المشهد مجدّدًا، بوصفه أحد أبرز العقول العسكريّة في "حزب الله" وأحد أكثر قادته ملاحقة من جانب الولايات المتّحدة وإسرائيل. ووُلد هيثم علي الطبطبائي عام 1968، وتختلف الروايات حول مكان ولادته بين بيروت والجنوب اللبناني، كما تشير تقارير إلى أنّه من أبٍ إيرانيّ وأمّ لبنانيّة جنوبيّة. تقول مصادر إعلاميّة إنّه نشأ في بيئةٍ شيعيّة متديّنة، وانضمّ في شبابه إلى "المقاومة الإسلاميّة" التي شكّلت النواة العسكريّة لـ"حزب الله"، ليتدرّج داخلها في مواقع ميدانيّة مرتبطة بالعمل الخاص والوحدات النخبويّة.

من "قوّات التدخّل" إلى قيادة "قوّة الرضوان" يُقدَّم طبطبائي في عدد من التقارير كأحد أبرز الضبّاط الذين ترقّوا داخل الجناح العسكري للحزب بعيدًا عن الأضواء. فقد تولّى في مرحلة مبكرة قيادة "قوّات التدخّل"، وهي وحدة إسناد هجوميّ عملت كقوّة صدمة متحرّكة على الجبهات، قبل أن تُدمَج هذه الوحدة مع القوّات الخاصّة بعد اغتيال القائد العسكري عماد مغنيّة عام 2008، لتولد "قوّة الرضوان" التي سُمّيت تيمّنًا باسمه الحركي "الحاج رضوان". وتشير تقارير متقاطعة إلى أنّ طبطبائي أصبح في ما بعد القائد الفعلي لـ"قوّة الرضوان"، وهي نخبة النخبة في "حزب الله" المسؤولة عن العمليّات الخاصّة، والتسلّل خلف خطوط العدوّ، والتحضير لأيّ عمل عسكريّ محتمل في الجليل شماليّ فلسطين المحتلّة.

ساحات القتال في سوريا واليمن

برز اسم طبطبائي على نحو أوضح مع انخراط "حزب الله" في الحرب السوريّة. وتذكر تقارير معارضة وأمنيّة أنّه أشرف على وحدات من "قوّة الرضوان" في معارك مفصليّة، أبرزها معركة القصير وعمليّات في القلمون ومحيطهما، حيث لعبت وحدات النخبة التابعة للحزب دورًا حاسمًا في ترجيح الكفّة لصالح النظام السوري. كما تتحدّث مصادر أميركيّة وإقليميّة عن دور لطبطبائي في تنسيق دعم لوجستي وعسكريّ لحلفاء إيران في اليمن، عبر تدريب عناصر وتوفير عتاد وخبرات ميدانيّة، في إطار شبكة إقليميّة أوسع تُتهم بالعمل على تعزيز نفوذ طهران وزعزعة الاستقرار في المنطقة. ومنذ سنوات، يتصدّر اسم طبطبائي لوائح المطلوبين لدى واشنطن. ففي تشرين الأوّل 2016 صنّفته وزارة الخارجيّة الأميركيّة "إرهابيًّا عالميًّا محدّدًا" بموجب الأمر التنفيذي 13224، ما أدّى إلى تجميد أيّ ممتلكات يملكها داخل الولاية القضائيّة الأميركيّة ومنع المواطنين الأميركيّين من التعامل معه ماليًّا أو تجاريًّا. لاحقًا، أعلن برنامج "مكافآت من أجل العدالة" التابع للوزارة عن مكافأة تصل إلى 5 ملايين دولار أميركي مقابل معلومات تؤدّي إلى تعقّبه، واصفًا إيّاه بأنّه "قياديّ عسكريّ بارز في حزب الله قاد القوّات الخاصّة في سوريا واليمن" وأنّ نشاطه جزء من "جهد أوسع لتوفير التدريب والعتاد والجنود لدعم الأنشطة الإقليميّة" للحزب.

محاولات اغتيال متكرّرة وظلّ ثقيل في الجولان

رغم طابعه السرّيّ، خرج اسم أبو علي طبطبائي إلى العلن أكثر من مرّة عقب استهدافات إسرائيليّة. فقد أُشير إليه بوصفه الهدف الأساسيّ لعمليّة القنيطرة في الجولان السوري عام 2015، التي قُتل فيها القياديّ الإيرانيّ محمد علي الله دادي وجهاد عماد مغنيّة وعدد من عناصر "حزب الله"، قبل أن يتبيّن أنّه نجا من الغارة.

ومنذ ذلك الحين، وضعته وسائل إعلام إسرائيليّة في خانة "الأهداف العالية القيمة"، وتحدّثت تقارير حديثة عن أنّ إسرائيل حاولت اغتياله أكثر من مرّة خلال العامين الأخيرين، كان آخرها الغارة التي استهدفت شقّة سكنيّة في حارة حريك في الضاحية الجنوبيّة لبيروت، والتي أعلنت تل أبيب أنّها نُفِّذت "بدقّة" ضدّ "شخصيّة مركزيّة في حزب الله"، مرجّحة أن يكون هو المقصود.

موقعه الحالي في هيكليّة الحزب العسكريّة

مع موجة الاغتيالات التي طالت عددًا كبيرًا من قادة "حزب الله" الميدانيّين خلال الحرب الأخيرة، برز اسم طبطبائي أكثر فأكثر في التقارير الإسرائيليّة ومراكز الأبحاث الأمنيّة بوصفه أحد أهمّ ركائز القيادة العسكريّة للحزب، إلى جانب القياديّ محمد حيدر. بعض هذه التقارير تتحدّث عن أنّ طبطبائي تولّى قيادة الجبهة الجنوبيّة بعد اغتيال القائد علي كركي في أيلول 2024، وأنّه بات مسؤولًا عن ثلاث وحدات جغرافيّة رئيسيّة "ناصر" و"عزيز" و"بدر"، الممتدّة من صيدا إلى الحدود اللبنانيّة الجنوبيّة، وهي المنطقة التي تشكّل مركز الاحتكاك المباشر مع إسرائيل. في المقابل، تذهب تقديرات أخرى أبعد من ذلك، لتقدّمه كأحد من يُنسب إليهم عمليًّا لعب دور "العقل العسكريّ" أو "الرجل الثاني" في الحزب بعد التغييرات التي طاولت القمّة العسكريّة، وإن كانت هذه التسميات لا تجد ترجمة رسميّة داخل التنظيم الذي يتجنّب الكشف عن هيكليّته التفصيليّة.

قائد ميدانيّ بعيد عن الأضواء

بحسب ما تجمعه التقارير الإعلاميّة والبحثيّة، يلتزم طبطبائي بنمط حياة شديد التحفّظ، قليل الظهور في الصور والمناسبات العامّة، ويُعرَف أكثر داخل الأوساط العسكريّة المغلقة من خلال كنيته "أبو علي". وتربطه هذه التقارير بخطّ القيادات التي "نشأت في الميدان" في بنية "حزب الله"، على غرار عماد مغنيّة وفؤاد شكر وعلي كركي، أكثر ممّا تربطه بالواجهة السياسيّة العلنيّة للحزب. بهذه الخلفيّة، تبدو الغارة الأخيرة على الضاحية الجنوبيّة، إن صحّت الروايات التي تفيد بأنّه كان هدفها، محاولة جديدة لاستهداف أحد أعمدة الهيكليّة العسكريّة التي تشكّلت في "حزب الله" بعد سلسلة الاغتيالات الأخيرة، في خطوةٍ تحمل في طيّاتها رسائل تتجاوز شخصه إلى توازن القوى على الجبهة اللبنانيّة برمّتها.

 

رسالة إسرائيلية مزدوجة وراء اغتيال الطبطبائي... فهل يردّ الحزب؟

نداء الوطن/24 تشرين الثاني/2025

استبقت إسرائيل زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إلى بيروت يوم الثلثاء، لاستكمال وساطة بلاده للتهدئة، فضربت مبنى في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت للمرة الأولى منذ أشهر، فقضت على الرجل الثاني في "حزب الله" هيثم علي الطبطبائي، وهو شخصية عسكرية محورية في "الحزب"، وكانت قد شملته الولايات المتحدة الاميركية بعقوبات صارمة وخصّصت مكافأة بنحو خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه. مصدر سياسي متابع قال لـ "نداء الوطن"، إنّ هذه الضربة تشكل رسالة من إسرائيل إلى "حزب الله" والسلطة اللبنانية على حد سواء، مفادها بأنّها جاهزة للتصعيد في أي مكان وزمان، ولن تقف مكتوفة اليدين أمام محاولة "الحزب" إعادة بناء قدراته العسكرية، كما أنها لن تنتظر طويلًا مراوغة لبنان الرسمي في تنفيذ خطة نزع سلاح "حزب الله"، مشيرًا إلى أنّ هذا الموقف الإسرائيلي يحصل على غطاء من واشنطن التي تتشارك مع تل أبيب وجهة النظر نفسها. أضاف المصدر نفسه، بأنّ "الحزب"، ورغم اعتباره هذه الضربة خطًّا أحمر، يقف أمام خيارين، إمّا الردّ والمخاطرة بفتح جبهة قتال جديدة قد لا يكون قادرًا عليها، وإمّا التزام الصمت، وهنا قد تغتنم إسرائيل الفرصة لاستكمال تصعيدها الميداني وهي تدرك أنّها لن تقابل بأي ردّ. وكان الجيش الإسرائيلي قال في بيان، إن الطبطبائي قاد خلال الحرب الأخيرة قسم العمليات في "حزب الله" وترقى في صفوفه، بعد تصفية كبار القادة الآخرين. وأضاف البيان أنه بمجرد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، عُين الطبطبائي قائدًا عسكريًا للحزب و"عمل بشكل مكثف على استعادة جاهزيته للحرب مع إسرائيل". فيما كشف مركز "ألما" للأبحاث الإيرائيلية، أن الطبطبائي نجا من هجمات إسرائيلية أخرى في سوريا وخلال الحرب في لبنان. وفي ردود الفعل المحلية، جدد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون دعوة المجتمع الدولي لتحمل مسؤوليته والتدخل بقوة وجدية لوقف الاعتداءات على لبنان وشعبه، منعًا لأي تدهور يعيد التوتر إلى المنطقة من جهة، وحقنًا لمزيد من الدماء من جهة أخرى". بدوره، اعتبر رئيس الحكومة نواف سلام أن "حماية اللبنانيين ومنع انزلاق البلاد إلى مسارات خطرة، هي أولوية الحكومة في هذه المرحلة الدقيقة... و‏لقد أثبتت التجارب أنّ الطريق الوحيد لترسيخ الاستقرار يمرّ عبر التطبيق الكامل للقرار 1701، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية، وتمكين الجيش اللبناني من الاضطلاع بمهامه".

أمّا رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع فقال إنه لا يمكن التصرّف كالعادة عبر "مهاجمة إسرائيل ولعنها، والتقدُّم بشكوى إلى مجلس الأمن، على اعتبار أن هذه الخطوات لم تُفِد يومًا بشيء. وتمنى جعجع دعوة مجلس الوزراء إلى جلسة طارئة لوضع قراري جلستي 5 و 7 آب موضع التنفيذ، وإجراء مشاورات سريعة مع الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية، وبقية أصدقاء لبنان، للاستعانة بقدراتهم على وقف الاعتداءات الإسرائيلية نهائيًا، وسحب إسرائيل من لبنان، والعودة إلى اتفاقية الهدنة لعام 1949.

 

تفاصيل الأخبار الإقليمية والدولية

إيران تحذر من محاولات استهداف خامنئي

المدن/23 تشرين الثاني/2025

حذّر وزير الاستخبارات الإيراني من محاولات أميركية وإسرائيلية لاستهداف المرشد الإيراني علي خامنئي أو إثارة الاضطرابات في الداخل الإيراني، بحسب ما نقلت وسائل إعلام محلية. ويبلغ علي خامنئي 86 عاماً، ويتولى منصبه منذ العام 1989 خلفاً لآية الله الخميني. ويعود إليه القرار الفصل في كل القضايا الاستراتيجية للجمهورية للإسلامية. وقال إسماعيل الخطيب، وفق ما نقلت عنه وكالة "إيسنا" مساء السبت، إن المرشد الأعلى هو "الركيزة" و"لهذا يسعى الأعداء لاستهدافه والقيام بأعمال تهدد محور الوحدة هذا". ولم يتضح ما إن كان الوزير يشير إلى حادث أو مخطط محدد، لكن المسؤولين الإيرانيين كثيراً ما يتحدثون عن مؤامرات أجنبية تُنسب غالباً إلى الولايات المتحدة وإسرائيل. غير أن التطرّق الى أمن المرشد نفسه كان أمراً نادر الحصول، قبل الحرب الإيرانية الإسرائيلية الصيف الماضي. وفي 11 تشرين الثاني/نوفمبر، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إنه خشي اغتيال خامنئي في حزيران/يونيو، أثناء الحرب، وأن يثير اغتياله، لو وقع فعلاً، انقسامات داخلية. وأضاف بزشكيان في مقطع مصوّر بثّته وسائل إعلام رسمية "لم أكن خائفاً على نفسي، كنت خائفاً أن يصاب المرشد بمكروه وأن نتنازع في ما بيننا". وهدد مسؤولون أميركيون وإسرائيلون مرارا باغتيال المرشد. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقابلة مع شبكة "ايه سي نيوز" أثناء الحرب إن قتل المرشد "لن يُؤجج النزاع، بل سينهيه". كذلك، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن قتل خامنئي "هدف سهل"، لكن واشنطن "لن تقتله، في الوقت الحالي على الأقل".ولم يُسجل أي ظهور علني لخامنئي أثناء الحرب، بل توجّه للشعب الإيراني في خطابات مسجّلة لا يظهر فيها معه أحد. ومنذ دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في الرابع والعشرين من حزيران/يونيو، قلص المرشد بشكل كبير ظهوره العلني. في سياق آخر،نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، اليوم الأحد، أن تكون إيران قد طلبت من المملكة العربية السعودية التوسط لدى الإدارة الأميركية لإحياء المفاوضات النووية المتوقفة منذ حزيران/يونيو الماضي.  وأوضح بقائي، خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي، أن الرسالة التي بعثها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان "اقتصر مضمونها فقط على توجيه الشكر" للسعودية على مساعدتها في ملف عودة الحجاج الإيرانيين أثناء الحرب.  وأضاف أن "القضية ليست الوساطة ولا دور الوسطاء، وإنما ترتبط بالموقف والسياسات الأميركية"، مؤكداً أن "الولايات المتحدة لا تتحلّى بالجدية اللازمة في ملف التفاوض، وأن رؤيتها للمحادثات تقوم على الإملاء وفرض الشروط، بدلاً من أن تكون مبنية على الأعراف الدبلوماسية المتعارفة والتبادل المتكافئ"، وشدّد بقائي على أنه "طالما تصرّ واشنطن على هذا النهج، فلن تتشكل أي مفاوضات ذات معنى، أما الحديث عن الوساطة فهو مسألة ثانوية".  وتابع: "لدينا علاقات جيّدة مع السعودية ونولي هذه العلاقات أهمية كبيرة"، معرباً عن تقدير إيران "لجهود المملكة وسائر الدول الساعية إلى إرساء السلام والاستقرار في المنطقة وخفض التوترات"، مؤكداً، في الوقت نفسه، أن الرسالة الموجهة لولي العهد السعودي لم تتطرق إطلاقاً إلى مسألة الوساطة أو التفاوض.

 

لبنان- غزة- إيران.. ثلاثيةٌ هجومية إسرائيلية قيد التجهيز؟

المدن/23 تشرين الثاني/2025

أشار رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتانياهو، إلى أنّه "في نهاية الأسبوع، شن الجيش الإسرائيلي هجوما في لبنان، وسنفعل كل ما يلزم لمنع "حزب الله" من إعادة بناء قدراته ضدنا". وتَسود أجواءٌ إقليميّة مُتوتِّرة على نحوٍ غيرِ مسبوق، في ظلّ تقديراتٍ إسرائيليّة تُحذِّر من اقتراب ساعة الصفر لعمليةٍ عسكريّة واسعة قد تمتدّ على ثلاثِ جبهاتٍ متوازية، هي غزّة ولبنان وإيران، وسط مخاوف من انزلاق المنطقة إلى مواجهةٍ شاملة. ووفق ما نقلته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، تعمل إسرائيل على إعداد خطّة هجوميّة تشمل ضرباتٍ جوّية مكثّفة في لبنان، وعمليّاتٍ موجّهة ضد البنية العسكريّة لحركة حماس في غزّة، إلى جانب احتمال تنفيذ هجومٍ استباقي يستهدف منشآتٍ صاروخيّة ونوويّة داخل إيران. وتُحذِّر دوائرٌ أمنيّة من أنّ خطوةً من هذا النوع قد تُشعِل المنطقة برمّتها، خصوصًا مع احتمال ردٍّ منسَّق من "محور المقاومة" المتمثّل في حماس وحزب الله والحوثيين، بدعمٍ لوجستيّ إيرانيّ مباشر، ما يرفع منسوب القلق من توسّع رقعة الاشتباك وتحوّله إلى حربٍ إقليميّة مفتوحة.

وفي ظلّ الاغتيالات اليوميّة والغارات التي يشنّها الجيش الإسرائيليّ على قطاع غزّة، بما في ذلك الهجوم الذي أودى بالقيادي في كتائب القسّام أبو عبد الله الحديدي، تؤكّد مصادرُ إسرائيليّة، نُقل عنها في وسائل الإعلام العبرية، أنّ تل أبيب لن تسمح لحماس بإعادة بناء قوّتها العسكريّة، وأنّ الانتقال إلى "المرحلة الثانية" من الهدنة مشروطٌ بإعادة جثامين ثلاثةٍ من الأسرى الإسرائيليين. وعلى جبهةِ لبنان، تتحدّث التقارير الإعلاميّة عن تحوّلٍ خطِر في الاستراتيجية الإسرائيليّة، مع توسّعِ الأنشطة السريّة داخل الأراضي اللبنانيّة، وبناء "بنية تحتيّة ظلّية" هدفها استهدافُ مواقع حسّاسة تابعة لحزب الله، وصولًا إلى وضع سيناريوهاتٍ لعملياتِ كوماندوز قد تُنفَّذ في العمق اللبناني، الأمر الذي يرفع احتمال توسّع دائرة التصعيد شمالًا.

أمّا على الجبهة الإيرانيّة، فتشير تقديراتٌ إسرائيليّة إلى أنّ طهران استعادت خلال أشهرٍ قليلة جزءًا كبيرًا من ترسانتها الصاروخيّة، وتستعدّ، بحسب هذه التقديرات، لإطلاق نحو ألفَي صاروخٍ دفعةً واحدة في حال اندلاعِ الحرب، ما دفع القيادة الإسرائيليّة إلى إعادة تقييم السيناريوهات المطروحة، في ظلّ تحذيراتٍ إيرانيّة من استهدافٍ مباشرٍ للمرشد علي خامنئي. وبينما تُواصِل الولايات المتحدة والأمم المتحدة مساعيَ تشكيلِ قوّة استقرارٍ دوليّة في غزّة تتكوّن من جنودٍ عربٍ ومسلمين، ترى إسرائيل أنّ الوقت يضيق، وأنّ "التأخر الأميركي في فهم خطورة الوضع" يفتح الباب أمام اندلاع مواجهةٍ شاملة قد تتغيّر معها ملامحُ المنطقة بأكملها، سياسيًّا وأمنيًّا. وفي سياقٍ موازٍ للتوتّر العسكريّ، برز بُعدٌ سياسيّ وإعلاميّ جديد في التغطية الإسرائيليّة، تمثّل في افتتاحيّة نشرتها صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيليّة بعنوان "على إسرائيل أن تستغلّ الفرصة لفتح علاقات مع لبنان وسوريا لمواجهة حزب الله"، حيث رأت الصحيفة أنّ "إسرائيل تجد نفسها في لحظة مفصليّة، فعلى مدار 77 عامًا من وجودها كان لبنان وسوريا عدوَّين لها، وكانت الحدود الشماليّة لإسرائيل منطقةً من عدم الاستقرار الشديد، حيث يُسيطر حزب الله على جنوب لبنان، بينما كانت سوريا تحت مظلّة نظام الأسد في حالة حرب مع إسرائيل، وتشكل أيضًا ممرًّا لطموحات إيران الإقليميّة".

ولفتت الصحيفة إلى أنّه، وبعد ما يقرب من عام على اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى صراع العام الماضي مع حزب الله، لا تزال أمام "الدولة اليهوديّة" فرصةٌ غير مسبوقة، موضحةً أنّ "الخصمَين يرسلان إشارات تُظهر انفتاحًا على علاقة مختلفة مع إسرائيل، ومن الضروري أن تغتنم إسرائيل هذه الفرصة بكلتا يديها". وركّزت "جيروزاليم بوست" على أنّ "التطوّرات الأخيرة ترسم صورةً لتحرّك إقليمي دراماتيكي"، مشيرةً إلى أنّ رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام أعلن يوم الخميس الماضي علنًا استعداد بلاده للتعاون مع إسرائيل في تقليص نفوذ حزب الله، وطلب مساعدة أميركيّة في المفاوضات، قائلةً إنّ سلام "أكّد استعدادَه للتفاوض مع إسرائيل". وأضافت الصحيفة أنّ الرئيس اللبناني جوزاف عون عزّز في اليوم التالي هذه الرسالة، معلنًا استعداد بيروت للتفاوض على وقف الضربات الإسرائيليّة، مقابل انسحاب الجيش الإسرائيلي من خمسة مواقع عسكريّة داخل الأراضي اللبنانيّة، مع استعداد القوّات المسلّحة اللبنانيّة للانتشار في أماكن تلك المواقع. وزعمت "جيروزاليم بوست" أنّ لبنان كان لعقودٍ "النموذج الأبرز لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط"، وأنّ هذا الواقع أتاح لحزب الله ملءَ الفراغ وكسب قلوب وعقول فئات واسعة من الشباب، معتبرةً أنّ مناقشة قادة البلاد علنًا فكرة التعاون ضدّ حزب الله تمثّل "تحوّلًا هائلًا" في الديناميكيّات السياسيّة الداخليّة في لبنان، إذ إنّ الحزب الذي كان يُنظر إليه طويلًا كـ"دولة داخل الدولة" لا تُمسّ، يجد نفسه اليوم، بحسب الصحيفة، أمام محاولة لإضعاف سلطته من قِبَل الحكومة الشرعيّة.

وأوضحت الافتتاحيّة أنّ "الخسائر الكبيرة" التي تكبّدها حزب الله في قيادته ومقاتليه النخبة خلال حرب العام الماضي مع إسرائيل، أضعفت موقعه الداخلي، وأتاحت للحكومة اللبنانيّة مساحةً أوسع لـ"إعادة تأكيد سيادتها".

إلى ذلك، أشارت الصحيفة إلى أنّ "زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المفاجِئة إلى جنوب سوريا يوم الأربعاء الماضي تُعدّ علامةً أخرى على أنّ الأمور قد تتغيّر"، إذ تجوّل نتنياهو في مواقع الجيش الإسرائيلي برفقة وزير الدفاع يسرائيل كاتس وكبار المسؤولين العسكريين، مرسِلًا، وفق توصيفها، "إشارةً واضحةً حول عزم إسرائيل على تشكيل البيئة الأمنيّة على طول حدودها الشماليّة". وأفادت الصحيفة بأنّ دمشق أدانت الزيارة بوصفها "انتهاكًا للسيادة السوريّة"، إلّا أنّها نقلت عن نتنياهو في تصريحاته أمام المجلس الوزاري المصغّر يوم الجمعة الماضية تقييمًا "لحساسيّة الوضع"، مشيرةً إلى أنّ "الرئيس السوري أحمد الشرع" عاد من اجتماعٍ مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، "حيث جرى تقديمه كـمستقبل سوريا"، في حين "تجاهلت" واشنطن، بحسب زعم الصحيفة، ماضيه ودوره السابق في تنظيم القاعدة. ولفتت "جيروزاليم بوست" إلى أنّ نتنياهو اتهم الشرع "بالتصرّف بشكل غير عقلاني منذ عودته من واشنطن"، وقال إنّه "عاد منتفخًا"، معتبرةً أنّ "الديناميكيّة الثلاثيّة بين إسرائيل ولبنان وسوريا تطرح فرصًا وتحدّياتٍ في آنٍ واحد". كما أكّدت الصحيفة أنّ إسرائيل تواصل عمليّاتها العسكريّة ضدّ البنية التحتيّة لحزب الله، مستهدفةً منصّات إطلاق الصواريخ ومنشآت الأسلحة في جنوب لبنان وسهل البقاع، مضيفةً أنّ الحزب "فشل في نزع سلاحه أو الاندماج ضمن الدولة اللبنانيّة كما هو مطلوب"، الأمر الذي يجعل "الوضع الراهن غير قابل للاستمرار إلى الأبد"، على حدّ تعبيرها. وختمت "جيروزاليم بوست" افتتاحيّتها بالقول إنّ "تزايد التعب اللبناني الداخلي من حزب الله، واستعداد القيادة السياسيّة في بيروت لإظهار انفتاحٍ على التفاوض، يوفّران مسارًا للمضي قدمًا"، مشيرةً إلى أنّ نواف سلام استشهد باتفاق ترسيم الحدود البحريّة الذي تمّ بوساطة أميركيّة قبل عامين بوصفه نموذجًا يمكن البناء عليه، وربطت ذلك بما وصفته "نقطة تحوّل في حرب غزّة"، مؤكدةً أنّ هذه التطوّرات، في ظلّ التوتّر العسكري القائم، يمكن أن تفتح أمام إسرائيل نافذةً سياسيّة تحاول من خلالها إعادة تشكيل خريطتها الأمنيّة والعلاقاتية على الجبهة الشماليّة.

 

هآرتس: نتنياهو يريد استئناف الحرب وعلى ترامب إيقافه

المدن/23 تشرين الثاني/2025

يبدو كأن إسرائيل تعمل على تهيئة الأرضية لاستئناف الحرب على لبنان وغزة، بهدف عرقلة تنفيذ خطة النقاط العشرين التي طرحها دونالد ترامب. فهذه الخطة، التي يعلن ترامب أنها "مسار للسلام في الشرق الأوسط"، لا تحظى بتطبيق أميركي كافٍ، وإسرائيل تستغل هذا الفراغ لخلق واقع يمنع تقدُّمها، بحسب صحيفة "هآرتس" العربية. وقالت الصحيفة في افتتاحيتها اليوم الأحد، إن الجيش الإسرائيلي أعلن أمس أنه هاجم أهدافاً تابعة لـ"حماس" في غزة، وذكرت وكالات الأنباء مقتل 24 شخصاً في الهجمات. في موازاة ذلك، هاجم الجيش الإسرائيلي منصات إطلاق ومواقع عسكرية لحزب الله في لبنان، وليس للمرة الأولى، ففي الأيام الأخيرة، سُجّلت هجمات إسرائيلية واسعة على غزة، إلى جانب توسيع "الخط الأصفر" غرباً. وأضافت الصحيفة أنه بحسب جهات غير تابعة لـ"حماس"، يدور الحديث حول "اختبار محسوب" يهدف إلى فحص حدود الاتفاق وقدرة الوسطاء على الاستيعاب، وهذا لا يُعَد مجرد تغيير طوبوغرافي، بل يُعتبر تغييراً استراتيجياً: خلق ظروف يمكن بواسطتها الادّعاء أن الاتفاق استنفد نفسه، وبالتالي يمكن استئناف القتال "بسبب الاستفزازات". وفي الوقت عينه، تخلق الهجمات على حزب الله في لبنان أجواء حرب وشيكة في الشمال، وتُعرَض كضرورة أمنية لا مفرّ منها. وتضيف الصحيفة أن الحاجة إلى يقظة أمنية "ازدادت بشكل مأساوي بعد أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر، لكن هذه الصدمة بالذات قد يستغلها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزراؤه المتعطشون إلى الدماء، وتحويل الحرب إلى واقع دائم يرافق إسرائيل والمنطقة أعواماً طويلة". وترى "هآرتس" أن عودة جميع الأسرى الأحياء إلى إسرائيل، فضلاً عن معظم جثامين القتلى منهم، تمنح نتنياهو حرية كبيرة في رفع مستوى التوتر، أو خفضه، حسبما يشاء. ومع اقتراب الانتخابات، قد يستخدم نتنياهو هذه الحرية لإقناع قاعدته الانتخابية والمترددين بأنه "سيد الأمن" الذي يضرب "أعداء إسرائيل بلا هوادة". و حقيقة أن "سيد الأمن" هذا مسؤول عن أكبر إخفاق في تاريخ إسرائيل لا تجعله يشعر بالخجل، بل تدفعه إلى محو العار، عبر تشديد قبضته العسكرية. وتختم "هآرتس" افتتاحيتها بالقول إن مفتاح وقف التدهور هو في يد الرئيس ترامب الذي يجب عليه أن يوضح لنتنياهو الخطوط الحمراء؛ ففي لبنان، يجب مساعدة الحكومة اللبنانية في مواجهتها مع حزب الله، وليس إضعافها من خلال قصف كثيف يجعلها تبدو كأنها عاجزة؛ وفي غزة، يجب مواصلة التقدم، وفق خطة ترامب، من دون محاولة إشعال الساحة. ولا يجوز أن يتسبب خوف الحكومة الإسرائيلية من تنفيذ أجزاء من الخطة التي تتطلب انسحابات إقليمية وتدويل السيطرة على القطاع في عرقلة تنفيذها. على ترامب أن يوضح لنتنياهو أن محاولة تقويض الاتفاق ستُقابَل بردّ أميركي حاد، وأن رصيد الثقة الذي منحه إياه قبل عدة أشهر قد ينفد.

 

غزة: عملية إسرائيلية لا مفر منها والقوة الدولية قيد البحث

المدن/23 تشرين الثاني/2025

قدّر مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر (الكابينة) أن "القيام بعملية عسكرية جديدة" في قطاع غزة قد يكون أمراً "لا مفر منه" وفقا لما نقلته هيئة البث الرسمية. ونقلت الهيئة عن مصادر سياسية مطلعة لم تسمها قولها، إن وزراء في الكابينت يقدرون أن "تعاظم قوة حركة حماس في غزة قد يجعل القيام بعملية عسكرية جديدة أمراً لا مفر منه"، دون تسمية الوزراء. وأشارت المصادر إلى أن هذا التقييم عُرض خلال جلسة للكابينت الأسبوع الماضي، حيث استعرضت الأجهزة الأمنية الوضع في غزة، وقدّمت أدلة على "زيادة قدرات حماس ورفضها التخلي عن سلاحها". في السياق ذاته، نقلت الهيئة عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إن "إسرائيل ستتحرك عسكرياً في حال عدم نجاح الإدارة الأميركية في إيجاد آلية تضمن نزع سلاح حماس". ويقدّر الجيش الإسرائيلي أن الإدارة الأميركية ستحتاج "من أسابيع إلى بضعة أشهر" لاتخاذ قرار بشأن تشكيل القوة المتعددة الجنسيات، والتي يُنظر إليها كشرط ضروري لإنطلاق المرحلة الثانية من خطة الرئيس دونالد ترامب بشأن قطاع غزة. وخلال ذلك، يناقش خبراء قانونيون من الأمم المتحدة مع قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي (سنتكوم) صلاحيات القوة، في حين تنشغل فرق العمل في كريات غات بتجهيز "الأرضية الميدانية" لاستيعابها بسرعة. وتجتمع يومياً ستة فرق تخطيط في كريات غات، بمشاركة ممثلين عن 21 دولة، لبحث مستقبل قطاع غزة وشكل القوة الدولية المقترحة وانتشارها ومهامها في المرحلة المقبلة. وأشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن النقاشات داخل المقر تشمل تفاصيل دقيقة تبدأ من اسم القوة والجهة التي ستمنحها التفويض، مروراً بطبيعة تسليحها ومناطق انتشارها داخل القطاع، وصولاً إلى كيفية منع "نيران صديقة" بينها وبين قوات الجيش الإسرائيلي، واختيار أجهزة الاتصال الخاصة التي سيستخدمها الجنود الأجانب عند انتشارهم في غزة. ولفت التقرير إلى أن ممثّلي السلطة الفلسطينية لا يشاركون في هذه المداولات، وكذلك لا يوجد تمثيل رسمي لتركيا أو قطر في المقر، غير أن "ظلّهما حاضر" في معظم النقاشات؛ إذ يُفترض أن يأتي "المال الكبير والدعم المركزي لإعادة إعمار غزة" من العاصمتين اللتين لعبتا دوراً أساسياً في الوصول إلى وقف إطلاق النار، أنقرة والدوحة. فيما يحذّر الجيش الإسرائيلي، وفق التقرير، من تعاظم دور تركيا وقطر. وذكرت الصحيفة أن مهمة إقامة القوة الدولية أوكلت إلى وحدة مختصة بالقوات الخاصة في القيادة المركزية الأميركية، وأن الجنود الذين سيشاركون فيها لن يكونوا مشابهين لمراقبي "أندوف" في الجولان السوري أو "يونيفيل" في جنوب لبنان. وفي موازاة ذلك، تعمل مجموعة أخرى على ملف "إدارة المساعدات الإنسانية". فمع أن الأميركيين أعلنوا مؤخراً تولّيهم مسؤولية تنسيق المساعدات إلى غزة، إلا أن الصحيفة تؤكد أن "التحكم الفعلي" بالمساعدات ما زال بيد إسرائيل، سواء عبر تفتيش الشاحنات في المعابر أو من خلال القرار في "القضايا الحساسة"، مثل استمرار حظر إدخال المواد ذات الاستخدام المزدوج كالإسمنت والحديد، الضروريين لإعادة بناء عشرات آلاف المنازل المدمرة، لكنهما يُعتبران أيضًا مواد يمكن أن تُستخدم مجددًا في حفر الأنفاق. وفي الأثناء، تركز مجموعة أخرى على "المدى البعيد" وتناقش شكل منظومة التعليم في غزة، وما سيتعلمه الأطفال في المدارس ورياض الأطفال، إضافة إلى أسس "تأهيل الأئمة في المساجد" على أمل ألا تشهد غزة في المستقبل "تحريضاً من مكبرات الصوت" في المساجد. ويأخذ هذا النقاش في الاعتبار المعطى الديموغرافي بأن قطاع غزة سيزداد في السنوات المقبلة بنحو 50 ألف فلسطيني سنوياً، وفق ما يورده التقرير. وأفادت "يديعوت أحرونوت" بأن نحو 150 جندياً من الجيش الإسرائيلي يخدمون بالفعل ضمن هذا "الآلية الدولية" تحت القيادة الأميركية، بهدف "الحفاظ على المصالح الأمنية الإسرائيلية" في مختلف النقاشات. وقد عُيِّن ضباط عمليات وعقيد وعميد من جانب الجيش الإسرائيلي لهذا المسار، وأفاد التقرير بأن انطباعات بعضهم عن العمل مع الشركاء الدوليين "إيجابية". وفي الخلاصة، أشار التقرير إلى أن الرأي الغالب في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية هو أن مستقبل غزة سيتجه، في كل الأحوال، نحو "حكم فلسطيني محلي" يخضع لـ"رقابة وتدخل ومساعدة دولية مؤقتة"، مع الإقرار بأن هذا "المؤقت" قد يتحوّل في مرحلة لاحقة إلى واقع دائم.

 

وفد من حماس بالقاهرة لبحث المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار

المدن/23 تشرين الثاني/2025

وصل وفد قيادي في حركة "حماس" إلى القاهرة لإجراء محادثات مع المسؤولين المصريين حول ترتيبات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار  في قطاع غزة، وفق ما أفاد قياديان في الحركة الفلسطينية وكالة "فرانس برس". وقال القيادي في "حماس" طاهر النونو: "وصل وفد قيادي برئاسة خليل الحية الليلة الماضية إلى القاهرة حيث يعقد اليوم اجتماعات مهمة مع المسؤلين في جهاز المخابرات المصرية تتعلّق بالانتهاكات والخروقات الإسرائيلية المتواصلة لاتفاق وقف النار". وأضاف أن اللقاءات "تهدف أيضاً لمناقشة الترتيبات المتعلقة ببدء مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار" بين "حماس" وإسرائيل الذي دخل حيز التنفيذ في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر. وأشار النونو الى أن وفد الحركة "سيطلع الإخوة في مصر على تفاصيل الخروقات والجرائم التي يرتكبها الاحتلال وآخرها أمس السبت، بذرائع واهية". وسقط السبت 21 شهيداً على الأقل بضربات إسرائيلية، وفق الدفاع المدني في غزة، في حين شدّدت إسرائيل على أن غاراتها جاءت رداً على هجوم لحماس، معلنة القضاء على خمسة من كوادر الحركة. وبحسب مصادر مطلعة في حماس، تواصل الحركة عمليات البحث للعثور على ثلاث جثث لرهائن إسرائيليين لا تزال في قطاع غزة، وستكون، لدى انتشالها، آخر دفعة ضمن اتفاق تبادل الرهائن والجثث والمعتقلين بين الحركة وإٍسرائيل. وأكد قيادي آخر في "حماس" رفض الكشف عن هويته لـ"فرانس برس" أن اللقاءات مع المسؤولين المصريين ستناقش "ترتيبات وتشكيل لجنة التكنوقراط المستقلة الفلسطينية التي ستتولى إدارة قطاع غزة". ونوّه إلى أن لقاءات ثنائية ستعقد بين وفد حماس وقادة فصائل فلسطينية أخرى مثل حركة الجهاد الإسلامي والجبهتان الشعبية والديموقراطية ولجان المقاومة الشعبية والمبادرة الوطنية، لـ"بحث الوضع الداخلي الفلسطيني وترتيبات إدارة قطاع غزة ومستقبله". كما أشار إلى العمل على ترتيب لقاء قريب بين حركتي فتح وحماس في القاهرة. واتفقت حركتا "حماس" وفتح العام الماضي على تشكيل لجنة إدارية فلسطينية مستقلة تضمّ شخصيات تتمتّع بكفاءات ولا تنتمي لأي فصيل فلسطيني، لتتولّى إدارة قطاع غزة بشكل مؤقت بعد انتهاء الحرب. ونصّت خطة ترامب التي أيّدها مجلس الأمن مؤخراً على تشكيل لجنة تكنوقراط فلسطينية مع خبراء دوليين لتسيير الشؤون اليومية لغزة، بالإضافة الى قوة استقرار دولية لحفظ الأمن ومراقبة وقف إطلاق النار، و"مجلس سلام" يشرف على كل هذا برئاسة دونالد ترامب. وأعلنت وزارة الخارجية المصرية الأحد أن وزير الخارجية بدر عبد العاطي أجرى اتصالا هاتفياً مع رئيس مجلس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ركّز على أهمية تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة "ومنع أي خروقات قد تقوّض الجهود الجارية". كما شدّد الوزير المصري، وفق البيان، "على استمرار التنسيق الوثيق بين مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة لضمان التنفيذ الكامل لاتفاق" وقف النار الذي تمّ التوصل اليه في شرم الشيخ في مصر، وعلى "ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن الأخير وتمكين قوة تثبيت الاستقرار الدولية من أداء مهامها".

 

حمص: توتر طائفي بعد جريمة مروعة.. والأمن السوري يتدخل

المدن/23 تشرين الثاني/2025

شهدت مدينة حمص، اليوم الأحد، توتراً طائفياً على خلفية مقتل رجل وزوجته من عشائر البدو، في جريمة حملت أبعاداً طائفية. وقال قائد الأمن الداخلي في محافظة حمص العميد مرهف النعسان، إن بلدة زيدل جنوب مدينة حمص، شهدت جريمة قتل مروعة، حيث عُثر على رجل وزوجته مقتولين داخل منزلهما، وقد تعرضت جثة الزوجة للحرق. وأضاف أن عبارات تحمل طابعاً طائفياً وجدت في موقع الجريمة "ما يشير إلى محاولة لبث الفتنة بين الأهالي"، لافتاً إلى أن الجهات المختصة باشرت بجميع الإجراءات القانونية اللازمة، وفتحت تحقيقاً موسعاً لكشف ملابسات الجريمة وتحديد هوية الجناة وملاحقتهم لتقديمهم إلى القضاء المختص، كما اتخذت جميع التدابير لضمان حماية المدنيين واستقرار المنطقة. وأعرب النعسان عن إدانة هذه الجريمة النكراء بشدة، مؤكداً أن هدفها واضح هو إشعال الخطاب الطائفي وزرع الفتنة بين أبناء المجتمع.  ودعا المسؤول الأمني، الأهالي إلى التحلي بضبط النفس، والابتعاد عن أي ردود فعل، وترك التحقيقات في يد قوى الأمن الداخلي لمتابعة مهامها بمسؤولية وحيادية لضبط الجناة وفرض الأمن. وقالت مصادر محلية لـ"المدن"، إن مجهولين اقتحموا منزل رجل وزوجته من عشائر بدو بني خالد على أطراف بلدة زيدل، قبل أن يقوموا بقتل الرجل عبر ضربه بالحجارة، ثم قتل زوجته وحرقها.

وأضافت أن الجريمة تسبّبت بحالة غضب كبيرة بين أبناء العشيرة، حيث هاجموا أحياء يقطنها سوريون علويون في حيي المهاجرين وضاحية الباسل في مدينة حمص، وأطلقوا النار في الهواء وعلى المنازل والمحلات التجارية واحرقوا عدداً من السيارات، ما أدى إلى إصابة شخصين بجروح، قبل أن تصل القوات الأمنية إلى المدينة لضبط الأمن. وقالت وزارة الداخلية إن قوى الأمن الداخلي رفعت مستوى الجاهزية ونفّذت انتشاراً مكثفاً داخل أحياء جنوب مدينة حمص ومحيطها، لضمان الأمن وحماية الاستقرار ومنع أي استغلال للحادثة لإثارة الفتنة، عقب وقوع الجريمة. وأكدت الوزارة أن الجهات المختصة تعمل على تنفيذ الإجراءات القانونية وجمع الأدلة لتحديد الجناة وملاحقتهم، كما دعت المواطنين إلى التعاون والالتزام بالتوجيهات الرسمية. وقبل أسبوع، قُتل شخصان وأصيب 4 جراء هجوم نفذه مجهولون على مقهى شعبي في قرية أم حارتين التابعة لناحية تلكلخ في ريف حمص الغربي. وقالت وزارة الداخلية السورية إن قرية أم حارتين حادثة إطلاق نار عشوائي نفذها أشخاص مجهولو الهوية داخل مقهى، ما أسفر عن مقتل اثنين وإصابة آخرين. وأضافت أن "الجهات المختصة باشرت فوراً الإجراءات اللازمة لتطويق موقع الحادث، والتحقيق في ملابساته، وضبط الجناة وتقديمهم للعدالة، مع اتخاذ كافة التدابير لحماية المدنيين وضمان الأمن العام". وأكدت الوزارة في بيانها، إدانة هذه الجريمة النكراء بأشد العبارات، ورفضها المطلق لكل أشكال العنف التي تهدد أمن المجتمع واستقراره.

 

عبدي يرفع سقف التفاوض مع دمشق: لمشاركة الدروز والعلويين

المدن/23 تشرين الثاني/2025

رفع قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي من سقف التفاوض السياسي مع الحكومة السورية، قبل نحو شهر على انقضاء مهلة تنفيذ اتفاق 10 آذار/مارس نهاية 2025، وذلك عبر مطالبته انضمام ممثلين عن الدروز والعلويين في اجتماعات تعقد في دمشق. عبدي: دمشق تعطّل اتفاق 10 آذار وقال عبدي في تصريحات لوكالة "ميزوباتاميا"، إن الحكومة السورية هي من تعطّل اتفاق 10 آذار/مارس، وإن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا يعرفون التزام "قسد"، بينما الطرف الآخر هي من تعطّل المسار وتثقله. وأكد أن أي اتفاق محتمل مع الحكومة السورية لن يكون ممكناً ما لم ينص الدستور السوري بوضوح على حقوق الأكراد، مضيفاً أن دمشق تريد حلّ القضايا العسكرية والأمنية أولًا، ثم الانتقال إلى الدستور والحكومة المشتركة لاحقًا، معتبراً أن هذا النهج خاطئ، لكن الحكومة تُصر عليه. وفيما لفت إلى الوصول إلى اتفاق بشأن المسائل العسكرية في الاجتماع الأخير مع الحكومة السورية في دمشق، والذي حضره مسؤولون أميركيون، أكد أن الدستور، وشكل الحكم في سوريا (مركزي أم لامركزي)، هي قضايا جوهرية لاتزال عالقة، ومن دونها يستحيل التوصل إلى اتفاق عام، حسب تعبيره. وطالب عبدي بمشاركة ممثلين عن الدروز والعلويين في أي اجتماعات تُعقد مع دمشق، مؤكداً أن المطالب المتعلقة بمناطق شمال شرق سوريا، "نُطالب بها أيضاً للساحل السوري والسويداء". وقال عبدي إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب طلب من الرئيس السوري أحمد الشرع حلّ مسألة دمج "قسد" عبر الحوار، في اللقاء الذي جمعها، مؤكداً أن الشرع وافق على ذلك. وأضاف أن اجتماعاً عُقد في البيت الأبيض ناقش تضحيات "قسد" في محاربة الإرهاب ودورها الحيوي في سوريا. وذكر أن المبعوث الأميركي إلى سوريا نقل إلى "قسد" تفاصيل لقاء ترامب مع الشرع، "وقيل لنا أن الاجتماع كان ايجابياً، فيما لفت إلى أن الموقف التركي في الاجتماعات الأميركية كان مختلفاً وأكثر مرونة مما كان عليه في السابق تجاه "قسد". يأتي ذلك بعد تصريحات لوزير الخارجية السورية أسعد الشيباني، أكد فيها أن الحكومة فعلت كل شيء من أجل إتمام اتفاق 10 آذار/مارس. وقال الشيباني لمجلة "المجلة"، إن الاتفاق الذي جرى مع "قسد" مدعوم من الأميركيين بشكل كبير جداً، وإن أول اتفاق قبلت به دولتان كانتا دائما مختلفتين بالموضوع، هما تركيا والولايات المتحدة، مؤكداً أن الحكومة كانت منطقية بالاتفاق وبمقاربتها تجاه "قسد". وتابع الشيباني: "كحكومة سورية، ماذا أفعل مع قسد أكثر مما أفعله حالياً؟ إذ يوجد اتفاق، يوجد احترام، يوجد إيمان بالمشاركة، يوجد التزام بحقوق الأكراد، يوجد حتى وساطة مع تركيا، أنا أحل لك مشكلتك مع تركيا. حتى إذا كان لديك أتراك مطلوبون، أنا أتحدث مع تركيا لتصدر عفوا عنهم ليعودوا". وأردف: "نحن سرنا بالتنازلات أو بالتسهيلات للأخير، نحن جاهزون لكل ما تريده فقط تعال لنتجاوز هذه المرحلة وتكونوا جزءا ونسير. لا نريد أن نتوقف عند هذا الموضوع بصراحة. ولو كان النظام أعطاهم 20 في المئة (من المعروض) كانوا وافقوا، نحن اليوم مع احترام وتبنٍ من الرئيس أحمد الشرع لكن لم تتم الأمور". وأكد أن الاميركيين وعدوا بأن يكونوا الضامن للاتفاق، موضحاً أن هناك رأيين في الولايات المتحدة، الأول يعتبر أن قسد هي "الطفل المدلل" ولا يجوز التخلي عنها، بينما الثاني يؤكد على الانسحاب من سوريا بصرف النظر عن النتائج.

 

قلق إسرائيلي من الثقة التي يمنحها ترامب للشرع

المدن/23 تشرين الثاني/2025

تُعتبر زيارة أحمد الشرع للبيت الأبيض، وهي الزيارة الأولى لرئيسٍ سوري لواشنطن، حدثاً تاريخياً في العلاقات بين البلدين. ويرى الكاتب الإسرائيلي ميخائيل هراري أن هناك "منطقاً سياسياً صلباً للعناق الأميركي: فعلى الرغم من علامات الاستفهام المعروفة، يبدو كأن الشرع في هذه المرحلة يشكل الفرصة الوحيدة لتحقيق الاستقرار في سورية وضمان إبعاد إيران عنها". وفي الأشهر الأخيرة، تتقدم العلاقة بين البلدين بسرعة ملحوظة؛ فغرفة التجارة السورية ومجلس الأعمال السوري–الأميركي، الذي أُنشئ مؤخراً، يعملان بنشاط لتعزيز الحركة الاقتصادية. ويضيف هراري في مقال بصحيفة "معاريف" أن ممثلون لشركات طاقة عملاقة زاروا سوريا، مثل CHEVRON  وCONOCOPHILIPS، وعادت شركة ماستركارد إلى العمل هناك، وفيزا في طريقها إلى العودة أيضاً. كذلك تخوض غوغل وميتا محادثات متقدمة مع السلطات السورية، وعلى المستوى الاستخباراتي، فالتعاون قائم فعلاً، واستناداً إلى التقارير، عملت السلطات في دمشق ضد أهداف تابعة لـ"داعش"، وضد مواقع  احتوت على  سلاح إيراني؛ وعلى الصعيد العلني، أعلن الشرع انضمامه إلى التحالف الدولي ضد "داعش"، لكن على الرغم من ذلك، فإن مسألة العقوبات المفروضة سابقاً على سوريا لا تزال غير محسومة، في ظل اعتراض عدد من أعضاء الكونغرس، بينهم  جمهوريون، وتشكل العقوبات عقبة كبيرة أمام جذب الاستثمارات الضخمة، إلا إن ترامب وعدَ برفعها قبل نهاية العام. لا يزال الشرع يواجه تحديات كبيرة على الأرض، أبرزها توسيع سيطرته داخل البلد، أما العقبة الأصعب، بحسب هراري، فهي "الأكراد: قوة عسكرية منظمة أثبتت فعاليتها في قتال داعش، وتحظى بدعم أميركي، وتسعى للحفاظ على طابعها الذاتي؛ تركيا تعارض ذلك بشدة، ومشاركة وزير الخارجية التركي في بعض اجتماعات الشرع في واشنطن جاءت لضمان حماية المصالح التركية؛ كذلك تبقى قضايا العلويين في شمال غرب البلد، والدروز (والبدو) في جنوب شرقه، مطروحة على الطاولة". وتابع هراري: "زار وزير الخارجية السوري لندن بعد زيارته لواشنطن، وتحدّث في معهد (تشاتام هاوس)، وانصبّ اهتمام الحاضرين على الوضع الداخلي، وعلى سؤال عمّا إذا كانت الحكومة الجديدة تنوي إقامة نظام حُكم تمثيلي وتعدّدي، لكن الوزير تجنّب ذِكر كلمة (ديمقراطية)، ولم يعطِ جواباً قاطعاً عن وجود نية للسماح بإنشاء أحزاب سياسية ضمن التعددية التي ازدادت في البلد. إن المسار السريع الذي يسلكه الشرع مثير للإعجاب، لكن يجب أن تكون التوقعات بشأنه واقعية. فمن المرجح أن كثيراً من خطواته، وخصوصاً تلك المتعلقة بمحاربة داعش والجماعات الجهادية، تثير المعارضة داخل دائرة السلطة المحيطة به. وينطبق الأمر أيضاً على انجذابه المتسارع نحو المعسكر الأميركي، وهناك في واشنطن، مَن يحذّر من إمكان حدوث محاولات لاغتياله". وعلى إسرائيل، بحسب هراري، أن تأخذ بالحسبان المكانة المميزة التي يمنحها ترامب للشرع، بدعمٍ من ولي العهد السعودي والرئيس التركي. فالثقة التي يمنحه إياها ترامب مهمة، ومن المناسب لإسرائيل الاستفادة منها، وكذلك الاتفاق الأمني الذي لا يزال في قيد المداولات، فهو مهم للولايات المتحدة، وللشرع، ولإسرائيل أيضاً. إن زيادة ثقة الشرع بنفسه بدأت تنعكس في تصريحاته حيال إسرائيل ومطالبه فيما يتعلق بالاتفاق. الاتفاق الذي ينظّم التزام الطرفين اتفاقية فصل القوات (1974)، هو اتفاق يخدم المصالح الإسرائيلية، ويُفضَّل توقيعه قريباً. ولا تزال إسرائيل  تملك أوراقاً  مهمة تمنحها مجالاً جيداً للمناورة.

 

نظير مجلي/الشرق الأوسط/قراءة مطولة في كتاب المدير السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)، يوسي كوهين. عنوان: الكتاب بالأحابيل تصنع لك حرباً

https://eliasbejjaninews.com/2025/11/149420/

تل أبيب: نظير مجلي/الشرق الأوسط/21، 22 و23  تشرين الثاني/2025

تنشر «الشرق الأوسط»، على ثلاث حلقات، قراءة مطولة في كتاب المدير السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)، يوسي كوهين. يحمل الكتاب عنوان «بالأحابيل تصنع لك حرباً» بنسخته الصادرة باللغة العبرية، فيما اسم الكتاب باللغة الإنجليزية مختلف: «سيف الحرية: إسرائيل الموساد والحرب السرية».

«قبل بضعة شهور، كنت عائداً من رحلة عمل في نيويورك، وكالعادة تأخر إقلاع الطائرة». يضيف يوسي كوهين، رئيس الموساد السابق، في كتابه الذي صدر في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي: «في ردهة الانتظار، كنت أجلس بجانب بروفسور مرموق من جامعة إسرائيلية معروفة (في الفصل الأخير من الكتاب يؤكد أنها جامعة حيفا). نحن نعرف بعضنا بعضاً من الاسم؛ لكننا نلتقي للمرة الأولى، فدار بيننا حوار ثقافي سياسي جميل. لكنه حرص على أن يقول لي إنني (جنرال يميني)، مضيفاً: (نحن نختلف بعضنا عن بعض. أنت يميني جداً وأنا يساري جداً. إنني مؤيد للسلام، مؤيد للتعايش اليهودي العربي. كثير من طلابي عرب). رحت أشرح له: (أنا يميني ليبرالي. لكنني أولاً يهودي مؤمن، وإسرائيلي وطني، وصهيوني مخلص، لكنني ديمقراطي بحق. أنا لا أكره العرب، ولا حتى من يكرهونني. لكنني مستعد لأن أقطع رأس من يريد أن يقضي على دولتي وكياني. وفي الوقت ذاته أنا معجب بنيلسون مانديلا ومارتن لوثر كينغ والمهاتما غاندي). وهكذا ظللنا نتناقش حتى قال لي: (يوسي. أنت يجب أن تكون رئيساً للحكومة)، فأجبته: (وهل تأتي معي؟). فضحك وقال: (لا طبعاً. ستقتلني زوجتي)».

قبل ذلك بنحو 30 صفحة، يروي كوهين قصة أخرى عن عمله كان يخبر بها زوجته، آية، مؤكداً أنها عبرت اختبار جهاز الأمن الصعب الذي يصنّفها على أنها كاتمة أسرار، ولذلك فإنها تصلح لتكون زوجة ضابط في الموساد. يقول: «كان تعليقها كما يلي: يوسي أنت يجب أن تصبح رئيساً للموساد».

بالطبع، صار كوهين رئيساً لهذا الجهاز، الذي يُعدّ من أهم أجهزة الأمن الإسرائيلية. وفي الحرب الأخيرة مع إيران وحلفائها في المنطقة، تم الكشف عن نجاحه في زرع خلايا كبيرة من العملاء على الأرض الإيرانية. نفّذ هؤلاء العملاء عمليات دقيقة، وجمعوا معلومات دسمة عن المشروع النووي الإيراني وعن قيادات الحرس الثوري، وهي عمليات رفعت من شأن كوهين وجعلت منه اسماً لامعاً، خصوصاً في أروقة أجهزة الأمن الغربية.

بعد صدور الكتاب، سارع محللون إلى القول إنه جاء ليكون بمثابة بساط أحمر يريد كوهين أن يفرشه أمامه في طريقه إلى منصب رئيس الوزراء. قد يكون هذا طموحاً شرعياً، وقد يكون تعبيراً عن نرجسية عالية، لكن الأكيد أنه يأتي في وقت تعاني فيه الدولة العبرية من أزمة قيادة حادة.

كانت كل كلمة في الكتاب تصب في هدف إبراز مزايا كوهين وخصاله، في حال أراد أن يلعب دوراً سياسياً في المستقبل. فعندما يتحدث عن سيرته الذاتية، يُبرز ماضيه كابنٍ للصهيونية الدينية، فيكسب بذلك اليمين، ويُبرز قيم التضحية لخدمة الوطن ليكسب بذلك الوسط الإسرائيلي واليسار، ويُبرز المغامرات الكبيرة والخطيرة التي قام بها ليكسب الشباب، ويتحدث عن العمليات الناجحة للموساد حتى تكون نداً للإخفاقات التي وقعت فيها إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عندما وقع هجوم «حماس» المباغت الذي احتل فيه مقاتلوها 11 موقعاً عسكرياً و22 قرية وقتلوا مئات الإسرائيليين.

في كل فصول الكتاب، يتحدث كوهين عن حاجة إسرائيل إلى قيادة جديدة تتمتع بصفات قيادية تتغلب فيها المصلحة الوطنية على الذاتية، ويتجلى فيها القائد الجديد في تحقيق مهمة مقدسة؛ هي توحيد صفوف الشعب والقضاء على روح الفرقة والعداء الداخلي. يتخذ كوهين من قصص «الموساد»، جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية، نموذجاً يُثبت فيه أنه هو بالذات القائد الذي يصلح لإسرائيل؛ فيتحدث عن صفاته بوصفه رجلاً قوياً يتحكم بمرؤوسيه، وصاحبَ أفكار جهنمية خلاقة، وإنساناً قديراً على تفعيل شبكة واسعة من العملاء من بعيد، وإنساناً مضحّياً يجنّد إلى جانبه أناساً مضحّين مقله. يُبرز نفسه بوصفه شخصاً لا يخشى المغامرات ولا الصدامات، وبوصفه شخصاً يستطيع ترويض أناس حتى في صفوف العدو.

يروي كوهين أنه في ذات مرة، قال له الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، في البيت الأبيض: «كيف حال أقوى رجل في الشرق الأوسط؟». ثم يروي عن لقائه بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، واصفاً إياه بـ«الزميل»، باعتبار أن كليهما قادم من أجهزة المخابرات. يقتبس كوهين من رؤساء للمخابرات الأميركية ممن عمل معهم، أنهم يعدّونه «أكبر وطني إسرائيلي، وأكبر صديق لأميركا».

يروي كوهين في الكتاب، قائلاً: «زوجتي تقول إنني منذ البداية وضعت هدفاً لأن أكون قائداً للموساد، لكنني لا أتذكر أنني قلت هذا. بيد أنني في قرارة نفسي أردت أن أكون قائداً، بل أن أكون قائداً لكل القادة». يقول إنه يستلهم الروح القيادية من ثلاث شخصيات سياسية في التاريخ الإسرائيلي؛ ديفيد بن غوريون، مؤسس الدولة الذي ينتمي إلى الليبرالية الاشتراكية، وزئيف جابوتنسكي ومناحيم بيغن، مؤسسي اليمين الصهيوني، ومن شخصية أمنية هي مئير دجان، الرئيس الأسبق للموساد. ويقصد كوهين بذلك وحدة الحركة الصهيونية بطرفيها؛ الاشتراكي الليبرالي واليميني الصهيوني، ومعهم جنرال أمن. وتبدو هذه رسالة تحاكي الشغف اليهودي اليوم في إسرائيل، إذ إن الناس ملّوا الخلافات والصراعات ويطالبون السياسيين بتوحيد صفوفهم.

ويقول كوهين إن الجنرال دجان أثّر عليه بشكل خارق. ويوضح أن من أهم المبادئ التي علّمه إياها: «يجب ضرب عدوك بمشرط الجرّاح. وظيفة أجهزة الأمن أن تعمل كل ما في وسعها لكي تؤجل الحرب المقبلة، لأطول وقت ممكن، لكن من خلال استغلال الوقت لاستخدام الوسائل السرية بشكل موضعي».

الاختراق الأمني لإيران… نجاح مذهل

قضية الاختراق الأمني لإيران جاءت مركزية في كتاب كوهين. يقول إنه تم وضع هذا الاختراق مهمة أولى منذ مطلع سنوات الألفية الثانية، وهي مهمة سجّلت نجاحاً مذهلاً، كما يروي قائد «الموساد» السابق.

كانت المعلومات المتوافرة للإسرائيليين آنذاك تحدثت عن قيام باكستان، وفيما بعد كوريا الشمالية، بتزويد الخبرة النووية لطهران. فقام رئيس الموساد، مئير دجان، بتعيين قائد لوحدة جديدة هدفها كشف المشروع النووي الإيراني ومشروع إنتاج الصواريخ الباليستية وتصفيتهما. اكتشفت الوحدة، في إطار عملها، تفاصيل عن قيام إيران بإسناد تنظيمات وأذرع؛ مثل «حزب الله» و«حماس» و«الجهاد الإسلامي»، فكانت المهمة الأولى ادخال أجهزة وعتاد «مخترق» إلى قلب «حزب الله» (تم استخدام قسم منها في حرب عام 2006) وإلى قلب إيران، بالإضافة إلى استخدام السلاح السيبراني ضد الإيرانيين وحلفائهم. وهكذا، تمكنت الوحدة من متابعة نشاط عدد من القادة العسكريين وعلماء الذرّة ووضع ملف لكل منهم، يشمل أدق التفاصيل عن عاداته وسلوكه اليومي والأماكن التي يتردد إليها.

كان كوهين أحد الضباط الأكثر انشغالاً بهذه المهمة، وهو يتحدث عن ذلك بكثرة في كل فصول الكتاب. يشير إلى أن رئيس الحكومة الذي أشرف على هذه المهام لـ«الموساد» كان بالأساس بنيامين نتنياهو، وهو يعطيه رصيده في ذلك، لكنه لا ينسى الإشارة إلى أنه هو صاحب الأفكار الأساسية وليس نتنياهو.

ويوجد سبب لذلك كما يبدو، يتعدى مسألة النرجسية التي تتسم بها شخصية كل منهما. فكوهين يحاول في الكتاب التحرر من ارتباط اسمه بنتنياهو كموالٍ له. ويبدأ ذلك بالتصريح بأنه اقترح مرات عدة المبادرة لهجوم على إيران وعلى «حزب الله»، كل على انفراد أو على كليهما معاً، وكان رؤساء أركان الجيش الإسرائيلي المتوالون يعارضون الواحد تلو الآخر اقتراحه هذا. كان نتنياهو، رئيس الحكومة في تلك الفترة، يقف مع رؤساء الأركان ويجهض الهجوم، بدعوى أنه قد يجر إلى حرب يتم فيها تدمير بنايات عدة في المدن الإسرائيلية.

في مكان آخر من الكتاب، ينتقد كوهين نتنياهو على التوصل إلى هدنة مع «حماس» سنة 2014، ويقول: «يومها كان يجب اتخاذ قرار بتصفيتها». لكن كوهين يقدم هدية كبرى لنتنياهو عندما يعفيه من مسؤولية الفشل في 7 أكتوبر 2023، ويحمّلها لقادة أجهزة الأمن. في هذا الإطار، يكتب كوهين محاضرة في ثقافة تحمّل المسؤولية ويلوم قادة الأجهزة الأمنية على خلافاتهم مع نتنياهو، ويقول إنه حرص على أن يكون مخلصاً للدولة وليس للشخص، لكنه احترم نتنياهو وكان معجباً به بوصفه رئيس حكومة برغماتياً.

الأمر نفسه ينطبق على اغتيال قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني. يقول كوهين إنه قدم خطة مفصلة لذلك أيّدها كل رؤساء أجهزة المخابرات، لكن رئيس الأركان أفيف كوخافي، اعترض، ونتنياهو أيّده، وطلب من كوهين أن يبلغ الأميركيين بذلك. اغتاظ الرئيس دونالد ترمب (في دورة حكمه الأولى) من قرار نتنياهو. كذلك استاءت رئيسة وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، جينا هاسبيل، التي قالت لكوهين (بحسب ما ينقل عنها): «الجنرالات عندكم مثل الجنرالات عندنا، لا يحبون القتال».

ويقول كوهين في هذا المجال: «قمت بزيارة عاجلة إلى الولايات المتحدة، وقدّمت لهم معلومات وفيرة جداً عن سليماني. وقد كنت أسميه (الأمير الصغير)، وقد اختار الأميركيون هذا الاسم ليطلقوه على عملية الاغتيال. وبعد نجاحها (في يناير/ كانون الثاني عام 2020) قدم الأميركيون لي ميدالية عرفان بالجميل. وخلال حرب الـ12 يوماً في يونيو (حزيران) 2025، انتقم الإيرانيون بقصف بيتي في تل أبيب».

وعن تلك الحرب، يقول كوهين إنها أدت إلى تدمير قدرات الدفاع الجوي الإيراني، «والدليل أنها لم تطلق النار على الطائرات الإسرائيلية المهاجمة، وتدمير غالبية اليورانيوم المخصب والمفاعل المتخصصة بالتخصيب، وحققت الردع. فإيران اليوم لم تعد حصينة، وتعرف أن إسرائيل والولايات المتحدة تحررتا من الخوف من مهاجمتها». ولكنه يستغرب لماذا لم يتخذ القرار في تل أبيب أو واشنطن، بعد، بإسقاط «نظام الملالي». وبجملة واحدة، بلا تفاصيل، يقول إن الحرب الأخيرة فوتت فرصة إسقاط النظام الإيراني.

اغتيال عماد مغنية

في الفصل السادس من الكتاب، يروي يوسي كوهين كيف قام بتجنيد عميل لبناني للموساد، كان مقرباً من عماد مغنية، الذي كان رئيساً لأركان العمليات في «حزب الله»، فيقول إنه وضع عينه على «شخص متعلم من قدامى المخربين في لبنان»، الذي كان يكبره بعشرين سنة من العمر. ولغرض الكتابة، يطلق عليه الاسم المستعار «عبد الله». كان مقرباً جداً من الحزب. اكتشف أن الرجل يبحث عن مستقبل اقتصادي آمن يضمن له مستقبله، في أميركا اللاتينية.

زيادة في الاحتياط، التقاه في المرة الأولى وهو غير مسلّح، لكنه حمل مسدساً في اللقاء الثاني، ثم ألصق به مراقباً عن بُعد يتابع تحركاته وتنقلاته كما لو أنه باحث يراقب فأر التجارب في مختبره. وقد تبيّن له أن انتماء عبد الله لـ«حزب الله» انتماءٌ عقائدي من خلال العقيدة الدينية، ومن خلال إيمانه بأنه يحمي لبنان، «وهذا عز الطلب».

الحقبة الزمنية كانت في مطلع التسعينات من القرن الماضي. الغطاء الذي اختاره الضابط في الموساد يوسي كوهين لنفسه، أنه رجل أعمال أرجنتيني يفتش عن شريك لعمل مشروع تجاري في الشرق الأوسط. وبعد عدة لقاءات، شعر فيها كوهين بأن الرجل أحبه ويثق به، عرض عليه أن يكونا شريكين.

وبعد لقاءات عدة جاء بعرض حول ماهية العمل، فقال إن هناك شركة تعرض عليهما القيام بعمل استقصائي عن «حزب الله»، لقاء مبلغ محترم من المال. لأول وهلة رفض عبد الله المهمة بشكل قاطع، وقطع الاتصال مع كوهين لعدة أيام. لكنه بشكل مفاجئ عاد إليه وأبلغه موافقته. وزارا معاً إسرائيل، وتجولا في تل أبيب، ولم يعرف عبد الله أن شريكه الأرجنتيني ضابطٌ في الموساد.

وكانت المهمة الكبرى معرفة مصير الجنديين الإسرائيليين؛ رحميم الشيخ ويوسي فينك، اللذين وقعا في أسر «حزب الله» بعد وقوعهما في كمين للحزب سنة 1986. كان برند شميد لاور، المستشار الأمني للمستشار الألماني هلموت كول، يتوسط بين إسرائيل و«حزب الله» لصفقة تبادل بشأنهما.

رفض «حزب الله» الإفصاح إن كانا ميتين أو على قيد الحياة، وطلب لقاءهما عدداً كبيراً من الأسرى اللبنانيين والفلسطينيين. وقد نجح عبد الله في جلب الخبر اليقين، بأنهما توفيا متأثرين بجراحهما. وقد غيّر هذا «سعر الصفقة» بشكل حاد. عندئذ أدرك كوهين أن عبد الله صيد ثمين جداً؛ له علاقات ممتازة وقدرات عالية ومخلص في أداء الدور.

لكن الأهم حصل في الشهور والسنين المقبلة؛ فقد تمكن عبد الله من جمع معلومات مذهلة عن عماد مغنية الذي كان مطلوباً في 42 دولة بالعالم، وخصصت الولايات المتحدة جائزة مقدارها 25 مليون دولار لمن يأتي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه، بسبب مسؤوليته عن مقتل كثير من الأميركيين في لبنان. وكانت إسرائيل معنية بتصفيته.

لا يتحدث كوهين كثيراً عن تفاصيل هذه العملية، التي تمت في سنة 2008 بدمشق، إذ اغتيل بتفجير سيارته. لكن رئيس الحكومة الأسبق، إيهود أولمرت، اعترف في سنة 2024، بأن حكومته مسؤولة عن العملية، وبأن خلية من الموساد هي التي وضعت الخطة ونفذتها بشراكة مع المخابرات الأميركية.

«قمت بزيارة عاجلة إلى الولايات المتحدة وقدّمت لهم معلومات وفيرة جداً عن سليماني. وقد كنت أسميه (الأمير الصغير)، وقد اختار الأميركيون هذا الاسم ليطلقوه على عملية الاغتيال. وبعد نجاحها (في يناير/كانون الثاني عام 2020) قدم الأميركيون لي ميدالية عرفان بالجميل. وخلال حرب الـ12 يوماً في يونيو (حزيران) 2025، انتقم الإيرانيون بقصف بيتي في تل أبيب».

***

تنشر «الشرق الأوسط» اليوم الحلقة الثانية من قراءة مطولة في كتاب المدير السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)، يوسي كوهين. يحمل الكتاب عنوان: «بالأحابيل تصنع لك حرباً» بنسخته الصادرة باللغة العبرية، بينما اسم الكتاب باللغة الإنجليزية مختلف: «سيف الحرية: إسرائيل «الموساد» والحرب السرية».

تتناول حلقة اليوم تفاصيل سرقة الأرشيف النووي الإيراني من قلب طهران، واغتيال كبير علماء الذرة الإيرانيين محسن فخري زاده.

في قلب إيران

موضوع سرقة الأرشيف النووي يعتبر أهم إنجاز حققه كوهين في قيادته لـ«الموساد». لا يمكن أن يفوّت هذه الفرصة التي تكرّس مكانته على أنه قائد أشرف على عملية ضخمة ومعقدة وبالغة الحساسية وكبيرة المخاطر مثل هذه. فهو يعتبرها نموذجاً لأفضل قائد يدير العمليات. إنها مشروع حياته، والسلّم الذي يؤهله ربما لمنصب رئيس الحكومة، في حال قرر خوض غمار العمل السياسي مستقبلاً. والطريقة التي يعرض فيها كوهين القصة تبدو خريطة طريق مفصلة، يرسمها بهندسية دقيقة، وتحتل حيزاً كبيراً من الكتاب، ويعود إليها، ويذكرها في عدة فصول.

يقول كوهين إنه منذ سنة 2016، اتخذ قرار سرقة الأرشيف النووي في طهران. يؤكد أن هذا القرار اتخذ بعد نحو عشر سنوات من النشاط داخل إيران. ويكشف أن خلية «الموساد» التي تضم رجالاً ونساء بدأت تعمل على الأرض الإيرانية، وتنمو رويداً رويداً، حتى نجح في اختراق منظومة الحكم في طهران. لا يعطي كثيراً من التفاصيل، لكنه يقدّم صورة تقريبية يبنيها من الفكرة القائلة: «لنفترض أنك سينمائي تريد وضع سيناريو لفيلم جديد عن هذا الاختراق، فماذا تفعل؟». وهنا يرد على الادعاء الإيراني القائل بأن إسرائيل لم تخترق إيران بواسطة عملاء، بل عن طريق قدرات تكنولوجية عالية، فيقول إنه استخدم فعلاً التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. لكنه يضيف: «من المستحيل أن تنجح العمليات الإسرائيلية في إيران من دون استخدام العنصر البشري». ويؤكد أن «عالم الذرة الذي كان يعمل بسرية بالغة لم يكن يدرك أن عدوه زرع له عملاء حتى في قلب المفاعل النووي في نطنز، القائم على ألف دونم مربع في عمق 8 أمتار تحت الأرض».

يبدأ كوهين روايته بالقول إنه نجح في تجنيد عدد من العملاء الإيرانيين، عندما قدّم نفسه على أنه محامٍ ورجل أعمال لبناني باسم «أوسكار». وأحد الذين وقعوا في حبائله هو عالم في الذرة عمل مساعداً للعالم المسؤول عن المشروع النووي، الدكتور محسن فخري زاده، الذي تم اغتياله في سنة 2020 في قلب إيران. ويؤكد أن فخري زاده حُسب في الغرب على أنه رجل هامشي، لكن الأرشيف الذي سرق من إيران كشف أنه الرجل الأول في المشروع النووي.

يُطلق كوهين على هذا المساعد لفخري زاده اسم «فريد». ويقول إنه جلب إليه تقريراً عن صناعة أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم، يتضح منه أن الخبرة الأساسية جاءت من باكستان، وليس من كوريا الشمالية، بعكس ما كانت المخابرات في العالم الغربي تعتقد.

ويتحدث كوهين عن وحدة «الموساد» التي تعمل في الأراضي الإيرانية، وضخامة عددها وعملها، بحيث لا يصدق كيف تمكنت من العمل طيلة سنوات من دون أن تكتشفها المخابرات الإيرانية، مشيراً إلى أنها ضمّت موظفين كباراً، ومحاضرين جامعيين، ومهندسين، ومهنيين.

ويروي كيف تم اغتيال فخري زاده بعملية إعداد دامت شهوراً طويلة بعد التيقّن من دوره في إدارة المشروع النووي، يقول: «كان يجب إدخال الأسلحة والعتاد بالتدريج إلى الأراضي الإيرانية. تلك أسلحة أوتوماتيكية تعمل بالتشغيل الذاتي. رشاش يشغّل عن بُعد، مزود بحاسوب يعمل بالذكاء الاصطناعي وزنته لا تقل عن طن مع كل ما يلزم من أدوات مكملة. وتم تهريب كل هذا قطعة تلو قطعة، من خلال تغيير طرق التهريب حتى لا تكتشف. وبعد إعادة تركيبها كانت تحتاج إلى نقلها إلى المكان المخصص لتنفيذ العملية، على قاعدة شاحنة، ومعها جهاز تدمير ذاتي يضمن إخفاء الآثار».

اعتاد فخري زاده على السفر في قافلة طويلة من السيارات. لكن، في أيام الجمعة، كان حرّاسه يكتفون بخمس سيارات. وهو يصرّ بعناد على قيادة سيارته بنفسه، وهي من نوع «نيسان تيانا» عائلية سوداء، لم تكن محصنة، وشبابيكها غير مزودة بزجاج يحمي من الرصاص.

وحدة «الموساد» العاملة في إيران تعطي البلاغ أن الموكب تحرك. عناصرها، وهم إيرانيون وأجانب، يتفرقون. وسيارة الحرس الأولى، كعادتها، تسير بسرعة إلى الأمام، لاستكشاف الطريق. ثم تبطئ السير ليلحقها الركب. وفخري زاده يضطر لإبطاء السرعة، لوصوله إلى المكان الذي يقصده دون إعاقة في الشارع، تماماً كما توقّع «الموساد». ومن بعيد، حيثما يجلس القناص ويراقب كل شيء ببث حي مباشر يشاهدونه في تل أبيب، يتم إطلاق النار. تتوقف السيارة وينزل العالم النووي فخري زاده من السيارة ليحتمي ببابها. فيواصل القناص إطلاق النار. 15 رصاصة تسببت في إصابته بجروح بليغة. ومات. زوجته التي كانت بجانبه في السيارة ولم تصب حتى بخدش ركضت نحوه، وحضنت رأسه. شاهد الإسرائيليون من تل أبيب، ببث حي، كيف حضر الحراس مرتبكين. وراحوا يصرخون الواحد ضد بعضهم، ولم يُسكتهم سوى انفجار الشاحنة التي كانت على بعد عشرات الأمتار من المكان، ضمن خطة التدمير الذاتي. ومعها انفجرت حرب داخلية بين المخابرات والحرس الثوري: من المسؤول عن هذا الاختراق الأمني؟

ويعود كوهين إلى الأرشيف النووي ليقول إن الوحدة التابعة لـ«الموساد» في إيران، وبعد أن أتمت الاستعداد للاقتحام وسرقة الأرشيف، اكتشفت أن السلطات نقلت الأرشيف بواسطة 3 شاحنات إلى مبنى آخر في حي شهرباد في طهران. كان ذلك في يناير (كانون الثاني) 2017. وكان عليه أن يعيد رسم الخطة من جديد، ويقيم قاعدة مراقبة جديدة. ويوضح أن عملية كهذه تحتاج إلى مئات الأشخاص، قسم يراقب ليس فقط مقر الأرشيف بل أيضاً الحي الذي يقع فيه، والذي كان يجب رصده لعدة أشهر حتى تطلع على تصرفات أهله، وتميزهم عن قوى خارجية تداهم فريق العمل، وقسم ينتشر في مخابئ مع شاحنات لخدمة «الموساد»، وفريق عمل مهني خبير في اقتحام الأماكن السرية المحروسة، وفك رموز الخزنات المقفلة التي بلغ عددها 32 خزنة، وفريق للحراسة الأمنية، وفريق يدير العملية اللوجستية ويرتب الوضع في حال اكتُشفت العملية، وأدوات عمل، وأجهزة نقل وتشويش. يكشف كوهين أن إحدى الآليات التي استخدمها «الموساد» في العملية كانت رافعة بارتفاع 6 أمتار. ويقول إن فريقه هذا أقام حقل تدريب في إيران على كل جوانب هذه العملية. قسم من أعضاء الفريق تم إعفاؤهم لأنهم لم يصمدوا خلال التدريبات.

وبحسب كوهين، كان على الفريق أن يقوم بهذه العملية خلال مدة قصيرة من العاشرة ليلاً في يوم 31 يناير وحتى الخامسة صباحاً، والهرب السريع، إذ إن الحرّاس في النوبة التالية سيحضرون في السابعة صباحاً. وفي نهاية المطاف، أتم عملاء «الموساد» عمليتهم في الساعة الخامسة إلا دقيقة (4:59) فجراً. ويكشف أن العملية كانت تحتاج إلى وقت أكبر، لكن معلومات وصلت مفادها بأن السلطات الإيرانية قررت نقل الأرشيف مرة أخرى إلى مخزن ثالث، لذلك سارع إلى تنفيذها، وحدد يوم 30 يناير موعداً لها، لكن قائد العملية الميداني طلب منحه فترة أخرى، فمنحه كوهين فقط يوماً واحداً. وتمت العملية بالفعل في 31 يناير.

يقول كوهين إنه كان مطلعاً على تنفيذ العملية بالتفصيل من بدايتها إلى نهايتها، إذ تم تصوير كل شيء ببث حي مباشر إلى تل أبيب (مثلما حصل لاحقاً في اغتيال فخري زاده). وبسبب كثرة الوثائق، كان الفريق يصوّر بعضها حتى يفحصها فريق الخبراء في غرفة العمليات في تل أبيب، فإذا صادق عليها يحملونها وإذا لم يصادق يبقونها في مكانها. وللاحتياط، تم تصوير الوثائق ومسحها على أسطوانات، ثم حمل عملاء «الموساد» النسخة الأصلية، حتى تكون وثيقة أمام لجنة الطاقة الدولية. يقول كوهين إن الإيرانيين وضعوا الوثائق في ملفات مقسمة إلى ألوان، فأمر بجمع كل الوثائق الحمراء والسوداء، وهي وثائق كانوا يعرفون أن تصنيفها يدل على مدى خطورتها. وكانت حصيلة الغنيمة 55 ألف وثيقة و183 أسطوانة ضمت 52 ألف وثيقة أخرى. ويؤكد أن معظم الأوراق المهمة تم جلبها إلى إسرائيل كما هي، وتتضمن براهين على أن إيران خططت لمشروع تسلح نووي كامل، بما فيه صنع رؤوس نووية للصواريخ.

وهنا يروي كوهين كيف تصرّف الإيرانيون بعد العملية، فقال: «بقينا نراقب المكان أيضاً بعد أن غادرت الوحدة مع الأرشيف. كنا نشاهد كيف صُعقوا وأصيبوا بالهستيريا. نشروا عشرات آلاف رجال الشرطة والمخابرات والحرس الثوري، بحثاً عن قوتنا، التي كانت مؤلفة من 25 عنصراً من عدة جنسيات. أقاموا الحواجز، وأوقفوا حركة السير البرية والطائرات. وعلمنا فيما بعد أن المرشد الأعلى، علي خامنئي، اعتبر سرقة الأرشيف كارثة قومية.

يقول كوهين إن القوة الإسرائيلية استغلت الساعتين (من الخامسة حتى السابعة صباحاً) للاختفاء. ويكشف أن القوة تفرقت في الحال لعدة مناطق في طهران. بعضهم اختبأ في شقق سكنية معدة سلفاً، وبعضهم غادر البلاد فوراً، والباقون تم تهريبهم لاحقاً رغم كل الإجراءات الإيرانية.

يقول مدير «الموساد» السابق إنه بعد دقيقة من العملية أبلغ نتنياهو بها، ثم اتصل بوزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الذي كان ذات مرة رئيساً لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، فكان تعليقه: «هذه واحدة من أجرأ العمليات الاستخباراتية في التاريخ». ثم اتصل نتنياهو بالرئيس دونالد ترمب وأبلغه بسرقة الأرشيف النووي الإيراني. وبعدها تم منح كل من المخابرات الأميركية والبريطانية والروسية والفرنسية والألمانية والصينية، وأيضاً لجنة الطاقة الدولية، نسخة عن مواد الأرشيف الإيراني مرفقة بتقرير من 36 صفحة يشرح بالتفصيل محتويات الوثائق، ويبدد الشكوك التي كانت تساور بعضهم بشأن حقيقة المشروع النووي الإيراني. وفي 30 أبريل (نيسان)، أعلن نتنياهو رسمياً عن العملية في مؤتمر صحافي كان عنوانه: «إيران تكذب». وبعد المؤتمر بثمانية أيام، أعلن ترمب إلغاء الاتفاق النووي مع إيران.

***

يوسي كوهين: أطلقتُ خطة «التهجير المؤقت» للغزيينوالسيسي أسقطها

«الشرق الأوسط» تنشر قراءة موسعة في كتاب رئيس الموساد السابق «بالأحابيل تصنع لك حرباً» (الأخيرة)

تل أبيب: نظير مجلي/الشرق الأوسط/22 تشرين الثاني/2025

يكشف المدير السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)، يوسي كوهين، في كتابه «بالأحابيل تصنع لك حرباً»، الصادر أخيراً، أنه هو صاحب خطة تهجير الفلسطينيين خارج قطاع غزة خلال الحرب الحالية، لكنه يزعم أن فكرته لا تتعلق بتهجير دائم، بل «مؤقت». يتحدث كوهين، في الجزء الأخير من القراءة المطولة التي أجرتها «الشرق الأوسط» في كتابه، عن أساليب عمل «الموساد» وطرق تجنيد العملاء، مشيراً إلى أنه لعب في إطار عمله الاستخباراتي دور «خبير آثار» في لبنان، و«تاجر شاي» في السودان.

يحمل كتاب كوهين عنوان: «بالأحابيل تصنع لك حرباً» بنسخته الصادرة باللغة العبرية، بينما اسم الكتاب باللغة الإنجليزية مختلف: «سيف الحرية: إسرائيل «الموساد» والحرب السرية».

ترحيل الغزيين… «تهجير مؤقت»

يكشف يوسي كوهين أنه كان صاحب خطة ترحيل نحو مليون ونصف المليون فلسطيني من غزة إلى سيناء المصرية، رداً على هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر 2023. يقول إن خطته كانت تقضي بأن «تكون هذه الهجرة مؤقتة»، موضحاً أن الكابنيت الإسرائيلي وافق على الخطة، وعلى تكليفه بإقناع دول عربية بها، باعتبار أنها تهدف إلى خفض عدد الإصابات بين المدنيين.

وبالفعل، سافر كوهين، كما يقول، إلى عواصم عربية، لكنه وجد أن العرب يخشون أن يتحوّل الترحيل «المؤقت» إلى ترحيل أبدي. فقال لهم إنه مستعد لجلب ضمانات دولية بأن تكون الهجرة مؤقتة. وأقام اتصالات بهذا الشأن مع كل من الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان والصين والهند، لكن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حسم الأمر، ورفض الخطة بشكل قاطع.

وعندها كان هناك اقتراح أن يتولى كوهين نفسه مهمة رئيس فريق التفاوض حول صفقة تبادل أسرى، لكن رفاقه من قادة الأجهزة الأمنية في إسرائيل أجهضوا الخطة.

الغرور… فشل الدعاية الإسرائيلية

يكرر يوسي كوهين، في كتابه، عدة مرات ضرورة أن يتمتع القادة الإسرائيليون بصفة التواضع، لكنه في الوقت نفسه يبدو كأنه يقوم بتكرار أخطاء الغرور. فعلى سبيل المثال، يستغرب كيف يقف كثيرون في العالم ضد إسرائيل بسبب حربها ضد قطاع غزة، وكيف ينشرون الأفلام الواردة من القطاع بكميات كبيرة.

وبدل أن ينتقد كوهين الأعمال الوحشية التي طالت الغزيين، وأودت بحياة عشرات الآلاف منهم بحجة ضرب «حماس»، يرى أن المشكلة هنا تكمن في فشل الدعاية الإسرائيلية، معتبراً أن حكومة بلاده لا تكرس ما يكفي من الجهد لإظهار الحقائق، وتسويق مواقف إسرائيل. في المقابل، يتجاهل أن اللوبي الإسرائيلي في العالم يتمتع بنفوذ هائل في الإعلام الأجنبي، كما أنه يتجاهل أن يهوداً كثيرين انضموا إلى حملات الاحتجاج على تصرفات إسرائيل.

يذهب كوهين أبعد من ذلك للقول إن القادة الإسرائيليين يبتعدون عن الشعب، ويفتقرون للأحاسيس الإنسانية، والرحمة إزاء المواطنين الإسرائيليين، ولذلك لا يشعرون بآلامهم بشكل كافٍ، وبالتالي لا يعرفون كيف يعكسون للرأي العام العالمي، وحتى المحلي، حقيقة المعاناة التي يعيشها الناس. وهذا يجعل العالم، برأيه، عرضة لتأثير «حماس» ودعايتها.

ويقول إنه رغم العمليات الوحشية التي تعرض لها سكان بلدات غلاف غزة الإسرائيلية، الذين عُرفوا بأنهم أنصار سلام، وبينها الاغتصاب الجماعي، وقطع الرؤوس، والتمثيل بالجثث، وإحراق الأطفال، راح العالم يطالب إسرائيل بوقف الحرب. ومعلوم أن إسرائيل تؤكد أن مقاتلي «حماس» قاموا بهذه الأفعال خلال عملية «طوفان الأقصى»، لكن الحركة تنفي ذلك.

يعرض كوهين، في هذا الإطار، شكل الدعاية التي يجب على إسرائيل أن تتبناها. يقدّم تصريحات القائد في «حماس»، خالد مشعل، مثالاً لذلك، فقد قال إنه يرفض حل الدولتين، ويريد مقاومة الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين من النهر إلى البحر. يؤكد كوهين، هنا، أنه لا يمكن إقامة السلام مع من لا يعترف بحقك في الوجود. لكنه يتجاهل بالطبع أن القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني، ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية، التي اعترفت بإسرائيل في اتفاقات أوسلو وتطالب بدولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل على مساحة 22 في المائة من فلسطين، هي أيضاً تتعرض لتنكيل إسرائيل التي تعمل كل ما في وسعها حتى تضعفها، وتقصيها.

محمد علي كلاي

يقول كوهين إنه معجب بالملاكم الراحل محمد علي كلاي، الذي كان يقول إن النصر أو الهزيمة يتحققان بعيداً عن أنظار الجمهور، أي قبل أن يعتلي حلبة الملاكمة: «عندما أكون في مرحلة التدريب، أو أسافر بالسيارة، قبل أن أبدأ الرقص على الحلبة بكثير». يقول كوهين: «كنت صبياً يتخيل نفسه وكيلاً يتجسس بعيون صقر، وبخبث الثعلب، وبقدرة النمر على الوثوب. وعندما يقوم بالمهمة، يتمتع بصبر القناص، وعفوية الساحر، ويواجه حظوظ القيام بمهمات في بيروت، وغزة، والخرطوم، وغيرها».

ويتحدث عن ضرورة أن يحرص رجل «الموساد» على التفوّق أمام مقابليه. ويروي كيف تقلّد شخصية «خبير آثار» في بعلبك اللبنانية، وشخصية «هاوي جمع أكياس شاي» أمام تاجر شاي لبناني في السودان. ويكشف عن أساليب عمل المخابرات الإسرائيلية في تجنيد عملاء، ليتبين أنها نفس الأساليب القديمة جداً التي استخدمت منذ بداية الجاسوسية قبل آلاف السنين، من خلال التفتيش عن نقاط الضعف الإنساني، واستغلال السلوكيات الشاذة، والبحث عن المصالح، وتضارب المصالح، والدوافع (مالية، آيديولوجية، جنسية، غراميات، كراهية وحسد، وغيرها).

ويقول، مبرراً هذه الأساليب: «يجب أن يعرف الهدف أن لديه الكثير الذي سيخسره إذا لم يتعاون، وهكذا يتم الإيقاع به في أحابيل المخابرات الإسرائيلية. وفي أحيان كثيرة، عندما يكون الهدف ضابطاً كبيراً في الجيش السوري، أو عالم ذرة إيرانياً، أنت توقعه في أحابيلك لدرجة أن يقوم بعمل يمكن وصفه بالخيانة. فعندما يقع بالشرك، تستغله حتى آخر لحظة، لأنك تهدد بكشف خيانته».

والأحابيل هي أهم شعار يستخدمه «الموساد»: «بالأحابيل تصنع لك حرباً»، وهو الذي اختاره كوهين اسماً لكتابه باللغة العبرية (اسم الكتاب باللغة الإنجليزية مختلف: «سيف الحرية: إسرائيل الموساد والحرب السرية»). ويقول إن مثله الأعلى هو كالان، بطل مسلسل «كالان» البريطاني. وقد أصبح اسم «كالان» أحد أسماء التغطية التي استخدمها في عملياته.

إسرائيل في العالم

يقول كوهين إن «الموساد» يتابع التطورات في كل مكان يؤثر على إسرائيل مباشرة، أو بشكل غير مباشر. يهتم بشكل عميق بالتطورات في إيران ولبنان وسوريا والعراق واليمن، والتنظيمات المسلحة التابعة. ولكنه يرى أن هناك خطراً ماحقاً بالبشرية جمعاء يجب أن يأخذ الحيّز اللازم من الاهتمام لدى المخابرات، وهو أزمة المناخ، مشيراً إلى أنه شخصياً اهتم -ولا يزال يهتم- به حتى بعد ترك منصبه.

لكن قضية التعاون الدولي في موضوع المخابرات تعتبر أهم مشروع لـ«الموساد». ويروي كيف قام بتطوير العلاقات مع المخابرات في جميع أنحاء العالم. ويقول إن ذلك بدأ عندما قام تنظيم «داعش» بتنظيم عمليات إرهاب في بلجيكا، في سنة 2016. ففي نفس اليوم الذي تم فيه الهجوم الإرهابي، تلقى كوهين إنذاراً ساخناً عن العمليات. لكن الإنذار جاء متأخراً. إلا أنه لم يمنعه من الاتصال بنظيره البلجيكي وإبلاغه. وأعطاه مزيداً من المعلومات التي ساعدت في التحقيق. ثم قام في السنة نفسها بإبلاغ أستراليا بخطة لتفجير طائرة مدنية تعمل على خط أبوظبي-سيدني. وبفضل «الموساد» مُنعت العملية، وتم كشف الخلية مع أسلحتها ومواد التفجير الجاهزة. يعدد كوهين دولاً كثيرة «مدينة» لـ«الموساد» بالكشف عن عمليات وخلايا إرهاب، ويقتبس عدداً من زملائه في قيادة المخابرات الألمانية والبريطانية والفرنسية والألمانية الذين قالوا له إن شعوبهم مدينة لإسرائيل بفضل ما كشفه «الموساد» عن خلايا إرهابية. ويقول إن إسرائيل أيضاً استفادت من تلك المخابرات.

ولا تخرج تركيا عن هذه القاعدة، التي رغم العلاقات السيئة معها فإن كوهين لم يتردد في إبلاغها بما يعرف عن خلايا إرهابية على أراضيها. يقول: «في صيف 2018، ساعدت إسرائيل تركيا على كشف معلومات عن خلايا إرهابية نفذت 16 هجوماً، رغم العلاقات السيئة بين البلدين». واهتم كوهين بالتأكيد على أن قائد المخابرات التركية في ذلك الوقت كان هاكان فيدان، وزير الخارجية الحالي.

«القائد القوي هو الذي يقدّم تنازلات»

من الواضح أن كوهين يحاول في الكتاب أن يقدم صورة جيدة عن «الموساد»، لكنه أبرز نفسه أكثر من أي شخص آخر في فصوله، وهذا أمر مفهوم كون الكتاب يتناول مسيرته هو. سيقول منتقدون إن هدف كوهين واضح، وهو أن يصل إلى منصب رئيس الحكومة. فقد حاول أن يرد على كل سؤال يمكن أن يخطر ببال الإسرائيليين وغير الإسرائيليين، حتى يقنعهم بأنه أفضل من يصلح لهذا المنصب، خصوصاً في هذه الظروف العصيبة. يمشي بين بحر من النقاط، كي يرضي جميع الأطراف، لكن الأهم أنه يقتبس أقوال المعجبين به، وبينهم يهود وعرب ويمينيون ويساريون ومتدينون وعلمانيون، إسرائيليون، وأجانب. ولأولئك الذين يريدون أن تعيش إسرائيل في حرب أبدية، يقول إنه «بعد حرب أكتوبر 1973 لم يكن أحد ليصدق أنه بعد خمس سنوات فقط تم توقيع اتفاق سلام تاريخي مع مصر». ويؤكد: «القائد القوي هو الذي يقدّم تنازلات». ويشير إلى أنه بكى عند التوقيع على الاتفاق الإبراهيمي بين إسرائيل ودول عربية. وهو يمتدح القادة العرب الذين التقاهم وأظهروا رغبة حقيقية بالسلام. لكن السلام، بحسب ما يرى، يكون فقط بعد إظهار القوة.

 

تفاصيل المقالات والتعليقات والتحاليل السياسية الشاملة

معضلة جوزاف عون: كيف تنقذ مَن صَمّم على الانتحار؟

إيلي الحاج/المدن/24 تشرين الثاني/2025

اهتزت بعنف قواعد الاشتباك التي حكمت الصراع بين إسرائيل و"حزب الله" مع اغتيال رئيس أركانه هيثم الطبطبائي. وهكذا، بعد نحو سنة على إعلان وقف النار، يدخل لبنان كله مرحلة جديدة من مواجهة مفتوحة، قد تكون لها تداعيات كارثية على مستقبل الحزب. فهذا الاغتيال في قلب الضاحية الجنوبية، يعني أن إسرائيل قررت الارتقاء في عمليات التصفية إلى مراتب أعلى في قيادة التنظيم، وأنه أمام بداية أليمة لسلسلة ضربات متوقعة في ضوء التصريحات المتلاحقة للمسؤولين الإسرائيليين.

العمى الأمني وفخ الاختراق

تطرح السرعة والدقة في الاغتيالات أسئلة خطيرة عن فاعلية التدابير الأمنية داخل الحزب، الذي يبدو أنه لا يزال في حالة عماء. إذ لم يتمكن من تحديد الطرق التي تُمكِّن الجيش الإسرائيلي من الاهتداء إلى قياداته وعناصره، حتى لو كانوا مموَّهين ويتنقلون في سيارات مقفلة أو على دراجات، وكذلك اكتشاف مخازن أسلحته وذخائره. ولا يُستبعد أن يكون اغتيال الطبطبائي "فخاً" يهدف إلى اختبار ردود الفعل وتشغيل اختراقات أكبر، في غياب "سلاح إشارة" يُعتدّ به ويُعتبر أساساً لخوض أي حرب أو معركة عسكرية. ولا تقتصر الضربة على قيادة الحزب فحسب؛ فباعتبار أن هيثم علي الطبطبائي هو إيراني الجنسية أساساً، يتحوَّل ما حدث إلى هجوم ليس على "حزب الله" فحسب، بل مباشرة على إيران التي لا تزال تترنح من الضربات التي تلقتها من التحالف الإسرائيلي - الأميركي.

تضييق الخناق السياسي؟

وتتجاوز عملية الاغتيال التأثير الميداني إلى الساحة السياسية اللبنانية، في ضوء فرضية أن الاغتيالات قد لا تستثني "القيادة السياسية" للحزب في حال كان الهدف الأكبر هو شل قدرته على الفعل، أو على الأقل المشاركة بفاعلية في الانتخابات النيابية في أيار 2026. هذا السيناريو يعيد للأذهان ما حدث في الغارة على الدوحة التي استهدفت قيادات سياسية وليست عسكرية من "حماس". ولطالما ردّد مسؤولون إسرائيليون أن ما ينطبق على "حماس" ينطبق على "حزب الله"، والآن جاء دوره. هكذا يبدو أن "مستقبل الحزب هو ما حصل لقيادة الحركة".

حبل نجاة مرفوض وحرب استنزاف أحادية الجانب

في خضم هذا البحر الهائج، تبرز مبادرة الرئيس جوزف عون التي أعلنها في عيد الاستقلال بمثابة "حبل نجاة" ممدود إلى الحزب لإنقاذ نفسه من خلال اعتماد المنطق، في ظل انسداد الآفاق أمامه. ولكن يبدو أن هذه القيادة ترفض الإمساك بهذا الحبل، مفضلةً التمسك بالسلاح "حتى عودة الإمام المهدي"، كما تُشيع أوساط قريبون منها. هذه المقاربة العقيدية تضع الحزب في وضع حرج، خصوصاً أن المواجهة باتت أقرب إلى حرب من جانب واحد واستنزاف من جانب واحد وأعمال قتل واغتيال من جانب واحد. وفي ظل هذا التآكل أحادي الجانب، تبرز تساؤلات وجودية: لماذا هذا السلاح؟ وهل سيصبح الحزب أقوى بمرور الوقت بالرغم من التفوق الإسرائيلي التكنولوجي المتعاظم، كي يكون الصبر مُجدياً والتضحيات مبررة؟ إن غياب الأجوبة والبديل الواضح من "رؤية جوزف عون للحل" يعكس أزمة استراتيجية عميقة. وإذا استمرت وتيرة الاغتيالات والاختراقات، فالأرجح أن مستقبل "حزب الله"، العسكري والسياسي معاً، سيبقى معلقاً على خياراته وخيارات إيران المقبلة: هل الأفضل هو الغرق في بحر الاستنزاف، فيما إسرائيل تتصرف كنمر جائع لا يفلت فريسته حين تقع بين أنيابه؟ وكيف السبيل إلى إنقاذ شخص مُصمَّم على الانتحار؟

 

بين الاغتيال وحصرية السلاح: كيف تقرأ باريس مقتل هيثم الطبطبائي؟

أندريه مهاوج/نداء الوطن/24 تشرين الثاني/2025

شكّل اغتيال هيثم علي الطبطبائي نقطة تحوّل في المشهد اللبناني والإقليمي، وأفرز معطيات جيوسياسية لا بدّ للدول المعنية بالوضع اللبناني من أن تتعامل معها انطلاقـًا من موقع كل دولة في إبراز معالم المرحلة المستقبلية. لذلك فإن اغتيال الطبطبائي قد يضع فرنسا أمام اختبار دقيق يتعلق بدورها التاريخي في لبنان وبرغبتها المستمرة في تجنّب انهيار الدولة اللبنانية وفي جهودها لإنهاء الوضع القائم ومواكبة السلطة اللبنانية في مسيرة إعادة بناء مؤسسات الدولة وانهاء كل المظاهر التي تنتقص من سيادتها المطلقة.

مع أن باريس تعلن بوضوح دعمها لمبدأ حصر السلاح بيد الدولة، إلا أن طريقة ترجمتها لهذا المبدأ عمليًا في ظل حدث أمني كبير من هذا النوع لا تبدو مباشرة أو أحادية الاتجاه. فباريس التي تحتفظ لنفسها بدور الوسيط، والتي أكد رئيسها إيمانويل ماكرون أنه يعمل بالتنسيق مع الولايات المتحدة على دعم مسيرة الدولة وعلى تنظيم مؤتمرات الدعم للجيش ولإعادة الاعمار، تتجنب توجيه إدانة حادة لاغتيال قيادي عسكري من الصف الأول في حزب مطالب بالتخلي عن سلاحه وبتفكيك بنيته العسكرية فيما الطبطبائي متهم بالإرهاب وتطارده واشنطن.إن أي ادانة شديدة اللهجة ستثير حفيظة رئيس الحكومة الإسرائيلية، وستتحفظ عليها واشنطن، الأمر الذي قد يفقد باريس صفة الوسيط المحايد ويعقد مهمتها في الاستمرار بخطوات حشد الدعم الدولي لمساعيها في عقد مؤتمرات الدعم للبنان. لكن في الوقت نفسه، لا يمكن أن تسكت باريس تمامًا عن هذا الحدث الأمني، لأنها تعتبر الاستهدافات الأمنية داخل لبنان عاملًا مباشرًا لزعزعة الاستقرار ويضعف موقف السلطة، وهو ما يتعارض مع رؤيتها لحصرية السلاح وتقوية الدولة وهي مقتنعة بأن وجود سلاح خارج إطار الدولة يؤدي الى نتيجتين:

- استدراج لبنان إلى حروب لا تقررها السلطة، ولكنها ستلزمها

- تراجع قدرة الشرعية اللبنانية على بسط سيادتها

من جهة أخرى ليس من مصلحة باريس أن توظف الاغتيال للتصعيد ضد ""حزب الله""، لكنها قد تلمّح إلى أن غياب سلطة الدولة يجعل البلاد ساحة مفتوحة للاستهداف.

هكذا، يصبح الاغتيال مناسبة إضافية لباريس لتذكير الجميع بأن الحل الحقيقي في لبنان ليس عسكريًا ولا ظرفيًا، بل عن طريق إعادة بناء دولة قادرة على فرض سيادتها بالتدرج، ولكن بثبات.

 

كواليس أهداف زيارة ولي العهد السعودي إلى واشنطن

طارق أبو زينب/نداء الوطن/24 تشرين الثاني/2025

نجحت زيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى الولايات المتحدة في أن تصبح محطة مفصلية على المستويين السياسي والاستراتيجي. جاءت الزيارة وسط ملفات كبرى رافقتها، وقدرة ولي العهد على إعادة رسم ملامح المشهد الإقليمي. وجاء هذا الحضور ضمن نهج مؤسساتي متماسك تقوده القيادة السعودية في إدارة العلاقات مع واشنطن، إدراكًا منها أن تعزيز التواصل مع الإدارة الأميركية والكونغرس يتطلب بناء قنوات تأثير فاعلة داخل الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وأكدت الزيارة مجددًا أن المملكة أصبحت "ممرًّا إلزاميًا" لأي تسوية كبرى في المنطقة، وأن دورها محوري في صياغة القرارات الدولية المرتبطة بالأمن والطاقة والاقتصاد العالمي. في الوقت الذي سعى فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لأسباب سياسية داخلية إلى إبراز حجم الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة، والذي وصل إلى نحو تريليون دولار، جاء رد ولي العهد ليعيد رسم المشهد، مؤكدًا استمرار المملكة في زيادة الاستثمارات وأن الفرص تتسع مع كل مرحلة جديدة . أراد ولي العهد التأكيد على أن جوهر التحول السعودي يتجاوز مجرد الأرقام. فالصفقات والاتفاقيات السعودية –الأميركية المعلنة خلال الزيارة ليست مجرد تفاهمات عابرة، بل ركائز استراتيجية تمتد من الانخراط السعودي العميق في التكنولوجيا الأميركية المتقدمة، إلى تأمين الوصول إلى المعادن الحيوية، وتعزيز مشاريع التعاون في الطاقة النووية السلمية، وصولاً إلى منظومة واسعة من صفقات الدفاع والتسليح. شكلت هذه الحزمة إطارًا مركزيًا لتسريع عملية تنويع الاقتصاد السعودي، ما يجعل التحول الراهن واقعًا ملموسًا على الأرض. كما تراهن المملكة على تطوير رأس مال بشري سعودي قادر على المنافسة في قطاعات المستقبل، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، بالشراكة مع الشركات الأميركية الكبرى. تهدف هذه الخطوة إلى ترسيخ موقع المملكة كمركز عالمي موثوق في قطاع الذكاء الاصطناعي، مستندة إلى قاعدة واسعة من الطاقات الشابة. من هذا المنطلق، لا تعد الأرقام محور اهتمام ولي العهد بقدر ما تعكس الفرص الجديدة المتنامية، مؤكدة أن الشراكة مع الولايات المتحدة تشكل ركناً ثابتًا في معادلة هذا التحول الاستراتيجي.

التموضع الدولي والاقتصادي الاستراتيجي

ساهمت الزيارة في إعادة ترسيخ التحالف السعودي – الأميركي كركيزة أساسية لاستقرار الشرق الأوسط، ناقلة العلاقة بين الطرفين إلى مرحلة قائمة على مصالح واضحة ومباشرة. ومنحت الزيارة زخماً واسعاً للتعاون الاقتصادي بين البلدين، خصوصًا في مجالات الذكاء الاصطناعي، الصناعات الدفاعية، صفقات التسليح، الطاقة النظيفة، والمشاريع المرتبطة بـ"رؤية 2030 ". تشكل هذه الاتفاقيات نقلة استراتيجية بعيدة المدى تشمل تطوير الصناعات العسكرية، وتعزيز الدرع الجوي السعودي، والابتكار التكنولوجي والأمني، مما يعكس مكانة السعودية كشريك يعتمد على الندية والمصالح المشتركة داخل المؤسسات الأميركية.

الأثر السياسي والدبلوماسي للزيارة

تشير مصادر أميركية مطلعة لـ«نداء الوطن» إلى أن المملكة باتت قوة محورية داخل الإدارة الأميركية والكونغرس، وتمتد تأثيراتها إلى أروقة كبرى الشركات الاقتصادية والصناعية، ما يمنحها قدرة واضحة على صياغة السياسات الدولية بما يخدم مصالحها ومصالح العالم العربي. وفي الوقت نفسه، تتصدر الرياض مبادرات لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكدة مكانتها كقوة دبلوماسية قادرة على التأثير المباشر في مسار الأحداث بالمنطقة.

الملفات الدولية والردود الأميركية

استجابت واشنطن بسرعة لعدد من المطالب السعودية، أبرزها دعم جهود إنهاء الحرب في السودان، والمساهمة في تعافي سوريا بعد رفع العقوبات، وتعزيز اتفاق غزة، والحصول على ضمانة أميركية رسمية لإطلاق مسار تفاوضي يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية. ووصف ولي العهد حل الدولتين بأنه يحتاج إلى "مسار تفاوضي واضح وجدي" ليكون معتمدًا ويحقق نفعًا فعليًا، ويعكس "خطًا أحمر" سعوديًا في ملف التطبيع، حيث ربط الأمر بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم. وفقًا لمصادر أميركية، تصدّر الملف الإيراني اهتمامات الرياض خلال اجتماع القادة بين الرئيس الأميركي وولي العهد، لا سيما بعد طلب طهران من السعودية التوسط لإحياء المحادثات النووية المتوقفة، ما يعكس قلق إيران من احتمال تكرار الضربات الجوية وتفاقم أزماتها الاقتصادية.

الرسائل الإقليمية والدولية

تبرز أهمية هذه الزيارة في الملفات الإقليمية الحساسة، من اليمن إلى لبنان والعراق وسوريا وفلسطين، حيث يمثل التنسيق السعودي–الأميركي بوابة أساسية لأي تسوية أو إعادة ترتيب في المنطقة. وتعكس الرؤية السعودية الحرص على ترسيخ الاستقرار وتعزيز سيادة الدول، فيما تعتبر واشنطن الرياض شريكًا فاعلًا قادرًا على ضبط التوازنات بما يتماشى مع الاستقرار في المنطقة. يعكس النهج السعودي في التفاوض وإدارة الملفات وإنجاز الصفقات من موقع الندية والسيادة قدرة فريدة على التحرك بثقة ضمن بيئة دولية معقدة، مؤكّدًا أن المملكة ليست مجرد طرف ضمن المشهد العالمي، بل قوة مؤثرة تشق مساراتها الاستراتيجية بنفسها، محافظة على مصالحها ومبتكرة في تنويع علاقاتها الدولية بما يضمن لها النفوذ والتأثير المستدام . ما تجسده السعودية من استراتيجية متوازنة بين المبادرة والحكمة يعكس رؤية مستقبلية متقدمة، تجعلها لاعبًا محوريًا في إعادة صياغة التوازنات الإقليمية والدولية، معززة قدرتها على تحقيق مصالحها الوطنية ضمن إطار من الاستقرار والتأثير العالمي. المملكة اليوم قوة فاعلة لا يمكن تجاهلها في أي معادلة دولية أو إقليمية، وهو ما يجعل هذه الزيارة محطة استراتيجية تؤكد على نفوذها المتنامي في قلب القرار الدولي.

 

الشرع: لتخفيف الضغط عن لبنان وتجاوز الماضي والتعاون

منير الربيع/المدن/23 تشرين الثاني/2025

بين لبنان وسوريا، هناك فرصة جدية للدخول في علاقة تكاملية على أسس ندية. تضج دمشق بالحديث عن التحولات في المنطقة، وبأنها تريد أن تكون جزءًا منها، كما تريد للبنان أن يسير على الطريق عينه. يريد لبنان تجاوز الماضي، وهو ما تريده سوريا بقوة، معتبرة أنه لا بد من تجاوز كل الالتباسات والمساوئ التي اعترت العلاقة في الماضي، وإزالة كل التجاوزات السابقة، للبدء بنمط جديد من العلاقة السليمة، على قاعدة المصالح والهموم المشتركة، من دون أي تأثير من قبل إحدى الدولتين على الأخرى. من يزر سوريا في هذه الأيام، يسمع مقاربة مختلفة كلياً عن ما كان سائداً أيام نظام الأسد. إن لجهة الانفتاح على الدول العربية أو على الغرب والعلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية. هذه العلاقة هي التي ستكون سارية على لبنان أيضاً، في ظل التقدم الأميركي والرؤية التي تطرحها إدارة الرئيس دونالد ترامب. تعتمد الإدارة الأميركية أسلوباً واضحاً، وهو يصل إلى حد ممارسة الضغوط القصوى، للدفع باتجاه تقديم التنازلات والارتضاء بالشروط المفروضة، وبعدها تترك هامشاً للنقاش أو تفتح الباب أمام المفاوضات والمشاورات. هذا ما اعتمدته مع سوريا، وتعتمده مع لبنان أيضاً. ففي سوريا تحققت بعض النقاط، في حين رفض الرئيس السوري أحمد الشرع سابقاً اللقاء برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في ظل مواصلة الحرب على غزة، وفي ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا واحتلال عدد من النقاط. لبنان أيضاً، يجد نفسه في مواجهة الضغوط عينها. والمطلوب منه هو التنازل عن كل شيء. فإلى جانب مسار سحب سلاح حزب الله، برزت دعوات أميركية لعقد مشاورات مباشرة مع إسرائيل أو لإجراء اتصال من رئيس الجمهورية جوزاف عون برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو ما يرفضه لبنان. وتواصلت الضغوط الأميركية إلى حد إلغاء مواعيد لقائد الجيش رودولف هيكل، الذي اندفع إلى إلغاء زيارته إلى الولايات المتحدة الأميركية.

الضغوط على لبنان بلغت حدها الأقصى، في الوقت الذي تبرز فيه مساع إقليمية ودولية مع الأميركيين في محاولة لمساعدة لبنان على تجاوز الضغوط، وإجراء زيارة لرئيس الجمهورية جوزاف عون إلى واشنطن ولقائه بالرئيس دونالد ترامب، تماماً كما زار أحمد الشرع واشنطن والتقى ترامب. في هذا الإطار، يسمع زائر دمشق أن لبنان لديه فرصة جدية للالتحاق بهذا المشروع الجديد في المنطقة، وتجاوز الحروب والصراعات، والأهم إعادة الاعتبار لمفهوم الدولة لديه، من دون تبعيات خارجية، والأهم عدم العودة إلى الاقتتال الداخلي أو استمرار الأزمات السياسية الداخلية التي تعيق عمل الدولة ومؤسساتها.

ووفق ما ينقل زوار دمشق عن الشرع فإن سوريا ليست في وارد التدخل بلبنان، وهي مستعدة للمساعدة في التكامل الاقتصادي والاستثماري، ومنفتحة على كل أشكال التعاون. تنظر إلى الضغوط التي تُمارس على الدولة اللبنانية والمسؤولين والجيش، لكنها تعتبر أن هذه الضغوط ستؤدي إلى مشكلة كبرى، وقد تؤدي إلى تفجير البلد داخلياً. وهذا لن يكون في مصلحة لبنان ولا بمصلحة الدول التي تمارس كل هذه الضغوط. بالنسبة إلى دمشق، فإن لبنان يحتاج إلى مقاربة مختلفة، لا تقوم على منطق القوة أو المكاسرة لأن هذه ستؤدي إلى انفجار الحرب الأهلية فيه. بعض من التقوا الشرع سمعوا منه بأنه لا يمكن تحميل لبنان ما لا طاقة له به. ينقل مسؤولون عن الشرع أن السوريين تجاوزوا كل جروح الماضي، ولا يريدون العودة إليها. وهو ما يريدون من اللبنانيين أن يعملوا عليه أيضاً، ولا سيما حزب الله. فسوريا لا تشكل تهديداً لأحد. ويشددون على القول إن هناك متغيرات حصلت على مستوى المنطقة، وعلى الجميع تلقفها والتعامل معها بواقعية، وحزب الله كما الطائفة الشيعية هم لبنانيون أصلاء، ويجب التعامل معهم على هذا الأساس، فهم جزء من الشعب اللبناني والمجتمع والدولة. من هنا يركز المسؤولون في سوريا على ضرورة النظر من الدائرة الأوسع وليس من الزوايا الضيقة. فليس من مصلحة سوريا أن تنظر إلى لبنان أو حزب الله بعين الماضي، ولا من مصلحة لبنان أو الحزب النظر إلى سوريا الجديدة بعين ماضية، أو وفق توصيفات كانوا قد أطلقوها عند تبرير تدخلهم ضد الثورة السورية. فالبقاء في الزوايا الضيقة وحالة الأسر ضمن دائرة المواقف القديمة، حوّل جميع أهل المنطقة إلى ضحايا، فكان حزب الله ضحية مشاريع كبرى، كما سوريا وشعبها وثوارها كانوا ضحايا لمشاريع وتقاطعات دولية. الخلاص اليوم هو في الخروج من هذه الدائرة الضيقة والنظر بمنظار أوسع على قاعدة الاحترام المتبادل وحماية كل دولة لحدودها.

 

"الاتصالات" تلتف على قرار الحكومة.. ستارلينك حصرية مقنّعة؟

لوسي بارسخيان/المدن/23 تشرين الثاني/2025

لم يذلل القرار رقم 29 الذي صدر عن الحكومة في جلستها الأخيرة التي انعقدت الأسبوع الحالي، الشبهات المحيطة بملف الترخيص لستارلينك، في محاولة لتفعيل رخصتها بتقديم خدمة الانترنت السريع عبر الأقمار الصناعية على الأراضي اللبنانية، بأي ثمن. غير أن ما كشف هذه المرة، أن الثمن قد يكون في "استغفال" مجلس الوزراء، من خلال تخطي مبدأ "اللاحصرية" التي أصرّت عليه الحكومة عندما رخصت لستارلينك في جلستها التي انعقدت في 11 أيلول الماضي. ضمّنت الحكومة قرارها السابق بندًا أولًا يطلب من الوزارة الاطلاع على نتائج المساعي والمفاوضات التي تجريها مع شركات تقدم خدمات عالية السرعة وموثوق فيها على جميع الأراضي اللبنانية، لا سيما مع شركتي Eutelsat و Arabsat، على أن ترفع تقريرًا بما توصلت اليه مع هذه الشركات إلى مجلس الوزراء، في مهلة اقصاها شهرين من تاريخ صدور القرار. علمًا أن وزارة الاتصالات هي التي لفتت الى عروض مماثلة تلقتها من الشركتين من خلال الطلب الذي تقدمت به للترخيص لشركة ستارلينك. ما تبين في قرار مجلس الوزراء الذي صدر يوم الخميس بالمقابل، أن الحكومة أخذت علمًا بنتائج هذه المساعي والمفاوضات. إلا أن التدقيق في مضمون ما عرض على الجلسة، يبين أن وزارة الاتصالات انحرفت بشكل واضح عن مضمون قرار الحكومة السابق.

إذ أفاد وزير الاتصالات وفقًا لما ورد في القرار رقم 29، عن اجتماعات عقدت بين ممثلين عن وزارة الإتصالات والهيئة الناظمة للاتصالات وهيئة أوجيرو من جهة، وممثلين عن شركة Eutelsat من جهة أخرى. وانتهت هذه المفاوضات الى "توافق على توقيع مذكرة تفاهم بين الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة الإتصالات وشركة Eutelsat، غايتها تأمين خطوط اتصال للمشتركين الراغبين، بين مراكز عملهم الواقعة على الأراضي اللبنانية وخارجها، وذلك عبر شبكة الشركة على الأقمار الصناعية، بحيث يتم نقل الداتا عبر أجهزة VSAT، شرط الإستحصال مُسبقاً على الموافقات الأمنية والتراخيص الإدارية اللازمة بهذا الخصوص، وفقًا لما تفرضه الأحكام القانونية والتنظيمية المرعية الإجراء، بحيث تكون وزارة الاتصالات هي الجهة المولجة بتلقي طلبات الجهات الراغبة في الاستفادة من هذه الخدمة والتنسيق مع شركة Eutelsat واتخاذ الإجراءات اللازمة، وصولاً الى صدور التراخيص المتوجبة لتوقيع عقود الإشتراك بالخدمة موضوع هذا الكتاب."

يستنتج خبير اتصالات، فضل عدم ذكر اسمه، من مضمون ما قدمته الوزارة الى الحكومة، أنها لم تعرض نتائج أي مفاوضات بشأن خدمة الإنترنت السريع للمشتركين، كما أنها لم توضح العروض التي قالت سابقًا إنها تلقتها من الشركتين. وبدلًا من التقرير المطلوب، عرضت على مجلس الوزراء ملفًا مختلفًا كليًا، يتناول المفاوضات التي جرت مع Eutelsatحول خدمة ربط الاتصالات point-to-point  بين مركزين محددين. علمًا أن هذه الخدمة موجودة في لبنان منذ تسعينيات القرن الماضي، وفقًا للخبير، وقد تم اللجوء إليها خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان. وهي خدمة تعتمد على تقنية VSAT التي تُستخدم فقط لنقل معلومات الـ data بين نقطتين، وليس لتقديم خدمة إنترنت سريع للمشتركين على نطاق وطني. وبالتالي لا علاقة لها إطلاقًا بالخدمة التي طلب مجلس الوزراء تقييمها، وهي الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية.

بناء على ما تقدم، يمكن الاستنتاج بأن البند رقم 29 الذي ناقشته الحكومة في جلستها الأخيرة، شكل مضيعة لوقتها الذي حشر بجدول أعمال شمل 39 بندًا آخر. إلا أن الأخطر في عملية الالتفاف التي ظهرت، هي في كونها تشكل محاولة لتثبيت حصرية "ستارلينك" في تقديم خدمة الانترنت عبر الأقمار الصناعية، خلافًا لروح قرار الحكومة الذي اشترط في الترخيص لـ"ستارلينك" بأن تستكمل وزارة الاتصالات المفاوضات مع شركات أخرى أيضًا. مبدئيًا تصر وزارة الاتصالات على أن لا حصرية لستارلينك في تقديم خدمة الانترنت السريع والموثوق عبر الأقمار الصناعية. إلا أن تطبيق هذه اللاحصرية وفقًا لخبير الاتصالات لا تتكرس في التصريحات الإعلامية، ولا بكلام خال من المعايير الواضحة. بل يجب ترجمتها في نصوص قانونية، أو قرار صادر عن الهيئة الناظمة، أو حتى الوزارة والحكومة، يحدد الأطر التنظيمية بالنسبة لمنح التراخيص، وشروط معلنة للحصول على الترخيص، ومعايير قابلة للتطبيق بمساواة، وخطوات تنفيذية موحدة، بحيث تتمكن كل شركة تستوفي الشروط والمقومات من أن تحصل على الترخيص. بغياب هذه الخطوات، يرى الخبير في ما تتمسك به وزارة الاتصالات تكريسًا لمبدأ حصرية ستارلينك في السوق. ويشبه ذلك بمن يضع لافتة على الباب كتب عليها مسموح الدخول للجميع، بينما الباب مغلق والمفتاح في يد طرف واحد. اكتفت الحكومة في المقابل بأخذ العلم من كل ما ورد. فهي لم تُقرّ أو ترفض ما عرض عليها، ولم تُحاسب الوزارة على تقديم تقرير غير مطابق لمضمون التكليف، ولم تصدر قرارًا صريحًا يُلزم وزارة الاتصالات بإعادة التفاوض وفق الشروط التي كانت قد وضعتها بنفسها. بل "اشترت مشكلًا" عبر ترك الملف معلّقًا على قراءة الوزارة وحدها، بدلًا من حسم الموقف بقرار واضح أو بإعادة التقرير إليها لعدم مطابقته مضمون التكليف. وبذلك، تكون الحكومة، عن قصد أو غيره، قد عرّضت نفسها لشبهة تبني تقرير لا علاقة له بطلبها الأصلي، مع ما يرافق ذلك من مسؤولية سياسية في حال تبيّن لاحقًا أن ما عُرض أمامها لم يكن يعكس حقيقة المفاوضات، ولا طبيعة الخدمات التي كان يفترض بحثها. فـ"أخذ العلم" هنا لا يعني الموافقة، لكنه أيضًا لا يُلزم الوزارة بتصويب المسار أو باستكمال المفاوضات وفق السقف الذي وضعه قرار أيلول الماضي. وبهذا الغموض، تصبح الحكومة شريكة، ولو شكليًا، في إنتاج واقع الحصرية، لأن عدم اعتراضها أو تصحيحها لما قُدّم إليها، يُفسَّر تلقائيًا كأنه قبول ضمني بالمسار الذي سلكته الوزارة، حتى لو كان هذا المسار يخالف روح قرارها السابق.

 

هل الشيعة مهزومون؟

أسعد قطّان/المدن/23 تشرين الثاني/2025

ثمّة قول للدكتور فارس سعيد فيه كثير من الحصافة. قوام هذا القول أنّه حين يربح حزب في لبنان، يربح وحيداً، وحين يخسر، تخسر طائفته معه. ترتكز هذه الملاحظة، أوّلاً، على واقع اجتماعيّ وسياسيّ مفاده أنّ غالبيّة الأحزاب اللبنانيّة نشأت من رحم الطوائف، ما يستتبع أنّ الذين لا ينتسبون إلى طائفة حزب من الأحزاب ينزعون تلقائيّاً إلى الابتعاد عنه، ولا يستسيغون الانضواء تحت رايته. وهي تستند، ثانياً، إلى محاولة بعض الأحزاب الاستئثار بالهويّة الطائفيّة واستخدامها في سبيل التجييش وشدّ عصب «الرفاق». فإذا سلّم أهل الطائفة، أو غالبيّتهم، بهذا الاستئثار، أو اضطرّوا إلى التسليم به لإحساسهم بأنّهم محاصرون، خامرهم فعلاً شيء من الشعور بالخسارة متى خسر هذا الحزب إحدى معاركه، أو تعرّض لانتكاسة كبرى. ربّما ينسحب الارتباط العضويّ بين الحزب والطائفة على معظم الأحزاب في لبنان. لكنّه يسري على حزب الله بصورة خاصّة، إذ هو يحسب أنّ إيديولوجيّته الحزبيّة امتداد للعقيدة الدينيّة الشيعيّة. غير أنّ الحزب لا يكتفي بذلك، بل يجنح إلى إضفاء صفة الإطلاق على تأويله العقيدة تأويلاً إيديولوجيّاً وإقصاء أيّ تأويل آخر، وذلك عبر تبنّيه فكرة الوليّ الفقيه. التعبير السوسيولوجيّ «الطبيعيّ» عن الصلة الوثيقة بين الإيديولوجيا الحزبيّة والمنظومة العقيديّة يتلخّص في أنّ الطائفة الشيعيّة هي منبت حزب الله، إذ يضرب جذوره في تربتها، ويستقي نسغه منها. لكنّ هذا كلّه يجب ألّا يفضي بنا إلى الاستنتاج أنّ حزب الله يتماهى بالشيعة وهم يتماهون به. فلدى الشيعة من عراقة التاريخ وإبداعات الحاضر وتوثّبات المستقبل ونبض الفكر والتماعات الثقافة وانقداحات التنوّع ما يتخطّى حزب الله بأشواط، وما يجعل أيّ اختزال لهذه الجماعة بحزب من الأحزاب قاصراً وضحلاً ومُهيناً. المشكلة تكمن في كون الحزب قابعاً إلى اليوم في معادلة الاختزال هذه، حتّى إنّه لم يتوانَ عن محاولة تكريسها عبر اللجوء إلى الضغط والقمع والعنف اللفظيّ والجسديّ. طبعاً، حزب الله لا يقرّ بالهزيمة التي مُني بها على يد جيش إسرائيل. لكن إذا سلّمنا جدلاً بحقيقة هذه الهزيمة، وقبلنا نظريّة الاختزال التي ما برح الحزب يروّج لها، فإنّ الاستنتاج الذي لا مفرّ منه هو أنّ الشيعة في لبنان هُزموا فعلاً. بيد أنّ هذا الاستنتاج خدّاع. لا شكّ في أنّ حرب إسرائيل الأخيرة على لبنان نكبت الشيعة وقصمت ظهورهم: قتلت شبابهم، ودمّرت قراهم، واستنفدت مدّخراتهم، وشرّدت الآلاف منهم. لكنّ الأمر الوحيد الذي يسوّغ فرضيّة هزيمة الشيعة جميعاً، لا هزيمة حزب الله وحده، هو ما يقوم به هذا الحزب ذاته منذ تأسيسه، أي محاولة تطويع هذه الطائفة واختصارها به وجعلها مجرّد جرم يدور في فلك الوليّ الفقيه المتربّع على مقربة من بحر قزوين.

بعد هذا التحليل المتّصل بالمسوّغات، لا بدّ من طرح السؤال: مَن يدّعي أنّ الشيعة جميعاً هزموا؟ تقريباً لا أحد. لئن كَثُر منتقدو حزب الله، ولا سيّما بعد الحرب الأخيرة، إلّا أنّه يُسجَّل لهؤلاء أنّهم سعوا دوماً إلى التمييز بين الحزب والشيعة، عادّين أنّه لا يمكن اختزال طائفة من الطوائف بالخيارات الإيديولوجيّة والسياسيّة لأحد أحزابها. ومن ثمّ، محاولة إرساء ضرب من «التوازن» بين مَن يضرب منطق الدولة عرض الحائط من جهة، ومَن يدّعي هزيمة الشيعة من جهة أخرى، على قاعدة الستّة والستّة مكرّر، محاولة هشّة تنهار أمام النقد الثاقب، وهذا مردّه أمران: أوّلاً، ليس ثمّة توازن البتّة بين قطب عنفيّ يستقوي بالسلاح وقطب (حتّى إذا كان موجوداً فعلاً) يقدّم رأياً وحسب. ثانياً، الأمر الوحيد الذي يمكنه أن يوحي بفكرة هزيمة الشيعة ككلّ منطقُ حزب الله ذاته، لا منطق منتقديه، إذ ما انفكّ يحاول أن يختزل الطائفة الشيعيّة به، بحيث تصبح هزيمته هزيمتها. وهذا، كما سبق، مسألة فيها نظر.

 

رئيس الجمهورية في الجنوب: أبعد من مجرد رسالة دعم

لارا الهاشم/المدن/23 تشرين الثاني/2025

غاب إحياء عيد الاستقلال عن اليرزة هذا العام وغاب معه العرض العسكري تضامناً مع الجنوب المحتل وأهله، فاتجهت الأنظار نحو ثكنة بنوا بركات في صور من حيث قرر رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون توجيه كلمة عيد الاستقلال. من هناك أطلق عون مبادرة من خمس نقاط قوامها جهوزية الجيش لاستلام النقاط المحتلة ضمن جدول زمني يملكه الجيش فور وقف الاعتداءات الإسرائيلية، ودعوة اللجنة الخماسية للتأكد من سيطرة الجيش على منطقة جنوب الليطاني، كما مد ّ الرئيس مجدداً يد التفاوض تزامنا مع رعاية دولية تحدّد مواعيد مؤكدة لآلية دولية لدعم الجيش.  لكن على مسار متوازٍ مع الخطاب السياسي لرئيس الدولة، يحملُ اختيار ثكنة بنوا بركات في صور لإحياء ذكرى الاستقلال رمزيةً معينة يتوقف عندها رفاق السلاح.

عون للجيش: أنا خلفكم في وجه المشكّكين

لاختيار المكان  دلالات عدّة أراد رئيس الجمهورية التأكيد عليها سواء في الشكل أو في التوقيت، بمعزل عن المبادرة التي طرحها في كلمته الرسميّة. ففي ثكنة بنوا بركات يقع مقر قيادة قطاع جنوب الليطاني التي تدير كل الأعمال العملانية في منطقة تصنّف من الأخطر في الشرق الأوسط. من هناك توسّط الرئيس عون قائدَ الجيش العماد رودولف هيكل وقائد القطاع العميد نقولا تابت وضباط المخابرات والجيش ليؤكد لهم أنه خلف الجيش في وجه كل حملات التشكيك التي يتعرّض لها والتحريض على المؤسسة العسكرية. بمجرد تخصيصه القيادات الأمنية والعسكرية العاملة في الجنوب بالذات لإحياء الذكرى التي غاب عنها الطابع الإحتفالي، أراد الرئيس وبصفته القائد الأعلى للقوات المسلّحة ورأس الدولة الوقوف عند العمل الجبار الذي يقوم به الجيش اللبناني في منطقة الجنوب اللبناني حيث ينفّذ قرارات السلطة السياسية

رسالة ثالثة أوصلها الرئيس باختياره إلقاء الكلمة من الجنوب لا من اليرزة أو من بعبدا أو من أي مكان آخر، وهي ربط معنى الإستقلال الحقيقي بتحرير الجنوب من الاحتلال  الإسرائيلي وبسط سلطة الجيش على كل شبرٍ من الأرض وإعادة إعماره وتحرير الأسرى.

خلال الإجتماع علمت "المدن" أن قيادة القطاع استعرضت خطة عملها على الأرض بحذافيرها وبتفاصيل عسكرية مرفقة بخرائط وأرقام أوسع وأدقّ من تلك التي تعرض على السلطة السياسية في مجلس الوزراء. اطّلع الرئيس من الضباط على أصغر التفاصيل العسكرية وهو الملمُّ بها بصفته قائداً سابقاً للجيش وقائداً عسكرياً سابقاً في المنطقة، وهو ما يسمح له عبر خبرته العسكرية بتقدير الجهود التي يبذلها الجيش على الحدود والتحدّيات التي يواجهها. خلال الاجتماع لمَس رئيس الجمهورية التقّدّم الإضافي الذي بذله الجيش في جنوب الليطاني منذ ما بعد تقديم التقرير الثاني. فوحدات الجيش ووفق المصادر تجري مسحاً يومياً لكامل المنطقة الواقعة جنوب النهر وتنفذ عشرات المهمّات بمفردها نتيجة عملها الإستخباري على الأرض، بمعزل عن تلك التي يتبلّغ بها الجيش من اليونيفل أو لجنة الميكانيزم. فالمؤسسة العسكرية ووفق المصادر تعمل ليلاً نهاراً وهو يدرس كل خطوة يقوم بها وفقاُ لروزنامته ومقتضيات المصلحة الوطنية.

هل تواصل واشنطن دعمها للجيش؟

لا يتوقّف الجيش اللبناني عند مسألة إلغاء مواعيد العماد رودولف هيكل في واشنطن، فذلك لن يحطّ من عزيمته ولن يثنيه عن القيام بمهامه بالرغم من كل الضغوطات الخارجية والداخلية وفق مصادر "المدن". لكن ممّا لا شكّ فيه أن ما بعد إلغاء مباحثات هيكل في واشنطن ليس كما قبلها وفي معلومات "المدن" أن الاتصالات لم تهدأ على خط بعبدا - واشنطن عبر السفير الأميركي في بيروت ميشال عيسى والموفدة الأميركية مورغان اورتاغوس كما سفيرة لبنان في واشنطن ندى حمادة معوض، لكن بعيداً عن الأضواء لقطع الطريق على أيّة محاولة تشويش. ما من إجابة واضحة أو أقلّه معلنة حتى الساعة حول عرقلة مباحثات هيكل مع مسؤولين سياسيين وعسكريين أميركيين، لكن ما فهمته أوساط مطّلعة في لبنان أن ما حصل لم يكن رسالة إلى الجيش وإنما إلى السلطة السياسية وفي مقدّمها رئيس الجمهورية من قبل بعض من يعتبر في واشنطن أن إدارة مسألة حصرية السلاح بطيئة وغير كافية. في حين تؤكد المصادر عينها أن رئيس الجمهورية يدير الأمور بطريقة تحدّ من الخسائر وفقا لما تقتضيه المصلحة الوطنية.

العداء لإسرائيل...أيديولوجيا لا بد من تخطّيها

في الوقت الذي تتكتّم فيه بعبدا على حصيلة الاتصالات، تؤكد أوساط متابعة للكواليس الأميركية عبر "المدن" أن حصرية السلاح تشكّل أولويّة بالنسبة للأميركيين وتتقدّم على مسألة الإصلاحات بالرغم من أهميتها. أما بالنسبة لاستخدام عبارة "العدو الإسرائيلي" التي أثارت امتعاضاً عبّر عنه السيناتورين ليندسي غراهام وجوني أرنست، فتوضح المصادر أنه سبق لواشنطن أن وصلت رسائل إلى بيروت بضرورة إيجاد صيغة في مجال التوصيف؛ إذ لا يمكن لها مواصلة دعم جيشين عدوّين. غير أن العداء لإسرائيل يمثّل مقاربة إيديولوجية لا بدّ من تغييرها بالنسبة للتيار الأميركي المتشدّد لأنها تعيق خطة الرئيس دونالد ترامب للسلام في المنطقة والتي انخرطت فيها معظم دول المنطقة. "بالصعب" تصف مصادر مطلعة الوضع القائم نتيجة الضغوط الأميركية وفعالية اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأميركية. وعليه باشرت مجموعات لبنانية بالعمل الجدي لتشكيل مجموعات ضغط موازية، مهمّتها مجابهة أيّة عمليات تحريض وتوضيح وجهة نظر لبنان الرسمي في واشنطن كما تظهير الجهد الذي يقوم به الجيش اللبناني. في الموازاة ينصبُّ الجهد الدبلوماسي لسفارة لبنان في واشنطن على ترتيب زيارة جديدة لقائد الجيش يُستبعد أن تتمّ قبل نهاية العام.

 

المغتربون يصوتون في الداخل: استراتيجية الثنائي محسومة

حسن فقيه/المدن/23 تشرين الثاني/2025

انتهى تسجيل المغتربين للانتخاباتِ النيابية اللبنانية في أيار من العام 2026، ولم ينتهِ النقاش بعد، ولم تنضجِ الحلولُ حولَ كيفيةِ التصويت: هل يكون ضمن الدائرة السادسة عشرة وفق القانون النافذ، أم للمئة وثمانية وعشرين نائباً من الخارج، أم على المغتربين زيارةُ لبنان والتصويتُ من داخل البلد للنواب المئة والثمانية والعشرين؟ ثلاثةُ احتمالاتٍ يعرفها الجميع، لكنّ حسمَ الاحتمالِ النهائي يبقى رهناً بالتطورات المقبلة. وعلى الرغم من انخفاض عددِ المسجلين حوالى مئةِ ألفٍ عن العام 2022، إلا أنّ الساعاتِ الأخيرةَ للتسجيل في الخارج شهدت إقبالاً كثيفاً، لكن ليس من باب الصدفة أبداً؛ فلكلّ طرفٍ نواياه الكامنة، ولكلّ جهةٍ حساباتها الخاصة في هذه المعركة الاغترابية القادرةِ على تبديل الكثير من المعطيات. أبرزُ معارضي التصويت من الخارج لجميع النواب هم ثنائي "أمل – حزب الله"، ومن خلفهم التيار الوطني الحر؛ إذ إنّ التجربةَ الأخيرة لم تكن مشجعة، وقد حصدَ الخصومُ جلَّ الأصوات. وتقول مصادرُ قياديةٌ في الثنائي لـِ "المدن": إننا لن نقبل بمصادرة حقّنا الديمقراطي، ففي عددٍ كبير من البلدان لا نستطيع حتى القيام بحملة انتخابية، فكيف بنا نمضي في انتخاباتٍ من الخارج لكلّ النواب خلافاً للقانون النافذ؟  هنا تبرز الأسئلة التالية: ما هي أرقامُ الشيعة الذين تسجّلوا للاقتراع؟ كيف تعاملت قيادتا الثنائي مع المسألة منذ فتح باب التسجيل؟ وهل من بوادر لتطيير أو تأجيل الانتخابات لفترة طويلة أو قصيرة؟

أرقام المغتربين الشيعة: بين التقدير والدقة

تحدثت مصادر قيادية في الثنائي عن الأرقام التقريبية للمسجلين في الخارج من دون حسمها على نحو نهائي؛ إذ تُحذف بعض الأسماء بعد عملية التدقيق. ويتبين من الأرقام التي حصلت عليها "المدن" أن عدد المسجلين الشيعة لا بأس به، فقد بلغ من بين 152000 مسجلاً في الخارج بين 35000 إلى 40000 ناخب شيعي، وفق أرقام تقريبية وتقديرية. وتنقسم هذه الأرقام على القارات، وأكثرها في أوروبا وأميركا. ففي القارة العجوز، سجّل ما يقرب من 12000 ناخب، معظمهم في ألمانيا، وفي القارة السمراء سجّل أيضاً ما يقرب من 12000 ناخب شيعي، أما أميركا فالعدد التقريبي هو 10000 ناخب، وبقية القارات، وهنا نتحدث عن آسيا وأوقيانيا، فلدينا أيضاً حوالي 10000 ناخب شيعي. إلا أن المصادر تحتاط في تحديد العدد، فتقول إننا نرجح أن يتراوح العدد بين ثلاثين إلى أربعين ألفاً، وذلك لترك هامش للتدقيق ولما قد يحصل إذا ما تمت الانتخابات من الخارج للدائرة السادسة عشرة.

من المبادرة الفردية إلى المعطى شبه المؤكد

وفق معلومات "المدن"، فإن ثنائي "أمل – حزب الله" كان يسعى للوصول إلى حوالي 25–30 بالمئة من عدد المسجلين في الخارج، ويبدو أنهم نجحوا في ذلك. ولكن هنا تبرز مفارقة واضحة تدل على دلالات ما ستكون عليه الانتخابات، فقد علمت "المدن" أن قيادتي الثنائي لم تشددا أبداً على التسجيل في الخارج منذ فتح الباب؛ بل كانت المبادرات فردية من المسؤولين في الخارج. وترجح مصادر "المدن" أن ذلك جاء وفق معطيات محسومة للثنائي بتطيير الانتخابات من الخارج، فهم يدركون جيداً أن القوى الأخرى ستسعى لتطيير الدائرة السادسة عشرة، كما أن الثنائي لن يقبل بأيّة وسيلة بالسماح بالانتخاب للـ128 نائباً من الخارج. وعليه، فإن الحل الأقرب والمعيّن شبه المؤكد هو تصويت المغتربين من لبنان للمئة والثمانية والعشرين نائباً. وفق معلومات "المدن"، فإن القوى السياسية جميعها بدأت تجهيز ماكيناتها الانتخابية لهذا المعطى، لجلب الناخبين إلى لبنان للإدلاء بأصواتهم من الداخل. وبالرغم من الحملات والاعتراضات والخطابات، فإن كل القوى تدرك أن شيئاً لن يتغير، ولن يقتنع الثنائي بطرح حزب القوات وحلفائه، ولن يسمح رئيس مجلس النواب نبيه بري بتمرير تعديل القانون. وبالتالي، فإن التسوية المتوقعة هي إلغاء المادة المتعلقة بالدائرة السادسة عشرة مقابل تصويت المغتربين من لبنان. ومن يشاهد الإعلانات المتعلقة بالمغتربين على القنوات التابعة للثنائي، يتضح القرار المتخذ، وما يقوله الإعلان حرفياً: "لبنان ناطركم لتزوروه وتصوتوا منه".

استبعاد التأجيل وسيناريوهات التصويت

أما عن احتمالات تأجيل الانتخابات لعامين كمدة طويلة، أو لشهرين كتأجيل تقني، فتقول مصادر قيادية في الثنائي لـِ "المدن": "اسمعوا وطنشوا"، فلا يوم واحد للتأجيل، ولا تطيير للانتخابات أبداً. مؤكدة أن المقترعين لن يصوتوا للمئة والثمانية والعشرين نائباً من الخارج، إما أن يلتزموا بالقانون النافذ، أو يكون التصويت من لبنان. وفي هذا الإطار، يقول عضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد خواجة لـِ "المدن": "الانتخابات بموعدها. نحن ملتزمون بالقانون النافذ بالدائرة السادسة عشرة، وفي حال عدم القدرة اللوجستية على تطبيقه، يكون التصويت من لبنان. موضوع الانتخابات محسوم ولن تؤجل، أما إذا كان هناك تمديد تقني لشهرين مثلاً بحيث يمكن قدوم المغتربين في جو أكثر دفئاً وبعد انتهاء المدارس وللاستفادة من العطلة الصيفية، فهذا أمر قد يُبحث، لكن التزامنا اليوم بالقانون وبالموعد المحدد في أيار ولا خيار آخر". وبما خص الحديث عن تطيير الانتخابات لعامين بهدف تمكن المجلس الجديد من انتخاب رئيس جديد للجمهورية، تنظر إليه مصادر الثنائي بسخرية، لأسباب عدة. أولها، أنه في حال التأجيل لعامين، ستنتهي ولاية المجلس الجديد بعد أربعة أشهر من انتهاء ولاية الرئيس عون، وعندها سيتم تطيير انتخاب رئيس الجمهورية لتتضح صورة المجلس النيابي الجديد. كما أن كل من يطرح هذه الاحتمالات، وفق مصادر الثنائي، ليس لديه معطىً حقيقي أو علم بحقيقة الأمور.

الانتخابات من لبنان

ثلاثة "لاءات" مؤكدة وفق معلومات "المدن": لا تطيير للانتخابات، لا تصويت من الخارج للمئة والثمانية والعشرين نائباً، ولا دائرة سادسة عشرة. انتخابات المغتربين ستتم من لبنان، وعندها طريقة تعامل الثنائي ستكون على النحو الآتي: تأمين نقل المغتربين في دوائر محددة مهددة بالخرق. فإذا كانت دائرة جبيل مثلاً بحاجة إلى ألف وخمسمئة صوت لضمان الحاصل الشيعي، فإن حركة أمل وحزب الله سيؤمنون نقل ألف وخمسمئة صوت من الخارج للاقتراع في دائرة جبيل. وعلى هذا المنوال، سيتم التعامل مع بقية الدوائر. تظل الثقة كبيرة بإجراء الانتخابات بالرغم من الأوضاع الأمنية المعقدة. فهي انتخابات سترسم الواقع السياسي اللبناني لأربع سنوات، لكنه واقع عاجز عن التعامل مع احتلال إسرائيل، وعاجز عن حل المشاكل الداخلية المرتبطة بالسلاح، واقع بعيد عن الواقعية الإقليمية والعالمية. ووفق القانون نفسه، فإن ما قد تغيره انتخابات المغتربين في الخارج سيقتصر أساساً على "المجتمع المدني"، مع إمكانية تأثير سلبي قليل على الثنائي. أما القوى الأساسية، فهي لن تتأثر كثيراً. والأولى، وفق هذه المعطيات، هو الذهاب إلى قانون عصري يضمن حقيقة التمثيل، بدلاً من النزاع عند كل استحقاق ديمقراطي على تفاصيل صغيرة في قانون انتخابي كثيرون لا يعرفون مضمونه وتفسيره حتى الآن.

 

الطائف في صلب التحولات: التنفيذ والتعديل تبعاً للمصالح

إبراهيم الرز/المدن/23 تشرين الثاني/2025

يعود اتفاق الطائف اليوم إلى قلب النقاش السياسي في لبنان بفعل تداخل مسارين: الأول هو الدور السعودي ـ الأميركي المتقاطع حول ضرورة إعادة انتظام المؤسسات اللبنانية، والثاني هو الضغوط التي تتعرض لها بنية النظام الداخلي، والتي تصل إلى حد مقايضة تسليم السلاح مقابل تغييرات دستورية لمصلحة "حزب الله". فالانفتاح السعودي عبر الوفد الاستثماري وإعادة البحث في فتح الأسواق ليس خطوة اقتصادية فقط؛ بل تمهيد لمسار سياسي واضح يراد استكماله، إذ يربط بين الإصلاحات البنيوية وتطبيق الدستور بما فيه البنود التي بقيت معلَّقة منذ 1989. الحديث المتجدد عن «تطبيق الطائف» يعكس إدراكاً بأن هذا الاتفاق كان مشروعاً لدولة لم تُبنَ، وأن مشكلات النظام الحالي ناتجة من تنفيذ انتقائي ترك العناصر الأساسية معلّقة. فاللامركزية الإدارية، مجلس الشيوخ، إصلاح قانون الانتخاب، وإلغاء الطائفية السياسية، لم يتحول أي منها إلى واقع، وهذا ما أبقى النظام الطائفي في شكله التقليدي من دون أي تطوير. كذلك لم يتحقق بند حصر السلاح بيد الدولة، وهو اليوم العنصر الأكثر حضوراً في المقاربة الأميركية ـ الخليجية للملف اللبناني. لذا يعود البحث عما إذا كانت إعادة تفعيل الطائف هي الطريق الوحيد الممكن لإنتاج استقرار سياسي قبل التفكير في أيّة تغييرات بنيوية أخرى. لذلك يجري الدفع نحو إدماج القوى اللبنانية في نقاش جديد حول الالتزام بالأحكام الدستورية. وهو ما يفسر اللقاءات السعودية مع المرجعيات السياسية، والمناخ الذي يحيط بمجلس النواب كرأس جسر لأي مبادرة داخلية تبدأ من البرلمان.

الطائف بين "النسخة السورية" واليوم

في التسعينيات وبداية الألفية، طُبّق الطائف وفق النسخة السورية: فرض إدارة سياسية تحت سقف الوصاية، وتجميد البنود الإصلاحية بذريعة «الظروف غير الملائمة». كانت سوريا شريكاً مقرِّراً في تفسير الطائف، فحُصر تطبيقه بما يخدم تثبيت توازنٍ داخلي خاضع لميزان القوى الإقليمي. هكذا، جرى التركيز على وقف الحرب وبناء مؤسسات بحدّها الأدنى، في حين بقيت الإصلاحات الجوهرية خارج التنفيذ. كانت وظيفة الطائف يومها إنتاج نظام يمكن إدارته، لا إصلاحه. ولذلك، بقيت الطائفية السياسية في صيغتها القديمة، وقانون الانتخاب على قياس القوى، وحصر السلاح في الدولة غير مطروح. أما اليوم، فالصيغة نفسها تُعاد قراءتها، ولكن تحت ميزان قوىً معاكساً تماماً:

لا النظام السوري موجود، ولا الوصاية قائمة، ولا القوى الخارجية مستعدة لتحمّل أكلاف انهيار إضافي. السعودية والولايات المتحدة، ومعهما العواصم العربية والغربية، لا تريد طائفاً جديداً؛ بل طائفاً مطبّقاً بالكامل، بما فيه البنود التي تمّ تجاهلها سابقاً. ما كان في التسعينيات محكوماً بمنطق «تجميد الإصلاحات»، بات اليوم مطلوباً تحت منطق «تنفيذ الإصلاحات» كشرط لإعادة تشغيل الدولة.

حزب الله وتحوّل موقعه

يشكّل سلاح حزب الله إحدى العقد الأساسية التي تعيق تطبيق بعض بنود الطائف، خصوصاً تلك المتعلقة باحتكار الدولة للقرار الأمني والعسكري. حتى اليوم لم تنفع الضغوط الدولية والداخلية على الحزب، سواء عبر العقوبات أو عبر التشدد في ملفات المال والتحركات الحدودية، أو العسكرية، حيث لم تتوقف إسرائيل عن استهداف عناصره ومراكزه منذ اتفاق وقف الأعمال العدائية. على العكس، هذه الضغوط تدفعه إلى مراجعة موقعه داخل الدولة. وهذا ما يظهر في خطاباته الأخيرة التي تضع الطائف كمرجعية،  ولكن بشروط على قياس مصالحه، وفي الإشارات السياسية التي تدلّ على نقاش داخلي حول كيفية التكيف مع مرحلة قد تتطلب صيغة مختلفة عن النموذج الذي اعتمده الحزب منذ التسعينيات.

النقطة اللافتة أنّ الحركة السياسية المرتبطة بالطائف لم تعد محصورة بخصوم الحزب؛ بل تشمل أيضاً حلفاءه، وفي مقدمتهم رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يقدّم التمسّك بالطائف كإطار لا بديل عنه. وهذا ما يعطي الانطباع بأنّ جزءاً من البيئة السياسية الحاضنة للحزب تدفع نحو صياغة ترتيبات جديدة داخل مؤسسات الدولة، بدلاً من الإبقاء على واقع الفصل بين الدولة والمقاومة.

الدور السعودي

الدور السعودي في هذا السياق لا يتجه إلى إنتاج اتفاق جديد يوازي الطائف؛ بل إلى إعادة تحريك الاتفاق نفسه ضمن آليات لبنانية داخلية، بمعنى إطلاق مسار تدريجي لتطبيق ما تم تجاهله لثلاثة عقود. هذا التوجه يرتبط أيضاً برغبة واضحة في منع انزلاق البلاد نحو سيناريوهات أكثر تعقيداً، حرباً موسعة جديدة مع إسرائيل، أو الطروحات الكيانية والدعوات الفدرالية التي بدأت تظهر كخيار ناتج من انسداد سياسي واقتصادي. وفي هذا السياق يقول الوزير السابق الدكتور خالد قباني لـِ "المدن" " إذا أراد المسؤولون تطبيق اتفاق الطائف كما هو، فالنصوص واضحة وقد أُدرجت في الدستور. لا يحتاج تنفيذها سوى إرادة سياسية. وبالتالي، المرجعية يجب أن تكون اتفاق الطائف نفسه، للحكومة ولمجلس النواب معاً. والعودة إلى تطبيق أحكام الطائف هي الخيار الصحيح، وهذا لا يحتاج سوى قرار من مجمل السلطة بأن تقول نحن ملتزمون بتطبيقه كما ورد في نصوصه، وكما تُرجمت في الدستور. إذا وُجدت الإرادة، يبقى فقط التنفيذ".

هل يوفّر الطائف مساراً نحو الدولة المدنية؟

الحديث عن الدولة المدنية غالباً ما يواجه اعتراضاً يرتبط بأن النظام برمّته قائم على التوازن الطائفي. غير أنّ الطائف، في بنية نصوصه، يتيح الانتقال إلى مرحلة مختلفة إذا جرى تطبيق البنود التي تتناول إعادة توزيع الأدوار بين مجلس النواب ومجلس الشيوخ.  وهذا يرتبط بمدى القدرة على تنفيذ الإصلاحات التي نصّ عليها الطائف ولم تُنفّذ. الاتفاق يعزز دور الإدارة المحلية ويقلل من نفوذ البنى الطائفية التقليدية. لكن الانتقال من النص إلى الواقع يحتاج إلى ظروف سياسية مستقرة، وإلى سلطة مركزية قوية قادرة على فرض تطبيق القوانين. غياب هذه العناصر هو ما جعل الطائف بنية ناقصة، وهو أيضاً ما يمنع تحول لبنان إلى دولة مدنية حتى الآن. في هذا السياق يؤكد قباني أنه إذا تحققت هذه الشروط، لن يكون هناك مشكلة في الاتجاه نحو الدولة المدنية. لكن ذلك رهن بكيفية التطبيق وبمدى الالتزام بالنصوص. ويضيف" لا يمكن الجزم مسبقاً إذا كان التطبيق سيقود حكماً إلى الدولة المدنية أم إلى نتيجة أخرى، لأن ذلك يعتمد على تفاصيل التنفيذ. وهناك نقطتان أساسيتان يرتبط بهما هذا المسار إلغاء الطائفية السياسية وإنشاء مجلس الشيوخ. هاتان الخطوتان مترابطتان، وطريقة تطبيقهما تحدّد الاتجاه الفعلي الذي سيأخذه النظام السياسي بعد التطبيق". خلاصة المشهد أن الطائف عاد إلى الواجهة كورقة تستخدم في شتى الاتجاهات بعد أن وصلت البلاد إلى حافة انهيار جديد. القوى الدولية تعتبره الإطار الوحيد القابل لإعادة تشغيل الدولة، والسعودية تدفع باتجاه تطبيقه، والقوى الداخلية تعيد قراءة موقعها عبره. المهم أن ينتقل الطائف من "التلزيم بالباطن" مرة في سوريا ومرة في إيران، وأن ينتقل من كونه ورقة في صفقات إقليمية دولية إلى اتفاق لبناني -لبناني. أما الدولة المدنية فلا يمكن أن تكون نتيجة إعلان سياسي؛ بل مسار طويل يبدأ بتطبيق ما تبقى من الطائف وتثبيت احتكار الدولة للسلاح وإعادة بناء المؤسسات. بذلك يصبح خطوة أولى في اتجاه تغيير أوسع، شرط أن تتوافر إرادة سياسية داخلية وتفاهمات إقليمية تضمن تنفيذه واستمراره وليس تعديله على قياس أصحاب المصالح.

 

تفاصيل المؤتمرات والندوات والبيانات والمقابلات والمناسبات الخاصة والردود

خطاب الرئيس اللبناني... ترقُّب لموقف «حزب الله» ومعارضته دونها صعوبات

بري لـ«الشرق الأوسط»: إنه استقلالي شكلاً ومكاناً ومضموناً في يوم الاستقلال

بيروت: محمد شقير/23 تشرين الثاني/2025

تترقب الأوساط السياسية اللبنانية ردود القوى السياسية على المبادرة التي أطلقها رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للجنوب، في خطابه الذي ألقاه في الذكرى الـ82 لاستقلال لبنان من مدينة صور، لما تحمله من رمزية وطنية جامعة للبنانيين. وكان رئيس المجلس النيابي نبيه بري السبّاق في التعليق على خطاب عون بقوله لـ«الشرق الأوسط»: «إنه خطاب استقلالي في يوم الاستقلال، شكلاً ومكاناً وموضوعاً ومضموناً». وعن زيارة معاونه السياسي النائب علي حسن خليل لطهران ولقاءاته بعدد من المسؤولين الإيرانيين المولجين بمواكبة الملف اللبناني، قال بري إنها «جيدة وإيجابية»، مؤكداً أن «الانتخابات النيابية ستجري في موعدها (مايو/ أيار المقبل)، ولا مبرر لتأجيلها، وعلى أساس القانون النافذ بعد انتهاء مهلة تسجيل المغتربين لأسمائهم».

مبادرة «كاملة الأوصاف»

لكن تعليق بري على خطاب عون يفتح الباب أمام السؤال عن موقف حليفه «حزب الله»، رغم أن مصادر مقربة من «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل) وأخرى تدور في فلكه، تتعامل مع خطابه كمبادرة شاملة «كاملة الأوصاف»، بالمفهوم السياسي للكلمة، لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للجنوب، خصوصاً أن لا مكان فيه للتنازلات، ولا يمكن الاعتراض عليه. وقد يكون لدى «حزب الله» ملاحظات يهدف من خلالها توضيح بعض مضامينها من دون الاعتراض عليها، آخذاً في الحسبان التعليق الأولي لبري عليها. ولفتت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحزب لا يزال حتى الساعة يتواصل مع بري، ويجري تقييماً داخل «أهل البيت» للمبادرة الرئاسية. وتوقعت بأن يحدد موقفه الرسمي منها في الخطاب الذي يُفترض أن يلقيه أمينه العام الشيخ نعيم قاسم لمناسبة مرور عام على اتفاق وقف العمليات العدائية الذي رعته الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، والتزم به لبنان ومن خلاله الحزب فور صدوره في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، في مقابل امتناع إسرائيل عن تطبيقه.

سقف الـ1701

وأكدت مصادر «الثنائي» أن عون، بدعوته للتفاوض السلمي مع إسرائيل برعاية أميركية أو أوروبية أو أممية، أراد تمرير رسالة، ليس برفضه للمفاوضات المباشرة فحسب، وإنما لإصراره على أن تبقى تحت سقف انسحاب إسرائيل حتى الحدود الدولية تطبيقاً للقرار 1701. وقالت إن مبادرته هي خريطة طريق لتحرير الجنوب. ورأت أنه توخى من مبادرته محاكاته للمزاج الشيعي العام الذي يتطلع لإعمار البلدات المهدمة لعودة الجنوبيين إلى بيوتهم؛ ما يدفع الحزب للتعاطي معها بواقعية؛ لأنه يصعب عليه إيجاد ثغرة فيها لتبرير رفضه لها أو التفافه عليها.

استكشاف الموقف الإيراني

ولم تستبعد المصادر تواصل قيادة «حزب الله» مع القيادة الإيرانية لاستكشاف موقفها من أمرين: الأول دعوة عون إسرائيل للتفاوض السلمي ومطالبته المجتمع الدولي بأن يتحمل مسؤوليته بالضغط عليها لإقناعها بأن الخيار الدبلوماسي هو وحده السبيل للاتفاق على صيغة لوقف نهائي للاعتداءات عبر الحدود.

أما الأمر الثاني فيتعلق، بحسب المصادر، بالتأكد من صحة ما يقال بمعاودة المفاوضات الإيرانية - الأميركية، خصوصاً أن هذين الموضوعين، كما تردد في بيروت، تصدرا اللقاءات التي عقدها النائب خليل، بتكليف من بري، مع أمين عام المجلس الأمني القومي الإيراني علي لاريجاني ووزير الخارجية عباس عراقجي. وتأكد لـ«الشرق الأوسط»، كما تقول المصادر نفسها، أن الأجواء في طهران لا تدعو للقلق حيال احتمال إسرائيل ومعها الولايات المتحدة بتكرار هجومهما المشترك على إيران، على غرار الهجوم السابق، لا بل تستبعد نشوب حرب جديدة، رغم أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لم يتوقف عن تهديدها؛ ما يوحي باستئناف المفاوضات بعيداً عن الأضواء.

تحصين الموقف اللبناني

ورأت المصادر أن العبرة تبقى في التنفيذ بإقناع الولايات المتحدة بالضغط على إسرائيل لتعبيد الطريق أمام تعاطيها بإيجابية مع المبادرة الرئاسية التي تحظى بتأييد أوروبي وعربي. وقالت إنه من غير الجائز لـ«حزب الله» أن يربط جوابه بتأييدها بموافقة واشنطن وتل أبيب على تعاطيهما معها بإيجابية. وأكدت أن مجرد موافقته بلا شروط يؤدي لتحصين الموقف اللبناني ووقوفه خلف المبادرة الرئاسية، وهذا يشكل إحراجاً لهما دولياً وإقليمياً بدلاً من أن يحشر نفسه في الزاوية، ويعفيهما من الإحراج.

عبرة إسناد غزة

بدورها، أكدت مصادر سياسية أن قيادة الحزب مضطرة للتدقيق في موقفها، وعدم التسرع في تعاطيها بسلبية مع المبادرة الرئاسية، وإلا فإن مجرد إنكارها يعني حكماً بأنها لم تتخذ عبرة من إسنادها لغزة الذي أوقعها في سوء تقدير لرد فعل إسرائيل، وأدى إلى عزلها في الداخل، ولم يبق لها من حليف سوى حركة «أمل» التي تسعى لاحتضانها لضبط إيقاعها على طريق انخراطها في مشروع الدولة. وسألت: لماذا كل هذه المزايدة الشعبوية على عون؟ في إشارة إلى موقف حزب «القوات اللبنانية» الذي لم يكف عن توجيه انتقاداته للحكومة بذريعة تلكؤها في تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، غامزاً من قناة رئيس الجمهورية من دون أن يسميه. كما سألت: إلى متى يستمر «حزب الله» في مكابرته وإنكاره لما آل إليه الوضع في الجنوب؟ وهل هو في حاجة لثمنٍ سياسي لتنظيم تراجعه يرضي به حاضنته الشعبية بالتلازم مع فتح الباب أمام إيران للدخول على خط الوساطات لتحسين شروطها في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة، خصوصاً أن الثمن الذي يطالب به الحزب يتعلق بشكل أساسي بإعمار البلدات المدمرة الذي لن يرى النور ما لم يوافق على حصرية السلاح؟

مشروع الدولة

ويبقى السؤال، بحسب المصادر، هل بات الحزب على قناعة بأنه آن الأوان لخلع بذلته العسكرية والانخراط سلماً في مشروع الدولة؟ أو أنه لا يزال يتبع سياسة الإنكار والمكابرة، بينما يدخل البلد مرحلةً حاسمةً ودقيقة، ولم يعد من خيار أمام الجميع سوى الالتزام بالحل الدبلوماسي للوضع المتأزم في الجنوب، ووقوفهم خلف عون لتأمين الإجماع اللبناني المؤيد لمبادرته، خصوصاً أنها تشكل رافعة لاستقدام الضغوط الخارجية لإلزام إسرائيل بالتفاوض السلمي لإعادة الهدوء والاستقرار للجنوب، بدلاً من مواصلتها الضغط بالنار لعل لبنان يستجيب لدعوتها للتفاوض المباشر، وهي تدرك سلفاً أن ذلك من سابع المستحيلات، رغم أن هناك في الداخل من بدأ يروج له؟

 

عون: إسرائيل تزدري القرارات.. وسلام: الطريق الوحيد هو 1701

المدن/23 تشرين الثاني/2025

اعتبر رئيس الجمهوريّة جوزاف عون أنّ استهداف إسرائيل للضاحية الجنوبيّة من بيروت بعد ظهر اليوم يشكّل "دليلًا آخر على أنّها لا تأبه للدعوات المتكرّرة لوقف اعتداءاتها على لبنان، وترفض تطبيق القرارات الدوليّة وكلّ المساعي والمبادرات المطروحة لوضع حدّ للتصعيد وإعادة الاستقرار، ليس فقط إلى لبنان بل إلى المنطقة كلّها". وأضاف الرئيس عون أنّ "لبنان، الذي التزم وقف الأعمال العدائيّة منذ سنة حتّى اليوم وقدّم المبادرة تلو المبادرة، يجدّد دعوته للمجتمع الدولي بأن يتحمّل مسؤوليّته ويتدخّل بقوّة وجديّة لوقف الاعتداءات على لبنان وشعبه، منعًا لأيّ تدهور يعيد التوتّر إلى المنطقة من جهة، وحقنًا لمزيد من الدماء من جهة أخرى".

سلام يُندّد

من جهته، نشر رئيس الحكومة نواف سلام بيان قال فيه: "إن الاعتداء على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم يتطلب توحيد كل الجهود خلف الدولة ومؤسساتها". وأضاف: "‏إنّ حماية اللبنانيين ومنع انزلاق البلاد إلى مسارات خطرة هي أولوية الحكومة في هذه المرحلة الدقيقة. فهي ستواصل العمل بشتى الوسائل السياسية والدبلوماسية مع الدول الشقيقة والصديقة، من أجل حماية اللبنانيين، ومنع أيّ تصعيد مفتوح، وبما يضمن ووقف اعتداءات إسرائيل وانسحابها من ارضنا، وعودة أسرانا".  وختم بالقول: "‏لقد أثبتت التجارب أنّ الطريق الوحيد لترسيخ الاستقرار يمرّ عبر التطبيق الكامل للقرار 1701، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية، وتمكين الجيش اللبناني من الاضطلاع بمهامه".

قماطي: الغارة استهدفت شخصية جهادية أساسية في الضاحية

أعلن رئيس المجلس السياسي في "حزب الله" محمود قماطي أنّ الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية "استهدفت شخصية جهادية أساسية"، مؤكّدًا أنّ "النتائج غير معروفة بعد". واعتبر من موقع الغارة أنّ "عدوان اليوم خرق خطًا أحمر جديدًا"، مشيرًا إلى التزام الحزب "بالتنسيق الكامل مع الدولة والجيش اللبناني"، ومشدّدًا على أنّه "لا خيار إلاّ بالتمسّك بالمقاومة ولا يمكن قبول استمرار هذه الاستباحة". ورأى قماطي أنّ العدوان الإسرائيلي "دليل جديد على أنّ العدو لا تنفع معه الاتفاقات ولا يريد تنفيذ أي اتفاق، وأي تفاوض جديد معه مضيعة للوقت"، مؤكّدًا أنّ "الجيش والشعب والمقاومة معنيّون بوقف هذه الاستباحة". كما شدّد على أنّ الولايات المتحدة "داعمة للاحتلال الإسرائيلي، ولا تصلح أن تكون في لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار".

جعجع يدعو للاستعانة بحلفاء لبنان

دعا رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع، عبر منصّة "إكس"، رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة إلى مقاربة مختلفة لمواجهة الاعتداء الإسرائيلي الذي استهدف الضاحية الجنوبيّة، معتبرًا أنّ "مهاجمة إسرائيل ولعنها وتقديم شكاوى إلى مجلس الأمن لم تُفِد يومًا، ولن تُفيد اليوم". وشدّد جعجع على أنّه "إذا لم يكن متاحًا إقامة توازن عسكري شرعي يوقف الهجمات الإسرائيليّة، فلا يبقى إلا الاستعانة بأصدقاء لبنان، وفي طليعتهم الولايات المتحدة الأميركيّة والمملكة العربيّة السعوديّة، للضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها وانسحابها من لبنان". وأشار إلى أنّ واشنطن والرياض تشترطان لمدّ يد العون قيام "دولة فعليّة تحتكر السلاح والقرارين العسكري والأمني"، داعيًا إلى جلسة طارئة لمجلس الوزراء لوضع قراري 5 و7 آب موضع التنفيذ، وإطلاق مشاورات مع الحلفاء لوقف الاعتداءات والعودة إلى اتّفاقيّة الهدنة لعام 1949.

قبّلان: الغارة استهدفت قلب القرار

استنكر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبّلان الغارة "الإجراميّة" التي شنّها الجيش الإسرائيلي على الضاحية الجنوبيّة، مؤكّدًا أنّها "طالت قلب القرار الوطني للبنان الدولة والكيان". وقال قبّلان في بيان إنّ "الأعذار مرفوضة، والمطلوب جوابٌ رسميّ ووطنيّ بوزن هذا الجنون الصهيوني"، مشدّدًا على أنّ الدولة اللبنانيّة "مطالَبة بأن تكون بحجم الضامن الوطني لا الإدانات الفارغة". وأكد أنّ هذه "الوحشيّة الصهيونيّة" لن تزيد اللبنانيّين إلا "تمسّكًا بخيارهم الوطني والسيادي"، معتبرًا أنّه "لا ضامن استراتيجيًّا للدفاع عن البلد إلا الجيش والشعب والمقاومة، ووحدة وطنيّة وسياسات سياديّة تليق بالعائلة اللبنانيّة"، وأنّ اللحظة "لتأكيد مصالح لبنان العليا في مواجهة أخطر كيانٍ صهيونيّ يهدّد أصل وجود لبنان".

حماس تدين غارة الضاحية

أدانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الاعتداء الإسرائيلي الذي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت، واعتبرته "عدوانًا غادرًا وخرقًا واضحًا للسيادة اللبنانية" يهدف، بحسب بيانها، إلى "جرّ لبنان والمنطقة إلى مواجهة تخدم مصالح الاحتلال وحده".وأشارت الحركة إلى أنّ "استهداف منطقة مكتظّة بالسكان في وضح النهار يعكس طبيعة الإرهاب المنظّم الذي يمارسه الاحتلال وقادته المجرمون، وسعيه إلى فرض معادلات جديدة والضغط على قوى المقاومة". وأكدت "حماس" تضامنها الكامل مع لبنان وحقّه في "الدفاع عن أرضه وشعبه"، مشدّدة على أنّ "دماء الشهداء ستعزّز وحدة اللبنانيين في مواجهة محاولات الهيمنة الأمريكية–الصهيونية". وتقدّمت الحركة بالتعازي إلى عائلات الشهداء، متمنّية الشفاء العاجل للجرحى، ومؤكّدة أنّ "إرادة المقاومة ستبقى أقوى من كلّ أشكال العدوان".

 

ماكرون: خطاب عون عبَّر عن رؤيتنا.. وبزشكيان: لتطوير العلاقات

المدن/23 تشرين الثاني/2025

أكَّد الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون أنَّ الوضعَ في لبنان ما زال هشًّا للغاية، مشيرًا إلى أنَّ التحدّيات التي يواجهُها البلدُ تتطلّبُ تكثيفَ الجهود الدوليّة، وتنسيقًا وثيقًا بين القوى الكبرى من أجل تحقيق الاستقرار.

وأعرب ماكرون، في تصريح صحافيّ، عن اعتقاده بأنّ خطاب رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة جوزاف عون الذي ألقاه الجمعة الماضي كان "مهمًّا جدًّا"، موضحًا أنّ عون "عبّر عن مخاوفه من الأوضاع الراهنة، وطالب باتّخاذ مواقف حازمة وفعّالة في التعامل مع حزب الله، ومعالجة الوضع الأمني في جنوب لبنان".

وأشار ماكرون إلى أنّ "الجهود الدوليّة تتّجه نحو استعادة السيادة اللبنانيّة في الجنوب، بما يتضمّن مكافحة الجماعات الإرهابيّة، وتفعيل خطّة واضحة للضغط على حزب الله، والعمل بالتنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة الأمريكيّة"، لافتًا إلى أنّ "هذا التنسيق سيشمل أيضًا إسرائيل، بما يضمن معالجة الوضع الأمني في جنوب لبنان بطريقةٍ تنسجم مع مصلحة استعادة سيادة الدولة اللبنانيّة".وكشف الرئيس الفرنسي أنّ "الخطة الجاري العمل عليها تهدف إلى تمكين الجيش اللبناني من الانتشار في الجنوب، على أن يتمّ الانسحابُ التدريجيّ للقوّات الإسرائيليّة"، مؤكّدًا أنّ "هذه العمليّة ستجري على مراحل، خطوةً خطوة، لضمان نجاحها في تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة". وأضاف ماكرون أنّ "الأسابيع والأشهر المقبلة ستكون حاسمة للغاية في تحديد مسار الأحداث وتحقيق الأهداف المرجوّة"، معتبرًا أنّ "الالتزامات التي أعلنها الرئيس عون في خطابه مهمّة جدًّا، وسيكون هناك تتبّع دقيق لمسار تنفيذها". كما أعلن أنّ فرنسا "ستُنظِّم مؤتمرًا لدعم لبنان في مساعيه للتعافي"، مشيرًا إلى أنّ "أصدقاء لبنان في السعوديّة سيعقدون بدورهم مؤتمرًا آخر لتمويل القوّات المسلّحة اللبنانيّة، بالتنسيق الوثيق مع فرنسا". وختم ماكرون بالتشديد على أنّ "هذين المؤتمرين يُمثّلان ركنين أساسيَّيْن لتحقيق نتائج ملموسة على الأرض"، مؤكّدًا أنّهما سيكونان "جزءًا من الجهود الدوليّة الهادفة إلى مساعدة لبنان على تجاوز أزماته المتعدّدة، سواء كانت أمنيّة أم اقتصاديّة". وفي موازاة الموقف الفرنسيّ، بعث الرئيس الإيرانيّ مسعود بزشكيان رسالة تهنئة إلى رئيس الجمهوريّة جوزاف عون، بمناسبة ذكرى استقلال لبنان، أعرب فيها عن تمنّياته بأن "تشهد العلاقات المشتركة بين البلدين مزيدًا من النموّ والتقدّم في مختلف المجالات"، مؤكّدًا "استمرار دعم إيران الثابت لحكومة لبنان وشعبه"، وذلك بحسب وكالة "تسنيم" للأنباء. وشدّد بزشكيان على أنّ "السياسة الثابتة لإيران تقوم على دعم استقرار لبنان وازدهاره، وتعزيز التعايش الكريم بين جميع الأديان والطوائف تحت راية لبنان"، معربًا عن "معارضتي لأيّ أعمال من شأنها إثارة التوتّر، ولا سيّما الاعتداءات التي يشنّها الكيان الصهيوني على أراضي بلدكم، وأؤكّد ضرورة انسحاب قوّات الاحتلال منها".

من جهته، كتب وزير الخارجيّة والمغتربين يوسف رجّي على منصّة "أكس" أنّ "هنالك وضعاً مستجدّاً في المنطقة، وعلى لبنان الاستفادة منه قبل فوات الأوان".

الراعي: الوطن لا يُبنى بالسلاح

إلى ذلك، شدّد البطريرك الماروني بشارة الراعي، في عظته اليوم الأحد، على أنّ لبنان "يحتاج إلى مسؤولين وإلى شعب قادر على أن يقول نعم للخير العام، نعم للحقّ، نعم لبناء دولة عادلة، نعم لانطلاقة جديدة رغم التعب، نعم للوحدة بدل الانقسام، وللرجاء بدل اليأس". ورأى أنّ "الوطن الذي قال كلمته بوضوح يعرف أن ينهض، والوطن الذي يقبل الحقيقة لا يمكن أن يبقى في الظلمة، والوطن الذي يفتح باب الضمير يستطيع أن يولد من جديد". وتوقّف الراعي عند بُعدٍ روحيّ ورمزيّ، فاعتبر أنّ "بشارة مريم كانت انتقالًا من الانتظار إلى الولادة، وأنّ لبنان اليوم بحاجة إلى أن ينتقل من الأزمات المتراكمة إلى نهضة جديدة، من الشلل السياسي إلى قرار شجاع، من الصراع إلى التعاون، ومن الخوف إلى الرجاء". وأشار إلى أنّ "البشارة تقول إنّ كلّ تغيير يبدأ من الداخل، من القلب الذي يترك لله مكانًا ليعمل"، معتبرًا أنّ هذه البشارة "يجب أن تكون دعوة إلى الوطن ليجد هويّته من جديد، وليعرف أن الخلاص لا يأتي من الخارج بل من الداخل، من ضمير حيّ وقدرة على القول: ليكن لوطننا بحسب مشيئة الحقّ، لا بحسب مصالح البشر". وشدّد الراعي على أنّ "كثيرين يسمعون صراخ الوطن، لكن قلّة تقبل أن تحمل الرسالة كما حملتها مريم"، لافتًا إلى أنّ "لبنان يحتاج اليوم إلى رجال ونساء يقولون: نحن مستعدّون، نحن خدّام الخير العام". وأكّد أنّ "الخلاص لا يأتي بالقوّة بل بالنعمة، وأنّ الوطن لا يُبنى بالسلاح أو بالشعارات أو بالتحدّيات، بل بعمل داخلي يشبه عمل الروح القدس، هادئ، عميق، ثابت ومغيِّر للحياة". واعتبر أنّ "النهاية الجديدة تبدأ من لحظة قبول بسيطة، فكلمة واحدة من مريم غيّرت التاريخ: ليكن لي حسب قولك، وكذلك كلمة صدق واحدة في السياسة تكفي لفتح أبواب الخلاص الوطني". وتطرّق البطريرك إلى عيد استقلال لبنان الذي احتُفل به أمس في ذكراه الثانية والثمانين، فرأى أنّ هذا اليوم "هو استعادة للكرامة والسيادة وحقّ الوطن في كتابة مستقبله". وأضاف أنّ "الاستقلال ليس زينة أعلام ولا احتفالات عابرة، بل وعد يتجدّد كلّ عام بأنّ لبنان لم يُخلق للظلام بل للنور، وبأنّ شعبه قادر على أن يبدأ من جديد إذا اجتمع حول إرادة صادقة". واعتبر أنّ عيد الاستقلال "يحمل الرسالة نفسها التي ظهرت يوم البشارة، وهي أنّ الله قادر على صنع بداية جديدة من قلب البساطة، وأنّ التغيير الحقيقي يبدأ حين يقول الإنسان: ها أنا أمام مسؤوليّتي". وختم الراعي بالدعوة إلى الصلاة "كي يمنح الله، بشفاعة مريم العذراء، نعمة الإصغاء إلى كلمته وقبولها في القلوب، فتثمر مجدًا لله الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، آمين".

 

تغريدات مختارة من موقع أكس

تغريدات مختارة لليوم 23 تشرين الثاني/2025

ابراهيم ريحان

فايسبوك/23 تشرين الثاني/2025

‏الاستهداف في ضاحية بيروت الجنوبيّة اليوم، يؤشر إلى مرحلة جديدة من التصعيد. ما حصل يشبه مرحلة حادثة مجدل شمس التي هيئت الأجواء لاستهداف المعاون الجهادي حينذاك فؤاد شكر في الضاحية. تلا الاستهداف يومها بيانات إسرائيلية مفادها "أن لا نية للتصعيد". ثمّ حصل ما حصل.

العنوان اليوم مختلف لكنّ المضمون نفسه. كانت تهيئة الأجواء للاستهداف تحت عنوان "إعادة بناء القدرة" لاستهداف المعاون الجهادي الذي خلف شكر هيثم الطبطبائي. وجاءت التسريبات والتصريحات "أن لا نية للتصعيد". هذا كله يشبه مرحلة ما قبل 23 أيلول على أعتاب ذكرى اتفاق وقف الأعمال العدائية التي ستكون بعد 4 أيام.

 

سحر الخطيب

فايسبوك/23 تشرين الثاني/2025

لم يكن لبناني يعرف أن هيثم علي طبطبائي هو الرقم الثاني في حزب الله ( على ذمةحزب الله لا يوجد في صفوفهم  تصنيف رقم ثاني وثالث..)، سواء رئيس أركان كان أو رئيس باذنجان لم يكن لبناني يعرف من هو الرجل اصلا؟؟ "طبطبائي"؟؟ كان السؤال الاول عن عائلته يشغل الناس فور اغتياله، ذلك أن وقع طبطبائي ليس لبنانياً.. غوغًل الجميع وعادوا.. يتباهى كل منهم على الآخر في ما جمع من معلومات : رسا الأمر الغوغلي أن الرجل ذا الوالد الإيراني والأم اللبنانية قد شغل المنصب الذي خلا باغتيال فؤاد شكر. لكن إسرائيل كانت تعلم قبل غوغل، قبلنا و يقيناً ودون أدنى شك قبل الذين جاوروه في المبنى في حارة حريك ولم يعلموا حتى لحظتهم الأخيرة من هو. قُصف في المبنى عدة طوابق و خمسةُ أعمار!! خمس حكايات انتهت ظلماً وعدواناً و أصحابها لا يعلمون لما كُتب سطرٌهم الأخير! وكأن السكن في الضاحية، في بعلبك، في الجنوب يعادل مغامرة شراء البيت والتابوت معاً إذ لا يُعرف ايهما سيُسكن أولاُ!؟؟!!؟ نلعن إسرائيل. الف مرة! لكن ماذا بعد المرة الألف؟ الاميركيون؟ نلعنهم ولم لا! نلعن العالم؟ لم لا! وبعد ذلك ماذا نفعل؟ ماذا بعد كل هذا اللعن؟؟ هل ثمة إعمال للعقل؟  هل من ذي عقل  يرى أهله  فيخاف الله في أعمارهم وأرزاقهم؟   حين يقف مسؤولو حزب الله و يطالبون الدولة بالتصرف ضد إسرائيل فليدلوها على الطريق!!! هل من طريق؟؟ جدياً هل تركوا لها طريقاً ! ؟ هل تعجّ مدرجاتها بطائرات البي فيفتي تو مثلاً؟؟ مخازنها بالكلاستر بومبز؟؟ حين تكون في حفرة توقف عن الحفر!!!! واصمت.. اذهب وسل علي حسن خليل ماذا ابلغته إيران وتجرأوا على اعلان هذا عوضاً عن بعبعات ما عادت تقنع ذا مصاصة في مهده!!!

 

*******************************

في أسفل رابط نشرة الأخبار اليومية ليومي 24-23 تشرين الثاني/2025/

نشرة أخبار المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية باللغة العربية ليوم 23 تشرين الثاني/2025

/جمع واعداد الياس بجاني

https://eliasbejjaninews.com/2025/11/149485/

ليوم 23 تشرين الثاني/2025

LCCC Lebanese & Global English News Bulletin For November 23/2025/

Compiled & Prepared by: Elias Bejjani

https://eliasbejjaninews.com/2025/11/149488/

For November 23/2025

**********************
رابط موقعي الألكتروني، المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

https://eliasbejjaninews.com

Link for My LCCC web site

https://eliasbejjaninews.com

****

Click On The Link To Join Eliasbejjaninews whatsapp group

اضغط على الرابط في اسفل للإنضمام لكروب Eliasbejjaninews whatsapp group

https://chat.whatsapp.com/FPF0N7lE5S484LNaSm0MjW

*****

الياس بجاني/اتمنى على الأصدقاء والمتابعين لمواقعي الألكتروني الإشتراك في قناتي ع اليوتيوب.Youtube

الخطوات اللازمة هي الضغط على هذا الرابط  https://www.youtube.com/channel/UCAOOSioLh1GE3C1hp63Camw

  لدخول الصفحة ومن ثم الضغط على مفردة SUBSCRIBE في اعلى على يمين الصفحة للإشترك.

Please subscribe to My new page on the youtube. Click on the above link to enter the page and then click on the word SUBSCRIBE on the right at the page top

*****

حسابي ع التويتر/ لمن يرغب بمتابعتي الرابط في أسفل

https://x.com/EliasYouss60156

My Twitter account/ For those who want to follow me the link is below

https://x.com/EliasYouss60156

@followers
 @highlight
 @everyone