المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكنديةLCCC/

نشرة الأخبار العربية ل 22 تشرين الثاني /لسنة 2025

اعداد الياس بجاني

#elias_bejjani_news 

في أسفل رابط النشرة

        http://eliasbejjaninews.com/aaaanewsfor2025/arabic.november22.25.htm

أرشيف نشرات أخبار موقعنا 1اليومية/عربية وانكليزية منذ العام 2006/اضغط هنا لدخول صفحة الأرشيف

 

عناوين النشرة

عنوان الزوادة الإيمانية

ألحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: قَبْلَ أَنْ كَانَ إِبْرَاهِيم، أَنَا كَائِن

 

عناوين مقالات وتغريدات الياس بجاني

الياس بجاني/ الاستقلال بظل احتلال حزب الله أصبح ذكرى ولبنان المحتل تنطبق عليه كل مواصفات الدولة الفاشلة والمارقة

الياس بجاني/رسالة الرئيس عون الإستقلالية

الياس بجاني/صوت ونص/تأملات إيمانية في مفهوم مثال حبة الحنطة في ذكرى استشهاد النائب بيار أمين الجميل

الياس بجاني/مفهوم ومعاني “القلب” في الكتاب المقدس

الياس بجاني/فاقد الشيئ لا يعطيه وكل فياكرا العالم لا تجدي نفعاً مع المخصيين

 

عناوين الأخبار اللبنانية

رابط فيديو تعليق للصحافي علي حمادة من موقع "النهار"/ لا خيار امام الحكم سوى الاسراع بنزع السلاح في كل لبنان

رابط فيديو مقابلة من موقع فادي شهوان ع اليوتيوب مع المهندس توم حرب/حرب ينقل السبب الحقيقي لإلغاء مواعيد قائد الجيش، وواشنطن تفضل استقالته!

رابط فيديو تعليق للصحافي مروان الأمين من موقع "البديل"/حزب الله يبيع تجار المخدرات مقابل سلاحه.

رابط فيديو مقابلة من موقع "السياسة" مع النائب السابق مصباح الاحدب: سلاح الحزب محصن بالاجهزة الامنية وهيبة الدولة ساقطة! وجوزاف عون على خطى ميشال عون

رابط فيديو مقابلة من محطة "أم تي في" مع الصحافيين  أمجد اسكندر - إبراهيم ريحان

رابط فيديو مقابلة من موقع "هنا لبنان" مع المطران حنا رحمة

أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الجمعة في 21 تشرين الثاني 2025

رابط فيديو كلمة كلمة الرئيس جوزاف عون في ذكرى الاستقلال

كلمة الرئيس عون في ذكرى الإستقلال

قداس في الذكرى ال 19 لاستشهاد الوزير بيار أمين الجميّل في بكفيا الاب غصوب: إبتسم من عليائك وغدًا سيبتسم الوطن

ترامب: نعمل مع لبنان وسأدعو جوزاف عون إلى البيت الأبيض

الجيش الإسرائيلي: قتلنا 13 عنصراً من «حماس» في جنوب لبنان

قذائف مدفعية إسرائيلية تستهدف أطراف بلدة يارون في الجنوب اللبناني

عراقجي رداً على دعوة رجي إلى التفاوض: لا نتدخل في شؤون لبنان

جرعة دعم رئاسية للجيش اللبناني... ودعوات لتجاوز «حملات التشكيك»

بيروت ودمشق تؤسّسان لعلاقة جديدة تتجاوز ترسبات الماضي...لقاءات متري مع الشرع تناولت ملفات حساسة وتجنّبت «مزارع شبعا»

 

عناوين الأخبار الإقليمية والدولية

نتنياهو عن الشرع: بعد لقائه ترامب يفعل ما لا تقبله إسرائيل

فريق وزاري لاستكمال تنفيذ اتفاق غزة.. ضمنه بن غفير وسموتريتش

التدويل" يُعيد إسرائيل إلى حجمها الطبيعي ويحاصر غطرستها

صفقة غاز أميركية» لمصر... منافسة «غير مباشرة» مع إسرائيل أم ورقة ضغط؟...تقرير عبري عدّها إضافة إلى خيارات القاهرة لتنويع مصادر إمدادها

الضفة الغربية: المستوطنون يصعّدون اعتداءاتهم.. والجنود يقتلون شابين ...وزير الدفاع الإسرائيلي يقترح إدخال المتطرفين في دورات تثقيف

الجيش الإسرائيلي يعلن قتل 6 «مسلحين» والقبض على 5 آخرين في رفح ...تم تحويل الموقوفين للتحقيق لدى «الشاباك» داخل الدولة العبرية

أعمال العنف تتصاعد في الضفة الغربية ...قوات إسرائيلية قتلت شابَّين فلسطينيَّين... ومستوطنون هاجموا تجمعات سكنية قرب نابلس

«التصعيد في غزة»... هل يدفع الوسطاء لتعجيل تشكيل لجنة «إدارة القطاع»؟ ...مصدران مصري وفلسطيني أكدا لـ«الشرق الأوسط» وجود جهود متواصلة لإعلانها

الجيش الإسرائيلي يعلن قتل 6 «مسلحين» والقبض على 5 آخرين في رفح ...تم تحويل الموقوفين للتحقيق لدى «الشاباك» داخل الدولة العبرية

تقرير: إدارة ترمب تضغط على إسرائيل للتوصل إلى حل لقضية عناصر «حماس» المحاصرين ...واشنطن تريد المضي قدماً نحو المرحلة التالية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

«حماس» تنتظر رداً على إجلاء مقاتليها من رفح... وإسرائيل تقتل 3 منهم ...«القسام» تعلن تسليم جثة رهينة جديدة مساء اليوم

تعقد البحث عن جثث 3 رهائن يلقي بظلاله على اتفاق غزة ...خروق إسرائيلية مستمرة... ومزيد من الضحايا الفلسطينيين

كيف ترى مصر إلغاء إيران «اتفاق التعاون» مع «الوكالة الذرية»؟...مصدر مطلع: استئناف القاهرة لدورها في الوساطة مرهون بتوافر إرادة سياسية بين الطرفين

سلطات وجماعة إيرانية معارضة: طهران تُكثف المضايقات لمواطنيها بألمانيا

إيران تتهم واشنطن و«الثلاثي الأوروبي» بالسعي للتصعيد ....قالت إن إنهاء «اتفاق القاهرة» نتيجة مباشرة لاستفزازاتهم

نائب جمهوري يتراجع عن اعتراضه على إلغاء «قانون قيصر»

وضع شروطاً تحفظ إمكانية إعادة العقوبات على سوريا

برايان ماست... من مقاتل جريح إلى أحد أبرز «صقور» الكونغرس

تقرير: قوات إسرائيلية تتوغل مجدداً في ريف القنيطرة السوري

تجدد الاشتباكات بين الجيش و«قسد» في ريف الرقة بشمال شرقي سوريا

السويداء: مفاوضات تحت الضغط.. وشروط للهجري

سوريا: هكذا أصبحت الأحزاب الكردية دكتاتورية والزعيم قدر

محاكم سوريا العلنية: إصلاح محدود في سياق غير متغيّر

«الكتلة الأكبر» في العراق تبحث عن «رئيس لا يتحول زعيماً» ...السوداني يصمد في قائمة مرشحين... وسخط من «كثرة القادة»

ترامب يمهل زيلينسكي للخميس للموافقة على خطته للسلام مع روسيا

زيلينسكي: أوكرانيا قد تخسر الدعم الأميركي بسبب خطة واشنطن لإنهاء الحرب ...أكد أن بلاده تمر بواحدة من أصعب الفترات في تاريخها

النص الحرفيّ لخطة وقف الحرب في أوكرانيا ...تنص على تنازلات لمصلحة روسيا وتقليص كييف حجم جيشها وعدم انضمامها إلى حلف الناتو

ترمب يلتقي ممداني في مواجهة بين طرفي نقيض

اختطاف 52 تلميذاً من مدرسة كاثوليكية في وسط نيجيريا ...مسلّحون اختطفوا 38 مصلياً في كنيسة يطلبون فدية

مقتل 89 مدنياً في هجمات متمرّدين متشددين بالكونغو الديمقراطية خلال أسبوع

 

عناوين المقالات والتعليقات والتحاليل السياسية الشاملة

تصاعد مواجهة بري - جعجع يهدد الانتخابات النيابية اللبنانية ...رهان على تدخل رئيس الجمهورية لإنقاذ الاستحقاق/محمد شقير/الشرق الأوسط

لبنان الخليط: قادة الجيش وقادة السياسة/نبيل بو منصف/النهار

لبنان... الوشاية علانية/مصطفى فحص/الشرق الأوسط

اتفاقيات ترامب للسلام: بين الورق والواقع/ديما الحلوة/المدن

تسعون أرزةً وأرزة/عقل العويط/النهار

قرار واشنطن إلغاء مواعيد قائد الجيش ليس مجرّد تفصيل بروتوكوليّ،/مروان الأمين/فايسبوك

العسكريون في الاستقلال: نُحِبُّ هذه البزّة لكن اللقمة صعبة!/نغم ربيعمها غزال/المدن

متري في دمشق بملفات ساخنة: سوريا الحازمة ولبنان المرتبك/فرح منصور/المدن

سيادة ومقاومة واستقلال ناقص/أحمد جابر/المدن

سوريا "الناهضة" جسراً بين الغرب والشرق: نريد لبنان شريكاً/منير الربيع/المدن

 

عناوين المؤتمرات والندوات والبيانات والمقابلات والمناسبات الخاصة والردود

يوسي كوهين: تاجر «أرجنتيني» جنّد لبنانياً أوصل الموساد إلى عماد مغنية

عون: الجيش اللبناني يحمي جميع المواطنين... وملتزم بالدفاع عن السيادة

قائد الجيش اللبناني: نشهد مرحلة مصيرية من الأصعب في تاريخنا

رئيس لبنان: نرحب بأي دعم من الاتحاد الأوروبي خصوصاً بعد انسحاب «اليونيفيل» في 2027

*الرئيس سلام عشية الاستقلال: لم نعد نملك ترف إضاعة الفرص

حزب الله» يدعو «لترسيخ الوحدة الوطنية» في لبنان لمواجهة إسرائيل

"قانون إطار" للفجوة الماليّة: هل يقبل صندوق النقد؟

أسرار تواري نوح زعيتر... 3 سنوات من التخفّي عبر الحدود

خسر ملاذه السوري... وانهارت حلقته الضيقة إثر الملاحقات الأمنية

اللهم احفظ بلداننا جميعا والسويد، وأعد إلينا ما فقدناه من تسامح ومحبة.

كاظم جواد/السويد/فايسبوك

الإستقلال/بسام ابو زيد/فايسبوك

كثيرة هي الأشياء التي يمكن سوقها في معرض توقيف نوح زعيتر/سحر الخطيب/فايسبوك

أرفض بشدة ما تعرض له الزميل مروان القدوم/بسام ابوزيد/فايسبوك

اللواء الركن لاوندس في عيد الاستقلال: قوة الحق ركيزة صمود الدولة

 

تفاصيل الزوادة الإيمانية لليوم

ألحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: قَبْلَ أَنْ كَانَ إِبْرَاهِيم، أَنَا كَائِن

إنجيل القدّيس يوحنّا08/من56حتى59/:”قالَ الرَبُّ يَسوع لِليَهود: «إِبْرَاهِيمُ أَبُوكُمُ ٱشْتَهَى أَنْ يَرَى يَوْمِي، ورَأَى فَفَرِح». فَقَالَ لَهُ اليَهُود: «لا تَزَالُ دُونَ الخَمْسِين، ورَأَيْتَ إِبْرَاهِيم؟». قَالَ لَهُم يَسُوع: «أَلحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: قَبْلَ أَنْ كَانَ إِبْرَاهِيم، أَنَا كَائِن». فَأَخَذُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوه. أَمَّا يَسُوعُ فَتَوارَى وخَرَجَ مِنَ الهَيْكَل.”

 

تفاصيل مقالات وتغريدات الياس بجاني

الاستقلال بظل احتلال حزب الله أصبح ذكرى ولبنان المحتل تنطبق عليه كل مواصفات الدولة الفاشلة والمارقة

الياس بجاني/22 تشرين الثاني/2025

https://eliasbejjaninews.com/2025/11/149432/

من المفترض أن نحتفل اليوم في 22 تشرين الثاني بعيد استقلال لبنان، ولكن واقعنا المعاش هو في غير مكان، والاستقلال أصبح مجرد ذكرى لا وجود لأي من عناصره، التي من ضمنها القرار الحر، والحريات، والقانون، والمساواة، والديمقراطية، والخدمات، والسلام والأمن والاستقرار، والحدود المصانة وتطول القائمة. اليوم، لبنان فاقد لاستقلاله بالكامل وواقع رغماً عن إرادة غالبية شعبه تحت احتلال إيراني مذهبي وجهادي وإرهابي عبر ذراع محلي مسلح مكون من مواطنين لبنانيين مرتزقة يعملون بآمرة الملالي الفرس منضوين تحت راية ما يسمى كفراً وزندقة “حزب الله”. إن هذا الحزب بكل ما يمثله ويفعله ويسوّق له وما يسعى لفرضه بالقوة والإرهاب والإغتيالات والحروب والتهجير هو نقضيض للبنان ولكل ما هو لبناني وعدالة وحقوق ومحبة وسلام واستقرار وهوية وانفتاح على العالم.

نتيجة لهذا الاحتلال يعيش لبنان راهناً حرباً مدمرة بين “حزب الله” الإيراني من قمة رأسه حتى أخمس قدميه، حرباً إيرانية-إسرائيليية لا دخل لا للبنان ولأ لأكثرية اللبنانيين الساحقة بها. هذه الحرب ليست حرب لبنان، وحزب الله بدأها غب أوامر إيرانية وخدمة لمصالح وأجندة إيران الإرهابية والتوسعية والاستعمارية والمذهبية.

استقلال بالاسم فقط، نعم لا استقلال يُحتفل به اليوم، لأن الدولة اللبنانية أصبحت فعلياً دولة “حزب الله” وفي هذه الدولة المارقة والفاشلة الدستور ينتهك ع مدار الساعة، والحزب يمنع انتخاب رئيس للجمهورية ويقفل مجلس النواب ويستمر بتفكيك كل مؤسسات الدولة.

وهنا نشير إلى أن المجلس النيابي الحالي التبعي والفاشل والمتخلي عن واجباته الدستورية قد جاء نتيجة قانون انتخابي فصّله الحزب على مقاسه، مما جعل نتائج الانتخابات محسومة قبل إجرائها.

وكيف نحتفل بذكرى الاستقلال وكل مؤسسات الدولة مخترقة، والقضاء مهيمن عليه، وأموال الناس سرقت من البنوك، والحدود مشرعة للتهريب، والفوضى تعم البلاد حيث ينتشر القتل والسرقات والفقر والتهجير والذل.

من هنا فإن الاستقلال المفترض أن نحتفل به اليوم هو مجرد ذكرى دون محتوى أو مقومات، والاستقلال الحقيقي لن يعود للبنان إلا بتحرره من احتلال “حزب الله” وإبعاد الهيمنة الإيرانية، وهذا الأمر يتطلب تطبيق القرارات الدولية الخاصة بلبنان، بما فيها اتفاقية الهدنة والقرارات ١٥٥٩، ١٧٠١، و١٦٨٠. كما يستدعي إجراء انتخابات نيابية حرة بقانون عصري، ووقف الفساد، ومحاكمة الطبقة السياسية الفاسدة…وقد يكون الضرورة بمكان اعلان لبنان دولة فاشلة طبقاً لكل مقومات الفشل ووضعه تحت الوصاية الأممية.

حتى تحقيق ذلك، يبقى لبنان دولة محتلة، وعيد الاستقلال مجرد ذكرى مؤلمة لحرية لم تعد موجودة.

**الكاتب ناشط لبناني اغترابي

عنوان الكاتب الألكتروني

Phoenicia@hotmail.com

رابط موقع الكاتب الالكتروني على الإنترنت

https://eliasbejjaninews.com

 

رسالة الرئيس عون الإستقلالية

الياس بجاني/21 تشرين الثاني/2025

رسالة الرئيس عون الإستقلالية هي رزمة من المغالطات غير المعبرة عن الواقع والحقائق ومحشوة مقاربات زجلية اقل ما يقال فيها أنها ذمية

 

تأملات إيمانية في مفهوم مثال حبة الحنطة في ذكرى استشهاد النائب بيار أمين الجميل

من أرشيف عام 2010/الياس بجاني/بالصوت والنص/21 تشرين الثاني/2010 

https://eliasbejjaninews.com/2025/11/113528/

https://www.youtube.com/watch?v=Nb6u2BH440Y&t=603s

الشهادة وحبة الحنطة

النائب الشيخ بيار الجميل لم يمُت، لأن الشهداء لا يموتون، بل باستشهادهم ينتقلون من الموت إلى الحياة الأبدية، حيث لا ألم ولا عذاب، وإنما فرح وسعادة وهناء. الشهداء الأبرار هم حبة الحنطة التي تموت لتعطي الحياة، كما جاء في الإنجيل: "إِنْ لم تَقَعْ حبَّةُ الحِنطةِ في الأَرضِ وتَمُتْ بَقِيَتْ وحدَها، وإِذا ماتَتْ أَخرَجتْ حَبَّاً كثيراً. مَنْ أَحَبَّ حياتَهُ فَقَدَها، ومَنْ أَبْغَضَها في هذا العالمِ حَفِظَها للحياةِ الأَبديَّة." (يوحنا 12: 24).

يدرك المؤمن أنه لم يكن ممكناً خلاص البشرية دون التضحية التي قدمها السيد المسيح المتجسد من خلال عذابه وصلبه. المسيح الفادي يطلب من المؤمنين حاملي صليبه الاقتداء به والسير على طريق الجلجلة بفرح وشجاعة ورجاء، لأنها توصل في نهاية المطاف إلى الخلاص. إن التضحية التي قدمها المسيح دون تذمر في تحمُله العذاب والإهانة والموت هي التي أعطت ولا تزال تعطي ثماراً وافرة.

إن حبة الحنطة التي ماتت ودُفنت وأعطت حباً كثيراً للعالم كلِّه هي يسوع نفسُه. لقد ضحّى يسوع المتجسد بذاته في سبيل البشرية لإعتاقها من نير العبودية وأوزار الخطيئة الأصلية. فمات على الصليب، ودُفِنَ في القبر، وقهر الموت وكسر شوكته، وقام حيّاً من بين الأموات. فكان بموته وعذابه ودفنه وقيامته مصدرَ الحبّ، وينبوع النِعَم الغزيرة التي سوف تستمر بالتدفّق على البشرية حتى انقضاء الدهر.

إنَّ النِعَم التي يمنحُها يسوع للذين يؤمنون به ويعتمدون باسمه ويحافظون على وصاياه، تؤهّلهم للتمتّع بالحياة الإلهية على الأرض وبالسعادة الأبدية في الملكوت السماوي. والشهداء الأبرار هم في المقدمة، وهنيئاً للوطن الذي يهب الله أهله نِعّمة الشهادة.

دعوة التضحية والمكافأة الأبدية

أراد يسوع أن يكون المؤمن بتعاليمه على مثاله حبَّةَ الحنطة التي تقع في الأرض وتموت وتُدفن وتأتي بحَبٍّ كثير. فدعاه إلى أن يرفض حُبَّ حياته الأرضيَّة خشيةَ أن يفقِدَها في الآخرة، وإلى أن يُبغضَها في هذا العالم رغبةً منه في الحصول على الحياة الأبدية. وقد عبَّر عن هذه الدعوة بأسلوب واضح ومباشر وقويٍّ جداً، فكان له تأثير عميقٌ في نفوس مَنْ سمعوه وآمنوا برسالته، ولا يزال وَقْعُ كلامه يسكن قلوب وعقول وضمائر المؤمنين: "فمَنْ أَحبَّ حياتَهُ فَقَدَها ومَنْ أَبغضَها في هذا العالَمِ حَفِظَها للحياةِ الأَبديَّة. وإنَّ الذينَ ينقادونَ لروحِ اللهِ يكونونَ أَبناءَ اللهِ حقَّاً” (رومة 8: 14).

يسوع الذي عرَف سموَّ التضحية وذاق شِدَّتَها وصعوبتَها، لن يَدَعُ المؤمن الذي يحمَّلها إكراماً له دون مكافأَة. وهو الذي قال لتلاميذه الذين ضحَّوا بكل شيء في سبيله: “أَنتُم الذين تَبعتموني في جيلِ التجديد تجلِسون على اثنَيْ عشَرَ عرشاً، وتَدينون أَسباطَ إسرائيل الاثنَيْ عشَر”. (متى 19: 27-29).

لبنان العصي على الإرهاب

إن لبنان الرسالة والقداسة والتعايش والحضارة والعطاء، الذي مشى على أرضه يسوع برفقة أمه السيدة العذراء وبارك ترابه واجترح فيه أول عجائبه يوم حوًّل الماء إلى خمر في عرس قانا الجليل، وبعد ذلك أعجِب بإيمان الكنعانية فشفاها، هذا لبنان عصي على كل قوى الشر والإرهاب. وكما انتصر شعبه بإيمانه الراسخ والصلب طوال 7000 سنة على كافة الغزاة والمارقين، سوف ينتصر بفضل عطاءات الشهداء من أبنائه على كل قوى الإرهاب التي تحاول قتله واقتلاع هويته ونحر تاريخه وأبلسته وتحويله إلى جمهورية أصولية لا تشبهه وغريبة عن قيمه وتاريخه وثقافته.

اللبنانيون هم أبناء الرجاء والإيمان والتقوى والشجاعة والصمود والشهادة، ولذلك لن يدعوا تحت أي ظرف قوى الشر والإرهاب والاستكبار والطروادية تنجح في استعبادهم وقهر إرادتهم الحرة مهما كانت التضحيات. إن بيار الجميل الشهيد حي في قلب وعقل ووجدان كل لبناني سيادي وحر ومؤمن. ومع النبي أيوب نقول: "الرب أعطا والرب أخذ فليكن اسم الرب مباركاً".

*الكاتب ناشط لبناني اغترابي

عنوان الكاتب الألكتروني

Phoenicia@hotmail.com

رابط موقع الكاتب الالكتروني على الإنترنت

http://www.eliasbejjaninew.com

 

مفهوم ومعاني “القلب” في الكتاب المقدس

الياس بجاني/19 تشرين الثاني/2025

https://eliasbejjaninews.com/2025/11/12824/

إن مفردة “القلب” مذكورة في الكتاب المقدس أكثر من 300 مرة، وهي لاهوتياً لا تعني، لا من قريب ولا من بعيد، القلب العضو في جسد الإنسان – تلك المضخة التي تضخ الدم في الجسم. بل هو المحور الكياني البشري، ومركز وحدة القدرات، ومستودع الضمير والوجدان والأحاسيس بكافة تلاوينها وتناقضاتها. وإذا جاز التعبير، هو “الأنا” بمفهوم علم النفس الحديث. من هنا، فالقلب لاهوتياً، وبحسب هذه المعاني الوجدانية والروحية والإيمانية، هو ليس ذاك القلب العضو النابض في الصدر بين الرئتين، بل هو الواقع الكياني الإيماني الذي يشكل محور كامل الوجود الشخصي. إنه محور الوحدة حيث تتلاقى كل خيوط دائرة كيان الإنسان. وإذا ما نظرنا مليًا إلى الطقوس الكنسية وإلى الإيقونات، لوجدنا أهمية كبرى لـ “قلب يسوع” و لـ “قلب مريم البريء من الدنس”. وفي الكتاب المقدس، في العهدين القديم والجديد على حد سواء، هناك عشرات الآيات التي تؤكد أهمية ومحورية مفهوم القلب الروحاني والفكري والإيماني.

القلب في وصايا الله

في هذا الإطار، تأتي الوصية الأولى من الوصايا العشرة التي تقول: “تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ” (لوقا 10: 27، وتثنية 6: 5). والسيد المسيح يتحدث عن القلب كمحور نوايا الإنسان وأساس كل أعماله.

“فَمِنَ الْقَلْبِ تَنْبُعُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ: الْقَتْلُ، الزِّنَى، الْفِسْقُ، السَّرِقَةُ، شَهَادَةُ الزُّورِ، التَّجْدِيفُ. هَذِهِ هِيَ الأُمُورُ الَّتِي تُنَجِّسُ الإِنْسَانَ” (متى 15: 19-20). هذا يؤكد أن جوهر الإنسان، سواء للخير أو للشر، ينبع من القلب.

لا أحد غير الله يدرك ما يجول في أفكارنا وقلوبنا من نوايا، شريرة كانت أم صالحة. وهو، لأنه يحبنا وينتظر عودتنا إلى منازله السماوية التي لم تشدها أيدي الإنسان، فهو كأب غفور يحذرنا باستمرار بشتى الوسائل والطرق عندما ندنس قلوبنا ونقع في تجارب إبليس ونسير وراء “إنساننا القديم”، إنسان الخطيئة الأصلية، ونهجر “الإنسان الجديد”، إنسان المعمودية بالماء والروح القدس.

“أَيُّهَا الْمُرَاؤُونَ! أَحْسَنَ إِشَعْيَاءُ إِذْ تَنَبَّأَ عَنْكُمْ فَقَالَ: هَذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ، أَمَّا قَلْبُهُ فَبَعِيدٌ عَنِّي جِدّاً! إِنَّمَا بَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ لَيْسَتْ إِلاَّ وَصَايَا النَّاسِ” (متى 15: 7-8). هذه الآية تسلط الضوء على أهمية العبادة الصادقة النابعة من القلب، وليس مجرد الطقوس الخارجية.

القلب النقي: عطية من الله

يعلمنا الكتاب المقدس أن نتضرع لله دائماً ونطلب منه بخشوع وصدق وإيمان نعمة وعطية القلب النقي والمستقيم والصالح.

“قَلْباً نَقِيّاً اخْلُقْ فِيَّ يَا اَللهُ، وَرُوحاً مُسْتَقِيماً جَدِّدْ فِي دَاخِلِي” (مزمور 51: 10). هذه الصلاة تعبر عن رغبة عميقة في التجديد الروحي، الذي أساسه قلب جديد. إن الرب الأب خلق الإنسان على صورته ومثاله وأعطاه قلباً كقلبه، وعندما يراه يُدنِّس هذا القلب، يهب لنجدته وإعادته إلى الطريق القويم بإرسال الأنبياء والقديسين والأبرار، ولكن عندما يعصاه ولا يتعظ ويتوب ويؤدي الكفارات، يؤدبه ويعاقبه، كما فعل في زمن نوح ونمرود ولوط مع مدينتي سدوم وعمورة. “وَرَأَى الرَّبُّ أَنَّ شَرَّ الإِنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي الأَرْضِ، وَأَنَّ كُلَّ تَصَوُّرِ فِكْرِ قَلْبِهِ يَتَّسِمُ دَائِماً بِالإِثْمِ، فَمَلأَ قَلْبَهُ الأَسَفُ وَالْحُزْنُ لأَنَّهُ خَلَقَ الإِنْسَانَ” (تكوين 6: 5-6). هذه الآيات تُظهر حزن الله على فساد قلوب البشر.

يعمل الله بالناموس الطبيعي والضمير وبالأنبياء على إيقاظ قلوب بني البشر ليرجعوا إليه فيجدونه وأن يعطوه قلوبهم ويلاحظوا طرقه ووصاياه.

“بِأَعْيُنِكُمْ أَبْصَرْتُمْ تِلْكَ التَّجَارِبَ الْهَائِلَةَ وَالآيَاتِ وَالْعَجَائِبَ الْعَظِيمَةَ. وَلَكِنَّ الرَّبَّ لَمْ يُعْطِكُمْ حَتَّى الآنَ قُلُوباً لِتَعُوا وَعُيُوناً لِتُبْصِرُوا وَآذَاناً لِتَسْمَعُوا. لَقَدْ قُدْتُكُمْ فِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، لَمْ تَبْلَ فِيهَا ثِيَابُكُمْ عَلَيْكُمْ، وَلَمْ تَهْتَرِئْ نِعَالُكُمْ عَلَى أَرْجُلِكُمْ” (التثنية 29: 3-5). هنا نرى كيف أن عدم الفهم والإدراك ينبع من القلب.

القلب مسكن الروح القدس

لقد ربط الرب إلهنا قلوبنا بقلبه، لكي نحبه من كل القلب والنفس فنحيا به، وهذا ما أتمه الله في العهد الجديد بحلول الروح القدس على المؤمنين، ليصير قلبهم مسكناً لروحه يقدسه له، لنصير هياكل روح الله، ويصير قلبنا مذبحاً مُكَّرساً للعبادة بصلوات التقية والمحبة الصادقة. وإذ يتنقى القلب، يعاين الله ويعمل المسيح بالإيمان فيه. لذا من المهم أن نكرس وقفة تأملية بمعنى القلب الإيماني واللاهوتي. ففي تعليقه على سر فاطيما الثالث، قام عميد مجلس عقيدة الإيمان حينها الكاردينال يوسف راتسنغر (البابا بندكتس السادس عشر لاحقاً) بتقديم وصف موجز لمفهوم القلب: “القلب يعني في لغة الكتاب المقدس محور الوجود البشري، واندماج العقل والإرادة، والمزاج والإحساس”. ويضيف: “القلب هو ذلك الواقع الذي يجد فيه الكائن البشري وحدته وتوجهه الداخلي”.

الله وحده هو من يرى ويختبر خفايا القلب.

القلب هو تلك القدرة البشرية التي تذهب أبعد وأعمق من القدرة الفكرية في الإنسان، وأبعد من تصور خيالنا. هو بُعد الغريزة الإلهية وهو أيضاً عمق النفس.

“اَلْقَلْبُ أَخْدَعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ نَجِيسٌ، مَنْ يَعْرِفُهُ؟ أَنَا الرَّبُّ فَاحِصُ الْقُلُوبِ، مُخْتَبِرُ الْكُلَى، لأُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ طُرُقِهِ، حَسَبَ ثَمَرِ أَعْمَالِهِ” (إرميا 17: 9-10). هذه الآية تؤكد أن الله وحده هو من يرى ويختبر خفايا القلب. من المستحيل على الواحد منا النفاذ إلى داخل أي شخص آخر مهما كان قريباً منا ومعرفة ما يختزن بداخل قلبه وأفكاره، ولكن يمكننا فهم ذلك من خلال أفعاله وأقواله وأحاسيسه التي تشهد على ما في قلبه، لأنه “مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ الْفَمُ” (متى 12: 34). والقلب هذا يُدنِّسه صاحبه حينما يغرق في فخاخ الغرائز ويفشل لقلة إيمانه ووهن رجائه في لجمها وتهذيبها.

القلب والمحبة

نقول في صلاتنا: “يا رب أعطني قلباً كقلبك” (“قَلْباً نَقِيّاً اخْلُقْ فِيَّ يَا اَللهُ وَرُوحاً مُسْتَقِيماً جَدِّدْ فِي دَاخِلِي” (المزمور 51: 10))، أي أنعم عليّ بعطايا المحبة، والمحبة هي الله وهي القلب. معاني المحبة التي هي الله، عرفها رسول الأمم بولس في (كورنثوس الأولى 13: 1-13): “لو تكلمت بلغات الناس والملائكة، ولا محبة عندي، فما أنا إلا نحاس يطن أو صنج يرن. ولو وهبني الله النبوة وكنت عارفاً كل سر وكل علم، ولي الإيمان الكامل أنقل به الجبال، ولا محبة عندي، فما أنا بشيء. ولو فرقت جميع أموالي وسلمت جسدي حتى أفتخر، ولا محبة عندي، فما ينفعني شيء. المحبة تصبر وترفق، المحبة لا تعرف الحسد ولا التفاخر ولا الكبرياء. المحبة لا تسيء التصرف، ولا تطلب منفعتها، ولا تحتد ولا تظن السوء. المحبة لا تفرح بالظلم، بل تفرح بالحق. المحبة تصفح عن كل شيء، وتصدق كل شيء، وترجو كل شيء، وتصبر على كل شيء. المحبة لا تزول أبداً. أما النبوات فتبطل والتكلم بلغات ينتهي. والمعرفة أيضاً تبطل، لأن معرفتنا ناقصة ونبواتنا ناقصة. فمتى جاء الكامل زال الناقص. لما كنت طفلاً، كطفل كنت أتكلم وكطفل كنت أدرك، وكطفل كنت أفكر، ولما صرت رجلاً، تركت ما هو للطفل. وما نراه اليوم هو صورة باهتة في مرآة، وأما في ذلك اليوم فسنرى وجهاً لوجه. واليوم أعرف بعض المعرفة، وأما في ذلك اليوم فستكون معرفتي كاملة كمعرفة الله لي. والآن يبقى الإيمان والرجاء والمحبة، وأعظم هذه الثلاثة هي المحبة.”

آيات إنجيلية إضافية حول القلب

إن الآيات في الكتاب المقدس التي تبين معاني القلب كثيرة جداً، في أسفل بعضاً منها:

“طُوبَى لأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، فَإِنَّهُمْ سَيَرَوْنَ اللهَ” (متى 5: 8).

“فَهُوَ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فِي شَيْءٍ، إِذْ طَهَّرَ بِالإِيمَانِ قُلُوبَهُمْ” (أعمال الرسل 15: 9).

“إِنَّهُ صَاحِبُ الْيَدَيْنِ الطَّاهِرَتَيْنِ وَالْقَلْبِ النَّقِيِّ. ذَاكَ الَّذِي لاَ يَحْمِلُ نَفْسَهُ عَلَى الْبَاطِلِ، وَلاَ يَحْلِفُ مُنَافِقاً” (مزمور 24: 4).

“وَلاَ يَكُونُونَ مِثْلَ آبَائِهِمْ، جِيلاً عَنِيداً مُتَمَرِّداً، جِيلاً لَمْ يُثَبِّتْ قَلْبَهُ وَلاَ كَانَتْ رُوحُهُ أَمِينَةً لِلهِ” (مزمور 78: 8).

“اطْرَحُوا عَنْكُمْ كُلَّ ذُنُوبِكُمُ الَّتِي ارْتَكَبْتُمُوهَا، وَاحْصُلُوا لأَنْفُسِكُمْ عَلَى قَلْبٍ جَدِيدٍ وَرُوحٍ جَدِيدَةٍ. فَلِمَاذَا تَنْقَرِضُونَ يَا شَعْبَ إِسْرَائِيلَ؟” (حزقيال 18: 31).

“وَأَهَبُكُمْ قَلْباً جَدِيداً، وَأَضَعُ فِي دَاخِلِكُمْ رُوحاً جَدِيدَةً، وَأَنْتَزِعُ مِنْ لَحْمِكُمْ قَلْبَ الْحَجَرِ وَأُعْطِيكُمْ عِوَضاً عَنْهُ قَلْبَ لَحْمٍ” (حزقيال 36: 26). هذه الآية تحديداً تتحدث عن التحول الداخلي الذي يمنحه الله.

“ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ، هُوَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ. فَإِنَّهُ مِنَ الدَّاخِلِ، مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ، تَنْبُعُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ، الْفِسْقُ، السَّرِقَةُ، الْقَتْلُ، الزِّنَى، الطَّمَعُ، الْخُبْثُ، الْخِدَاعُ، الْعَهَارَةُ، الْعَيْنُ الشِّرِّيرَةُ، التَّجْدِيفُ، الْكِبْرِيَاءُ، الْحَمَاقَةُ. هَذِهِ الأُمُورُ الشِّرِّيرَةُ كُلُّهَا تَنْبُعُ مِنْ دَاخِلِ الإِنْسَانِ وَتُنَجِّسُهُ” (مرقس 7: 20-23).

“فَوْقَ كُلِّ حِرْصٍ احْفَظْ قَلْبَكَ لأَنَّ مِنْهُ تَنْبَثِقُ الْحَيَاةُ. انْزِعْ مِنْ فَمِكَ كُلَّ قَوْلٍ مُلْتَوٍ، وَأَبْعِدْ عَنْ شَفَتَيْكَ خَبِيثَ الْكَلاَمِ. حَدِّقْ بِاسْتِقَامَةٍ أَمَامَكَ، وَوَجِّهْ أَنْظَارَكَ إِلَى قُدَّامِكَ” (الأمثال 4: 23-25). هذه الآية تؤكد على أهمية حماية القلب لأنه مصدر الحياة.

“وَإِذْ تَنْكَشِفُ خَبَايَا قَلْبِهِ، يَخِرُّ عَلَى وَجْهِهِ سَاجِداً لِلهِ، مُعْتَرِفاً بِأَنَّ اللهَ فِيكُمْ حَقّاً” (كورنثوس الأولى 14: 25).

“غَلِّظْ قَلْبَ هَذَا الشَّعْبِ وَثَقِّلْ أُذُنَيْهِ وَاطْمِسْ عَيْنَيْهِ لِئَلاَّ يُبْصِرَ بِعَيْنَيْهِ وَيَسْمَعَ بِأُذُنَيْهِ وَيَفْهَمَ بِقَلْبِهِ وَيَرْجِعَ فَيُشْفَى” (إشعيا 6: 10). هذه الآية تُظهر نتيجة العناد ورفض سماع كلمة الله.

قلب يسوع الأقدس: ينبوع المحبة الإلهية

البابا بندكتس السادس عشر: “إن جذور هذه التقوى (عبادة قلب يسوع) متأصلة في سر التجسد. فبواسطة قلب يسوع ظهرت بصورة جلية محبة الله للبشرية. ولهذا فإن عبادة قلب يسوع الأقدس الأصيلة تحافظ على معانيها وتستقطب بشكل خاص النفوس المتعطشة إلى رحمة الله، ينبوع ماء الحياة الذي لا يُسبر غوره والقادر على ري صحاري الروح كي ينمو الرجاء.”

صلاة للقلب الأقدس

يا يسوع، أنت ذو القلب الشفيق، الكلي الجودة والصلاح. أنت تراني وتحبني. أنت رحيم وغفور، إذ لا يمكنك أن ترى الشقاء دون أن ترغب في مداواته. ها إني أضع كل رجائي فيك، وأثق أنك لن تهملني، وأن نعمك تفوق دائماً آمالي. فحقق لي يا يسوع، جميع وعودك، وامنحني النعم اللازمة لحالتي، وألق السلام في عائلتي، وعزني في شدائدي، وكن ملجأ لي طيلة حياتي وفي ساعة موتي. إن كنت فاتراً في إيماني فإني سأزداد بواسطتك حرارة. أو كنت حاراً فإني سأرتقي درجات الكمال. أنعم علي يا يسوع بنعمة خاصة ألين بها القلوب القاسية، وأنشر عبادة قلبك الأقدس. واكتب اسمي في قلبك المعبود، كي لا يمحى إلى الأبد. وأسألك أن تبارك مسكني حيث تُكرَّم صورة قلبك الأقدس.

**الكاتب ناشط لبناني اغترابي

عنوان الكاتب الألكتروني

Phoenicia@hotmail.com

رابط موقع الكاتب الألكتروني

https://eliasbejjaninews.com

 

تفاصيل الأخبار اللبنانية

رابط فيديو تعليق للصحافي علي حمادة من موقع "النهار"/ لا خيار امام الحكم سوى الاسراع بنزع السلاح في كل لبنان

https://www.youtube.com/watch?v=qijU0eVhqpY

 

رابط فيديو مقابلة من موقع فادي شهوان ع اليوتيوب مع المهندس توم حرب/حرب ينقل السبب الحقيقي لإلغاء مواعيد قائد الجيش، وواشنطن تفضل استقالته!

https://www.youtube.com/watch?v=mhaZBWO0N6Q&t=762s

 

رابط فيديو تعليق للصحافي مروان الأمين من موقع "البديل"/حزب الله يبيع تجار المخدرات مقابل سلاحه.

https://www.youtube.com/watch?v=EWD8kNh_tK0

 

رابط فيديو مقابلة من موقع "السياسة" مع النائب السابق مصباح الاحدب: سلاح الحزب محصن بالاجهزة الامنية وهيبة الدولة ساقطة! وجوزاف عون على خطى ميشال عون

https://www.youtube.com/watch?v=hSImr6HNDuo

 

رابط فيديو مقابلة من محطة "أم تي في" مع الصحافيين  أمجد اسكندر - إبراهيم ريحان

https://www.youtube.com/watch?v=7RCSpNIU9C8&t=14s

 

رابط فيديو مقابلة من موقع "هنا لبنان" مع المطران حنا رحمة

أكثر من ٥٠ ألف شخص في قداس البابا! لبنان لا يصدّر الصواريخ للعالم... بل القديسين!

https://www.youtube.com/watch?v=TVgYy7mRTxs

 

أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الجمعة في 21 تشرين الثاني 2025

وطنية/21 تشرين الثاني/202

النهار

تضاربت المعلومات الأمنية أمس الخميس، حول توقيف نوح زعيتر وما إذا كان تم بكمين لمخابرات الجيش اللبناني أو باتفاق ضمني سلّم نفسه من خلاله كمقدمة لتسوية وضعه. لكنّ النتيجة واحدة وهي القبض على أحد كبار تجار المخدرات في بعلبك ولبنان.

سُجّل غياب رؤساء حكومات سابقين عن مؤتمر "بيروت 1" للاستثمار وردّ احدهم عن سبب غيابه قائلاً: بكل بساطة لم أدع اليه. علماً أنّ الرئيس فؤاد السنيورة كان الحاضر الوحيد من الرؤساء السابقين.

تٌسجَّل برودة انتخابية في معظم المناطق، وتتجنّب أحزاب وتيارات سياسية تسمية مرشحين لعدم إثارة التنافس وربما الانقسام في داخل الأحزاب، في انتظار ما ستؤول إليه الامور في الأسابيع المقبلة علماً أنّ البعض يُرجّح عدم انطلاق الماكينات بشكل جدي قبل السنة الجديدة.

مزيد من التوضيح حول أموال الكفالات في صندوق تعاضد القضاة وما تضمنته "أسرار الالهة"، من رئيس مجلس ادارة الصندوق القاضي حسن نمر الشامي: يهمنا التوضيح والتأكيد أن مجلس إدارة صندوق تعاضد القضاة إتخذ سابقاً قراراً بالتجاوب التام مع مطلب وزير المالية بشأن الكفالات التي يتم إيداعها بموجب قرارات قضائية في خزائن الصندوق.

يقول متابع إنّ إحدى الجمعيات في لبنان، والتي تفتقد التمويل وتعاني من تراجع في خدماتها، وجدت في حادث عرضي فرصة للإعلان عن تعليق أعمالها.

لا يجد مراقبون سياسيون تفسيراً لتخصيص ديبلوماسي يُمثّل دولة إقليمية قوية عدداً من النواب دون غيرهم بزياراته قبيل انطلاق التحضير للاستحقاق الانتخابي المقبل.

الجمهورية

انتهى لقاء بين مرجع كبير وموفد لدولة إقليمية فاعلة إلى ارتياح كبير للنتائج التي توصّلا إليها، وستظهر معالمها في المدى المنظور.

يملك مرجع سياسي في يَده ورقة مؤثرة سيكشفها في حينه، ليُغيِّر من خلالها مسار ومصير استحقاق دستوري حساس، يدور حياله جدال وسجال كبيران.

تلقى مسؤولون لبنانيّون تأكيدات من مسؤولين كبار في دول عربية، أنّ المرحلة القريبة المقبلة ستشهد تخفيف الإجراءات المشدّدة في شأن التعاملات مع لبنان، وبصورة خاصة في مجال التأشيرات.

اللواء

لم تكتمل كلياً بعد حلقة المطالب لوفد الخزانة الاميركية الى لبنان ومنها اقفال مطاعم ومقاهٍ ومؤسسات انتاجية، يستفيد منها، حزب بارز بشكل أو بآخر.

تكاد الاتصالات أن تكون مقطوعة بين مرجع كبير ونواب في كتلتين مسيحيَّتين، كانوا على تواصل في نقل اقتراحات خلال الفترات الماضية.

وصف مصدر مطلع زيارة نتنياهو وفريقه الحربي إلى هضبة الجولان بأنها رد مباشر على حجم الاهتمام الاميركي الملحوظ بالرئيس السوري لدى مجيئه الى البيت الابيض.

نداء الوطن

تقول مصادر متابعة إن إنجازات الجيش اللبناني النوعية في مجال مكافحة المخدرات والعصابات تعطي فكرة كم الجيش جاهز لنزع السلاح إذا تأمنت له التغطية السياسية المطلوبة.

مسؤولان بارزان من طائفة معينة اشتريا بشكل مشترك منزلًا في منطقة جبلية، كان يملكه شخص ذو رمزية دينية مهمة جدًا عند طائفتهما، من أصحابه الحاليين من طائفة أخرى، لضمّه لاحقًا إلى أوقاف تلك الرمزية.

علم من مصادر أميركية أن التحرك بشأن الحرب السودانية بناء على طلب الأمير محمد بن سلمان سيكون في مرحلة أولى عبر قنوات اتصال سرّية، محجوبة بالكامل عن التداول العام، مع أطراف النزاع الذين لم يُظهروا أي اعتراض على وقف القتال تحت رعاية سعودية – أميركية مشتركة.

البناء

كتب عدد من كبار المحللين في الصحف الإسرائيلية مقالات تدور حول تقييم زيارة ولي العهد السعودي إلى واشنطن وتوصلت كلها إلى استنتاج واحد مضمونه أن ما كان يُسمّى بالإغراءات الأميركية المعروضة على السعودية بشرط السير بالتطبيع مع “إسرائيل” قد حصل عليه الأمير محمد بن سلمان من طائرات الـ”أف 35 إلى الصفقة النووية السلمية إلى مكانة الدولة الحليفة الاستراتيجية من خارج حلف الناتو، بينما هو يصرّح من البيت الأبيض أن التطبيع مع “إسرائيل” مشروط بمسار موثوق عملياً نحو قيام الدولة الفلسطينية، وأن هذا يعني شيئاً واحداً هو فقدان “إسرائيل” مكانة البوصلة الموجهة للسياسات الأميركية في الشرق الأوسط. وهذا يدل على أن البيت الأبيض في ظل أكثر الرؤساء التزاماً بـ”إسرائيل” يشعر أن “إسرائيل” ضعفت كقوة مهيمنة في الشرق الأوسط بعد حرب السنتين، بدلاً من أن تزداد قوة، كما ضعفت كقوة يهاب الرؤساء الأميركيون جانبها بسبب نفوذها على الناخبين الأميركيين.

قال مصدر دبلوماسي أوروبي إن التصعيد الذي شهده الملف النووي الإيراني حول القرار الصادر عن مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية بطلب أميركيّ أوروبيّ يؤكد أن ما تمّ ترويجه عن تنازلات إيرانيّة تطال التراجع عن حق تخصيب اليورانيوم ترتّب عليها انطلاق مسار تفاوضيّ سريّ بين إيران وخصومها لم يكن إلا ترويجاً إعلامياً لا أساس له من الصحة وإن ما قاله وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عن جمود المسار التفاوضيّ وعن تمسّك إيران بثوابتها النووية ورؤيتها للتفاوض هو أقرب إلى الواقع مما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن انفراجات تفاوضية على خلفية تنازلات إيرانية مفترضة.

 

رابط فيديو كلمة كلمة الرئيس جوزاف عون في ذكرى الاستقلال

https://www.youtube.com/watch?v=H_VJs52_Fe4

كلمة الرئيس عون في ذكرى الإستقلال

وطنية/21 تشرين الثاني/2025

"أيتها اللبنانيات، أيها اللبنانيون، أهلي في الوطن والاغتراب ... رفاق السلاح والجراح، كلّ استقلال يبدأ من لحظة مواجهة الحقيقة، ولهذا جئت اليوم إلى الجنوب، إلى هذه الأرض التي تختصر تاريخ لبنان كلّه: صموداً، وغياباً، وعودة. ومن هنا، من حيث تُختبر قيمة الدولة ومعنى السيادة، نبدأ حديث الاستقلال… من جديد. على هذه الأرض التي أنهكتها الاعتداءات وغياب الدولة عنها، لكنها صمدت، وستنهض مع عودة الدولة إليها، سلطةً ورايةً وقراراً واحداً.  فدرب الاستقلال يبدأ من حضور الدولة، لا غيابها؛ ومن سيادتها، لا ازدواجيتها، ومن تحرير كل شبر من أرض لبنان. إخوتي وأهلي، تعرفون أنني اعتدت على مصارحتكم،  واليوم تبدو المصارحة أكثر من ضرورية، لأنها أول ذكرى للاستقلال أخاطبكم فيها رئيساً، بعد سنوات من الفراغ تجاوزناها ولن نسمح بتكرارها،  ولأن الظرف دقيق، ولا يحتمل أنصاف الحقائق. استقلالنا حقيقة حيّة، لا صفحة من الماضي، حقيقة لأن رجالاً ونساءً من هذا الوطن بذلوا دماءهم من أجله فسقطوا شهداء على طريق طويل، وليس 22 تشرين الثاني إلا يوماً واحداً فقط في رزنامة تضحياته، ويؤسفني أننا ننساهم أحياناً. وأنا اليوم، باسمكم جميعاً، أنحني إجلالاً لدمائهم وشهادتهم. الذين سقطوا في بشامون دفاعاً عن حكومة الاستقلال، وفي ساحة النجمة دفاعاً عن علم الاستقلال، وملائكة طرابلس الأربعة عشر، الذين استشهدوا متظاهرين من أجل الاستقلال. إنهم شهداء استقلال 22 تشرين الثاني 1943، بما سبقه وتلاه من أحداث. نفتخر بهم ونعتز. ولهم منا كل الوفاء وأعمق التقدير. لكن يجب أيضاً أن نقول الحقيقة الثانية: الاستقلال لم يولد في يوم واحد، ولا وطن يبنى في سنة واحدة.  لبنان هو حصيلة نضال قرون من أجل الحرية. من قبل أفراد وجماعات، حضنتهم هذه الأرض، تحت عنوان واحد: سعيهم إلى الحرية، وسط منطقة كانت، وللأسف ما زالت أحياناً، تتعامل مع الحق بالقوة، ومع الحرية بالقمع. ولنصارح بعضنا:

 لحظة ولادة لبنان لم تكن لحظة إجماع تام، إذ كان البعض يفكر في دولة أصغر من لبنان. بدافع الخوف على خصوصية ذاتية. أو على هوية جماعية، من محيط مختلف. وكان هناك بعض آخر يفكر في دولة أكبر من لبنان، إيماناً بانتماء مغاير للفكرة اللبنانية، أو رفضاً لهيمنة أجنبية أو لفكرة استعمارية.

لكن تطورين اثنين أساسيين حصلا بالتزامن:

 أولاً، عاش اللبنانيون مع بعضهم أكثر… فاكتشفوا أنهم يشبهون بعضهم أكثر مما يشبههم أي خارج.

 ثانياً، أدركنا أن ثمن العيش معاً أقل بكثير من كلفة ولائنا لأي خارج كان أو التحاقاً بأي وهم كان، شرقياً أو غربياً. وتأكدنا أن ما يعطينا إياه لبنان، كأفراد وكطوائف، أهم وأثمن وأقدس، من كل ما يمكن أن يعطينا إياه أي مشروع آخر. هكذا، تبلورت أكثرية جديدة، مكونة من المسيحيين والمسلمين وكل اللبنانيين، رافضة لأي انتماء أصغر من لبنان، كما لأي ولاء أكبر من لبنان. هي أكثرية كيانية ميثاقية، مؤمنة بلبنان الكيان والوطن، فبلورت ميثاقه بالعمل وبالعيش الفعليين معاً رغم تعرضها لانتقادات الطرفين لها، ورغم تخوينها من الجهتين المتناقضتين، ورغم وصفها بكل أصناف التجني والاتهامات، حتى أنجزت الاستقلال الذي نحتفل به اليوم ...  بعده، أخطأنا في إدارة استقلالنا. نعم، لقد أخطأنا في إدارة استقلالنا. ولا ننسى أنّ عوامل خارجية انفجرت حولنا، فدفعتنا قبل خمسين عاماً إلى حروب مركّبة خرجنا منها باتفاق الطائف، قبل أن نقع مجدداً تحت وصاية خارجية شوهته لأكثر من عقد. ثم نلنا فرصة استقلال جديد بعد زوال الاحتلال والوصاية، لكننا دخلنا بعدهما مجدداً، في صراعات المحاور الإقليمية، حول من يرث تلك الوصاية علينا. أو من يمسك بورقة لبنان، رصيداً له في حسابات النفوذ الإقليمية. أقول ذلك لأنّ اليوم يشبه الأمس، فنحن نمرّ بمرحلة مصيرية شبيهة بمرحلتي الاستقلالين الأول والثاني، وسط زلزال من التطورات وانقلاب موازين القوى من حولنا يشبه ما رافق نشأة لبنان دولةً مستقلة. ونحن اليوم أمام تحدي تجديد استقلالنا، فيما نعيش انطباعين متناقضين يبتعدان عن الحقيقة ومنافيين لجوهر الاستقلال. فلنتحدث بصراحة. في لبنان اليوم، لدى بعض المرتابين من تطورات المنطقة، انطباعٌ وكأن شيئاً لم يتغير، لا عندنا ولا حولنا ولا في فلسطين ولا في سوريا ولا في العالم.

هي مكابرة أو حالة إنكار ليقنع هذا البعض نفسه، بأنه يمكنه الاستمرار بما كان قائماً من تشوهات في مفهوم الدولة وسيادتها على أرضها، منذ 40 عاماً. وأنا أقول لكم، إن هذا السلوك مجاف للواقع. وللإرادة اللبنانية أولاً، قبل مناقضته للظروف الإقليمية والدولية. وفي المقابل قد يكون هناك انطباع مناقض لدى بعض آخر من اللبنانيين، بأن الزلزال الذي حصل، قضى على جماعة كاملة في لبنان، وكأنّ طائفة لبنانية برمّتها قد زالت أو اختفت، أو كأنها لم تعد موجودة في حسابات الوطن والميثاق والدولة. وأنا أقول لكم، هذه مكابرة أخرى، وحالةُ إنكار مقابلة، لا تقل عن الأولى خطأً وخطراً. فيما نحن كدولة، وأنا شخصياً كرئيس لهذه الدولة، نقف حيث تقتضي مصلحة الوطن وكل الشعب، لا مصلحة طرف أو حزب أو طائفة. نقف هنا على أرض الجنوب، لنقول لمن يرفض الاعتراف بما حصل، بأن الزمن تغير، وأن الظروف تبدلت، وأن لبنان تعب من اللادولة، وأن اللبنانيين كفروا بمشاريع الدويلات، وأن العالم كاد يتعب منا، ولم نعد قادرين على الحياة في ظل انعدام الدولة.

والمسألة هنا لا تعني فقط حصر السلاح وقرار السلم والحرب، وهذا ضروري جداً وحتمي فعلاً، بل المطلوب أكثر، هو حصر ولاء اللبناني بوطنه، وحصر انتمائه الدستوري والقانوني إلى دولته، لنعيد بعدها ثقافة الدولة، نهج حياة وسلوك في كل تفصيل من حياتنا وعلى كل شبر من أرضنا. فلم يعد مقبولاً التغوّل على الحق العام، ولا على الملك العام، ولا على المال العام، ولا على الفضاء العام.  لم يعد أي من هذا مقبولاً، لا باسم استثناء، ولا بذريعة ماضٍ أو حاضرٍ أو مستقبل، ولا بوهج قوة أو فائضها، ولا برد فعلٍ من جماعة أخرى أو منطقة أخرى، على واقع غير سليم. كل هذا بات مرفوضاً، من كل لبناني، ولأي مقيم على أرض لبنان. وكما أقول هذا الكلام بصراحة من منطلق المسؤولية الوطنية الكبرى، أقف هنا، لأقول لا مماثلة، لحالة الإنكار الأخرى.

لا، ليس صحيحاً ولا مقبولاً أن نتصرف وكأن جماعة لبنانية زالت أو اختفت أو هُزمت. فهؤلاء لبنانيون، هم أهلنا أبناء الأرض، هم باقون معنا ونحن باقون معهم، لا نقبل لهم سوى ذلك، ولا هم يقبلون. هؤلاء ضحوا وبذلوا وأعطوا دماً وشهادات. والآن علينا جميعاً أن نعود معهم ومع كل اللبنانيين، إلى حضن الوطن، وتحت سقف الدولة الحصري الذي لا سقف سواه، بلا اجتهادات ولا استثناءات.

ايتها اللبنانيات، أيها اللبنانيون، لأننا نقف في هذا الموقع والموقف الوطنيين بامتياز، تطالنا السهام من الطرفين، ونلاقي عدم الفهم والتفهم والتفاهم، من البعضين، بمعزل عن النسب والأسباب.  لكننا لن نتزحزح ولن نتراجع، لأن كل ما يحصل عندنا ومن حولنا، يؤكد صوابية خيارنا وقرارنا. خيار بناء دولة لا دويلة. وقرار استعادة ثقافة الدولة، لا استنساخ تشوهات ومنافع. فها هو اتفاق غزة وإقراره في مجلس الأمن، يؤكدان حقيقة قراءتنا. وها هي علاقاتنا مع سوريا الجديدة، تتطور في الاتجاه الصحيح، علاقة بين بلدين سيدين نديين. وها هي قوانا المسلحة، التي يوليني الدستور شرف قيادتها العليا، تقوم بمهامها الوطنية في كل لبنان، وخصوصاً في الجنوب، وبشهادة البيانات الرسمية للجنة الخماسية المسؤولة عن تنفيذ اتفاق تشرين الثاني 2024، رغم كل التطاول ورغم بعض الغيوم العابرة.فإنني لا أنسى أنكم زرعتم على هذه الأرض بالذات، شهداء أبراراً، لتطبيق اتفاق وقف الاعتداءات المذكور، وهو ما التزم لبنان به حرفياً، ومن طرف واحد.وها هو اقتصادنا يتعافى بدليل الأرقام لا الأوهام، وذلك برعاية حكيمة رشيدة من الجهات الحكومية المختصة، ومن حاكمية مصرف لبنان بالذات، وهذا ما يجعلها هي أيضاً في مرمى تجنّي من لا يريد دولة في لبنان. وها هم اللبنانيون في لبنان كما في أنحاء العالم، يتطلعون إلينا، يحدوهم أمل كبير، وعزم أكيد. وسترونهم متحدين بعد أيام قليلة، في حدث وطني استثنائي، عند استقبالهم معاً لقداسة البابا لاوون الرابع عشر، تحت عنوان "طوبى لفاعلي السلام".  اخترنا هذا العنوان لأننا شعب يؤمن بالسلام ويسعى إليه، ولأن منطقتنا تتجه نحو مرحلة من الاستقرار يتوجب علينا أن نستعد لها جيداً. ونحو إعادة إحياء سلام قائم على الحقوق والعدالة، سلام فلسطين وشعب فلسطين. وهو ما نحن حاضرون للشراكة فيه بكلية وفاعلية، ان عبر توسعة نطاق اتفاقيات سابقة، او عبر أخرى جديدة، كي لا نصير على قارعة الشرق، وكي لا يتحول بلدنا عملة تفاوض، أو بدل تعويض في خارطة المنطقة الجديدة.

نعم، نحن حاضرون وجاهزون بلا أي عقد، وفق قاعدة واضحة:

فمسار الشأن اللبناني، من بيروت حتى حدودنا الدولية، نسيره وحدنا بقرارنا الذاتي المستقل، وبدافع مصلحة لبنان ومصالح شعبه العليا دون سواها، وهذا يعني انسحاباً اسرائيلياً من كل متر مربع من أرضنا، وعودة لاسرانا، وترتيبات حدودية نهائية، تؤمّن استقراراً ثابتاً ونهائياً. أما أي خطوة أبعد من الحدود، فنسير بالتنسيق والتلازم مع الموقف العربي الجامع. ونرى في القمة الأخيرة في واشنطن بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مؤشرات مشجعة جداً لانطلاق مساره. هذا المسار الذي لن يتخلف عنه لبنان خطوة واحدة.

أكثر من ذلك، لماذا أنا في الجنوب الآن؟

لقد اخترت هذا المكان وهذه اللحظة، لأقول بموجب ضميري الوطني، ومسؤوليتي عن بلد وشعب، ولأعلن لكل العالم، ما يلي:

أولا: تأكيد جهوزية الجيش اللبناني لتسلم النقاط المحتلة على حدودنا الجنوبية، واستعداد الدولة اللبنانية لأن تتقدم من اللجنة الخماسية فوراً، بجدول زمني واضح محدد للتسلم. ثانياً: استعداد القوى المسلحة اللبنانية لتسلم النقاط فور وقف الخروقات والاعتداءات كافة، وانسحاب الجيش الاسرائيلي من كل النقاط. ثالثاً: تكليف اللجنة الخماسية بالتأكد في منطقة جنوب الليطاني من سيطرة القوى المسلحة اللبنانية وحدها وبسط سلطتها بقواها الذاتية. رابعاً: إن الدولة اللبنانية جاهزة للتفاوض، برعاية أممية أو أميركية أو دولية مشتركة، على أي اتفاق يرسي صيغة لوقف نهائي للاعتداءات عبر الحدود. خامساً: وبالتزامن، تتولى الدول الشقيقة والصديقة للبنان، رعاية هذا المسار، عبر تحديد مواعيد واضحة ومؤكدة، لآلية دولية لدعم الجيش اللبناني، كما للمساعدة في إعادة إعمار ما هدمته الحرب. بما يضمن ويسرّع تحقيق الهدف الوطني النهائي والثابت، بحصر كل سلاح خارج الدولة، وعلى كامل أراضيها.هذه المبادرة، هي اليوم برسم كل العالم، برسم كل صديق وحريص وصادق في مساعدة لبنان، وفي استتباب الأمن والاستقرار على حدودنا وفي المنطقة. ونحن جاهزون لها. وملتزمون.

إخوتي اللبنانيات واللبنانيون ، اليوم، نكتب فصلاً جديداً في تاريخ لبنان… فصل يبدأ من الاستقلال، فصل لا ينتهي إلا بتحقيق السيادة الكاملة، والعيش الكريم لكل اللبنانيين، وبناء دولة تحمي الحق وتكرّس العدالة. نحن نخوض اليوم معركة الاستقلال الجديد المتجدد، وهي معركتكم جميعاً، وانا متيقين بأننا سننتصر فيها.  من أجل أطفالكم، وأحلام من رحل، وآمال من صمد، سنحمي لبنان ونصون استقلاله وسنطلق نهضته المستقبلية، وطن حوار، وحداثة، وحرية، وسماح وسلام، كي يرفرف علم لبنان عاليًا، ويظل أرزنا شامخًا رمزًا للصمود والوحدة، نتمسك بوطن يجمعنا جميعًا.  فلنقف جميعًا متحدين، مؤمنين بلبنان وبقدرته على أن يكون وطن الجميع بلا استثناء.  عاش الحق، عاش الاستقلال، عاش لبنان.

 

قداس في الذكرى ال 19 لاستشهاد الوزير بيار أمين الجميّل في بكفيا الاب غصوب: إبتسم من عليائك وغدًا سيبتسم الوطن

وطنية/21 تشرين الثاني/202

 أقيم مساء اليوم قداس في كنيسة مار ميخائيل في بكفيا لمناسبة الذكرى التاسعة عشرة لاستشهاد الوزير بيار أمين الجميّل ورفيقه سمير الشرتوني،  في حضور السيّدة جويس أمين الجميّل، السيّدة صولانج الجميّل، السيّدة باتريسيا الجميّل ونجلاها أمين وألكسندر، وزير العدل عادل نصار، النائبان نديم الجميّل والياس حنكش، رئيسة بلدية بكفيا نيكول الجميّل، نائب رئيس حزب الكتائب برنارد جرباقة، الأمين العام للحزب وليد فارس، الوزير السابق آلان حكيم، النواب السابقين فارس سعيد، فادي الهب وإيلي ماروني، توفيق أنطوان غانم، عائلة الشهيد سمير الشرتوني، وعدد من أعضاء المكتب السياسي والمجلس المركزي ورفاق الشهيد. وترأس الذبيحة الالهية الأب سمير غصوب ولفيف من الكهنة، وخدمت القداس جوقة مار عبدا. وقال الأب غصوب في العظة: "يصادف بهذه الذكرى أننا نعيش زمن الميلاد المجيد الذي نتهيّأ فيه لاستقبال هدية السماء إلى الأرض، طفل المغارة. وفي هذا الأسبوع تضعنا الكنيسة في التأمل في بشارة الملاك لزكريا الذي يفتتح زمن المجيء بعد تجديد البيعة وتقديسها." وأشار إلى أنه "بين الخوف والإيمان، في هذا التخبط الذي نعيشه في حياتنا اليومية، نتأمل في إبراهيم الإنسان الذي لم يفقد الإيمان والرجاء رغم كل ما مرّ به، هذا الإيمان الذي يساهم في استجابة الله ولو متأخرًا لصلاة زكريا". وأضاف:"في هذا الأسبوع تدعونا الكنيسة إلى الإيمان كإبراهيم، وإلى الثبات في الصلاة على مثال زكريا مهما تعددت الصعوبات والمستحيلات. وفي هذا الأسبوع، وفي ليلة الاستقلال، لا تغيب عنا ذكرى الشيخ بيار الجميّل ومرافقه سمير الشرتوني." وتابع: "19 عامًا على رحيل بيار تقابلها 19 وقفة مع الذات الوطنية اللبنانية. في هذه العشية العابقة بالمعاني والمشاعر التي تتزاحم يومًا بعد يوم، نلتئم لنستحضر لا لنتذكر. نعم، لأن القدر، لا بل إرادة السماء، تعمّدت أن تحضر روح بيار هذا المساء لتقول: هل عرف الناس في وطني لماذا غُيّبت في ذلك المساء قبل 19 عامًا؟ كنت أعمل لوطن السلام ووطن الحياة لا لوطن الموت، كنت أعمل لوطن السيادة لا لوطن التبعية، لوطن الانفتاح لا الانغلاق، لوطن صديق لمحيطه العربي لا لوطن عدو، لوطن الدولة لا الدويلة، لوطن يُروى بالعرق لا بالدماء." وقال: "وفي عشية ذكرى الاستقلال ورحيلك، وكلنا والوطن تحت النار وفي مواجهة كل أنواع الخطر حتى الكياني والوجودي، دعنا ننبّئك أننا لم نستسلم، فنحن من مدرستك ومدرسة جدّك وأبيك ومن خطّ خيار الدولة. وشيخنا الكبير، رمز الرجولة والحكمة، كلّما تقدّم به العمر علّمنا دروسًا في المواقف الوطنية الكبرى. ومنه نتعلم كيف نكون لبنانيين ثابتين على الضمير اللبناني الذي لن تقوى عليه أبواب الجحيم". وأردف:"ها نحن ننحني بكبرياء وكِبَر أمام شخصيتك الكبيرة، ونؤكد أننا لن ننكفئ وكل التهديدات لن تثنينا عن المواجهة. وها هو رئيس الكتائب النائب سامي الجميّل يطرق أبواب المحافل الدولية ليطالب بما يفترض القيام به لبسط مشروع الدولة وإسقاط مشروع الدويلة ومنطق الاحتلال. فقبل الحرب وخلالها، كان ولا يزال ينادي بما ناديت به، عنيت به السيادة والحرية والاستقلال". وتابع:"في ذكرى استشهادك على مذبح الكرامة نقول لك: نحن الذين اجتمعنا هنا نصلي من أجل سلام روحك وسلام الوطن. فلتطمئن روحك، فالوطن سينهض كما نهض دومًا؛ فالغيارى كثر، ومن هاجروا سيعودون. كيف لا وأنت علّمتنا أن إرادة الحياة هي الأقوى، وأن الحق سينتصر". وتوجّه إلى الشهيد قائلًا: "أيها الحبيب بيار، عائلتك، السيّدة باتريسيا ونجلاك أمين وألكسندر، الذين زرعت فيهم العنفوان والمناقبية، هم أوفياء متحدون يجمعهم إرثك". وأضاف: "بيار أيها الحبيب، طالعتني صورة كنت تقبّل فيها علم بلادك فسرت في روحي رعشة غريبة. وبلمحة، تذكرت أنه في عام 1925 كتب الشاعر الكبير رشيد نخلة النشيد الوطني اللبناني ومما جاء فيه: كلّنا للوطن للعلى للعلم. واليوم نفهم أكثر فأكثر معنى هذا الكلام العميق، وندرك أنك من سلالة كانت للوطن والعلم لا على الوطن والعلم. ومنكم ومدرستكم تعلّمنا أن نكون للوطن والعلم ودفعنا ثمن التزامنا. ولأنك قبّلته بحب وعاهدته على الوفاء، أثرتَ ضعف من قبّلوا الأعلام الغريبة، فاغتالوك، لكنهم لن يتمكنوا من اغتيال الوطن والعلم".وختم: "بيار، لقد اقتربت ساعة القيامة، فابتسم من عليائك وغدًا سيبتسم الوطن".

 

ترامب: نعمل مع لبنان وسأدعو جوزاف عون إلى البيت الأبيض

المدن/21 تشرين الثاني/202

ردًّا على سؤالٍ حول لبنان، أشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه سيقوم بدعوة الرئيس عون لزيارة البيت الأبيض. وفي ما يتعلّق بالوضع في لبنان، رأى ترامب أنّ "حزب الله في لبنان ليس في وضعٍ جيّد"، في إشارةٍ إلى الضغوط السياسيّة والاقتصاديّة والعقوبات الّتي تستهدف الحزب وحلفاءه في الداخل والخارج، كما وأشار بالقول إنّ "حزب الله يمثل مشكلة بالنسبة للبنان ونعمل مع لبنان والجميع في الشرق الأوسط". وقال ترامب إنّ إدارته "أزالت غيمةً سوداء كبيرةً عن الشرق الأوسط، بتقليص نفوذ إيران"، معتبرًا أنّ هذه السياسة أسهمت في خفض مستوى التوتّر في المنطقة وإضعاف الدور الذي تلعبه طهران في عددٍ من الملفات الإقليميّة.  وأضاف ترامب في تصريحٍ صحافيّ أنّه "من المحتمل أن نعقد صفقةً مع إيران"، مشيرًا إلى أنّ باب التفاوض لا يزال مفتوحًا أمام طهران، إذا ما التزمت بشروطٍ يراها البيت الأبيض ضروريّةً لضمان أمن الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط.

 

الجيش الإسرائيلي: قتلنا 13 عنصراً من «حماس» في جنوب لبنان

تل أبيب/الشرق الأوسط/21 تشرين الثاني/2025

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم الجمعة، إنه «قضى» على 13 عنصراً من حركة «حماس»، خلال قصفٍ استهدف مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان. وأوضح أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، عبر منصة «إكس»: «شن جيش الدفاع، في يوم الثلاثاء الماضي، غارة استهدفت مجمع تدريبات تابعاً لحركة (حماس) الإرهابية كان يقع وسط مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان». وأضاف: «خلال الغارة، جرى القضاء على 13 مخرِّباً، ومنهم المخرِّب جواد صيداوي الذي كان يعمل على تدريب المخرّبين على تنفيذ عمليات إرهابية ضد قوات جيش الدفاع ودولة إسرائيل انطلاقاً من الأراضي اللبنانية».وأفادت وزارة الصحة اللبنانية، الثلاثاء، بسقوط 13 قتيلاً، وإصابة عدد آخر خلال غارة إسرائيلية استهدفت مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، قرب صيدا عاصمة جنوب لبنان. وأوردت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية أن طائرة مسيَّرة إسرائيلية استهدفت سيارة في محيط مسجد خالد بن الوليد، داخل المخيم، حيث اندلعت حرائق في المكان، وأن طائرات مسيَّرة حلقت على ارتفاع منخفض عقب القصف. وأضافت أن القصف استهدف، في وقت لاحق أيضاً، مركز خالد بن الوليد وجامع خالد بن الوليد في المخيم، بثلاثة صواريخ.

 

قذائف مدفعية إسرائيلية تستهدف أطراف بلدة يارون في الجنوب اللبناني

بيروت: «الشرق الأوسط»/21 تشرين الثاني/2025

سقطت 3 قذائف مدفعية إسرائيلية، صباح اليوم الجمعة، على أطراف بلدة يارون في جنوب لبنان. وأعلنت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية الرسمية أنه «تم تسجيل قرابة الثامنة والربع صباحاً، سقوط 3 قذائف مدفعية معادية على أطراف بلدة يارون في قضاء بنت جبيل». وسُجل صباح اليوم تحليق للطيران الحربي الإسرائيلي على علو متوسط في أجواء منطقة الهرمل في البقاع شرق لبنان. يُذكر أن إسرائيل لم تلتزم ببنود اتفاق وقف الأعمال العدائية بينها وبين لبنان، الذي بدأ تنفيذه في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، ولا تزال قواتها تقوم بعمليات تجريف وتفجير، وتشن بشكل شبه يومي غارات في جنوب لبنان. كما لا تزال قواتها موجودة في خمس نقاط في جنوب لبنان. وتقول إسرائيل إن استهدافاتها هي ضد أهداف لجماعة «حزب الله»، متهمة الحزب بعدم الالتزام ببنود الهدنة.

 

عراقجي رداً على دعوة رجي إلى التفاوض: لا نتدخل في شؤون لبنان

المدن/21 تشرين الثاني/202

كتب وزير الخارجيّة الإيرانيّة عباس عراقجي عبر حسابه على منصّة “أكس” ردًّا على دعوة نظيره اللّبنانيّ الوزير يوسف رجّي للتفاوض: “صديقي العزيز وزير الخارجيّة اللّبنانيّ يوسف رجّي دعاني في مقابلة مع MTV إلى إجراء التفاوض". وأضاف عراقجي: "نحن لا نتدخّل في الشؤون الداخليّة للبنان، لكنّنا نرحّب بأي حوار بهدف تعزيز العلاقات الثنائيّة بين إيران ولبنان، ولا حاجة لبلدٍ ثالث". ودعا الوزير رجّي إلى زيارة طهران، وأضاف "وأنا مستعدّ أيضًا لزيارة بيروت بكلّ سرور إذا تلقيت دعوة رسمية لذلك". وكان رجّي قد وجّه مساء الأمس دعوة لعراقجي لعقد لقاء في بلد مُحايد وإجراء مفاوضات لحلّ المشاكل العالقة.

 

جرعة دعم رئاسية للجيش اللبناني... ودعوات لتجاوز «حملات التشكيك»

بيروت/الشرق الأوسط/21 تشرين الثاني/2025

تصدرت الدعوات لتجاوز «حملات التشكيك» بالجيش اللبناني موقفَي الرئيس اللبناني جوزيف عون، وقائد الجيش العماد رودولف هيكل، خلال زيارة لوحدات الجيش في جنوب لبنان في ذكرى الاستقلال، بعد حملات إسرائيلية وتغريدات أعضاء في الكونغرس الأميركي أدت إلى إلغاء اجتماعات لهيكل كانت مبرمجة مسبقاً مع مسؤولين في واشنطن. ودفع عون برسالة دعم للجيش اللبناني ومهامه، عبر زيارته لقيادة قطاع جنوب الليطاني في ثكنة بنوا بركات في مدينة صور في الجنوب، عشية الذكرى الـ82 للاستقلال، والاطلاع من قائد القطاع العميد الركن نقولا تابت على الوضع الأمني فيه.

حملات التجريح والتشكيك

وتحدث الرئيس عون إلى الضباط مهنئاً بذكرى الاستقلال، ولافتاً إلى أن «الاحتفالات التقليدية التي تقام في المناسبة ستغيب هذه السنة بسبب الظروف التي يمر بها البلد». وقال: «أتيت اليوم إلى الجنوب في ذكرى الاستقلال لأؤكد أن هذه المنطقة الغالية هي في قلوبنا دائماً، وأن الجيش الذي يحمي الجنوبيين كما جميع اللبنانيين، ثابت في مواقفه والتزامه بالدفاع عن الكرامة الوطنية والسيادة والاستقلال، وهو يقدم وفاء لهذه المبادئ الشهيد تلو الآخر غير آبهٍ بما يتعرض له من حين إلى آخر من حملات التجريح والتشكيك والتحريض». ونوّه عون بـ«الدور المميز الذي يقوم به الجيش المنتشر في الجنوب عموماً، وفي قطاع جنوب الليطاني خصوصاً»، محيياً «ذكرى العسكريين الشهداء الذين سقطوا منذ بدء تنفيذ الخطة الأمنية، والذين بلغ عددهم 12 شهيداً»، حسبما أفادت الرئاسة اللبنانية. وكان عون في بداية اللقاء انتقل هو وقائد الجيش إلى قاعة العمليات حيث ألقى العماد هيكل كلمة اعتبر فيها أن زيارة رئيس الجمهورية «تؤكد مرة أخرى على دعمه الدائم للجيش، وحرصه على زيارة الجنوب وتفقد أهله والعسكريين المنتشرين فيه». وقال: «نجدد اليوم أمام فخامتكم التمسك بالحفاظ على لبنان وسيادته واستقلاله وحماية سلمه الأهلي»، ثم قدم رئيس قسم العمليات في قطاع جنوب الليطاني العقيد رشاد بوكروم عرضاً مفصلاً معززاً بالخرائط والأرقام حول الوضع الراهن في القطاع، والأعمال التي ينفذها الجيش تطبيقاً للخطة التي وضعتها القيادة، لا سيما لجهة إزالة الذخائر وضبط الأسلحة والمنشآت، تنفيذاً لقرار الحكومة بحصر السلاح في يد الدولة. وتضمن العرض معلومات حول ما أُنجز حتى الآن، وحول انتشار الجيش في المواقع والمراكز المحددة والحواجز الدائمة والظرفية والأماكن المستحدثة على طول الحدود، والدوريات التي يسيّرها الجيش للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة. واطلع الرئيس عون على الخرائط والصور التي تظهر المساحات التي تجاوزت فيها القوات الإسرائيلية «الخط الأزرق» خلال إنشائها حائطاً تجاوزت فيه الحدود الجنوبية المعترف بها دولياً . وقدم العميد الركن تابت ملخصاً للمداولات التي دارت خلال اجتماع لجنة «الميكانيزم» والموقف اللبناني الثابت في الدفاع عن حقوق الدولة اللبنانية وسيادتها على أراضيها .

«أمر اليوم»

واستبق قائد الجيش الزيارة بإصدار «أمر اليوم» لمناسبة العيد الـ82 للاستقلال، أكد فيه أن «وطننا يشهد اليوم مرحلة مصيرية هي من الأصعب في تاريخه، وسط الاحتلال الإسرائيلي لأراضٍ لبنانية، واستمرار الاعتداءات والانتهاكات التي تؤدي إلى وقوع شهداء وجرحى، وتمنع استكمال انتشار الجيش، وتتسبب في دمارٍ في الممتلكات والمنشآت». وتوجّه إلى العسكريين بالقول: «لقد بذل الجيش جهوداً جبارةً منذ دخول اتفاق وقف الأعمال العدائية حيّز التنفيذ، رغم الإمكانات المحدودة والصعوبات الناتجة عن الأزمة، لتطبيق خطته وتعزيز انتشاره في قطاع جنوب الليطاني، وبسط سلطة الدولة على جميع أراضيها تنفيذاً لقرار الحكومة اللبنانية، والالتزام بالقرار (1701) ومندرجاته كافة، بالتنسيق الوثيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، ولجنة الإشراف على اتفاق وقف الأعمال العدائية». وأشار إلى أن المؤسسة العسكرية «قدمت تضحياتٍ جساماً، ووقع العديد من عناصرها شهداء وجرحى على مذبح الوطن، وصمدت في مواقعها رغم الظروف الخطيرة، للمحافظة على حق لبنان في السيادة على كل شبر من أرضه، وهي لن تتوانى أو تبخل بأي جهدٍ أو قطرة دمٍ لتحقيق هذه الغاية، إضافة إلى دعم عودة النازحين إلى قراهم». وقال: «هذه الجهود تستلزم مواكبة حثيثة من مؤسسات الدولة، ضمن إطار جهدٍ وطني شامل، وتوفير الإمكانات، وتحسين أوضاع العسكريين، وتهيئة الظروف الضرورية لاستعادة الاستقرار». وتابع: «إنَّ القيادة مُدرِكَة تماماً للأوضاع الاستثنائية المحيطة بتنفيذ خطة الجيش، التي تسير وفق البرنامج المحدد لها، وهذه الظروف تستلزم أعلى درجات الحكمة والتأنّي، والحزم والاحتراف، بما يخدم المصلحة الوطنية والسلم الأهلي، بعيداً عن أي حسابات أخرى». في موازاة ذلك، لفت هيكل إلى أن «الجيش يستمر في محاربة الإرهاب، وملاحقة العابثين بالأمن، ومكافحة الاتجار بالمخدرات في مختلف المناطق، وضبط الحدود الشمالية والشرقية والمياه الإقليمية اللبنانية وحمايتها، والعمل على منع التهريب، بالتنسيق والتواصل مع السلطات السورية المعنية، كما يجري العمل على تعزيز قدرات الجيش في ظل التواصل القائم مع الدول الشقيقة والصديقة، التي نسعى إلى تعميق تعاوننا معها من خلال مبادراتها لدعم المؤسسة». وتوجّه إلى العسكريين بالقول: «ثابروا على القيام بواجبكم غير عابئين بحملات التشكيك والافتراء والشائعات، واعلموا أنكم دوماً إلى جانب الحق».

 

بيروت ودمشق تؤسّسان لعلاقة جديدة تتجاوز ترسبات الماضي...لقاءات متري مع الشرع تناولت ملفات حساسة وتجنّبت «مزارع شبعا»

 يوسف دياب/الشرق الأوسط/21 تشرين الثاني/2025بيروت

خرجت زيارة نائب رئيس الحكومة اللبنانية طارق متري إلى دمشق، ولقاءاته التي عقدها مع الرئيس السوري أحمد الشرع وعدد من الوزراء، بنتائج مهمّة تُفضي إلى انتقال العلاقات بين البلدين من مرحلة التوتّر والحذر، إلى مسار أكثر انفتاحاً وتفاهماً. ورسّخت الزيارة اعتماد بيروت ودمشق مقاربة جديدة تقوم على طيّ صفحة الماضي الأليم، ووضع أسس جديدة لشراكة ثابتة وقوية في ظلّ ظروف إقليمية مضطربة وتحديات كبيرة تواجه البلدين، وفق ما قالت مصادر مواكِبة للزيارة. ويُنتظر أن تتبلور صورة التقارب اللبناني السوري في وقت قريب، حيث عبّر متري عن ارتياحه الشديد لنتائج زيارته لدمشق، وشدد على أنّ التعاون الفعلي بين البلدين «بدأ قبل نحو أربعة أشهر، وأن اللقاءات في دمشق جاءت لاستكمال ما تحقَّق خلال هذه الأشهر، وتعزيز مسار مبنيّ على الوضوح والشفافية والاحترام المتبادل». وأكد متري، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، أنّ الرئيس الشرع «كان واضحاً في حرصه على عدم فتح دفاتر الماضي الأليم بين البلدين، والنظر إلى المستقبل بوصفه الطريق الوحيد نحو الاستقرار»، وهي رسالة عَدّها متري بمثابة «إعلان إرادة سياسية صريحة لإنهاء سنوات من سوء الفهم والتوتر».

تعاون استراتيجي

وقدّم الشرع رؤية بعيدة المدى لتطوير العلاقات الثنائية. وأوضح نائب رئيس الحكومة اللبناني أن الرئيس السوري «طرح عناوين تتجاوز الحلول الآنية والملفات التقنية، لتصل إلى بناء تعاون استراتيجي في مجالات الطاقة والمياه والأمن، إضافة إلى السعي لاستثمار العلاقات الدولية التي يمتلكها كل بلد بشكل يكمّل مصالح الآخر». وذكّر الشرع، وفق ما نقل عنه طارق متري، بمواقفه التي عبّر عنها في لقاءاته الخارجية، بما فيها تلك التي أجراها في واشنطن، حيث شدّد على «أهمية ترسيخ العلاقات اللبنانية السورية، وتعزيز الثقة بينهما، كما استعاد خطابه قبل شهرين الذي دعا فيه إلى الترفّع عن جراح الماضي»، مؤكداً أن سوريا اليوم «مقتنعة بأن لبنان يمتلك طاقات بشرية واقتصادية يمكن أن تلعب دوراً مهماً في مرحلة إعادة إعمار سوريا».

لقاءات سياسية وإدارية

وتوزعت مهمة متري في دمشق على محورين رئيسيين؛ الأول سياسي بامتياز، تمثَّل في اللقاء المطوَّل مع الرئيس الشرع، والثاني تقني إداري وأمني استدعى عقد اجتماعات مع وزراء الخارجية والعدل والمالية والاتصالات والشؤون الاجتماعية. وقال متري إن محادثاته مع الوزراء السوريين «بحثت في العمق ملفات حساسة، أبرزها ضبط الحدود المشتركة، وترسيم الحدود البرية والبحرية، خصوصاً في ظل توفر خرائط وتقارير تُسهّل هذه العملية». وأكد متري أن الطرفين «اتفقا على مقاربة عملية لهذه الملفات تقوم على التعاون المباشر والابتعاد عن أي توظيف سياسي قد يعطّل التفاهمات». أما ملف مزارع شبعا فبقي خارج البحث المفصل. وألمح نائب رئيس الحكومة اللبنانية إلى أن الجانبين عدَّا «ملف مزارع شبعا قضية شديدة الحساسية، ولا سيما أنها لا تزال تحت الاحتلال الإسرائيلي، مما يجعل الخوض فيها في هذا التوقيت خطوة غير مُجدية سياسياً أو عملياً».

ملفات الموقوفين

في موازاة ملفات الحدود، استحوذ ملف الموقوفين السوريين في لبنان والمفقودين اللبنانيين في سوريا على جانب كبير من المحادثات. وكشف متري أنه بحث هذا الملف المعقّد مع وزير العدل السوري، وأن هناك «تفهماً سورياً للإجراءات القانونية المتبَعة في لبنان، مع توافق على ضرورة مواصلة العمل المشترك لإيجاد حلول عادلة لهذه القضايا، كما جرى التركيز على إبرام اتفاقية قضائية بين البلدين تُنظم عملية تسليم الموقوفين والمحكومين السوريين في السجون اللبنانية». ولا يخفي طارق متري أن العلاقات اللبنانية السورية «تقف اليوم على عتبة مرحلة مختلفة تماماً عن السنوات السابقة، مرحلة تقوم على إدراك متبادل بأن الاستقرار في لبنان لا ينفصل عن الاستقرار في سوريا، وأن التعاون بين البلدين لم يعد خياراً يمكن تأجيله»، لافتاً إلى أن «التحديات الأمنية والاقتصادية وأعباء النزوح والأزمات المتراكمة تجعل التنسيق أكثر ضرورة من أي وقت مضى».

 

تفاصيل الأخبار الإقليمية والدولية

نتنياهو عن الشرع: بعد لقائه ترامب يفعل ما لا تقبله إسرائيل

المدن/21 تشرين الثاني/202

هاجم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الرئيس السوري أحمد الشرع، متهماً إياه بأنه "بدأ بفعل كل ما لن تقبله إسرائيل"، وذلك خلال اجتماع المجلس الوزاري الأمني المصغر "الكابينت"، في ثاني موقف تصعيدي يصدر عن نتنياهو منذ زيارة الشرع إلى البيت الأبيض قبل نحو عشرة أيام، بعد زيارته أمس الأراضي التي احتلتها إسرائيل مؤخراً في الجنوب السوري. وقالت هيئة البث الإسرائيلية، إن نتنياهو "هاجم بشدة سلوك الرئيس السوري أحمد الشرع بعد عودته من واشنطن"، مدعياً أن الشرع "عاد منتفخاً من لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبدأ يتخذ خطوات تتعارض مع المصالح الإسرائيلية"، على حد قوله. ونقلت الهيئة عن نتنياهو قوله: "لقد عاد الشرع منتفخاً من واشنطن… لقد بدأ بفعل كل ما لن نقبله. يريد جلب قوات روسية إلى الحدود". ويقصد بذلك الحدود السورية – الإسرائيلية في الجولان المحتل، حيث تصاعدت خلال الأسابيع الماضية الاتصالات الدولية بشأن صياغة تفاهمات أمنية جديدة بعد سقوط نظام الأسد. وبحسب الهيئة، فقد قال الشرع خلال لقائه ترامب في البيت الأبيض، إن إسرائيل "انتهكت اتفاقية فك الارتباط لعام 1974 بعد سقوط النظام السابق، ووسعت وجودها، وطردت قوة الأمم المتحدة، ونفذت أكثر من ألف هجوم، بما في ذلك على القصر الرئاسي ووزارة الدفاع"، وأضاف الرئيس السوري، وفق الرواية الإسرائيلية، أن دمشق لم ترد عسكرياً "لأنها كانت منشغلة بإعادة بناء البلاد". هذه التصريحات، التي تُعَد الأكثر وضوحاً من القيادة السورية الجديدة بشأن الجولان منذ تولي الشرع السلطة، أثارت ـ بحسب القناة الإسرائيلية ـ غضب نتنياهو ودفعته إلى مهاجمة الشرع في جلسة الكابينت.

وكانت هيئة البث الإسرائيلية، قد قالت الاثنين الماضي، إن المفاوضات الجارية بين إسرائيل وسوريا عبر وسطاء دوليين "وصلت إلى طريق مسدود"، رغم الجهود القائمة لدفع اتفاق أمني يُعاد بموجبه العمل بترتيبات اتفاق 1974. وأوضحت الهيئة أن تجميد المفاوضات جاء نتيجة "خلافات حادة حول الانسحاب من الجنوب السوري"، وهي المناطق التي توغلت فيها قوات الاحتلال بعد 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، عقب انهيار النظام السابق وسيطرة الحكومة الجديدة على دمشق. ووفق الرواية الإسرائيلية، فإن قادة الاحتلال يرفضون بحث الانسحاب من المناطق التي احتلوها بعد سقوط الأسد، ما لم يُوقع اتفاق سلام كامل بين الجانبين. وقالت الهيئة: "إسرائيل لا ترغب في توقيع اتفاق أمني مع سوريا، بل اتفاق سلام. وقد أبدت استعدادها للانسحاب فقط عند توقيع اتفاق سلام كامل". في المقابل، يصر الشرع ـ وفق المصدر ذاته ـ على أن أي تفاهم يجب أن يبدأ بانسحاب الاحتلال من المواقع التي تمدد إليها خلال العام الماضي، وهو ما دفع المباحثات إلى الجمود. الهجوم الحاد لنتنياهو على الشرع يعكس ـ بحسب مراقبين إسرائيليين ـ بداية مرحلة توتر سياسية بين الحكومة السورية الجديدة وتل أبيب، في ظل خلافات حول مستقبل الحدود، ووجود قوات الأمم المتحدة، ودور روسيا المحتمل في مراقبة وقف إطلاق النار جنوب سوريا. كما يأتي هذا التصعيد في وقت تسعى فيه واشنطن إلى دفع ترتيبات أمنية مستقرة في الجولان، بينما تحاول موسكو استعادة موطئ قدم عسكري على خطوط فصل القوات، وسط مخاوف إسرائيلية من عودة التموضع الروسي قرب حدودها. وكانت روسيا قد كثفت خلال الأسبوع الأخير تحركاتها في جنوب سوريا، عبر إرسال وفد عسكري رفيع من وزارة الدفاع إلى محافظة القنيطرة قرب الجولان، حيث تفقد مواقع كانت موسكو قد استخدمتها سابقاً قبل انسحابها العام الماضي. ووفق تقارير إعلامية، جاء هذا التحرك بعد اجتماعات أمنية مشتركة في دمشق، في خطوة تُفسَّر على أنها محاولة روسية لإعادة تثبيت حضورها في خطوط التماس الجنوبية.  كما اعتبرت مصادر إسرائيلية أن الزيارة تحمل رسالة مبطّنة لتل أبيب ودمشق معاً مفادها أن موسكو لا تعتزم ترك الساحة الجنوبية، وأنها بصدد إعادة انتشار محدود يمنحها موقعاً داخل ترتيبات الأمن الحدودي المقبلة.

 

فريق وزاري لاستكمال تنفيذ اتفاق غزة.. ضمنه بن غفير وسموتريتش

المدن/21 تشرين الثاني/202

ذكرت تقارير عبرية، اليوم الجمعة، أن المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، قرّر خلال اجتماعه أمس الخميس، إنشاء فريق مصغّر من الوزراء بشأن تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأوضحت هيئة البث الإسرائيلي (كان)، اليوم الجمعة، أنّ من بين أعضاء الفريق الوزاري المصغّر الوزراء إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش وجدعون ساعر وياريف ليفين. وتساءل الوزير ديفيد أمسالم عما إذا كانت إقامة هذا "المنتدى" لمنع التسريبات، وعندما ردّ عليه سكرتير الحكومة يوسي فوكس بـ"نعم"، علّق أمسالم: "لكن هؤلاء هم الأشخاص الذين يُسرّبون". وفي حين تواصل إسرائيل خرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصلت اليه مع حركة "حماس" قبل أكثر من شهر، أشار المعلّق العسكري في صحيفة "هآرتس" العبرية عاموس هارئيل، اليوم الجمعة، إلى أنه "بعد أكثر من شهر على وقف إطلاق النار، الذي أنهى ظاهرياً الحرب في قطاع غزة، وبالرغم من التسوية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على إسرائيل وحركة حماس، فإنّ كل شيء لا يزال مفتوحاً"، معتبراً أنّ النجاحات العسكرية الإسرائيلية في مختلف الجبهات "لم تُترجم إلى تسويات سياسية مُلزمة. وبعد كمية السلاح الهائلة التي أطلقتها وألقتها إسرائيل في أنحاء المنطقة، بقيت معظم مشكلاتها الاستراتيجية على حالها". ووفقاً لهارئيل فإن "الطريقة المتقلّبة والمليئة بالتناقضات التي تُدار بها السياسة الخارجية الأميركية، والقيود السياسية لرئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو، وخوفه مما قد يُنظر إليه من اليمين بوصفه تنازلات وضعفاً، كل ذلك يصعّب حل المشكلات التي ما زالت تغلي"، لافتاً إلى أن "حالة عدم اليقين العميقة وعدم الاستقرار تبدو واضحة في كل مكان، بالتوازي مع التراجع الملحوظ في تأثير إسرائيل على السياسة الأميركية في المنطقة". وقال الكاتب إن القوة الدولية ما زالت لغزاً، "وفي ظل عدم وجود تقدم فعلي على الأرض، يُصوَّر المقر الأميركي في كريات غات باعتباره بديلاً، في حين أنَّ الأميركيين هم من يقررون، ويحرصون أيضاً على تأكيد ذلك أمام الإسرائيليين، لكنهم يتلمسون طريقهم في الظلام بشأن صياغة الترتيب الذي سيُطبّق في النهاية على القطاع"، كما أشار إلى أنّ ما يُسمى "صندوق المساعدات لغزة، الذي لم يحقق أهدافه في توزيع الغذاء ووقعت بالقرب من مواقعه اللوجستية عمليات قتل جماعية، لم يخرج تماماً من الصورة".على صعيد آخر، قالت "هآرتس" إن إحدى لجان الكنيست طلبت في الآونة الأخيرة تحديثاً من الجيش الإسرائيلي بخصوص عدد مقاتلي حركة حماس في قطاع غزة. ويزعم تقدير الجيش أن لدى الحركة الآن بين 20 و25 ألف ناشط مسلح، في حين لدى حركة الجهاد الإسلامي بين ثمانية آلاف  وعشرة آلاف مسلح في القطاع.

 

التدويل" يُعيد إسرائيل إلى حجمها الطبيعي ويحاصر غطرستها

المدن/21 تشرين الثاني/202

يكتب جدعون ليفي في صحيفة "هآرتس" أن سلسلة من التطورات السياسية والأمنية، التي تُسوق داخل إسرائيل كضربات مؤلمة أو "هزائم مذلة"، تحمل في جوهرها بشائر إيجابية للمنطقة ولإسرائيل نفسها. ويعتبر ليفي أن الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني يشهد تدويلاً متسارعاً، وأن مجلس الأمن الدولي بدأ أخيراً في رسم اتجاه جديد للصراع، في حين تُنتزع ملفات حساسة – خصوصاً المتعلقة بالفلسطينيين – من السيطرة الإسرائيلية الحصرية. ويرى ليفي أن هذه المؤشرات "تتساقط كالهدايا من السماء"، لأنها تعيد ميزان القوى إلى طبيعته، وتحاصر الغطرسة الإسرائيلية التي قادت إلى جملة من الكوارث.

ويشير ليفي إلى أن أهم تطور هو عودة إسرائيل إلى حجمها الطبيعي بعد عقود من التضخم السياسي والعسكري. فبرأيه، انتهت المرحلة التي تداخلت فيها الأدوار بين "القوة العظمى" ويقصد الولايات المتحدة وبين "الدولة التابعة لها" أي إسرائيل، وهي حالة أربكت العلاقة بين الطرفين لسنوات طويلة.

ويقول ليفي إن هذا التحول جيد لإسرائيل، لأنه يوقف "جنون العظمة وجنون الكبرياء" اللذين جعلاها تتصرف كما لو أنها فوق القانون الدولي وفوق المنطقة بأكملها. وفق ليفي، لم يكن إنهاء الحرب في غزة قراراً إسرائيلياً، بل جاء بأمر مباشر من الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ويكتب: "لو لم يأمر ترامب بوقف الحرب، لاستمر الذبح". ويعد ليفي أن انتقال إدارة الملف الغزي إلى الولايات المتحدة تطوراً إيجابياً، لأن ما قامت به إسرائيل في القطاع طوال عقود – وتحديداً في العامين الأخيرين – حول غزة إلى "مقبرة". ويتساءل: الآن وقد دخل "شاب جديد إلى الحي"، فهل يمكن أن تكون الإدارة الأميركية أقل سوءاً من إسرائيل؟ بالنسبة له، "أسوأ مما فعلته إسرائيل لم يعد ممكناً". ويرفض ليفي الرواية الإسرائيلية التي تصف موافقة واشنطن على تزويد الرياض بطائرات F-35 بأنها انتكاسة استراتيجية لإسرائيل. ويؤكد أن تنويع مصادر القوة في المنطقة قد يؤدي إلى "إعادة لجم إسرائيل التي تصرفت حتى الآن مثل بلطجي الحيّ الذي يخشاه الجميع". ويضيف أن امتلاك طرف آخر للطائرة الأكثر تطوراً في العالم سيدفع إسرائيل إلى توخي الحذر قبل تنفيذ أي ضربة في دول الجوار، ما يعني – حسب ليفي – أنها لن تستطيع التصرف كما لو أنها وحدها في المنطقة. ويذهب ليفي أبعد من ذلك، معتبراً أن فقدان إسرائيل السيطرة الكاملة على غزة قد يشكل تمهيداً لفقدانها السيطرة المطلقة على الضفة الغربية أيضاً. ويقول إن دخول قوة دولية إلى الضفة هو "حلم" لم يكن قابلاً للتخيل سابقاً، لكنه اليوم "قد يتحقق" مع استمرار تدويل الملف الفلسطيني. ويصف الوضع الحالي للفلسطينيين في الضفة بأنه وضع "شعب لا حول له ولا قوة، بلا حماية وبلا حقوق"، وأن وجود قوة دولية وحده يمكن أن يضع حداً لهذا الواقع. يعتبر ليفي أن مطالبة إسرائيل بتعويض عن "المساس بتفوقها النوعي" تعكس عقلية ترى أن هذا التفوق حق حصري لها، وكأنه "وعد إلهي". ويشير إلى أن إسرائيل تتصرف على أساس أن من حقها أن تمتلك كل أنواع السلاح، وأنه ليس لغيرها الحق نفسه. ويكتب بنبرة ناقدة أن هذا المنطق سمح لإسرائيل بتنفيذ هجمات في كل مكان، وارتكاب اغتيالات، وخرق وقف إطلاق النار، والتصرف كأن كل شيء مباح لها "من دون أن تُعاقَب". ويرى ليفي أن تقليص الطموحات العسكرية والسياسية لإسرائيل، وتخفيف تسلحها بـ"أسلحة هجومية مجنونة"، قد يمنحها فرصة لتصبح أكثر قبولاً في المنطقة. ويؤكد أن كثيراً من الكوارث التي حلت بالدولة كانت نتيجة مباشرة لـ"غطرستها ونزعتها إلى القوة"، وأن تصحيح هذه النزعة سيخدم مصالحها على المدى الطويل. ويستعيد ليفي كتاب شبتاي تيفيت "لعنة البركة" الذي صدر عام 1970، الذي تناول الكلفة الباهظة للانتصار العسكري في حرب 1967. ويقول إن اللحظة الحالية تمثل انعكاساً معاكساً، فليست هناك "لعنة تتساقط على إسرائيل"، بل ربما "بركة تشير إلى نهاية عصر المسيانية والتعالي على الجميع، وبداية العودة إلى الواقع". ويمضي جدعون ليفي إلى خلاصة مفادها أن إسرائيل لا تعيش مرحلة هزائم، بل مرحلة تصحيح تاريخي يعيدها إلى حجمها الطبيعي ويضع حداً للتفوق المفرط الذي أنتج الغطرسة، وانتهاك السيادات، واستمرار الاحتلال. ويرى أن هذا التحول – على عكس رواية الحكومة – "بركة لا لعنة" في مسار يعيد ترتيب القوة في المنطقة ويمنح إسرائيل فرصة واقعية لتصبح جزءاً من الشرق الأوسط، لا متعالياً عليه.

 

صفقة غاز أميركية» لمصر... منافسة «غير مباشرة» مع إسرائيل أم ورقة ضغط؟...تقرير عبري عدّها إضافة إلى خيارات القاهرة لتنويع مصادر إمدادها

القاهرة : أحمد جمال/الشرق الأوسط/21 تشرين الثاني/2025

أثارت «صفقة» غاز طبيعي مُسالة أبرمتها مصر مع الجانب الأميركي تساؤلات حول أبعادها، وما إذا كانت بمثابة منافسة «غير مباشرة» من جانب شركات الطاقة الأميركية لصفقة الغاز الإسرائيلي المتعثرة، أم ورقة ضغط على الحكومة الإسرائيلية لدفعها نحو إتمام «الصفقة» وضخ الغاز بشكل منتظم عبر الأنابيب إلى المحطات المصرية لإسالتها. وأعلن نائب وزير الخارجية الأميركي، كريستوفر لانداو، عبر منصة «إكس»، الخميس، أن «مصر اختارت شركة (هارتري بارتنرز) لإبرام اتفاقية توريد غاز بما يعزز المصالح الاقتصادية والتجارية الأميركية حول العالم، وتُولّد فرص عمل محلية، وتوفر طاقة رخيصة وموثوقة لدول مثل مصر». والشهر الماضي، نسبت صحف عبرية بينها «يديعوت أحرونوت» إلى مسؤولين قولهم إنّ «وزير الطاقة الأميركي، كريس رايت، ألغى زيارة مقرّرة إلى إسرائيل، بعد رفض الحكومة الإسرائيلية الموافقة على اتفاقية كبيرة لتصدير الغاز الطبيعي مع مصر».وفي أغسطس (آب) الماضي، أعلنت شركة «نيو ميد» الأميركية، أحد الشركاء في «حقل ليفياثان» الإسرائيلي للغاز الطبيعي، تعديل اتفاق توريد الغاز لمصر ليمتد إلى عام 2040 بقيمة تصل إلى 35 مليار دولار (الدولار يساوي 47.2 جنيه في البنوك المصرية). لكن في مطلع سبتمبر (أيلول) وفي خضم توترات حرب غزة، ظهرت بوادر «انقلاب» إسرائيلي على الاتفاق، وفي ذلك الحين أشارت صحف عبرية إلى «اعتزام رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو التأكد من تعهد مصر بالالتزام الكامل ببنود اتفاقية السلام قبل المضي في المصادقة النهائية على الصفقة».

وأكد خبراء لـ«الشرق الأوسط» أن «الصفقة الأخيرة (الأميركية) تبرهن على أن مصر ماضية في تنويع مصادر حصولها على الطاقة ولن تقف كثيراً أمام (مراوغات) إسرائيل ولديها بدائل عديدة تتجه إليها وفقاً لما يحقق مصالحها، وذلك من شأنه التأكيد على أن القاهرة لن تذعن للضغوطات الإسرائيلية بل أنها تمارس ضغطاً غير مباشر بإبرام اتفاقيات عديدة إلى جانب تنشيط حركة الاستكشافات المحلية». وتحدثت صحيفة «غلوبس» الاقتصادية الإسرائيلية، أخيراً، أن الولايات المتحدة أعلنت عن صفقة غاز طبيعية مُسَيَّل بقيمة 4 مليارات دولار بين شركة (هارتري بارتنرز) الأميركية، ومصر، في خطوة عدّتها الصحيفة «قد تُشكل منافسة غير مباشرة لصفقات الغاز الإسرائيلية مع القاهرة، رغم الفارق الكبير في الحجم والتكلفة». وأشارت الصحيفة إلى «أن تأجيل التصريح الإسرائيلي دفع مصر إلى البحث عن بدائل، بما في ذلك الصفقة الأميركية الجديدة. ومع أن كمية الغاز الأميركي تبقى صغيرة مقارنة بالصفقة الإسرائيلية (35 مليار دولار)، فإنها تُضاف إلى خيارات القاهرة لتنويع مصادر إمدادها، رغم أن تكلفة الغاز المسال البحري أعلى بكثير من الغاز المنقول عبر الأنابيب». خبير أسواق الطاقة، رمضان أبو العلا، قال إن «إمدادات الغاز الإسرائيلي إلى مصر توقفت أكثر من مرة بمبررات الحرب على قطاع غزة والتصعيد في المنطقة واستخدام إسرائيل للصفقة ورقة ضغط»، وهو ما كان دافعاً نحو «تسريع تحركات القاهرة في اتجاهات مختلفة لتنويع مصادر الطاقة لكيلا تتعرض إلى مشكلات بشأن توفير الاحتياجات المحلية للصناعة أو الاستخدام المنزلي». وأوضح أن «هذا التنوع يُظهر قدراً من المرونة للتأكيد على أنه حال عدم التزام إسرائيل بتعهدات صفقة الغاز فهناك مصادر أخرى من السهل التوجه إليها»، مشيراً إلى أن الصفقة المبرمة أخيراً مع الشركات الأميركية لم تذكر سعر الوحدة الحرارية وهي أعلى مما تستورده مصر من إسرائيل عبر الأنابيب. «الصفقة الأخيرة مع الشركات الأميركية تجعل الغاز المسال في صدارة واردات الغاز الطبيعي بعدما كان الغاز القادم عبر الأنابيب في المقدمة، ويبرهن التوجه المصري للولايات المتحدة على أن الجوانب السياسية تؤثر في الاتفاقيات الاقتصادية»، بحسب أبو العلا، الذي شدد على «أهمية أن يكون هناك شرط جزائي تتحمله إسرائيل نتيجة عدم الوفاء بالتزاماتها».

وارتفعت واردات مصر من الغاز 51 في المائة في أول 9 أشهر من العام الحالي لتصل إلى 15.6 مليار متر مكعب وفق بيانات قاعدة الطاقة المشتركة «جودي». وكانت مصر ثاني أكبر مستورد للغاز المسال الأميركي في أغسطس الماضي بنحو 57 مليار قدم مكعبة تمثل 13 في المائة من إجمالي الغاز الأميركي المصدر خلال الشهر، بحسب بيانات وزارة الطاقة الأميركية. وأكد الخبير المتخصص في الشأن الإسرائيلي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، سعيد عكاشة، أن مصر تدرك إمكانية تخلي إسرائيل عن التزاماتها، ومن ثمّ فإن صانع القرار المصري لا يعول على استدامة الاتفاقية، وهناك تفكير استراتيجي بشأن سد احتياجات الطاقة على المدى المتوسط، ووضع بدائل عديدة بينها تعزيز التعاون مع شركات أخرى حول العالم. وقال عكاشة: «القاهرة لن تذعن للضغوط الإسرائيلية؛ بل تمارس عليها ضغوطاً غير مباشرة مع اتجاهها لتنويع مصادر الطاقة»، مشيراً إلى أن الأزمة المثارة بشأن الصفقة الإسرائيلية تعود إلى «أن حكومة نتنياهو ترى أن الدور المصري كان معرقلاً لأهدافها في قطاع غزة مع إحباط التهجير واحتلال رفح الفلسطينية بشكل دائم، ومن ثم تظهر محاولات للإضرار بمصر اقتصادياً»، وفق رأيه. وبحسب عكاشة فإن «التوجه نحو الجانب الأميركي يرجع لأن صانع القرار المصري يفهم أفكار الرئيس دونالد ترمب، فهو يبحث عن المصالح الاقتصادية بشكل أكبر، ورغم الضغوط الأميركية على تل أبيب لإتمام (الصفقة الإسرائيلية)؛ فإن القاهرة لا تعوّل كثيراً على هذا الدور لتغيير الموقف الإسرائيلي، والمهم هو البحث عن بدائل متوفرة سواء بمزيد من الاكتشافات في الداخل أو بعمل اتفاقيات مع شركات دولية مختلفة بينها شركات روسية أيضاً». وتحاول مصر زيادة إنتاج الغاز الطبيعي إلى 6.6 مليارات قدم مكعبة يوميا بحلول 2030، بزيادة 58 في المائة عن المعدل الحالي البالغ 4.2 مليار قدم، بحسب وزير البترول والثروة المعدنية المصري، كريم بدوي، إضافة إلى حفر 14 بئراً استكشافية في البحر المتوسط عام 2026 لتقييم احتياطيات بـ12 تريليون قدم مكعبة.

 

الضفة الغربية: المستوطنون يصعّدون اعتداءاتهم.. والجنود يقتلون شابين ...وزير الدفاع الإسرائيلي يقترح إدخال المتطرفين في دورات تثقيف

تل أبيب: نظير مجلي/21 تشرين الثاني/2025

بعد ساعات من قرار الحكومة الإسرائيلية «القيام بإجراءات عقابية وتثقيفية»؛ لمعالجة الاعتداءات الإرهابية الاستيطانية على الفلسطينيين في الضفة الغربية، أقدم أفراد ميليشيات المستوطنين المسلحة، المعروفة باسم «شبيبة التلال»، على تصعيد جديد لاعتداءاتهم، اليوم الجمعة، فأحرقوا عدداً من البيوت، ومزرعةً قرب بيت لحم، وعدداً من المنازل في مناطق القدس ورام الله ونابلس والخليل. وحذَّرت مصادر أمنية مطلعة من أن هناك خطراً جدياً بأن يتم تكرار «مجزرة الدوابشة» التي وقعت في قرية دوما، في سنة 2015، وقام خلالها إرهابيون يهود بإحراق بيت في قرية دوما قرب نابلس وأفرادها نيام، وتسبَّب ذلك في قتل 3 منهم، الوالدان ريهام وسعد، وطفلهما الرضيع علي (18 شهراً)، بينما أُصيب الطفل أحمد (4 سنوات في حينه)، بجروح خطيرة، من الدرجة الثالثة، ولحقت أضرار بنسبة 80 في المائة من جسمه. ونقلت الإذاعة الرسمية «كان» عن مصدر سياسي في تل أبيب قوله إن الانطباع السائد هو أن تلك الميليشيات تعمل تحت غطاء داعم من عدد كبير من الوزراء، ومن قادة المستوطنين، وحتى من عدد من قادة الجيش.

ويتضح أن الجيش نفسه، لم يوقف اعتداءاته على الفلسطينيين، التي تعدّ أشد خطراً من اعتداءات المستوطنين. وفقط في ليل الخميس – الجمعة، قُتل شابان برصاص قواته في أثناء اقتحامها بلدة كفر عقب، شمال شرقي مدينة القدس المحتلة. وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية، بأن االقتيلين هما عمرو خالد أحمد المربوع (18 عاماً)، وسامي إبراهيم سامي مشايخ (16 عاماً). وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت كفر عقب، ونشرت دورياتها الراجلة في شوارعها، كما اعتلى قناصتها أسطح مبانٍ عدة، وأطلقوا النار على الشبان في القرية، بحجة التفتيش عن مشبوهين بقضايا أمنية. وبذلك ترتفع حصيلة القتلى الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس المحتلتين منذ مطلع العام الحالي إلى 244 قتيلاً، بينهم 43 طفلاً و6 نساء، وإلى 1040 فلسطينياً وإصابة نحو 10 آلاف و700، فضلاً عن اعتقال أكثر من 20 ألفاً و500 فلسطيني، بينهم 1600 طفل، منذ بدء الحرب على قطاع غزة في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وكان المجلس الوزاري الأمني المصغر للحكومة الإسرائيلية قد التأم، بقيادة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، مساء الخميس؛ للتداول في خطورة نشاط المستوطنين. وقال نتنياهو: «أنظر بخطورة بالغة إلى أعمال الشغب العنيفة، ومحاولة حفنة من المتطرّفين، الذين لا يمثّلون المستوطنين في يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلّة)، الاستيلاء على القانون بأيديهم». وتبيَّن خلال البحث أن الميليشيات المسلحة للمستوطنين لا تتألف من بعض الفوضويين المتطرفين فحسب، بل هي مجموعة منظمة من الشباب العقائديين، الذين يعملون تحت قيادة رجال سياسة ورجال دين يحرضونهم على التمرد أيضاً على الدولة وقوانينها، ويكنون العداء لجنود الجيش الإسرائيلي وينعتونهم بـ«اليودو نازي»، أي «اليهود الذين يعملون في خدمة النازية». ويعتدون على نشطاء اليسار اليهود، ويعدّونهم أسوأ من الفلسطينيين. وفي الآونة الأخيرة يعتدون حتى على المستوطنين، الذين يتحفظون من نشاطهم. ولذلك يرون فيها خطورة بالغة. ولكن خلافات ظهرت في كيفية معالجة هذه الظاهرة. فوزراء اليمين المتطرف، أمثال بتسلئيل سموترتش وإيتمار بن غفير، يرفضون معاقبتهم. ووزراء اليمين يختلفون مع قيادة الجيش والمخابرات في اعتبارهم خطراً أمنياً، ويرون أنهم «مجرد شباب طائشين». واقترح وزير الدفاع، يسرائيل كاتس الاكتفاء بإدخالهم في دورات تثقيف حول المواطنة الجيدة، بينما طلبت أجهزة الأمن اتخاذ إجراءات ردع وعقاب محدودة، رافضين العودة إلى أوامر الاعتقال الإداري. وحرص الوزراء على التأكيد أن «هؤلاء الفتية ليسوا إرهابيين، ولا يجوز مقارنتهم مع الإرهابيين الفلسطينيين». ورفضوا اعتبارهم تنظيماً. ويبدو أن هؤلاء الإرهابيين قرَّروا البرهنة على أن ما يقوله عنهم الوزراء غير صحيح، وأنهم في الواقع تنظيم كبير له قيادة تضع خططاً عسكرية منظمة. وبعد ساعات قليلة من انتهاء اجتماع المجلس الوزاري، خرجوا إلى هجوم منظم على 14 قرية فلسطينية، تمتد من جنوب الضفة إلى شمالها، وكتبوا شعارات تدل على هويتهم اليهودية الاستيطانية. وأحرقوا ليس فقد مركبات، بل بيوتاً عندما كان أهلها نياماً. وبأعجوبة لم يمت مواطنون. وذكر شهود عيان فلسطينيون أن النيران اشتعلت بشكل كبير داخل «الفِلل السياحية» والمنازل، مخلّفة خسائر مادية فادحة، من دون أن تتدخل قوات الجيش الإسرائيلي لوقف الاعتداء. وعندما حاول سكان بيت لحم صد هجوم المستوطنين، وأغنامهم التي جلبوها لترعى في الأراضي الفلسطينية، أطلق عليهم جنود الاحتلال قنابل الصوت والغاز السام المسيل للدموع؛ ما أدى إلى إصابة عدد منهم بالاختناق. بينما كان المستوطنون يرقصون فرحاً وغبطة. يذكر أن الإحصاءات الفلسطينية تؤكد أن عدد الاعتداءات التي نفّذها المستوطنون، فقط خلال أكتوبر الماضي، بلغ 766 اعتداء، تركزت في محافظات رام الله والبيرة ونابلس والخليل، بحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.

 

الجيش الإسرائيلي يعلن قتل 6 «مسلحين» والقبض على 5 آخرين في رفح ...تم تحويل الموقوفين للتحقيق لدى «الشاباك» داخل الدولة العبرية

غزة: «الشرق الأوسط»/21 تشرين الثاني/2025

قال الجيش الإسرائيلي إنه قتل، الجمعة، 6 مسلحين فلسطينيين، وألقى القبض على 5 آخرين في منطقة خاضعة لسيطرته في جنوب قطاع غزة. يأتي ذلك بعد يومين متتاليين من الغارات الجوية الإسرائيلية الدامية على القطاع، والتي وقعت على الجانب الذي تسيطر عليه إسرائيل مما يسمى الخط الأصفر الذي انسحب الجيش خلفه بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الهشّ الذي توسطت فيه الولايات المتحدة. وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان، إنه في إطار أنشطة الجيش والشاباك المتواصلة في منطقة شرق رفح تم «القضاء على 6 مخربين واعتقال 5 آخرين خرجوا من بنية تحتية إرهابية تحت الأرض». وأضاف الجيش على لسان المتحدث، أفيخاي أدرعي: «تعمل قوات الجيش و(الشاباك) على مدار الأسابيع الأخيرة في منطقة رفح بجهود مركزة تهدف إلى تدمير مسارات الأنفاق التي بقيت هناك والقضاء على المخربين الموجودين فيها».وأوضح أنه «بعد تحقيق أولي تبين أنه في وقت سابق اليوم خرج نحو 15 إرهابياً من داخل بنية تحتية تحت أرضية في منطقتيْن تقعان خلف الخط الأصفر بمنطقة شرق رفح. حيث قام سلاح الجو بتوجيه من القوات في الميدان بالقضاء حتى اللحظة على 6 مخربين». وأشار إلى أن القوات «اعتقلت 5 مخربين آخرين استسلموا ليتم تحويلهم للتحقيق لدى (الشاباك) داخل إسرائيل. وتواصل القوات أعمال التمشيط في المنطقة جواً وبراً للكشف عن المخربين الآخرين». من جهته، أفاد مستشفى في غزة «وكالة الصحافة الفرنسية» بأن شخصاً قُتل بنيران إسرائيلية في واقعة أخرى قرب خان يونس في منطقة خارج سيطرة الجيش الإسرائيلي. وشهدت غزة، الأربعاء، أحد أكثر أيامها دموية منذ دخول الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس» حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول). وقُتل 27 فلسطينياً في غارات جوية على مختلف أنحاء غزة، وفق الدفاع المدني الذي أعلن مقتل خمسة آخرين، الخميس. ونفّذت إسرائيل ضربات متكررة ضد ما تقول إنها أهداف تابعة لـ«حماس» منذ إبرام اتفاق وقف إطلاق النار، ووقعت أيضاً حوادث مميتة متعددة أطلقت فيها قواتها النار على أشخاص اقتربوا من الخط الأصفر أو عبروه. وبحسب وزارة الصحة في قطاع غزة، فقد قُتل 312 فلسطينياً بنيران إسرائيلية منذ سريان الهدنة. وصوّت مجلس الأمن الدولي، الاثنين، لصالح مشروع قرار صاغته الولايات المتحدة يؤيد خطة السلام التي وضعها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في غزة، رغم أن «حماس» رفضت النص، معتبرة أنه «لا يرتقي إلى مستوى مطالب وحقوق شعبنا الفلسطيني السياسية والإنسانية». واندلعت الحرب على خلفية الهجوم الذي شنته «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، الذي أسفر عن مقتل 1221 شخصاً. في المقابل، خلف الهجوم الإسرائيلي على غزة أكثر من 69 ألفاً و545 قتيلاً على الأقل.

 

أعمال العنف تتصاعد في الضفة الغربية ...قوات إسرائيلية قتلت شابَّين فلسطينيَّين... ومستوطنون هاجموا تجمعات سكنية قرب نابلس

رام الله/الشرق الأوسط»/21 تشرين الثاني/2025

قال سكان، إن قوات إسرائيلية قتلت شابَّين فلسطينيَّيْن خلال مداهمة جرت خلال الليل لبلدة قريبة من رام الله في الضفة الغربية المحتلة، في ظل تصاعد العنف في المنطقة وازدياد أعداد القتلى، وفق تقرير لوكالة «رويترز» للأنباء. وأطلقت القوات الإسرائيلية النار على سامي إبراهيم مشايخ (16 عاماً) وعمرو خالد المربوع (18 عاماً) في كفر عقب. وقالت وزارة الصحة التابعة للسلطة الفلسطينية إن كليهما توفي لاحقاً متأثراً بجروحه. وذكرت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) أن قوات إسرائيلية داهمت كفر عقب خلال الليل، ونشرت دورياتها في الشوارع، واعتلى قنّاصة الأسطحَ، وفتحوا النار على شبان من البلدة، ما أدى إلى مقتل المربوع ومشايخ. وأنهى وقف إطلاق النار المبرم في 10 أكتوبر (تشرين الأول)، إلى حد كبير، الحرب في غزة بين إسرائيل وحركة «حماس»، لكن أعمال العنف آخذة في الازدياد في الضفة الغربية.

هجمات مستوطنين

وواجه الفلسطينيون في الضفة قيوداً عسكرية مشددة على مدار العامين الماضيين، مما حدَّ من حريتهم في التنقل. وتصاعدت هجمات المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين. وذكر سكان أن مستوطنين هاجموا، خلال الليل، تجمعات سكنية قرب نابلس، وأضرموا النار في ممتلكات في حوارة وأبو فلاح. وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته استجابت لتقارير وردت خلال الليل عن إلقاء مدنيين إسرائيليين الحجارة على مركبات للفلسطينيين وإشعال النار في ممتلكات في حوارة. وأفاد الجيش، في بيان، بأن الجنود الإسرائيليين أجروا عمليات تفتيش في المنطقة، لكنهم لم يعثروا على أي مشتبه بهم. وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يوم الاثنين، إنه سيجتمع مع وزراء الحكومة؛ لضمان تقديم الإسرائيليين المشاركين في هجمات على الفلسطينيين للعدالة، واصفاً المسؤولين عن هذه الهجمات بـ«مجموعة صغيرة متطرفة». وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي عشرات المستوطنين، غالباً ما يحملون هراوات خشبية وأحياناً أسلحة نارية، وهم يهاجمون بلدات فلسطينية في الضفة الغربية خلال الأشهر القليلة الماضية. ووفقاً لأرقام «رويترز»، قتلت القوات الإسرائيلية 6 قُصّر فلسطينيين، تقل أعمارهم عن 18 عاماً، في الضفة الغربية حتى الآن هذا الشهر. وفي واقعة قرب رام الله، مقر السلطة الفلسطينية، قال الجيش إن شابَّين يبلغان من العمر 16 عاماً ألقيا قنابل حارقة على طريق يستخدمه مدنيون. ونشر الجيش مقطع فيديو غير واضح مدته 9 ثوانٍ، قال إنه يظهر الشابَّين وهما يلقيان القنابل الحارقة. ورفض الجيش نشر الفيديو كاملاً أو الإجابة عن أسئلة حول سبب اختيار الجندي إطلاق النار بدلاً من محاولة توقيفهما.

وقتل مهاجمون فلسطينيون إسرائيلياً وأصابوا 3 آخرين، يوم الثلاثاء، في عملية دهس بسيارة وطعن في الضفة الغربية، قبل أن يُقتَلوا برصاص جنود إسرائيليين. ووصف نتنياهو الواقعة بأنها «هجوم إرهابي». ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم.

 

«التصعيد في غزة»... هل يدفع الوسطاء لتعجيل تشكيل لجنة «إدارة القطاع»؟ ...مصدران مصري وفلسطيني أكدا لـ«الشرق الأوسط» وجود جهود متواصلة لإعلانها

القاهرة : محمد محمود/الشرق الأوسط/21 تشرين الثاني/2025

عادت سياسة التصعيد الإسرائيلية مع ترقب حل أزمة الجثث الثلاث المتبقية في صفقة التبادل بالمرحلة الأولى باتفاق وقف إطلاق النار بغزة، والاستعداد لدخول المرحلة الثانية بعد قرار مجلس الأمن بنشر قوات دولية في القطاع. ذلك التصعيد الذي جاء في شكل اغتيالات وهجمات إسرائيلية تحاصر «حماس»، يأتي في ظل تأخر تشكيل «لجنة إدارة القطاع»، وسط خلافات فلسطينية - فلسطينية بشأنها، لكن خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يرجحون أن الوسطاء سيتحركون لتعجيل تشكيلها لمنع إسرائيل من أي تصعيد، أو أي ذرائع مستقبلية لتعطيل الذهاب للمرحلة الثانية.

وقال مصدر مصري لـ«الشرق الأوسط»، إنه «حتى الجمعة لم يتم التوصل إلى اتفاق لتشكيل بشأن لجنة إدارة غزة رغم أهميتها بعد قرار مجلس الأمن، لأسباب منها أن هناك تجاذبات فلسطينية - فلسطينية بين تشكيل لجنة موسعة تضم 15 شخصاً، ولجنة مقترحة تضم 7، بالإضافة إلى وزير مشرف من حكومة محمد مصطفى». وأكد مصدر آخر فلسطيني، الجمعة، لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك جهوداً من الوسطاء تبذل لتشكيل لجنة التكنوقراط التي تأخرت بشكل كبير، وتحتاج لتوافق فلسطيني كلي»، معتقداً أن «الوسطاء قد يلجأون لتشكيلها حتى لو لم يكن هناك اتفاق عليها، لتوجد بالتزامن مع مساعي الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتشكيل مجلس السلام المشرف على تلك اللجنة وتجهيز قوات الاستقرار، وهذان الأمران يحتاجان للجنة إدارة موجودة على الأرض للتنفيذ، وتكون إحدى سبل منع تصعيد إسرائيل».

وجاء هذا التصعيد مع إعلان الجيش الإسرائيلي، في بيان، الخميس، أنه أغار على أهداف لحركة «حماس» في قطاع غزة، واستهدف «عبد الله أبو شمالة، رئيس المنظومة البحرية لحركة (حماس) في قطاع غزة وفادي أبو مصطفى، مسؤول الأنفاق في إحدى كتائب منطقة خان يونس التابعة لحركة (حماس)، الذي شارك في احتجاز رهائن». كما أعلن «الدفاع المدني» في غزة، الخميس، مقتل 5 أشخاص، بينهم طفلة تبلغ عاماً واحداً، في غارات جوية إسرائيلية على جنوب القطاع فجراً، ما رفع عدد القتلى جراء الضربات التي شنّتها إسرائيل إلى 32، منذ الأربعاء، في ظل تبادلها وحركة «حماس» الاتهامات بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار. وأعلن المكتب الإعلامي لـ«حماس»، في غزة، الخميس، أن الجيش الإسرائيلي تجاوز «الخط الأصفر»، الذي انسحب إليه عقب الاتفاق «عبر التوغل في المنطقة الشرقية بمدينة غزة، وتغيير أماكن تموضع العلامات الصفراء، بتوسيع المنطقة التي يسيطر عليها جيش الاحتلال بمسافة 300 متر في شوارع الشعف والنزاز وبغداد»، مشيراً إلى أن ذلك التوسع «اعتداء جديد وخرق للاتفاق». ويأتي استئناف إسرائيل لخروقاتها العسكرية ضد القطاع الفلسطيني المدمّر بعد عامين من الحرب، بعد أيام من اعتماد مجلس الأمن الدولي في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، قراراً مقدماً من الولايات المتحدة يأذن بإنشاء «قوة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة».

وهذا دفع «الخارجية القطرية»، في بيان، الخميس، لإعلان أن بلادها «تدين بشدة اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي الوحشية في قطاع غزة، التي تتسبب في سقوط شهداء ومصابين، عبر تصعيد خطير يقوم بتقويض اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع». بينما أكدت مصر في بيان لـ«الخارجية»، «أهمية التنفيذ الفعال لقرار مجلس الأمن 2803، على نحو يضمن تثبيت وقف إطلاق النار، ودعم جهود إعادة الإعمار، ويدعم أفقاً سياسياً لتسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية».وقال أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشأنين الفلسطيني والإسرائيلي، طارق فهمي، إن مسار التصعيد الحالي، أخطره توسيع إسرائيل منطقة (الخط الأصفر) والدخول في مناطق «حماس»، بخلاف عودة سياسة الاغتيالات، مما يؤكد التعمد في توسيع الصدام، الذي قد تواجهه الحركة بعمليات رمزية بأقصى تقدير، أو اللجوء إلى الوسطاء لدفع واشنطن للضغط من أجل تهدئة. ولا يرى فهمي في الأفق القريب، إمكانية تجاوز المرحلة الأولى، خصوصاً والقوات الدولية قد تأخذ شهرين للتشكيل، وعدم وجود انفراجة فلسطينية - فلسطينية بشأن تشكيل لجنة إدارة غزة. ولا يستبعد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، في ظل استمرار التصعيد الإسرائيلي، أن يتحرك الوسطاء بقوة للضغط مع واشنطن، للتعجيل بقوة إدارة غزة وإنهاء الخلافات الفلسطينية - الفلسطينية. ووسط ذلك التصعيد، وجهود البحث، لا يزال إنهاء المرحلة الأولى من اتفاق غزة يتوقف على 3 جثث إسرائيلية متبقية، ولا يزال أمرهم قيد بحث الفصائل، ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الجمعة، عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله: «هناك جهد حقيقي وصعوبة حقيقية لإعادة الجثامين»، وتتمسك إسرائيل بتسلّم الجثث قبل الانتقال لأي مرحلة. ورغم ذلك عين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، طاقماً مصغراً من 6 وزراء لإدارة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بعد اجتماع للمجلس الخميس، وفق ما نقلته هيئة البث الإسرائيلية، الجمعة. والوزراء الذين عينهم نتنياهو هم: وزراء الدفاع يسرائيل كاتس، والخارجية جدعون ساعر، والمالية بتسلئيل سموتريتش، والأمن القومي إيتمار بن غفير، والعدل ياريف ليفين. ويعتقد أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشأنين الفلسطيني والإسرائيلي، أن نتنياهو مصر على تأخير استحقاق الانتقال للمرحلة الثانية ويناور بتوسيع عملياته العسكرية، مضيفاً: «وفي كل الأمور السيناريو مفتوح لكل الاحتمالات؛ ومنها استمرار المرحلة الأولى لنهاية العام، باعتبار أنه سيناريو رابح لإسرائيل لتنفيذ مخططاتها، ولـ(حماس) بالبقاء في السلطة واستمرار تمركزها العسكري والخدمي والأمني». ويرى المحلل السياسي الفلسطيني أن تحركات نتنياهو تستهدف التهدئة مع خصومه بالحكومة وإعاقة الانتقال للمرحلة الثانية، موضحاً: «لكن لا تزال الكرة في ملعب واشنطن، وهي القادرة على ممارسة ضغوط على كل الأطراف لإنجاز شيء على الأرض يوقف التصعيد ويدفع نحو تنفيذ المرحلة الثانية وتشكيل لجنة إدارة غزة سريعاً لوقف التصعيد».

 

الجيش الإسرائيلي يعلن قتل 6 «مسلحين» والقبض على 5 آخرين في رفح ...تم تحويل الموقوفين للتحقيق لدى «الشاباك» داخل الدولة العبرية

غزة/الشرق الأوسط»/21 تشرين الثاني/2025

قال الجيش الإسرائيلي إنه قتل، الجمعة، 6 مسلحين فلسطينيين، وألقى القبض على 5 آخرين في منطقة خاضعة لسيطرته في جنوب قطاع غزة. يأتي ذلك بعد يومين متتاليين من الغارات الجوية الإسرائيلية الدامية على القطاع، والتي وقعت على الجانب الذي تسيطر عليه إسرائيل مما يسمى الخط الأصفر الذي انسحب الجيش خلفه بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الهشّ الذي توسطت فيه الولايات المتحدة. وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان، إنه في إطار أنشطة الجيش والشاباك المتواصلة في منطقة شرق رفح تم «القضاء على 6 مخربين واعتقال 5 آخرين خرجوا من بنية تحتية إرهابية تحت الأرض».

وأضاف الجيش على لسان المتحدث، أفيخاي أدرعي: «تعمل قوات الجيش و(الشاباك) على مدار الأسابيع الأخيرة في منطقة رفح بجهود مركزة تهدف إلى تدمير مسارات الأنفاق التي بقيت هناك والقضاء على المخربين الموجودين فيها». وأوضح أنه «بعد تحقيق أولي تبين أنه في وقت سابق اليوم خرج نحو 15 إرهابياً من داخل بنية تحتية تحت أرضية في منطقتيْن تقعان خلف الخط الأصفر بمنطقة شرق رفح. حيث قام سلاح الجو بتوجيه من القوات في الميدان بالقضاء حتى اللحظة على 6 مخربين». وأشار إلى أن القوات «اعتقلت 5 مخربين آخرين استسلموا ليتم تحويلهم للتحقيق لدى (الشاباك) داخل إسرائيل. وتواصل القوات أعمال التمشيط في المنطقة جواً وبراً للكشف عن المخربين الآخرين». من جهته، أفاد مستشفى في غزة «وكالة الصحافة الفرنسية» بأن شخصاً قُتل بنيران إسرائيلية في واقعة أخرى قرب خان يونس في منطقة خارج سيطرة الجيش الإسرائيلي. وشهدت غزة، الأربعاء، أحد أكثر أيامها دموية منذ دخول الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس» حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول). وقُتل 27 فلسطينياً في غارات جوية على مختلف أنحاء غزة، وفق الدفاع المدني الذي أعلن مقتل خمسة آخرين، الخميس. ونفّذت إسرائيل ضربات متكررة ضد ما تقول إنها أهداف تابعة لـ«حماس» منذ إبرام اتفاق وقف إطلاق النار، ووقعت أيضاً حوادث مميتة متعددة أطلقت فيها قواتها النار على أشخاص اقتربوا من الخط الأصفر أو عبروه. وبحسب وزارة الصحة في قطاع غزة، فقد قُتل 312 فلسطينياً بنيران إسرائيلية منذ سريان الهدنة. وصوّت مجلس الأمن الدولي، الاثنين، لصالح مشروع قرار صاغته الولايات المتحدة يؤيد خطة السلام التي وضعها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في غزة، رغم أن «حماس» رفضت النص، معتبرة أنه «لا يرتقي إلى مستوى مطالب وحقوق شعبنا الفلسطيني السياسية والإنسانية». واندلعت الحرب على خلفية الهجوم الذي شنته «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، الذي أسفر عن مقتل 1221 شخصاً. في المقابل، خلف الهجوم الإسرائيلي على غزة أكثر من 69 ألفاً و545 قتيلاً على الأقل.

 

تقرير: إدارة ترمب تضغط على إسرائيل للتوصل إلى حل لقضية عناصر «حماس» المحاصرين ...واشنطن تريد المضي قدماً نحو المرحلة التالية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

غزة/الشرق الأوسط»/21 تشرين الثاني/2025

نقلت شبكة «سي إن إن» الأميركية، اليوم السبت، عن مصدر إسرائيلي، لم تسمه، القول إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تضغط على إسرائيل للتوصل إلى حل قابل للتطبيق في قضية عناصر «حماس» المحاصرين في رفح بجنوب قطاع غزة.وأضاف المصدر أن الأميركيين يريدون المضي قدماً نحو المرحلة التالية من اتفاق وقف إطلاق النار وإغلاق ملف عناصر «حماس» المحاصرين في رفح. وأشارت الشبكة إلى أن العشرات من مسلحي «حماس» موجودون في خلايا مستقلة بأنفاق تحت الأرض خلف الخطوط الإسرائيلية، في الوقت الذي يحاول فيه الوسطاء إيجاد حل لا يُنهي وقف إطلاق النار المُستمر منذ شهر في غزة. وتابعت «سي إن إن» أن إحدى الأفكار المطروحة كانت ترحيل العناصر إلى دولة أخرى، وكانت تركيا خياراً محتملاً. ونقلت الشبكة عن مصدرَين إسرائيليَين القول إن صهر ترمب، المبعوث الأميركي جاريد كوشنر، ناقش هذه القضية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اجتماعات سابقة هذا الأسبوع.

وقال أحد المصدرَين: «يريد الأميركيون المضي قدماً نحو المرحلة التالية وإغلاق ملف عناصر (حماس) في رفح». وتشمل المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار إنشاء قوة أمنية دولية في غزة، ونزع سلاح «حماس»، وانسحاباً إضافياً للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة.

 

«حماس» تنتظر رداً على إجلاء مقاتليها من رفح... وإسرائيل تقتل 3 منهم ...«القسام» تعلن تسليم جثة رهينة جديدة مساء اليوم

غزة/الشرق الأوسط»/21 تشرين الثاني/2025

بينما يواصل الجيش الإسرائيلي عملياته في مدينة رفح جنوب قطاع غزة لتدمير ما تبقى من أنفاق فيها، تنتظر حركة «حماس» رداً من المستوى السياسي في تل أبيب عبر الوسطاء حول إجلاء مقاتليها من تلك الأنفاق، وسط مساعٍ أميركية متواصلة لإيجاد حل لهذه الأزمة العالقة.

وتقول مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط» إن الحركة لا تزال تنتظر رد الحكومة الإسرائيلية على المقترحات التي قُدمت إليها بشأن عملية إجلاء المقاتلين، موضحة أنه «لا يوجد حتى الآن (صباح الخميس) أي تطور فعلي جديد». وكانت «القناة 13» العبرية ذكرت مساء الأربعاء أن هناك تقدماً في المفاوضات بشأن الخروج الآمن لعناصر «حماس»، على أن يتم السماح بترحيلهم إلى تركيا، ومن هناك يتم توزيعهم على دول أخرى. ونقلت القناة عن مصدر إسرائيلي قوله: «إذا ضغط الأميركيون، فمن المحتمل أن تسمح إسرائيل بهذه الخطوة... إسرائيل ستتساهل، ولا يمكن فعل شيء، وهذه هي قواعد اللعبة». ووفقاً للقناة، فإن ما يقف وراء الرغبة الإسرائيلية في الموافقة على خروج هؤلاء المسلحين، مقابل استسلام شكلي، هو السعي للتقدم إلى المرحلة الثانية من اتفاق ترمب، وتحديداً بدء إعادة إعمار القطاع، ونزع سلاح غزة. وكان من المفترض أن يتم السماح بخروج آمن لتلك العناصر بعد أن سلّمت «حماس» جثمان الضابط الإسرائيلي هدار غولدن، الذي أسرته عام 2014 في أنفاق رفح، إلا أن إسرائيل ماطلت في القبول بذلك رغم أن الحركة الفلسطينية حصلت على ضمانات من الولايات المتحدة عبر تركيا لإتمام هذه الخطوة. وأعلن الجيش الإسرائيلي مساء الأربعاء أنه قتل 3 مسلحين -يُرجّح أنهم من «حماس»- بعد رصدهم في مدينة رفح جنوب أثناء عمليات تقوم بها قوات لواء غولاني لتدمير الأنفاق في تلك المناطق. وقال الجيش في بيان إن قواته «العاملة في منطقة رفح لتفكيك البنى التحتية تحت الأرض... رصدت أربعة مخربين مسلحين في الجهة الشرقية من الخط الأصفر، داخل نطاق السيطرة العملياتية الإسرائيلية»، مضيفاً أن «القوات استهدفت المسلحين وقتلت ثلاثة منهم»، مؤكّداً عدم وقوع إصابات في صفوف الجنود الإسرائيليين. كما أعلن عن مقتل فلسطيني آخر، قال إنه اجتاز الخط الأصفر شرق خان يونس. وتقدّر المصادر الإسرائيلية أن أعداد تلك العناصر تتراوح ما بين 150 و200، بينما تقول مصادر فلسطينية إن العدد أقل من ذلك بكثير، ولربما لا يتجاوز المائة. ويأتي ذلك كله في ظل استمرار الخروقات الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث كثف الجيش الإسرائيلي من استخدامه للطائرات الحربية لقصف أهداف عدة شرق الخط الأصفر، وهي المناطق الخاضعة لسيطرته.

ولوحظ أن الغارات الجوية تطال بشكل مكثف، وبشكل أساسي، مناطق شرق خان يونس، وغزة، بينما رُصد على مدار يومي الأربعاء والخميس شن غارات جوية جديدة في مناطق تقع شمال القطاع، وتحديداً في بلدتي بيت لاهيا، وبيت حانون.وقتل قناص إسرائيلي، مساء الأربعاء، فلسطينياً في سوق مخيم جباليا على بعد أكثر من 300 متر من أقرب نقطة انتشار للجيش الإسرائيلي عند الخط الأصفر شرق جباليا. وذكرت وزارة الصحة بغزة في تقريرها اليومي أن مستشفياتها استقبلت قتيلين (أحدهما جديد، والآخر انتشال)، وخمسة مصابين في آخر 24 ساعة، وأنه منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر 2025 بلغ عدد الضحايا 260 قتيلاً، و632 إصابة، بينما تم انتشال 533 جثة ممن قُتلوا في أوقات سابقة. وارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 69187 قتيلاً، و170703 إصابات منذ السابع من أكتوبر 2023. من جهة أخرى، أعلنت حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» الخميس أنهما ستسلمان رفات رهينة إسرائيلي في غزة مساء الخميس، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار. وقالت «كتائب عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، في بيان: «ستقوم سرايا القدس (التابعة للجهاد) وكتائب الشهيد عز الدين القسام بتسليم جثة أحد أسرى الاحتلال التي تم العثور عليها اليوم في منطقة موراج جنوب مدينة خان يونس».

 

تعقد البحث عن جثث 3 رهائن يلقي بظلاله على اتفاق غزة ...خروق إسرائيلية مستمرة... ومزيد من الضحايا الفلسطينيين

غزة/الشرق الأوسط»/21 تشرين الثاني/2025

تواجه عملية البحث عن جثث المختطفين الإسرائيليين في قطاع غزة، تعقيدات كبيرة، بعد استئناف البحث عنها مجدداً في أعقاب توقفها لأيام محدودة، ودون نتائج حتى الآن توصل الجهات الفلسطينية إلى جثامين 3 مختطفين متبقين لديها. وتبحث عناصر من «كتائب القسام» الجناح المسلح لحركة «حماس»، برفقة آليات هندسية، وفريق من الصليب الأحمر عن جثة مختطف في حي الزيتون جنوب مدينة غزة، بينما يبحث عناصر من «سرايا القدس» الجناح المسلح لحركة «الجهاد الإسلامي»، عن جثة أخرى في منطقة شمال مخيم النصيرات وسط القطاع، برفقة وفد هندسي وآخر من الصليب الأحمر. وتقول مصادر من «حماس» وفصائل فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، إن العملية باتت أكثر تعقيداً، وفعلياً تم إبلاغ الوسطاء والولايات المتحدة خلال مفاوضات وقف إطلاق النار، بأنه ستكون هناك ظروف معقّدة تشوب عملية البحث عن الجثث، وأن هناك صعوبات بالغة سيواجهها القادة الميدانيون في الوصول إلى 4 جثامين على الأقل. وبيَّنت المصادر أن القيادة الميدانية للأجنحة العسكرية نجحت في تحديد مكان جثة، وتُجرى محاولة الوصول إليها في ظل عمليات البحث المستمرة بمنطقة النصيرات، بينما تُجرى محاولة تحديد مكان جثة أخرى بحي الزيتون، في حين لم يُحدَّد مكان الثالثة، لكن هناك حالة من عدم الثقة في القدرة على العثور على الجثث الـ3 الأخيرة، مع إمكانية العثور على إحداها شمال النصيرات.

وكشفت المصادر عن أن إسرائيل حاولت اغتيال قيادي مسؤول عن عملية البحث عن أحد المختطفين في حي الزيتون، وهو أمر كان سيزيد من تعقيد المشهد في عدم العثور على تلك الجثة، لافتةً إلى أن هناك جثة أخرى شمال قطاع غزة يبدو من الصعب جداً العثور عليها في وقت قريب، والبحث عنها سيستغرق وقتاً طويلاً؛ بسبب وجودها في مكان دمَّرته القوات الإسرائيلية ونفَّذت فيه عمليات تجريف واسعة، كما أنها قصفت أماكن عدة في المنطقة ذاتها؛ ما زاد من تعقيد المشهد. وتقول المصادر إن هناك تواصلاً مستمراً مع الوسطاء بشأن ذلك، وجميع القضايا المتعلقة بوقف إطلاق النار، وهناك حالة تفهم واضحة من الوسطاء لذلك، وهناك محاولات لإقناع الولايات المتحدة بصعوبة الوضع، الأمر الذي يبدو أنها تفهمته، ودفعها للتحول إلى الجانب الإسرائيلي لإيضاح الصورة والتأكيد على أن عمليات البحث لن تتوقف، لكنها ستستغرق وقتاً أطول. وأكدت المصادر على التزام حركة «حماس» والفصائل الفلسطينية باتفاق وقف إطلاق النار وتسليم ما لديها من جثث. وتنقسم إسرائيل حول موقفها من هذه القضية، كما ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الجمعة. وقال مسؤول إسرائيلي كبير: «هناك جهد حقيقي وصعوبة حقيقية لإعادة الجثامين»، بينما أفادت مصادر إسرائيليةبأنها تدرك تراجع رغبة «حماس» في إعادة تلك الجثامين. وقال مسؤولون إسرائيليون إنه على الرغم من تراجع رغبة «حماس» في الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق، فإن هذه الحالات الثلاث هي «الأكثر تعقيداً من بين جميع الضحايا». وأضاف مصدر مطلع على التفاصيل أنه «من الصعب المضي قدماً في هذه القضية، لكننا لا نعتقد في الوقت الراهن أن هذا تضليل أو تضليل متعمد». وتصرُّ إسرائيل على إعادة جثث المختطفين، وتؤكد أن الأمر لم ينتهِ بعد بالنسبة لها، ونقلت رسالة إلى «حماس» مفادها أنها لن تترك أي مختطف في القطاع كما كانت الحال بعد عملية «الجرف الصامد» (حرب 2014). وفق الصحيفة العبرية.

انتشال جثامين فلسطينيين

 ويأتي ذلك في وقت أعلن فيه الناطق باسم الدفاع المدني في قطاع غزة، محمود بصل، البدء من يوم السبت، بتنفيذ المرحلة الأولى من عمليات البحث وانتشال جثامين الفلسطينيين الذين قُتلوا في غارات إسرائيلية، من تحت الأنقاض. وقال الناطق باسم الدفاع المدني في تصريح صحافي له، إن بداية العمل ستكون في مخيم المغازي بالمحافظة الوسطى، وبالتعاون مع: اللجنة الدولية للصليب الأحمر، واللجنة المصرية، وجهاز الشرطة، والبلديات المحلية. مشيراً إلى أن آلاف المناشدات وصلت من عائلات لا يزال أبناؤها تحت الأنقاض تطالب بالإسراع في استخراج جثامينهم. ولفت إلى أن العملية ستبدأ رغم عدم توفر المعدات الثقيلة بشكل تام لدى جهاز الدفاع المدني، بعد أن دمَّر الاحتلال الجزء الأكبر من إمكاناته، في حين يواصل الاحتلال منع إدخال الآليات الثقيلة الضرورية لعمليات البحث والانتشال. وقال: «أصبح مطلباً إنسانياً عاجلاً، توفير مختبرات لفحص الـ(دي إن إيه)، لوجود ضحايا مجهولي الهوية، ومن الضرورة تحديد هوياتهم».

الخروق والضحايا

أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، أن 67 طفلاً على الأقل قُتلوا في وقائع مرتبطة بالصراع منذ بدء وقف إطلاق النار في غزة في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقال المتحدث باسمها، ريكاردو بيريس، للصحافيين في جنيف: «أصيب عشرات آخرون. وذلك يعني مقتل طفلين تقريباً في المتوسط يومياً منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ». ميدانياً، قتلت القوات الإسرائيلية، فلسطينياً وأصابت 6 آخرين في عمليات إطلاق نار من آليات ومسيّرات في خان يونس ومدينة غزة. وبحسب مصادر طبية، فقد وصل جثمان شاب قُتل برصاص الآليات في منطقة الطينة جنوب خان يونس، ووصلت رصاصات عدة إلى خيام النازحين بمنطقة المواصي، بينما أُصيب فلسطينيان برصاص طائرة مسيّرة بحي الشجاعية شرق مدينة غزة، وأُصيب 4 أطفال جراء إلقاء طائرة مسيّرة من طراز «كواد كوبتر» قنبلة عليهم في منطقة السلاطين شمال غرب بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة. وتعرَّضت مناطق عدة تقع شرق وغرب الخط الأصفر المحدد وفق اتفاق وقف إطلاق النار، لعمليات قصف جوي ومدفعي وإطلاق نيران من آليات ومسيّرات، إلى جانب عمليات نسف تسببت بانفجارات كبيرة خصوصاً في مناطق خان يونس وغزة، وشرق شمالي مخيم البريج.

في حين أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل 6 مسلحين، واعتقل 5 آخرين، بعد خروجهم من نقطتين منفصلتين لنفق في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، والتي تسيطر عليها قواته منذ أشهر طويلة، مشيراً إلى أن عملية البحث عن آخرين متواصلة. وبيّن أن الحدث وقع شرق المدينة بعد أن اقتربوا من قواته وشكَّلوا تهديداً مباشراً عليها، متعهداً بمواصلة العمل لإزالة أي تهديد مباشر، وفق اتفاق وقف إطلاق النار. وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي، أن الحدث وقع في حي الجنينة شرق رفح، حيث يوجد آخر عناصر «حماس»، هناك فيما تبقى من آخر الأنفاق في المدينة، مشيرةً إلى أن تلك العناصر بدأت بالخروج التدريجي بفعل عمليات الجيش هناك. في حين ذكرت هيئة البث الإسرائيلية العامة، أن هناك 80 مسلحاً محاصراً في آخر الأنفاق برفح، مشيرةً إلى أن «حماس» حاولت مسبقاً إخراجهم عبر طريق آمن من خلال الوسطاء لكن الجيش الإسرائيلي يصر على استسلامهم أو قتلهم. بينما ذكرت «قناة 14» العبرية، أن قوات الجيش الإسرائيلي عملت مقابل منطقة النفق، وفي أثناء ذلك خرج 12 مسلحاً، تم القضاء على 7 منهم، وعاد 4 إلى النفق، بينما تم اعتقال واحد ونُقل للتحقيق لدى «الشاباك»، وسط تقديرات أنهم خرجوا للبحث عن الطعام والماء. مشيرةً إلى أن هناك تقديرات لدى «الشاباك»، بأنه تبقّى في داخل النفق نحو 30 مسلحاً حياً، بينهم على الأرجح قائد أو نائب قائد كتيبة. ولم تؤكد أي مصادر فلسطينية أياً من الروايات الإسرائيلية بشأن الحادثة الجديدة، إلا أنه لوحظ وسُمِع دوي إطلاق نار من مروحيات إسرائيلية اتجاه مناطق في رفح.

 

كيف ترى مصر إلغاء إيران «اتفاق التعاون» مع «الوكالة الذرية»؟...مصدر مطلع: استئناف القاهرة لدورها في الوساطة مرهون بتوافر إرادة سياسية بين الطرفين

القاهرة/الشرق الأوسط/21 تشرين الثاني/2025

بإعلان إيران إلغاء «اتفاق القاهرة» للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، «تُراجع مصر مستجدات الملف النووي الإيراني، لتقييم تطوراته، قبل أن تواصل جهودها لخفض التصعيد الإقليمي»، حسب تقديرات خبراء مصريين. وأعلن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الخميس، انتهاء «اتفاق القاهرة» رسمياً، عقب تبني مجلس محافظي «الوكالة الذرية»، قراراً يطالب طهران بأن تبلغ الهيئة التابعة للأمم المتحدة (دون تأخير) بحالة مخزونها من اليورانيوم المخصب ومواقعها الذرية التي تعرضت للقصف من جانب إسرائيل والولايات المتحدة في يونيو (حزيران) الماضي. وكان عراقجي، وقع مع مدير عام «الوكالة الذرية»، رافائيل غروسي، اتفاقاً بالقاهرة في التاسع من سبتمبر (أيلول) الماضي، يقضي بـ«استئناف التعاون بين الجانبين، بما يشمل إعادة إطلاق عمليات التفتيش على المنشآت النووية الإيرانية». وعدّ غروسي، في مؤتمر صحافي، الأربعاء الماضي، أن «اتفاق القاهرة يحدد فهماً للإجراءات الخاصة بتفتيش الوكالة والإخطارات، وتنفيذ الضمانات في إيران، في أعقاب الهجمات العسكرية التي وقعت في يونيو الماضي».ورفضت طهران دعوة غروسي، للسماح بعمليات تفتيش المواقع والمنشآت النووية التي تعرضت لهجوم من جانب إسرائيل والولايات المتحدة، قبل الوصول لاتفاق ملموس مع الوكالة.

وقال عراقجي إن «اتفاق القاهرة، فقد دوره عملياً في علاقات بلاده مع الوكالة»، وأشار الخميس إلى أنه تم «إبلاغ مدير عام الوكالة الدولية بانتهاء صلاحية الاتفاق وعدم عدّه أساساً للتعامل بعد الآن».

«لا يعني إلغاء اتفاق القاهرة، انتقاصاً من دور الوساطة المصرية في هذا الملف»، وفق رئيس «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، ووكيل «لجنة العلاقات الخارجية» بمجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، السفير محمد العرابي، وقال إن «تجميد الاتفاق، يأتي ضمن سياسة إيران في معالجة ملفها النووي، وعلاقاتها بالوكالة الدولية». ويرى العرابي أن «القاهرة قامت بدور إيجابي في استئناف التعاون بين طهران والوكالة»، مشيراً إلى أن «استمرار هذا التعاون مرهون بإرادة الطرفين، وليس الوسيط»، وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «التدخل المصري كان يستهدف تقليل التصعيد في الإقليم بإبرام الاتفاق بين الطرفين، لكنها لا تستطيع التحكم في مسيرة الملف النووي الإيراني، بعدّه مرهوناً بعلاقات طهران مع الولايات المتحدة والغرب وتحركاتها الإقليمية». وأمام التعثرات التي واجهت تنفيذ «اتفاق القاهرة»، أجرى وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، عدة اتصالات مع عراقجي وغروسي، كان أحدثها الأحد الماضي، بهدف «بناء الثقة وتهيئة الظروف لاستمرار التعاون بين طهران والوكالة. وبحسب إفادة لـ«الخارجية المصرية» حينها، أكد عبد العاطي «أهمية استمرار الحوار في إطار الآليات المتعددة الأطراف، بما يدعم منظومة عدم الانتشار النووي على المستويين الإقليمي والدولي، ويعزز الأمن والاستقرار الدوليين». ووفق العرابي «لن تكف مصر عن المحاولة في الملف النووي الإيراني»، مشيراً إلى أن «القاهرة تتابع وتراقب مستجدات الملف، ويمكنها أن تقوم بدور إيجابي مرة أخرى»، موضحاً أن «جزءاً من السياسة الخارجية المصرية مواصلة جهودها للتهدئة في المنطقة». في حين قال مصدر مصري مطلع إن «القاهرة تراجع وترصد وتقيم موقف الملف النووي، على وقع التطورات الأخيرة، وتجميد طهران التعاون مع الوكالة الذرية»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «استئناف مصر لدورها في الوساطة، مرهون بتوافر إرادة سياسية ورؤية جديدة تضمن إنجاح عملية التفاوض».

وعدّ المصدر تجميد اتفاق القاهرة «مسؤولية الطرفين (إيران والوكالة الذرية)»، وقال إن «مصر مارست دور الوساطة المباشرة بإيجابية، لتجنب التصعيد في المنطقة، بعد قصف المنشآت الإيرانية في يونيو الماضي»، مشيراً إلى أنه «ليس من دورها إنجاح الاتفاق مع الوكالة الذرية»، مرجحاً «تريث القاهرة قبل أي تحرك جديد، لحين ضمان توافر الإرادة للتعاون من الجانبين».

 

سلطات وجماعة إيرانية معارضة: طهران تُكثف المضايقات لمواطنيها بألمانيا

برلين: «الشرق الأوسط»/21 تشرين الثاني/2025

قالت السلطات الألمانية وجماعة معارضة إيرانية إن الإيرانيين المقيمين في ألمانيا يتعرّضون لمضايقات متزايدة من أجهزة الأمن الإيرانية، تشمل التهديد والضغط لحملهم على الإبلاغ عن آخرين في المنفى. وتبلغ أجهزة المخابرات الألمانية بانتظام عن ضغوط وأنشطة تجسس تمارسها إيران على جماعات المعارضة في ألمانيا. وذكر جهاز المخابرات الداخلية (بي إف في) في تقريره السنوي العام الماضي أن مستوى الخطر لا يزال مرتفعاً. وكان الجهاز قد خصص في عام 2024 خطّاً هاتفياً لاستقبال البلاغات المتعلقة بالإرهاب وأنشطة التجسس الأجنبية. ونقلت «رويترز» عنه قوله إن «عدد البلاغات المتعلقة بإيران ازداد في الأشهر القليلة الماضية»، من دون الكشف عن عددها. ولم ترد وزارة الخارجية الإيرانية حتى الآن على طلب للتعليق. وفي الداخل الإيراني، أفادت جماعات حقوقية ونشطاء بوجود حملة متصاعدة ضد المعارضين السياسيين، شملت مضايقات واعتقالات وأشكالاً مختلفة من الضغط، خصوصاً بعد الضربات الجوية الأميركية - الإسرائيلية في يونيو (حزيران) التي دمرت جزءاً كبيراً من قدرات الدفاع الجوي الإيراني. وقال جواد دبيران، المتحدث باسم «المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية» (مجاهدي خلق)، وهي جماعة محظورة في إيران لكنها تنشط في الخارج، إنه على علم بأكثر من 100 حالة في ألمانيا منذ بداية العام، مشيراً إلى أن أصحاب هذه الحالات يتعرضون عادة لضغوط لحملهم على الإبلاغ عن إيرانيين آخرين في المنفى. وأضاف أن ما يجري يعكس «تكثيفاً غير مسبوق» في أنشطة أجهزة المخابرات الإيرانية داخل ألمانيا. ووفق مكتب الإحصاءات الاتحادي، يعيش في ألمانيا نحو 144 ألف إيراني. وكان مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان قد أشار الشهر الماضي إلى «نمط متزايد من القمع العابر للحدود» تمارسه السلطات الإيرانية ضد المعارضين في الخارج عبر «الترهيب والمراقبة والتهديد». وذكر «المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية» أن عدداً من أعضائه تقدّموا ببلاغات إلى الشرطة الألمانية بشأن تعرضهم لمضايقات، من بينها حالة إيراني مسيحي يبلغ من العمر 40 عاماً يُقيم في مدينة إيسن، قال إن أجهزة المخابرات الإيرانية تواصلت مع أشقائه هناك، وهددتهم عقب مشاركته في مظاهرة ببروكسل في سبتمبر (أيلول).

 

إيران تتهم واشنطن و«الثلاثي الأوروبي» بالسعي للتصعيد ....قالت إن إنهاء «اتفاق القاهرة» نتيجة مباشرة لاستفزازاتهم

لندن-طهران/الشرق الأوسط/21 تشرين الثاني/2025

اتهم وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الولايات المتحدة والدول الأوروبية بـ«السعي إلى رفع مستوى التوتر»، وذلك غداة اعتماد مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية مشروع قرار قدمته الدول الأربع، يلزم طهران بالامتثال لمعاهدة حظر الانتشار والتعاون مع عمليات التفتيش الدولية. وقال عراقجي في منشور على منصة «إكس» صباح الجمعة إن «الرباعي الغربي» قد «يدرك جيداً أن الإنهاء الرسمي لتفاهم القاهرة هو نتيجة مباشرة لاستفزازاته». وكتب على منصة «إكس»: «كما أن الدبلوماسية تعرّضت للهجوم من قبل إسرائيل والولايات المتحدة في يونيو (حزيران)، فإن تفاهم القاهرة قد قُتل أيضاً على يد الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث». وأوضح أن «تسلسل الأحداث المشين» هو الذي أوصل الوضع إلى هذه النقطة، مشيراً إلى تعرض إيران لهجوم مفاجئ من إسرائيل والولايات المتحدة، قبل بدء الجولة السادسة من المفاوضات غير المباشرة التي انطلقت في أبريل (نيسان) الماضي بوساطة عمانية.

وقال: «عندما وقّعت إيران لاحقاً، بوساطة مصر ورغم قصف منشآتنا النووية، اتفاقاً مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في القاهرة لاستئناف عمليات التفتيش، سعت الدول الأوروبية الثلاث، تحت ضغط أميركي، إلى فرض عقوبات من مجلس الأمن على شعبنا»، في إشارة إلى إعادة العقوبات الأممية على طهران بموجب آلية «سناب باك»، والتي دخلت حيز التنفيذ في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي. وأضاف عراقجي في نفس السياق: «عندما بدأت إيران في منح مفتشي الوكالة الدولية إمكانية الوصول إلى منشآتها النووية، بدءاً بالمواقع التي لم تُقصف في هجمات يونيو، تعاونت الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث معاً لتمرير قرار إدانة لإيران في مجلس محافظي الوكالة». وتابع: «الأمر بات واضحاً للجميع: إيران ليست الطرف الذي يسعى إلى افتعال أزمة جديدة، كما أن حسن نوايانا لا يُقدّر». وكان عراقجي قد أعلن الخميس رسمياً انتهاء «تفاهم القاهرة» رداً على القرار الذي يحضّ طهران على «تعاون كامل ومن دون تأخير» عبر «تقديم المعلومات وإتاحة إمكان الوصول» إلى منشآتها النووية. وأضاف أن «(تفاهم القاهرة) فقد عملياً دوره في علاقات إيران مع الوكالة منذ إقدام الدول الأوروبية الثلاث على تفعيل آلية إعادة القرارات الملغاة في مجلس الأمن»، موضحاً أنه «جرى اليوم إبلاغ المدير العام للوكالة رسمياً بانتهاء صلاحية التفاهم، وعدم اعتباره أساساً للتعامل بعد الآن». ورفض عراقجي، الأربعاء، تفتيش المنشآت النووية التي تعرّضت لهجوم من جانب إسرائيل والولايات المتحدة في يونيو، مضيفاً أن طهران «لن تقبل مطلقاً بسياسة التخصيب الصفري». وأضاف أن قبول وقف التخصيب في إيران يُعد «خيانة». وأضاف: «المنشآت التي تعرضت للهجوم لها وضعها الخاص، وإلى حين اتخاذ قرار والتوصل إلى نتيجة بيننا وبين الوكالة الدولية للطاقة الذرية والآخرين، فإن التعاون غير ممكن».

ووقعت إيران والوكالة التابعة للأمم المتحدة تفاهماً بوساطة وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في سبتمبر الماضي بالقاهرة، يمهّد الطريق لاستئناف التعاون، بما في ذلك إعادة إطلاق عمليات التفتيش في المنشآت النووية الإيرانية، إلا أن التفاهم لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن. وأجرى عبد العاطي اتصالات، الأسبوع الماضي، مع مدير «الوكالة الذرية» رافائيل غروسي، وعراقجي، في محاولة جديدة لتفعيل اتفاق القاهرة، وخفض التوتر بين الطرفين، قبل الاجتماع الفصلي الذي انتهى الجمعة. وفي محاولات التأثير على مخرجات الاجتماع، قال كمال خرازي، كبير مستشاري المرشد الإيراني للسياسة الخارجية، الثلاثاء، إن طهران مستعدة لبحث مقترح وساطة من الصين وروسيا بهدف إحياء التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، دون أن يشير إلى «تفاهم القاهرة».

وجاء الاتفاق بعدما علّقت طهران «كل تعاون» مع الوكالة في أعقاب الحرب مع إسرائيل، والتي استهدفت خلالها الولايات المتحدة عدداً من المواقع النووية الإيرانية. وبعد توقيع الاتفاق، رحبت القوى الأوروبية الثلاث بالخطوة، لكنها وصفتها بـ«غير الضرورية»، نظراً لالتزامات إيران بموجب معاهدة «حظر الانتشار». وأصدر البرلمان الإيراني في يوليو (تموز) قانوناً لتقليص التعاون مع «الوكالة الذرية»، لكنه يشترط موافقة مجلس الأمن القومي الإيراني على أي محاولة تفتيش دولية. وقبل إعلان عراقجي رسمياً نهاية اتفاق القاهرة، تحدث عدة مسؤولين إيرانيين على صلة بالبرنامج النووي، ونواب برلمان، عن نهاية الاتفاق، بمن فيهم الوزير نفسه. وقبل إصدار القرار بساعات، قال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، إبراهيم عزيزي، إن الاتفاق الذي توصلت إليه طهران مع غروسي بالقاهرة في سبتمبر الماضي «لم يُقبل أوروبياً». وفي الأحد الماضي، قال نائب وزير الخارجية للشؤون القانونية، كاظم غريب آبادي، إن طهران ستجري مراجعة شاملة في علاقاتها مع «الوكالة الذرية» إذا صدر قرار ضدها، مشدداً على أن طهران «تدرس بالفعل إعادة النظر في مستوى تعاونها مع الوكالة». وأوضح أن ما يقصده بمراجعة العلاقات ليس اتفاق القاهرة. وأضاف غريب آبادي أن بلاده «أبدت حسن نيتها تجاه الوكالة، وتم التوصل إلى اتفاق في القاهرة، لكن ما الذي تسعى إليه الآن؟». وأكد أن ما يجري حالياً «يمثل محاولة للضغط»، مشيراً إلى أن «الاتفاق الذي تم في القاهرة بات مهملاً تماماً»، وأن «وضع إيران بعد أي قرار يصدر عن مجلس المحافظين سيكون مختلفاً». وقال أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، في 20 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن بلاده «ألغت اتفاق التعاون الذي وقَّعته مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في سبتمبر الماضي، بسبب إعادة فرض العقوبات الأممية على طهران». لكن لاريجاني قال حينها إن «مجلس الأمن القومي سيدرس أي مقترح تقدمه الوكالة الدولية للتعاون». وفي 5 أكتوبر الماضي، قال عراقجي على هامش لقاء مع السفراء الأجانب في طهران، إن توقيع التفاهم مع الوكالة الدولية لاستئناف التعاون الفني «جاء هذا الإجراء نتيجة للتغيرات الميدانية والتهديدات الأمنية، بما في ذلك الهجمات على المنشآت النووية؛ إذ لم يعد بالإمكان الاستمرار في التعاون السابق». وأضاف: «بعد عدّة جولات من المفاوضات، تم التوصل إلى هذا الاتفاق في القاهرة».وقال عراقجي إن «تفاهم القاهرة لم يعد كافياً في ظل الظروف المستجدة، ومن ضمنها آلية (سناب باك)، وسيُتخذ بشأنه قرارات جديدة». وفي 6 أكتوبر، صرح المتحدث باسم «الخارجية» الإيرانية، إسماعيل بقائي، في مؤتمر صحافي، بأن «تفاهم القاهرة» لم يعد صالحاً بوصفه أساساً للتعاون مع الوكالة، ملقياً باللوم على «الترويكا» الأوروبية في تعطيله منذ توقيعه. وقال إن «أي إجراء عدائي، بما في ذلك تفعيل آلية (سناب باك)، يجعل التفاهم غير قابل للتنفيذ».

 

نائب جمهوري يتراجع عن اعتراضه على إلغاء «قانون قيصر»

وضع شروطاً تحفظ إمكانية إعادة العقوبات على سوريا

الشرق الأوسط/21 تشرين الثاني/2025واشنطن: إيلي يوسف

بعد فترة من الترقب وخيبة الأمل التي سبّبها تمسّك النائب الجمهوري برايان ماست، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي، بموقفه الرافض لإلغاء «قانون قيصر» رغم لقائه الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في واشنطن، أعلن ماست مساء أمس تغيّراً جوهرياً في موقفه؛ فقد أكد دعمه لإنهاء العقوبات الشاملة على دمشق، ولكن ضمن «شروط محددة» تتيح إعادة فرضها إذا أخفقت الحكومة السورية الانتقالية في تنفيذ التزامات يعتبرها ماست «أساسية لاستقرار المنطقة». يأتي التحول في وقت تشهد فيه كواليس الكونغرس مفاوضات مكثفة بين مجلسَي النواب والشيوخ للانتهاء من مشروع قانون تفويض «الدفاع الوطني» قبل نهاية الأسبوع، تمهيداً للتصويت على الإلغاء الكامل للعقوبات مطلع ديسمبر (كانون الأول). ورغم أن ماست كان من أبرز معارضي رفع العقوبات بلا قيود، فإنه شدد في تصريحات صحافية على أنه «لا يعمل ضد إدارة ترمب»، التي تدعم الإلغاء الكامل، لافتاً إلى أن سلطة الرئيس الحالية تسمح فقط بتعليق العقوبات لمدة ستة أشهر «وهو قيد لا ينسجم مع المرحلة الجديدة في سوريا».

شروط غامضة

وأوضح ماست أنه يؤيد الإلغاء الكامل، لكن بشرط أن يتضمن القانون آليات لإعادة فرض العقوبات إذا امتنعت الحكومة السورية الانتقالية عن تنفيذ شروط (لم يعلن تفاصيلها). غير أن مصادر في الكونغرس تشير إلى أن هذه الشروط تتعلق بحماية الأقليات، ومكافحة الإرهاب، والانخراط في مسار تفاوضي يؤدي إلى سلام دائم مع إسرائيل. هذا التوجه يثير اعتراضاً من داعمي الإلغاء الكامل، الذين يرون أن مجرد التلويح بإعادة العقوبات سيعرقل ثقة الشركات الأميركية والدول الصديقة، ويضعف احتمالات الاستثمار وإعادة الإعمار. في المقابل، يعتبر جمهوريون ممن يوصفون بأنهم «صقور»، أن وضع ختم ماست على هذا القرار يمنح البيت الأبيض ممرّاً آمناً للمضي بما يريده ترمب، من دون التخلي الكامل عن أدوات الضغط المستقبلية.

دعم ترمب والضغوط الإقليمية

التحول في موقف ماست جاء بعد أسابيع من اللقاءات السرية بين البيت الأبيض والجناح الجمهوري المؤيد لسياسات ترمب الخارجية، إضافة إلى اجتماعات متكررة بين ماست وفريق الأمن القومي داخل الإدارة. وكان الرئيس ترمب قد أبدى دعماً واضحاً للشرع خلال زيارة «تاريخية» للبيت الأبيض، واصفاً إياه بأنه «قائد قوي» جاء من «بيئة قاسية». وأضاف: «سنفعل كل ما يمكن لضمان نجاح سوريا».

مخاوف من الارتداد

يُعد «قانون قيصر» من أكثر قوانين العقوبات صرامة؛ إذ يمنع التعامل مالياً مع مؤسسات الدولة السورية، ويعاقب أي جهة أجنبية تتعاون مع دمشق، في إطار محاسبة النظام السابق على انتهاكات حقوق الإنسان. ويرى مؤيدو إلغائه أن بقاءه سيعرقل الاستثمارات ويُبقي المخاوف قائمة من تغيّر الموقف الأميركي فجأة، كما يمنع الوصول إلى معلومات حول مصير الأميركيين المفقودين في سوريا. لكن معارضي الإلغاء يخشون أن يمنح القرار «شيكاً على بياض» للرئيس الشرع، الذي ما تزال لدى بعض أعضاء الكونغرس تحفظات حول ماضيه وتصنيفه السابق، إضافة إلى غموض موقفه من الأقليات ومن مستقبل العلاقات مع إسرائيل، بحسب قولهم. وتشير مصادر سياسية إلى أن ماست تلقّى عروضاً «صياغية» من البيت الأبيض تضمن له الحفاظ على موقعه «الصقوري» داخل الحزب الجمهوري، مع عدم إعاقة التحول الذي يقوده ترمب في السياسة السورية. وتؤكد المصادر أنّ الاتصالات بين الجانبين كانت «يومية»، وأن ماست أصر على آلية تسمح بإعادة العقوبات دون الحاجة إلى معارك تشريعية جديدة. ومع أن المؤشرات تؤكد أن إلغاء العقوبات بات شبه محسوم، فإن النقاشات المقبلة ستركز على صياغة آليات إعادة التفعيل، وهي النقطة التي يخوض ماست معركته التشريعية الأخيرة حولها داخل لجنة العلاقات الخارجية.

 

برايان ماست... من مقاتل جريح إلى أحد أبرز «صقور» الكونغرس

الشرق الأوسط/21 تشرين الثاني/2025

يمثّل النائب الجمهوري برايان ماست، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي، نموذجاً لسياسي صعد نجمه بقوة خلال السنوات الأخيرة، مستفيداً من خلفية عسكرية ثقيلة شكّلت مساره وطبعت شخصيته السياسية بطابع الصلابة والحسم. وُلد ماست عام 1980، وخدم سنوات في وحدات الجيش الأميركي العاملة في مهام شديدة الخطورة، قبل أن يتعرّض عام 2010 لانفجار عبوة ناسفة في أفغانستان أدّى إلى بتر ساقَيه. تلك التجربة، التي تحوّلت إلى جزء مركزي من صورته العامة، لطالما قدّمها ماست بوصفها «دافعاً لمتابعة القتال على جبهة التشريع»، كما يقول في مقابلاته. دخل ماست عالم السياسة عام 2016 مدعوماً من الدوائر المحافظة القومية داخل الحزب الجمهوري، وبنى سريعاً لنفسه هوية «الصقر المتشدد» في ملفات الأمن القومي. ومع انتخابه المتكرر عن ولاية فلوريدا، بات رقماً صعباً داخل الكتلة الجمهورية، سواء في النقاشات الدفاعية أو التشريعات المتعلقة بالشرق الأوسط. تولّيه رئاسة لجنة العلاقات الخارجية منحَه موقعاً حساساً في صنع السياسة الخارجية، وهو موقع وظّفه لحشد الدعم لملفات يعتبرها «جوهرية للحفاظ على نفوذ أميركا العالمي». وفي الوقت نفسه، نسج ماست علاقة قوية مع الرئيس دونالد ترمب، الذي يرى فيه «صوتاً موثوقاً للجناح القومي» داخل الكونغرس. في الملف السوري، برز اسم ماست كأحد أبرز معارضي رفع العقوبات عن دمشق بلا شروط، قبل أن يعيد تموضعه مؤخراً نحو دعم الإلغاء ضمن «آليات تتيح إعادة العقوبات إذا لزم الأمر». هذا التحول لم يُقرأ على أنه تراجع، بل نوع من «البراغماتية المحسوبة» التي تسمح له بالالتزام بخط ترمب السياسي، دون التخلي تماماً عن أدوات الضغط التي يتمسك بها «الجناح الصقوري» في الحزب. بهذه السيرة التي تجمع بين التضحية العسكرية، والحضور الإعلامي، والنفوذ التشريعي، يواصل برايان ماست ترسيخ موقعه كأحد أبرز صانعي القرار في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

 

تقرير: قوات إسرائيلية تتوغل مجدداً في ريف القنيطرة السوري

الشرق الأوسط/21 تشرين الثاني/2025

توغلت قوات إسرائيلية مجدداً في محيط قرية صيدا الحانوت بريف القنيطرة الجنوبي في سوريا، حسبما أفادت قناة «الإخبارية» السورية اليوم الجمعة. وذكرت القناة أن قوات إسرائيلية أقامت حاجزاً عسكرياً مؤقتاً يفصل بين صيدا ومزرعة المغاترة. والتوغل هو الثاني في قرية صيدا الحانوت خلال الشهر الجاري، إذ توغلت قوة من الجيش الإسرائيلي مكونة من خمس آليات في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) في القرية، قبل أن تنسحب بعد فترة وجيزة. وتواصل قوات الجيش الإسرائيلي اعتداءاتها داخل الأراضي السورية في الأسابيع الماضية، إذ سبق وأن توغلت في 15 نوفمبر في بلدة خان أرنبة بريف القنيطرة الشمالي واعتقلت خلال التوغل أربعة مواطنين. وفي اليوم ذاته، توغلت دورية تابعة لقوات الجيش الإسرائيلي في أطراف قرية معرية الواقعة في منطقة حوض اليرموك في ريف محافظة درعا الغربي.

 

تجدد الاشتباكات بين الجيش و«قسد» في ريف الرقة بشمال شرقي سوريا

الشرق الأوسط/21 تشرين الثاني/2025

تجددت الاشتباكات، الجمعة، بين الجيش السوري و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في محافظة الرقة شمال شرقي سوريا. وأفاد «تلفزيون سوريا» بأن «الاشتباكات تجددت بين الجيش السوري و(قسد) على محور مدينة معدان جديد في شرق الرقة»، مضيفاً أن الفرقة 66 استهدفت مواقع «قسد» براجمات الصواريخ. كما تصاعدت حدة الاشتباكات على خط قرية «غانم العلي» واستخدمت خلالها أسلحة ثقيلة. والخميس، أعلنت وزارة الدفاع السورية، مقتل جنديين بهجوم شنته «قسد»، في ريف الرقة. وليل الأربعاء - الخميس، اندلعت اشتباكات عنيفة عقب هجوم شنته «قسد»، على مواقع للجيش السوري في بلدة معدان بمحافظة الرقة. وكان الرئيس السوري أحمد الشرع، وقائد «قسد» مظلوم عبدي، قد وقعا اتفاقاً في العاشر من شهر مارس (آذار) من العام الحالي، لدمج قوات «قسد» في الجيش السوري، وعودة مؤسسات الدولة إلى مناطق سيطرة «قسد»، إلى جانب بنود أخرى تتعلق برفض دعوات التقسيم، وتسليم حقول النفط والغاز والمعابر الحدودية للحكومة. وحدد الاتفاق نفسه فترة تنفيذه بما لا يتجاوز نهاية العام الحالي.

 

السويداء: مفاوضات تحت الضغط.. وشروط للهجري

دمشق - واصل حميدةالمدن/21 تشرين الثاني/202

لا تزال محافظة السويداء تتعامل مع تداعيات الأحداث الدامية التي شهدتها منتصف العام 2025، والتي أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من المدنيين وتدمير واسع في البنية التحتية المحلية. هذه الأحداث لم تترك أثراً إنسانياً فحسب، بل رسّخت قطيعة عميقة بين المجتمع المحلي والسلطات في دمشق، ما جعل أي محاولة لإعادة فتح قنوات الحوار بين الطرفين مهمة دقيقة وحساسة للغاية. في هذا السياق، تصاعد الحديث عن جولة مفاوضات جديدة بين الحكومة الانتقالية وقيادات محلية في السويداء، وسط ضغط إقليمي ودولي متزايد، وتحركات عسكرية لافتة في الجنوب السوري. وكشف مصدر خاص من داخل السويداء لـ"المدن" أن هذه الاتصالات ليست مفاوضات رسمية بعد، بل ترتيبات أولية بهدف اختبار الأرض وتهيئة الأجواء للحوار، مع مرونة كبيرة قابلة للتغيير حسب التطورات الميدانية.

فشل "خارطة الطريق" الثلاثية: السويداء غائبة والتوتر مستمر

ويحسب المصدر الخاص، تأتي هذه التحركات في سياق تجربة سابقة فاشلة لما سُمي الاتفاق الثلاثي أو "خارطة الطريق" الذي جرى قبل نحو شهرين بين سوريا و"إسرائيل" برعاية أميركية وأردنية في الأردن.

واشار المصدر إلى أن هذا الاتفاق لم يُفعَّل على الأرض، إذ استمرت الخروقات الأمنية وعمليات إطلاق النار، وظل طريق دمشق-السويداء مقطوعاً جزئياً، حيث كان السبب الجوهري لفشل الاتفاق هو استبعاد السويداء وعدم وجود تمثيل فعلي للمحافظة، ما أثار رفضاً شعبياً واسعاً وعمّق حالة عدم الثقة تجاه أي ترتيبات مستقبلية.

التحضيرات لجولة جديدة: إشراك الزعامة الروحية

في الأسابيع الأخيرة، بدأت ترتيبات جادة لجولة حوار جديدة في الأردن، تهدف إلى إشراك قيادات السويداء الفعلية، وأكد المصدر أن التطور الأبرز هو الاعتراف بأهمية مشاركة الشيخ حكمت الهجري ووفده، بعد أن كانت هناك محاولات مبدئية لاستبعاد الزعامة الروحية من أي ترتيبات.

توضح هذه الخطوة إدراكاً إقليمياً ودولياً بأن أي اتفاق في السويداء لا يمكن أن يُعتمد شرعيته من دون المرور عبر المرجعية الروحية للشيخ حكمت الهجري، الذي يمثل ثقلاً اجتماعياً وسياسياً محلياً لا يمكن تجاهله، وقد وافق الأخير بشكل مبدئي على إرسال وفد، مع التأكيد على شروط محددة لضمان مصالح المحافظة وسلامة سكانها.

شروط الشيخ الهجري: الحرس الوطني والأمن المحلي

وأشار المصدر إلى أن شروط حضور الشيخ الهجري تركز على ثلاثة محاور رئيسية:

- إدخال الحرس الوطني ككتلة واحدة، والهدف من هذا المطلب هو دمج الحرس الوطني (القوة المسلحة المحلية التابعة للزعامة الروحية) مع الجيش السوري الجديد ككتلة واحدة متكاملة، لضمان وجود قوة موحدة تحت قيادة محلية معترف بها، تحفظ الأمن وتمنع تكرار الاشتباكات السابقة، ويوضح المصدر أن هذا الدمج لا يعني استقلالاً عن الدولة، بل هيكلة القوة المحلية بطريقة مؤسسية تتيح لها العمل تحت إطار الدولة الانتقالية، مع الحفاظ على ولائها المحلي وشرعيتها أمام الأهالي.

- انسحاب قوات الأمن العام ويشمل القسم الشمالي والغربي من المحافظة، والمناطق التي شهدت استمراراً للانتهاكات والخروقات الأمنية.

- إغلاق ملف المحاسبات الأمنية لضمان عدم ملاحقة الأهالي أو اعتقالهم لاحقاً بذريعة مذكرات سابقة، وهو مطلب أساسي لإنهاء حالة عدم الثقة بعد الأحداث الدموية.

وأكد المصدر أن هذه الشروط تهدف إلى إعطاء الأهالي القدرة على إدارة أمن المحافظة بأنفسهم بالتنسيق مع دمشق، دون تعديل دستوري رسمي، بما يحقق توازناً بين السلطات المحلية والمركزية.

التعددية العسكرية والضغوط الإقليمية

لا يمكن فهم الترتيبات الأمنية والسياسية في السويداء بمعزل عن التعددية الفصائلية المحلية، حيث بيّن المصدر أن المحافظة ليست كتلة واحدة، بل فسيفساء من القوى المسلحة التي تتنوع ولاءاتها ومرجعياتها وهي بشكل أساسي:

- الحرس الوطني وفصائل الكرامة ويمثل العمود الفقري للزعامة الروحية ويضم تشكيلات مثل لواء الجبل وقادة من حركة رجال الكرامة، بهدف حماية المحافظة وفرض وحدة القيادة المحلية.

- المجلس العسكري والقوى الموالية للحلول الإقليمية وتشمل ضباطاً منشقين وفصائل مثل بيرق سليمان بن داوود، التي تميل أحياناً للتنسيق مع أطراف خارجية.

هذه التعددية تزيد صعوبة أي تفاهم، ما يجعل مطلب دمج الحرس الوطني استراتيجية لتوحيد القوى المحلية تحت مظلة واحدة، وتقليل النزاعات الداخلية، وضمان فاعلية الاتفاق المستقبلي.

وفي السياق الإقليمي، اشار المصدر إلى تصعيد واضح في الجنوب السوري خلال اليومين الماضيين، من تحليق مكثف للطيران الحربي إلى تحركات ورسائل إسرائيلية مباشرة، ويفسر ذلك كجزء من ضغط إقليمي ودولي على الحكومة الانتقالية لدفعها نحو الجلوس إلى طاولة التفاوض مع وفد السويداء، ورفع سقف التوقعات قبل أي اتفاق محتمل.

مرونة وحذر: الطريق نحو تفاهم مستدام

أكد المصدر المحلي من السويداء أن الوضع الحالي مرحلة ترتيب أولية وليست مفاوضات رسمية مكتملة، وأن أي اتفاق محتمل يجب أن يُبنى على مرونة الطرفين، مع مراعاة التجارب السابقة التي أظهرت هشاشة أي تفاهم يفرض من الخارج، مشدداً على أن الشيخ الهجري معروف بمرونته وتغيير مواقفه وقدرته على التوازن بين الضغط الدولي ومتطلبات المحافظة المحلية، ما يجعله عاملاً حاسماً في نجاح أي مفاوضات مستقبلية.

ويظل الطريق أمام السويداء محفوفاً بالتحديات، إذ يعتمد النجاح على القدرة على تجاوز الجراح السابقة، وحماية السكان، وضمان مراقبة دقيقة لتفادي تجدد العنف، مع احترام خصوصية المجتمع المحلي وقدرته على إدارة شؤونه الأمنية تحت إطار الدولة الانتقالية.

السويداء على مفترق الطرق

تجسد السويداء اختباراً حقيقياً للحكومة الانتقالية، بين إدارة ملفات المحافظات الخارجة عن السيطرة، والتعامل مع الضغوط الإقليمية، والتحركات العسكرية، والتعددية الفصائلية المحلية.

الترتيبات الحالية، وفق المصدر الخاص، لا تزال أولية وقابلة للتغيير، لكنها تحمل مؤشراً على إدراك الجهات الدولية والمحلية بأن أي اتفاق في السويداء لن يكون ممكناً دون المرور عبر الزعامة الروحية، وضمان وجود قوة أمنية موحدة، وإغلاق ملفات المحاسبات السابقة.

ويبقى مستقبل المحافظة مرتبطاً بقدرة الأطراف على بناء تفاهم حقيقي قائم على الحوار والضمانات العملية، بعيداً عن الإملاءات، مع إبقاء الدور القيادي للزعامة الروحية محورياً لضمان شرعية القرارات وحماية الأهالي

 

سوريا: هكذا أصبحت الأحزاب الكردية دكتاتورية والزعيم قدر

ديما الحلوة/المدن/21 تشرين الثاني/202

على مدى عقود، رفعت معظم الأحزاب الكردية في سوريا شعارات الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، وقدمت نفسها بوصفها النموذج الأقرب من قيم التعددية والانفتاح داخل المشهد السياسي السوري. لكنها في الواقع، خلف تلك الشعارات، تحولت إلى كيانات مغلقة، تتحكم فيها الزعامات، وتتعامل فيها المؤسسات الداخلية كمجالس شكلية تكرس سلطات القائد وتعيد إنتاج ولاء أفراده بدل إنتاج سياسات فعلية.

أحد أبرز السمات في الأحزاب الكردية هو غياب التداول الديمقراطي على أعلى المستويات، فالزعيم لا يُنتخب حقاً بل يُكرس. ويمكن تلخيص آليات هذا التكرس في ثلاثة مسارات متداخلة تقوم أولا، على الشرعية التاريخية. فالزعيم المؤسس أو أحد أجيال المؤسسين يصبح "رمزاً" لا يمكن المساس به، وعطفاً يتحول تاريخ المشاركة في تأسيس الحزب إلى غطاء لاستمرار سلطته. ثانياُ، الشرعية الكاريزمية. يُصنع حول الزعيم هالة من القداسة السياسية، ويتم تضخيم دوره في وسائل الإعلام، ويصوَّر على أنه صاحب رؤية استثنائية يفهم "القضية الكردية" أفضل من أي أحد آخر. أخيراً، الشرعية التنظيمية. تصبح مؤسسات الحزب أدوات لتثبيت الزعيم لا لمساءلته. القرارات الكبرى تُتخذ داخل دائرة ضيقة، بينما اللجان والمجالس الداخلية تصادق عليها وتبررها فقط. نتيجة هذه الآليات، يتحوّل الحزب إلى بنية مغلقة لا تقبل المنافسة، وتصبح القيادة مركزاً ثابتاً، والانتقاد أو الاعتراض يُترجم إلى خيانة، والانشقاق يصبح الحل الوحيد لمن يفكر خارج إطار الزعيم. كان من المفترض أن تكون المؤتمرات الحزبية لحظة مساءلة ومراجعة، لكنها غالباً تتحول إلى مهرجانات ولاء: يتم الإعلان عن انتخاب الزعيم بالإجماع أو الأغلبية الساحقة، رغم أن النتيجة محددة سلفاً. كما تتم إعادة انتخاب وجوه الحزب نفسها دون تجديد حقيقي للقيادات.

من يعترض أو يقترح أفكاراً جديدة يُهمَّش أو يُطرد، ومن يمدح الزعيم يرتقي في المناصب. بهذا تتحول المؤتمرات إلى طقس يشبه التجديد السنوي للولاء، وليس مساحة للحوار أو الديمقراطية.

الأحزاب الكردية تمتلك لجاناً ومجالس شكلية، لكنها في الواقع بلا استقلالية حقيقية، بلا قدرة على اتخاذ قرارات استراتيجية، أداة لتبرير قرارات الزعيم، بحيث يتحول الخطأ إلى "قرار مؤسسي" ويُخفى المسؤول الحقيقي وراء الإجماع الوهمي. هذا ما يخلق بيئة لا تشجع على الإبداع أو تطوير سياسات جديدة، بل تحافظ على الوضع القائم بشكل دائم. في أي حزب ديمقراطي، المعارضة الداخلية جزء طبيعي من الحياة السياسية. لكن داخل الأحزاب الكردية، الاعتراض يُترجم فوراً إلى اتهامات جاهزة: عميل، مدسوس، مأجور ومشروع لتفكيك الصف الكردي.

أي محاولة لتقديم نقد أو إصلاح تُواجه بمقاطعة، وتهديد، وحتى الطرد النهائي. الانشقاق هنا يتحول إلى أداة سياسية، لا مجرد ظاهرة فردية.

صناعة الولاء… الحاشية حول الزعيم

الولاء الشخصي يتفوق على الكفاءة والخبرة والتعليم. ومن يثبت ولاءه عبر الثناء المستمر، تبرير أخطاء القيادة ومهاجمة المعارضين، يتدرج بسرعة في سلم الحزب. أما أصحاب الفكر المستقل أو المقترحات الإصلاحية، فيتعرضون للإقصاء أو التهميش. النتيجة تكون تكوين "نظام ولاءات" حول الزعيم، يتحرك فيه الأفراد حسب قربهم منه وليس حسب المصلحة العامة أو قدراتهم. البنية الحالية أنتجت أحزاب غير قادرة على تداول القيادة، ومؤسسات عاجزة عن إنتاج سياسات جديدة، وجمهور يشاهد تكرار الخطاب نفسه منذ ثلاثة عقود، وأجيال شابة منفصلة تماماً عن العمل الحزبي، وانشقاقات لا تنتهي، وزعماء يعتبرون الحزب ملكية خاصة. هكذا، تتحول الأحزاب إلى "مزارع سياسية"، بينما الديمقراطية تبقى شعاراً للاستهلاك الخارجي. من المهم أن نفهم هذه الظاهرة ضمن سياق أوسع: الأكراد السوريون لم ينجحوا في إنتاج مشروع سياسي مستقر، من جهة بسبب العوامل التنظيمية الداخلية، ومن جهة أخرى بسبب التداخل الإقليمي. ويمكن تقسم هذه العوامل إلى:

- العلاقات مع حزب العمال الكردستاني في تركيا، و"PDK" في إقليم كردستان العراق.

- الضغوط والتوازنات مع دمشق وأنقرة وواشنطن وموسكو.

- غياب مشروع اقتصادي واجتماعي موحد يحمي مصالح الشعب الكردي.

هذه العوامل جعلت الحركات الكردية أكثر هشاشة وأكثر انقساماً. هكذا تتكشّف هشاشة البنية التنظيمية للأحزاب الكردية السورية، وكيف تحوّل الولاء الشخصي إلى معيار للسلطة، وأصبح الزعيم محوراً مطلقاً داخل حزبه، بينما المؤسسات مجرد أدوات تزييفية.

وبهذا، يصبح السؤال الجوهري: هل يمكن لأي حزب كردي أن يحقق مشروعاً ديمقراطياً ويمثّل تطلعات الأكراد في ظل هذه البنية؟ الإجابة، وفق ما أظهرته الوقائع، تتطلب إعادة هيكلة جذرية للمؤسسات، ونقل المركز من الفرد إلى المؤسسات، وإرساء مشروع سياسي موحد قادر على تمثيل الأكراد السوريين أمام الداخل والخارج.

 

محاكم سوريا العلنية: إصلاح محدود في سياق غير متغيّر

مها غزال/المدن/21 تشرين الثاني/202

شهدت سوريا أخيراً انعقاد محاكمات علنية مرتبطة بأحداث الساحل، في مشهد غير مألوف ضمن تاريخ القضاء السوري الذي اعتاد العمل خلف جدران مغلقة وبمنهجيات تفتقر إلى الشفافية. هذا التحول في الشكل لا يمكن التقليل من أهميته، فهو يشكل انتقالاً جديداً في الممارسة القضائية، ومحاولة لإظهار استعداد الدولة للتعامل مع ملفات شائكة أمام الرأي العام. ومع ذلك، فإن منح هذه المحاكمات صفة "العدالة الانتقالية" يمثل انزياحاً واضحاً عن المفهوم القانوني الراسخ لهذا النوع من أنظمة العدالة، بل يشكل مخاطرة سياسية في استبدال الشكل بالمضمون.

العدالة الانتقالية منظومة مختلفة جذرياً عن القضاء الجنائي التقليدي. فهي تبدأ بإطار تشريعي مستقل يصدر عن السلطة التشريعية، يُنشئ محاكم متخصصة أو دوائر عدلية ذات اختصاص نوعي، ويضع نظاماً إجرائياً يستجيب لطبيعة الجرائم الدولية التي شهدتها سوريا: من الجرائم ضد الإنسانية، إلى جرائم الحرب، إلى الإخفاء القسري والعنف الجنسي والتهجير الواسع. وهذه المنظومة لا يمكن أن تعمل ضمن هندسة القضاء السوري الحالية، ولا وفق قانون العقوبات أو أصول المحاكمات الجزائية بصيغتهما المعمول بها منذ عقود. فإعلان محاكمة علنية لا يكفي لتغيير طبيعة القضاء أو صلاحياته أو قدرته على التعامل مع ملفات تتجاوز قدرته البنيوية. وإذا كان الشكل الجديد للمحاكمات يعكس رغبة سياسية في إرسال رسالة إلى الداخل والخارج بأن الدولة بدأت فتح ملفات الانتهاكات، فإن الدوافع السياسية لا تغيّر من الحقيقة القانونية. فالحكومة، وهي تواجه ضغوطاً داخلية من بيئات اجتماعية متضررة وضغوطاً خارجية تتعلق بملف المساءلة، تبدو حريصة على استثمار هذه المحاكمات في تعزيز شرعيتها. إلا أن هذه الرغبة السياسية لا تجعل المحاكمات جزءاً من العدالة الانتقالية، بل تكشف الحاجة إلى مسار مؤسسي حقيقي أكثر من أي وقت مضى. وتصبح هذه الإشكالية أكثر وضوحاً عند النظر إلى موقع الضحايا في المشهد الراهن. فالعدالة الانتقالية، في جوهرها، هي عدالة قائمة على الضحية لا على الدولة. هي عملية تستعيد الحقيقة قبل الحكم، وتعترف بالانتهاك قبل إنزال العقوبة، وتفتح الباب أمام محاسبة جميع الجناة من دون انتقائية أو استثناء لأي طرف شارك في العنف. وهي بذلك تشكل عقداً اجتماعياً جديداً بين الدولة والمواطن. أما المحاكمات الحالية، فتبقى ضمن بنية قضائية لم تُجرِ أي مراجعة لذاتها، ولم تُظهر قدرة على التعامل مع الضحايا باعتبارهم أصحاب حق في الحقيقة والإنصاف، لا مجرد أطراف في خصومة جنائية.

وتاريخ القضاء السوري يجعل الفارق جلياً. فالسوريون لم يعرفوا طوال عقود محاكمة علنية واحدة لمسؤول كبير عن الانتهاكات، ولم يشهدوا محاسبة لأي جهاز أمني أو مؤسسة رسمية على الجرائم التي ارتُكبت ضد مواطنين. وكانت المحاكم، من محكمة الإرهاب سابقاً إلى المحاكم الميدانية، تعمل بوصفها أداة للضبط السياسي لا مساحات للعدالة. من هنا، تبدو المحاكمات العلنية خطوة جديدة تُكسر فيها سرية القضاء، لكنها تبقى خطوة داخل سياق قضائي قديم لم يتغيّر جوهرياً.

ويعزز خطاب رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة، باولو سيرجيو بينيرو، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، هذا التناقض. فبينيرو حذر بوضوح من موجة عنف متجدد تهدد أي خطوة نحو العدالة، وأشار إلى عمليات إعدام ميداني وتعذيب وتهجير قسري، وإلى مقتل نحو ألف و400 مدني في اللاذقية وطرطوس وحماة في شهر واحد، بعضها على يد قوى يفترض أنها حكومية أو تعمل باسم الدولة. كما أشار إلى انتشار خطاب الكراهية، وتزايد العنف الجنسي، واستمرار التدخلات الخارجية، مؤكداً أن العدالة الحقيقية تتطلب معالجة الأسباب الجذرية للعنف، لا التعامل مع أعراضه. وتكشف هذه المعطيات أن المحاكمات الحالية، مهما كانت علنيتها لافتة، لا تزال بعيدة عن توفير الحد الأدنى من شروط انتقال حقيقي نحو العدالة. بل إن الخطر الأكبر يكمن في استخدامها كبديل شكلي يقدم وهم المساءلة من دونها، أو كأداة لإعادة صياغة السلطة عبر محاكمات انتقائية. فاستقطاب القضاء في لحظة انتقال سياسي قد يحول العدالة من مساحة إنصاف إلى ساحة لتكريس موازين قوى مؤقتة، وهو ما يناقض جوهر العدالة الانتقالية بوصفها مشروعاً للمستقبل، لا أداةً لإدارة الحاضر. وفي المقابل، فإن بناء مسار عدالة انتقالية حقيقي في سوريا يتطلب إعادة تصميم الإطار القانوني من جذوره. يبدأ ذلك بسن قانون للعدالة الانتقالية، وإنشاء هيئة مستقلة للحقيقة والانتهاكات، وتطوير قضاء متخصص قادر على التعامل مع جرائم واسعة النطاق، وإطلاق إصلاحات عميقة في مؤسسات الأمن والقضاء، بما يضمن عدم تكرار الانتهاكات ويعيد الثقة بين المواطن والدولة. ومن دون هذه الخطوات، ستبقى المحاكمات العلنية خطوة إيجابية لكنها محدودة، لا تؤسس لعدالة، ولا تصنع مصالحة، ولا تبني الدولة الجديدة التي تحتاجها سوريا لتجاوز تاريخها المثقل بالعنف والانقسام. إن العدالة الانتقالية ليست مطالبة أخلاقية فحسب، بل ضرورة دستورية لبناء دولة حديثة. أما المحاكمات العلنية، فعلى أهميتها، لا تزال جزءاً من القضاء التقليدي، وليست مدخلاً إلى هذا المسار. العدالة التي تحتاجها سوريا اليوم هي عدالة تفتح الباب أمام جميع الحقائق، وتفرض على جميع الأطراف المثول أمام القانون، وتمنح الضحايا الحق في الحقيقة قبل الحق في الحكم. ومن دون ذلك، ستبقى العدالة مجرد مشهد، لا مسار، ومجرّد خطوة، لا بداية الطريق.

 

«الكتلة الأكبر» في العراق تبحث عن «رئيس لا يتحول زعيماً» ...السوداني يصمد في قائمة مرشحين... وسخط من «كثرة القادة»

لندن: علي السراي/الشرق الأوسط/21 تشرين الثاني/2025

توصل «الإطار التنسيقي» في العراق إلى معايير «شبه نهائية» لاختيار رئيس الوزراء المقبل، أهمها «عدم انشغاله ببناء نموذج حزبي يؤهله للانضمام إلى التحالف زعيماً»، وفي حين سيلعب المرشح النهائي دور «المدير التنفيذي» على رأس الكابينة الجديدة، من المفترض أن تتحمل القوى الشيعية الفائزة في الانتخابات العامة مسؤولية «قرارات تتعلق بسلاح الفصائل والأزمة الاقتصادية». وبعد أسبوع من الاقتراع الذي أجري في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، وقع 12 من قادة الأحزاب الشيعية في «الإطار التنسيقي» على إعلانهم «الكتلة الأكثر عدداً»، المؤهلة لتقديم مرشح لرئاسة الوزراء، وكان لافتاً في التوقيع حضور رئيس الحكومة المنتهية ولايته محمد السوداني، بعد خلاف حول نيته الاستمرار في المنصب بولاية ثانية. وحصل ائتلاف «الإعمار والتنمية» بزعامة السوداني على 45 مقعداً لم تكفه للخروج على التوافق داخل «الإطار التنسيقي» وتشكيل حكومة برئاسته، فيما حصدت جميع الأحزاب الشيعية نحو 187 مقعداً في البرلمان السادس المؤلف من 329 مقعداً.

قوائم طويلة وقصيرة

وعلمت «الشرق الأوسط» أن «قوى شيعية أساسية، على رأسها ائتلاف (دولة القانون) وحركة (عصائب أهل الحق)، كانت منهمكة في بحث ترشيحات عديدة للمنصب الحكومي الأول في البلاد، توصلت أخيراً إلى «تشكيل حكومة ترأسها شخصية تنفذ حزمة قرارات يتحمل مسؤوليتها قادة التحالف، لا سيما في الأمن والعلاقة مع الولايات المتحدة، ومعالجة الوضع الاقتصادي». ونقلت مصادر أن الزعامات الأساسية في «الإطار التنسيقي» أوقفت مؤقتاً مراجعة قوائم مرشحين لاختيار أحدهم للمنصب، من أجل النظر في المعادلة السياسية التي ستحكم المنصب خلال المرحلة المقبلة»، وأكدت المصادر أن «رئيس الوزراء المنتهية ولايته السوداني دخل القائمة القصيرة، لكن بوضع مختلف». ويرفض رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي بشدة تولي السوداني المنصب مرة ثانية، لكن أطرافاً محدودة في التحالف لن تمانع ذلك «إذا ما اعتمدت المعايير الجديدة للمنصب». وسربت أطراف في «الإطار التنسيقي» قوائم قصيرة وطويلة تضم مرشحين محتملين للمنصب. وجرت العادة في العراق على تسريب مثل هذه القوائم لاختبار شخصيات أو استبعادها أساساً من المنافسة، أو التمويه على مرشحين لم يعلنوا بعد حتى اللحظة. وعلمت «الشرق الأوسط» أن «الإطار التنسيقي» توقف خلال اليومين الماضيين عن التسريب بعد إرباك واسع ضرب الرأي العام، وقرر العمل على «استحقاقات المنصب»، لكن المصادر أشارت إلى أن السوداني «موجود أيضاً على لائحة قصيرة دون الخوض في حظوظه». وتعرض «الإطار التنسيقي» قبل الانتخابات العامة وبعدها إلى انقسام حاد بسبب التعامل مع طموحات السوداني، في حين بات قادة في التحالف الحاكم ينظرون إلى المنصب الحكومي بوصفه تحول إلى «مصنع لإنتاج الزعامات».

«المزيد من الزعماء»

وقال قيادي شيعي في «الإطار التنسيقي»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «قادة في التحالف أظهروا أخيراً سخطاً وحنقاً من ازدياد عدد الأشخاص الذين يجلسون على الطاولة، ولديهم الحق في التصويت على القرارات الكبرى بوصفهم زعماء». وقرر التحالف الشيعي «تشكيل لجنتين قياديتين لمناقشة استحقاقات المرحلة المقبلة ووضع رؤية موحدة لمتطلبات إدارة الدولة، ومقابلة المرشحين لمنصب رئيس الوزراء وفق معايير مهنية»، وفق بيان صدر يوم 17 نوفمبر الجاري. وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن النقاشات السياسية بين الفائزين الشيعة تتركز الآن حول «رئيس حكومة لن يشعر بالقلق أبداً على مستقبله السياسي، ولن ينشغل ببناء تركة حزبية خلال عمله في المنصب، وخلال أي ظرف أو فترة من ولايته». وقالت المصادر إن «ثلاثة من القادة الشيعة الأساسيين في الإطار التنسيقي توافقوا على إيجاد ما يشبه المدير التنفيذي بصلاحيات قوية ويحظى بالدعم الكامل، لكنهم لا يريدون زعيماً سياسياً في المنصب». وأضافت: «سيمثل رئيس الحكومة الجديد كل قوى التحالف الجديد، التي ستشرف على اتخاذ القرارات، وتتحمل مسؤوليتها». وقال القيادي الشيعي إن «المرشح النهائي الذي سيقع عليه الاختيار سيمثل جميع التيارات الشيعية في الإطار، لمنعه من التمرد ومنحه القوة التي يحتاجها المنصب في نطاق إداري». وأشارت المصادر إلى أن «الإطار التنسيقي» يحاول اليوم الاستفادة القصوى من «أفضل دورة انتخابية» مرت على الأحزاب الشيعية بغياب التيار الصدري وبعدد وافر من المقاعد النيابية، لكن تحديات داخلية وخارجية تفرض عليه أجندة صارمة في الحكومة الجديدة. ويتوقع من الحكومة الجديدة، كما ترشح من مشاورات «الإطار التنسيقي»، اتخاذ قرارات بشأن جماعات مسلحة ما تزال تحتفظ بسلاحها، وأخرى فازت بمقاعد لكنها معاقبة أميركياً. وقال القيادي الشيعي: «لو ضمن (الإطار التنسيقي) مرشحه لمنصب رئيس الحكومة سيدعمه بشكل قوي في هذا الملف».

 

ترامب يمهل زيلينسكي للخميس للموافقة على خطته للسلام مع روسيا

المدن/21 تشرين الثاني/202

عبّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عن اعتقاده بأن يوم الخميس المقبل يمثل "الموعد النهائي المناسب" لأوكرانيا لقبول مقترح السلام الذي تدعمه واشنطن لإنهاء الحرب مع روسيا. وقال في مقابلة إذاعية، اليوم الجمعة، إن لديه "مواعيد نهائية كثيرة"، وإن من الممكن تمديدها "إذا سارت الأمور على ما يرام"، لكنه شدد على أن الإدارة الأميركية ترى أن الخميس هو "الوقت الأنسب" للموافقة على الخطة. ويأتي تصريح ترامب في لحظة تصاعدت فيها الضغوط الأميركية على كييف لدفعها إلى القبول بخطة السلام المثيرة للجدل، بينما يحذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أن بلاده تقف أمام "خيار قاسٍ للغاية" بين الحفاظ على الكرامة الوطنية أو المجازفة بخسارة أهم شريك لها في الحرب، واصفاً المرحلة الحالية بأنها "واحدة من أخطر اللحظات في تاريخ أوكرانيا".

خطة أميركية مثيرة للجدل

وتتلقى كييف في هذه اللحظة ضغوطاً مكثفة من واشنطن لقبول خطة سلام مكوّنة من 28 نقطة، صاغها مبعوث الرئيس الأميركي ستيف ويتكوف، بالتعاون مع المبعوث الروسي كيريل ديميترييف. وتكشف الوثيقة، وفق مصادر مطلعة لـ"رويترز" و"واشنطن بوست"، عن استجابة واسعة لمطالب موسكو المتعلقة بالحدود والأمن الإقليمي، بينما تترك الضمانات الخاصة بأمن أوكرانيا بصياغة فضفاضة وغير محددة، الأمر الذي أثار قلقاً واسعاً داخل كييف. وتنص الخطة على تنازل أوكرانيا عن أراضٍ إضافية وانسحاب قواتها من مواقع شديدة التحصين في الشرق، مع منح روسيا سيطرة رسمية على القرم ولوغانسك ودونيتسك ومناطق واسعة من خيرسون وزاباروجيا، بما يرسخ ما تمكنت موسكو من فرضه عسكرياً منذ عام 2014. وتشترط الخطة أيضاً خفض حجم الجيش الأوكراني إلى 600 ألف جندي، وإدراج بند دستوري يمنع كييف من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وفرض حظر دائم على انتشار أي قوات أطلسية فوق الأراضي الأوكرانية.

وتتضمن الوثيقة مساراً لرفع العقوبات عن روسيا بصورة تدريجية، وإعادة دمجها بمجموعة الثماني، إضافة إلى آلية مالية تمنح واشنطن نصف الأرباح المتأتية من استثمار الأصول الروسية المجمّدة، بينما تستعيد موسكو بقية الأصول لاحقاً. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تصف الخطة بأنها توفر "ضمانات أمنية قوية" لكييف، إلا أن النص لا يقدم أي تفاصيل حول طبيعة هذه الضمانات أو حدودها. وبحسب خمسة مصادر تحدثت لـ"واشنطن بوست"، فقد تلقت كييف رسالة أميركية واضحة بأن الدعم العسكري والاستخباراتي قد يتوقف بالكامل إذا لم تُوقّع أوكرانيا على الاتفاق قبل عيد الشكر. ورغم أن وزير الجيش الأميركي دانيال دريسكول حاول خلال لقائه زيلينسكي في كييف، تقديم الصورة بطريقة أقل حدة، فإن مصادر دبلوماسية أكدت أن واشنطن تتبع أسلوب "الضغط المزدوج"، حيث يتولى ويتكوف دور المفاوض الصلب بينما يظهر دريسكول بصورة الشريك الراغب في التعديل والتعاون.

ووصل الأمر إلى حد إبلاغ المسؤولين الأوكرانيين بأن جميع أشكال المساعدة — بما في ذلك مشاركة المعلومات الاستخباراتية وعمليات تزويد السلاح عبر شركاء أوروبيين — قد تصبح "غير مضمونة" إذا تأخرت كييف في إعطاء رد قاطع. وتؤكد عدة جهات مشاركة في المباحثات أن هذه الضغوط تُعدّ الأكثر مباشرة منذ اندلاع الحرب.

زيلينسكي: لن نخسر الكرامة

وفي خطاب اليوم، شدد زيلينسكي على تمسكه بالسيادة الوطنية وعلى رفض أي صفقة تهدد مستقبل أوكرانيا الأمني أو السياسي. وأكد أن بلاده لن تمنح روسيا فرصة لاتهام كييف بإفشال مسار السلام، لكنها كذلك لن تقبل بخطة تُقدم تنازلات "تمس جوهر الدولة". وأشار إلى أنه سيطرح البدائل المناسبة في إطار يحفظ "الكرامة والحرية"، مشدداً على ضرورة تماسك الجبهة الداخلية في مواجهة الضغوط الخارجية. ورغم أن الخطة الأميركية صيغت من دون استشارة الأوروبيين، فإن باريس وبرلين ولندن سارعت إلى إجراء اتصال مشترك مع زيلينسكي لإبلاغه موقفاً موحداً يدعو إلى الحفاظ على السيادة الأوكرانية ومراعاة مصالح أوروبا الأمنية. وفي بروكسل، اعتبرت رئيسة السياسة الخارجية الأوروبية كايا كالاس أن "الطريقة التي تنتهي بها الحرب لا تقل أهمية عن انتهائها"، محذرة من لحظة "بالغة الخطورة للجميع".وفي روما، أكدت الحكومة الإيطالية خلال اتصال بين جورجيا ميلوني والمستشار الألماني فريدريش ميرتس أهمية دعم الجهود الدبلوماسية، مع الإشارة إلى أن بعض بنود الخطة تستدعي "تمحيصاً أعمق". وتعمل العواصم الأوروبية على إعداد مسودة مضادة يجري بحثها على هامش قمة العشرين في جوهانسبرغ، وسط قناعة أوروبية عامة بأن الخطة الحالية تميل بشكل واضح لصالح موسكو.

يأتي هذا المسار الدبلوماسي المعقد في وقت تشهد فيه الجبهات الأوكرانية تقدماً روسياً بطيئاً لكنه ثابت، بينما تكثف موسكو ضرباتها على منشآت الطاقة مع اقتراب الشتاء، ما يضع الحكومة الأوكرانية تحت ضغط اقتصادي وخدمي متزايد. وترافق ذلك مع أزمة سياسية داخلية أثارتها فضيحة فساد كبيرة طالت شخصيات مرتبطة بدوائر القرار، في لحظة حساسة سياسياً وعسكرياً. ويرى خبراء أن قبول الخطة الأميركية بصيغتها الحالية قد يؤدي إلى اهتزاز الاستقرار الداخلي في أوكرانيا، نظراً للرفض الشعبي القوي لأي تنازلات تتعلق بالأراضي أو بالجيش أو بالسياسة الدفاعية، وهي النقاط التي تشكل جوهر الهوية السياسية الأوكرانية منذ عام 2014. في المقابل، نفى الكرملين تسلم أي مقترح رسمي من واشنطن، لكن المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف شدد على ضرورة أن تتخذ كييف "قراراً مسؤولاً" في هذه المرحلة، مؤكداً أن التواصل مع الولايات المتحدة لا يزال في حالة "جمود"، وأن الملفات العالقة بين البلدين لم تشهد "أي تقدم". ورغم التفوق العسكري النسبي لروسيا على بعض الجبهات، يعتقد محللون أن موسكو تفتقر إلى القدرة على تحقيق اختراقات واسعة، وأنها تواجه ضغوطاً اقتصادية متزايدة نتيجة العقوبات، ما يجعلها تبحث عن اتفاق يرسخ مكاسبها الحالية.

وبحسب مصادر مطلعة على المباحثات، فإن الخطة الأميركية، رغم الضغوط لتمريرها سريعاً، تحتاج إلى أشهر من التفاوض لتصبح مقبولة أو قابلة للتنفيذ. وتستند هذه التقديرات إلى تشابه الخطة مع اتفاقيات سابقة — مثل اتفاق "المعادن" بين كييف وواشنطن — استغرقت وقتاً طويلاً للتعديل قبل توقيعها. ويؤكد دبلوماسيون أن المشروع الحالي يمثل في أفضل الأحوال "بداية لمسار سلام طويل ومعقّد"، وليس نهاية الحرب كما تروّج بعض الأطراف. وفق "واشنطن بوست".

 

زيلينسكي: أوكرانيا قد تخسر الدعم الأميركي بسبب خطة واشنطن لإنهاء الحرب ...أكد أن بلاده تمر بواحدة من أصعب الفترات في تاريخها

كييف: «الشرق الأوسط»/21 تشرين الثاني/2025

حذّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الجمعة، من أن بلاده قد تخسر الدعم الأميركي بسبب خطة واشنطن الهادفة إلى إنهاء الحرب مع روسيا. وقال زيلينسكي في كلمة مصورة خاطب فيها الأوكرانيين إن «أوكرانيا قد تواجه خياراً بالغ الصعوبة: خسارة الكرامة أو خطر خسارة شريك رئيسي»، مؤكداً أن بلاده تمر بواحدة من أصعب الفترات في تاريخها. وتعهّد زيلينسكي بالعمل على نحو سريع وبنّاء مع الولايات المتحدة على خطة سلام لإنهاء الحرب، لكنه قال إنه لن يخون مصلحة بلاده الوطنية، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية». وحث الرئيس الأوكرانيين على البقاء متحدين في ما وصفه بإحدى أصعب اللحظات في تاريخ البلاد، مضيفاً أنه يتوقع التعرض لمزيد من الضغوط السياسية خلال الأسبوع المقبل. وأجرى زيلينسكي، الجمعة، محادثات مع نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس تناولت الخطة الأميركية الهادفة إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا، وفق ما أفاد مصدر في الرئاسة الأوكرانية.

 

النص الحرفيّ لخطة وقف الحرب في أوكرانيا ...تنص على تنازلات لمصلحة روسيا وتقليص كييف حجم جيشها وعدم انضمامها إلى حلف الناتو

واشنطن: «الشرق الأوسط»/21 تشرين الثاني/2025

تدعو الخطة الأميركية لوقف الحرب في أوكرانيا إلى تنازل كييف عن منطقتي دونيتسك ولوغانسك شرق البلاد لروسيا التي ستعود إلى مجموعة الثماني للدول الأكثر تقدماً على المستوى الاقتصادي. كما تنص الخطة على عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو وتقليص عديد جيشها إلى 600 ألف جندي.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، إن المبعوث الدبلوماسي ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عملا «بتكتم» على هذه الخطة مدة شهر تقريباً. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه سيناقشها مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب «في الأيام المقبلة».

فيما يلي ما جاء في الخطة التي تضم 28 نقطة، وفقاً لمسودة النص التي راجعتها وترجمتها «وكالة الصحافة الفرنسية»:

1. تأكيد سيادة أوكرانيا.

2. إبرام اتفاقية عدم اعتداء شاملة بين روسيا وأوكرانيا وأوروبا. وبذلك تُعتبر جميع نقاط الغموض التي ظلت عالقة على مدى الثلاثين عاماً الماضية قد سُوّيت.

3. يُتوقع من روسيا أن لا تغزو الدول المجاورة، ومن حلف الناتو ألا يتوسع.

4. سيُجرى حوار بين روسيا وحلف الناتو، بوساطة الولايات المتحدة، لحل جميع القضايا الأمنية وتهيئة الظروف لخفض التصعيد.

5. ستحصل أوكرانيا على ضمانات أمنية موثوقة.

6. سيُحدد عدد القوات المسلحة الأوكرانية بـ 600 ألف جندي.

7. توافق أوكرانيا على تضمين دستورها عدم انضمامها إلى حلف الناتو، ويوافق الناتو على تضمين بند في نظامه الأساسي ينص على عدم دمج أوكرانيا مستقبلاً.

8. يوافق الناتو على عدم نشر قوات في أوكرانيا.

9. ستتمركز طائرات مقاتلة أوروبية في بولندا.

10. ستحصل الولايات المتحدة على تعويض عن الضمانات الأمنية. في حال قامت أوكرانيا بغزو روسيا، ستفقد هذه الضمانات. وفي حال غزو روسيا لأوكرانيا، بالإضافة إلى الرد العسكري المنسق والحاسم، سيُعاد فرض جميع العقوبات الدولية عليها، ويُلغى الاعتراف بالأرضي الجديدة، وجميع المزايا الأخرى لهذه الاتفاقية. وإذا أطلقت أوكرانيا صاروخاً على موسكو أو سانت بطرسبرغ دون سبب وجيه، فستُعتبر الضمانات الأمنية لاغية.

11. أوكرانيا مؤهلة لعضوية الاتحاد الأوروبي، وستستفيد من أفضلية في الدخول إلى السوق الأوروبية على المدى القصير ريثما يتم النظر في هذه المسألة.

12. اعتماد حزمة إجراءات عالمية قوية لإعادة إعمار أوكرانيا، تشمل إنشاء صندوق للتنمية وإعادة بناء البنية التحتية للغاز وإعادة تأهيل المناطق المتضررة من الحرب، وتطوير بنية تحتية جديدة واستئناف استخراج المعادن والموارد الطبيعية، وكل ذلك مصحوب ببرنامج تمويل خاص يعده البنك الدولي.

13. سيُعاد إدماج روسيا في الاقتصاد العالمي، مع إجراء مناقشات حول رفع العقوبات، والانضمام مجدداً إلى مجموعة الثماني، وإبرام اتفاقية تعاون اقتصادي طويل الأجل مع الولايات المتحدة.

14. سيُستثمر 100 مليار دولار من الأصول الروسية المجمدة في مشاريع تقودها الولايات المتحدة لإعادة الإعمار والاستثمار في أوكرانيا، مع حصول الولايات المتحدة على 50% من الفوائد. ستُضيف أوروبا 100 مليار دولار لزيادة حجم الاستثمارات المتاحة لإعادة إعمار أوكرانيا. وسيتم الإفراج عن الأموال الأوروبية المجمدة، بينما يُستثمر ما تبقى من الأموال الروسية المجمدة في آلية استثمار أميركية روسية منفصلة.

15. ستُنشأ مجموعة عمل أمنية أميركية روسية مشتركة لتعزيز وضمان الامتثال لجميع بنود هذه الاتفاقية.

16. ستُرسخ روسيا قانونياً سياسة قائمة على عدم الاعتداء تجاه أوروبا وأوكرانيا.

17. ستتفق الولايات المتحدة وروسيا على تمديد سريان معاهدات حظر الانتشار النووي والسيطرة عليه، بما في ذلك معاهدة ستارت 1.

18. توافق أوكرانيا على ألا تكون دولة حائزة على السلاح النووي وفقاً لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.

19. ستُشغّل محطة زابوريجيا للطاقة النووية تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وسيتم تقاسم الكهرباء المنتجة بالتساوي بين روسيا وأوكرانيا.

20. يلتزم كلا البلدين بتنفيذ برامج تعليمية في المدارس والمجتمع تهدف إلى تعزيز التفاهم والتسامح المتبادلين.

21. سيتم الاعتراف بشبه جزيرة القرم ولوغانسك ودونيتسك كأراضٍ روسية بحكم الأمر الواقع، بما في ذلك من قِبل الولايات المتحدة. سيتم تجميد وضع خيرسون وزابوريجيا على طول خط التماس، مما يُشكل فعلياً اعترافاً بحكم الأمر الواقع بهذا الخط. ستتخلى روسيا عن الأراضي المتبقية التي تسيطر عليها خارج المناطق الخمس. ستنسحب القوات الأوكرانية من الجزء الذي تسيطر عليه حالياً في منطقة دونيتسك، وستُستخدم هذه الأراضي لاحقاً لإنشاء منطقة عازلة.

22. بعد الاتفاق على الترتيبات المتعلقة بالأراضي مستقبلاً، تلتزم روسيا الاتحادية وأوكرانيا بعدم تغيير هذه الترتيبات بالقوة. ولن تبقى أي ضمانات أمنية سارية في حال الإخلال بهذا الالتزام.

23. لن تمنع روسيا أوكرانيا من استخدام نهر دنيبر لأغراض تجارية، وستُبرم اتفاقيات بشأن النقل الحر للحبوب عبر البحر الأسود.

24. ستُشكّل لجنة إنسانية لمعالجة القضايا المتعلقة بتبادل الأسرى، وإعادة الرفات، وعودة الرهائن والمعتقلين المدنيين، وتنفيذ برنامج للم شمل العائلات.

25. ستُجري أوكرانيا انتخابات خلال 100 يوم.

26. يُمنح جميع الأطراف المشاركين في هذا النزاع عفواً كاملاً عن أفعالهم خلال الحرب، ويلتزمون بعدم تقديم أي مطالبات أو النظر في رفع أي شكاوى في المستقبل.

27. سيكون هذا الاتفاق ملزماً قانوناً. وسيُراقب تنفيذه ويضمنه مجلس السلام، برئاسة الرئيس دونالد ترمب. وستُفرض عقوبات على أي انتهاكات.

28. بمجرد قبول جميع الأطراف لهذه المذكرة، يدخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ فور انسحاب الطرفين إلى النقاط المتفق عليها لبدء تنفيذ الاتفاق.

 

ترمب يلتقي ممداني في مواجهة بين طرفي نقيض

واشنطن: «الشرق الأوسط/21 تشرين الثاني/2025

من المقرر أن يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترمب، رئيس بلدية نيويورك الجديد زهران ممداني اليوم (الجمعة)، في أول محادثات وجهاً لوجه بين سياسيين على طرفي نقيض تصادما بشأن كل القضايا؛ بداية من الهجرة إلى السياسات الاقتصادية. وطلب السياسي الاشتراكي الديمقراطي وعضو مجلس النواب ممداني، الذي فاز في انتخابات رئاسة بلدية نيويورك في وقت سابق من هذا الشهر، مقابلة ترمب، لمناقشة قضايا تكلفة المعيشة والسلامة العامة. وهدد الرئيس المنتمي إلى الحزب الجمهوري، بسحب التمويل الاتحادي لأكبر مدينة في الولايات المتحدة، في حين دأب رئيس البلدية المنتخب على انتقاد مجموعة من سياسات ترمب؛ مثل خطط لتعزيز جهود إنفاذ القوانين الاتحادية الخاصة بالهجرة في نيويورك، التي ولد 4 من كل 10 من سكانها في الخارج. ووصف ترمب (79 عاماً)، الذي كان يقيم بنيويورك في السابق، ممداني (34 عاماً)، بأنه «مجنون يساري متطرف» وشيوعي «وكاره لليهود»، دون أن يقدم أدلة على هذه الاتهامات.

وسيؤدي ممداني اليمين رئيساً لبلدية نيويورك في 1 يناير (كانون الثاني). وسيكون ممداني، المولود في أوغندا لأبوين من أصل هندي، أول مسلم وأول شخص من جنوب آسيا يتولى منصب رئيس البلدية في نيويورك التي تضم مقر بورصة وول ستريت. وأثارت حملته الانتخابية النشطة، التي اعتمدت على منصات التواصل الاجتماعي، جدلاً حول المسار الأمثل للديمقراطيين. ومع الانقسام الآيديولوجي، يتّحد الديمقراطيون بشكل رئيسي في معارضتهم لترمب الذي يمنعه الدستور من الترشح لولاية جديدة في عام 2028. وتعهد ممداني بالتركيز على قدرة المواطنين على تحمل تكاليف المعيشة؛ مثل تكلفة السكن وشراء البقالة ورعاية الأطفال وركوب الحافلات في المدينة التي يبلغ عدد سكانها 8.5 مليون نسمة. ويدفع سكان نيويورك ما يقارب مثلي متوسط ​​الإيجار على مستوى البلاد. وتبادل ترمب وممداني الانتقادات اللاذعة بعد الانتخابات. وقال ممداني في خطاب بمناسبة فوزه في الانتخابات: «إذا كان هناك من يستطيع أن يظهر لأمة خانها دونالد ترمب كيف يمكن هزيمته، فهي المدينة التي أنجبته». وقال ترمب بعد ذلك لـ«فوكس نيوز»: «عليه أن يحترم واشنطن قليلاً، وإلا فلن تكون لديه فرصة للنجاح... لا أريد أن أجعله ينجح. أريد أن أجعل المدينة تنجح».

 

اختطاف 52 تلميذاً من مدرسة كاثوليكية في وسط نيجيريا ...مسلّحون اختطفوا 38 مصلياً في كنيسة يطلبون فدية

أبوجا: «الشرق الأوسط»/21 تشرين الثاني/2025

ذكرت قناة تلفزيونية نيجيرية، اليوم الجمعة، أن مسلحين خطفوا 52 تلميذاً من مدرسة كاثوليكية بولاية النيجر في نيجيريا، في ثاني عملية خطف لتلامذة تُسجّل خلال أسبوع في البلاد. وقال المسؤول في الحكومة، أبو بكر عثمان، في بيان، إنّ «حكومة ولاية النيجر تلقّت ببالغ الحزن النبأ المقلق لخطف تلامذة من مدرسة سانت ماري في منطقة أغوارا»، مضيفاً أنّه «لم يتم حتى الآن تأكيد عدد التلامذة المخطوفين بدقة». وفي السياق، قال مسؤول كنسي لوكالة «رويترز»، اليوم (الجمعة)، إن مسلحين اختطفوا 38 مصلياً من كنيسة في ولاية كوارا النيجيرية، يوم الثلاثاء الماضي، ويطلبون فدية قدرها 100 مليون نيرة (نحو 69 ألف دولار) عن كل مختطف. وكانت الشرطة وشهود عيان في نيجيريا، قالوا، الأربعاء، إن مسلحين اقتحموا كنيسة بوسط البلاد، في هجوم أسفر عن مقتل شخصين على الأقل، وخطف الكاهن وعدد من المصلين، وذلك بعد أيام من اختطاف 25 فتاة من مدرسة داخلية. ووقع الهجوم في بلدة إروكو، ليزيد الضغوط على الحكومة النيجيرية، في وقت تواجه فيه انتقادات من الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي لوّح بتدخل عسكري، بسبب ما وصفه باضطهاد المسيحيين. وتتصدى نيجيريا لهجمات من متشددين شمال شرقي البلاد، ولعمليات خطف وقتل من جانب عصابات مسلحة؛ خصوصاً في الشمال الغربي، فضلاً عن وقوع اشتباكات دامية بين رعاة معظمهم مسلمون، ومزارعين معظمهم مسيحيون، في مناطق الحزام الأوسط. وسلطت الهجمات الضوء على انعدام الأمن في الدولة الواقعة في غرب أفريقيا، وأجبرت الرئيس بولا تينوبو على تأجيل رحلات خارجية له.

 

مقتل 89 مدنياً في هجمات متمرّدين متشددين بالكونغو الديمقراطية خلال أسبوع

كينشاسا/الشرق الأوسط/21 تشرين الثاني/2025

أعلنت بعثة الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، الجمعة، أن متمردي تحالف القوى الديمقراطية المتطرّفين قتلوا 89 مدنياً في عدة هجمات خلال أسبوع في شرق البلاد. وأفادت بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية، في بيان، أن تحالف القوى الديمقراطية شنّ هجمات «دموية» بين 13 و19 نوفمبر (تشرين الثاني) في عدة مواقع حول منطقة لوبيرو في مقاطعة كيفو الشمالية التي تمزقها الحرب.

 

تفاصيل المقالات والتعليقات والتحاليل السياسية الشاملة

تصاعد مواجهة بري - جعجع يهدد الانتخابات النيابية اللبنانية ...رهان على تدخل رئيس الجمهورية لإنقاذ الاستحقاق

محمد شقير/الشرق الأوسط/21 تشرين الثاني/2025

يدخل «الكباش السياسي» حول التعديلات المقترحة على قانون الانتخاب في لبنان مرحلةً سياسية يطغى عليها الاستعصاء أمام إنضاج تسوية لإنقاذ الانتخابات، ما لم يبادر الأضداد في البرلمان إلى تقديم التنازلات لقطع الطريق على تأجيلها، فيما يصر رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، ومعه رئيس الحكومة نواف سلام، على إجرائها في موعدها؛ لأن ترحيلها يلحق انتكاسة بالعهد، ويحرجه أمام المجتمع الدولي الذي يتعامل مع الانتخابات على أنها محطة لإعادة تكوين السلطة، وإحداث تغيير في ميزان القوى لن يكون لصالح «حزب الله». فـ«الكباش السياسي» بلغ ذروته بإحالة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، كما علمت «الشرق الأوسط»، مشروع قانون الحكومة المعجّل المكرّر الرامي لشطب المادتين 112 و122 من قانون الانتخاب بما يسمح للمنتشرين اللبنانيين في بلاد الاغتراب بالاقتراع من مقر إقامتهم لـ128 نائباً، إلى اللجنة النيابية الفرعية المولجة بدراسة الاقتراحات الخاصة بقوانين الانتخاب.

إحالة مشروع القانون إلى اللجان

وكشف مصدر نيابي بارز عن أن الإحالة تمت الثلاثاء الماضي، وجاءت بالتزامن مع العريضة، وهي الثانية، للنواب المنتمين إلى حزبي «القوات اللبنانية» و«الكتائب» وكتلتي «التجدد» و«مشروع وطن الإنسان»، وتحالف «قوى التغيير»، وعدد من النواب التغييرين والمستقلين، وحملت تواقيع 41 نائباً يطالبون فيها بري بعقد جلسة تشريعية تخصص لمناقشة مشروع الحكومة والتصويت عليه. وقال إن إحالة المشروع على اللجنة الفرعية ما هو، من وجهة نظر الموقعين على العريضة، إلا رد على ما تقدموا به. ولفت المصدر النيابي إلى أن بري بإحالته مشروع الحكومة على اللجنة الفرعية استبق انتهاء المهلة المحددة للمنتشرين في بلاد الاغتراب لتسجيل أسمائهم لمن يودون الاقتراع من مقر إقامتهم لـ128 نائباً، مع أن باب التسجيل أُقفل عند منتصف ليل الخميس - الجمعة الفائت، وبلغ عدد المسجلين 152 ألفاً؛ أي نحو 70 في المائة من العدد الإجمالي للمقترعين الذين سجّلوا أسماءهم للاقتراع في دورة الانتخابات الماضية.

مقاطعة توقيع العريضة

وقال المصدر نفسه إن العريضة الأولى حملت توقيع نائبين ينتميان لكتلتي «اللقاء الديمقراطي» برئاسة تيمور وليد جنبلاط و«جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية - (الأحباش)»، بخلاف الثانية التي أحجمت الكتلتان عن التوقيع عليها وهي الخاصة بمشروع الحكومة. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادرها أن إحجامهما عن التوقيع على العريضة لا يعني تراجعهما عن تأييدهما لاقتراع المنتشرين من مقر إقامتهم لـ128 نائباً؛ لأن في ذلك مصلحة لهما، وتحظيان بتأييد في بلاد الاغتراب. ورأت أنهما فضلتا عدم التوقيع على العريضة انطلاقاً من رغبتهما بألا تكونا طرفاً في تعميق الشرخ السياسي داخل البرلمان، إفساحاً في المجال أمام استقدام المداخلات، وتحديداً من عون، للتوصل إلى تسوية لإنجاز الاستحقاق النيابي في موعده. وقالت إن إحجامهما ينسحب أيضاً على عدد من الكتل والنواب، ولنفس الدوافع التي أملت على الكتلتين عدم انخراطهما في محور نيابي يتزعمه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي يتصدر المواجهة في وجه بري.

تجنب الخلاف مع بري

وبكلام آخر، تأكد للكتلتين أنهما ليستا في وارد الدخول في مشكلة مع بري وصولاً لتهديد علاقتهما به، من دون أن تقطعا مع النواب الموقعين على العريضة، وكانتا أبلغتا من يعنيه الأمر بأن نوابهما سيصوتون لصالح اقتراع المنتشرين في حال أنه طُرح للنقاش والتصويت عليه على الهيئة العامة في البرلمان.

مبارزة دستورية

وإلى أن يتم التوصل لتسوية تؤدي لإخراج الاستحقاق النيابي من التأزم الذي بدأ يتسم بطابع من التحدي غير المسبوق بين بري وجعجع، وصولاً لتعبيد الطريق أمام إنجازه في موعده، فإن السجال الدستوري بينهما، أكان مباشرة أم بالواسطة، لن يتوقف، ويأخذ حالياً طابعاً من المبارزة الدستورية التي لا يمكن أن تنتهي إلى غالب أو مغلوب، نظراً لأن الكتل الوسطية ليست في وارد الانحياز لطرف ضد آخر، وبالتالي الانخراط في مواجهة يدركون سلفاً أنها ستنتهي حكماً إلى تسوية، وإلا فإن الغموض يكتنف مصير الانتخابات النيابية ويهدد إنجازها في موعدها، فيما أخذ وزراء يلمسون في لقاءاتهم بعدد من السفراء المعتمدين لدى لبنان والموفدين الأجانب، أن حصرية السلاح بيد الدولة يتقدم على إنجاز الانتخابات. لذلك فإن بري وخصومه، يدخلون في سجال دستوري يسمح لكل فريق بالدفاع عن موقفه وهذا ما يتيح للأول، أي رئيس البرلمان، بحسب المادة الـ109 من النظام الداخلي للمجلس النيابي، أن يحيل مشروع الحكومة أو غيره من اقتراحات القوانين على اللجنة النيابية الفرعية، في مقابل تأكيد الفريق المناوئ له أن لا خيار أمامه سوى الدعوة لجلسة تشريعية لمناقشة مشروع الحكومة، ويعود القرار النهائي للهيئة العامة في البرلمان، بذريعة أنه لا يمكنه إدارة ظهره لرغبة كتل نيابية وازنة تشكل أكثرية، من وجهة نظره، بدلاً من التجاوب معها بالدعوة لعقد جلسة تخصص لحسم الموقف من المشروع.

الرهان على تدخل عون

لكن المبارزة الدستورية لن تستمر طويلاً؛ لأن عون سيتدخل في الوقت المناسب للتوصل لتسوية لا بد منها، ما دام أن بري وخصومه مع إجراء الانتخابات في موعدها، إلا إذا لجأت إسرائيل لتوسعة الحرب بتقطيعها بالنار أوصال البلد، ما يعكّر أجواء إتمامها. ويتردد أن عون اتخذ قراره بالتدخل حرصاً منه على إجراء الانتخابات في موعدها التزاماً منه بما تعهد به في خطاب القسم، لكنه يتحرك بعيداً عن الأضواء لإنضاج الظروف أمام إنجازها، علماً بأن إجراء الانتخابات على أساس القانون الناجز حالياً، والذي يتمسك به بري ومعه «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، بحاجة لتعديل في جلسة تشريعية تؤدي لتعليق العمل بالبطاقة الممغنطة، وصرف النظر عن تمثيل الاغتراب بـ6 مقاعد، في مقابل حصر اقتراع المغتربين بمجيئهم إلى لبنان للمشاركة بالعملية الانتخابية، على أن تؤجل إذا استدعت الضرورة لأوائل الصيف.

 

لبنان الخليط: قادة الجيش وقادة السياسة !    

نبيل بو منصف/النهار/21 تشرين الثاني/2025

 لا تشبه هذه العاصفة العنيفة التي هبت على لبنان في الأيام الأخيرة أي عاصفة مماثلة صالحة للمقارنات لجهة تظهير أسوأ اعتلال تراكمي بين الإدارة الأميركية والإدارة السياسية – العسكرية الرسمية الحالية للبنان . ربما فقط يمكن استعارة جانب من جوانب إدارة ظهر الولايات المتحدة الأميركية للبنان الغارق في فوضى الحروب ، بعدما وصفه جورج شولتز ، حين كان وزير الخارجية ابان ولاية رونالد ريغان بانه مستنقع ، ولكن الأمر لا يستقيم تماما مع التبدلات الهائلة التي حصلت بين زمنين وعصرين لم يعد ما يربط بينهما إلا القليل النادر . ولا حاجة بنا عبر استعراض التعرجات التاريخية في علاقة البلد الصغير بأقوى  دولة في العالم الى إعادة فلش أرشيف الموفدين والرسل الأميركيين إلى لبنان ، الذي للمفارقة الرمزية والواقعية ، "يحظى" اليوم بسفير أميركي من بلدة بسوس اللبنانية كما "حظي" بأقرب شخصية من الرئيس ترامب ، توم براك الزحلي الأصل . ومع ذلك سيسجل في هذا الأرشيف التأريخي من الان وصاعدا ان واشنطن وجّهت سهما غير مسبوق إلى قائد الجيش اللبناني الجنرال رودولف هيكل ، اهتزت على نصاله وقائع الوضع اللبناني الهش برمته لان ما اصطلح على تسميته "الصفعة" لم يكن الهدف الحصري او المركزي لمطلقي السهم وإنما أولا واخيراً صاحب العهد الذي لم يكمل السنة الأولى من عهده بعد وحتما كل الحكومة بمعنى القيادة السياسية .

والحال ان هذا التطور الحامل نذر اخطار تصاعد ضغوط غير مسبوقة على لبنان يعيد في باطنه التدقيق في تبعات ومسؤوليات ومسارات قادة الجيش في لبنان ، بإزاء "السياسات السياسية" ، منذ القديم وحتى الساعة . ليست المسالة قانونية دستورية صرفة بمعزل عن الوقائع الحقيقية المتصلة بعلاقات رؤساء الجمهورية والحكومة والطبقات السياسية المتعاقبة في لبنان مع الجيش وقادته . بل ان لبنان يعرف ظاهرة تحمل كل الغرائبيات منذ حقبة الاستقلال الأولى التي يصادف غدا ٢٢ تشرين الثاني عيد الاستقلال الموروث منها ، وحتى يومنا هذا . هي ظاهرة ان البلد الذي كان يوصف وحده انه درة الديموقراطية في الشرق العربي ، جمع مع تلك الصفة واقع إيصال خمسة من قادة الجيش إلى قصر بعبدا وتوجهم رؤساء للجمهورية . هذه الخلطة في واقع معقد بدأت تتعاقب وتتكرر على وقع ثورات وحروب واضطرابات كما على وقع وصايات ومن ثم تسويات داخلية وخارجية .من فؤاد شهاب إلى جوزف عون ، تظلل الظاهرة تاريخ التشابك بين السياسة والعسكر ، فكيف يمكن فصل السياسة عن العسكر في زمن كزمننا ، وفي تبعات تطورات خطيرة مثل مسار نزع سلاح "حزب الله" وصولا إلى تلقي قائد الجيش الحالي أقسى ما تلقاه قائد عسكري قبله ؟ ربما يصح التذكير بان الجنرال إسكندر غانم الذي اقيل عام ١٩٧٥ بتركيبة سياسية "مهذبة" ، عجز الرئيس صائب سلام عن اقالته عام ١٩٧٣ بعد عملية الكوماندوس الإسرائيلي في فردان حيث إغتالت قوة بقيادة ايهود باراك الذي تخفى بلباس امرأة أربعة من القادة الفلسطينيين . استنفرت مطالبة الزعيم السني الكبير بإقالة "الزعيم غانم" ، ( كانت تطلق على قائد الجيش كنية الزعيم ) الموارنة الأقوياء فرفضوا الإقالة لئلا يكون غانم كبش محرقة فاستقال صائب سلام ! ليس الأمر نفسه الان طبعا ولا نعرف ما إذا كان الأمر سيتطور إلى الكلام عن أكباش محارق ، لكنها أولا واخيرا السياسات السياسية في المقام الأول تتحمل التبعات الكبرى وهي من عليها ان تنزل المآزق عن رأس الشجرة . فلنر !

 

لبنان... الوشاية علانية

مصطفى فحص/الشرق الأوسط/21 تشرين الثاني/2025

المهامُّ الطبيعية للجيوش هي الدفاع عن الحدود الوطنية، ومنع الغزاة من احتلالها. وحالةُ الجيش اللبناني لا تختلف عن بقية جيوش العالم في المهام والواجبات، فهو يواجه اعتداءاتٍ إسرائيلية يوميّة داخل أراضيه، ولا يمكن تسميتها إلا بالعدوانية، مهما كانت المبررات، فهي انتهاكٌ صريح للسيادة الوطنية. لذلك كان من الطبيعي جداً أن يسمّي الجيش أو القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمور بأسمائها. وبالنسبة لأغلب اللبنانيين، لم تزل إسرائيل عدوّاً وهي تحتل أراضي لبنانية، وتخرق أجواءه، وتقوم بعمليات عسكرية داخل أراضيه. فمن الطبيعي جداً أن يتحدث بيانُ الجيش عن العدوّ الإسرائيلي وأن يتحرك على الحدود، ولكن لبنان المدمَّر والمنهار اقتصادياً ومالياً وعسكرياً غير قادر أصلاً على أي مواجهة عسكرية، لا بقوته الرسمية ولا بقوة أي جماعة مسلحة تحت أي تسمية كانت، التي تسببت حساباتها الخاطئة وتقديرات القوة المبالغ فيها في هزيمة قاسية بحرب الإسناد التي خاضتها، وقد تتسبّب في خسائر أخرى قاصمة إذا استمر السير على المنوال السابق. مَن يُتابع واشنطن وإدارة البيت الأبيض يدرك مبكراً طريقة مقاربتها للأوضاع اللبنانية بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهزيمة حرب الإسناد، وهي واضحة وصريحة بحجم انحيازها. وهذا لا يعني الاستسلام أمام مطالبها، لكن المطلوب، قبل أن نقع في مأزق العلاقة مع واشنطن، أن نتخلى أولاً - بوصفنا طبقة سياسية مسلّحة- عن التشاطر والاعتقاد بأننا قادرون على كسب الوقت أو اللعب على التناقضات الداخلية الأميركية، مثل التباينات بين إدارة البيت الأبيض ووزارتي «الخارجية» و«الدفاع»؛ حيث توجد أصوات ترفض الضغط على الجيش اللبناني وقيادته، ولكنها في الجوهر مجتمعة على اعتباره مقصّراً في تنفيذ وعوده بسبب قيادته السياسية.

فلا يمكن للدولة، مهما كانت ضعيفة، أن تبقى عالقة بين المطالب الأميركية وضغوط «حزب الله». ويبدو أن الأمين العام الجديد، الشيخ نعيم قاسم، كمن وصل إلى موقعه نتيجة انتخابات داخلية. فيما الحقيقة أن الحزب وقيادته الجديدة بحاجة إلى التخلي عن حالة الإنكار، والاعتراف بهزيمة حرب الإسناد، ومراجعة نتائجها، أما الخطابات أو التصريحات التي تصدر عنهم كأنها تفرض شروطاً على اللبنانيين، يمكن أن تشكّل ذريعة للعدوّ ليستخدمها حجة لتصفية حساباته، ليس فقط مع الحزب، بل مع لبنان.

أزمة الثقة بين لبنان والمجتمع العربي والدولي لا يمكن معالجتها، كما جاء على لسان رئيس الجمهورية جوزيف عون، باتهام بعض «الوشاة» بأنهم يضرّون بسمعة الدولة ومؤسساتها في واشنطن وبقية العواصم. معالجة الأزمة ليست بالتماس الأعذار الداخلية، ولا بالاكتفاء بتذكير الخارج بخطاب القسم والبيان الوزاري. فليس المطلوب صداماً داخلياً، ولا صراعاتٍ أهلية جديدة، بل المطلوب داخلياً كان واضحاً: دفع الأطراف إلى تسوية وطنية تنقذ لبنان والعهد. لذلك ليس من مصلحة أحد تقطيع الوقت مرة أخرى، بانتظار نضوج تسوية إقليمية يعتقد البعض أنها قد تمرّر سلاح «حزب الله». والنتيجة الآن أن الوقت قد ضاق على الجميع، وبات لبنان دولةً وشعباً ومؤسساتٍ في مواجهة تحديات قد تكون وجودية بالنسبة لأهل الجنوب إذا نفّذ العدو تهديداته. أمّا الوشاية، في حالتنا يا فخامة الرئيس، فليست سرية، أي ليست فقط ما يُقال ضد عهدك في الأروقة المغلقة، بل هي أيضاً علانية، وعلى لسان كل مَن يُعلن عصيانه قرارات الدولة. أمّا الحكومة، يا دولة الرئيس، المعنية بنزع السلاح، فهي معنيّة أيضاً باحتضان أهالي حامليه. فهَيبة الدولة مطلوبة، لكنّ لها دوراً أساسياً في تضميد جراح أهل الجنوب بعد مقتلتهم، وليس تضميد الجراح السياسية للذين تسببوا في هذه المقتلة.

 

اتفاقيات ترامب للسلام: بين الورق والواقع

ديما الحلوة/المدن/21 تشرين الثاني/202

في الفترة الأخيرة، تصدّر اسم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب المشهد الدولي كـ"صانع سلام" قادر على حل النزاعات الأكثر سخونة في العالم. من غزة إلى أوكرانيا وصولاً إلى السودان، يتم تقديم خطط ترامب للسلام على أنها إنجازات دبلوماسية كبرى، تحل النزاعات وتعيد الاستقرار إلى مناطق مزقتها الحروب. إلا أن النظر بعمق في هذه الاتفاقيات يكشف فجوة كبيرة بين الطموح الإعلامي والواقع الميداني، حيث تستمر الصراعات، ويتفاقم العنف، ويظل المدنيون يدفعون الثمن الأكبر، في حين تتصرف القوى الإقليمية والدولية وفق مصالحها الخاصة.

غزة: اتفاق بلا أثر

في غزة، بعد اعتماد مجلس الأمن خطة ترامب المكوّنة من عشرين نقطة، كان الهدف المعلن هو نشر قوة دولية لمراقبة نزع السلاح وحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية. القوة الدولية المفترضة، التي من المفترض أن تتألف من دول مسلمة مثل تركيا، إندونيسيا وأذربيجان، صُممت لتكون ضامنة للسلام وواجهة لإنهاء الحرب المستمرة منذ عقود. لكن الواقع على الأرض يختلف جذرياً. القصف الإسرائيلي لم يتوقف، وتسبّب بسقوط عشرات الشهداء والجرحى يومياً، حتى أن الهجمات تمددت لتشمل الضفة الغربية، حيث يواصل المستوطنون هجماتهم اليومية على الفلسطينيين، فيما تتعاظم عمليات الاعتقال والتفتيش العسكري. توسّع العنف خارج غزة يظهر بوضوح في جنوب لبنان، حيث تستمر الهجمات الإسرائيلية والاغتيالات، ووصلت إلى صيداً بغارات استهدفت مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين. تنسيق هذه العمليات يتم من غرفة عمليات مشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة في إيلات، بمشاركة قوات مشاة البحرية الأميركية. في المقابل، يرفض الجيش اللبناني تحويل جنوب البلاد إلى قاعدة عسكرية إسرائيلية، هذا الرفض أدى إلى توتر ملحوظ بين الجيش اللبناني والولايات المتحدة، الحليف العسكري التقليدي للمؤسسة العسكرية اللبنانية، إذ ترى بيروت أن الاستجابة للمطالب الإسرائيلية ستجرّ البلاد إلى مواجهة مباشرة، بينما تتوقع واشنطن تعاوناً أكبر على الأرض. الداخل الإسرائيلي نفسه يعكس هشاشة كبيرة، مع احتجاجات واسعة داخل الجيش وطلبات لإنهاء الخدمة من أكثر من 600 ضابط. هذا التوتر الداخلي لا يوقف الحرب، لكنه يكشف عن ضغط متصاعد داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، في حين يظل المدنيون في المخيمات الفلسطينية أهدافاً مباشرة للصراع.

السودان: ضغط خارجي

السودان يمثل حالة إضافية على هذا النمط. ترامب أعلن أنه سيبدأ بالتدخل بعد طلب مباشر من ولي عهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لإنهاء الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، والتي اندلعت منذ 2023 بعد صراع على السلطة عقب سقوط الرئيس عمر البشير. اهتمام ترامب بالملف السوداني يُعرض على أنه خطوة دبلوماسية كبيرة، لكن الخبراء يشيرون إلى أن ذلك لا يعني بالضرورة ضغطاً مباشراً أو إجراءات على الأرض، وأن أي جدية أميركية ستظهر فقط من خلال تعيين مبعوث رفيع المستوى والتنسيق الوثيق مع السعودية، الإمارات ومصر. الهدف المعلن هو فرض آلية مشتركة لتسهيل هدنة أو تسوية سياسية، لكن بدون وجود توافق داخلي حقيقي بين الأطراف المتحاربة، تبقى أي مبادرة معرضة للفشل. حتى مع تدخل واشنطن وتنسيقها مع الدول العربية المعنية في السودان، تظل التحديات قائمة: الحرب مستمرة، الأطراف متعبة ومتوترة، وأي شعور بالانحياز لأحد الطرفين قد يؤدي إلى عرقلة المسار السلمي.

أوكرانيا: تنازلات تحت ضغط السلام

في أوكرانيا، يتكرر نفس النمط ولكن في سياق أوروبي - روسي أكثر تعقيداً. خطة ترامب للسلام تتضمن 28 نقطة، أبرزها تسليم أوكرانيا كامل منطقة دونباس، تقليص الجيش للنصف، الاعتراف بالروسية كلغة رسمية، ورفع الحظر عن الكنيسة الروسية. هذه المطالب تمثل تنازلات كبيرة لأوكرانيا، وتعبّر عن ميل الخطة لخدمة المصالح الروسية أكثر من حماية سيادة الدولة. وبينما الولايات المتحدة وروسيا تفاوضان على "اتفاق سلام" يفترض أن ينهي الحرب في أوكرانيا، الدول الأوروبية على الأرض تتصرف وكأن الحرب بدأت بالفعل. بولندا، التي تعيش على خط التماس، تحذّر حلفاءها من أن روسيا قد تنفّذ هجمات تخريبية خلال فترة عيد الميلاد. قائد الجيش البولندي يتحدث عن "مرحلة ما قبل الحرب" وينشر عشرة آلاف جندي لحماية البنية التحتية من التفجيرات الروسية، بينما تستعد بريطانيا لضرب سفينة تجسس روسية إذا اقتربت من مياهها. وكان وزير الدفاع البريطاني قد أعلن أن لندن جاهزة لضرب سفينة التجسس الروسية بعد استخدامها الليزر ضد طيّاري سلاح الجو البريطاني. وفي الكواليس، تتحدّث الجيوش الأوروبية عن التصدّي لـ "أسطول ظلّي" روسي يرفع أعلام مزوّرة ويتحرك بخفة قرب المياه الأوروبية في بحر البلطيق. أوروبا استقبلت تسريبات الخطة الأميركية - الروسية برفض شبه كامل. مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، قالت بصراحة إن "أي خطة لإنهاء الحرب يجب أن يشارك فيها الأوكرانيون والأوروبيون". فرنسا، بريطانيا، وحتى السويد، أعلنوا بوضوح أن أي اتفاق لا يمكن أن يُكتب فوق رأس أوكرانيا أو خارج إطار الأمن الأوروبي. كلمات مسؤولي الاتحاد جاءت مباشرة: لا يمكن تحقيق السلام عبر تجاهل الضحية ومكافأة المعتدي. تسريبات الخطة الجديدة تُظهر تنازلات أكبر: تجميد الحرب عند خطوط التماس الحالية، تحويل الجزء الأكبر من الشرق والجنوب إلى مناطق روسية بحكم الأمر الواقع، منع أوكرانيا من دخول الناتو ونزع أي وجود عسكري أجنبي على أراضيها. مقابل ذلك، تحصل كييف على "ضمانات" روسية ووعود بفتح الاقتصاد العالمي أمام موسكو ورفع العقوبات. ومع ذلك، تأتي المفاجأة الأكبر اليوم من واشنطن: أوكرانيا تتعرّض لضغط غير مسبوق لتوقيع الاتفاق في فترة زمنية قصيرة جدًا. ترامب نفسه تحدث عن مهلة أميركية حتى الخميس المقبل، مع تهديد مباشر بقطع الدعم العسكري والمالي إذا لم توافق كييف على الإطار الأولي للاتفاق قبل عطلة عيد الشكر. الضغط لا يأتي فقط من واشنطن، بل من المسار الموازي الذي صاغه مستشارون مقرّبون من ترامب ونظراؤهم الروس عبر قنوات غير رسمية، وهو ما أثار غضب العواصم الأوروبية التي وجدت نفسها خارج النقاش مع خطة تعتبرها مشروع استسلام لا أكثر. أما كييف، المحاصرة بين الحرب من جهة والضغط الأميركي من جهة أخرى، فتقدم صورة واضحة: رئيس مُنهك، دولة تخوض معارك على الجبهة، وتهديد صريح بخسارة أهم حليف إذا لم تقبل بخطة تُفرّغ سيادتها من مضمونها. ما يربط كل هذه الملفات معاً هو نمط واضح: اتفاقيات ترامب للسلام واجهات إعلامية أكثر من كونها اتفاقات عملية. فهي غالباً ما تُصاغ بعيداً عن إرادة الشعوب المعنية بالصراع، وتُقدم كإنجاز سياسي أو دبلوماسي دون آليات تنفيذية واضحة. على الأرض، يستمر العنف، وتظل الدول المهددة متأهبة للتصعيد، بينما تُستخدم هذه الاتفاقيات لعرض صورة واهية عن التقدم نحو السلام. في غزة، الحرب اليومية مستمرة رغم الاتفاقيات، وفي أوكرانيا تُفرض تنازلات على دولة مستقلة تحت غطاء السلام، وفي السودان يظل المدنيون ضحايا النزاع المسلح.

 

تسعون أرزةً وأرزة

عقل العويط/النهار/21 تشرين الثاني/2025

نهارك سعيد. تسعون، وواحدٌ بعد التسعين، هو عمرُكِ. فكلّ عمرٍ، وكلّ عيدٍ، وهو اليوم، وأنتِ بخير. والخرزةُ الزرقاء تردّ عنكِ الحاسدَ والشرّيرَ والشيطانَ، وتردّ التعبَ والأسى ومشقّةَ الدهر والدهور. فطوبى للخرزة الزرقاء، ولكِ الطوبى، وللثكالى، وللحزانى، وللودعاء، وللجياع، وللعطاش، وللأنقياء قلوبهم، وللرحماء، وللمضطهَدين من أجل الحقّ، وللشعراء، وللمساكين بالروح، فجميعكم سترثون شرفَ الأرض، وترثون حضنَ السماء. ولا تتوقّفي عن الحياة. ولا تضجري. ولا تيأسي. وإيّاكِ ثمّ إيّاكِ أنْ تتوقّفي. وإنّما لأجل أنْ تظلّ الحياة تعرف الطريق إلى الحياة، وأنّكِ ها هنا، وأينما. وباقيةٌ إلى كتبٍ وسنينَ وأعمار.

ومن أجلكِ، وهلي، وريما، ومن أجل زياد، وليال، وعاصي، والشعر، والشتاء، ودوام الخير. والتهيٌبُ شرطٌ، وأنا متهيّبٌ. والسكوتُ اللائقُ في العيد، ذهبٌ خالص، وأنا ساكتٌ. ولحظةُ حبٍّ واحدة تكفي، وتنوب عن الكلام كلّه. وإنّما أبوح بالقول الزاهد المتقشّف من مثل: أنْ تتمشّي قليلًا، أنْ تتنزّهي في الجنينة، في الخيال، في اللّاوعي، في الشرود، وأكثر من مرّة في اليوم، وأنْ تدندني، وتمارسي طقوسكِ، وأن تأخذي الماء ليس فقط عند العطش، وأنْ تواظبي الجلوس إلى المائدة. ما ألذّ جلوسكِ إلى مائدة!

وعليكِ بالقليل من القهوة. وبالنبيذ. فهما يطرّيان وجعَ الوجود. وابتسمي مرّةً ومرّتين. ومثنى وثلاث. وهلمّ.

ما أجملكِ عندما تبتسمين!

وتنفّسي ملءَ الزمان، ووسعَ المدى والمكان. وتنهّدي. فالتنهّد بابٌ إلى الفرَج، ويعزّي، ويفرّج عن القلب، ويطيّب هواجس الروح. ومن شأنه أنْ يجعل هذا الخريف، وكلّ عبءٍ، وكلّ ليلٍ، ليّنًا وعذبًا، كنسيمٍ عابرٍ في خاطر ملاكٍ ووردة.

وستظلّ الأتعابُ، وأشغالُ همومكِ كثيرةً، لكنّ المزمورَ سيظلّ يسألكِ عن الطريق إلى الغناء، وستظلّ الحبيبةُ تسأل الوصولَ إلى المحراب، والقمرُ يريد قطفَ السحر، وسرّ السهر على التلّة، والنبعُ سيسأل عن السبيل إلى الوادي إلى النهر، والنهر عن المآل إلى المصبّ إلى البحر. وهكذا.

نهارك سعيد.

يسوع الناصريّ، لا بدّ أنْ يزوركِ اليومَ، في عيد ميلادكِ، – بالشوق - وقبل الشتاء، ومعه أمّه، ويوحنّا، ليتفقّدوا الأحوال، ويطيّبوا الخاطر. وسيسألونكِ عن الشقاء، عن الصعوبة.

وهو، أي المسيح، لا ينسى الفقرَ، لا ينسى الجلجلةَ، ولا ينسى شيئًا، وسيعزّيكِ، ويفتح الأجندةَ طبعًا، ومكتوبٌ عليها تاريخُ ميلادكِ، والعيد، ولن يُخلّ، وسيدعو لكِ بطول العمر، ومن أجلكِ سيصلّي، وسترنّم معه الطيور والأشجار والغيوم والجبال والأودية، والأحلام ستغنّي، واللطائف.

وأفترضُ وأزعم أنّه سيضع يدَه على رأسكِ، وستحلّ البركة، وسيحمل باقةَ أشعار، ونظراتٍ، لا الرأفةُ والتحنانُ يُحصَيان فيها، وسيحمل اليكِ أرزةً من جبل لبنان، لتنضمّ إلى أعماركِ. وأعمارُكِ أرزات.

ويسوع سيسألكِ الجلوسَ لطفًا، وفنجانًا من الزوفى، وأنْ تغنّي له يا ساكن العالي طل من العالي. وأشياء أخرى.

وقد يصطحب معه حاملي الأبواق والصنوج، والعازفين على النايات، والسابحين في الهواء الطلق، والجوقة والكورس، ورفوف الملائكة والحساسين.

وإذا طاب له المقام، وسيطيب، فما أطيبها ستكون جلسةً، وإقامةً.

ورجاءً أنْ تعزميه، وتُلحّي، فسيلبّي، مثلما فعل في بيت عنيا، على سفح جبل الزيتون، حيث أورشليم القدس على مقربة، حيث كان هناك ألعازر وأختاه مريم ومرتا.

فأطعميه خبزًا وزيتونًا وجبنةً وزوباعًا وصعترًا على طريقتنا، ومن حواضر البيت.

وفي السهرة ساهرِي المسيح، وأمّه، ويوحنّا، وعندما الوقت المناسب، لا تنسي أنْ تسأليه عن حياتنا، عن موتانا، وأراضينا، وأعمالنا، وأطفالنا.

واسأليه، يجب أنْ تسأليه، "بالأمليّة"، متى يحين توقّف مآسينا، وكوارثنا، وهل سيمتدّ شقاؤنا.

وأفرشي له على الأرض بعد أن ينعس، لينام.

وعندما ينام، وأمّه تنام، ويوحنّا، وعندما ريما تنام، وهلي ينام، ضوّي له الأيقونة، وغنّي للقنديل ضوِّ يا ها القنديل ع بيوت كلّ الناس، واكتبي على ضوئه الشحيح، بالمختصر المفيد، كلّ ما امتنعتِ عن قوله وكتابته، طوال شقائكِ وعمركِ.

وكاشِفي المسيح، وافتحي له القلب، فهو وحده عارفٌ، ولا تكتمي، ولا تحجمي. وهو سيلتقط الإشارات، ويسجّل كلَّ ما مررتِ به، والفجائعَ، والأهوال، والمرارات، والخيبات، والتفاصيل.

وتستطيعين – لأنّه عيدكِ ولن يردّكِ خائبةً – أنْ لا تكتبي له عن الليل فهو عارفٌ أنّه ليل، ولا عن السعادة فنحن، ولا مفرّ، على هذه الأرض، على قول صموئيل بيكيت، وأنْ لا تسأليه عن الموت لأنّه موت.

لكنْ يمكنكِ أنْ تخبريه بما نحن فيه من استحالة العثور على حلولٍ لمشاكلنا، فهو سميعٌ مجيبٌ، ولا بدّ أنْ يقرأ ويسمع ويستجيب.

وخبّري الناصريّ – لا تستحي أنْ تخبّريه - أنّنا زعران أفّاقون ولا نستحقّ، لكنّ لبنان يستحقّ، وأنْ تُرفَع عنه شرورُ أهله وجماعاته، وشرورُ العالم.

وكأمّه في عرس قانا، لن يردّ طلبًا لأمّه، وأعجوبةً، ولا طلبًا لكِ سيردّ. وسيفعلها. ويستجيب.

ومضفورةٌ أنتِ بغابة أرز، يا فيروز، وبتسعين أرزةً وأرزة، وبالعافية.

ونهارك سعيد. وكلّ عيدٍ، وكلّ عامٍ، واليوم، وأنتِ بخير.

 

قرار واشنطن إلغاء مواعيد قائد الجيش ليس مجرّد تفصيل بروتوكوليّ،

مروان الأمين/فايسبوك/21 تشرين الثاني/2025

إن قرار واشنطن إلغاء مواعيد قائد الجيش ليس مجرّد تفصيل بروتوكوليّ، بل هو حدث استثنائي يحمل دلالات ثقيلة في تاريخ العلاقة بين العاصمة الأولى في صناعة القرار الدولي والمؤسسة العسكرية اللبنانية. فلطالما شكّل الجيش اللبناني نقطة الارتكاز الأكثر ثباتًا في نظرة واشنطن إلى لبنان، وحاز احترامًا متراكمًا عبر إدارات أميركية متعاقبة رأت فيه مؤسسة تستحق الاستثمار بها، فحرصت على توفير الدعم له بلا انقطاع.

منذ "طوفان الأقصى" تبدّل المشهد الإقليميّ برمّته، وتغيّرت معه مقاربة الواقع اللبناني من قبل الإسرائيلي والأميركي، خصوصًا بعد دخول "حزب اللّه" في الحرب دعمًا لغزة. المنطقة كلّها انتقلت إلى مرحلة تتطلّب مقاربات جديدة وإجراءات عاجلة، لا خطابات سياسية فضفاضة ولا شعارات معلّبة. هذا بالضبط ما تقوم به إسرائيل، من غزة إلى لبنان وسوريا واليمن وصولًا إلى إيران. فإسرائيل ما بعد السابع من تشرين لم تعد تلك التي قبلَه؛ دولة تسابق الزمن وتتحرّك بقرارات حاسمة، بمعزل عن الحسابات التقليدية.

وهذا أيضًا ما أدركه الرئيس أحمد الشرع ويتصرّف على أساسه، ما فتح أمامه أبواب البيت الأبيض. أما المسؤولون اللبنانيون، فلا يزالون غارقين في لعبة المراوغة إيّاها، يكتفون بخطابات "ممتازة" لا تلامس أرض الواقع، ولا تتطابق مع أي خطوات فعلية في ما يتعلّق بإعادة حصر السلاح بيد الشرعية. وهنا تحديدًا، يكمن التباين الذي بدأت واشنطن ترصده وتعبّر عن قلقها وإحباطها بشكلٍ تصاعدي: أولًا، في الاجتماعات مع المسؤولين اللبنانيين خلف الأبواب المغلقة، ثمّ عبر تحذيرات وامتعاض في العلن على لسان موفديها. وكانت آخر الإشارات إلغاء مواعيد العماد هيكل في واشنطن… وربّما ما هو آتٍ أخطر.

ليس خافيًا أن الرئيس عون وصل إلى بعبدا من اليرزة، لا من أي موقع آخر. وهذه الخلفية العسكرية والأمنية تجعله أكثر إلمامًا من أي شخصية أخرى كانت ستصل لسدّة الرئاسة بتفاصيل الواقع الميداني. لذلك، كان من الطبيعي أن يتعامل اللبنانيون، كما الدول العربية والمجتمع الدولي، وفي مقدّمهم الأميركيون، مع خطاب القسم بوصفه خطابًا يصدر عن رجل يعرف تمامًا ما يقول وما يتعهّد به في ملف السلاح.

فالرئيس عون، المُطّلع على آليات العمل العسكري والأمني عن قرب، والعارف بتشابكات وتعقيدات الواقع على الأرض، وتداخله بين المؤسسات العسكرية والأمنية الشرعية من جهة، وسلاح "حزب الله" من جهة أخرى، لا يمكن أن يقطع وعدًا بإنهاء ملف حصر السلاح قبل نهاية عام 2025 لو لم يكن مقتنعًا بقدرته على السير بهذا التعهّد حتى نهايته. ومن هنا، جاءت توقعات الداخل والخارج بأن ما قيل في خطاب القسم ليس مجرّد شعارات، بل هو التزامٌ مبنيٌّ على معرفة دقيقة بواقع الأرض وإدراكٌ لمتطلبات المرحلة. إن قرار واشنطن لم يوجّه ضربة معنوية إلى قائد الجيش وحده، بل أصاب المؤسّسة العسكرية برمّتها، لأن الجيش ـــ شأنه شأن مؤسسات الدولة ـــ هو الباقي، فيما يأتي الرؤساء والقادة والمسؤولون ويغادرون. وما وضع الجيش في هذا الموقف المؤسف، وأوصلَه ـــ ومعه لبنان ـــ إلى هذا المنعطف الخطير، ليس حدثًا معزولًا، بل مسارًا متشابكًا. فمن جهة، "حزب اللّه" مُتشبّث بمكابرته وتعنته في رفض تسليم سلاحه، ومن جهة أخرى، تقاعس المسؤولين اللبنانيين عن القيام بواجباتهم بما تقتضيه خطورة المرحلة، وتخلّفهم عن تنفيذ تعهّداتهم تجاه اللبنانيين والمجتمع الدولي.

 

العسكريون في الاستقلال: نُحِبُّ هذه البزّة لكن اللقمة صعبة!

نغم ربيعمها غزال/المدن/21 تشرين الثاني/202

في مثل هذا اليوم، كان يُفترض أن يخرج اللبنانيون إلى الساحات ليرفعوا العلم، وأن تتقدّم فصائل الجيش في عرضٍ عسكري يُذكّر الناس بأن لهذا البلد دولة وجيشاً وطقوساً. لكن هذا العام، غابت كلّ مظاهر عيد الاستقلال. لا منصّات، لا احتفال رسمي، ولا حتى محاولة لتجميل المناسبة. وزارة الدفاع ألغت الفعالية، ورئاسة الجمهورية قرّرت الاكتفاء بتقليد أوسمة لرجالات الاستقلال. ستة أعوام من الانهيارات المتتالية تركت الجيش في وضع لا يشبه تلك الصورة اللامعة التي تتكرر في كتب التربية. الجيش الذي يفترض أنه العمود الفقري للاستقلال، يعيش اليوم أوضاعاً صعبة. رواتب العسكريين تراجعت قيمتها إلى ما دون الحدّ الأدنى. عسكريون يعملون ليلاً في مهن إضافية كي يصمدوا، وآخرون يتركون الخدمة كلما وجدوا فرصة للهجرة. وسط ذلك كله، الضغوط التي تعيشها المؤسسة وقائدها، حدود مستباحة، سماء مفتوحة للطيران الإسرائيلي، وبلد يعيش اليوم على إيقاع التهديدات لا على إيقاع الاحتفالات.

الجيش الذي حُرم من الحياة الكريمة

منذ 2019 حتى اليوم، خسر العسكري اللبناني معظم قيمة راتبه. تدحرجت الليرة، وتدحرج معها كل ما يضمن للعسكري حياة محترمة. فجأة صار الجندي يشتغل بعد خدمته بمهن عدّة. ومن لم يحتمل، ترك الخدمة أو سعى إلى الهرب. الجيش، الذي كان "المؤسسة الوحيدة المتبقية في البلد"، صار هو نفسه بحاجة إلى من يسنده. ومع ذلك، يُطلب منه اليوم مواجهة تحدّيات أمنية هائلة، بعد حرب تركت الجنوب مشرّعاً والخوف مفتوحاً على كل الاحتمالات.

العائلة التي أورثت أولادها حبّ العلم

في أحد المراكز، يقف شاب في العشرينيات، يزيح بيده شيئاً من الضباب المتراكم فوق المشهد اللبناني كلّه، ويرفع رأسه بثقةٍ يداخلها قدرٌ من البراءة. يقول لـ"المدن": "مذ كنتُ صغيراً، كان حلمي أن أنضمّ إلى الجيش". تتشكّل على وجهه ابتسامة فيها عنادٌ يشبه عناد القرى والبيوت التي تربّى فيها، ويضيف بثقة لا تخلو من التمنّي: "الوضع سيتحسّن… لا بدّ أن يتحسّن". وعلى المقلب الآخر، يقف عسكريٌّ مخضرم، يحمل في صوته تعب السنوات الأخيرة أكثر مما يحمل من الكلمات. يقول لـ"المدن": "بسبب الظروف الماضية، اضطررتُ إلى العمل سائق توصيل بعد الدوام. في بداية الأزمة الاقتصادية تأذّى جميع اللبنانيين. لكنّهم عادوا وتكيّفوا، ورتّبوا أمورهم… أمّا نحن فبقينا في عين العاصفة".ليس وحده في ذلك الهم. فثمة جندي آخر، يشير إلى حقيبته المتهالكة كأنها مرآة حياته، ويقول: "أنا أعيل ثلاثة أطفال. الراتب لا يكفيني لأسبوع. أتناوب بين الحراسة والعمل الليلي في متجر صغير. أنام ساعتين أو ثلاثًا ثم أعود إلى الخدمة. أحبّ هذه البزّة، لكنّني أعاني". بهذه الحكايات الصغيرة، يظهر الجيش كما هو اليوم: أفرادٌ يحاولون التمسّك بالمؤسّسة التي يحبّونها، فيما البلاد تتهاوى من حولهم، ويُطلب منهم، رغم كل ذلك، أن يبقوا واقفين.

لبنان الذي لا يحتفل… لأنه لم يكتمل بعد صحيح أن 22 تشرين الثاني 1943 سجّل خروج الانتداب الفرنسي، لكن كل ما تلاه حوّل معنى "الاستقلال" إلى عبارة شاعريّة، تُردَّد أكثر مما تُعاش. فالمناهج التربوية تبالغ في تقديس الرموز: العلم، النشيد، القلعة، رجالات الاستقلال… لكن الطالب نفسه، عندما يكبر ويخرج إلى الحياة، يكتشف أنّ كل ذلك جميل على الورق فقط. لا سيادة كاملة. لا قرار واحد. لا عدالة اجتماعية. لا مؤسسات تعمل. بلدٌ بنى هويّته على الشعارات، من دون أن يبني دولة. صار الاستقلال احتفالاً بلا مضمون، ورمزاً بلا أسس تحمله. غابت مظاهر العيد هذا العام، ليس فقط بسبب الحرب، بل لأن البلد بدا كمن فقد القدرة على الاحتفال. أما اللبنانيون فباتوا يعلمون جيداً أنّ الاستقلال ليس تاريخاً يُحفظ، ولا نشيداً يُتلى، ولا عرضاً يُنقل مباشرة على الهواء، بل يفترض أن يكون منظومة حقوق، وواجبات، وعدالة، ودولة تحمي أبناءها قبل حدودها. أمّا لبنان فقد بقي بعيداً عن هذه القيم، وظلّ بارعاً في إنتاج رموزه وتقديسها، وفشل في إنتاج وطنٍ لأبنائه.

 

متري في دمشق بملفات ساخنة: سوريا الحازمة ولبنان المرتبك

فرح منصور/المدن/22 تشرين الثاني/202

سلكت العلاقة اللبنانيّة – السوريّة الجديدة مسارًا إيجابيًا، عنوانه الأساسيّ حلّ كل الملفات الأمنية والقضائية العالقة بين الجانبين، من أجل تحسين العلاقات بين بيروت ودمشق، ومتابعة التنسيق المؤسساتيّ الرسميّ بما يضمن أمن البلدين.  وإذا كانت الزيارة الرسمية لنائب رئيس الحكومة، طارق متري، تهدف بشكل أساسيّ إلى البحث المعمق في سبل تحسين وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، إلا أنها حملت في طياتها رغبة لبنانية واضحة بايجاد حلولٍ لجميع الملفات الشائكة، من أجل طي الصفحات الماضية. وهذا ما ظهر في اللقاءات الرسمية بين متري ورئيس الجمهورية العربية السورية، أحمد الشرع، إضافة إلى اجتماعه مع عددٍ من كبار المسؤولين السوريين، ومن ضمنهم وزير الخارجية أسعد الشيباني، وزير العدل مظهر الويس، حيث تمت مناقشة أبرز الملفات العالقة، وفي طليعتها ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانيّة.

الرغبة بتحسين العلاقات

مساعي لبنان لطي الحقبة السوداء السابقة، ومعالجة كل الملفات بين البلدين، قوبلت برغبة واضحة لدى سوريا أيضًا، التي أبدت رغبتها بتطوير وتحسين العلاقات مع بيروت، وأن يستفيد لبنان من الانطلاقة الضخمة لسوريا الجديدة. لذلك شددت على ضرورة تجاوز كل العقبات وحل الملفات العالقة، ولاسيما ملف الموقوفين السوريين وملف ترسيم الحدود بين البلدين، وبشكل سريع، إضافة إلى استكمال عمل اللجان التقنية والقضائية لانهاء هذه الملفات، والانطلاق نحو البحث في مشاريع التكامل. وتشير مصادر "المدن" إلى أن سوريا تصرّ على ضرورة إطلاق سراح الموقوفين الذين تم توقيفهم بسبب انتمائهم وتأييدهم للثورة السورية وفصائلها. هذا الملف الذي بدأ الجانبان مناقشته منذ أسابيع، والذي جرى التوافق سابقًا مع الوفد القضائي السوري الذي ترأسه وزير العدل السوري مظهر الويس في زيارته الأخيرة لبيروت، على توقيع اتفاقية قضائية تقضي بحلّ هذا الملف. لكن تبين لاحقًا أن هذه الاتفاقية لن تلبي المطالب السورية فهي بحاجة للكثير من الوقت. وهذا ما يرفضه الجانب السوريّ الذي يعطي أهمية كبرى لهذا الملف تحديدًا. 

حل ملف الموقوفين السوريين

وفي هذا الإطار، جرى الاتفاق على أن يجري وفد قضائي لبناني زيارة إلى سوريا في بداية شهر كانون الأول المقبل، للبحث في ملفات الموقوفين، الذين قسمهم الوفد القضائي اللبنانيّ إلى لوائح متعددة، وجرى تقسيم السجناء المتهمين بالارهاب إلى ثلاثة فئات، الأولى تشمل الذين ألقي القبض عليهم في لبنان بسبب انتماءهم للجيش الحرّ، ولكن لم يرتكبوا أي جرم على الأراضي اللبنانيّة، الثانية تشمل الذين لم يرتكبوا أي جرم في لبنان لكن جرى توقيفهم بسبب انضمامهم للمجموعات المسلحة التي نزعت عنها الصفة الارهابية لاحقًا، والثالثة تشمل أولئك الذين شاركوا في القتال ضد الجيش اللبنانيّ. وحسب معلومات "المدن" هناك 27 موقوفاً جرى اعتقالهم من دون أي أحكام وهم "ملاحقون" بالمعنى القضائي، وجرى النقاش للعمل على إطلاق سراحهم فوراً، وهو ما يفترض أن يجري من خلال تقدّم محامين أمام القضاء اللبنانيّ بطلبات إخلاء سبيلهم. كذلك جرى النقاش حول 120 موقوفاً من الذين قضوا سنوات طويلة في السجون اللبنانيّة بسبب انتمائهم للثورة السورية وفصائلها. وهؤلاء يجب إيجاد مخارج قضائية لهم. وهو ما سيتم مناقشته في الزيارة المقبلة. ولم تنحصر مطالب سوريا على حلّ ملف الموقوفين السوريين من الناحية القانونيّة فقط. إذ ترغب باتفاق سياسيّ كبير يوفر الغطاء لتسوية قضائية تسهيلًا لإطلاق سراح الموقوفين، لأنها تعتبر بأن هذا الملف أصبح ضاغطاً جداً ويجب العمل على حلّه بسرعة، على اعتبار أنه لا يجب الاستمرار في عقد اللقاءات مع الجانب اللبنانيّ للنقاش في ملف الموقوفين فقط، فهناك ملفات كثيرة يجب الانتقال للبحث بها ومعالجتها. في هذا السياق، علمت "المدن" بوجود محاولات في لبنان لتخفيض السنة السجنية من تسعة أشهر إلى ستة أشهر. وهذا الأمر سيسهل ويسرّع في إطلاق سراح الكثير من الموقوفين المحكومين. وتفيد المعلومات بأن الموفدة الفرنسية آن كلير لوجاندر طرحت على السوريين واللبنانيين صيغة معتمدة في القانون الفرنسي وهي ترحيل مساجين متهمين بجرائم إلى بلدانهم. وعرضت إمكانية مساعدة فرنسية في معالجة هذا الأمر. في هذه اللقاءات الرسميّة، أكد السوريون أنهم لن يطالبوا بإطلاق سراح المساجين السوريين الذي ارتكبوا جرائم جنائية في لبنان، كالخطف والسرقة أو الاغتصاب. فهؤلاء يخضعون لآلية قضائية مختلفة، والتي يمكنها أن تمر عبر الاتفاقيات والمعاهدات بين البلدين، لكن الأهم بالنسبة إليهم هم الموقوفون بسبب انتماءاتهم السياسية، أي أصحاب الرأي الذين ناصروا الثورة السوريّة خلال نظام بشار الأسد المخلوع.

مبادرة فرنسية رسمية

لوجاندر عرضت أيضاً مساعدة فرنسية لكل من سوريا ولبنان للعمل على ترسيم الحدود بينهما، وتقديم الخرائط المطلوبة والتي تعود لأيام الانتداب الفرنسيّ. ورحب البلدان بذلك، ولكن من دون الحاجة لأن يلعب أي بلد دور الوسيط، لأن لبنان وسوريا لا يحتاجان إلى وساطة نظرًا لأهمية العلاقة بينهما. وأنه يجب العمل على ترسيم الحدود، وعدم ترك هذا الملف يشكل عائقاً في تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية والاستثمارية. وفي حال كانت الأمور عالقة عند أي مشكلة كالنزاع الحدوديّ على مزارع شبعا التي لديها ارتباطات سياسية إقليمية ودولية، فيمكن تأجيل البت بها في هذه المرحلة ولكن مع ضرورة إنجاز الأمور الأخرى وعدم تأخيرها. وفي اطار زيارة متري إلى سوريا، كشفت معلومات "المدن" عن زيارة وفد تقني أمني وعسكري للبحث في ملفات الحدود والملفات الأمنية الأخرى، مع التشديد على أهمية ضبط الحدود ومنع تهريب الأسلحة والمخدرات والأموال. بينما بحث متري في مسألة تسهيل إجراءات الدخول والخروج بين سوريا ولبنان، بالإضافة إلى الدخول بمشاريع تطوير المعابر الحدودية وتوسيعها.

فلول النظام المخلوع

ومع توسع النقاش بين متري وكبار المسؤولين السوريين، فإن "فلول" نظام الأسد المخلوع لم يغيبوا عن الاجتماعات الرسمية. إذ بحسب معلومات "المدن"، فإن دمشق شددت على ضرورة عدم السماح لهم بأي تحركات في بيروت من شأنها أن تسهم بزعزعة الأمن والاستقرار في سوريا. وكشفت مصادر قضائية لـ"المدن" أن الأجهزة الأمنية فتحت تحقيقًا موسعًا حول عدة أسماء من كبار رموز النظام السوري المخلوع، وذلك بعد وصول استنابة فرنسية إلى لبنان، تطلب التحقيق بوجود عدة شخصيات في بيروت ومن ضمنهم: "قائد المخابرات الجوية اللواء جميل الحسن، اللواء علي مملوك رئيس مكتب الأمن القومي السوريّ، عبدالسلام محمود رئيس فرع التحقيق في إدارة المخابرات الجوية السوريّة"، وأظهرت التحقيقات التي أجراها جهاز شعبة المعلومات عدم وجود هذه الشخصيات في لبنان، مشيرةً إلى أن كبار رموز النظار السوريّ السابق مرّوا من لبنان ليلة سقوط النظام، وغادروا إلى بلدان أخرى، ولكن هناك عدة شخصيات موجودة في لبنان وهم ضباط من الدرجة الثانية، موضحةً أنه لم يتم إلقاء القبض عليهم بسبب عدم تسلّم لبنان أي طلبٍ بذلك من سوريا أو من أي بلدٍ آخر، كما أنهم ليسوا ملاحقين بأي جرم في لبنان، الأمر الذي يمنع توقيفهم في الأراضي اللبنانيّة.

 

سيادة ومقاومة واستقلال ناقص

أحمد جابر/المدن/22 تشرين الثاني/202

قال الشاعر العربي:

لكلّ شيءٍ إذا ما تمَّ نقصانُ        فلا يُغَرَّ بطيب العيشِ إنسانُ

مناسبة قول الشاعر: رثاء بلاد الأندلس، التي لم يحافظ عليها مليكُها "مثل الرجال". يشبه لبنان الفردوس الأندلسي قبل زواله، وقد يصير إلى ما صار إليه ليحاكيه في اضمحلاله. مسحة الشؤم التي كانت خاتمة الحكاية الأندلسية، هي مسحة الشؤم التي ما زالت حيّة تتجدّد، في حكاية الأمثولة اللبنانية.

عشيّة الاستقلال، كذكرى، أو كيومٍ في تاريخ الكيان، يصعب القول إن الاستقلال قد بَلَغَ تمامه، كذلك يصعب القول أيضاً، إن الكيان قد باشر مسيرة نقصانه، مثله مثل كل الكائنات التي بلغت التمام. نترك أمر التمام للفلسفة، لتقول إن كان التمام ممكناً في أصل الحكاية، ونترك للعلم أمر تعليل النقصان، إن كان عارضاً، أو إن كان من أصل طبيعة الكائنات "الحيّة"، وفق تعريفات الحياة المتعدّدة. لبنان البلد، الذي يقسمُ به كل سكانه، حَمَلَ نقصان استوائه كائناً مكتملُ الشروط الحياتية، منذ إعلانه كائناً، واستمر هذا البلد، في نقل عدم تمامه الأصيل، من جيلٍ إلى جيل، ومن وكيلٍ على الميراث إلى وكيل على التراث، نقلاً تزيد أعباؤه، وتتراكم مشاكله، وتتكاثر أسئلته، من قِبل مِن صاروا حراس تراثٍ أو حراس هيكلٍ موروث. على أنه سيظلُّ مطلوباً اختيار الأساسي الإشكالي من المنقول البَلَدي، مثلما سيظلّ ضروريّاً تسليط الضوء على الفرعي المتناسل من الإشكالي الأصلي، والتدقيق أيضاً، في طبيعة الفرعي الجديد، لفحص حقيقة "فرعيّته"، وللتفكير في احتمال انتقاله إلى خانة الأساسي، الذي صار بدوره أصلاً بعد أن كان في خانة الفرعي، الذي كان "عارضاً". حَكَمتِ الثنائية لبنان، وتحكَّمَتْ بمساره، ثنائية الطائفية الحزبية، والطائفية السياسية، وعلى هذه الثنائية نهضت ثنائية "الاختيار" التي ما زالت تتحكّم بمستقبل السيرة اللبنانية، بالاستعانة بطائفيتها المزدوجة، المتحدّرة من زمن النشأة، والمقيمة في الزمن الناشئ إقامة طارِدَة. لا دليل حتى تاريخه، على طرد الثنائية، من التعريف، وهناك أدلّة وأدلّة، على تمكين الثنائية من مفاصل كل بنيان طائفي فردي، ومن نطق ودعاية وإعلان، كل ذي مرجعية طائفية، لبنيان سياسي، ذلك أن الطائفية ما زالت نُسْغَ حياةِ من ينتمي إليها سياسيّاً، ومن يذود عن مصالحها المادية، بما امتلك من وسائل مادية، ومن نصوصٍ روحية. الثنائية النشوئية كانت ولادة قهريَّة لدى من جرى ضمَهم إليها. رُفِضَت الثنائية ثنائياً من قبل كتلتيها، فلا المسيحيون ارتضوها رضى جامعاً، ولا المسلمون اجتمعوا على الترحيب بها. حَكَمَ التّردد المضمومين، وجمعت الهواجس بينهم، وتكفَّلَتِ الأحداث المتوالية، بشرح ما هم عليه من تباعد، ولم يفلح الاستقلال سنة 1943، في خلع لبوسه الزاهي الألوان على ذوي الألوان القاتمة التي ظلّت حُصْناً حصيناً لأصحابها.

كيف عرَّف الثنائيون ذواتهم؟ فريق منهم ظلّ أميناً لأصل إقامته الماضية، وبناءً عليه، ظلّت الإسلامية الغالبة، إسلامية حنينٍ إلى محيطها الإسلامي الأبعد، ثم حملت انحيازها إلى محيطها العربي الإسلامي الأقرب، بعد أن عمدت الاستعمارية إلى "ابتكار" الاستقلاليّات ابتكاراً مصلحيّاً واضحاً، ابتكاراً تجميعياً بلغ حَدّ العشوائية، في الضّم والفرز، وفق حساب المصالح إياه. حساب حقل الثنائيين لم يوافق حساب بيدر من جرّهم إلى "احتمال" تساكن مديد لذلك، وكنتيجة "طبيعية" ظلّت المسيحيّة الغالبة، مسيحيّة انتماء إلى "الجبليّة" التي أُنزِلَت منها، واستمرّت جبلية المصالح، بعد أن أمّن لها الفرز الجديد، مثاقيل وزن إضافية في التشكيلة البلدية الناشئة. اللبنانية التي صارت صفة للبلد الذي نال استقلاله، شطرتها الإشكالية الثنائية. الغُنْمُ المتفاوت بين لبناني ولبناني، عزّز الانشطار. حماية التفاوت في الغْنْمِ وفي الغُرْمِ، دفعت المستفيد والمغبون، إلى إدارة وجهه صوب الخارج. على هذه الاستدارة ترتبت ثنائية "شرق وغرب"، وعليها ترتبت سياسات ولاء وعداء، وعلى كل ذلك، ارتفع رويداً رويداً، حاجز تصنيفٍ بين سيادية "اللبنانيين الأقحاح"، وبين صدق انتماء الوافدين إلى اللبنانية من الأمصار. لم يكن الحاجز دائماً حاجزاً بين انفلات ردود الأفعال، هذا لأن مدّ الخلاف والنزاع، بلغ في أكثر من محطة حالة الطوفان، الذي كان من شأنه جرف ما تمّ بناؤه، استقلالياً، والعودة بالجميع إلى الأرض الخلاء. رَبْط الماضي بالحاضر، يعيد تزكية واقع الخلاف العميق الذي تأسس على قواعد الثنائية. من جديد، الإسلامية الواسعة تغالب لتكون محليّة أكثر، والكثرة المسيحية، ما زالت تنشط لتؤكد تفوّق محليتها الموروثة. لوهلة يبدو المشهد مشهد صراع مصيري، أو صراعٍ وجودي، على ما يردده المساجلون اليوم بكثير من الجرأة والوضوح، وبقليل من التهيّب وتدوير الزوايا. عنوان السجال الحاضر، ابن عم عنوان السجال الغابر: سيادة داخلية لبنانية لا تشوبها شائبة، وقومية أو إسلامية مشدودة إلى مواردها الفكرية. السيادة اللبنانية تصير مع أهلها مقاومة من الداخل، ومن أجل الداخل، والعروبة والإسلامية تصير مع دعاتها مقاومة ضد الخارج ومن أجل الداخل. مقاومتان تتوسّلان مصادر الدعم الخارجي، من أجل أهداف الداخل "النبيلة". مقاومتان تشتركان في الولاء للخارج من أجل الفوز بالهيمنة على الداخل. مقاومتان تشتركان في التعامل مع "الغريب"، فتنتقصان من السيادة ومن حصانة الداخل. مقاومتان تنفي كل منهما تهمة "العمالة"، للغريب، الذي يصير من "أهل البيت"، لدى كل مقاومة على انفراد. مقاومتان تساهمان بأساليب متشابهة في فرط "العقد الداخلي"، عن سابق قصدٍ، وعن سابق استهداف، ثم: يُعلن كل طرف مقاوم أنه حريص على الاستقلال والوحدة والحصانة... الوطنية. من غير المتاح الحديث عن استقلال "ناجز" على أيدي قوى داخلية غير جاهزة وغير مؤهّلة تأهيلاً جمعيّاً، ومن غير الممكن الحديث عن استقلاليين أو مقاومين، حديثاً وطنيّاً ذا أركان ثابتة، ما دام المعروض اليوم، مثل الماضي، برامج فئوية، ظاهرها التساكن والتعايش والاستقلال، وباطنها التنابذ والتنافر والتقوقع داخل أصولها الفئوية الموروثة.

على ما تقدّم، يمرّ الكيان اليوم في سنواتٍ عجافٍ شديدة الصعوبة، وما يزيد في الصعوبة هذه، لجوء قوى الادعاء "الوطني"، الاستقلالي والتحرري والمقاوم... إلى "سكاكين" الفرقة اللامعة، وعزوفها عن صياغة أساليب وسياسات تهدئة ذات مخارج مقبولة، تعين على الانصراف إلى معالجة الشؤون المصيرية معالجة حكيمة هادئة. ما يبديه المتنافرون حتى اليوم، ليس أقل من رغبات في تعميق الشروخ البينية الداخلية، وما يصدر من ردود أفعال، ليست أقل من رغبة انتقام متبادلة، سلاحها التقوقع والإغلاق، ومؤداها التلاعب المستدام بالمصير العام... وأي استقلال، وأي لبنان، وأي مصير.

 

سوريا "الناهضة" جسراً بين الغرب والشرق: نريد لبنان شريكاً

منير الربيع/المدن/22 تشرين الثاني/202

بدو سوريا وكأنها تعيد تعريف نفسها. أو في محاولة لاكتشاف أي دور بإمكانها أن تلعبه على المستويين الدولي والإقليمي. تختار التركيز على الاقتصاد والاستثمارات، بالإضافة إلى استئناف الحيوية الاجتماعية والسياسية في الداخل، ولكن وفق منطلقات الخروج من "العقلية القديمة" التي حولتها ساحة لتصفية الحسابات وللثأر والانتقام، أو جعلت منها قوة ضاربة لأذية دول الجوار. سوريا اليوم بعيون مسؤوليها في إمكانها أن تنفتح على فرص استراتيجية، ولا يمكن إضاعتها. لذلك تبدو وكأنها تخرج من حال إلى حال جديدة، بالانفتاح على كل القوى الإقليمية والدولية وفق نظرة براغماتية تتلاقى مع تطلعات المصلحة السورية، إذ لا يمكن البقاء في حالة أسر بمواقف قديمة. وفي هذا الإطار، يندرج الانفتاح على روسيا والصين، اللتين كانت لهما مواقف تتعارض مع توجهات السلطة الحالية. ويختصر المسؤولون السوريون المرحلة بالقول إنهم يريدون تحويل سوريا إلى منطقة تقاطع استراتيجية بين الشرق والغرب، ولديها كل المقومات للعب هذا الدور، وهو ما يحتاج إلى علاقات دولية جيدة، استقرار، وانفتاح ديبلوماسي، إضافة إلى العمل في الداخل على إرساء المصالحات وتطوير المؤسسات وإصلاحها.

"صدمة" الخروج من المغلق إلى الانفتاح

تعيش سوريا هذه الأيام حالة من "الصدمة" على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، وهو ما ينعكس تحريراً لسعر الصرف، ورفعاً لأسعار استهلاك الكهرباء والاتصالات. ولكن، بالنسبة إلى المسؤولين، هذا إجراء لا بد منه للخروج من "النظام الاشتراكي المغلق" الذي كان قائماً، إلى "النظام الرأسمالي" والسوق المفتوحة. تبدو دمشق كمنتدى مفتوح لورش عمل استثمارية، في موازاة الجهود السياسية والديبلوماسية المبذولة في إطار تطوير العلاقات مع القوى الخارجية، والسعي إلى رفع العقوبات كلياً، وهو ما أصبح قريب التحقق من خلال إلغاء قانون قيصر، بحسب مسؤولين. ولا يغيب في دمشق الحديث عن التداول الجدي بأن فريق الرئيس الأميركي دونالد ترامب يدرس جدياً قيامه بزيارة العاصمة السورية ولقاء الرئيس أحمد الشرع، ليكون ذلك متزامناً مع إلغاء الكونغرس لقانون قيصر. وبحسب التوقعات، فإن الزيارة يمكن أن تحصل بين عيدي الميلاد ورأس السنة، أو مع بداية السنة الجديدة.

لبنان وسوريا: تكامل لا تنافس

تبدي دمشق ارتياحها للاحتضان الدولي والعربي الذي توافر لها، لا سيما من الولايات المتحدة الأميركية، أوروبا، المملكة العربية السعودية، قطر، تركيا، بالإضافة إلى الانفتاح على روسيا والصين. والقبلة الأساسية بالنسبة إلى السوريين هي أن تتحول سوريا دولة-مركز في خطوط التجارة والتصدير، إضافة إلى الاستثمار في كل المجالات، كالزراعة، النفط، الغاز، وإقامة مناطق صناعية. وهذا ما تريد دمشق للبنان أن يستفيد منه. فبالنسبة إلى القيادة السورية، يجب عدم النظر إلى التنافس بين البلدين، أو التفكير في أي دولة منهما ستسبق الأخرى، بل يجب أن تتكاملا. هناك فهم واضح لأثقال التاريخ في العلاقة بين البلدين، التي تسبب بها النظام السابق، ولكن هناك الآن فرصة جدية للانتقال نحو مستوى جديد في العلاقات، وهي تبدأ بأن يقلع الطرفان عن النظر، بعضهما إلى بعض، وفق النظرة القديمة. وتعتبر القيادة السورية أنها منفتحة على الجميع، ولا تتعاطى بمنطق الثأر، والفرصة الآن للبناء وليست لتصفية الحسابات.

سوريا ولبنان في قلب خطوط الاستثمار والازدهار

بالتزامن مع هذا الكلام، كان الأردن يشهد اجتماعاً ثلاثياً يضم مسؤولين أردنيين، سوريين ولبنانيين للبحث في كيفية نقل الغاز من الأردن إلى لبنان عبر سوريا. وهذا أحد النماذج حول التكامل والاستفادة المشتركة بين البلدين. وفي الفترة المقبلة، ترعى دولة قطر اجتماعاً سورياً لبنانياً للبحث في كيفية تفعيل خط تصدير بحري وبري بين سوريا ولبنان باتجاه دول الخليج، ومن دول الخليج عبر سوريا ولبنان باتجاه تركيا أو باتجاه أوروبا. ومثل هذا الخطّ من شأنه أن يحدث تغييراً استراتيجياً على مستوى خطوط التجارة في المنطقة. كذلك، هناك مباحثات عراقية سورية لإعادة إصلاح وتفعيل أنابيب النفط من العراق باتجاه حمص وبانياس ومنها باتجاه لبنان، وباتجاه تركيا نحو أوروبا. كما أن هناك استثمارات كثيرة منتظرة في مجالات الزراعة، حيث ستستثمر دول عديدة في الأراضي السورية لتعزيز المنتجات الزراعية وتصديرها، إلى جانب استكشاف الفوسفات، والنفط أيضاً في شرق سوريا، خصوصاً بعد العمل على إنهاء المشكلة العالقة مع قوات سوريا الديمقراطية. وبحسب المسؤولين السوريين، فإن المشكلة في طريقها إلى الحلّ وفق اتفاق 10 آذار.

ضغط إسرائيل على لبنان ينذر بانفجار

لا تخفي سوريا حجم الصعوبات التي تواجهها، على المستويات المختلفة، ولكن هناك إصرار على تجاوز كل العقبات، بما فيها مواجهة كل التحديات الإسرائيلية المتواصلة، والتي تكشف عن أطماع لا حدود لها، ولا بد من موقف عربي ودولي موحد لمواجهتها، خصوصاً أن إسرائيل أصبحت بعد الحرب الأخيرة كياناً لا يشبع، وهي تريد احتلال المزيد من الأراضي في سوريا ولبنان. وهذا أمر لا يمكن القبول به، ولا بد لها من العودة إلى اتفاقية العام 1974. وتعلم سوريا حجم الضغط الذي تتعرض له بيروت، وهو ضغط لا يحتمل، ويكاد يؤدي إلى أزمة داخلية أو انفجار. رؤية سوريا هنا مع الدول الخارجية هي ضرورة إيجاد مقاربة مختلفة لا تؤدي إلى انفجار الأزمة ولا إلى الصدام، إذ لا يمكن تحميل لبنان ما لا طاقة له به.

خيارات جريئة.. عن اقتناع

في المقابل، تعتبر دمشق أيضاً أن أمام لبنان فرصة لا تتكرر، وعليه الاستفادة منها، بدلاً من البقاء في حالة أسر مع معضلات ماضية، حول النظرة إلى سوريا أو نظرة اللبنانيين، بعضهم إلى بعض. هناك استحقاقات كثيرة مقبلة على لبنان، وتحديات، والمطلوب من اللبنانيين بحسب كل المواقف الدولية أن يتخذوا خيارات جريئة تؤدي إلى إحداث تغيير جذري، كما حدث في سوريا. وعلى اللبنانيين الاقتناع بذلك، وأن يقدموا على هذه الخطوات بناء على اقتناعهم، وليس بدافع الضغط الخارجي.

 

تفاصيل المؤتمرات والندوات والبيانات والمقابلات والمناسبات الخاصة والردود

يوسي كوهين: تاجر «أرجنتيني» جنّد لبنانياً أوصل الموساد إلى عماد مغنية

«الشرق الأوسط» تنشر قراءة موسعة في كتاب رئيس الاستخبارات الإسرائيلية السابق «بالأحابيل تصنع لك حرباً» (1 من 3)

تل أبيب: نظير مجلي/الشرق الأوسط/21 تشرين الثاني/2025

https://eliasbejjaninews.com/2025/11/149420/

تنشر «الشرق الأوسط»، على ثلاث حلقات، قراءة مطولة في كتاب المدير السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)، يوسي كوهين. يحمل الكتاب عنوان «بالأحابيل تصنع لك حرباً» بنسخته الصادرة باللغة العبرية، فيما اسم الكتاب باللغة الإنجليزية مختلف: «سيف الحرية: إسرائيل الموساد والحرب السرية».

«قبل بضعة شهور، كنت عائداً من رحلة عمل في نيويورك، وكالعادة تأخر إقلاع الطائرة». يضيف يوسي كوهين، رئيس الموساد السابق، في كتابه الذي صدر في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي: «في ردهة الانتظار، كنت أجلس بجانب بروفسور مرموق من جامعة إسرائيلية معروفة (في الفصل الأخير من الكتاب يؤكد أنها جامعة حيفا). نحن نعرف بعضنا بعضاً من الاسم؛ لكننا نلتقي للمرة الأولى، فدار بيننا حوار ثقافي سياسي جميل. لكنه حرص على أن يقول لي إنني (جنرال يميني)، مضيفاً: (نحن نختلف بعضنا عن بعض. أنت يميني جداً وأنا يساري جداً. إنني مؤيد للسلام، مؤيد للتعايش اليهودي العربي. كثير من طلابي عرب). رحت أشرح له: (أنا يميني ليبرالي. لكنني أولاً يهودي مؤمن، وإسرائيلي وطني، وصهيوني مخلص، لكنني ديمقراطي بحق. أنا لا أكره العرب، ولا حتى من يكرهونني. لكنني مستعد لأن أقطع رأس من يريد أن يقضي على دولتي وكياني. وفي الوقت ذاته أنا معجب بنيلسون مانديلا ومارتن لوثر كينغ والمهاتما غاندي). وهكذا ظللنا نتناقش حتى قال لي: (يوسي. أنت يجب أن تكون رئيساً للحكومة)، فأجبته: (وهل تأتي معي؟). فضحك وقال: (لا طبعاً. ستقتلني زوجتي)».

قبل ذلك بنحو 30 صفحة، يروي كوهين قصة أخرى عن عمله كان يخبر بها زوجته، آية، مؤكداً أنها عبرت اختبار جهاز الأمن الصعب الذي يصنّفها على أنها كاتمة أسرار، ولذلك فإنها تصلح لتكون زوجة ضابط في الموساد. يقول: «كان تعليقها كما يلي: يوسي أنت يجب أن تصبح رئيساً للموساد».

بالطبع، صار كوهين رئيساً لهذا الجهاز، الذي يُعدّ من أهم أجهزة الأمن الإسرائيلية. وفي الحرب الأخيرة مع إيران وحلفائها في المنطقة، تم الكشف عن نجاحه في زرع خلايا كبيرة من العملاء على الأرض الإيرانية. نفّذ هؤلاء العملاء عمليات دقيقة، وجمعوا معلومات دسمة عن المشروع النووي الإيراني وعن قيادات الحرس الثوري، وهي عمليات رفعت من شأن كوهين وجعلت منه اسماً لامعاً، خصوصاً في أروقة أجهزة الأمن الغربية.

بعد صدور الكتاب، سارع محللون إلى القول إنه جاء ليكون بمثابة بساط أحمر يريد كوهين أن يفرشه أمامه في طريقه إلى منصب رئيس الوزراء. قد يكون هذا طموحاً شرعياً، وقد يكون تعبيراً عن نرجسية عالية، لكن الأكيد أنه يأتي في وقت تعاني فيه الدولة العبرية من أزمة قيادة حادة.

كانت كل كلمة في الكتاب تصب في هدف إبراز مزايا كوهين وخصاله، في حال أراد أن يلعب دوراً سياسياً في المستقبل. فعندما يتحدث عن سيرته الذاتية، يُبرز ماضيه كابنٍ للصهيونية الدينية، فيكسب بذلك اليمين، ويُبرز قيم التضحية لخدمة الوطن ليكسب بذلك الوسط الإسرائيلي واليسار، ويُبرز المغامرات الكبيرة والخطيرة التي قام بها ليكسب الشباب، ويتحدث عن العمليات الناجحة للموساد حتى تكون نداً للإخفاقات التي وقعت فيها إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عندما وقع هجوم «حماس» المباغت الذي احتل فيه مقاتلوها 11 موقعاً عسكرياً و22 قرية وقتلوا مئات الإسرائيليين.

في كل فصول الكتاب، يتحدث كوهين عن حاجة إسرائيل إلى قيادة جديدة تتمتع بصفات قيادية تتغلب فيها المصلحة الوطنية على الذاتية، ويتجلى فيها القائد الجديد في تحقيق مهمة مقدسة؛ هي توحيد صفوف الشعب والقضاء على روح الفرقة والعداء الداخلي. يتخذ كوهين من قصص «الموساد»، جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية، نموذجاً يُثبت فيه أنه هو بالذات القائد الذي يصلح لإسرائيل؛ فيتحدث عن صفاته بوصفه رجلاً قوياً يتحكم بمرؤوسيه، وصاحبَ أفكار جهنمية خلاقة، وإنساناً قديراً على تفعيل شبكة واسعة من العملاء من بعيد، وإنساناً مضحّياً يجنّد إلى جانبه أناساً مضحّين مقله. يُبرز نفسه بوصفه شخصاً لا يخشى المغامرات ولا الصدامات، وبوصفه شخصاً يستطيع ترويض أناس حتى في صفوف العدو.

يروي كوهين أنه في ذات مرة، قال له الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، في البيت الأبيض: «كيف حال أقوى رجل في الشرق الأوسط؟». ثم يروي عن لقائه بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، واصفاً إياه بـ«الزميل»، باعتبار أن كليهما قادم من أجهزة المخابرات. يقتبس كوهين من رؤساء للمخابرات الأميركية ممن عمل معهم، أنهم يعدّونه «أكبر وطني إسرائيلي، وأكبر صديق لأميركا».

يروي كوهين في الكتاب، قائلاً: «زوجتي تقول إنني منذ البداية وضعت هدفاً لأن أكون قائداً للموساد، لكنني لا أتذكر أنني قلت هذا. بيد أنني في قرارة نفسي أردت أن أكون قائداً، بل أن أكون قائداً لكل القادة». يقول إنه يستلهم الروح القيادية من ثلاث شخصيات سياسية في التاريخ الإسرائيلي؛ ديفيد بن غوريون، مؤسس الدولة الذي ينتمي إلى الليبرالية الاشتراكية، وزئيف جابوتنسكي ومناحيم بيغن، مؤسسي اليمين الصهيوني، ومن شخصية أمنية هي مئير دجان، الرئيس الأسبق للموساد. ويقصد كوهين بذلك وحدة الحركة الصهيونية بطرفيها؛ الاشتراكي الليبرالي واليميني الصهيوني، ومعهم جنرال أمن. وتبدو هذه رسالة تحاكي الشغف اليهودي اليوم في إسرائيل، إذ إن الناس ملّوا الخلافات والصراعات ويطالبون السياسيين بتوحيد صفوفهم.

ويقول كوهين إن الجنرال دجان أثّر عليه بشكل خارق. ويوضح أن من أهم المبادئ التي علّمه إياها: «يجب ضرب عدوك بمشرط الجرّاح. وظيفة أجهزة الأمن أن تعمل كل ما في وسعها لكي تؤجل الحرب المقبلة، لأطول وقت ممكن، لكن من خلال استغلال الوقت لاستخدام الوسائل السرية بشكل موضعي».

الاختراق الأمني لإيران… نجاح مذهل

 قضية الاختراق الأمني لإيران جاءت مركزية في كتاب كوهين. يقول إنه تم وضع هذا الاختراق مهمة أولى منذ مطلع سنوات الألفية الثانية، وهي مهمة سجّلت نجاحاً مذهلاً، كما يروي قائد «الموساد» السابق.

كانت المعلومات المتوافرة للإسرائيليين آنذاك تحدثت عن قيام باكستان، وفيما بعد كوريا الشمالية، بتزويد الخبرة النووية لطهران. فقام رئيس الموساد، مئير دجان، بتعيين قائد لوحدة جديدة هدفها كشف المشروع النووي الإيراني ومشروع إنتاج الصواريخ الباليستية وتصفيتهما. اكتشفت الوحدة، في إطار عملها، تفاصيل عن قيام إيران بإسناد تنظيمات وأذرع؛ مثل «حزب الله» و«حماس» و«الجهاد الإسلامي»، فكانت المهمة الأولى ادخال أجهزة وعتاد «مخترق» إلى قلب «حزب الله» (تم استخدام قسم منها في حرب عام 2006) وإلى قلب إيران، بالإضافة إلى استخدام السلاح السيبراني ضد الإيرانيين وحلفائهم. وهكذا، تمكنت الوحدة من متابعة نشاط عدد من القادة العسكريين وعلماء الذرّة ووضع ملف لكل منهم، يشمل أدق التفاصيل عن عاداته وسلوكه اليومي والأماكن التي يتردد إليها.

كان كوهين أحد الضباط الأكثر انشغالاً بهذه المهمة، وهو يتحدث عن ذلك بكثرة في كل فصول الكتاب. يشير إلى أن رئيس الحكومة الذي أشرف على هذه المهام لـ«الموساد» كان بالأساس بنيامين نتنياهو، وهو يعطيه رصيده في ذلك، لكنه لا ينسى الإشارة إلى أنه هو صاحب الأفكار الأساسية وليس نتنياهو.

ويوجد سبب لذلك كما يبدو، يتعدى مسألة النرجسية التي تتسم بها شخصية كل منهما. فكوهين يحاول في الكتاب التحرر من ارتباط اسمه بنتنياهو كموالٍ له. ويبدأ ذلك بالتصريح بأنه اقترح مرات عدة المبادرة لهجوم على إيران وعلى «حزب الله»، كل على انفراد أو على كليهما معاً، وكان رؤساء أركان الجيش الإسرائيلي المتوالون يعارضون الواحد تلو الآخر اقتراحه هذا. كان نتنياهو، رئيس الحكومة في تلك الفترة، يقف مع رؤساء الأركان ويجهض الهجوم، بدعوى أنه قد يجر إلى حرب يتم فيها تدمير بنايات عدة في المدن الإسرائيلية. في مكان آخر من الكتاب، ينتقد كوهين نتنياهو على التوصل إلى هدنة مع «حماس» سنة 2014، ويقول: «يومها كان يجب اتخاذ قرار بتصفيتها». لكن كوهين يقدم هدية كبرى لنتنياهو عندما يعفيه من مسؤولية الفشل في 7 أكتوبر 2023، ويحمّلها لقادة أجهزة الأمن. في هذا الإطار، يكتب كوهين محاضرة في ثقافة تحمّل المسؤولية ويلوم قادة الأجهزة الأمنية على خلافاتهم مع نتنياهو، ويقول إنه حرص على أن يكون مخلصاً للدولة وليس للشخص، لكنه احترم نتنياهو وكان معجباً به بوصفه رئيس حكومة برغماتياً. الأمر نفسه ينطبق على اغتيال قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني. يقول كوهين إنه قدم خطة مفصلة لذلك أيّدها كل رؤساء أجهزة المخابرات، لكن رئيس الأركان أفيف كوخافي، اعترض، ونتنياهو أيّده، وطلب من كوهين أن يبلغ الأميركيين بذلك. اغتاظ الرئيس دونالد ترمب (في دورة حكمه الأولى) من قرار نتنياهو. كذلك استاءت رئيسة وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، جينا هاسبيل، التي قالت لكوهين (بحسب ما ينقل عنها): «الجنرالات عندكم مثل الجنرالات عندنا، لا يحبون القتال». ويقول كوهين في هذا المجال: «قمت بزيارة عاجلة إلى الولايات المتحدة، وقدّمت لهم معلومات وفيرة جداً عن سليماني. وقد كنت أسميه (الأمير الصغير)، وقد اختار الأميركيون هذا الاسم ليطلقوه على عملية الاغتيال. وبعد نجاحها (في يناير/ كانون الثاني عام 2020) قدم الأميركيون لي ميدالية عرفان بالجميل. وخلال حرب الـ12 يوماً في يونيو (حزيران) 2025، انتقم الإيرانيون بقصف بيتي في تل أبيب». وعن تلك الحرب، يقول كوهين إنها أدت إلى تدمير قدرات الدفاع الجوي الإيراني، «والدليل أنها لم تطلق النار على الطائرات الإسرائيلية المهاجمة، وتدمير غالبية اليورانيوم المخصب والمفاعل المتخصصة بالتخصيب، وحققت الردع. فإيران اليوم لم تعد حصينة، وتعرف أن إسرائيل والولايات المتحدة تحررتا من الخوف من مهاجمتها». ولكنه يستغرب لماذا لم يتخذ القرار في تل أبيب أو واشنطن، بعد، بإسقاط «نظام الملالي». وبجملة واحدة، بلا تفاصيل، يقول إن الحرب الأخيرة فوتت فرصة إسقاط النظام الإيراني.

اغتيال عماد مغنية

 في الفصل السادس من الكتاب، يروي يوسي كوهين كيف قام بتجنيد عميل لبناني للموساد، كان مقرباً من عماد مغنية، الذي كان رئيساً لأركان العمليات في «حزب الله»، فيقول إنه وضع عينه على «شخص متعلم من قدامى المخربين في لبنان»، الذي كان يكبره بعشرين سنة من العمر. ولغرض الكتابة، يطلق عليه الاسم المستعار «عبد الله». كان مقرباً جداً من الحزب. اكتشف أن الرجل يبحث عن مستقبل اقتصادي آمن يضمن له مستقبله، في أميركا اللاتينية. زيادة في الاحتياط، التقاه في المرة الأولى وهو غير مسلّح، لكنه حمل مسدساً في اللقاء الثاني، ثم ألصق به مراقباً عن بُعد يتابع تحركاته وتنقلاته كما لو أنه باحث يراقب فأر التجارب في مختبره. وقد تبيّن له أن انتماء عبد الله لـ«حزب الله» انتماءٌ عقائدي من خلال العقيدة الدينية، ومن خلال إيمانه بأنه يحمي لبنان، «وهذا عز الطلب». الحقبة الزمنية كانت في مطلع التسعينات من القرن الماضي. الغطاء الذي اختاره الضابط في الموساد يوسي كوهين لنفسه، أنه رجل أعمال أرجنتيني يفتش عن شريك لعمل مشروع تجاري في الشرق الأوسط. وبعد عدة لقاءات، شعر فيها كوهين بأن الرجل أحبه ويثق به، عرض عليه أن يكونا شريكين. وبعد لقاءات عدة جاء بعرض حول ماهية العمل، فقال إن هناك شركة تعرض عليهما القيام بعمل استقصائي عن «حزب الله»، لقاء مبلغ محترم من المال. لأول وهلة رفض عبد الله المهمة بشكل قاطع، وقطع الاتصال مع كوهين لعدة أيام. لكنه بشكل مفاجئ عاد إليه وأبلغه موافقته. وزارا معاً إسرائيل، وتجولا في تل أبيب، ولم يعرف عبد الله أن شريكه الأرجنتيني ضابطٌ في الموساد. وكانت المهمة الكبرى معرفة مصير الجنديين الإسرائيليين؛ رحميم الشيخ ويوسي فينك، اللذين وقعا في أسر «حزب الله» بعد وقوعهما في كمين للحزب سنة 1986. كان برند شميد لاور، المستشار الأمني للمستشار الألماني هلموت كول، يتوسط بين إسرائيل و«حزب الله» لصفقة تبادل بشأنهما. رفض «حزب الله» الإفصاح إن كانا ميتين أو على قيد الحياة، وطلب لقاءهما عدداً كبيراً من الأسرى اللبنانيين والفلسطينيين. وقد نجح عبد الله في جلب الخبر اليقين، بأنهما توفيا متأثرين بجراحهما. وقد غيّر هذا «سعر الصفقة» بشكل حاد. عندئذ أدرك كوهين أن عبد الله صيد ثمين جداً؛ له علاقات ممتازة وقدرات عالية ومخلص في أداء الدور. لكن الأهم حصل في الشهور والسنين المقبلة؛ فقد تمكن عبد الله من جمع معلومات مذهلة عن عماد مغنية الذي كان مطلوباً في 42 دولة بالعالم، وخصصت الولايات المتحدة جائزة مقدارها 25 مليون دولار لمن يأتي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه، بسبب مسؤوليته عن مقتل كثير من الأميركيين في لبنان. وكانت إسرائيل معنية بتصفيته. لا يتحدث كوهين كثيراً عن تفاصيل هذه العملية، التي تمت في سنة 2008 بدمشق، إذ اغتيل بتفجير سيارته. لكن رئيس الحكومة الأسبق، إيهود أولمرت، اعترف في سنة 2024، بأن حكومته مسؤولة عن العملية، وبأن خلية من الموساد هي التي وضعت الخطة ونفذتها بشراكة مع المخابرات الأميركية. «قمت بزيارة عاجلة إلى الولايات المتحدة وقدّمت لهم معلومات وفيرة جداً عن سليماني. وقد كنت أسميه (الأمير الصغير)، وقد اختار الأميركيون هذا الاسم ليطلقوه على عملية الاغتيال. وبعد نجاحها (في يناير/كانون الثاني عام 2020) قدم الأميركيون لي ميدالية عرفان بالجميل. وخلال حرب الـ12 يوماً في يونيو (حزيران) 2025، انتقم الإيرانيون بقصف بيتي في تل أبيب».

يوسي كوهين

 

عون: الجيش اللبناني يحمي جميع المواطنين... وملتزم بالدفاع عن السيادة

بيروت: «الشرق الأوسط»/21 تشرين الثاني/2025

قال الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال زيارته للجنوب، اليوم الجمعة، عشية «عيد الاستقلال»، إن الجيش يحمي جميع اللبنانيين وملتزم بالدفاع عن سيادة البلاد. ونقل حساب الرئاسة اللبنانية على «فيسبوك» عن عون قوله: «الجيش الذي يحمي الجنوبيين كما جميع اللبنانيين ثابت في مواقفه والتزامه في الدفاع عن الكرامة الوطنية والسيادة والاستقلال». وأضاف: «نتمنى أن تعود ذكرى الاستقلال السنة المقبلة وقد تحرر كل الجنوب وارتفع على حدوده العلم اللبناني وحده». ويأتي ذلك في زيارة لرئيس الجمهورية جوزيف عون عشية الذكرى الـ82 للاستقلال، إلى قيادة قطاع جنوب الليطاني في ثكنة بنوا بركات في صور، حيث كان في استقباله قائد الجيش العماد رودولف هيكل وقائد القطاع العميد الركن نقولا تابت وكبار الضباط. وأدّت ثلة من الجيش التحية، وعزفت الموسيقى النشيد الوطني، ثم عرض الرئيس عون ثلة من حرس الشرف. ثم توجّه رئيس الجمهورية والعماد هيكل إلى مكتب قائد القطاع واطلعا منه على الوضع الأمني فيه، حسبما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية الرسمية. بعد ذلك، انتقل الرئيس عون وقائد الجيش إلى قاعة العمليات، حيث ألقى هيكل كلمة رحّب فيها برئيس الجمهورية في زيارته التفقدية، التي تزامنت مع ذكرى الاستقلال، «والتي تؤكد مرة أخرى دعمكم الدائم للجيش وحرصكم على زيارة الجنوب وتفقد أهله والعسكريين المنتشرين فيه». وقال: «نجدد اليوم أمام فخامتكم التمسك بالحفاظ على لبنان وسيادته واستقلاله وحماية سلمه الأهلي». ثم قدّم رئيس قسم العمليات في قطاع جنوب الليطاني العقيد رشاد بو كروم عرضاً مفصلاً معززاً بالخرائط والأرقام حول الوضع الراهن في القطاع، والأعمال التي ينفّذها الجيش تطبيقاً للخطة التي وضعتها القيادة لاسيما لجهة إزالة الذخائر وضبط الأسلحة والمنشآت تنفيذاً لقرار الحكومة بحصر السلاح في يد الدولة. وتضمن العرض معلومات حول ما أُنجز حتى الآن، وحول انتشار الجيش في المواقع والمراكز المحددة والحواجز الدائمة والظرفية والأماكن المستحدثة على طول الحدود، والدوريات التي يسيّرها الجيش للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة. واطلع عون على الخرائط والصور التي تظهر المساحات التي تجاوزت فيها القوات الإسرائيلية الخط الأزرق خلال إنشائها حائطاً تجاوزت فيه الحدود الجنوبية المعترف بها دولياً. وقدّم العميد الركن تابت ملخصاً للمداولات التي دارت خلال اجتماع لجنة «الميكانيزم» والموقف اللبناني الثابت في الدفاع عن حقوق الدولة اللبنانية وسيادتها على أراضيها. وعلى الأثر، تحدث عون إلى الضباط مهنئاً بذكرى الاستقلال، ولافتاً إلى أن «الاحتفالات التقليدية التي تقام في المناسبة ستغيب هذه السنة بسبب الظروف التي يمر بها البلد». وقال: «أتيت اليوم إلى الجنوب في ذكرى الاستقلال، لأؤكد أن هذه المنطقة الغالية هي في قلوبنا دائماً، وأن الجيش الذي يحمي الجنوبيين كما جميع اللبنانيين، ثابت في مواقفه والتزامه في الدفاع عن الكرامة الوطنية والسيادة والاستقلال، وهو يقدّم وفاء لهذه المبادئ الشهيد تلو الآخر غير آبه بما يتعرّض له من حين إلى آخر من حملات التجريح والتشكيك والتحريض». ونوه عون بالدور «المميز الذي يقوم به الجيش المنتشر في الجنوب عموماً وفي قطاع جنوب الليطاني خصوصاً»، محيياً ذكرى العسكريين الشهداء الذين سقطوا منذ بدء تنفيذ الخطة الأمنية، والذين بلغ عددهم 12 من عناصر الجيش. وفي ختام اللقاء، هنأ عون قائد الجيش بعيد الاستقلال مقدراً الجهود التي يبذلها مع معاونيه لتمكين المؤسسة العسكرية من القيام بمهامها «بإخلاص وتفان»، ومتمنياً أن «تعود ذكرى الاستقلال السنة المقبلة وقد تحرر كل الجنوب وارتفع على حدوده العلم اللبناني وحده رمز السيادة والكرامة الوطنية».

 

قائد الجيش اللبناني: نشهد مرحلة مصيرية من الأصعب في تاريخنا

بيروت: «الشرق الأوسط»/21 تشرين الثاني/2025

قال قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل اليوم الجمعة إن بلاده تشهد اليوم مرحلة مصيرية وصفها بأنها من الأصعب في تاريخها وسط «احتلال» إسرائيل لبعض أراضيها واستمرار هجماتها التي توقع قتلى وجرحى. وذكر هيكل، في كلمة بمناسبة عيد الاستقلال نشرها الجيش على منصة «إكس»، أن الانتهاكات الإسرائيلية «تمنع استكمال انتشار الجيش وتتسبب بدمار في الممتلكات والمنشآت». وأضاف: «لقد بذل الجيش جهوداً جبارة منذ دخول اتفاق وقف الأعمال العدائية حيز التنفيذ، رغم الإمكانات المحدودة والصعوبات الناتجة عن الأزمة، لتطبيق خطته وتعزيز انتشاره في قطاع جنوب الليطاني وبسط سلطة الدولة على جميع أراضيها». وتابع بالقول: «هذه الجهود تستلزم مواكبة حثيثة من مؤسسات الدولة، ضمن إطار جهد وطني شامل، وتوفير الإمكانات، وتحسين أوضاع العسكريين، وتهيئة الظروف الضرورية لاستعادة الاستقرار». وأشار قائد الجيش إلى أن القيادة مدركة تماماً للأوضاع الاستثنائية المحيطة بتنفيذ خطة الجيش، معتبراً أن هذه الظروف تستلزم أعلى درجات الحكمة «بما يخدم المصلحة الوطنية والسلم الأهلي بعيداً عن أي حسابات أخرى». وما زالت إسرائيل تسيطر على مواقع في جنوب لبنان على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار المبرم قبل عام بعد حرب مع جماعة «حزب الله» أشعلها الصراع في قطاع غزة، وتواصل شن هجمات على شرق البلاد وجنوبها. وأكد هيكل في كلمته أن الجيش مستمر في ضبط الحدود الشمالية والشرقية والمياه الإقليمية اللبنانية وحمايتها، والعمل على منع التهريب بالتنسيق والتواصل مع السلطات السورية المعنية. ولفت إلى أن العمل جارٍ على «تعزيز قدرات الجيش في ظل التواصل القائم مع الدول الشقيقة والصديقة، التي نسعى إلى تعميق تعاوننا معها من خلال مبادراتها لدعم المؤسسة».

 

رئيس لبنان: نرحب بأي دعم من الاتحاد الأوروبي خصوصاً بعد انسحاب «اليونيفيل» في 2027

بيروت: «الشرق الأوسط»/21 تشرين الثاني/2025

قال الرئيس اللبناني جوزيف عون، خلال استقباله الممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان كايسا أولونغرين، إن بلاده ترحب بأي دعم يقدمه الاتحاد خصوصاً بعد انسحاب قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) خلال عام 2027. ونقلت الرئاسة اللبنانية، اليوم الجمعة، عن عون دعوته للمجتمع الدولي، وخصوصاً الاتحاد الأوروبي، إلى الضغط على إسرائيل لإرغامها على وقف «اعتداءاتها» على لبنان والالتزام باتفاق وقف إطلاق النار. وأضاف عون أن لبنان ملتزم بتنفيذ قرار الحكومة بحصرية السلاح في يد الدولة، وأكد أن من «مصلحة أوروبا تعزيز قدرات الجيش، لأن الحفاظ على أمن لبنان وسلامته هو حفاظ على أمنها وسلامتها». وتطرق الرئيس اللبناني أيضاً إلى الإصلاحات، وقال إنها «مطلب لبناني قبل أن يكون دولياً»، كما جدد التأكيد على موقفه من ضرورة إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها المقرر العام المقبل، حسب منشور الرئاسة على منصة «إكس». أجرى لبنان في 2022 أول انتخابات منذ الانهيار المالي وانفجار مرفأ بيروت الذي أسفر عن مقتل المئات، ومن المنتظر إجراء الانتخابات المقبلة في مايو (أيار) 2026.

 

*الرئيس سلام عشية الاستقلال: لم نعد نملك ترف إضاعة الفرص*

كتب رئيس الحكومة نواف سلام، عبر حسابه على منصة "إكس":

بعد ثمانين عامًا من الاستقلال، إنّ ما نحتاج إليه اليوم، هو أن نعيد وصل ما انقطع: أن نعيد وصل الدولة بمفهوم المصلحة العامة التي عليها تجسيده، ووصل الدستور بمؤسساته، ووصل المواطنين بحقوقهم". الدولة التي تطلب من المواطن أن يلتزم بالقانون، يجب أن تكون هي أوّل من يلتزم به. والدولة التي تطلب من الناس الثقة، يجب أن تستحق مؤسساتها هذه الثقة. ومن موقع المسؤولية أقول بصراحة: الدولة في لبنان، عبر سنوات طويلة، لم تكن على مستوى هذه المسؤولية. تأخّرت في حماية مواطنيها، تردّدت في تطبيق الدستور، تراجعت أمام الضغوط الخارجية، وسمحت بأن تنمو اللامساواة وأن يُترك المواطن ليواجه وحده انهيار العملة الوطنية، وتردّي الخدمات العامة. لا أقول هذا للتنصّل من المسؤولية، بل لتحمّلها. لم نعد نملك ترف اضاعة الوقت والفرص. فقد أضعنا منها الكثير، لكن ما زال في وطننا من عناصر القوة ما يجعله قادرًا على النهوض من جديد، أبرزها طاقات بشرية استثنائية، وتجربة فريدة مع الحداثة، وثقافة اجتماعية تميّزت بالانفتاح وروح المبادرة.

 

حزب الله» يدعو «لترسيخ الوحدة الوطنية» في لبنان لمواجهة إسرائيل

بيروت: «الشرق الأوسط»/21 تشرين الثاني/2025

شدّد «حزب الله» اللبناني، الجمعة، على رفضه أي شكل من أشكال التبعية والإملاءات الخارجية، ودعا إلى ترسيخ الوحدة الوطنية في لبنان لمواجهة إسرائيل ‏والحفاظ على استقلال البلاد. وطالب في بيان، بمناسبة الذكرى الـ82 لاستقلال لبنان، بأن يتعاون جميع اللبنانيين من كل مكونات وأطياف الشعب ليبقى البلد «حرّاً سيداً مستقلاً، رافضاً التبعية لأي قوة أجنبية». وأشار إلى أن على اللبنانيين الدفاع عن حقوق بلادهم في كل أراضيها ومياهها وثرواتها الطبيعية، موضحاً أنه لا يمكن ضمان استقلال لبنان إلا برفض أي مشروع خارجي ومواجهته. وأكّد «حزب الله» ضرورة اتخاذ خطوات عملية لإعادة الإعمار وتأمين كل مستلزمات الصمود والبقاء لسكان جنوب لبنان، ودفع الدول الضامنة لإلزام إسرائيل بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701». وكان رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام قد أشار، الخميس، إلى أنّ لبنان «قدّم إشارات واضحة للاستعداد لخوض مفاوضات جدّية» مع إسرائيل، لكنها تتهرب.وأعلن سلام أنّه سيناقش «مع مسؤولين أميركيين رفض إسرائيل التفاوض والتسوية»، مشيراً إلى أنّه «عندما نظهر استعدادنا للتفاوض لا نحصل على موعد».

 

"قانون إطار" للفجوة الماليّة: هل يقبل صندوق النقد؟

المدن/22 تشرين الثاني/202

رجّحت مصادر مصرفيّة، في حديث إلى"المدن"، أن تلجأ وزارة الماليّة إلى تسوية تقضي بإصدار مسودّة مشروع "قانون إطار"، لمعالجة الفجوة الماليّة، بدلاً من إصدار قانون شامل لهذه الغاية. وبحسب هذه الصيغة، يمكن لهذا القانون أن ينصّ على المبادئ العامّة والأساسيّة، التي سيتم اعتمادها للتعامل مع أزمة الودائع، إنما من دون الخوض في التقديرات والأرقام والنسب، أو حتّى تفاصيل المقاربات التي ستُستخدم في هذا الشأن. ومن البديهي أن تحتاج الوزارة لاحقاً إلى إعداد قوانين تكميليّة، ومراسيم تطبيقيّة، لوضع الآليّات الكاملة لمعالجة الأزمة المصرفيّة.

إشكاليّتان أمام وزارة الماليّة

ترجيحات المصادر جاءت بعد جولة لقاءات قامت بها مع المسؤولين عن هذا الملف في مصرف لبنان ووزارة الماليّة. ووجدت المصادر أنّ وزارة الماليّة تعاني إشكاليّتين تحولان دون وضع صيغة شاملة لمسودّة مشروع قانون الفجوة الماليّة: الإشكاليّة الأولى، هي إصرار صندوق النقد على مقاربة تعتمد شطب رساميل أصحاب المصارف، أي حصص ملكيّاتهم في المؤسّسات المصرفيّة، قبل تحميل الخسائر لأي شريحة أخرى، وخصوصاً المودعين. ويرى الصندوق أنّ "تراتبيّة الحقوق والمطالب"، بحسب المعايير العالميّة المعتمدة، تقضي باستنفاد قدرة الأموال الخاصّة، أي مساهمات أصحاب المصرف، على تحمّل الخسائر كمرحلة أولى، على أن يلي ذلك ضخّ رساميل جديدة من مساهمين جدد أو حاليين لإعادة تكوين حصص الملكيّة في كل مصرف.  وهذه المقاربة تتعارض حتّى هذه اللحظة مع المبدأ الذي تتّجه إليه وزارة الماليّة، والقاضي بإبداء بعض المرونة في الإبقاء على جزء من رساميل أصحاب المصارف، على أن يتم تحديد نسبة الاقتطاع من هذه الرساميل، وفقاً لتدقيق يكشف "الشوائب" الناتجة عن الأرباح غير العادلة التي حققها المصرفيون سابقاً على حساب المودعين. وترى بعض الأوساط المتابعة أنّ فكرة شطب الرساميل دفعة واحدة، وإن كانت مُتّسقة مع المعايير العالميّة، لا تملك حظوظ النجاح في لبنان، لأسباب سياسيّة وطائفيّة تتصل بالخشية من "التحوّلات في ملكيّات المصارف والسيطرة عليها".  الإشكاليّة الثانية، ثمّة تيّارات مؤثرة داخل جمعيّة المصارف، تملك دعماً ضمنيًا من حاكم مصرف لبنان، ما زالت تعترض على مبدأ فتح الدفاتر لإجراء التدقيق في الميزانيّات المصرفيّة، ومن ثم التعامل مع الرساميل على هذا الأساس. وهذه التيّارات هي التي وقفت أخيراً خلف الحملة العنيفة ضد الوزارة، التي تلت اجتماع وزير الماليّة مع وفد جمعيّة المصارف الأسبوع الماضي. بهذا الشكل، يتضح أن الوزارة ما زالت غير جاهزة لصياغة تفاصيل المقاربات، بما يُحقق شروط صندوق النقد من جهة، وبما يحيّد مسودّة مشروع القانون عن اعتراضات جمعيّة المصارف ومصرف لبنان، الكفيلة بإسقاط المشروع لاحقاً من جهة أخرى. وهذا بالتحديد ما يرفع أسهم فكرة "القانون الإطار"، الذي لا يستلزم تحديد جميع تفاصيل المعالجات منذ البداية، بل يعتمد تجزئة الحل على مراحل.

موقف صندوق النقد

مصادر أخرى مُطلعة على أجواء صندوق النقد، أفادت بأنّ الصندوق  قد يبدي استعداداً لمراجعة "القانون الإطار" عند إعداده، وصولاً إلى وضع الملاحظات المطلوبة عليه، في حال عدم امتثاله للمعايير الدوليّة التي يتبناها. إلا أنّ "القانون الإطار" وحده لن يلبّي الشروط التي وضعها الصندوق للقبول بتوقيع اتفاق أوّلي جديد مع لبنان. إذ اشترط الصندوق سابقاً إنجاز كامل الهيكل التشريعي المطلوب لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، قبل توقيع اتفاق من هذا النوع. وهو ما سيستلزم إما إقرار قانون شامل للفجوة الماليّة، أو استكمال العمل على القوانين والمراسيم التطبيقيّة التي يجب أن تكمّل "القانون الإطار". في جميع الحالات، من المهم التذكير بأن صندوق النقد كان قد وجّه أيضاً لائحة من الملاحظات على قانون إصلاح أوضاع المصارف، الذي أقرّه سابقاً البرلمان، والذي يفترض أن يكمّل قانون الفجوة الماليّة المُنتظر صدوره. وعليه، سيكون على المجلس النيابي العمل على مراجعة هذه الملاحظات، وإقرار التعديلات التي اقترحتها الحكومة لمعالجتها، قبل أن يتمكّن لبنان من الوصول إلى اتفاق أولي جديد مع صندوق النقد. لكل هذه الأسباب، من الواضح أنّ مسار الاتفاق مع صندوق النقد ما زال مكبلاً بعقبات وإشكاليّات عديدة، وهو ما يوحي بأنّ وزارة الماليّة لن تتمكّن من التوصّل للاتفاق الأولي بحلول الربع الأوّل من العام المقبل، كما راهنت سابقاً. وعليه، سيكون من المرجّح أن يتم تأجيل هذه الاتفاق، وهو ما سيفرض أيضاً تأجيل استحقاق التفاوض مع حملة سندات اليوروبوند.

 

أسرار تواري نوح زعيتر... 3 سنوات من التخفّي عبر الحدود

خسر ملاذه السوري... وانهارت حلقته الضيقة إثر الملاحقات الأمنية

بيروت: «الشرق الأوسط»/22 تشرين الثاني/202

لم يكن توقيف أبرز المطلوبين للدولة اللبنانية بجرم الاتجار بالمخدرات وإطلاق النار، نوح زعيتر، مجرّد عملية أمنية ناجحة، بقدر ما كان تتويجاً لمسار ملاحقة يمتد لثلاث سنوات، تغيّرت فيها التموضعات على طرفَي الحدود اللبنانية - السورية. فالمطلوب الذي عرفه البقاع بوصفه «الإمبراطور»، عاش خلال هذه السنوات أطول مراحل التخفي، متنقلاً بين الجرود والحدود، قبل أن يفقد تدريجياً امتداداته السورية وشبكته الداخلية، وصولاً إلى اللحظة التي انهارت فيها كل خطوط الحماية دفعة واحدة.

2022... بداية الخنق الأمني

في لبنان، كان عام 2022 بداية مرحلة التضييق الحقيقي؛ إذ أسفرت عملية أمنية نفذها الجيش اللبناني في بعلبك، شرق لبنان، عن واقع جديد؛ إذ خسر المطلوبون من مروجي المخدرات والمدانين بإطلاق النار واستهداف الجيش اللبناني، الغطاء الأهلي والعشائري، وقام الجيش بجرف مضافات يتم تقديم المخدرات فيها، ومن بينها مضاف لزعيتر نفسه. بالتوازي، نفّذ الجيش مداهمات واسعة في حي الشراونة في بعلبك، وجرود الكنيسة، مسقط رأسه، في شرق لبنان، بعد تزايد عمليات إطلاق النار وتنامي نفوذ الشبكات المسلحة. أدّت تلك العمليات إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف العسكريين، واتُّهم مقربون من زعيتر بالمواجهة المسلحة.

وفي تلك الفترة، أُوقف ابنه مهدي في كمين محكم قرب بعلبك بعد مراقبة دقيقة، في إشارة إلى أن القبضة الأمنية بدأت تُحكم على الدائرة الأقرب إليه. وجاء توقيف مهدي، بعد عملية أخرى في جونيه، أسفرت عن توقيف نجله الآخر علي، بتهمة تعاطي المخدرات. في تلك اللحظات، «عرف زعيتر أن الغطاء الأمني الذي يحميه، فقده، فقرر التواري واللجوء إلى سوريا، حيث ظهر في عدة مقاطع فيديو في عدة مدن في سوريا بينها حماة واللاذقية»، حسبما تقول مصادر في البقاع لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن «تراكم الملفات القضائية أفقده الغطاء»، في إشارة إلى حكم غيابي بـ«المؤبد» عام 2021، ثم حكم بالإعدام الغيابي عام 2024، على خلفية مقتل عسكري في مداهمات 2022.

2023... العقوبات الأميركية

عام 2023 كان مفصلياً. فالعقوبات الأميركية التي طالت زعيتر وضعت اسمه في إطار دولي مرتبط بإنتاج وتهريب الكبتاغون. هذا التحول حمل رسائل ثقيلة للمحيطين به: أيّ اقتراب من الشبكة صار مكلفاً داخلياً وخارجياً. كثيرون ابتعدوا، وشركاء بارزون فرّوا إلى سوريا، فيما آخرون فضّلوا الانسحاب الكامل، وفي الوقت نفسه، ازداد الخناق على حلقته الضيقة.

انهيار الامتداد السوري

يؤكد مصدر من بعلبك مواكب لرحلات تعقب زعيتر لـ«الشرق الأوسط»، أن سوريا «لطالما اعتمد عليها زعيتر لحركة رجاله وعمليات التهريب»، موضحاً: «خلال سنوات الحرب السورية، شيّد منزلاً في إحدى بلدات ريف القصير، وبنى شبكة علاقات وثيقة مع ضباط من الفرقة الرابعة، ما منحَه غطاءً سمح له بالتحرك بحرية ومراكمة النفوذ». لكنّ تبدّل السلطة هناك أطاح بكل ذلك. يقول المصدر: «مع دخول مجموعات جديدة إلى القرى الحدودية، صودرت ممتلكات ومقرّات، وأُقفلت المسالك التي كانت تشكّل الشريان الرئيسي لأنشطته. منذ تلك اللحظة، بدأت النهاية الفعلية، نصف قوة زعيتر سقطت يوم فقد امتداده السوري».

مقتل «أبو سلة» لحظة الانهيار الكبير

الضربة التي كسرت الحلقة الأخيرة جاءت في 6 أغسطس (آب) 2025. يومها نفّذ الجيش اللبناني عملية واسعة في حي الشراونة أسفرت عن مقتل علي منذر زعيتر، المعروف بـ«أبو سلة». أعاد مقتل «أبو سلة» رسم خريطة القوى داخل البقاع، وأسقط آخر شبكة حماية بقيت قائمة حول «الإمبراطور». يقول المصدر: «بعد تلك العملية، صار توقيف نوح مسألة وقت. فقد رجاله وممرّاته، ولم يعد يملك سوى التخفي».

الكمين الأخير

عندما أطبق جنود الجيش اللبناني على زعيتر، لم تحصل مواجهة، ولم يتسنَّ له الوقت لإطلاق النار. يقول المصدر: «الطريقة التي أوقف بها، من دون مقاومة، جعلت الناس يتساءلون إن كان الرجل قد وجد نفسه في طريق مسدود تماماً». ويضيف: «كانت كل خطوط الهرب مقطوعة، وكل الامتدادات منهارة، ولم يعد أمامه سوى الاستسلام أو السقوط».

3 سنوات صنعت النهاية

توقيف نوح زعيتر لم يكن مفاجئاً، بل تتويجاً لمسار بدأ مع تضييق الخناق الأمني في الداخل، والعقوبات الدولية، وسقوط الامتداد السوري، والتضييق على تجار المخدرات. كل ذلك جعل تخفّيه مجرّد إرجاء للحظة الحتمية. يقول المصدر: «هذه ليست قصة توقيف شخص واحد، بل نهاية مرحلة كاملة من اقتصاد التهريب في البقاع. وما حدث لم يكن ليقع لولا أن الحماية السياسية والأمنية انهارت معاً. انتهت اللعبة، وانتهى زمن الرجال الذين كانوا يتحركون بين الجرود بلا خوف».

 

اللهم احفظ بلداننا جميعا والسويد، وأعد إلينا ما فقدناه من تسامح ومحبة.

كاظم جواد/السويد/فايسبوك/21 تشرين الثاني/2025

اسمي كاظم جواد، أعيش في السويد منذ أواخر الثمانينيات. لست هنا لأثير أي نقاش سياسي أو ديني، ولا يهمني اليوم سوى أن أروي موقفا عشته بنفسي… موقفا يلخّص معنى الأخوّة الحقيقية بين المسلمين والمسيحيين، لعلّه يصل إلى قلوب من يُشعلون الطائفية اليوم على السوشيال ميديا. في الثمانينات كنتُ معارضا سياسيا لنظام صدام حسين، ( لا مشكلة لي مع البعثيين الطيبين)، وكانت هناك مذكرة اعتقال بحقي وحكم بالإعدام. بقيت مختفيا سنوات طويلة، بعيدا عن عائلتي، حتى لم أعد أحتمل الفراق. في إحدى الليالي، متأخرا جدا، قررت أن أزور أهلي ولو لدقائق. بعد دخولي البيت بوقت قصير، سمعت أصوات سيارات تقف قرب باب منزلنا… كنت أعرف أنهم جاؤوا لاعتقالي. اقتحم عناصر الأمن المنزل بعد وقت قصير من تأكدهم من منزل عائلتي. لم يكن أمامي سوى الهرب عبر باب خلفي صغير يفتح على حديقة ضيقة تفصلنا عن بيت جاري المسيحي. قفزتُ وطرقتُ بابهم الخلفي. لن أنسى صوته حين سأل: “منو؟” ولن أنسى دهشته حين فتح الباب ورآني واقفا أمامه. كان يعلم أن من يأوي مطلوبا للسلطة قد يُعدم هو وعائلته. ومع ذلك… لم يتردد لحظة واحدة. فتح الباب بسرعة، أدخلني، وأخفاني في داخل المنزل حتى صباح اليوم التالي، رغم الخطر الهائل الذي وضعته فيه. اليوم، عندما أرى موجات الكراهية الطائفية على السوشيال ميديا… أتذكّر جاري المسيحي الذي خاطر بكل شيء لينقذ حياتي. أتذكّر العراق وسوريا ولبنان وكل البلدان الطيبة الأخرى كيف كانت… بلدان نعيش فيها جنبا إلى جنب… نصون بعضنا مهما اختلفت طوائفنا. أكتب لكم وأناشدكم: نحن جميعًا ذقنا الظلم والخوف والخسارة. لا نحتاج إلى مزيد من السمّ الذي يفرّقنا. اللهم احفظ بلداننا جميعا والسويد، وأعد إلينا ما فقدناه من تسامح ومحبة.

 

الإستقلال

بسام ابو زيد/فايسبوك/21 تشرين الثاني/2025

في ٢٢ تشرين الثاني من العام ١٩٤٣ أُعلن استقلال لبنان عن الإنتداب الفرنسي،وعوض أن نكون دولة تتمع فعلا بالسيادة والقرار الحر،حاول كثيرون بالتضامن بين من بعض في الداخل وبعض من في الخارج فرض انتدابات ووصايات واحتلالات جديدة علينا فسقط الإستقلال وسقطت الدولة واستبيح الوطن.

الإستقلال ليس عنوانا ولا مناسبة ولا استعراضا ولا احتفالات،إنه فعل إيمان وولاء للبنان،إنه العمل على بناء دولة قوية فاعلة لا دولة رهينة لدويلة،إنه جيش واحد يحمي الحدود والسيادة لا شريك له في القرار،إنه قناعة أن الإستقرار والإزدهار نعمة وأن مشاريع الحروب والقتال لا فائدة ترجى منها.

هذا هو الإستقلال عندما نناله نحتفل.

 

كثيرة هي الأشياء التي يمكن سوقها في معرض توقيف نوح زعيتر

سحر الخطيب/فايسبوك/21 تشرين الثاني/2025

كثيرة هي الأشياء التي يمكن سوقها في معرض توقيف نوح زعيتر. أسهل الاستنتاج وأوله هو أن الرجل خسر ظهيراً كان يقف دوماً إلى جانبه، و لا تزال الذاكرة حيّة عند اللبنانيين يوم توّعد الوكيل الشرعي لمرشد الجمهورية الإسلامية في إيران الشيخ محمد يزبك الجيش بإمهاله ساعة لوقف ملاحقة زعيتر وآخرين وإلا! سقطت هذا ال "و إلا"، ولكن كيف؟ بالقراءة الواقعية؟؟ أو هل بات زعيتر نفسه أثقل عبئاً من حصره تحت سقف حزب الله وقد اخُترق حتى العظم؟ أُوقف الرجل الذي لمّع بعضُ الاعلام بعضَ وجهه، لكن هل المسألة بهذا التبسيط؟ حتماً لا. المؤكد أمران: الأول أن صداه يتعدّى دوائر العشائر وحدود لبنان وهو واصل إلى الخارج و حتماً إلى دوائر الاجتماع الثلاثي الذي يتوقع أن يعقده الموفد السعودي الامير يزيد بن فرحان مع المكلفة الفرنسية بملف لبنان آن كلار لوجوندر، والأمريكية المثيرة الجدل مورغان اورتاغوس حول لبنان، والجيش سيكون ملفاً رئيساً فيه لا سيما بعد موقف واشنطن الأخير. الأمر الثاني هو هل يكفي سقوط نوح لإيقاف فُلك تجار المخدرات؟ هل عمل الرجل وحده؟ أين المنظومة التي حمته؟ وماذا سيفعل الذين انتفعوا منه  وهم كثر،اولئك الذين ازدهرت اعمالهم في الخفاء وكان هو يتحوّل إلى العلن الوقح ظنّا منه أنه نجم في سماء ثابتة الصفاء السياسي!

 

أرفض بشدة ما تعرض له الزميل مروان القدوم

بسام ابوزيد/فايسبوك/21 تشرين الثاني/2025

أرفض بشدة ما تعرض له الزميل Marwan Addoum من اعتداء موثق في خلال انتخابات نقابة المحامين وأحيي فيه ترفعه عن أي رد فعل في حينه كان يمكن أن يؤدي إلى إشكال كبير. إلا أنه ووفق مقولة ضربني وبكى سبقني واشتكى أقدم من ارتكب فعلته أمام الكاميرات ومحامين على توزيع نص شكوى بحق الزميل مروان القدوم متخذا صفة الإدعاء الشخصي ومعددا تهما باطلة لا وجود لها. إن التمادي في هذه التصرفات ممن يفترض به أن يكون مثالا في إحقاق الحق،يحتم على نقيب المحامين الجديد عماد مارتينوس الذي نجل ونحترم ومن مجلس النقابة التحرك  بسرعة من أجل معالجة هذه المشكلة من خلال فرض الإعتذار العلني من الشخص المعني تجاه الزميل قدوم وسحب نص الشكوى واتخاذ ما يلزم من تدابير لعدم تكرار هكذا إشكالات.

 

اللواء الركن لاوندس في عيد الاستقلال: قوة الحق ركيزة صمود الدولة

وطنية/21 تشرين الثاني/202

وجه المدير العام لأمن الدولة اللواء الركن إدكار لاوندس امراً عاما إلى العسكريين، لمناسبة عيد الإستقلال ال٨٢، جاء فيه: أيها العسكريون، تأتي مناسبة العيد الثاني والثمانين للاستقلال، ولبنان يواجه ظروفًا أمنية حساسة، تتجلى في استمرار الاعتداءات على أراضيه التي تهدد أمنه واستقراره، وتعمق من جراح أهلنا في الجنوب الذين يتمسكون بأرضهم بصلابة، مجسدين أسمى معاني الانتماء الوطني. أيها العسكريون، إن واجبكم اليوم هو القيام إلى جانب رفاقكم في الجيش اللبناني وسائر المؤسسات الامنية في حماية السلم الاهلي والدفاع عن الوطن بكل قوة وإيمان مستندين الى المبادئ التي ارساها شهداؤنا الذين قدموا أرواحهم في سبيل صون هذه الأرض، وإن القيادة تقدر عالياً جهودكم في هذه الظروف الصعبة وهي لن تألو جهدا للدفاع عن حقوقكم. أيها العسكريون، إن مهمتكم الأسمى هي الوقوف صفاً متراصاً خلف القيادة السياسية في تنفيذ كافة قراراتها السيادية وفي الحفاظ على الحقوق الوطنية وحماية السلم الأهلي، لتحقيق الاستقرار، فالالتزام بتوجيهاتها ليس خيارا، بل واجبا وطنيا يفرضه انتماؤكم الى هذا الوطن. أيها العسكريون، إن حماية المواطنين والمؤسسات وصون كرامتهم والحفاظ على الحريات، واجب لا يقل أهمية عن مهمتكم في التصدي للفساد في الإدارة العامة ومكافحة الجريمة المنظمة. فقوة الحق التي تحملونها هي الركيزة التي تبقي الدولة صامدة. وختم لاوندوس :"وفي هذه الذكرى المجيدة، نهنئ جميع اللبنانيين، وندعوهم إلى تحصين الوحدة الوطنية في ظل دولة يسودها حكم القانون ويحميها الدستور. وإذ ننشد تعافي لبنان من جراحه، ووقف النزف من شرايين الوطن الذي أدمى قلوب اللبنانيين جميعًا. عشتم، وعاش لبنان، وعاشت امن الدولة".

 

تغريدات مختارة من موقع أكس

تغريدات مختارة لليوم 21 تشرين الثاني/2025

شارل شرتوني

تمثيلية نوح زعيتر بايخة:ورقة التين ما رح تغطي الدور الفعلي للأجهزة الأمنية اللي دايرا شبكة الجريمة المنظمة. الانقلاب السياسي والجريمة المنظمة على خط استوائي واحد

 

شارل شرتوني

تصريحات رودولف هيكل وادكار لاوندس بعيد الاستقلال: ما يكونو مصدقين حالن انو هني ضمانة الاستقلال.تفكيك الدولة العميقة=المافيا الشيعية هوي عنوان الاستقلال

 

محمد علي مقلد

إنسان جديد..

عازف الكمان الشهير بابلو " pablo" , صار عمرو خمس وتسعين سنة . سألو صحافي بمقابلة : يا إستاذ , صار عمرك خمس وتسعين سنة , وإنت أفضل عازف كمان عرفتو الموسيقى . لشو بعدك بتتمرّن ست ساعات يوميا" ؟ وابتسم العازف ببراءة وجاوب : لأنّي بحسّ إنو عزفي عم يتحسن

هيّي وعم تخلص السنة , ما تخلّي حالك تحسّ إنو العمر عم يخلص , وما عاد تحرز تبلّش بشي عمل من جديد . خلّي كل يوم من إيامك يكون الأوّل, خلّيك تلميذ كل العمر , تعلم إشياء جديدة , بلّش بمشاريع جديدة , تطلع بعيون جديدة , والأهم الأهم حبّ بقلب جديد . ساعتها بتتجدّد كل يوم , وبتبقى العمر كلو شاب , وعم تتحسن وعم بتصير كل يوم أفضل! منقول

 

سعيد علم الدين

اللبنانيون الشيعة نفتخر بهم لأنهم لبنانيون أحرار ويشبهوننا بكل شيء، أما شيعة إيران فهم جالية ايرانية ضللها الحرس الثوري بشعاراته

 

يحيي جابر

انا كمغترب مقيم في لبنان وين بسجل اسمي للانتخابات المقبلة .وين السفارة اللبنانية بلبنان.

 

داد سعد

كيف قدروا قنعوا ناس خسروا بيوتهم وولادن بالحرب يللي ما خصن فيها انه اذا ضوى صورة حسن نصرالله على بعد ١٠٠ كلم من بيته المهدم انتصر على صهاينه الداخل يللي هرب لعندن لما كان  ينقصف ،وانه الانتصار الاكبر لما علي برو بسب  بنواف سلام

 

نوفل ضو

تعاني الدولة ومسؤولوها من أزمة صدقية، خطورتها انها لا تقتصر على تشكيك المجتمعين العربي والدولي بجديتهم في نزع سلاح حزب الله وإنما تشمل المجتمع اللبناني الذي اعتبر توقيف نوح زعيتر مجرد "مسرحية مدبرة"!

‏بمعزل عن صحة هذه النظرة فإن تصحيح الصورة شرط لا يمكن للدولة تجاهله لفرض احترامها

 

مكرم رباح

منيح يا سيّد أشرف الموسوي ما قلت عنّو صيدلي ومرشّح لنقابة الصيادلة. نوح هوّي وجه الصحارة، وكل هالمسرحيات ما بتعفيكن إنو تنظّفوا البلد من أخطر جنس مخدّرات… سلاح حزب الله.

شو هالنشاط المفاجئ؟ الدولة نازلة توقيفات بعد كم يوم من إلغاء الزيارة لواشنطن! على أ

*******************************

في أسفل رابط نشرة الأخبار اليومية ليومي 22-21 تشرين الثاني/2025/

نشرة أخبار المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية باللغة العربية ليوم 21 تشرين الثاني/2025

/جمع واعداد الياس بجاني

https://eliasbejjaninews.com/2025/11/149412/

ليوم 21 تشرين الثاني/2025

LCCC Lebanese & Global English News Bulletin For November 21/2025/

Compiled & Prepared by: Elias Bejjani

https://eliasbejjaninews.com/2025/11/149415/

For November 21/2025/

**********************
رابط موقعي الألكتروني، المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

https://eliasbejjaninews.com

Link for My LCCC web site

https://eliasbejjaninews.com

****

Click On The Link To Join Eliasbejjaninews whatsapp group

اضغط على الرابط في اسفل للإنضمام لكروب Eliasbejjaninews whatsapp group

https://chat.whatsapp.com/FPF0N7lE5S484LNaSm0MjW

*****

الياس بجاني/اتمنى على الأصدقاء والمتابعين لمواقعي الألكتروني الإشتراك في قناتي ع اليوتيوب.Youtube

الخطوات اللازمة هي الضغط على هذا الرابط  https://www.youtube.com/channel/UCAOOSioLh1GE3C1hp63Camw

  لدخول الصفحة ومن ثم الضغط على مفردة SUBSCRIBE في اعلى على يمين الصفحة للإشترك.

Please subscribe to My new page on the youtube. Click on the above link to enter the page and then click on the word SUBSCRIBE on the right at the page top

*****

حسابي ع التويتر/ لمن يرغب بمتابعتي الرابط في أسفل

https://x.com/EliasYouss60156

My Twitter account/ For those who want to follow me the link is below

https://x.com/EliasYouss60156

@followers
 @highlight
 @everyone