المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكنديةLCCC/

نشرة الأخبار العربية ل 02 كانون الأول /لسنة 2025

اعداد الياس بجاني

#elias_bejjani_news 

في أسفل رابط النشرة

        http://eliasbejjaninews.com/aaaanewsfor2025/arabic.december02.25.htm

أرشيف نشرات أخبار موقعنا 1اليومية/عربية وانكليزية منذ العام 2006/اضغط هنا لدخول صفحة الأرشيف

 

عناوين النشرة

عنوان الزوادة الإيمانية

مَرْتا، مَرْتا، إِنَّكِ تَهْتَمِّينَ بِأُمُورٍ كَثِيرَة، وَتَضْطَرِبِين! إِنَّمَا ٱلمَطْلُوبُ وَاحِد! فَمَرْيَمُ ٱخْتَارَتِ ٱلنَّصِيبَ ٱلأَفْضَل، وَلَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا

 

عناوين مقالات وتغريدات الياس بجاني

الياس بجاني/مجمع نيقية الأول (325م) وأبعاده التاريخية واللاهوتية: قراءة بمناسبة زيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر إلى تركيا ولبنان

الياس بجاني/من هو قداسة البابا لاوون الرابع عشر؟

 

عناوين الأخبار اللبنانية

روابط فيديوات وقائع  اليوم الثاني من زيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان

تقرير مفصل باللغتين العربية والإنكليزية يغطي وقائع اليوم الثاني لزيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان

رابط فيديو/قصة العلاقة بين حاضرة الفاتيكان ولبنان

تقرير مفصل باللغتين العربية والإنكليزية يغطي وقائع اليوم الأول لزيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان

البابا بين لحظة عنايا وصوت الشبيبة في بكركي

إسرائيل في حالة تأهب قصوى: هل يأتي الرد من سوريا، اليمن أم الخارج؟

تقييم ميداني: وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يتوجه إلى لبنان وسوريا

باراك يحذر العراق من تصعيد وشيك في لبنان

ليندسي غراهام يرحب بزيارة البابا ليون الرابع عشر إلى لبنان

لبنان: الانتخابات النيابية أمام ممرين إلزاميين... التوافق على القانون ولجم إسرائيل... مصيرها يتأرجح بين إنجازها في الصيف أو ترحيلها لظروف أمنية قاهرة

مجلس الأمن يزور لبنان وسوريا هذا الأسبوع...لقاءات أممية مكثفة تترافق مع مرحلة انتقالية حرجة

 

عناوين الأخبار الإقليمية والدولية

ترمب يدعو نتنياهو لاجتماع في واشنطن

ترمب راضٍ بالتطورات في سوريا ويدعو إسرائيل للحفاظ على حوار حقيقي معها ...الرئيس الأميركي نشر تغريدات عبر منصة «تروث سوشيال»

تجاهل مصري لشكوى إسرائيلية متكررة عن «تهريب أسلحة» عبر سيناء ...إعلام عبري يتهم «جهات معادية» بالسعي إلى اختراق «العمق»

قوات إسرائيلية تقحتم مدينة طوباس بالضفة وتفرض منع التجول

غزة: دفن جثامين 15 شخصاً سلمتهم إسرائيل بعد تعذر التعرف عليهم

الرئيس الإسرائيلي عن طلب نتنياهو العفو: سنأخذ في الاعتبار «مصلحة الدولة»

قوات إسرائيلية تقحتم مدينة طوباس بالضفة وتفرض منع التجول

محقق إسرائيلي: سلاح الجو ارتكب «أخطاء قاتلة» في 7 أكتوبر ...تدخّل المقاتلات تأخر 3 ساعات

رحلات «هجرة صامتة» تغري الغزيين بالنجاة و«مجد أوروبا»...مؤسسة غامضة تنقلهم من مطار رامون الإسرائيلي إلى جوهانسبرغ

سوريا: عمليتان أمنيتان استهدفتا خلايا لـ«داعش» في إدلب

الرئيس الإسرائيلي عن طلب نتنياهو العفو: سنأخذ في الاعتبار «مصلحة الدولة»

المأزق الأوروبي في حرب مُحتملة مع روسيا

طهران: الاعتراف بحقوقنا هو الحل الوحيد لملفنا النووي ...اتهمت مجدداً «الترويكا الأوروبية» بالتنكر لالتزاماتها بضغط من واشنطن

ويتكوف يلتقي بوتين الثلاثاء لبحث الخطة الأميركية لإنهاء حرب أوكرانيا

تركيا: كشف خريطة طريق نزع أسلحة «الكردستاني» ...أوجلان أيَّد الخطوات السابقة وأكد ضرورة نجاح «عملية السلام»

 

عناوين المقالات والتعليقات والتحاليل السياسية الشاملة

زيارة البابا لاوون الرابع عشر: مشهد مُزيّف… وبلد ساقط خلف الديكور/الكاتب والمخرج يوسف ي. الخوري

مندرجات رحلةِ البابا لاوون الرابع عشر الافتتاحية/د. شارل شرتوني/نقلاً عن موقع “هذه بيروت”

«الإخوان» و«محور المقاومة»... شريكان في الخراب/نديم قطيش/الشرق الأوسط

استبعاد جعجع من استقبال الحبر الأعظم..يفجّر جمهور "القوات"/راغب ملي/المدن

ملامح طرحٍ بريطاني لمأزق السلاح: تجربة إيرلندا تَصلح للبنان؟/منير الربيع/المدن

عون وقد خاطب العالم عبر البابا: مستعدون للسلام/غادة حلاوي/المدن

المواجهة تقترب بين عون ودعاة الدولة/أحمد الأيوبي/نداء الوطن

مصادر عين التينة/عماد موسى/نداء الوطن

"الجماعة الإسلامية" والمحنة الوجودية... الحلفاء والحاضنة انفضّوا من حولها/سامر زريق/نداء الوطن

أميركا و«الإخوان»... ماذا عن أوروبا؟!/فهد سليمان الشقيران/الشرق الأوسط

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية/سام منسى/الشرق الأوسط

مرشحو الرحيل/سمير عطا الله/الشرق الأوسط

مادورو على توقيت ترمب/غسان شربل/الشرق الأوسط

"نقسم بالله العظيم" .. أننا مستباحون !! /نبيل بو منصف/النهار

 

عناوين المؤتمرات والندوات والبيانات والمقابلات والمناسبات الخاصة والردود

تقارير وقائع المحطات الأربعة التي شملتها زيارة قداسة البابا لاوون الثاني للبنان في يومها الثاني/زيارة دير مار شربل، زيارة مزار سيدة حريصاً/لقاء في ساحة الشهداء مع رؤساء المذاهب اللبنانية ولقاء الشبيبة في بكركي

البابا لاوون الرابع عشر في عنايا وزيارة روحية حاشدة إلى ضريح القديس شربل : لنطلب السلام ونُوكل إلى شفاعة القديس كل ما تحتاج إليه الكنيسة ولبنان والعالم

البابا في لقاء الأساقفة والمكرسين من بازيليك سيدة لبنان: إن أردنا أن نبني السَّلام فلِنَتَمَسَّكَ بالسَّماء ونتوجه إليها بثبات

لقاء روحي ووطني جامع في ساحة الشهداء - بيروت: كلماتٌ مسكونية ترحّب بالبابا وتؤكد رسالة لبنان في العيش المشترك والسلام

البابا: مدعوون إلى أن تكونوا بناة سلام وتواجهوا عدم التسامح وتنيروا الطريق نحو العدل والوئام

البابا يختتم اليوم الثاني من زيارته بلقاء الشبيبة في بكركي: المستقبل بين ايديكم والحب قادر على معالجة الجروح

البابا يزور دير مار مارون ومزار سيدة لبنان... ويؤكد: «لا سلام من دون حوار»

 

تفاصيل الزوادة الإيمانية لليوم

مَرْتا، مَرْتا، إِنَّكِ تَهْتَمِّينَ بِأُمُورٍ كَثِيرَة، وَتَضْطَرِبِين! إِنَّمَا ٱلمَطْلُوبُ وَاحِد! فَمَرْيَمُ ٱخْتَارَتِ ٱلنَّصِيبَ ٱلأَفْضَل، وَلَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا

انجيل القدّيس لوقا10/من38حتى42/كَانَ يَسوعُ وتلاميذهُ) سَائِرين، دَخَلَ يَسُوعُ إِحْدَى ٱلقُرَى، فٱسْتَقْبَلَتْهُ في بَيتِهَا ٱمْرَأَةٌ ٱسْمُها مَرْتا. وَكانَ لِمَرْتَا أُخْتٌ تُدْعَى مَرْيَم. فَجَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَي ٱلرَّبِّ تَسْمَعُ كَلامَهُ. أَمَّا مَرْتَا فَكانَتْ مُنْهَمِكَةً بِكَثْرَةِ ٱلخِدْمَة، فَجَاءَتْ وَقَالَتْ: «يَا رَبّ، أَمَا تُبَالي بِأَنَّ أُخْتِي تَرَكَتْنِي أَخْدُمُ وَحْدِي؟ فَقُلْ لَهَا أَنْ تُسَاعِدَنِي!». فَأَجَابَ ٱلرَّبُّ وَقَالَ لَهَا: «مَرْتا، مَرْتا، إِنَّكِ تَهْتَمِّينَ بِأُمُورٍ كَثِيرَة، وَتَضْطَرِبِين! إِنَّمَا ٱلمَطْلُوبُ وَاحِد! فَمَرْيَمُ ٱخْتَارَتِ ٱلنَّصِيبَ ٱلأَفْضَل، وَلَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا».

 

تفاصيل مقالات وتغريدات الياس بجاني

مجمع نيقية الأول (325م) وأبعاده التاريخية واللاهوتية: قراءة بمناسبة زيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر إلى تركيا ولبنان

الياس بجاني/29 تشرين الثاني/2025

https://eliasbejjaninews.com/2025/11/149684/

ملخص البحث

يتناول هذا البحث ملخص لدراسة تاريخية – لاهوتية معمّقة حول مجمع نيقية الأول المنعقد عام 325م في مدينة نيقية (إزنيق حاليًا) في تركيا، ويحلّل السياقات التاريخية والسياسية واللاهوتية التي أدّت إلى انعقاده، والقرارات التي صدرت عنه، وما خلّفه من تأثيرات جوهرية في بنية العقيدة المسيحية ووحدة الكنيسة قبل الانقسامات الكبرى. ويأتي هذا البحث على خلفية الزيارة الرسولية التي يقوم بها قداسة البابا لاوون الرابع عشر إلى تركيا ولبنان، وزيارته للموقع التاريخي للمجمع، لما تحمله هذه المحطة من رمزية وحدوية وروحية في زمن يشهد فيه المسيحيون في الشرق اضطهادات متواصلة وتراجعًا ديموغرافيًا. كما يتناول البحث أوضاع المسيحيين في تركيا الحديثة، والانقسامات التي عرفتها الكنيسة بعد المجمع، ويختتم بصلاة إنجيلية من أجل لبنان والمسيحيين في الشرق ووحدة الكنائس في الشرق.

مقدمة

تشكّل زيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر إلى كل من تركيا ولبنان حدثًا كنسيًا وروحيًا بارزًا في العلاقات المسكونية وفي قراءة التاريخ المسيحي. ومن أبرز محطّات الزيارة قيام البابا بزيارة مدينة نيقية التاريخية في تركيا، حيث عُقد أول مجمع مسكوني في تاريخ الكنيسة عام 325م، وذلك بمشاركة قادة الكنيسة الأرثوذكسية. وقد أقيمت في موقع كنيسة المجمع صلاة مشتركة ذات بعد رمزي يعيد استحضار المرحلة التأسيسية التي وُلد فيها قانون الإيمان ووحدة الإيمان بين الكنائس قبل الانقسامات. هذه الزيارة الرسولية فتحت الباب لإعادة قراءة مجمع نيقية عبر منظور أكاديمي تاريخي ولاهوتي وكنسي، وإعادة ربط الكنيسة المعاصرة بجذورها الأولى، في زمن يعاني فيه مسيحيو الشرق من تراجع حادّ في أعدادهم واستمرار الاضطهاد ضدهم.

أولًا: الخلفيات التاريخية للمسيحية قبل انعقاد مجمع نيقية

01- الاضطهادات الرومانية للمسيحيين

عرفت الكنيسة منذ نشأتها سلسلة اضطهادات قاسية في ظل الإمبراطورية الرومانية، كان أبرزها:

اضطهاد نيرون (64م): حيث استشهد بطرس وبولس في روما.

اضطهاد ديسيوس (249–251م): محاولة فرض عبادة الأوثان على المسيحيين بالقوة.

اضطهاد دقلديانوس (303–311م): وهو الأعنف، تضمن إحراق الكنائس والكتب المقدسة واعتقال المؤمنين.

وقد عانى المسيحيون من: السجن، الإعدامات، التعذيب، مصادرة الممتلكات وإجبارهم على تقديم الذبائح للأوثان. هذه الاضطهادات شكّلت خلفية أساسية لفهم تطور لاهوت المسيحية، وترسيخ الهوية الجماعية للمؤمنين.

02- مرسوم ميلانو (313م)

أصدر قسطنطين الكبير وليكينيوس المرسوم الذي منح المسيحيين حرية العبادة، فخرجت الكنيسة من السر إلى العلن، وبدأت الحاجة إلى توحيد التعليم ووقف الانقسامات الداخلية التي نشأت بعد انحسار الاضطهاد.

ثانيًا: أسباب انعقاد مجمع نيقية (325م)

أبرز الأسباب المباشرة لانعقاد المجمع كانت تعاليم أريوس، كاهن الإسكندرية، الذي قال إن المسيح “مخلوق” وليس مساوٍ للآب في الجوهر، مما هدد وحدة الكنيسة وسبب خلافات واسعة. لهذا دعا الإمبراطور قسطنطين إلى جمع الأساقفة في مجمع مسكوني لحسم هذا الجدل، وضمان وحدة الإيمان في أرجاء الإمبراطورية.

ثالثًا: مجمع نيقية الأول – المكان، الحضور، والسياق

عُقد المجمع في مدينة نيقية في الأناضول (تركيا اليوم) بين أيار وحزيران 325م، بمشاركة 318 أسقفًا من مختلف المناطق.

أبرز المشاركين: القديس أثناسيوس، أوسيوس أسقف قرطبة، ألكسندروس بطريرك الإسكندرية، مكاريوس أسقف القدس، أفستاثيوس أسقف أنطاكية، سبيريدون أسقف تريميثوس ونقولاوس أسقف ميرا. هذا وقد جاء المشاركون من بلدان تواجد المسيحيين ومنها مصر، سوريا، ولبنان اليونان، روما، قبرص، إسرائيل، شمال أفريقيا، أرمينيا، والقوقاز…. كان لافتًا أنّ الكنيسة آنذاك كانت واحدة وغير منقسمة، تمتلك تنوّعًا طقسيًا وثقافيًا، لكنها موحدة في الإيمان الرسولي.

رابعًا: قرارات المجمع ونتائجه اللاهوتية

01- تثبيت ألوهية المسيح

أعلن المجمع أنّ: يسوع المسيح مولود من الآب قبل كل الدهور، غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر، وهكذا دُحضت تعاليم أريوس.

02- صياغة قانون الإيمان النيقاوي–القسطنطيني، وهذا هذا القانون هو حجر الزاوية في العقيدة المسيحية، ونصّه الكامل كما يلي:

**نؤمن بإله واحد، الآب الضابط الكل، خالق السماء والأرض، كل ما يُرى وما لا يُرى. وبربٍّ واحد يسوع المسيح، ابن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كل الدهور، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر، الذي به كان كل شيء. هذا الذي من أجلنا نحن البشر، ومن أجل خلاصنا، نزل من السماء، وتجسّد من الروح القدس ومن مريم العذراء، وصار إنسانًا. وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطي، وتألم وقبر، وقام في اليوم الثالث كما في الكتب، وصعد إلى السماء، وجلس عن يمين الآب، وأيضًا يأتي في مجده ليدين الأحياء والأموات، الذي لا فناء لملكه. ونؤمن بالروح القدس، الرب المحيي… وبكنيسة واحدة، جامعة، مقدسة، رسولية… وبمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا…ونترجّى قيامة الأموات، وحياة الدهر الآتي. آمين.

03- تحديد موعد عيد الفصح

وضع المجمع أساسًا موحدًا لتاريخ الاحتفال بالفصح، وهو الأحد الذي يلي اكتمال القمر بعد الاعتدال الربيعي.

خامسًا: الانقسامات الكنسية بعد مجمع نيقية

رغم وحدة الكنيسة في عصر المجمع، إلا أنّ الانقسامات الكبرى جاءت لاحقًا:

01- الانشقاق الخلقدوني (451م)…نتيجة الخلاف حول طبيعة المسيح بين الكنائس الخلقدونية وغير الخلقدونية.

02- الانشقاق الكبير بين روما والقسطنطينية (1054م)….بسبب اختلافات عقائدية، لاهوتية، ليتورجية، وسياسية.

سادسًا: أوضاع المسيحيين في تركيا الحديثة

رغم تاريخها المسيحي العميق، تعرّض المسيحيون في تركيا إلى تضييق مستمر منذ سقوط القسطنطينية:

01- تحويل كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد…قرار الرئيس أردوغان عام 2020 بتحويل الكنيسة الأم إلى جامع شكّل نموذجًا واضحًا لاستهداف الرموز المسيحية.

02- مصادرة الأديرة والكنائس لا سيما في طور عابدين والساحل الأناضولي.

03- التراجع الديموغرافي…انخفاض نسبة المسيحيين من 20% بداية القرن العشرين إلى أقل من 0.3% اليوم.

سابعًا: التقسيم الجغرافي للكنيسة زمن المجمع

كانت الكنيسة في إطار الإمبراطورية الرومانية مقسّمة إلى كراسي رئيسية: روما، الإسكندرية، أنطاكية، القدس والقسطنطينية (أضيف لاحقًا)…وكانت نيقية مرتبطة بالجغرافيا الروحية لمراكز الكنيسة الأولى.

ثامنًا: أهمية زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى موقع المجمع

تحمل الزيارة أبعادًا أكاديمية وروحية من أهمها إحياء ذاكرة المجمع وتثبيت العقيدة النيقاوية. التأكيد على وحدة الإيمان بين الكاثوليك والأرثوذكس. إعادة قراءة تاريخ الكنيسة قبل الانقسامات. دعم المسيحيين المضطهدين في الشرق. توجيه دعوة عالمية للمصالحة والسلام.

خاتمة: صلاة من أجل لبنان في الشرق والسلام ووحدة الكنائس والمسيحيين في الشرق

**يا رب يسوع المسيح، أنت الذي صلّيت لكي يكون الجميع واحدًا، نسألك أن تمنح كنائسنا نور الوحدة وتزيل من قلوبنا كل روح انقسام. احمِ أبناءك المسيحيين في الشرق الذين هاجروا بسبب العنف والاضطهاد وفقدوا حقوقهم وأوطانهم. أنظر برحمتك إلى لبنان وسوريا والعراق وفلسطين ومصر وتركيا، وأعد لشعوبها السلام والحرية. ليحلّ روحك القدوس في الكنائس كلها، فيصنع الوحدة، ويثبّت الإيمان، ويعيد للمسيحيين حضورهم ورسالتهم.

آمين.

ملاحظة/المعلومات الواردة في هذه لدراسة منقولة عن العديد من المراجع الكنسية والاهوتية والبحثية والإعلامية الموثقة

**الكاتب ناشط لبناني اغترابي

عنوان الكاتب الألكتروني

Phoenicia@hotmail.com

رابط موقع الكاتب الالكتروني على الإنترنت

https://eliasbejjaninews.com

 

من هو قداسة البابا لاوون الرابع عشر؟

الياس بجاني/27 تشرين الثاني/2025

https://eliasbejjaninews.com/2025/11/149621/

الميلاد والجذور

وُلِد قداسة البابا لاوون الرابع عشر، باسم روبرت فرانسيس بريفوست (Robert Francis Prevost)، في 14 أيلول/سبتمبر 1955، في شيكاغو، إلينوي، الولايات المتحدة الأميركية، في عائلة كاثوليكية مؤمنة، محافظة على الصلاة والحياة الكنسية. نشأ في بيت اعتاد مواظبة القداس وخدمة الرعية، وكان لوالدته المتدينة تأثير كبير في تكوينه الروحي، إذ غرست فيه محبة الكنيسة والتعلّق بكلمة الله منذ طفولته المبكرة. يحمل قداسته الجنسيتين الأمريكية والبيروفية (منذ عام 2015).

الطفولة ومسار الإيمان

تميّزت طفولته بالالتصاق بالكنيسة وبالخدمة الراعوية البسيطة. كان يخدم القداديس في الرعية المحلية، ويشارك في نشاطات مساعدة الفقراء والمهمّشين. منذ سن مبكرة ظهرت عليه علامات الدعوة الكهنوتية، وتعلّق بالحياة الروحية وبالليتورجيا، وقضى أوقاتًا طويلة في التأمل والصلاة، مما جعل كاهن رعيته يشجّعه على متابعة الدعوة إلى الإكليروس.

الثقافة والشهادات الأكاديمية

تابع تحصيله العلمي في جامعات كاثوليكية أميركية مرموقة، حيث حصل على درجة البكالوريوس في العلوم من جامعة فيلانوفا والماجستير في اللاهوت من الاتحاد اللاهوتي الكاثوليكي. كما درس الفلسفة واللاهوت وحصل على درجات عليا في القانون الكنسي (JCL و JCD) من الجامعة البابوية للقديس توما الأكويني (الأنجليكوم) في روما.

أظهر اهتمامًا خاصًا بالتراث الشرقي والكنائس الشرقية، واطّلع على الروحانية المشرقية، لا سيما الروحانية المارونية. يتقن الإنجليزية كلغة أم، إضافة إلى الإيطالية واللاتينية وإلمام واسع باليونانية والآرامية الكتابية.

الشموسية والرهبنة

نال الرسامة الشماسية في مطلع الثمانينيات، ثم اختار الانضمام إلى رهبنة القديس أوغسطين (The Order of Saint Augustine)، وهي رهبنة ذات طابع صلاتي وتأملي، حيث عاش سنوات التكوين الرهباني والنذور. تميّز داخل الرهبنة بروحه الهادئة المنفتحة، وبقدرته الفكرية والإدارية، ما جعله يتسلم مهام تعليمية ورعوية وإدارية مبكرة.

المهمّات التي تبوّأها

بعد نذوره الرهبانية ورسامة الكهنوت، شغل مناصب تعليمية في معاهد لاهوتية، ثم تدرّج ليتولّى:

الرئيس العام لرهبنة القديس أوغسطين (2001–2013).

مسؤوليات ديرية داخل رهبنته وإدارة مؤسسات رعوية وتعليمية.

خدمة في أميركا الجنوبية: عمل كمرسل في البيرو، حيث خدم كأسقف لأبرشية شيكلايو (من 2015 إلى 2023)، ومدبر رسولي لأبرشية كالاّو (حتى عام 2023).

لاحقًا، انضم إلى العمل الكنسي القريب من الدوائر الفاتيكانية، حيث شغل منصب رئيس دائرة الأساقفة ورئيس اللجنة الحبرية لأميركا اللاتينية (من 2023 حتى انتخابه بابا). وقد شارك في مبادرات دعم الكنائس المتألّمة، وملفات الحوار بين الكنائس والحوار الإسلامي–المسيحي.

الترقيات الكهنوتية والإدارية

كاهن: في 19 حزيران/يونيو 1982.

أسقف: في كانون الأول/ديسمبر 2014.

رئيس أساقفة: بعد سنوات من الخدمة الأسقفية.

كاردينال: اختير لهذه الرتبة في 30 أيلول/سبتمبر 2023 نظراً لخبرته اللاهوتية واهتمامه العميق بالشرق الأوسط، وخدم ككاردينال في ملفات أساسية تخص شؤون الشرق والكنائس الشرقية والحوار بين الأديان.

انتخابه بابا للكنيسة الكاثوليكية

انتُخب الكاردينال الأميركي روبرت فرانسيس بريفوست خليفةً للقديس بطرس في 8 أيار/مايو 2025، واتخذ اسم لاوون الرابع عشر، في خطوة عكست رغبة الكرسي الرسولي في تعزيز الحوار والسلام، ودعم الكنائس في الشرق الأوسط، وتحفيز مسيرة الإصلاح الروحي والراعوي داخل الكنيسة العالمية.

(بقية المقالة دون تعديل)

خصال قداسته في الخدمة الراعوية

يُعرف البابا لاوون الرابع عشر بكونه قريبًا من الناس، بسيطًا في تعامله، يرفض التكلف والمظاهر. يميل إلى الإصغاء قبل إصدار الحكم، ويؤمن بأن الكنيسة بيت شفاء للمجروحين لا مؤسسة استعلاء. كما يولي اهتمامًا كبيرًا بالشباب، وبالدور الاجتماعي والإنساني للكنيسة، ويمزج بين المحافظة الليتورجية والانفتاح على الحوار الثقافي والروحي.

الصفات الشخصية

تواضع وروح صلاة واضحة حكمة لاهوتية وقدرة على الحوار العميق رؤية إصلاحية هادئة لكنها ثابتة محبة للسلام وبناء الجسور بين الشعوب تعلق خاص بالروحانيات الشرقية والصمت التأملي

إنجازاته

تأسيس مبادرات لدعم الكنائس المتألّمة في الشرق الأوسط تعزيز الحوار المسكوني والإسلامي–المسيحي دعم دراسات التراث الشرقي والروحانيات المشرقية إطلاق برامج تعليمية للشباب في دول عدّة

الزيارة المرتقبة إلى لبنان وعلاقته الروحية بالقديس شربل

يستعدّ قداسة البابا لاوون الرابع عشر للقيام بزيارة تاريخية إلى لبنان، وهي زيارة ينتظرها اللبنانيون نظراً لأهميتها الروحية والوطنية في ظل الظروف التي يمر بها البلد.

1. لبنان كرسالة سيؤكد البابا خلال زيارته المرتقبة أن لبنان ليس مجرد بلد، بل رسالة تقوم على الحرية والعيش المشترك واحترام الإنسان. ويُتوقع أن تحمل خطاباته رسائل دعم للمؤسسات الروحية والدينية والمدنية في لبنان.

2. دعم مسيحيي لبنان يولي قداسته أهمية كبيرة لصمود المسيحيين في لبنان ودورهم في حماية النموذج اللبناني الفريد. وستكون زيارته مناسبة لتجديد تضامن الكنيسة العالمية معهم، والدعوة إلى حماية حضورهم ورسالتهم.

3. عنايا والقديس شربل — محطة أساسية في برنامج الزيارة يحمل البابا لاوون الرابع عشر علاقة روحية خاصة بالقديس شربل مخلوف، ويعتبره “رمز الرجاء والصمت والصلاة في عالم مضطرب”. ووفق البرنامج الرسمي، سيزور قداسته دير مار مارون – عنايا ليقيم وقت صلاة وتأمل عند ضريح القديس شربل، طالبًا شفاعته من أجل لبنان والعالم. هذه المحطة، رغم أنها لم تتم بعد، تُعدّ من أبرز محطات الزيارة المرتقبة لأنها تعكس عمق الرابط بين الكرسي الرسولي والروحانية اللبنانية.

صلاة من أجل المسيحيين والسلام في لبنان

يا ربّ السلام والرحمة، ننحني أمام عظمتك ونرفع إليك لبنان وأهله، خصوصًا المسيحيين الذين يحملون جذور الإيمان ورسالة الشهادة. أنر قلوبهم بقوة من عندك، واحفظهم من الخوف والانقسام، وامنحهم شجاعة الصمود ورجاء القيامة. بارك لبنان بجباله وسهوله وبحاره، وانشر روح السلام في ربوعه، واملأ بيوته بالطمأنينة والمحبة. وبشفاعة القديس شربل وجميع قدّيسي الشرق، نسألك شفاء هذا البلد، وأن يتحوّل إلى أرض نور ومجد وعيش مشترك.

*الياس بجاني/رابط فيديو ونص عربي وإنكليزي/من هو قداسة البابا لاوون الرابع عشر؟

https://youtu.be/EioEuQ0SYng

*ملاحظة/المعلومات الواردة في المقالة منقولة عن العديد من المراجع الكنسية والاهوتية والبحثية الموثقة

**الكاتب ناشط لبناني اغترابي

عنوان الكاتب الألكتروني

Phoenicia@hotmail.com

رابط موقع الكاتب الالكتروني على الإنترنت

https://eliasbejjaninews.com

 

تفاصيل الأخبار اللبنانية

روابط فيديوات وقائع  اليوم الثاني من زيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان

تقرير مفصل باللغتين العربية والإنكليزية يغطي وقائع اليوم الثاني لزيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان

https://eliasbejjaninews.com/2025/12/149784/

01/من صوت لبنان/رابط فيديو اللقاء الروحي المسكوني لقادة مذاهب لبنان في ساحة الشهداء مع قداسة البابا لاوون الرابع عشرن

02/ من دي أر أم نيوز/رابط فيديو زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى مزار القديس شربل_عنايا

03/ رابط فيديو زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى مزار سيدة حريصا

04/من موقع جريدة النهار/رابط فيديو لقاء الشبيبة في صرح بكركي مع قداسة البابا لاوون الثاني

 

رابط فيديو/قصة العلاقة بين حاضرة الفاتيكان ولبنان/The relationship between Lebanon & the Vatican

https://www.youtube.com/watch?v=q2QvNfembdI

 

تقرير مفصل باللغتين العربية والإنكليزية يغطي وقائع اليوم الأول لزيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان

https://eliasbejjaninews.com/2025/11/149724/

30 تشرين الثاني/2025

رابط فيديو خطاب قداسة البابا ونص الخطاب باللغتين العربية والإنكليزية

رابط فيديو كلمتي قداسة البابا والرئيس عون/مع الصوص العربية والإنكليزية

رابط فيديو كامل لوقائع وتفاصيل احداث اليوم الأول للزيارة

 

البابا بين لحظة عنايا وصوت الشبيبة في بكركي

نداء الوطن/02 كانون الأول/2025

ثلاثة أيام سماوية يعيشها اللبنانيون التوّاقون إلى القيامة، بعد سنوات من الصلب على خشبة المحاور والحروب. في اليوم الثاني لزيارة الحبر الأعظم، تجلّى لبنان بأبعاده الثلاثة: قداسة عابقة من "قمّة عنايا" بين القديس شربل وقداسة البابا لاوون الرابع عشر، تلتها محطة روحية جامعة مع الأساقفة والكهنة والمكرسين والمكرسات في حريصا، ولقاء خاصّ مع البطاركة الكاثوليك في السّفارة البابويّة؛ تنوّع وتعدديّة تجسّدا في اجتماع ممثلي الطوائف في ساحة الشهداء؛ وروح لبنانية متجدّدة تنبض في الشبيبة الباحثة عن وطن يشبه أحلامها.

نبض الشباب يطوف بكركي

في هذا السياق، أشار مصدر كنسي لـ "نداء الوطن"، إلى أن المحطة التي رفعت المعنويات، وأعادت الأمل بالمستقبل، كانت لقاء الشبيبة في بكركي مساء أمس. إذ فاق عدد المشاركين التوقعات. وبرز من خلاله إيمان الشباب المسيحي، رغم ما يُقال عن ابتعاد الجيل الجديد عن الكنيسة. وتجلّى التفاعل العميق بين قداسة البابا وجيل المستقبل، إذ جال بينهم بلا حواجز، واستمع لهواجسهم، وردّ عليها بعفوية واهتمام. وبحسب المصدر، أعطى اللقاء انطباعًا قويًا بأن المسيحيين ما زالوا هنا، وأن العصب المسيحي حيّ ونابض، مفندًا كل الادعاءات حول تلاشي الوجود المسيحي بفعل الحروب والهجرة والتراجع الديموغرافي. هذا النبض، عبّر عنه أيضًا، عضو الكونغرس الأميركي ليندسي غراهام، حيث لفت في منشور عبر "أكس"، إلى أن "زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان تأتي في لحظة حرجة". وقال "إن وجوده يذكرنا بقوة المجتمع المسيحي ووحدته في لبنان، كما إن رسالة السلام التي يحملها تبعث الأمل في نفوس شعب عانى الكثير". وأضاف: "نأمل أن تجلب زيارته الراحة والشفاء والتزامًا متجددًا للمصالحة بين لبنان وإسرائيل وجميع جيرانه". ولفت المصدر إلى أن بكركي، كما أكّد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أمام البابا والشبيبة، ستبقى حامية الجمهورية اللبنانية، متمسكة بدورها التاريخي، داعية إلى بناء لبنان جديد بعيدًا من العنف واستنساخ الماضي. فلقاء الشبيبة، ببساطته وعمقه، أظهر أن لبنان لا يزال بخير، وأن الأمل قائم شرط الصبر والاستمرار بالنضال وسط الظلمة. وقد حمل البابا رسالة سلام وفرصة تاريخية للبنان، فيما عبّر الشباب بوضوح عن رغبتهم في هذا السلام، لبناء مستقبل يليق بهم. وختم المصدر بالقول: "هذا هو وجه لبنان الحقيقي، وهذه هي مطالب شعبه. والبابا، بصوته ورمزيته، يدعم هذا الخيار. لقد آن الأوان لإنهاء الظلم المزمن، والخروج من دوّامة المحاور والحروب، والسير نحو حيادٍ يفتح الطريق إلى السلام الحقيقي". وكانت الساحات الخارجية للصرح البطريركي امتلأت بالآلاف من اللبنانيين والوافدين من دول عدّة، ومن مختلف الفئات العمرية، غلبت عليها الطابع الشبابي، وقد رفعت الأعلام البابوية واللبنانية ترحيبًا بقداسة البابا. وقد وُزعت شاشات عملاقة في الساحات، نقلت أجواء التحضيرات واللوحات الترنيمية والرمزية الخاصة بالمناسبة، وسط دعوات إلى أن يكون الحشد رسالة حيّة لقداسته بأن هذا الجمهور هو جمهور سلام.

وحدة مسكونية في ساحة الشهداء

بعد أن مزقته "وحدة الساحات" و"حروب الإسناد"، عكس لقاء ساحة الشهداء صورة لبنان المتعدّد، غير المتقاتل، المتعايش بطوائفه ومكوناته. وتوقفت المصادر عند كلمة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، التي لاقت وقعًا إيجابيًا، خصوصًا حين أكد "أننا لسنا من هواة حمل السلاح والتضحية بأبنائنا"، واضعًا "قضية لبنان بين أيديكم، لعلّ العالم يعيننا على الخروج من أزماته المتراكمة". وكانت لافتة أيضًا كلمة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي، التي استعاد فيها سيرة شارل مالك لما يمثله من رمزية ودور ريادي في إيصال القضية اللبنانية إلى المحافل الدولية. فقال: "أهلاً بكم في لبنان، الوطن الرسالة، وهو اللقب الذي أطلقه شارل مالك، ابن كنيستنا الأنطاكية الألمعي، والذي كان له الدور الأساسي في إقرار شرعة حقوق الإنسان. وهو اللقب نفسه الذي أكّده لاحقًا قداسة البابا يوحنا بولس الثاني خلال زيارته للبنان". وفي ختام اللقاء المسكوني والحواري بين الأديان الذي جمع البابا برؤساء الطوائف في لبنان ونحو 300 مدعو، غرس البابا مع البطريرك اليازجي وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز سامي أبي المنى غرسة زيتون قدمها له طفلان، على وقع ترانيم في مساء الورد يا مريم ونشيد المخلوقات، ثم صورة تذكارية بالمناسبة، وصافح البابا في نهاية اللقاء عددًا من الحاضرين، وغادر على وقع التصفيق.

رسالة إلى العراق ليَسمع لبنان

فيما يرجو اللبنانيون أن تطول بركة هذه الزيارة، فتُبعد عنهم شبح الأزمات ومخاوف الحروب، كشفت "الحدث" عن رسالة تحذيرية وجّهها توم براك إلى العراق، حملت إنذارًا من عملية إسرائيلية وشيكة ضد "حزب الله" في لبنان، هدفها نزع سلاحه بالكامل، مع دعوة واضحة للفصائل العراقية بعدم مؤازرته. أما على خطّ تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وسحب سلاح "حزب الله"، فعلمت "نداء الوطن" أن مورغان أورتاغوس، التي ستحضر اجتماع "الميكانيزم" الخميس، لم تطلب حتى الآن أي موعد من القصر الجمهوري في بعبدا، أو من السراي الحكومي أو عين التينة، ما يشير إلى أن زيارتها قد تقتصر على الشق العسكري، ما لم يطرأ تعديل على جدول مواعيدها في الساعات المقبلة. وأفادت مصادر بأن وفد سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن، الذي يزور لبنان الخميس ويلتقي الرئيس جوزاف عون وعددًا من المسؤولين، قبل أن يتوجّه إلى سوريا، يقوم بمهمة استطلاعية، في ظلّ تزايد الحديث عن احتمال تجدّد الحرب، واتجاه الأوضاع نحو مواجهة عسكرية على الأرض اللبنانية.

 

إسرائيل في حالة تأهب قصوى: هل يأتي الرد من سوريا، اليمن أم الخارج؟

موقع ال بي سي/01 كانون الأول/2025  (مترجم من الإنكليزية)

مع اقتراب نهاية العام، تكثّف إسرائيل تنسيقها مع الولايات المتحدة بشأن ملفات إيران ولبنان وغزة. وعلى هذا الأساس، سترسل إسرائيل رئيس أركان جيشها، إيال زامير، إلى واشنطن الأسبوع المقبل للقاء رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال دان كين. يهدف الاجتماع إلى تنسيق أي عمل أمني على الجبهات الثلاث، بما في ذلك لبنان، حيث ترى تل أبيب أن هناك "تقدماً غير كافٍ" في تفكيك أسلحة حزب الله. تأتي الزيارة بعد ساعات فقط من إجراء المبعوثة الأمريكية مورغان أورتاغوس محادثات في إسرائيل، وسط توقعات بأن نهاية الشهر قد تمثل نقطة تحول في الوضع الأمني. لم تخفِ المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قلقها إزاء احتمال رد حزب الله على اغتيال هيثم طبطبائي. وقد ناقش المسؤولون سيناريوهات متعددة، ومتضاربة في بعض الأحيان. أحد الخيارات المتوقعة هو هجوم يُشنّ من سوريا من قبل جماعات إسلامية مقربة من حزب الله، كانت إسرائيل قد هاجمتها في بيت جن الأسبوع الماضي. الاحتمال الآخر هو عملية تنفّذ من اليمن من قبل الحوثيين انتقاماً لطباطبائي، الذي قام بتدريب مقاتلين حوثيين. أما السيناريو الثالث فيشمل عملية إيرانية وحزب الله تستهدف مواقع إسرائيلية أو يهودية في الخارج. ولأن إسرائيل تعتبر هذا السيناريو الثالث هو الأكثر تحدياً — نظراً لصعوبة الرد من داخل لبنان — فقد وُضعت أجهزتها الأمنية في حالة تأهب قصوى.

 

تقييم ميداني: وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يتوجه إلى لبنان وسوريا

موقع ال بي سي/01 كانون الأول/2025  (مترجم من الإنكليزية)

من المتوقع أن يصل وفد من سفراء الدول الأعضاء الـ 15 في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى لبنان وسوريا يومي 5 و 6 ديسمبر، وسط تصاعد التوترات الأمنية مع إسرائيل وتزايد المخاوف من توسع الضربات على الأراضي اللبنانية. ستركز محادثاتهم على الوضع الأمني في جنوب لبنان، ووضع اليونيفيل، والتزام لبنان بقرارات مجلس الأمن واتفاق وقف إطلاق النار. ستكون النقطة الأبرز في الزيارة هي جولة في الجنوب يوم 6 ديسمبر، حيث سيشاهد المبعوثون مناطق انتشار الأمم المتحدة ويتلقون إحاطات مباشرة حول التطورات الحدودية، والهدوء الهش في المنطقة، ومدى امتثال الأطراف المعنية بالقرارين 1701 و 1559، لا سيما فيما يتعلق بوقف النشاط العسكري والسيطرة على الأسلحة خارج سلطة الدولة. كما سيستمع الوفد إلى تقييم مفصل من قيادة اليونيفيل حول التحديات التي تواجه قوة حفظ السلام، خاصة وأن مجلس الأمن قرر إنهاء ولايتها في نهاية العام المقبل — وهو موعد قد يأتي بينما لا يزال الجنوب بحاجة إلى وجود عسكري دولي لتأمين أي ترتيب استقرار طويل الأجل. ووفقاً لمصادر دبلوماسية، ستحمل الزيارة أيضاً رسالة دعم للمؤسسات الشرعية اللبنانية، ولا سيما الجيش اللبناني، الذي يعتبر الفاعل الأساسي المسؤول عن تأمين الحدود والحفاظ على الاستقرار. وقد تفتح الرحلة الباب أمام مساعدات عسكرية أو إنسانية جديدة. تأتي الزيارة بعد يومين من اجتماع آلية المراقبة، الذي حضرته المبعوثة الأمريكية مورغان أورتاغوس، التي يُقال إنها موجودة في إسرائيل. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت ستبقى للانضمام إلى وفد مجلس الأمن أم سيشارك ممثل أمريكي آخر. وبحسب ما ورد، نظرت واشنطن بإيجابية إلى الجولة الإعلامية الأخيرة التي نظمها الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني. ومع ذلك، لم تغير موقفها بأن عملية دمج الأسلحة تحت سيطرة الدولة لا تزال بطيئة — وهو قلق تحذر من أنه قد يحمل عواقب وخيمة.

 

باراك يحذر العراق من تصعيد وشيك في لبنان

موقع هنا بيروت/01 كانون الأول/2025  (مترجم من الإنكليزية)

ذكرت قناة الحدث السعودية يوم الاثنين، نقلاً عن مصادر مطلعة، أن السفير الأمريكي لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا توم باراك وجه تحذيراً شديداً للحكومة العراقية بشأن تصعيد يلوح في الأفق في لبنان. ويُزعم أن باراك أبلغ المسؤولين العراقيين بأن عملية إسرائيلية تستهدف حزب الله وشيكة، محذراً من أن أي تدخل من قبل الفصائل العراقية الموالية لإيران لدعم الجماعة سيؤدي إلى "رد قاسٍ". وأضاف أنه بناءً على معلومات تم تبادلها مع واشنطن، تنوي إسرائيل المضي قدماً في حملتها في لبنان حتى يتم نزع سلاح حزب الله. لم تصدر الحكومة العراقية ولا السفارة الأمريكية بياناً رسمياً حول التصريحات المزعومة.

 

ليندسي غراهام يرحب بزيارة البابا ليون الرابع عشر إلى لبنان

موقع هنا بيروت/01 كانون الأول/2025 (مترجم من الإنكليزية)

رحّب السيناتور الأمريكي ليندسي غراهام بزيارة البابا ليون الرابع عشر إلى لبنان، قائلاً في تغريدة على منصة X إنها تأتي "في لحظة حرجة". وأشار إلى أن وجود الحبر الأعظم يسلط الضوء على "قوة ووحدة المجتمع المسيحي في لبنان" ويحمل "رسالة سلام تبعث على الأمل لشعب عانى الكثير". وأضاف غراهام أنه يأمل أن تجلب الزيارة "الراحة والشفاء والتزاماً متجدداً بالمصالحة بين لبنان وإسرائيل وجميع جيرانه".

 

لبنان: الانتخابات النيابية أمام ممرين إلزاميين... التوافق على القانون ولجم إسرائيل... مصيرها يتأرجح بين إنجازها في الصيف أو ترحيلها لظروف أمنية قاهرة

 بيروت: محمد شقير الشرق الأوسط/01 كانون الأول/2025

انشغال اللبنانيين، على امتداد ثلاثة أيام، باستقبال البابا ليو الرابع عشر لن يسدل الستار، في اليوم التالي لانتهاء زيارته التاريخية للبنان، على التجاذبات السياسية التي تتمحور حول حصرية السلاح بيد الدولة، وقانون الانتخاب الذي ستجرى على أساسه الانتخابات النيابية في ربيع 2026.

ومصير الانتخابات يتأرجح مناصفةً بين إتمامها في الصيف المقبل، أو ترحيلها على نحو يفرض التمديد للبرلمان، ما لم يتأمن الممر الإلزامي لإنجازها في موعدها بامتناع إسرائيل عن توسعة الحرب فور انتهاء العام الحالي، تنفيذاً لتهديداتها بالضغط على «حزب الله» لإلزامه بتطبيق حصرية السلاح، وبتوافق القوى السياسية على تسوية من شأنها أن تُخرج قانون الانتخاب من التأزّم الذي يحاصره. فإجراء الانتخابات على أساس القانون النافذ، كما يطالب رئيس المجلس النيابي نبيه بري لا يعني، بحسب خصومه، أن الطريق سالك أمام إتمامها في موعدها في ظل تصاعد وتيرة الاشتباك السياسي حول أي قانون ستجرى على أساسه، خصوصاً أنه بحاجة إلى تعديل في جلسة تشريعية، بعد أن أعفت حكومة الرئيس نواف سلام نفسها من تعديله بإحالتها مشروع قانون على البرلمان يقضي بشطب المادتين 112 و122 من القانون، بما يسمح للمنتشرين اللبنانيين في الاغتراب بالاقتراع من مقر إقامتهم لـ128 نائباً.

فاعتماد القانون النافذ، كما يقول خصوم بري لـ«الشرق الأوسط»، يتطلب في مطلق الأحوال تعديله بتعليق العمل بالبطاقة الممغنطة، وإصدار المراسيم التطبيقية الخاصة باستحداث الدائرة الانتخابية السادسة عشرة، وتوزيع المقاعد الستة لتمثيل الاغتراب على القارات، ما يلقى معارضة يصعب تجاوزها بذريعة أنها تمثل، من وجهة نظر الغالبية، الأكثرية النيابية. لذلك يقف لبنان على بُعد خمسة أشهر وأسابيع قليلة من موعد إجراء الانتخابات النيابية في ربيع 2026، من دون أن تلوح في الأفق حتى الآن بوادر انفراج للتوصل إلى تسوية حول القانون، مع أن الرؤساء الثلاثة يصرون على إنجازها في موعدها. لكن كيف؟ وعلى أي أساس؟ ومتى؟ رغم أن رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون يصر على إتمامها بلا أي تأخير، وإعطاء الحق للمغتربين بالاقتراع أسوةً بالمقيمين. وفي هذا السياق، تسأل مصادر نيابية: هل الأبواب لا تزال موصدة أمام التوصل إلى تسوية تكون ممراً إلزامياً لإجراء الانتخابات، بالتلازم مع توفير الضمانات الدولية بعدم قيام إسرائيل بتوسعة الحرب مع انتهاء العام الحالي؟ وإلا فإن تأجيلها حاصل لظروف أمنية قاهرة. وتؤكد أنه لا مجال للقفز فوق تعديل القانون، لأن التعديلات بحاجة إلى تشريع، ولا يمكن إصدارها بقرار حكومي. وتلفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه لا مجال لفتح أبواب البرلمان لتعديل القانون ما لم يتم التوصل مسبقاً إلى تسوية تمهد لدعوة الهيئة العامة لعقد جلسة تشريعية تخصص لتعديل القانون.

صلاحيات بري

وتقول، من وجهة نظرها، إن دعوتها للانعقاد هي من صلب صلاحيات رئيس البرلمان. وتضيف أن بري يربط دعوته الهيئة العامة للانعقاد بالتفاهم المسبق على التعديلات المقترحة على القانون لقطع الطريق على تمرير المقترحات التي يطالب بها خصومه الذين يتصرفون، من وجهة نظرهم، على أنهم يمثلون الأكثرية في البرلمان، ولديهم القدرة لشطب المادتين 112 و122 منه بما يتيح للمغتربين الاقتراع من مقر إقامتهم لـ128 نائباً، وهذا ما يفسر تأييدهم المطلق لاقتراح الحكومة.

تسوية مفاجئة؟

وتؤكد أن بري يتحسب، بدعوته الهيئة العامة للانعقاد، لحصول مفاجأة ليست في الحسبان تؤدي لتغليب وجهة نظر خصومه بإقرار التعديلات التي يطالبون بها، وبالتالي لا مفر من التفاهم قبل انعقادها على تسوية تعبّد الطريق أمام إنجاز الاستحقاق النيابي. وترى أنها تنص على صرف النظر عن تمثيل الاغتراب اللبناني بـ6 مقاعد، في مقابل حصر اقتراع المنتشرين بمجيئهم إلى لبنان لتأدية حقهم في اختيار ممثليهم في الندوة النيابية.

موسم المغتربين

وتقول المصادر نفسها إن عون وسلام لا يريدان حرق المراحل، وإن ما يهمهما هو إجراء الانتخابات في موعدها، ويلتقيان بذلك مع بري، ولن يعترضا على التوصل إلى تسوية تقرها الهيئة العامة في جلسة تشريعية تعقدها لهذا الغرض، وليس لأي سبب آخر.

ترحيل وعطلة صيفية

وتؤكد أن التوافق عليها سيفتح الباب أمام تأجيل إنجازها نظراً لضيق الوقت إلى مطلع الصيف المقبل، إفساحاً في المجال أمام مجيء المغتربين إلى لبنان لتمضية عطلتهم الصيفية، وتأديتهم لواجبهم الانتخابي.

وترى أن قدوم المغتربين في أوائل الصيف سيؤدي لتحريك العجلة الاقتصادية، وإنعاش المرافق السياحية، هذا في حال أن الضغوط الدولية، وتحديداً الأميركية، على إسرائيل ستؤدي لتوفير الأجواء الآمنة لتمرير الاستحقاق الانتخابي الذي تنظر إليه واشنطن على أنه محطة لإحداث تغيير في ميزان القوى يأخذ في الاعتبار التحولات في المنطقة، ولبنان.

ويبقى السؤال: هل تتقدم حصرية السلاح، من منظور أميركي ودولي جامع، على إتمام الاستحقاق النيابي، ما يقلق لبنان على المستويين الرسمي والشعبي بغياب الضمانات الأميركية للجم جنوح إسرائيل نحو توسعتها للحرب، رغم أنه لا مجال للعودة عن حصريته.

جناح الدولة

وعليه، بات على «حزب الله» أن يكف عن مكابرته، وإنكاره للواقع، وأن تتخذ قيادته قرارها بالانضواء تحت جناح الدولة في خيارها الدبلوماسي لتحرير الجنوب، كونها وحدها توفر الحماية للبنانيين، وتدفع بالإدارة الأميركية أن تضغط على إسرائيل لإعادة الاعتبار لاتفاق وقف الأعمال العدائية تطبيقاً للقرار 1701، مع تأكيد مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» أن الخطاب الأخير للشيخ نعيم قاسم لا يشبه الواقع السياسي الراهن، وهو يحاكي فيه بيئته بدلاً من أن يبادر إلى رفع الضغوط الخارجية على لبنان بأن يتوجّه للبنانيين بموقف شجاع وجامع يضع حصرية السلاح بعهدة الدولة بتخليه عن تمسكه به لشراء الوقت الذي من شأنه تعريض لبنان لمزيد من الأخطار، مع مواصلة إسرائيل الضغط بالنار عليه، وتهديدها بتوسعة الحرب، وغياب الضمانات لتطويقها.

 

مجلس الأمن يزور لبنان وسوريا هذا الأسبوع...لقاءات أممية مكثفة تترافق مع مرحلة انتقالية حرجة

واشنطن: علي بردى/الشرق الأوسط/01 كانون الأول/2025

عشية بدء سفراء الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن، الثلاثاء، زيارة وُصفت بأنها بالغة الأهمية لكل من لبنان وسوريا اللذين يمران بمرحلة انتقالية حرجة على مستويات عدة، دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب إسرائيل إلى المحافظة على «حوار قوي» مع دمشق في ظل أجواء متوترة ناجمة عن التوغلات العسكرية الإسرائيلية داخل الأراضي السورية. وبعيد هذا المنشور، أفاد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن رئيس الوزراء تحدث مع ترمب عبر الهاتف، الاثنين.

رحلة مجلس الأمن

إضافة إلى ذلك، يُتوقع أن يشارك في الوفد الزائر الذي يقوده المندوب الأستوني الدائم لدى الأمم المتحدة صامويل زبوغار بوصفه رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي، كل من المندوبين الدائمين الأميركي مايك والتز والبريطانية بربارا وودوارد والفرنسي جيروم بونافون والروسي فاسيلي نيبينزيا والصيني هو فو كونغ، بالإضافة إلى بقية الأعضاء الجزائري عمار بن جامع والصومالي أبو بكر عثمان والباكستاني عاصم افتخار أحمد والدنماركية كريستينا ماركوس لاسينا واليونانية أغليا بالتا والغويانية كارولين رودريغيز - بيركيت والبنمي إيلوي ألفارو دي ألبا والكوري الجنوبي تشا جي - هون، والسيراليوني مايكل عمران كانو.

وأمل رئيس مجلس الأمن في أن تُسهم زيارة أعضاء مجلس الأمن في إعادة بناء ثقة السوريين بالأمم المتحدة، وتعزيز دعم العملية السياسية في البلاد. وقال: «نريد أن نساعد في إعادة بناء الثقة بالأمم المتحدة (...) ولهذا السبب نذهب إلى هناك حتى يرى الناس أن الأمم المتحدة قادمة الآن إلى سوريا». وأضاف: «نقول: هذه قيادة سورية ومملوكة لسوريا».

إجراءات مشددة

وعلمت «الشرق الأوسط» أن كلاً من السلطات اللبنانية والسورية اتخذت إجراءات أمنية مشددة لتأمين تحركات الوفد الأممي الرفيع في بيروت ودمشق، وعلى الطرقات بينهما، بالإضافة إلى التوجه من وإلى بيروت في اتجاه منطقة عمليات القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان «اليونيفيل» بين الخط الأزرق ونهر الليطاني. وتأتي هذه الزيارة قبل أيام قليلة من الذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد. ويُتوقع أن يعقد السفراء اجتماعات مع الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني ومسؤولين حكوميين آخرين، بالإضافة إلى أعضاء من المجتمع المدني. ولم يتضح بعد ما إذا كان أعضاء المجلس سيعقدون أي اجتماع عمل مع قادة قوة الأمم المتحدة لفك الاشتباك «أندوف» في مرتفعات الجولان، بيد أنهم قد يستمعون إلى إحاطة من نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي، في شأن عمليات التوغل الإسرائيلي في الجنوب السوري والانتهاكات المتواصلة لاتفاق فك الاشتباك لعام 1974 بين سوريا وإسرائيل. واستقال المبعوث الخاص السابق للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن في سبتمبر (أيلول) الماضي بعد قرابة 7 سنوات أخفق خلالها في تسوية النزاع في البلاد. وتسعى الأمم المتحدة إلى إعادة ترسيخ وجودها في سوريا بعدما رفع مجلس الأمن أخيراً عقوباته المفروضة على الرئيس الشرع، داعياً إياه إلى تنفيذ عملية انتقالية شاملة. ويُتوقع أن يركز أعضاء مجلس الأمن على عملية الانتقال السياسي المتواصلة في البلاد، وإصلاح العلاقات المتوترة بين مكونات المجتمع السوري، وتحقيق العدالة الانتقالية. ويدفع المندوب الأميركي مايك والتز بقوة لدعم جهود الأمم المتحدة «لتأمين الاستقرار في سوريا وإعادة إنعاشها اقتصادياً» تطبيقاً للنهج المعلن من الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وفي وقت سابق من هذا الشهر، اعتمد مجلس الأمن بدعم أميركي قوي قراراً برفع اسمي الرئيس الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب من قوائم العقوبات. وأشاد القرار بالدور الإيجابي والفعال للحكومة السورية وجهودها المستمرة لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين، وتهيئة الظروف المواتية لإعادة الإعمار والتنمية المستدامة.

اجتماعات لبنانية

وبعد تمضية يوم الخميس في دمشق، يرتقب أن يعود السفراء إلى بيروت، قبل أن يجتمعوا في اليوم التالي مع ممثلين عن «اليونيفيل» التي من المقرر أن تغادر لبنان في نهاية عام 2027 بعد أن عملت قوة حفظ سلام بين إسرائيل ولبنان منذ مارس (آذار) 1978. ووسط أنباء عن أن نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، التي تعمل مستشارة سياسية رفيعة لدى البعثة الأميركية في نيويورك، ستقود محادثات الوفد الأميركية في الجزئية المتعلقة بلبنان، تأتي هذه الرحلة في ظل توترات شديدة، إذ تواصل إسرائيل غاراتها الجوية ضد أهداف تقول إنها تابعة لـ«حزب الله» في لبنان على رغم اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي جرى التوصل إليه في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. وتشمل اللقاءات على الجانب اللبناني رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري، بالإضافة إلى قائد الجيش العماد رودولف هيكل، بالإضافة إلى اجتماع مع قائدي آلية وقف الأعمال العدائية اللفتنانت جنرال جوزيف كليرفيلد والجنرال فلاتين سيلير، واجتماع آخر مع قادة «اليونيفيل».

 

تفاصيل الأخبار الإقليمية والدولية

ترمب يدعو نتنياهو لاجتماع في واشنطن

تل أبيب: «الشرق الأوسط»/01 كانون الأول/2025

قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب دعا نتنياهو اليوم الاثنين إلى اجتماع في البيت الأبيض «في المستقبل القريب».وكان مكتب نتنياهو قد ذكر في وقت سابق أن رئيس الوزراء تحدث مع الرئيس الأميركي عبر الهاتف، وذلك بعد وقت قصير من كتابة ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي أن على إسرائيل مواصلة الحوار مع سوريا. وقال مكتب نتنياهو إنهما ناقشا نزع سلاح حركة «حماس» وجعل قطاع غزة منزوع السلاح، وبحثا أيضاً في إقامة إسرائيل علاقات مع الدول التي لا تعترف بها. وذكر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن ترمب دعا نتنياهو إلى لقاء في البيت الأبيض «في المستقبل القريب»، دون تحديد موعد لذلك اللقاء. وذكرت صحيفة «تايمز اوف إسرائيل» أن الاتصال جاء بعد أن حذر ترمب إسرائيل من زعزعة استقرار سوريا وقيادتها الجديدة. وقال ترمب على منصته «تروث سوشيال» إن «من المهم للغاية أن تحافظ إسرائيل على حوار قوي وحقيقي مع سوريا، وألا يحدث أي شيء من شأنه أن يتعارض مع تطور سوريا إلى دولة مزدهرة». وكانت قوة إسرائيلية قد توغلت في بلدة بيت جن بريف دمشق يوم الجمعة الماضي لكنها تعرضت لإطلاق نار داخل البلدة، لتتعرض البلدة بعد ذلك لقصف بطائرات إسرائيلية أسفر عن مقتل 13 شخصا.

 

ترمب راضٍ بالتطورات في سوريا ويدعو إسرائيل للحفاظ على حوار حقيقي معها ...الرئيس الأميركي نشر تغريدات عبر منصة «تروث سوشيال»

واشنطن: هبة القدسي/الشرق الأوسط/01 كانون الأول/2025

أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن رضاه الواسع بالتطورات في سوريا، مشيداً بجهود الحكومة السورية الجديدة تحت قيادة الرئيس أحمد الشرع لتحقيق الاستقرار والازدهار. وقال ترمب في تغريدة عبر منصة «تروث سوشيال»، صباح الاثنين: «إن الولايات المتحدة راضية جداً عن النتائج التي تحققت، بفضل العمل الجاد والعزيمة، في سوريا. ونبذل كل ما في وسعنا لضمان استمرار الحكومة السورية في القيام بما هو مقصود، وهو أمر جوهري، من أجل بناء دولة حقيقية ومزدهرة». وتابع أنه «من الأمور التي ساعدتهم كثيراً إنهاء العقوبات القاسية والمؤلمة للغاية، وأعتقد أن سوريا وقيادتها وشعبها قد قدّروا ذلك حقاً!». وفي تحذير واضح ومباشر لإسرائيل، قال ترمب: «من المهم جداً أن تحافظ إسرائيل على حوار قوي وحقيقي مع سوريا، وألا يحدث أي شيء من شأنه أن يتعارض مع تطور سوريا إلى دولة مزدهرة». وشدد ترمب على أن الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، يعمل بجد لضمان حدوث أمور جيدة، وأن تتمتع كل من سوريا وإسرائيل بعلاقة طويلة ومزدهرة معاً. وقال: «هذه فرصة تاريخية، وتضيف إلى النجاح الذي تحقق بالفعل، من أجل السلام في الشرق الأوسط». هذا التحذير يأتي في سياق تصاعد التوترات على الحدود السورية - الإسرائيلية، حيث أجرت إسرائيل مئات الغارات الجوية على أهداف عسكرية سورية منذ سقوط الأسد، مدعيةً منع وقوع أسلحة في أيدي «إرهابيين». وخلال الشهور الماضية توسعت القوات الإسرائيلية في السيطرة على مناطق في الجولان المحتل، مما أثار غضب دمشق التي تطالب بانسحابٍ كامل شرطاً لأي اتفاق أمني. وأثارت هذه التصريحات والتحذيرات لإسرائيل تساؤلات حول اتصال محتمل بين ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في ظل ضغوط أميركية متزايدة لدفع إسرائيل نحو اتفاق أمني مع سوريا. فيما أشارت تقارير إعلامية إسرائيلية إلى أن نتنياهو يتجنب إغضاب ترمب، الذي يرى في اتفاق سوري - إسرائيلي جزءاً من خطته الأوسع للسلام في الشرق الأوسط، ربما لكسب جائزة نوبل. يأتي تصريح ترمب في أعقاب لقاء تاريخي عقده في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في البيت الأبيض مع الرئيس السوري أحمد الشرع، وأعلنت إدارة ترمب خلال اللقاء تعليق العقوبات الشاملة على سوريا لمدة 180 يوماً، بما في ذلك وقف تطبيق قانون قيصر لعام 2019، الذي كان يستهدف النظام السابق، مع الحفاظ على عقوبات على الأسد وشركائه ومرتكبي جرائم حقوق الإنسان. كان رفع العقوبات جزءاً من استراتيجية ترمب لتشجيع الاستثمار في إعادة إعمار سوريا، التي تقدَّر تكلفتها بأكثر من 200 مليار دولار، ودعم دمج «قوات سوريا الديمقراطية» في الجيش السوري الجديد. ومثل ذلك تحولاً جذرياً في المشهد السوري، حيث أصبحت دمشق حليفاً جيوسياسياً محتملاً لواشنطن. وأكدت واشنطن دعمها لـ«اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل لتعزيز الاستقرار الإقليمي». كما أعلنت واشنطن أن انضمام سوريا إلى التحالف الدولي ضد «داعش» بعد لقاء ترمب يعزز من دورها كشريك أمني، مما يجعل أي تصعيد إسرائيلي مكلفاً سياسياً.

 

تجاهل مصري لشكوى إسرائيلية متكررة عن «تهريب أسلحة» عبر سيناء ...إعلام عبري يتهم «جهات معادية» بالسعي إلى اختراق «العمق»

القاهرة: أحمد جمال/الشرق الأوسط/01 كانون الأول/2025

تعددت الأحاديث الإسرائيلية عن تهريب السلاح عبر الحدود مع شبه جزيرة سيناء طيلة الأشهر الماضية، وتكررت مزاعم وسائل إعلام عبرية عن «ارتفاع معدلات عمليات التهريب التي تكون عبر استخدام المُسيرات»، وسط تجاهل رسمي من الجانب المصري لتلك الشكاوى. ووفق إذاعة «إيميس» الإسرائيلية، فإن «الأسبوع الماضي شهد ارتفاعاً حاداً في محاولات تهريب السلاح عبر طائرات مُسيرة آتية من سيناء»، في ظاهرة قالت الإذاعة إنها «تصنّف بوصفها تحدياً أمنياً استراتيجياً». وزعمت أن «87 طائرة مُسيرة تم رصدها خلال الأسبوع الماضي فقط على طول الحدود مع مصر، نجحت 26 منها في عبور الحدود إلى داخل الأراضي الإسرائيلية، بينما تم إسقاط 18 أخرى، فيما فشل رصد 43 طائرة يُعتقد أنها تحطّمت في الجانب المصري قبل العبور». وفي وقت سابق من هذا الشهر أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، المنطقة الحدودية مع مصر «منطقة عسكرية مغلقة»، وأرجع قراره لـ«التصدي لتهديد الطائرات المُسيرة ومنع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة»، واتفق مع جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) على تصنيف تهريب الأسلحة عبر الطائرات المُسيرة بـ«التهديد الإرهابي».

وبين الحين والآخر يخرج الجيش الإسرائيلي ببيانات رسمية يشير فيها إلى أنه «أسقط طائرة مُسيرة كانت تُهرّب أسلحة من الأراضي المصرية إلى إسرائيل»، وحدث ذلك أكثر مرة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي قبل قرار تحويل الحدود إلى «منطقة عسكرية مغلقة». وسبق أن عدّ رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، ضياء رشوان، أن «اتهامات إسرائيل بتهريب السلاح من مصر خطاب مستهلك»، وأشار في تصريحات إعلامية إلى أن القاهرة «سئمت من هذه الادعاءات التي تُستخدم لإلقاء المسؤولية على أطراف خارجية كلّما واجهت الحكومة الإسرائيلية مأزقاً سياسياً أو عسكرياً». وقال أستاذ العلوم الاستراتيجية بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا، اللواء نصر سالم، إن الحدود المصرية - الإسرائيلية التي تمتد لأكثر من 200 كيلومتر «من المتوقع حدوث عمليات تهريب بها من الجانبين ويصعب ضبطها بشكل كامل، كما أن من يقوم بعمليات التهريب مجموعة من المهربين، وإذا كانوا يشكلون تهديداً على إسرائيل فبإمكانها إحكام الحدود من جانبها». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «الطائرات المُسيرة قد تحمل على متنها بعض البنادق الصغيرة وغيرها من أنشطة التهريب غير المشروعة، وفي حال أثبتت إسرائيل أن هناك تهديداً من جانب مصر، فعليها أن تثبت ذلك عبر الطرق الشرعية». واستطرد: «الهدف هو شغل العالم عن الجرائم المرتكبة في قطاع غزة». وذكرت إذاعة «إيميس» في تقريرها المنشور أخيراً، نقلاً عن مصدر أمني، أن «التهريب عبر المُسيرات يسعى إلى اختراق العمق الإسرائيلي دون خسارة بشرية». وزعم التقرير أن «التهديد عبر المسيرات لم يعد تكتيكاً هامشياً، بل أداة رئيسية في أيدي جهات معادية».

صرف الأنظار عن «إخفاقات غزة» ويرى عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» والخبير في الشؤون الإسرائيلية أحمد فؤاد أنور أن الجانب الإسرائيلي «يحاول ابتزاز مصر»، مضيفاً: «منذ بدء حرب غزة هناك رغبة لدى الحكومة الإسرائيلية في أن تُلصق فشلها على وجود أخطار أخرى آتية من مصر، خصوصاً بعد أن أفشلت القيادة السياسية مخطط تهجير الفلسطينيين». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعد هناك حديث إسرائيلي عن التهريب عبر الأنفاق بعد سدها بالكامل، وأنه لم يعد مقنعاً الحديث عن وجود خطر منها، وبالتالي «التركيز يبقى الآن على استخدام المُسيرات ضمن خطة ابتزاز للضغط على مصر نحو تحقيق حلول مرضية للحكومة الإسرائيلية بشأن التعامل مع عناصر حركة (حماس) في أنفاق رفح، ودفع دول الوساطة للضغط على قيادة الحركة لاستسلامهم». واستطرد: «في خلفية الحديث عن التهريب عبر المُسيرات هناك صراع بشأن قوة الاستقرار متعددة الجنسيات في قطاع غزة وأدوارها، وتهدف إسرائيل لأن تقوم بمهام فشلت فيها أثناء الحرب وهو ما ترفضه مصر، ما يجعل الحملات الإعلامية تستعر ضدها». وتنظر مصر، وفق ما جاء في السابق على لسان رئيس «هيئة الاستعلامات» إلى اتهامات التهريب والأنفاق كونها تهدف بالأساس إلى «تغذية الخطاب الداخلي الإسرائيلي، وإحياء صورة العدو التقليدي لصرف الأنظار عن الإخفاقات في غزة». وكانت وزارة الخارجية المصرية قد رفضت في سبتمبر (أيلول) 2024 اتهامات مشابهة وجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ«تهريب الأسلحة من مصر إلى غزة»، لكنه أشار وقتها إلى «أن العمليات تتم عبر (محور فيلادلفيا) وليس المُسيرات». وعدّت القاهرة هذه المزاعم «محاولة لتبرير السياسات العدوانية والتحريضية بالقطاع». وتشهد العلاقات بين مصر وإسرائيل توتراً، خصوصاً مع إعلان نتنياهو في سبتمبر الماضي «مخاوفه من حشد مصر لقواتها العسكرية في سيناء»، وردت «الهيئة العامة للاستعلامات» بتأكيدها أن «انتشار القوات المسلحة جاء بموجب تنسيق كامل مع أطراف معاهدة السلام». وفي ذلك الحين أكدت «الهيئة» أن «القوات الموجودة في سيناء في الأصل تستهدف تأمين الحدود المصرية ضد كل المخاطر، بما فيها العمليات الإرهابية والتهريب».

 

قوات إسرائيلية تقحتم مدينة طوباس بالضفة وتفرض منع التجول

الشرق الأوسط/01 كانون الأول/2025

أعادت قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي اقتحام مناطق واسعة من مدينة طوباس وبلدة عقابا شمال الضفة الغربية فجر اليوم (الاثنين). وقالت محافظة طوباس، في بيان صحافي اليوم، إن «القوات الإسرائيلية أعلنت فرض منع التجول حتى إشعار آخر، وذلك بعد يوم واحد من انسحابها من المحافظة بعد عدوان استمر أربعة أيام متتالية خلَّفت خلاله خراباً واسعاً في الممتلكات العامة والخاصة ومئات الإصابات والاعتقالات والمداهمات لمنازل المواطنين». ووفق البيان، «انتشرت قوات الاحتلال في أرجاء المدينة وبلدة عقابا، وأعادت اقتحام منازل واتخاذها ثكنات عسكرية فيما بدأت الجرافات العسكرية بإغلاق الطرق وتقطيع أوصال المحافظة». وطبقاً للبيان، جرى إعلان تعطيل العملية التعليمية في المحافظة وتعطيل دوام المؤسسات كافة بعد فرض منع التجول وعودة العدوان على المحافظة». على الصعيد نفسه، نقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) عن مصادر أمنية قولها إن «قوات الاحتلال اقتحمت بيت فجار جنوب بيت لحم بأعداد كبيرة وداهمت عدداً من منازل المواطنين وفتشتها، واحتجزت 40 مواطناً، وحققت معهم ميدانياً، ثم أطلقت سراحهم». وأضافت أن «قوات الاحتلال احتجزت أربعة مواطنين في العبيدية شرقاً وحققت معهم، بعد مداهمة منازلهم وتفتيشها».

 

غزة: دفن جثامين 15 شخصاً سلمتهم إسرائيل بعد تعذر التعرف عليهم

الشرق الأوسط/01 كانون الأول/2025

أعلنت وزارة الصحة في غزة، الاثنين، صدور قرار بدفن جثامين 15 شخصاً كانت إسرائيل قد أفرجت عنها مؤخراً بعد احتجازها، وذلك عقب تعذر التعرف على هوياتهم. وقال مصدر في الوزارة، لوكالة الأنباء الألمانية، إن قرار الدفن جاء بعد أن فشلت الطواقم المختصة في تحديد هوية أصحاب الجثامين، نظراً إلى طمس ملامحها وافتقارها إلى أي بيانات تعريفية. وأضاف المصدر أن السلطات الإسرائيلية كانت قد سلمت ضمن صفقة التبادل الأخيرة مع الفصائل الفلسطينية جثامين 330 قتيلاً جرى التعرف على 99 منهم فقط. كانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد قالت، في بيان صحافي، إن آلاف السكان في غزة ما زالوا يجهلون مصير ذويهم أو أماكن وجودهم، في ظل استمرار عمليات تبادل الجثامين وحالة الغموض التي تحيط بأعداد المفقودين. وأكدت اللجنة أن القانون الدولي الإنساني يُلزم الأطراف كافة بالتعامل مع الجثامين بـ«الاحترام الواجب» وضمان كرامة أصحابها، مشيرةً إلى أنها تقدم دعماً فنياً لجهات الطب الشرعي والقطاع الصحي في غزة فيما يتعلق بإدارة الجثامين وتوثيقها وتتبعها، بهدف تمكين العائلات من التعرف على الأقارب المفقودين وإغلاق هذا الفصل المؤلم.

 

الرئيس الإسرائيلي عن طلب نتنياهو العفو: سنأخذ في الاعتبار «مصلحة الدولة»

الشرق الأوسط/01 كانون الأول/2025

قال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، الاثنين، تعليقا على طلب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو العفو، «سنأخذ في الاعتبار مصلحة الدولة فقط». وقدّم نتنياهو طلباً رسمياً إلى هرتسوغ، الأحد، للعفو عنه في محاكمة مستمرة منذ سنوات بتهم فساد، معتبراً أن الإجراءات الجنائية تعوق قدرته على إدارة شؤون إسرائيل، وأن العفو يخدم المصلحة العامة للدولة. وينفي نتنياهو، صاحب أطول مدة في منصب رئيس الوزراء بإسرائيل، منذ قيام الدولة، منذ فترة طويلة تهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة. وقال محاموه، في رسالة إلى مكتب الرئيس، إن نتنياهو لا يزال يعتقد أن الإجراءات القانونية ستنتهي بتبرئته تماماً، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء. قال نتنياهو، في بيان مصوَّر مقتضب نشره حزب «ليكود» الذي ينتمي إليه: «أرسل المحامون طلب العفو إلى رئيس الدولة اليوم، وأتوقع من كل مَن يحرص على مصلحة البلاد أن يدعم هذه الخطوة». وأكد مكتب الرئيس إسحاق هرتسوغ في وقت سابق من اليوم تسلُّم الطلب، ونشر رسالة المحامين. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد وجَّه رسالة إلى هرتسوغ، هذا الشهر، طالباً منه إصدار عفو عن نتنياهو.

 

قوات إسرائيلية تقحتم مدينة طوباس بالضفة وتفرض منع التجول

الشرق الأوسط/01 كانون الأول/2025

أعادت قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي اقتحام مناطق واسعة من مدينة طوباس وبلدة عقابا شمال الضفة الغربية فجر اليوم (الاثنين). وقالت محافظة طوباس، في بيان صحافي اليوم، إن «القوات الإسرائيلية أعلنت فرض منع التجول حتى إشعار آخر، وذلك بعد يوم واحد من انسحابها من المحافظة بعد عدوان استمر أربعة أيام متتالية خلَّفت خلاله خراباً واسعاً في الممتلكات العامة والخاصة ومئات الإصابات والاعتقالات والمداهمات لمنازل المواطنين». ووفق البيان، «انتشرت قوات الاحتلال في أرجاء المدينة وبلدة عقابا، وأعادت اقتحام منازل واتخاذها ثكنات عسكرية فيما بدأت الجرافات العسكرية بإغلاق الطرق وتقطيع أوصال المحافظة». وطبقاً للبيان، جرى إعلان تعطيل العملية التعليمية في المحافظة وتعطيل دوام المؤسسات كافة بعد فرض منع التجول وعودة العدوان على المحافظة». على الصعيد نفسه، نقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) عن مصادر أمنية قولها إن «قوات الاحتلال اقتحمت بيت فجار جنوب بيت لحم بأعداد كبيرة وداهمت عدداً من منازل المواطنين وفتشتها، واحتجزت 40 مواطناً، وحققت معهم ميدانياً، ثم أطلقت سراحهم». وأضافت أن «قوات الاحتلال احتجزت أربعة مواطنين في العبيدية شرقاً وحققت معهم، بعد مداهمة منازلهم وتفتيشها».

 

محقق إسرائيلي: سلاح الجو ارتكب «أخطاء قاتلة» في 7 أكتوبر ...تدخّل المقاتلات تأخر 3 ساعات

الشرق الأوسط/01 كانون الأول/2025

قال العميد (متقاعد) أورين سولومون، أحد كبار المحققين في إخفاقات الجيش الإسرائيلي في منع هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إن سلاح الجو الإسرائيلي شهد «إخفاقات خطيرة» خلال الهجوم، بما في ذلك «سلسلة من القرارات الخاطئة، وهياكل تحكم جامدة للغاية، وعدم القدرة على فهم المواقف في الوقت الفعلي». وأضاف سولومون للقناة «12» الإسرائيلية: «تلقَّت قيادة سلاح الجو تقارير استخبارية ليلاً، دون أن تجري أي عملية تقييم للموقف. كان الجميع يتلقون مكالمة على الهاتف الأحمر (المستخدم للاتصال بين الإدارات) ويقولون: (نعم، فهمنا)، قبل أن يغلقوا الهاتف وينفذوا عمليات غير مرتبطة بالمعلومات الاستخبارية التي تلقوها». وأشار إلى أنه في تلك الليلة، تلقت مديرية الاستخبارات مؤشرات على استعدادات «حماس»، ولكن سلاح الجو لم يتلقَّ تلك الإشارات. وتابع سولومون: «في الساعة 2:30 صباحاً، كانت ضابطة شابة تجلس في المكتب، عندما وصلت مؤشرات استخباراتية تفيد بأن (حماس) تخطط لشيء ما. طلبت الحصول على المواد الاستخبارية لفهم المعلومات من مديرية الاستخبارات والوحدة 8200 بشكل أفضل، ولكن قيل لها إنها غير مخولة. اتصلت الضابطة بالاستخبارات العسكرية حوالي 50 مرة للحصول على الموافقة، ولكنها لم تتلقَّ أي وثائق أو مواد». واستطرد، وفقاً لصحيفة «جيروزاليم بوست»: «أجرى رئيس الأركان آنذاك، هيرتسي هاليفي، تقييماً للموقف حوالي الساعة 4 صباحاً، واستبعد بشكل شبه كامل احتمال قيام (حماس) بالهجوم من الجو. تم هذا التقييم دون استشارة قائد سلاح الجو اللواء تومر بار».

وتابع: «تعرضت إسرائيل لعشرات الطائرات المُسيَّرة التي انفجرت في مراكز الجيش الإسرائيلي والمركبات وأبراج المراقبة. كما بدأ 6 (إرهابيين) على طائرات شراعية عملية قتل جماعي». وأكد سولومون أن سلاح الجو لم تكن لديه صورة واضحة عن الموقف عندما تسلل المسلحون بدءاً من الساعة 6:29 صباحاً. ومع ذلك، وبعد 24 دقيقة فقط، تلقى معلومات ملموسة عن تسللين واسعي النطاق. وأردف: «في الساعة 6:53 صباحاً، أخبر ضابط العمليات المناوب في لواء غزة القيادة المركزية لسلاح الجو عن عمليات اقتحام عدة متزامنة. وعلى الرغم من إبلاغه بسياسة موسعة لإطلاق النار، فإن سلاح الجو لم يهاجم منطقة السياج، ولم تطلب قيادة الجنوب من الجيش الإسرائيلي القيام بذلك». وتساءل سولومون: «ماذا فعلت الطائرات بدلاً من الإقلاع فوراً وضرب المتسللين عند السياج الفاصل بين غزة وإسرائيل؟ لقد خططت، وبقيت على الأرض لما يقرب من ثلاث ساعات، ولم تهاجم».

وأوضح: «في الساعة 7:10 صباحاً، صدر الأمر بتنفيذ الضربات الجوية، ولكن الطائرات لم تهاجم حتى الساعة 10:30». واختتم بالقول: «توسل قائد لواء غزة آنذاك، آفي روزينفيلد، إلى سلاح الجو للضرب، ولكن السلاح الجوي لم يمارس (التفكير المستقل)، ولم يتم ضرب السياج الحدودي. بالإضافة إلى ذلك، لم يهاجم سلاح الجو طرق التسلل التي استخدمها آلاف (الإرهابيين) للدخول إلى إسرائيل. وهذا سمح لبعضهم بالعودة إلى قطاع غزة بعد تسللهم، بما في ذلك مجموعة تمكنت من التسلل في ثلاث مناسبات منفصلة خلال المجزرة». وفي مؤتمر بقاعدة بالماخيم الجوية، بعد نحو عام من الهجوم، علَّق بار قائلاً إن سلاح الجو «فشل؛ لكنه لم يكن مقصراً». وأضاف بار في ذلك الوقت: «لم نكن فعَّالين بما يكفي؛ لأننا لم نكن مستعدين لهذا السيناريو. لم نتحدَّ الفكرة القائلة بأن (حماس) قد تم ردعها. كان هذا خطأ». وأضاف بار: «يجب أن نعترف بأننا فشلنا في الدفاع عن سماء إسرائيل. لم نكن نعلم أن الطائرات الشراعية كانت مرتبطة بخطة ملموسة لـ(حماس)، وكان استعدادنا لتهديد الطائرات المسيرة متأخراً جداً». وعلَّق قائد وحدة الكوماندوز الجوية «شلداغ»: «لم يكن هناك إطلاق نار دون موافقة، ولا مبادرة، ولا سعي للاشتباك مع العدو. من أبدى المبادرة تم توبيخه. لقد طورنا مخاوف من ارتكاب أخطاء صغيرة، ما أدى إلى ارتكابنا أخطاء كبيرة». وقال طيار عمل قرب كيبوتس ناحل عوز: «كانت هناك تقارير عن محاولات اختطاف، ولكن لم تكن هناك وسيلة للتمييز بين الأشخاص والأشياء. كنت أرى مركبة وأقول: (هناك احتمال كبير أنها تحمل رهائن)». وأضافت القناة «12» أن طياراً آخر كان بإمكانه تدمير قافلة من الشاحنات الصغيرة، ولكنه لم يستطع من الجو تحديد ما إذا كانت تعود لمسلحين. وأرسل الطيار الإحداثيات حتى يتلقى تأكيداً، ولكن لم يؤكد أحد ذلك. وانتهى الأمر بالقافلة بالذهاب إلى كيبوتس بئيري. وأشار تقرير القناة «12» إلى أن حادثاً وقع قرب جنين في شمال الضفة الغربية، قبل أربعة أشهر من هجوم أكتوبر، كان يجب أن يعلِّم سلاح الجو دروساً حول أهمية التفكير المستقل. خلال الحادث، كان طيار في سلاح الجو يتعامل مع عملية اعتقال تعقدت عندما دهست مركبة عبوة ناسفة، ما عطل المركبة وأصاب الجنود داخلها، ثم اقترب مسلحون منها. طُلب من الطيار تنفيذ إطلاق نار تحذيري، وهو أمر كان غير معتاد في الضفة الغربية قبل 7 أكتوبر. رئيس قيادة المنطقة المركزية آنذاك اللواء (متقاعد) يهودا فوكس لم يوافق على فتح النار. ثم خالف الطيار الأمر وأطلق النار بمبادرة شخصية. بعدها تم التحقيق في الحادث، وتمت الموافقة على قرار الطيار.

وأكد الجيش أن «لجنة ترجمان» وجدت أن سلاح الجو حقق جميع متطلبات الاستعداد، ونفذ جميع الأوامر التي أعطيت له.

 

رحلات «هجرة صامتة» تغري الغزيين بالنجاة و«مجد أوروبا»...مؤسسة غامضة تنقلهم من مطار رامون الإسرائيلي إلى جوهانسبرغ

الشرق الأوسط/01 كانون الأول/2025

لأشهر عديدة استمرت جنين (ب)، من سكان دير البلح وسط قطاع غزة، تتواصل مع قائمين على إعلان ممول عبر «السوشيال ميديا»، يهدف لاستقطاب الغزيين للهجرة إلى الخارج. وعمد الإعلان إلى تحديد الوجهة «إلى أوروبا» لتحفيزهم بشكل أكبر، باستغلال الحرب الدامية في القطاع. الإعلان الممول عبر «فيسبوك» حمل اسم مؤسسة «المجد أوروبا»، التي يسمع بها الغزيون داخل القطاع للمرة الأولى، ما أثار الكثير من التساؤلات حول مصداقية تلك الإعلانات، إلا أن البعض لم يتوانَ عن التواصل مع رقم هاتف «واتساب» ذُيّل به الإعلان، بحثاً عن ضوء في نفق مظلم، أو بصيص أمل يمنحهم حياة مختلفة بعيداً عن أصوات القصف وأهواله التي لم تتوقف على مدار عامين.

رحلة محفوفة بالكتمان

لم يكن الوصول إلى أحد الغزيين الذين استقلوا تلك الرحلات بالأمر اليسير؛ ففضلاً عن السرية المطبقة التي أحاطت وتحيط بخروجهم من القطاع وسط ظروف أمنية وإنسانية سيئة للغاية، فإن ظروفهم الحالية وأوضاعهم القانونية لم تتثبت بعدُ في البلدان التي وصلوا إليها. ومن قريب إلى آخر، وبشبكة ثقة عبر أفراد الأسرة المقربين، تواصلنا عبر «واتساب» مع جنين التي تحدثت إلينا بعد تردد كثير، وفضّلت عدم ذكر هويتها كاملة، خشية الملاحقة من الدولة الموجودة فيها حالياً. وتقول جنين لـ«الشرق الأوسط» إنها للوهلة الأولى كانت مترددة جداً في التواصل مع الرقم الذي وضعته المؤسسة في إعلانها، ثم قررت المجازفة والتواصل، وبعد التأكد من أنها تتحدث مع أشخاص يستعملون أرقاماً إسرائيلية، قررت وضع اسمها وزوجها وثلاثة من أبنائها، ضمن من قرروا الهجرة من غزة، بحثاً عن حياة آمنة. تشير جنين إلى أنها كانت تخشى أن تقع ضحية عملية نصب كما جرى مع الكثير من الغزيين خلال وقبيل الحرب، إلا أنها تلقت تطمينات ممن كانوا يتحدثون معها بأن دفع المال بالنسبة لهم يأتي كـ«خطوة أخيرة ولا يهتمون به»، وهذا ما شجعها على استكمال خطواتها نحو البحث عن أمل جديد لها ولعائلتها التي عانت كثيراً خلال الحرب. وكشفت السيدة أن الإجراء بدأ بإرسال معلومات تفصيلية عنها وعن أفراد عائلتها الراغبين في السفر، مثل الاسم الرباعي ورقم الهوية ورقم جواز السفر، ومعلومات شخصية متكاملة، ثم قالت إنه طُلب منها مبلغ 1500 دولار عن كل فرد بمن فيهم الأطفال، وإنها أبدت استعدادها لدفع المبلغ عند اكتمال الإجراءات.

تدقيق أمني في الأسماء

وبقيت جنين تتواصل بين الفينة والأخرى مع القائمين على المؤسسة لمعرفة تفاصيل عن مواعيد السفر، مشيرةً إلى أنها كانت تتلقى «تطمينات بأن العملية مستمرة وفق الخطوات المطلوبة»، ولافتةً إلى أن المؤسسة أوضحت لها أن «هناك إجراءات فحص أمني مشددة تجري حول كل شخص» سيخرج من القطاع، حتى لا يكون «بينهم عناصر من (حماس) أو أي فصيل فلسطيني آخر يوصف بأنه إرهابي». وذكرت أنه بعد 3 أشهر ونصف الشهر تلقت رسالة مفاجئة على هاتفها الجوال، وكذلك هاتف زوجها، تبلغهم بالاستعداد خلال 6 ساعات للتجهّز، وألا يجلبوا إلا الأوراق الثبوتية اللازمة، مشيرةً إلى أنه تم تحويل الأموال المطلوبة للسفر قبل ذلك بأيام عبر حسابات تتعامل بشكل أساسي مع العملات المشفرة، وعبر التطبيقات الإلكترونية للمحافظ الخاصة بالعملات الأجنبية.

من دير البلح عبر مطار رامون

وبحسب جنين، خرجت العائلة بحافلة صغيرة من مكان قرب دير البلح وسط قطاع غزة، نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الجاري، حملتها وعائلتها مع نحو 40 شخصاً آخرين، وتوجهوا إلى المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، وصولاً إلى نقطة عسكرية في ما يبدو أنها شرق خان يونس أو رفح، ومنها نُقلوا إلى داخل معبر كرم أبو سالم، ثم إلى مطار رامون الإسرائيلي في النقب، ومن هناك سافروا إلى جنوب أفريقيا. ولفتت جنين إلى أنه كان هناك عدد آخر من سكان القطاع وصلوا قبلهم من خان يونس. ومنذ اللحظة التي انطلقت فيها الحافلة حتى وصولها للموقع الإسرائيلي ما بين خان يونس ورفح، حلقت طائرتان مسيّرتان فوق الحافلة ورافقتاها حتى وصولها لنقطة العبور إلى الداخل الإسرائيلي. وكانت جنين (ب) وأفراد عائلتها جزءاً من الرحلة الأولى التي تنظمها مؤسسة «المجد أوروبا»، وتمت عملية وصولها ودخولها إلى جنوب أفريقيا عبر دولة أخرى، أسهل بكثير مما واجهه فلسطينيون آخرون احتُجزوا ساعات طويلة في طائرة أقلّتهم من نيروبي بعد أن اكتشفت السلطات أنهم لا يمتلكون أوراقاً كاملة، منها تذاكر عودة، وكذلك ختم جوازات سفرهم من قبل إسرائيل، كما كان في الرحلة التي على متنها جنين (ب).

رحلات «المجد أوروبا»

وتظهر بعض الشهادات لفلسطينيين أن مؤسسة «المجد أوروبا» نجحت في تسيير 3 رحلات جوية لفلسطينيين من داخل قطاع غزة، من مايو (أيار) حتى نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2025، وكانت الأولى وجهتها إندونيسيا، وعلى متنها 57 من سكان القطاع، بعد أن هبط من كانوا على متنها في بودابست، انطلاقاً من مطار رامون نفسه، في حين كانت الرحلة الثانية في أكتوبر الماضي للانتقال من مطار رامون باتجاه نيروبي، ومنها إلى جنوب أفريقيا، وهي الحال ذاتها مع الرحلة الأخيرة خلال الشهر الماضي. وأثارت هذه الرحلات العديد من التساؤلات حول مؤسسة «المجد أوروبا»، التي تعرّف نفسها على موقعها الإلكتروني بأنها «منظمة إنسانية تأسست عام 2010 في ألمانيا، متخصصة في تقديم المساعدات وجهود الإنقاذ للمجتمعات المسلمة في مناطق النزاع والحروب». وأشارت المؤسسة إلى أن مقرها الرئيسي في القدس، وتحديداً حي الشيخ جراح، لكن زيارة صحافيين فلسطينيين في القدس إلى الموقع المذكور كشفت أنه لا يوجد أثر فعلي للمؤسسة، وأن المقر الذي وضعته تبيّن أنه لمبنى مهجور. وتزعم المؤسسة أنها منذ العام الماضي تركز جهودها بشكل أساسي على دعم أهل غزة، مع التركيز على مساعدة الجرحى والمصابين، بما يشمل تسهيل وصول المرضى إلى الرعاية الطبية الحرجة، وتأمين السفر إلى الخارج للعلاج، وضمان مرافقة ذويهم لهم طوال فترة العلاج.

هل «الصحة العالمية» متورطة؟

يفتح هذا الأمر تساؤلات كثيرة حول ما إذا كانت مؤسسة «المجد أوروبا» هي مَن أدارت وتدير فعلياً عمليات خروج بعض الجرحى ومرافقيهم من داخل قطاع غزة، تحت ستار التنسيق مع «منظمة الصحة العالمية»، للعلاج في الخارج، ومن ثم مغادرتهم لدول أوروبية وغيرها. وتفيد مصادر أمنية من غزة لـ«الشرق الأوسط» بأنه في الحقيقة كان هناك العديد من الرحلات التي تم تسييرها من داخل القطاع في خضم الحرب، وكان هناك استغلال واضح للظروف الأمنية وملاحقة رجال الأمن والمقاتلين وغيرهم، الأمر الذي سهّل عمليات السفر بهذه الطريقة المشبوهة. وتشير المصادر إلى أن هناك عائلات خرجت بذريعة المرض والحاجة للعلاج، وهناك أيضاً مرضى فعليون سافروا إلى دول عربية وأوروبية للعلاج، وذلك من خلال آلية رسمية وعبر منظمة الصحة العالمية التي كانت جهزت قوائم للمرضى ذوي الأولوية، ومنهم جرحى الحرب. بالعودة إلى مؤسسة «المجد أوروبا»، فإنه عند فتح موقعها الإلكتروني تظهر تنويهات، منها وضع أرقام شخصين حملا اسم «عدنان» و«مؤيد»، وأحدهما يحمل رقماً فلسطينياً والآخر إسرائيلياً، في حين وُضع رقمان آخران من إسرائيل للمؤسسة للتواصل عبر «واتساب»، داعيةً في التنويه من يدخل الموقع إلى ضمان سير إجراءات التنسيق بشكل سليم، ودفع الرسوم عبر الأرقام التي وُضعت، وعدم التعامل مع أي أرقام أخرى. كذلك تحذّر المؤسسة في تنويه آخر من التعامل مع أي وسيط خارجي، مؤكدةً أنه لا يوجد وساطة في عملية التسجيل، أو تسريع الحصول على تصريح أمني للسفر، أو تفضيل شخص على آخر، في طريقة تهدف إلى تنبيه من يسجل للسفر من الوقوع في الاحتيال أو النصب.

تنفيذ لخطة إسرائيلية

ذهب البعض في قطاع غزة وخارجه إلى التأكيد أن المؤسسة تتبع بشكل مباشر جهات رسمية إسرائيلية، وتأتي في إطار تشجيع الهجرة من غزة لتفريغها. وبالإضافة للأخطاء الإملائية الكثيرة التي ترد في تعريفها بنفسها، وحتى في اسمها، فإن الأرقام المستخدمة إسرائيلية، والأهم أن المؤسسة تقوم بالحصول على موافقات أمنية للسفر إلى الخارج، ما يؤكد أنها على صلة وثيقة بالسلطات الإسرائيلية، وتنطلق رحلاتها من مطار إسرائيلي، ونشاطاتها بدأت تبرز بشكل أساسي بعد سيطرة إسرائيل بشكل أكبر أمنياً على القطاع . وأكثر من ذلك، كشف مختصون في التكنولوجيا، بينهم فلسطينيون وعرب، أن الموقع التابع للمؤسسة تم إنشاؤه في الثاني من فبراير (شباط) من العام الجاري، وتم تسجيله في آيسلندا. وأقرت مصادر إسرائيلية في تقرير لصحيفة «هآرتس» العبرية بأن مؤسسة «المجد أوروبا» سلّمت الجيش الإسرائيلي ووحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية قوائم مسبقة تتضمن بيانات الفلسطينيين الراغبين في الهجرة، والذين سجلوا أنفسهم عبر الموقع الإلكتروني أو بالتواصل مع القائمين على المؤسسة. وبحسب تحقيق صحيفة «هآرتس» العبرية، فإن مؤسسة «المجد أوروبا» مرتبطة بشركة «تالنت غلوبس»، وهي شركة مسجلة في إستونيا، ومؤسسها تومر جانار ليند، وهو إسرائيلي - إستوني. وأشارت الصحيفة إلى أن المؤسسة تنسق مع إدارة في وزارة الدفاع الإسرائيلية أُنشئت بدورها في فبراير من العام الجاري، بهدف «تسهيل الهجرة الطوعية» للغزيين، وقد تم استحداثها بشكل أساسي في أعقاب اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترمب فتح باب الهجرة الطوعية لسكان القطاع. في الثامن عشر من نوفمبر من العام الجاري أصدرت المؤسسة بياناً أكدت فيه أنها تتعرض لحملة تشويه وتشهير كبيرة، بهدف تجريد سكان غزة من حريتهم في اختيارهم وتقرير مكان عيشهم، وإجبارهم على البقاء تحت خطر مباشر ومعاناة يومية، وحرمانهم من أي فرصة لإنقاذ حياتهم أو تأمين مستقبل أفضل لأطفالهم، مؤكدةً أنه لا علاقة لها بإسرائيل سوى تنسيق عمليات الخروج معها، ومشددةً على أنه لا علاقة لها بـ«الموساد» أو أي جهة استخباراتية.

تبادل اتهامات ومصاير مجهولة

واتهمت المؤسسة دبلوماسيين يتبعون السلطة الفلسطينية باستدعاء المسافرين الذين غادروا من خلالها للاستجواب والتهديد. ويقول أحمد (غ) البالغ من العمر (33 عاماً)، مفضّلاً عدم ذكر هويته، والذي غادر عبر الرحلة الثانية لمؤسسة «المجد أوروبا»، إنه لم يتلقَّ أي تهديدات من أي جهة فلسطينية عقب مغادرته قطاع غزة. لكنه أشار في المقابل إلى أنه تلقى تحذيرات من بعض العاملين في إحدى السفارات الفلسطينية من التعامل مع هذه المؤسسة، وأنه تم الاستفسار منه عن آلية التسجيل والخروج، والأشخاص الذين قابلهم في مطار رامون، بحسب ما أوضح لـ«الشرق الأوسط». ويوضح أحمد أن رحلته انطلقت من مطار رامون إلى جنوب أفريقيا عبر نيروبي، مشيراً إلى أنه «كان سعيداً جداً بالهجرة مع زوجته ومغادرة قطاع غزة»، وإن اصطدم بواقع حياتي صعب نسبياً. صورة مقتطعة من فيديو لطائرة ركاب تحمل فلسطينيين من غزة هبطت في مطار جوهانسبرغ ورفضت السلطات إدخال المسافرين القادمين على متنها (وسائل تواصل)

صورة مقتطعة من فيديو لطائرة ركاب تحمل فلسطينيين من غزة هبطت في مطار جوهانسبرغ ورفضت السلطات إدخال المسافرين القادمين على متنها (وسائل تواصل) ويلفت الشاب إلى أنه بعد مغادرتهم مطار نيروبي لم يعد أحد من المؤسسة يتابع ظروفهم، وبقي مصيرهم مجهولاً، دون أن يكون هناك من ينتظرهم في جنوب أفريقيا، مشيراً إلى أن وفداً من المؤسسة استقبلهم فقط في مطار رامون، وفي مطار نيروبي، وبعد مغادرتهم الأخيرة لم يكن أحد برفقتهم على متن الطائرة أو في مطار «أو آر تامبو» في جوهانسبرغ. وقال: «تُركنا نواجه مصيرنا وحدنا بعدما نقلتنا مركبات كانت تنتظرنا أمام المطار إلى بيوت ضيافة بسيطة وعلى نفقتنا الشخصية». علماً إن السلطات في جنوب أفريقيا اعلنت رفضها استقبال مزيد من الوافدين الفلسطينيين على متن هذه الرحلات خوفاً من أن تكون فعلاً تنفيذ لمخطط إسرائيلي بإفراغ غزة والقطاع من السكان. ولكن على الرغم من كل ذلك كله، ما زال أحمد وزوجته سعيدين بخروجهما من الواقع المأساوي الذي يعيشه السكان في قطاع غزة، كما قال.

بين «حماس» والسلطة

تقول المصادر الأمنية بغزة، وهي من حكومة «حماس»، إنها لم تكن تعلم بحقيقة تلك الرحلات والجهة التي تقف خلفها، وكان الاعتقاد السائد أنهم من المرضى، أو ممن لديهم أقارب في أوروبا، ويتم تسهيل سفرهم عبر سفارات تلك الدول للمّ الشمل. وأكدت المصادر أنها لم تستجوب أو تتواصل مع أي من المسافرين للحصول على المعلومات اللازمة لهم، ولكنها تعمل حالياً لمنع محاولات جديدة من السفر. وبينما لم يصدر تعقيب رسمي من السلطة الفلسطينية على الأحداث أو الاتهامات التي وُجهت إليها من مؤسسة «المجد أوروبا»، اكتفت «الخارجية الفلسطينية» بإصدار بيان حذرت فيه من «الوقوع فريسة لشبكات الاتجار بالبشر وتجار الدم ووكلاء التهجير»، مؤكدة عزمها على ملاحقة المنظمة واتخاذ الإجراءات القانونية ضدها. وكانت سفارة فلسطين لدى جنوب أفريقيا أصدرت في الرابع عشر من نوفمبر من العام الجاري تحذيراً شديد اللهجة من استغلال جهة «مضللة ومشبوهة»، كما وصفتها، الأوضاع الإنسانية لسكان القطاع، وخداعهم لتنظيم عملية سفرهم بطريقة غير قانونية وغير مسؤولة. كما قالت في أعقاب أزمة الرحلة الأخيرة التي وصلت إلى جوهانسبرغ، مؤكدةً أن تلك الجهة حاولت التنصل من أي مسؤولية بمجرد ظهور التعقيدات والإجراءات الروتينية عند وصول المسافرين إلى الدولة المحددة لهم للسفر إليها.

وتقول مصادر أمنية من حكومة «حماس» إنه بعد أن دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، ورغم أن الظروف الأمنية غير مستقرة وتحاول إسرائيل رصد أي تحركات، فإنها ستسعى لمنع مثل هذه الرحلات المشبوهة، وإنها ستتصدى لمثل هذه المحاولات، لكنها لن تعترض أي رحلات هدفها سفر المواطنين للعلاج أو حالات إنسانية، لكن مثل هذه العمليات التي تقف خلفها جهات مشبوهة ستتصدى لها وستعمل على منعها، لمنع تنفيذ الخطة الإسرائيلية - الأميركية، الهادفة إلى تهجير السكان.

الملاحقة والاستمرارية

ويبدو أن المؤسسة تعاني من ملاحقة حقيقية، وتتعرض لحملات إلكترونية مثل الاختراق، ولإجراءات قانونية تُتخذ ضدها من قبل بعض الجهات، الأمر الذي دفع تطبيق «واتساب» لحظر أرقامها المعلنة عبر وسائل التواصل وعبر موقعها الإلكتروني. واتهمت المؤسسة في منشور لها عبر «فيسبوك» جهات لم تسمها بأن عملية حظر أرقامها جاءت كجزء من «الهجمة» الموجهة ضد نشاطاتها، مؤكدةً الاستمرار في عملها، وأنها تعمل على معالجة هذه القضية وترتيب أرقام جديدة للتواصل، وأنها ستتواصل مع متابعيها من أرقام بديلة عند جهوزيتها. وعلى الرغم من كل هذا الضجيج حول المؤسسة وعملها، فإنها ما زالت تواصل استقبال طلبات المسافرين من سكان قطاع غزة، كما يظهر على موقعها الإلكتروني، ومن خلال صفحتها على «فيسبوك»، إلى جانب استمرار الإعلانات الممولة التي تظهر للغزيين عبر شبكات التواصل. الغزي نادر (ع)، من سكان مدينة غزة، والذي فضّل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، وهو يبلغ من العمر (41 عاماً)، ومتزوج ولديه 4 أطفال، كان أحد من تسابقوا للتسجيل مجدداً لدى المؤسسة، منذ أكثر من شهر ونصف الشهر، وما زال في عملية تواصل مستمر مع الأرقام التي وضعتها المؤسسة. ويقول نادر إن الظروف الحياتية الصعبة أجبرته على التفكير في الهجرة، والبحث عن مستقبل أفضل له ولعائلته، معرباً عن أمله أن تنجح مساعيه في السفر، وأن يحالفه الحظ كما حالف آخرين. وأضاف: «كل ما أريده أن أخرج من قطاع غزة إلى أي دولة، ومنها سأغادر إلى أي جهة كانت... ما يهمني أن أرتاح من حياة الخيام، وأن أبحث عن حياة آمنة لي ولزوجتي وأطفالي».

 

سوريا: عمليتان أمنيتان استهدفتا خلايا لـ«داعش» في إدلب

الشرق الأوسط/01 كانون الأول/2025

أعلنت وزارة الداخلية السورية، اليوم (الاثنين)، تنفيذ عمليتين أمنيتين استهدفتا خلايا تابعة لتنظيم «داعش» الإرهابي في إدلب شمال غربي البلاد. وقال قائد الأمن الداخلي في محافظة إدلب العميد غسان باكير، في بيان صحافي نشرته الوزارة اليوم: «نفَّذت وحداتنا الأمنية، بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة، عمليتين أمنيتين نوعيتين استهدفتا خلايا تابعة لتنظيم (داعش) الإرهابي في كل من منطقة الدانا شمال المحافظة وغربي مدينة إدلب، وذلك في إطار الحملة الأمنية المستمرة التي تنفذها وزارة الداخلية لتعقب التنظيمات الإرهابية وتجفيف منابعها». وأضاف أن العمليات أسفرت عن ضبط أسلحة فردية وذخائر، وأحزمة ناسفة وعبوات متفجرة، كما تم الكشف عن تورط بعض أفراد هذه الخلايا في قتل مدني ودفنه قرب مدينة معرة مصرين. وأشار إلى أنه «خلال العمليات، جرى تحييد عنصرين بعد رفضهما تسليم نفسيهما للقوات الأمنية، فيما أُلقي القبض على باقي أفراد الخلايا»، لافتاً إلى أن المقبوض عليهم أُحيلوا إلى الجهات المختصة لاستكمال التحقيقات؛ تمهيداً لإحالتهم إلى القضاء لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

 

الرئيس الإسرائيلي عن طلب نتنياهو العفو: سنأخذ في الاعتبار «مصلحة الدولة»

الشرق الأوسط/01 كانون الأول/2025

قال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، الاثنين، تعليقا على طلب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو العفو، «سنأخذ في الاعتبار مصلحة الدولة فقط». وقدّم نتنياهو طلباً رسمياً إلى هرتسوغ، الأحد، للعفو عنه في محاكمة مستمرة منذ سنوات بتهم فساد، معتبراً أن الإجراءات الجنائية تعوق قدرته على إدارة شؤون إسرائيل، وأن العفو يخدم المصلحة العامة للدولة. وينفي نتنياهو، صاحب أطول مدة في منصب رئيس الوزراء بإسرائيل، منذ قيام الدولة، منذ فترة طويلة تهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة. وقال محاموه، في رسالة إلى مكتب الرئيس، إن نتنياهو لا يزال يعتقد أن الإجراءات القانونية ستنتهي بتبرئته تماماً، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء. قال نتنياهو، في بيان مصوَّر مقتضب نشره حزب «ليكود» الذي ينتمي إليه: «أرسل المحامون طلب العفو إلى رئيس الدولة اليوم، وأتوقع من كل مَن يحرص على مصلحة البلاد أن يدعم هذه الخطوة». وأكد مكتب الرئيس إسحاق هرتسوغ في وقت سابق من اليوم تسلُّم الطلب، ونشر رسالة المحامين. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد وجَّه رسالة إلى هرتسوغ، هذا الشهر، طالباً منه إصدار عفو عن نتنياهو.

 

المأزق الأوروبي في حرب مُحتملة مع روسيا

 لندن: المحلل العسكري /الشرق الأوسط/01 كانون الأول/2025

تخاف أوروبا من التهميش الجيوسياسيّ في القرن الحالي. فالوقت يلعب ضدّها، وسط غياب الجهوزيّة الأوروبيّة وعلى الصعد كافة. فهي دول متعدّدة، لكن في قارة واحدة. يُثقل كل من التاريخ، الجغرافيا، الطوبوغرافيا، الديموغرافيا، الإثنيات، كما الدين، كاهل القرار الأوروبيّ. فهم في مجموعة واحدة فعلياً، لكن مع سياسات خارجيّة متعدّدة. لكل بلد منهم مفهومه الخاص للأمن القومي. مطلوب اليوم من الدول الأوروبيّة الانتقال من التنافس إلى التعاون. عندما تولى جوزف بوريل الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية منصبه في عام 2019، تسلّم تقريراً أمنيّاً يُحدّد المخاطر على الاتحاد، وهي: احتمال أن تهاجم روسيا أوكرانيا؛ أن يرتفع مستوى العنف بين الفلسطينيين وإسرائيل؛ أن يزداد تدفّق الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا؛ وأخيراً وليس آخراً، خلافات تجاريّة للاتحاد مع كل من الصين وأميركا. ألم يحصل هذا الأمر؟ لذلك؛ نصح بوريل الدول الأوروبيّة بضرورة تعلّم التحدّث بلغة القوّة. فهل تملك أوروبا القوّة؟ وفي هذا الإطار، قال المستشار الألماني فريدريك ميرتس بما معناه: «ستثبت السنون المقبلة إذا ما كانت أوروبا ستبقى قوة اقتصادية مستقلّة، أم ستصبح بيدقاً في مراكز التجارة الآسيوية والأميركية؟».

في الاستعداد الأوروبيّ العسكري

نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» مقالاً حول المخطط السريّ العسكريّ الألماني (Oplan) الذي يقع في 1200 صفحة، كان قد تم إعداده بُعيد الاجتياح الروسيّ لأوكرانيا. فهل يُعدّ تسريب الخبر من ضمن استراتيجية الردع؟ الردع عبر التسريب؟ لكن الخطير في هذا التقرير، هو في الاعتراف بعدم جهوزية أوروبا، كما ألمانيا لأي سيناريو سيئ، خاصة في البعد اللوجيستيّ، والبنى التحتية اللازمة. كونه، وفي حالة الحرب، من المتوقّع أن تكون ألمانيا الممر (Hub) اللوجيستي الأساسي لعسكر «ناتو» والذي سيأتي من الغرب إلى الجبهة الشرقيّة، والذي يقدّر عدده بـ800 ألف جندي. فكيف ستُحدّث ألمانيا الطُرق، المرافئ والجسور؟ وما هي التكلفة، وكم تستغرق من الوقت كي تكون جاهزة؟ لا تتفرّد ألمانيا في تحضير البنية التحتية لحرب محتملة. فالاستعداد الفرنسي على قدم وساق، خاصة في بُعد عديد الجيش، والخدمة الإلزامية والتي ألغاها الرئيس الراحل جاك شيراك عام 1997. فبدل الخدمة العسكرية، يقترح الرئيس ماكرون الخدمة الطوعيّة (Voluntary) وعلى الشكل الآتي: بدءاً من صيف عام 2026، تطويع ما يقارب ممن هم بين 18 - 19 سنة، وحتى سن الـ25 لمن هم اختصاصيون في مجالات محددة. على أن يزداد العدد إلى 10000 في عام 2030، وإلى 50000 في عام 2035. يخدم المتطوع فترة 10 اشهر، منها شهر تدريب، و9 أشهر في وحدات عسكرية ضمن الأراضي الفرنسية، ولهم مخصصات كما مخصصات الجندي العادي. وتدرس ألمانيا جديّاً إعادة التجنيد الإلزامي، لكن ليس حسب النموذج الفرنسي. فحسب وزير الدفاع الألماني، هناك نماذج ممكنة مثل: الخدمة العسكريّة الانتقائيّة، أي اختيار أفضل المتقدّمين وإلزام جزء منهم للخدمة؛ أو خدمة مدنيّة - عسكريّة شبيه بالنموذج الاسكندنافي خاصة الفنلندي. تحضّر كل من فرنسا وألمانيا للسيناريو السيئ مع روسيا. إذ يعتقد رئيس الأركان الفرنسي أن الصدام مع روسيا سيكون في عام 2030. وفي هذا الإطار، يقترح بعض المفكرين الاستراتيجييّن منظومة دفاعيّة - أمنية أوروبيّة ترتكز على مستويات دفاعيّة (Layers) عدة. تبدأ المنظومة من الشرق الأوروبيّ - الاسكندنافي، حتى الغرب الأوروبي، حيث مركز الثقل، على أن تحمي هذه المنظومة مظلّة نوويّة أوروبيّة. في الختام، هل الخطر الروسي على أوروبا مُضخّم أم حقيقي؟ وكيف يمكن لروسيا أن تحارب على جبهات عدّة، وهي حالياً، وحسب بعض الخبراء لم تعد قادرة على التعويض بالخسائر البشريّة، ووصلت إلى مرحلة الاستنزاف، ناهيك عن الوضع الاقتصادي المتدهور؟ لكن الأكيد، وإذا ما توقّفت حرب أوكرانيا، فإن الجيش الروسي سيكون جاهزاً، مُجرّباً، مع قاعدة صناعية عسكريّة مُتجدّدة وبعكس أوروبا.

 

طهران: الاعتراف بحقوقنا هو الحل الوحيد لملفنا النووي ...اتهمت مجدداً «الترويكا الأوروبية» بالتنكر لالتزاماتها بضغط من واشنطن

الشرق الأوسط/01 كانون الأول/2025

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، الاثنين، إن «الحل الوحيد لعدم عدّ الملف النووي الإيراني قضيةً على الإطلاق هو أن تعترف الأطراف المقابلة بحق إيران بموجب (معاهدة الحد من الانتشار)» النووي. وأوضح أن «المقصود من الاعتراف ليس مجرد الإقرار اللفظي، بل أن تتوقف هذه الأطراف عن التعدي على إيران في هذا المجال. فنحن، بصفتنا دولةً عضواً في المعاهدة، التزمنا تعهداتنا، وعازمون على ممارسة حقوقنا. وقد أكدنا هذا الموقف مراراً في جميع الحوارات والمفاوضات». ورداً على سؤال عن «تناقض الإدارة الأميركية بين الدعوة إلى التفاوض وضرورة وقف التخصيب»، والحديث عن «تدمير المنشآت النووية»، قال بقائي: «لا يمكن تبرير هذا التناقض، ولا يوجد له أي منطق عقلاني. وهو يؤكد فقط أن الملف النووي كان بالنسبة إلى أميركا مجرد ذريعة لممارسة الضغوط على الشعب الإيراني». وأوضح: «كل منشآت إيران النووية - مثل (نطنز) و(فورد) و(أصفهان) - كانت دائماً تحت إشراف (الوكالة الدولية للطاقة النووية) وتفتيشاتها». وتابع: «ما الذي حدث حتى توقف التفتيش؟ ألیس الهجوم العسكري الإجرامي على المنشآت النووية السلمية الإيرانية هو الذي أوقف عملية التفتيش هذه. لذا؛ على (الوكالة الدولية للطاقة النووية) أن تحاسب هؤلاء؛ لا إيران». وأضاف: «نحن نأسف لأن القرار الأخير (من مجلس محافظي الوكالة) لم يتضمن حتى إشارة واحدة إلى هذا الاعتداء، بل ومُنع مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، حتى من مجرد الإدانة أو التعبير عن الأسف لهذا العمل الإجرامي». وتابع: «في ظل هذه الظروف، كيف يُطلب من إيران السماح بتفتيش منشآت تعرضت لهجمات، وتوجد فيها مخاطر إشعاعية وتسرب مواد مشعة؟ بل إن هذه الوكالة نفسها لا تمتلك، أصلاً، بروتوكولاً لمثل هذه الحالات؛ لأنها سابقة لم تحدث في تاريخها». وأوضح: «لقد تعاونا بحسن نيّة، وتوصلنا في سبتمبر (أيلول) الماضي إلى تفاهم يُنظّم علاقتنا مع (الوكالة الدولية للطاقة النووية) وفقاً لقرار البرلمان ورأي مجلس الأمن القومي الأعلى (الإيرانيين). لكن الأطراف المقابلة لم تُقدّر هذا الجهد، وبإجراءات جديدة قوضت هذه العملية». ورداً على سؤال بشأن تحذير مسؤول دفاعي أميركي من احتمال انهيار «نظام الحد من الانتشار النووي»، قال بقائي: «ما قاله هذا المسؤول يعكس واقعاً واضحاً؛ فالولايات المتحدة هي أكبر تهديد لـ(نظام الحد من الانتشار)» النووي. وأشار إلى أن «أبرز مثال على تقويض أميركا (نظام الحد من الانتشار)، هو هجومها غير القانوني على المنشآت النووية السلمية الإيرانية، الذي نفّذته بمساعدة الكيان الصهيوني». وقال: «الحقيقة أن أميركا ليست فقط أكبر تهديد للأمن الدولي؛ بل أيضاً أكبر مدمر لـ(نظام الحد من الانتشار النووي)». وعدّ، رداً على سؤال، أن «كثيراً من الأمثلة تؤكد أن الترويكا الأوروبية (فرنسا وإنجلترا وألمانيا)، تحت الضغط والتوجيه الأميركي، تنكّرت لالتزاماتها في إطار الاتفاق النووي، واتخذت إجراءات لم تكن على الإطلاق داعمة لاستمرار المفاوضات». وأضاف: «تكرار عبارة نحن مستعدون للتفاوض، لا يغيّر حقيقة أن الطرف الآخر غير مستعد فعلياً». وتابع: «طرحُ جملة تقول: (ارجعوا إلى طاولة المفاوضات) يطرح بدوره تساؤلاً، ألا هو: (إلى أي طاولة؟). فعندما يشير الأوروبيون إلى الطاولة، فإنهم يقولون فوراً: (اذهبوا وتحدثوا مع الأميركيين). وهذا يكشف عن أنهم أنفسهم لا يؤمنون بقدرتهم على لعب دور مستقل ومسؤول في أي عملية دبلوماسية، وقد يكونون مفتقرين إلى الثقة بالنفس أو القدرة على تحمل مسؤولياتهم. لذا؛ يجب النظر إلى هذه العبارات بوصفها جزءاً من الحملات الإعلامية والدعاية العامة، وليس موقفاً جاداً مبنياً على حسن النية». ورداً على سؤال بشأن التطورات في فنزويلا، والادعاءات بشأن «منح إيران حق اللجوء لمسؤولين من ذلك البلد»، قال بقائي: «طرح هذا السؤال في حد ذاته مهين لشعب وحكومة فنزويلا؛ إذ لا أساس قانونياً أو أخلاقياً يبرر أن تفرض دولةٌ ما، بمنطق القوة، على دولة أخرى طرد مسؤوليها».

 

ويتكوف يلتقي بوتين الثلاثاء لبحث الخطة الأميركية لإنهاء حرب أوكرانيا

الشرق الأوسط/01 كانون الأول/2025

علن الكرملين، الاثنين، أن مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ستيف ويتكوف، سيلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، بعد ظهر الثلاثاء، لمواصلة المناقشات حول الخطة الأميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، خلال إيجازه الصحافي اليومي الذي حضرته «وكالة الصحافة الفرنسية»: «من المقرر عقد الاجتماع مع ويتكوف غداً»، مضيفاً أن الاجتماع سيُعقد «بعد الظهر». تأتي هذه الزيارة إلى روسيا في أعقاب مفاوضات جرت بين الوفدين الأميركي والأوكراني في فلوريدا، الأحد، ووصفها وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بأنها «مثمرة». ولكن روبيو أكَّد الحاجة إلى مزيد من العمل للتوصل إلى اتفاق. واعتبرت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، أن الأسبوع الحالي مهم جداً لجهود إنهاء النزاع، مع استقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الاثنين، في باريس. ويواجه زيلينسكي ضغوطاً عسكرية وسياسية كبيرة، في وقت يعبِّر فيه ترمب عن تفاؤله بشأن حل الصراع الذي أشعلته روسيا قبل نحو 4 سنوات. وعرضت واشنطن خطة لوضع حد للنزاع الذي بدأ قبل أكثر من 3 سنوات، وتسعى لوضع اللمسات الأخيرة عليها بموافقة موسكو وكييف. وقال ترمب للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية: «أوكرانيا لديها بعض المشكلات الصغيرة الصعبة»، في إشارة إلى تحقيق الفساد الذي أجبر مؤخراً الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على إقالة مدير مكتبه الذي كان يترأس أيضاً وفد التفاوض. وأضاف: «لكنني أعتقد أن هناك فرصة جيدة للتوصل إلى اتفاق». ويرأس أمين مجلس الأمن القومي، رستم عمروف، الوفد الأوكراني، بينما يمثِّل الجانب الأميركي روبيو وويتكوف وكوشنر. من جهته، أشاد عمروف بالمفاوضات، واصفاً إياها أيضاً بأنها كانت «مثمرة وناجحة». وكتب على موقع «فيسبوك» أنه أطلع زيلينسكي على «التقدم الكبير» الذي تم إحرازه في المحادثات. وكتب زيلينسكي على منصة «إكس» بعد المحادثات: «من المهم أن تتمتع المحادثات بديناميكية بناءة، وأن تتم مناقشة جميع القضايا بشكل مفتوح، مع التركيز الواضح على ضمان سيادة أوكرانيا ومصالحها الوطنية». ونصَّت النسخة الأولى للمقترح الواقع في 28 نقطة، والذي تمَّت صياغته من دون أي تدخل من حلفاء أوكرانيا الأوروبيين، على انسحاب القوات الأوكرانية من منطقة دونيتسك (شرق) واعتراف الولايات المتحدة بحكم الأمر الواقع بمناطق دونيتسك والقرم ولوغانسك على أنها روسية. وعدَّلت الولايات المتحدة في المسودة الأصلية بعد انتقادات من كييف وأوروبا؛ لكن الصيغة الحالية ما زالت غير واضحة. وقال مصدر مقرب من وفد كييف في فلوريدا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الأحد، إن «العملية ليست سهلة، والبحث مستمر عن صيغ وحلول». وقال مصدر آخر مطَّلع على مجريات المحادثات، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «الأميركيين يريدون فعلاً أن تُحسم النقاط النهائية (في المحادثات الجارية) ليتمكَّنوا من التوجُّه إلى موسكو».

 

تركيا: كشف خريطة طريق نزع أسلحة «الكردستاني» ...أوجلان أيَّد الخطوات السابقة وأكد ضرورة نجاح «عملية السلام»

 أنقرة: سعيد عبد الرازق/الشرق الأوسط/01 كانون الأول/2025

بينما أعلن أحد قيادي حزب «العمال الكردستاني» أن الحزب لن يقدِم على أي خطوة أخرى في إطار «عملية السلام» مع تركيا قبل إطلاق زعيمه عبد الله أوجلان واتخاذ الخطوات القانونية والدستورية لتوسيع حقوق الأكراد، كشفت مصادر أمنية تركية عن خريطة طريق لنزع أسلحة الحزب.

وحسب المصادر، فإن الخطة ستنفذ بالتدريج وتشمل المناطق التي يوجد بها مسلحو «العمال الكردستاني» في شمال العراق بالتدريج، بينما تبقى عملية نزع أسلحة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية غالبية قوامها، رهناً للمفاوضات الجارية مع حكومة دمشق.

وأعلن «العمال الكردستاني» في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي سحب جميع مسلحيه من الأراضي التركية إلى مناطق الدفاع الإعلامي (ميديا) في شمال العراق.

مراحل نزع السلاح

وأعقب ذلك إعلان الحزب الانسحاب من مواقع في منطقة زاب الاستراتيجية بشمال العراق؛ تلافياً لأي اشتباكات محتملة مع القوات التركية. ونقلت صحيفة «صباح»، القريبة من الحكومة التركية، الاثنين، عن المصادر الأمنية أن هناك 4 كهوف في منطقة زاب، التي أعلن الحزب انسحابه منها، وأن وحدات من القوات التركية فتشتها وأكدت الانسحاب منها. وأضافت أن مسلحي الحزب خلفوا وراءهم جميع الأسلحة والذخائر والمواد اللوجيستية في الكهوف، وتم تدميرها، ولم يعثر على أسلحة ثقيلة. ولطالما كانت زاب معقلاً لحزب «العمال الكردستاني» لسنين، ويعدّ انسحابه منها خطوة ملموسة نحو نزع أسلحته بالكامل، استجابة لنداء «السلام والمجتمع الديمقراطية»، الذي أطلقه أوجلان من سجنه في جزيرة إيمرالي، غرب تركيا، في 27 فبراير (شباط) الماضي لحل الحزب والتخلي عن الأسلحة وبدء مرحلة من العمل السياسي في إطار ديمقراطي قانوني. وقالت المصادر إن هناك كهفين في منطقة متينا في شمال العراق، ومن المتوقع اكتمال الانسحاب منهما في الأسابيع المقبلة لتكمل القوات التركية بذلك تطهير المناطق التي تشملها عملية «المخلب - القفل» التي تنفذها منذ أبريل (نيسان) 2022 لإنهاء وجود حزب «العمال الكردستاني» نهائياً في شمال العراق، والتي نجحت إلى حد كبير في إبعاد عناصره من المنطقة بعد اشتباكات تعدّ الأشد عنفاً، شاركت فيها عناصر من القوات الخاصة التركية. وتتضمن المرحلة التالية، حسب المصادر، إخلاء منطقتي غارا وهاكورك المشمولتين في العملية. وحسب خريطة الطريق، سيقوم أعضاء حزب «العمال الكردستاني» المتمركزون على طول ممر سنجار - مخمور في شمال العراق، حيث يتم تقديم الدعم اللوجيستي لفرع الحزب في سوريا (وحدات حماية الشعب الكردية)، بتسليم أسلحتهم أيضاً. وضع قادة «الكردستاني» وتطرقت المصادر التركية إلى وضع كبار قادة «العمال الكردستاني» في جبل قنديل في شمال العراق، قائلة إنه سيتم توضيح وضعهم من خلال قوانين ستصدرها تركيا، وإنه لن يُسمح لهم بالبقاء في العراق أو سوريا أو تركيا، وإن من بين الخيارات المطروحة إرسالهم إلى الدول الاسكندنافية. ولفتت المصادر إلى وجود فئة تمثل نحو 30 في المائة داخل «العمال الكردستاني» تقاوم نزع الأسلحة، وأن المخابرات التركية تحتفظ بمعلومات عن نحو 85 في المائة من أعضائه. وتحدّد هذه القائمة، التي أُعدّت بالتنسيق مع السلطات العراقية، هويات المتورطين في جرائم وغير المتورطين فيها. ويقدَّر المسؤولون أن الغالبية العظمى منهم لم يتورطوا في جرائم، نتيجة نجاح تركيا في السنوات الـ10 الأخيرة في القضاء على وجود حزب «العمال الكردستاني» داخلها ومنع أنشطته خارجها لتتضاءل قدرته على شن هجمات.

موقف أوجلان

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين بالحكومة التركية، أنه بينما توشك عملية نزع أسلحة «العمال الكردستاني» على الانتهاء، لا تزال هناك بعض المشكلات بشأن حل «قسد» في سوريا، لكن واشنطن أصبحت أكثر انفتاحاً على دعم تنفيذ اتفاق دمجها في الجيش السوري.

في السياق، قالت نائبة رئيس المجموعة البرلمانية لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، غولستان كيليتش كوتشيغيت، إن أوجلان أيَّد خلال لقاء وفد البرلمان التركي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) المفاوضات الجارية لتنفيذ اتفاق دمج «قسد» في الجيش السوري، الموقَّع مع دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي، وحذَّر من أن فشل «عملية السلام» الحالية، سيؤدي إلى «انقلاب» على رئيس حزب «الحركة القومية»، دولت بهشلي، الذي بادر في 22 أكتوبر 2024 لدعوة أوجلان لتوجيه نداء إلى «العمال الكردستاني» لحل نفسه وإلقاء أسلحته. وأضافت كوتشيغيت، وهي عضو في الوفد الذي التقى أوجلان، في تصريحات لوسائل إعلام كردية نُقلت في تركيا، أن «تقييم السيد أوجلان انصبَّ، بأكمله، على نجاح العملية، ومتطلبات نجاحها، واستذكر بإيجاز عملية السلام السابقة، في الفترة بين 2013 و2015، وكيف خربتها الجماعات المناهضة للحل، مشدداً على أنه لمنع تكرار ذلك اليوم، يجب أن تكون العملية ناجحة». وكان القيادي في «العمال الكردستاني»، آمد ملاذغيرت، أكد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، السبت، أن الحزب «لن يتخذ أي خطوة أخرى» في إطار «عملية السلام» مع تركيا بعد اتخاذ الخطوات السابقة التي بادر إليها «القائد آبو» (أوجلان)، إلا إذا أقدمت حكومتها على خطوات جادة لتلبية شرطين رئيسيين للحزب، هما: «الحرية للقائد آبو» و«الاعتراف الدستوري وبشكل رسمي بالشعب الكردي في تركيا». وتطرق أوجلان في ندائه لحل الحزب في 27 فبراير إلى مسألة إطلاق سراحه، قائلاً إنها ليست مسألة شخصية بالنسبة له. وسبق أن تحدثت مصادر عن إمكان منحه حرية حركة في جزيرة إيمرالي وتمكينه من اللقاء بالسياسيين والصحافيين وممثلي المجتمع المدني.

 

تفاصيل المقالات والتعليقات والتحاليل السياسية الشاملة

زيارة البابا لاوون الرابع عشر: مشهد مُزيّف… وبلد ساقط خلف الديكور

الكاتب والمخرج يوسف ي. الخوري/01 كانون الأول/2025

https://eliasbejjaninews.com/2025/12/149781/

لم يكن استقبال البابا ليو XIV في مطار بيروت حدثًا بروتوكوليًا عابرًا. الملاحظة الأكثر دلالة كانت وجود الرؤساء الثلاثة مجتمعين لاستقباله. اعتدنا في لبنان أن يزور أيّ وافد دولي كلّ رئيس في “مقرّه”، وكأنّ الدولة موزّعة على ثلاث ساحات سيادية، وثلاث دول، وثلاثة رؤوس. أن يجتمعوا معًا لم يكن مجرّد صورة جميلة، بل إشارة واضحة إلى أنّ النموذج الذي اعتاد اللبنانيون عليه هو نموذج متصدّع وصيغته لم تعد قابلة للحياة. هذا الدستور ذو الثلاثة رؤوس ليس نظامًا؛ إنّه غرفة إنعاش مفتوحة لجمهورية مستحيلة.

ثم جاءت الفضيحة الرمزية الأكبر: استقبال البابا في قاعة تُدعى “25 أيّار”، تاريخ ما تسمّيه السلطة المتواطئة مع حزب الله “تحرير الجنوب”. لكن الحقيقة أنّ ذلك اليوم مثّل تهجيرًا لآلاف الجنوبيين المسيحيين واللبنانيين الشرفاء إلى إسرائيل، واستبدالًا لسكّان بسكّان، ولسيادة بسيادة أخرى تخدم إيران. القاعة بُنيت فوق كذبة، واسمها آخر ما تبقّى من ديكور مرحلة أيديولوجيّة لم تعد تقنع أحدًا. وهي قاعة ينبغي أن تُزال، تمامًا كما أُزيلت الحدود حين عاد الاحتلال إلى أرض الجنوب من جديد.

وفي مشهد آخر لا يقلّ رمزية، أُقصِي رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عن استقبال البابا. ضجّة اندلعت، لكن خلف الضجيج يقف درس واحد: لا معنى لكتلة نيابيّة مهما كبر حجمها في بلد محتلّ، ولا معنى لديمقراطيّة توافقيّة زائفة وخاضعة لسلاح، ولا جدوى من انتخابات 2026 في ظلّ الستاتيكو القائم، ومنظومة تتغذّى على ما تبقّى من أحياء. ما يحتاجه جعجع ليس زيادة عدد نوابه كما يخطّط، بل استعادة وزن، حضور، وفعالية خارج دائرة الأرقام العقيمة والأعداد الوهميّة.

أمّا اللقاء الروحي مع الكهنة والأساقفة، فكان فقرةً مُتقنة التنفيذ، لكن مشكلتها أنّها عكست لبنانًا مُجمّلًا، لا لبنان الحقيقي. الكاهن الذي تحدّث عن المهجّرين السوريين، والراهبة التي روت مواساتها للمهجّرين الشيعة من بعلبك، والخادمة الفليبينية التي شرحت تجربتها الطويلة في لبنان، ومرشد السجون الذي دعا إلى الرحمة بالمساجين… شهادات إنسانية بلا شك، لكنّها ليست الشهادات التي كان يجب أن تُطرح أمام رأس الكنيسة الكاثوليكية.

لم يجرؤ أحد على قول الحقيقة.

لم يقف كاهن من بلدة رميش الجنوبيّة ليتحدث عن صمود المسيحيين الجنوبيين الذين يعيشون اليوم وسط الاشتباكات والاحتلال.

لم يتحدث أحد عن أفراد وعائلات جيش لبنان الجنوبي، لاسيّما منهم مَن تعفّنت أعمارهم في سجون الضاحية الجنوبيّة وسجون البعث السوري بعدما أبوا إلّا أن يبقوا في أرضهم بعد مؤامرة “التحرير” عام 2000.

لم يجرؤ أحد على ذكر أطفال الشوارع، أو ضحايا الدولة من المفكّرين الأحرار، أو الظلمات داخل السجون اللبنانيّة.

لم يجرؤ أحد على الاعتراف بأن جزءًا من رجال الدين أنفسهم باتوا عبئًا على الكنيسة، وأنّ ثرواتها تكبر فيما الأطفال يُحرَمون العلم، والناس يُدفنون في الجوع.

اختاروا لبنانًا مُفلترًا بدل لبنان النازف.

اختاروا أن يبكوا على الظالمين، وأن يصمتوا عن المظلومين.

اختاروا رسائل الرحمة، لكن الرحمة التي تُبرّر الجريمة وتُمهّد لقبول مظلّة المجرمين، لا الرحمة التي ترفع الضحايا.

لهذا يمكن القول إن زيارة البابا بدت أشبه بـ مشهد سينمائي مُحكم التنفيذ: ديكور جميل، إضاءة، أجواء، ابتسامات محسوبة… ثمّ، بعد انتهاء التصوير، يُسحب الديكور ويُرمى في القمامة.

فمن قاعة 25 أيار المزيفة، إلى اللصوص الذين جلسوا مع البابا ليو XIV داخلها، إلى دعوات الرحمة للمجرمين التي تمهّد للغفران السياسي المسبق لحزب الله، إلى تغييب الجنوب الحقيقي وأهله الحقيقيين، إلى المنفيين قسرًا من دولتهم الذين لم يُذكروا بكلمة واحدة… تتكرّس الحقيقة التالية:

زيارة البابا لن تغيّر حرفًا واحدًا من المصير الأسود الذي يتّجه نحوه لبنان.

لقد شاهدنا العرض.

الجمهور مبتهج.

صفّقوا بحرارة.

لكنّ البلد بقي كما هو: محتلًّا، مقيّدًا، مكذوبًا عليه… وسط ديكور جميل، لكن خلفه جدران تنهار.

أه!! كدتُ أنسى. لم يذكرنا احد، نحن المدافعين بلا محاباة عن الحقيقة، ونُهدّد تقريبًا كلّ يوم بالقتل لإيماننا برسالة السلام، كما أنّه لم يدعنا أحدٌ إلى القصر للقاء البابا، أو إلى معراب للمشاركة بقدّاس الشهداء.

 

مندرجات رحلةِ البابا لاوون الرابع عشر الافتتاحية

د. شارل شرتوني/نقلاً عن موقع “هذه بيروت” / 01 كانون الأول 2025

https://eliasbejjaninews.com/2025/12/149769/

(ترجمة بحرية من الإنكليزية بواسطة الياس بجاني بالإستعانة بمواقع ترجمة إلكترونية)

يُجسّد لبنان الإرثَ المتبقّي للمسيحية الشرق أوسطية المتقلّصة، ومقاومتَه المستمرة لعمليات الأسلمة الثقافية والسياسية، وسعيَه المتواصل للانخراط في مسار التحديث السياسي.

تطرح الرحلة الخارجية الأولى لقداسة للبابا لاوون الرابع عشر أسئلةً لافتة حول دوافع اختيار وجهتيها. فبالنسبة للمتابعين لتاريخ الكنيسة، قد يبدو قراره ببدء زياراته الخارجية من تركيا ولبنان منطقيًا، لكنه يبقى قرارًا ذا دلالات مثيرة ومركّبة. تركيا الحديثة تضمّ أهم مواقع التاريخ المسيحي القديم، وهي المعبر التاريخي للفصل بين جناحي الكنيسة الشرقية والغربية عام 1054. كما تشكّل، جغرافيًا وتاريخيًا، نقطة الانكسار الجيوسياسي التي فصلت العالم الإسلامي عن أوروبا المسيحية. وهي أيضًا أرض الإبادة الجماعية الأولى التي أبادت المسيحية الأرمنية واليونانية والسريانية، ومسرح الإرث الإمبراطوري للخلافة الإسلامية وانهيارها عام 1922. وليس سهلًا على الدبلوماسية الفاتيكانية “غربلة” هذه الطبقات المتشابكة من التاريخ وترسّباته. فمن غير المرجّح أن يتم تجاوز أيٍّ من هذه الأبعاد أو تهميشه إذا كان للزيارة البابوية أن تُحقق أهدافها، رغم الاختلافات الثقافية والسياسية والمعرفية التي ستشكّل سياقاتها المتعددة.

أما الزيارة إلى لبنان، فلا يمكن مقارنتها بالزيارة التركية نظرًا للفوارق الجيوسياسية الكبرى بين البلدين. فتركيا قوة إمبراطورية سابقة، بينما لبنان كيان سياسي صغير نشأ بعد تفكّك الإمبراطورية العثمانية. ومع ذلك، فإن لبنان يجسّد الإرث المتجدّد للمسيحية المشرقية، وصمودها أمام موجات الأسلمة، وسعيها الدائم لبناء نموذج سياسي يقوم على التعددية والدستورية والمساواة المدنية. ويرجع هذا الإرث إلى النزعة المارونية التحررية ذات الجذور السريانية والأنطاكية، وإلى الشعور العميق بالشمولية المسيحية العابرة للانقسامات الطائفية، مع الحفاظ على مقاومة أي هيمنة ثقافية أو سياسية إسلامية. كما يستمدّ زخمه من التفاعل الفريد بين تقليد الزهد الدنيوي وبين المسار التاريخي للتحرر الديني والثقافي والاجتماعي والسياسي. وقد تجلّى ذلك في جميع مفاصل التاريخ اللبناني: تأسيس البطريركية المارونية (687)، الاتحاد مع الفاتيكان (1182)، انطلاق النهضة اللبنانية مع الكلّية المارونية في روما (1584)، والتجارب السياسية شبه الوطنية من الإمارة إلى القائمقاميتين فالمتصرفية، وصولًا إلى تأسيس دولة لبنان الكبير عام 1920.

يختصر المأزق اللبناني الوعود الرفيعة للديمقراطية الليبرالية الفريدة عربيًا، والتي أُجهضت تحت وطأة السرديات الشمولية للعروبة والإسلاموية. وقد أصبح لبنان موطنًا جامعًا للكنائس المشرقية المتراجعة التي تسعى لاستعادة استقلاليتها الروحية والأخلاقية وإحياء وكالتها التاريخية. وليس مفاجئًا أن تنتقل المقرّات البطريركية والأكاديميات اللاهوتية والخدمات الاجتماعية إلى لبنان، في وقت تتسبّب الهجرة باستنزافه. إن زوال لبنان، إن حصل، سيكون فاتحة زوال للمسيحية الشرقية، فيما تعمل الأسلمة المتفشية على تفكيك ما تبقى من التعددية الدينية والثقافية في الشرق الأوسط، بينما تبلغ أزمات الحداثة الإسلامية ندوبها القصوى. وتحاول كنيسة روما شقّ طريقها عبر هذه التحولات الجارفة، ولبنان يقع في صميم هذا المسعى. فقد خاضت الوزارات البابوية الفكرية والعملية خلال القرن الماضي سلسلة تجارب متعددة الحظوظ في مواجهة تحديات هذا الزمن.

تأتي زيارة تركيا بمناسبة مرور 1700 عام على انعقاد مجمع نيقية (325)، أول المجامع المسكونية الذي حسم الخلافات الكريستولوجية، وأرسى أساس اللاهوت المسكوني، ووضع القانون الكنسي المبكر، وفرض توحيد تاريخ عيد الفصح. وقد قدّم المجمع نموذجًا أوليًا للمسكونية العملية، لا يزال مصدر إلهام للجهود المسكونية المعاصرة. وبقي قانون الإيمان النيقاوي حجر الزاوية للوحدة المسيحية. وتشهد كابادوكيا، بكنائسها الكهفية التي تعود للقرن الرابع، على مركزية تركيا في المسيحية الأولى، وعلى تجذّرها في اللاهوت والتقليد الكنسي للقرون الأولى. وينطبق ذلك على الكنائس السريانية والأنطاكية وجبال طور عابدين، وعلى الإبادة التي طالت الإرث الأرمني، وعلى تدمير الكنيسة الهيلينية وتراثها البيزنطي التأسيسي. واصل الباباوات عبر القرن الماضي زياراتهم لتركيا دعمًا لإرثها المسيحي وللدور المسكوني للبطريركية الفنارية، وللحفاظ على الحوار المسكوني. لكن الإسلاموية التركية المستمرة، مع إنكارها المتأصل، تُلقي بظلال قاتمة على الحوار بين الأديان، في ظلّ التباينات الفكرية والسياسية والدينية. فالإرث التركي يلخّص الإمبريالية الإسلامية والاستعلاء الديني، وتأثيرهما في حداثة مشوّهة ما تزال عالقة بإرث دموي للإمبراطورية العثمانية. إن غياب الأسس الفكرية والمعرفية لحوار حقيقي لا يخدم دبلوماسية السلام. فالنظام الإسلاموي في تركيا يعيد إنتاج نفسه كقوة تخريبية تتحدى أوروبا وسلامها ومبادئها الديمقراطية وبنيتها الأمنية، فيما يمارس تمييزًا علنيًا ضد أقلياته الدينية والعرقية. ولذلك، فإن الرسالة الروحية والمسكونية للبابا لن تجد بسهولة صدى في تركيا الإسلاموية، بل سيُعاد تدويرها لخدمة أجندات سياسية متغيّرة خالية من أي مضمون أخلاقي.

أما الزيارة إلى لبنان فتأتي في لحظة حرجة فقدت فيها البلاد بوصلتها، وتكافح لاستعادة التوازن السياسي والنهوض بالإصلاحات المؤسسية. فالسلام الإقليمي هشّ، والاستقرار الداخلي مهدّد، وسياسة القوة الإيرانية تغذّي موجات التطرف الشيعي واستراتيجيات الهيمنة التخريبية. ويترافق تجاوز الشيعية السياسية للحدود الوطنية مع هذه السياسة الإيرانية في تقويض الاستقرار الإقليمي والسلم الأهلي. السرديات الوطنية اللبنانية التي شكّلت الحياة السياسية تتعرض اليوم لهجوم ممنهج من التيار الشيعي المهيمن، بينما تغرق البلاد في حروب حزب الله “الاختيارية” وما تخلّفه من دمار. وفي ظل بيئة سياسية مغلقة على مفاهيم الحوار والتسوية وصناعة السلام، تبدو السلطة الروحية والأخلاقية للبابا عاجزة عن تحقيق أثر ملموس. وتجعل القضايا الاستراتيجية العالقة، والنهج الانتقامي للنظام الإيراني، والـ”بانوبتيكون” الفكري للشيعية السياسية، مهمة صناعة السلام شبه مستحيلة، سواء عبر الدبلوماسية الدولية أو دبلوماسية المسار الثاني. كما أن المعارضة الشيعية، رغم وجودها، ما تزال مقموعة بفعل التطرف وإغلاق الفضاء العام.

تحمل زيارة البابا إلى لبنان أهدافًا روحية وخيرية ومسكونية، تتصدرها رؤيته للبنان بلدًا سلميًا إصلاحيًا ومسكونيًا، على وقع المخاطر المتسارعة التي تهدد الوجود المسيحي فيه. ورغم كل هذه التحديات، فإن الحماسة التبشيرية للبابا لاوون وخبرته العالمية كرئيس عام للرهبنة الأوغسطينية تُعدّانه لعبور مياه العصر ما بعد الحداثي المتلاطمة، ولمواجهة تحوّلاته الثقافية والسياسية والاجتماعية. وكأسلافه، يملك القدرة على استثمار الموارد الروحية في تعزيز “خدمة المصالحة” (2 كورنثوس 5: 11–21) وصناعة السلام. وتواصل البابوية اليوم رحلتها في عالم متغيّر، ساعية إلى تثبيت رسالتها وسط هذا المخاض الكبير.

********************

كورنثوس ٥ : ١١–٢١

فَإِذْ نَحْنُ عَالِمُونَ مَخَافَةَ الرَّبِّ نُقْنِعُ النَّاسَ. وَأَمَّا قُدَّامَ اللهِ فَقَدْ صِرْنَا ظَاهِرِينَ، وَأَرْجُو أَنَّنَا قَدْ صِرْنَا ظَاهِرِينَ أَيْضًا فِي ضَمَائِرِكُمْ. لأَنَّنَا لَسْنَا نَمْدَحُ أَنْفُسَنَا أَيْضًا لَدَيْكُمْ، بَلْ نُعْطِيكُمْ فُرْصَةً لِلاِفْتِخَارِ بِنَا، لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ جَوَابٌ عَلَى الَّذِينَ يَفْتَخِرُونَ بِالْوَجْهِ لاَ بِالْقَلْبِ. لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا مُخْتَلِّينَ فَلِلهِ، وَإِنْ كُنَّا عَاقِلِينَ فَلَكُمْ. لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تُحَصِرُنَا، إِذْ نَحْسِبُ هذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ، فَالْجَمِيعُ إِذًا مَاتُوا. وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ، كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ. إِذًا نَحْنُ مِنَ الآنَ لاَ نَعْرِفُ أَحَدًا حَسَبَ الْجَسَدِ. وَإِنْ كُنَّا قَدْ عَرَفْنَا الْمَسِيحَ حَسَبَ الْجَسَدِ، لَكِنِ الآنَ لاَ نَعْرِفُهُ هكَذَا. إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ. الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ. هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا. وَلَكِنِ الْكُلُّ مِنَ اللهِ، الَّذِي صَالَحَنَا لِنَفْسِهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَأَعْطَانَا خِدْمَةَ الْمُصَالَحَةِ. أَي: إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ، وَوَاضِعًا فِينَا كَلِمَةَ الْمُصَالَحَةِ. إِذًا نَسْعَى سُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا. نَطْلُبُ عَنِ الْمَسِيحِ: تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ.لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ.

 

«الإخوان» و«محور المقاومة»... شريكان في الخراب

نديم قطيش/الشرق الأوسط/01 كانون الأول/2025

أغلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب -بتوقيعه أمراً تنفيذياً يصنِّف فروع «الإخوان المسلمين» في مصر والأردن ولبنان منظمات إرهابية- قوساً تحاشت العواصم الغربية إغلاقه منذ عقود. القرار الذي ربط رسمياً بين الجماعة الأم وفروعها المسلحة، ليس أكثر من اعتراف متأخر بما تعرفه المنطقة، وما فتئت تقوله للعالم: «الإخوان» ليست حركة إصلاحية أساء النظام الرسمي العربي فهمها؛ بل هي منظومة عابرة للحدود، تستثمر، مع حلفاء آخرين، في الفوضى، كاستراتيجية للبقاء، وتهدد أسس الدول الوطنية في العالمَين العربي والإسلامي. الأهم في قرار ترمب أنه يتزامن مع مرور عامين على زلزال حرب غزة، وانكشاف التداعيات العميقة لعملية «طوفان الأقصى» على المنطقة برمتها، ولا سيما لجهة إضعاف فرص السلام الشامل فيها، والتي تحاول الإدارة الأميركية إحياءها من حالة الموت السريري. سيختلف الباحثون والمؤرخون حول ما إذا كان من دبَّر هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، قد امتطى سردية المقاومة والحق الفلسطيني، لوقف مسار السلام الإقليمي المُهدد لوجود ما يُطلق عليه «محور المقاومة»، أم أن ما حصل هو خطأ استراتيجي دمر فرصتَي الدولة الفلسطينية والسلام الشامل معاً.

بيد أن الأكيد هو أن المناخ السياسي قبل السابع من أكتوبر 2023 بأسابيع، كان مناخاً مواتياً لوجهة مشاريع السلام في المنطقة، المقرونة مع استراتيجيات التطبيع الاقتصادي، ومشاريع تكامل البنى التحتية وخطوط المواصلات بين إسرائيل والمنطقة العربية وأوروبا والهند. لم تكن المملكة العربية السعودية تتحدث عن اتفاق ثنائي؛ بل عن صياغة نقطة تحول سياسي واقتصادي تعيد تشكيل الشرق الأوسط بأسره، على أسس الاقتصاد والتنمية والمصالح، وترويض الآيديولوجيا، بما يوفر للقضية الفلسطينية مساراً دبلوماسياً موثوقاً نحو الحل النهائي، ويوقف الاستثمار فيها كوقودٍ للتعبئة الأبدية. النتيجة الماثلة أمامنا الآن أن «الطوفان» وحتى إشعار آخر، أغرق هذه الآمال كلها. لم يتغير موقف الرياض من ناحية أن السلام مع إسرائيل مشروط بمسار واضح لدولة فلسطينية. وما نُسب قوله للأمير محمد بن سلمان في واشنطن، أنه يأخذ بأعلى درجات الجدية موقف الشعب السعودي في هذا المجال، ليس جديداً. ما تغيَّر أن التطبيع الذي كان على مرمى حجر صار بعيداً، وقيادات المنطقة تجتهد الآن، لا لتحقيق السلام؛ بل لمنع قوى التخريب الإخوانية والتنظيمات المسلحة المدعومة من الحرس الثوري الإيراني، من العودة بالملف الفلسطيني إلى مربع الصراع والتعبئة والتجييش. لنتذكر أن «حماس» ليست فصيلاً فلسطينياً مستقلاً، إنما الفرع الفلسطيني لجماعة «الإخوان المسلمين»، وأبرز عناوين التقاطع بين التنظيم والنظام في طهران. هذه الحقيقة المعروفة، نادراً ما تُستخدم لقراءة ما جرى، ولا سيما في ضوء الحذر التحليلي الذي يمليه مستوى التوحش الإسرائيلي. «طوفان الأقصى»، أراد أصحابه ذلك أم لم يُريدوا، لم يستهدف إسرائيل وحدها؛ بل سدد ضربات قاسية لمسار إقليمي كان نجاحه سيُنهي صلاحية الإسلام السياسي كخطاب وكأداة.

تحت شعار إحياء القضية الفلسطينية، أحيا مهندسو «الطوفان» المناخ الذي يتنفس فيه «الإخوان»، أي مناخ الإحباط والمظلومية، واستثمار الغضب، وتضخيم مشاعر العجز، وتحويل كل ذلك إلى منصات للثأر السياسي من خصمهم الكلاسيكي: الدولة الوطنية العربية. فالقضية الفلسطينية عندهم ليست غاية بحد ذاتها؛ بل أداة لتفجير العلاقة بين المواطن ودولته، ولتحويل كل حكومة إلى جهة متهمة بالخيانة.لعل ما جرى في الأردن يقدم النموذج الأوضح والأخطر في هذا المجال؛ حيث انتقلت الاحتجاجات باسم غزة بسرعة البرق إلى دعوات من قبل «جبهة العمل الإسلامي» ضد النظام، في تعبير فظ عن جوهر الاستراتيجية الإخوانية الهادفة لتحويل كل أزمة خارجية إلى معول لهدم الاستقرار الداخلي. وقد كشف الأردن مطلع 2025 خلايا مرتبطة بـ«الإخوان المسلمين»، تلقت تدريباً وتمويلاً في لبنان، ضُبطت وهي تُصنِّع صواريخ وطائرات مُسيَّرة، وتُخزِّن متفجرات لضرب أهداف داخل المملكة الأردنية، لا داخل إسرائيل، بحجة دعم غزة. ولم تَسلَم دول عربية أخرى، رغم دعمها الإنساني لغزة، من محاولات التحريض الإخوانية. فبات من يُطعم غزة خائناً لأهلها، ومن يُجوِّعها ينتحل صفة حامي القضية. ما قد يبدو سوء فهم هنا، هو في الواقع منطق متسق. فـ«الإخوان» لا يريدون إنقاذ الفلسطينيين، بقدر ما يستفيدون من إبقائهم وقوداً لمشروعهم. قرار ترمب إذن -في هذا السياق- ليس حدثاً أميركياً معزولاً؛ بل هو اعتراف بأن «الإخوان» عقبة بنيوية أمام أي إعادة هندسة للمنطقة. ويزداد استعصاء هذه العقدة في ضوء التقاطع بين «الإخوان المسلمين» وما يُعرف بـ «محور المقاومة»، اللذين -رغم الخصومة المذهبية- يخوضان معركة بقاء ضد عدو واحد: الدولة الوطنية العربية المستقرة.

 

استبعاد جعجع من استقبال الحبر الأعظم..يفجّر جمهور "القوات"

راغب ملي/المدن/02 كانون الأول/2025

سبقت الاستنتاجات حول عدم دعوة رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، لاستقبال البابا لاوون الرابع عشر في القصر الجمهوري، الشرح والمبررات والأسباب. انفجر الجدل من اللحظة الأولى، إذ رأى جمهور "القوّات اللبنانية" في عدم دعوة جعجع إلى مراسم استقبال البابا أكثر من مجرّد تفصيل بروتوكولي، معتبرين الأمر محاولة واضحة لإبعاده عن مشهد يتمتّع برمزية استثنائية. هذا الانطباع تحوّل سريعاً إلى حملة إلكترونية واسعة، تضمنت اتهامات مباشرة لرئاسة الجمهورية بالسعي إلى تهميش جعجع وإقصائه عن مناسبة تجمع البُعد الوطني بالبُعد الديني، رغم أن اللجنة المنظمة للاستقبال، وجهت دعوات للرسميين، من رؤساء ونواب ووزراء وسفراء ورؤساء سابقين، ولم توجه دعوات لرؤساء الأحزاب، بدليل غياب زعيم "الاشتراكي" وليد جنبلاط، ورئيس "المردة" سليمان فرنجية.

شرارة الجدل

بدأ التفاعل بعد تصريح النائبة ستريدا جعجع التي أكدت أن زوجها "لم يُدعَ" إلى مراسم الاستقبال، مشيرة إلى أنّ هذا الأمر أثار الاستغراب. غياب الدعوة من جهة رسمية، لم يُرفق بأي تفسير واضح، مما فتح الباب أمام تأويلات سياسية حادّة وأسئلة عن خلفيات الاستبعاد وغاياته.

اتهامٌ بالإقصاء

سريعاً، تحوّلت وسائل التواصل إلى ساحة سجال مفتوح. رأى قسم كبير من جمهور "القوات" أنّ ما جرى لم يكن سهواً أو خطأً بروتوكولياً، بل خطوة مقصودة تهدف إلى تقييد حضور جعجع في محطة ذات وزن على مستوى المسيحيين في لبنان. واعتبر الناشطون أنّ الاستبعاد يستكمل سلسلة من محاولات "تعطيل" دوره السياسي أو الحدّ من رمزيته، خصوصاً في مناسبة بحجم زيارة البابا وما تحمله من دلالات سياسية ودينية، إذ يرى مناصرو "القوات اللبنانية" أنّ جعجع يمثّل أكبر تكتّل مسيحي في البلاد، وأنّ غيابه عن مشهد مماثل لا يمكن أن يكون تفصيلاً بروتوكولياً محضاً. بالنسبة إليهم، المشاركة في مثل هذه المناسبات تُعدّ مؤشراً إلى موقع الحزب داخل البيئة المسيحية، وإلى رمزية حضوره في اللحظات التي يتقاطع فيها البُعد الديني مع السياسي. وانطلاقاً من هذا المنطق، يعتبر هؤلاء أنّ استبعاد جعجع عن استقبال البابا يحمل دلالات تتجاوز الشكل البروتوكولي، ويرون فيه خطوة ذات خلفية سياسية في توقيت بالغ الحساسية نتيجة الظروف الراهنة في البلاد، وأيضاً لكون المرحلة الحالية تسبق بفترة قصيرة الانتخابات النيابية المقبلة.

المقارنة مع حضور حميّة

في سياق الحملة، أثارت مجموعة من المعلّقين تساؤلات حول مشاركة الوزير السابق علي حميّة، المحسوب على "حزب الله"، في مراسم الاستقبال، في مقابل غياب جعجع. وذهب البعض إلى القول أنّ الرئاسة وجّهت الدعوة لحميّة ولم توجهها لجعجع، ما يعكس – وفق هذه المقاربة – اصطفافاً سياسياً لصالح فريق دون آخر. لكنّ هذا الربط غير منطقي وغير دقيق، ذلك أنّ حضور حميّة طبيعي لكونه يشغل منصب مستشار في فريق رئيس الجمهورية، أي أنّه جزء من الطاقم الرسمي المرافق للرئيس في الاستقبالات والمناسبات البروتوكولية. وبالتالي، فإن مقارنته برؤساء الأحزاب لا تستقيم من حيث الموقع الرسمي ولا من حيث طبيعة المشاركة. ورغم اتساع السجال عبر وسائل التواصل، لم يصدر أي توضيح رسمي مفصّل حول آلية الدعوات وكيفية اختيار المدعوين، وهو ما أبقى المجال مفتوحاً أمام قراءات متعددة وتفسيرات مختلفة. وفي ظلّ الأجواء السياسية المشحونة في البلاد، يصبح أي تفصيل بروتوكولي قابلاً لتحويله إلى مادة نقاش حاد، خصوصاً في المساحات التي تتقاطع فيها الرمزية الدينية مع التنافس السياسي داخل البيئة المسيحية.

 

ملامح طرحٍ بريطاني لمأزق السلاح: تجربة إيرلندا تَصلح للبنان؟

منير الربيع/المدن/02 كانون الأول/2025

تستمر الهجمة الدولية في ازدحامها على الساحة اللبنانية. وفي الوقت الذي تتصدر فيه الولايات المتحدة الأميركية المشهد وتمتلك مفتاح الحرب أو الاستقرار، تسعى دول كثيرة إلى الدخول على خطّ منع التصعيد. فما بعد المحاولة المصرية للوصول إلى صيغة تمنع إسرائيل من شن عملية عسكرية، وفي ظل ما يعتبره البعض انكفاء فرنسياً بفعل التطويق الأميركي الإسرائيلي المشترك، يبرز دور بدأ يلوح في الكواليس لبريطانيا. التي تستعد للدخول على خط بيروت وتل أبيب في محاولة منها لرسم ملامح تصور لحلّ ما، وهذا الحلّ مستلهم من تجربة إيرلندا الشمالية، أي تجربة التخلي عن السلاح من قبل الجيش الجمهوري الإيرلندي.

تجربة الجيش الإيرلندي

وانطلق المسعى في إيرلندا من هدف توحيدها؛ إذ أعلن الجيش الإيرلندي استعداده لإنهاء عمله العسكري في العام 2005، ولكنه يومها رفض التخلص من أسلحته علناً، وهو ما ينطبق على حزب الله أيضاً، في حين وافق الجيش الإيرلندي على وجود مراقبين مستقلين قالوا بعد ثلاثة أشهر إنه أخرج أسلحته من الخدمة. وتناول اتفاق السلام في أيرلندا الشمالية كل شيء بدءاً من إصلاح الشرطة إلى الإفراج المبكر عن السجناء شبه العسكريين ونزع سلاح الجماعات و"تطبيع" الترتيبات الأمنية. وهناك محاولة لانتاج مثل هذه التجربة في لبنان.

تعقيدات التجربة في لبنان

ولكن لبنانياً هناك معارضة لدمج حزب الله في مؤسسات الدولة أو الجيش، نظراً للاختلال في حسابات التوازن الطائفي والمذهبي، في حين يطرح حزب الله فكرة الاستراتيجية الدفاعية، وأن يكون النقاش فيها على المستوى الداخلي ومن دون أي تدخل خارجي. ويشترط حزب الله مسألة انسحاب إسرائيل ووقف عملياتها العدائية ضد لبنان كي يبحث في ملف السلاح وكيفية دمجه أو استفادة الدولة اللبنانية منه. كل ذلك يأتي على وقع زيادة منسوب التهديدات الإسرائيلية، وسط التداول بمعلومات ديبلوماسية تشير إلى احتمال شن إسرائيل عملية عسكرية متزامنة ضد إيران وضد حزب الله. وهذا كان فحوى رسالة ثانية وجهها الموفد الأميركي توم باراك للعراق، إذ أنها الرسالة الثانية خلال شهر والتي يوجهها الأميركيون للعراقيين بوجوب عدم الانخراط بأي عملية عسكرية في حال قررت إسرائيل استهداف إيران أو حزب الله.

جشع إسرائيل: المزيد دائماً  

في الموازاة لا يزال لبنان يتلقى رسائل ديبلوماسية جديدة مفادها أن ما يتقدم به لا يبدو كافياً، وأن عليه تقديم المزيد كي تقتنع إسرائيل بالدخول في المفاوضات. وللمفارقة أنه مع كل خطوة تفاوضية قدمت طوال الحرب الإسرائيلية المستمرة على المنطقة، سواء في غزة، أو لبنان، كانت تل أبيب ترد بالتصعيد. منذ اغتيال اسماعيل هنية في طهران، إلى اغتيال السيد نصرلله، في ظل البحث عن هدنة لواحد وعشرين يوماً حينها، وبعدها استكمال كل مسار التصعيد للخروج من اتفاق وقف إطلاق النار، إلى جانب الخروج من كل ما أرساه القرار 1701 الذي لا يزال لبنان يطالب بتطبيقه، في حين تجاوزته إسرائيل على نحوٍ كامل، وتريد فرض قواعد جديدة. كذلك كانت محاولة نتنياهو اغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة حماس خليل الحية، وهو الذي كان يعقد اجتماعاً للبحث في مفاوضات وقف الحرب على غزة.

إنهاء السلاح أم إنهاء الحزب؟

في هذا السياق تبرز النقاشات حول تحول حزب الله إلى تنظيم سياسي، ولكن ما يغفل عنه كثيرون هو أن الحزب، كتنظيم، بُني على أساس العمل الأمني والعسكري. لذلك لن يكون من السهل التعاطي معه على أساس أنه سيكون منفتحاً على التحول إلى حزب سياسي. لا يمكن للحزب وفق عقيدته البنيوية أن يتحول إلى حزب سياسي ويحمل السلاح في لحظات معينة، بل هو حزب قائم على السلاح وغالباً ما تكون السياسة في خدمة السلاح وحمايته. يأتي ذلك في مواجهة ضغوط ونصائح دولية حول ضرورة تخلي حزب الله عن جسمه وعمله العسكري والتحول إلى حزب سياسي، في حين أنه في المقابل هناك اتجاهات دولية تبدو أكثر تشدداً وتطالب بإنهاء حزب الله كحالة بما يتضمنه من مؤسسات سياسية أو اجتماعية أو مالية إلى جانب تخليه عن السلاح.

اغتيال طباطبائي ضربة للاستراتيجية

أبو علي الطبطبائي هو جزء صلب من جسم الحزب الذي يعمل على تعزيز القدرات العسكرية وإعادة بناء التنظيم أمنياً وعسكرياً، وهو الذي جاء خليفة لفؤاد شكر، وأراد العمل على إعادة تشكيل قوة الردع ليس وفق القاعدة القديمة؛ بل وفق قاعدة جديدة وهي صمود الجسم العسكري للحزب والحفاظ عليه، والتحضير لأي التحام مباشر ضد القوات الإسرائيلية عندما تجري أي عملية توغل بري في لبنان، لتنفيذ عملية ضد القوة المتوغلة أو حتى تنفيذ عملية أسر لجندي إسرائيل. باغتيال الطبطبائي وجهت إسرائيل ضربة قوية لهذه الاستراتيجية التي كان يعمل حزب الله عليها، وهذا يشير إلى قدرة الإسرائيلية على قراءة استراتيجية الحزب واستشراف الآلية التي يعمل وفقها.

هل ينخرط الحزب؟

تزامن استهداف الطبطبائي مع تقاطع جرى التداول بها داخل إيران حول التخوف من لجوء إسرائيل إلى تنفيذ عمليات عسكرية موسعة ومتزامنة تستهدف طهران وبيروت. بعض المسؤولين اللبنانيين سمعوا من جهات ديبلوماسية أن احتمالات التصعيد الإيراني الإسرائيلي تتزايد، وأنه لا بد للبنان أن يسعى إلى تحييد نفسه عن هذه المواجهة. وهذا ما تضغط في اتجاهه واشنطن أيضاً من خلال مطالبتها بسحب سلاح حزب الله وتحييده عن أي معركة مقبلة. ووفق مصادر ديبلوماسية، هناك تقديرات بأن حزب الله سيكون منخرطاً في المواجهة إذا تعرضت إيران لضربة عسكرية.

 

عون وقد خاطب العالم عبر البابا: مستعدون للسلام

غادة حلاوي/المدن/02 كانون الأول/2025

استحوذت زيارة البابا ليون الرابع عشر للبنان على حيّز كبير من الاهتمام الداخلي والخارجي على حدّ سواء. زيارة دينية لا يمكن فصلها عن السياسة، بالنظر إلى موقع لبنان في المنطقة. وهو، كما قال رئيس الجمهورية جوزيف عون، ذلك الوطن الصغير بمساحته والكبير برسالته.

ليس تفصيلاً عابراً أن تكون الزيارة الأولى للبابا خارج الفاتيكان إلى لبنان في وقت يعاني فيه هذا البلد عزلة دولية مقصودة ومتعمّدة، وتترافق مع ضغوط هائلة من الخارج وعدوان إسرائيلي مستمر. وتمثّل الزيارة أبلغ رسالة على دور لبنان ومكانته، ليس فقط الدينية في ما يتعلّق برسالة العيش المشترك الإسلامي–المسيحي، وإنما أيضاً مكانته السياسية في الشرق الأوسط، بالنظر إلى نظامه الديمقراطي وحرية الرأي والمعتقد. هذا لبنان، لبناننا، الذي تحدث باسمه رئيس الجمهورية، فأجاد بما قاله، وعبّر في كلمة بُعدُها ديني ثم سياسي، وبينهما مناجاة واستنجاد بالكرسي الرسولي، لعلّه يصغي عبره ومن خلاله إلى ما يتعرّض له لبنان منذ سنوات من أزمات اقتصادية وسياسية آخذة في التمدّد، وحرب إسرائيلية لم تتوقف منذ عام، وإن اتخذت أشكالاً مختلفة. بلغة الكنيسة تحدث عون عن إيمان عظيم لشعب يرجو "شفاء النفوس والقلوب والعقول من الأحقاد والحروب والدمار"، غامزاً في العمق من قناة إسرائيل التي تمارس أحقادها وحروبها على العالم. ثم انتقل إلى الترحيب بالبابا في "الأرض المُسيَّجة بالعذراء، والمكرَّسة لاسمها، من أقصى الجنوب حتى أقصى الشمال". وفي الوسط "سيدة المنطرة" قرب صيدا، حيث انتظرت العذراء ابنها يسوع، "فجعلنا يوم بشارتها عيداً وطنياً لكل طوائف لبنان ولكل أدياننا الإبراهيمية، في ظاهرة لم يعرفها أي بلد آخر في العالم". وتابع: "أهلاً وسهلاً بكم، على الأرض التي من بعض مائها المتدفّق من حاصباني الجنوب، تعمّد يسوع في نهر الأردن"، توصيف جغرافي له بُعده الديني وقدسيته، يعيد التذكير بلبنان البعيد عن لغة الانقسام والحروب التي تُخاض ضده، ليقول للكرسي الرسولي إن هذا البلد هو مهد المسيح وسيد رسالته، وليطلب رعايته وحمايته.

رسالة تنبيه وتحذير

ويمضي من هنا للحديث عن نسيجه الاجتماعي: "وطن فريد في نظامه، حيث يعيش مسيحيون ومسلمون مختلفين لكن متساوين، في نظام دستوري قائم على التساوي بين المسيحيين والمسلمين، وبالانفتاح على كل إنسان وضمير حر. هذه فرادة لبنان في العالم كله. وهذه دعوته لكل الأرض". وفي طيات عبارات كهذه تحذير مبطّن من أهمية الحفاظ على النموذج اللبناني، في وقت يتعرّض فيه المسيحيون لمضايقات تدفعهم إلى الهجرة، في حين يبقى عيشهم المشترك مع المسلمين في لبنان رسالة حب وتعايش ينبغي الحفاظ عليها وحمايتها من قبل الكرسي الرسولي، الجهة الوحيدة التي تهتم بوجود عامل كهذا في زمن تسيطر عليه الحروب والانتهاكات الإسرائيلية بحماية وغضّ طرف دوليين. وفي البعد الجغرافي نبّه عون إلى أن تغيير طبيعة لبنان سيفرض بديلاً متطرفاً "وخطوط تماسٍ في منطقتنا والعالم، بين شتى أنواع التطرف والعنف الفكري والمادي وحتى الدموي. هذا ما أدركه الكرسي الرسولي دوماً". على أن الأساس في كلمة عون، وما أراد فعلاً تحميله إلى البابا، هو استعداد لبنان للذهاب بعيداً في موضوع التفاوض، ليتوجه إليه قائلاً: "أبلغوا العالم عنا، بأننا باقون مساحة اللقاء الوحيدة في كل منطقتنا، وأكاد أقول في العالم كله، حيث يمكن لهذا الجمع أن يلتقي حول خليفة بطرس، ممثّلين متفقين لكل أبناء إبراهيم، بكل معتقداتهم ومقدساتهم ومشتركاتهم… فما يجمعه لبنان لا يسعه أي مكان على الأرض، وما يوحده لبنان لا يفرقه أحد". معتبراً أن معادلة كهذه تؤمن للبنان العيش في سلام مع منطقته، وفي سلام منطقته مع العالم. دعوة جديدة وصريحة من رئيس الجمهورية تؤكد استعداد لبنان للتفاوض لوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، وتذهب أبعد، بالحديث عن التلاقي بين أبناء إبراهيم بكل معتقداتهم ومشتركاتهم. بهذا المعنى تدرّج عون في خطابه، من الترحيب بقداسة البابا في لبنان، تلك الأرض المشمولة بقداسة السيدة العذراء والسيد المسيح الذي يحمل في بعده رسالة العيش المشترك والتعايش الإسلامي–المسيحي الذي بات وجوده نادراً في منطقة الشرق الأوسط، ليدخل من هنا مستعرضاً جملة مخاوف لبنان ببعده الديني والاجتماعي والإنساني الفريد، ويحمل البابا رسالة مفادها استعداد لبنان للذهاب بعيداً في التفاوض في سبيل حماية لبنان من الحروب والأحقاد والدمار.

إحاطة سياسية لزيارة دينية البعد

وإن كان تجنّب ذكر الجنوب أو العدوان الإسرائيلي صراحة، فإن فحوى ما قاله عون والرسالة التي حملها إلى الكرسي الرسولي بخلفياتها وأبعادها تبقى واضحة، وإن اعتبر البعض أنّ المناسبة عالمية كان يمكن للبنان أن يستفيد منها لإيصال صوته إلى العالم والحديث صراحة عن إسرائيل وعدوانها. لكن يمكن تفهّم عبارات عون الذي قصد إبقاء الزيارة ضمن بعدها الديني مع إحاطة سياسية تؤكد للمرجعية الدينية الأعلى للكاثوليك في العالم أن استمرار وجودهم في هذا الشرق مهدَّد، وأن لبنان يشكّل ملاذهم الوحيد لنموذج العيش الإسلامي–المسيحي، وأن هذا النموذج مهدد ما لم تتوقف الحرب والدمار المستمرّان من إسرائيل، بالرغم من دعوات لبنان السابقة للتفاوض. في خطابه لم يُغفل عون الجنوب، وهو الأرض المسيَّجة بالعذراء، ومياه الحاصباني التي تعمّد بها السيد المسيح في نهر الأردن. باسم لبنان تحدث رئيس الجمهورية الماروني الوحيد في الشرق الأوسط، وقد تلاقى مسيحيوه ومسلموه على لقاء البابا في استقبال شعبي يليق بالزائر. بلغة دبلوماسية عمقها ديني وبعدها سياسي، شكا هموم بلده، وهو المطوَّق من الخارج ويعاني في الداخل من فئة أرادت التشويش على الزيارة بإثارة أمور لا تليق بالاحتفال ولا بالمحتفى به. الرئيس الماروني في مرمى سهام فريق مسيحي ماروني آخر، كلٌّ يريد رئيساً للجمهورية على مقاسه. اليوم تنتهي الزيارة الرسولية، ويعود الداخل إلى خلافاته، من دون أن يفوّت البعض الحديث عن البروتوكول في بلد لا يكاد يستطيع تمرير زيارة تاريخية لشخص بحجم وموقع بابا روما.

 

المواجهة تقترب بين عون ودعاة الدولة

أحمد الأيوبي/نداء الوطن/02 كانون الأول/2025

تزداد وتيرة ابتعاد الرئيس جوزاف عون عن الخطّ البياني لخطاب القسم بشكل يجعل كلّ القوى السيادية مضطرة لمراجعة حساباتها في التعامل مع العهد في ظلّ الإصرار المستحكم على إعطاء الأولوية المطلقة لاسترضاء "حزب الله" على حساب سائر اللبنانيين، بدءًا من معضلة السلاح غير الشرعي وليس انتهاءً بالإقصاء البروتوكولي لرئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع من لقاء البابا لاوون في القصر الجمهوري، مع ما يعنيه استبعاد رئيس أكثر الأحزاب المسيحية تمثيلًا عن لقاء المرجعية المسيحية الأولى في العالم. استفاد الرئيس عون من حالة الإجماع التي حظي بها لدى اللبنانيين، باستثناء "حزب الله" وكسب مساحة واسعة للعمل السياسي المريح وحصل على فترة سماح طويلة من مختلف القوى، وكان الاستهداف الأول له من قبل "الحزب" على شكل حملات قدح وذمّ شخصية وسياسية، ومع ذلك، حافظ على محاولته حلّ معضلة السلاح غير الشرعي بالحوار، وكانت هذه منهجية أفشلها "الحزبُ" علانية من خلال خطاب قياداته المعلن الرافض قطعيًا لأيّ شكلٍ من أشكال تسليم السلاح أو حصره بيد الدولة. وبدلًا من اتباع قواعد عمل الدولة تجاه ميليشيا متمرّدرة عليها، أسرف الرئيس عون في مراعاة "حزب الله" وعكس سياساته هذه على الجيش وقيادته، حتى أوصل الحال إلى قطيعة تاريخية مع الولايات المتحدة الأميركية، كان من تداعياتها إلغاء زيارة قائد الجيش العماد رودولف هيكل إلى واشنطن وما تلاها من تأثيرات سلبية لا يبدو أنها ستتوقف عند الوضع الراهن والأرجح أنه ستكون لها نتائج غير متوقعة. رفع الرئيس عون شعار ضرورة مراعاة مشاعر "حزب الله" وبيئته وعدم استفزازها في قضية السلاح، ورفض نشر تقارير مفصّلة عن إنجازات الجيش جنوب الليطاني أو نشر توثيق لتفكيك المواقع والأنفاق لإطلاع الرأي العام المحلي والعربي والدولي على جدية خطوات الدولة اللبنانية في هذا الاتجاه، بعكس ما نصح به الموفد الأميركي توم برّاك، لكن بعد الأزمة مع واشنطن، اضطرّ العماد هيكل لتنظيم جولة في الجنوب لتظهير بعض ما أنجزته المؤسسة العسكرية، وهي الجولة المتأخرة التي قد لا يكون لها تأثير أو مفعول في ردّ المخاطر عن لبنان الدولة والشعب على حدّ سواء. لماذا يصرّ الرئيس عون على إحراج حلفائه الذين التفوا حوله بعد خطاب القسم، ولماذا تستبعدهم دوائر القصر الجمهوري ولماذا أصبح "حزب الله" الحزب المدلّل عند فخامته؟

لقد سمحت شهور الحوار لـ "الحزب" باستعادة قواه للاستقواء على اللبنانيين، وليس على العدو الإسرائيلي، لا بل أطنب أمينه العام في إعطاء الأمان للمستوطنين، بينما ما زالت عقيرته تلعلع تهديدًا ووعديدًا تجاه الدولة وكل من يدعو لحصرية السلاح غير الشرعي. تموضع الرئيس عون في مساحة السماح السياسية التي تشكلت نتيجة القوى السيادية على العهد لعدم تضييع الفرصة على لبنان، لكن ما يجري يأخذ البلد إلى جرف الجحيم حرفيًا، فمراعاة الرئيس لـ "الحزب" لن تنتهي بأزمة مع واشنطن، بل ستتحوّل أزمةً وطنية داخلية، لأن رئاسة الجمهورية تتجه بشكل متسارع لتصبح في موقع الاصطفاف مع "حزب الله" على حساب بقية اللبنانيين.

فهل يريد الرئيس عون أن يكون فعلًا لحود الثاني أو عون الثاني؟

هل علينا أن نصدِّق ما قاله نائب "حزب الله" حسن فضل الله عن الاتفاق المكتوم مع قائد الجيش قبل أن يصير جوزاف عون رئيسًا للجمهورية، وهو الأمر الذي لم يصدر عن قصر بعبدا أيّ نفي له رغم خطورته وإحراجه؟ لقد احتفل الرئيس عون بزيارة البابا لكنه ربما غفل عن رسالته التي يمكن اختصارها بأن لبنان يريد السلام، فلا يمكن لبلدنا أن يحيا على منطق الحروب وبدون السلام لا عبور إلى الاستقرار، وبوجود السلاح غير الشرعي لا رجاء لنجاة لبنان من إعصارٍ إذا بدأ سيطيح أركان البلد، وربما نجد العالم يسلِّم لنتنياهو بالاستيلاء على الجنوب كما سلّمت الدول باستيلاء روسيا على مساحات هائلة من أوكرانيا مع فارق الظروف. أمام هذا الواقع، ومع إسقاط الرئاسة فرصة التجاوب مع مطلب اللبنانيين والعرب والمجتمع الدولي بضرورة استعادة الدولة دورها وإنهاء ظاهرة السلاح غير الشرعي، ستجد القوى السيادية نفسها مضطرة لخوص مواجهة سياسية للمرة الأولى مع العهد إذا لم يستدرك صاحبه هذا الانحراف الخطر عن خطاب القسم.

 

مصادر عين التينة

عماد موسى/نداء الوطن/02 كانون الأول/2025

في العادة، ينفي المكتب الإعلامي لـ "الإستيذ" أي خبر منقول عن مصادر عين التينة، إن كان لا يعكس حقيقة موقفه ويذهب المكتب إلى أبعد من ذلك بنفي وجود ما يُسمّى "مصادر نبيه بري" أو "مصادر بري" في الأساس، مع أن محطة الـ "أن بي أن" تستند دائمًا إلى مصادر عين التينة، وهل من شك أن كلمات "الأخ الأكبر" على مطالع أخبار تلفزيونه مُنزلة؟ وعن المصادر الموجودة وغير الموجودة، نقلت جريدة "الأنباء" الإلكترونية قبل أيام أن رئيس مجلس النواب نبيه برّي لم يسمع من أي موفد، وتحديدًا من وزير الخارجية المصرية بدر عبد العاطي، ما يفيد بأن إسرائيل وجّهت إنذارًا أخيرًا إلى لبنان أو أنها تستعدّ لحرب خلال أيام بسبب تلكّؤ الحكومة في ملف حصرية السلاح. كلام المصدر دقيق جدًا، فإنذارات إسرائيل شبه اليومية عبر "هيئة البث" أو من خلال "أفيخاي أدرعي" تندرج في هذه الفئات: "إنذارات عاجلة" و "إنذارات بالإخلاء"، و "إنذارات بتوسّّع رقعة الاستهدافات" وليس فيها "إنذار أخير" واحد. هذا لا يعني الركون إلى ما سمعه برّي من وزير خارجية مصر لأن بنيامين نتنياهو، بحسب ما يعرفه الرئيس برّي عنه، ما استأذن يومًا وزراء خارجية ورؤساء دول الجوار ولا الاتحاد الأوروبي ولا دول حلف شمال الأطلسي ولا حتى أميركا ولم يبلّغها عن نواياه الشريرة والخبيثة ولا عن خططه السرّية. ويمكن لأهلنا وإخوتنا في المناطق الواقعة تحت سلطة "الثنائي"، وخصوصًا في ضاحية السيد حسن، أن يطمئنوا إلى تأكيد المصادر المأذون لها "أن برّي يعتبر كلّ ما يُتداول عن حرب وشيكة على لبنان "زوبعة إعلامية" من صناعة إسرائيلية لا أكثر". مع طمأنة برّي وموجات  التفاؤل والثقة والدفء التي تبثها "المنار" في نفوس اللبنانيين الحائرة، لا داعي للقلق.

الحرب مستبعدة. الانتخابات على الأبواب، الترشيحات على قدم وساق. في هذا الإطار، تفيد بعض المصادر المطلعة على مصادر عين التينة أن اسم باسل، الابن الأصغر للرئيس برّي، يتردّد كمرشح محتمل لخلافة والده، وإن لم تؤل كرسي برّي إلى باسل فهي تليق بعبداللّه. وتؤكد  المصادر عينها أن وراثة أيّ من أبناء برّي مقعده تطمئن اللبنانيين إلى وجود شخصية معتدلة ومنفتحة في رئاسة البرلمان هذا من جهة، ومن جهة أخرى يبقى قصر عين التينة مسكنًا لآل برّي للعقود الثلاثة المقبلة. وترجّح مصادر "حركية" أن يلعب الولدان، إن عزفا عن الترشح، دورين أساسيين في اختيار المرشحين لدورة الـ 2026 النيابية كما في اختيار مرشحي دورة الألعاب الأولمبية الشتوية. على أمل أن يصدر المكتب الإعلامي للرئيس بري تأكيدات بهذا الشأن بقوة التأكيدات أن الحرب لن تقع.

 

"الجماعة الإسلامية" والمحنة الوجودية... الحلفاء والحاضنة انفضّوا من حولها

سامر زريق/نداء الوطن/02 كانون الأول/2025

يقول الله تعالى مخاطبًا النبي الأكرم في سورة آل عمران "ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضّوا من حولك".

منذ ركِبت "الجماعة الإسلامية" رأسها ومشت في طريق خطَّه "حزب اللّه" بالشراكة مع "حماس"، بعد انقلاب أبيض داخل أروقة قيادتها، وانغمست في "حرب الإسناد"، وهي تعاني من ارفضاض الحلفاء والأصدقاء، وتفكّك الحاضنة التي لطالما تحمّلت وزر خياراتها. لكن طبيعة النظرة الإسلامية، والعربية والمشرقية عمومًا، للصراع مع إسرائيل، والتي تمتزج فيها السياسة بالدين والعقيدة والعِرق، جعلت هذا الارفضاض يبدو ناعمًا، وأقرب إلى التوجّس من المآلات. زهوة تداول الاسم في وسائل الإعلام، ومطابخ السياسة ومنتدياتها، والتفاعل الشعبي التقليدي مع قيم الشهادة، أسكرا "الجماعة الإسلامية" لتمسي كمن "يسكر بزبيبة" وعود بتحالفات انتخابية "ربّيحة"، ومغانم سلطوية تعتبرها حقوقًا حُرمت منها. فطفِقَت تستعرض في شوارع الحواضن السنية ما لا قِبل لها على تحمّل نتائجه. ما كادت الحرب تنتهي لما انتهت إليه حتى راح الضغط يشتدّ، من داخل التنظيم وخارجه، والقوى الإقليمية الصديقة. دخلت في مفاوضات مع الدولة الساعية إلى استعادة حصرية السلاح والقرار، فسلّمت السلاح الثقيل بـ "صمت" إلى المؤسسات الشرعية، أو إلى المُستعار منه، أي "الحزب"، وأخرجت "قوات الفجر" إلى التقاعد لكنها ما زالت تقاوم كلّ "النصائح" لإصدار إعلان رسميّ بتفكيك الجناح العسكري.

في الانتخابات البلدية، تلمّست "الجماعة" النتائج السلبيّة لتورّطها، من ناحية النتائج، أو رفض التحالف معها من قبل تجمّعات ولِدَ بعضها من رحم خطابها. وفيما تحاول لملمة شعثها المبعثر على تخوم نزال نيابي قاسٍ، دخل على خطها "الحرس القديم" لإنقاذ ماء وجهها المُراق، فعاجلها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأمر تنفيذي صادم، وضع أفرع "الإخوان المسلمين" في مصر والأردن ولبنان على قوائم الإرهاب. هذا الأمر "الترامبي"، وإن يحتاج لإجراءات بيروقراطية ليصار إلى البدء بتنفيذه بشكل رسميّ، إلّا أنه سرعان ما راح يُرخي بثقله على "الجماعة الإسلامية" ليجعلها تكابد محنة وجودية، مع تراكم مؤشرات حول حركة انفضاض أكثر ثقلًا وتأثيرًا. ورغم ما تعرّض له "الإخوان المسلمون" طيلة تاريخهم، ولا سيّما إبّان حقبة عبد الناصر، إلّا أن المحنة الحالية تبدو الأصعب والأدق. فسلاح العقوبات ناعم إنما فتاك. إذ لا سجون ولا تنكيل، لا حظر ولا قرارات رسمية، ما خلا إقفال الحسابات البنكية في بلد اعتاد مثل هذه الإجراءات لساسة أكملوا مسارهم. غير أن التأثير بدأ يظهر في التحالفات السياسية والانتخابية. في بيروت، لم يكن النائب نبيل بدر يعبأ بالحظر السعودي لـ "الإخوان المسلمين"، لكونه يعتبر نفسه من حلفاء المملكة الثانويين ويفضل التشبيك مع قطر، فضلًا عن عدم تأثر مصالحه. لكن الحال تغيّر مع إمكانية اقتراب نصل العقوبات الأميركية من شبكة أعماله خارج لبنان، لذا يدرس جديًا فك تحالفه مع "الجماعة الإسلامية". في الشمال، كان ثمة تحالف يوشك على بلوغ لحظة الولادة، يجمع نائب طرابلس عبد الكريم كبارة بنائب الضنية جهاد الصمد مع "الجماعة الإسلامية"، وبرعاية وحياكة الرئيس نجيب ميقاتي، وسط احتمالية انضمام نائب المنية أحمد الخير. لكن ظهور سلاح العقوبات جعل رئيس الحكومة الأسبق يحجم تلقائيًا عن تعريض أعماله ومسيرته السياسية لأي خطر محتمل، وهو المشهور بـ "زئبقيته"، ولديه شراكات هائلة خارج لبنان، ويعمل مع إحدى جبهات الضغط الأميركي الفاعلة لترتيب العودة إلى السراي. وفيما يصعب على كبارة الذي حصل على مقعده بشق الأنفس خوض الانتخابات بحليف محدود الفعالية وشبه محظور خارجيًا، فإن الخير لن يخاطر برصيد من العلاقات الوثيقة التي بناها مع الجانب السعودي، وكذلك الأميركي والفرنسي.

يضاف إلى ذلك إفلاس خطاب "الجماعة" وعجزه عن الاستقطاب، خصوصًا في ظلّ نجومية الرئيس أحمد الشرع الصاعدة بقوّة، والذي يسحب بشكل تلقائيّ من رصيدها، بل ومن الرصيد الإخواني في سوريا والمنطقة، ويستقطب رموزها فُرادى إلى جانبه. وهنا، لا بدّ من التذكير بالمقال الشهير لمستشاره الإعلاميّ، أحمد زيدان، الذي دعا فيه تنظيم "إخوان" سوريا إلى حلّ نفسه في إشارة مبكرة إلى ما يحضر في الكواليس السياسية. ناهيكم بتردّي العلاقات مع الصديقين قطر وتركيا، اللذين لطالما حكمت سياستهما الخارجية احتضان "الإخوان" في المدلهمّات غير مرة، لكنهما لن يعرّضا مصالحهما الجيوسياسية الواسعة مع أميركا للخطر لإنقاذ أفرع إخوانية، وخصوصًا أنقرة بما لديها من دوائر مشتركة مع واشنطن، تبدأ في دمشق ولا تنتهي في باكو وآسيا الوسطى، وتحظى بدعم ترامب الشخصي لتكون واحدًا من كبار اللاعبين في المنطقة.

زد عليها أن تركيا وقطر لديهما تحفظات واسعة على نهج "حماس" وأخواتها، تُرجم في تعاملهما خلال الأشهر الماضية، وممارستهما ضغوطًا شديدة عليها للقبول بمقترحات ترامب، بلغت حدّ أن تكونا ضامنتين لسلوك "حماس" خلال "قمة شرم الشيخ للسلام"، إلى جانب مصر، بما يعني أن أي خرق أو تحايل من "الحركة" يجعلهما في مواجهتها قبل أميركا وإسرائيل. وهذا ليس تفصيلًا بسيطًا. ما سبق لا يعدو سوى نصف المحنة، أما نصفها الآخر فيكمن في رأسمالها السياسي، من مؤسساتها وحاضنتها إلى مواقف التيارات والجمعيات الشقيقة منها. وهو ما سنعرضه لاحقًا.

 

أميركا و«الإخوان»... ماذا عن أوروبا؟!

فهد سليمان الشقيران/الشرق الأوسط/01 كانون الأول/2025

تطرّقتُ في المقالة الماضية إلى الحيويّة القانونيّة التي أحدثها قرار ترمب بدرس تصنيف فروع لجماعة «الإخوان» بالإرهاب، ووضع كل شبكاتها تحت الرقابة، ولكنني تمنيتُ أن يكون التصنيف لأصل الجماعة لا الاقتصار على الفروع، وأن تستخدم مفهوم «الملاحقة»؛ فهو أهم من «المراقبة»، وأكثر دقةً وحسماً.

تسبيبي وتعليلي لذلك أن كل الجماعات الإرهابية التي تحدّت أميركا وضربتها تغذّت على المفاهيم الإخوانية، سواء في هجوم «حزب الله» واستهدافه للسفارة الأميركية في بيروت في 1983، أو تنظيم «القاعدة» الذي يقول زعيمه أسامة بن لادن إنه تربّى وتعلّم واستفاد من آيديولوجية جماعة «الإخوان»، وبالتالي فإن التصنيف ليس اعتباطياً وإنما ضرورة قصوى لكل أمنٍ قومي لأيّ دولة بالعالم. ومصيبة التنظيم أنه غذّى التنظيمات السنية والشيعية معاً، ومعروفٌ أن المرشد علي خامنئي هو مترجم كتب سيد قطب للفارسية. إن هذا التصنيف الأميركي المحتمل لـ«الإخوان» بالإرهاب يجب أن ينسحب على دول أوروبا التي تزاحم فيها «الإخوان»، وعاثوا فيها فساداً وإرهاباً عبر تنظيماتهم وتكتلاتهم الحركية منذ أكثر من ثمانين عاماً. لقد وعت الدول التنموية الصاعدة هذا الخطر في وقتٍ مبكّر. في 22 مايو (أيار) 2017 حذر الشيخ عبد الله بن زايد من التطرف والإرهاب في الغرب، قائلاً: «ربما يخرج من المتطرفين والإرهابيين في أوروبا أكثر مما يحدث في العالم العربي. دول أوروبية حاضنة للإرهابيين، وحاضنة للتطرف، وعليها إما أن تكشف عن هذا الزيف، أو تتحمل مسؤوليتها». هكذا قالها الشيخ عبد الله ناصحاً لهم.

لقد جرّمت السعودية جماعة «الإخوان» بقانونٍ صارم. وحذّر الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز من تمددهم بالغرب. ولطالما حذّر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من هذه الأصوليات وخطورتها على الإقليم والعالم. إن تصنيف هذه الجماعة «إرهابية» إقليمياً ودولياً واجب أخلاقي وديني وأمني. والعجيب أن جماعة «الإخوان» أصدروا بياناً يهدد الولايات المتحدة، ومن مضامينه: «إن قراركم يهدد الأمن القومي الأميركي»، بل ذهبوا أبعد من ذلك حين قالوا في نصّ البيان: «إن هذه الأجندات الخارجية تتناقض بشكل مباشر مع مبدأ (أميركا أولاً) الذي تبناه الرئيس ترمب واستشهد به مراراً، كما تعكس التأثير المقلق لشبكات الضغط الأجنبية التي تسعى إلى تصدير معاركها السياسية المحلية إلى قرارات ذات صلة بالأمن القومي الأميركي». ويضيفون أن «هذا الأمر التنفيذي ينطوي على دوافع سياسية، ويفتقر إلى أي أساس قانوني أو أمني موثوق. فجماعة الإخوان لا تعمل من خلال (فروع)، حيث تشترك التنظيمات الإخوانية المستقلة في بعض الدول الإسلامية في عناصر آيديولوجية إسلامية مشتركة، ولكنها بالأساس كيانات منفصلة تتخذ قراراتها الخاصة وتتصرف وفقاً للقانون في البلدان التي توجد فيها. وبالنسبة للحركات المشار إليها في التوجيه الرئاسي، فلها تاريخ طويل من المشاركة السلمية الاجتماعية والدينية والمدنية والسياسية، والتزمت بشكل صريح بالأنظمة الديمقراطية السلمية، وباحترام العمليات الدستورية، والمشاركة المدنية السلمية». الكارثة أنهم في بيانهم يزعمون أن حالة وجودهم في الدول قانونية، وهذا يمثّل تحدياً كبيراً على مفهوم المؤسسات والدول التي يوجدون فيها، بمعنًى آخر أنهم استطاعوا التحايل على النّظُم القانونية الغربية.

لم يكن هدف «الإخوان» في هجرتهم إلى الغرب، وبخاصةٍ أوروبا التي يجب أن تتبع محتوى التصنيف الأميركي، لا الاندماج ولا التأقلم، بل الهدف الحقيقي الذي رسمت على أساسه الخطط يتمحور في خلق ما يشبه الدولة الإسلامية في قلب أوروبا. لقد بدأ التغلغل مبكراً؛ مثلاً: سعيد رمضان السكرتير الخاص لحسن البنا أسّس جمعية إسلامية بجنيف في أواخر الخمسينات.

وأزيد على ذلك بمثال «اتحاد المنظمات الإسلامية» الذي عدّل أصحابه اسمه في 2017 إلى «اتحاد مسلمي فرنسا»، وتأسس في 1983. حين تقرأ الأهداف التي كتبوها لاتحادهم تظنّ أنك أمام أعظم صرح تربوي عالمي؛ من الأهداف: «قراءة للإسلام الذي يركز على أغراض المبادئ الدينية، وهي البحث عن الانسجام والاستخدام المنتظم للنقائص، وقبول الاختلاف، والتسامح، والاعتراف بالآخر، بغض النظر عن المعتقدات. تعزيز الحوار مع مختلف الأسر الدينية في فرنسا، ومؤسسات المجتمع المدني، لتعزيز التماسك الاجتماعي. تقديم ونشر الإسلام وقيمه من الانفتاح والتسامح والأخلاق والآداب بالتساوي بين فهم متوازن وممارسة أصيلة ووسطية». وهذا جزء من مكرهم.هذا هو الغطاء المعتمد من «الإخوان» لجميع مشاريعهم السياسية ولكل استراتيجياتهم التوسعية، إنهم يريدون تنفيذ مشاريعهم الجهنمية والكارثية التي شهد العالم أثرها التدميري. الخلاصة أن بيان «الإخوان» يحتّم على أوروبا الالتحاق بالقرار الأميركي؛ فالخطر الذي أدركته دول الإقليم المعتدلة التنموية الصاعدة، ومن ثمّ بوّبه ترمب بشكلٍ قانوني أخيراً، من المهم أن تنتبه إليه الدول الأوروبية؛ فاستعمال الغرب لـ«الإخوان» على الطريقة الغربية ارتدّ على مجتمعاتهم بعملياتٍ إرهابية فظيعة، وبتأسيس أنماطٍ من مجاميع الكراهية والتمرد والعنف.

 

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

سام منسى/الشرق الأوسط/01 كانون الأول/2025

تُظهر مواقف بنيامين نتنياهو وممارسات حكومته في غزة ولبنان وسوريا والضفة الغربية، ولا سيما بعد مؤتمري نيويورك وشرم الشيخ وموافقة مجلس الأمن على خطة الرئيس دونالد ترمب للسلام وزيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن، أن إسرائيل لا تتصرف بوصفها طرفاً منخرطاً في العملية السياسية غير المسبوقة التي تُحاول واشنطن رسمها للمنطقة. فبينما تندفع الإدارة الأميركية نحو هندسة مسار تفاوضي جديد، تتحرك تل أبيب خارجه، وتتعامل مع الخطة بوصفها إطاراً لإدارة الأمن، لا مدخلاً لتسوية سياسية شاملة. في غزة، دعم نتنياهو للخطة الأميركية ليس بمستوى الالتزام بتسوية بعيدة المدى بقدر ما شكّل قبولاً بترتيبات انتقالية تخدم الأولويات الإسرائيلية. فنتنياهو يتمسك بثوابته: لا دولة فلسطينية، لا سيادة مستقلة، لا دور للسلطة الفلسطينية، مع احتفاظ إسرائيل بحق شن عمليات عسكرية كلما رأت أن أمنها مهدد. ورغم الهدنة المعلنة، واصلت إسرائيل تنفيذ ضربات داخل القطاع لمنع إعادة بناء القدرات، ما جعل الخطة أقرب إلى إدارة هدنة هشّة منها إلى مسار انتقال سياسي منظم. وهذا يشي بأن نتنياهو لا يدفع فعلياً نحو مرحلتها الثانية، أي تفكيك «حماس» بالكامل، بل نحو إنهاك الحركة إلى مستوى يمنعها من تهديد الأمن الإسرائيلي من دون أن تختفي كلياً، بما يمنحه الذريعة لمعاودة سياساته كما قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وإبقاء الوضع في دائرة السيطرة.

في لبنان، يبرز الكثير من نقاط التشابه مع غزة، إذ يعتمد كل من «حماس» و«حزب الله» النهج نفسه: الاحتفاظ بالسلاح والتمكين للاحتفاظ بالدور السياسي. غير أن المشهد اللبناني يتمايز بتردد الدولة بشأن مستقبل السلاح وحجمه في القرار الوطني. هذا التردد انعكس تشدداً إسرائيلياً متزايداً، تُرجم بضربات في الجنوب والبقاع والضاحية، مع تأكيد تل أبيب أن أي خرق للتهدئة سيواجه بالقوة. وبينما تعمل واشنطن على ترسيم حدود آمنة، وفتح مسار سياسي داخلي، تتعامل إسرائيل مع الساحة اللبنانية بوصفها جبهة منفصلة عن الجهد الأميركي، تُدار بالنار لا بالتفاهمات. ورغم إعلان إسرائيل عزمها تقويض «حزب الله» تماماً، تبقى أكثر تشدداً فقط بشأن خلو الجنوب من وجوده، وأكثر غموضاً تجاه دوره خارجه، في تعارض واضح مع الموقف الأميركي الداعي لمعالجة سلاحه على مستوى البلاد. أما في سوريا، فيبدو التباين أوضح في ظل الموقف غير المفهوم من الحكم الجديد. فبينما تُحاول واشنطن تثبيت المرحلة الانتقالية بعد سقوط نظام الأسد وربط دمشق الجديدة بترتيبات إقليمية مستقرة، تواصل إسرائيل مقاربة «الأمن أولاً» عبر التوغل البري، وتكثيف الضربات في الجنوب السوري والجولان وضواحي دمشق وتسعير الفتن، من دون استعداد لربط أمنها بمسار سياسي. وقد رسخت واقعاً يقوم على الحدود الأمنية بدل الحدود السياسية، والسيطرة بالنار بدل التفاهمات، واستباق أي ترتيبات أميركية قد تفرض قيوداً عليها أو تُعيد رسم قواعد الاشتباك. هذه السلوكيات في الساحات الثلاث تُنتج انطباعاً واضحاً: إسرائيل تتعامل مع مشروع ترمب ليس بوصفه عملية سلام، بل فرصة لإعادة صياغة البيئة الأمنية المحيطة بها، فهي تريد سلاماً بصفر تكلفة، يُنهي قتالاً هنا وهناك لكنه لا يرسم أفقاً سياسياً للفلسطينيين، ولا يعالج مسائل السيادة في لبنان وسوريا، ولا يؤسس لمستقبل انخراطها في المنطقة سياسياً واقتصادياً. وبذلك تتحول من شريك ضمن هندسة السلام إلى «مستفيد مشروط»، أو حتى «طرف معطل محتمل» كلما اتضح لها أن واشنطن تسعى إلى تسوية أوسع من حدود مصالحها الأمنية.

يواجه مشروع ترمب معضلة جوهرية: فنجاح الخطة الأممية في غزة لا يقتصر على نزع سلاح «حماس» وإدارة المرحلة الانتقالية، بل أيضاً ضبط السلوك الإسرائيلي الذي قد يُعيد خلط الأوراق. فمرحلة ما بعد الحرب تبدو أقرب إلى نموذج «لا حرب ولا سلام»: وقف هش لإطلاق النار تقابله ضربات محدودة وقوة دولية منشغلة بإطفاء الحرائق بدل إدارة انتقال سياسي فعلي. وفي لبنان، يستحيل أي اتفاق طويل الأمد على الحدود من دون تحديد الدور الإسرائيلي ضمن المعادلة الإقليمية. أما في سوريا، فسيظل أي جهد أميركي لإعادة البناء هشّاً ما دام ما تريده إسرائيل من سوريا محصوراً بمقاربة «الأمن بالضربة الاستباقية».

المرجح أن يستمر نتنياهو في اللعب على خطّين: ترك واشنطن تُدير المسار الدبلوماسي بما يخدم مصالحها، والإبقاء على سياسة القوة لضبط بيئة إسرائيل الحدودية، الأمر المعطل للمسار الأول. وعلى المدى المتوسط، ستضطر إدارة ترمب إلى الاختيار بين الضغط الفعلي على إسرائيل لربط الأمن بمسار سياسي فلسطيني-إقليمي واضح، أو القبول بتفسير نتنياهو للسلام باعتباره «ترتيباً أمنيّاً طويل الأمد بلا أفق سياسي». الأول يُعيد تعريف الدور الأميركي في المنطقة، والثاني يبقيه في إدارة أزمة دائمة، لا في صناعة سلام دائم. السؤال لم يعد: هل تُطبق خطة ترمب؟ بل: هل تريد إسرائيل أصلاً أن تكون جزءاً من سلام تتغير فيه قواعد اللعبة، أم أنها تُفضل البقاء فوق العملية لا داخلها؟ الإجابة وحدها تحسم مستقبل المنطقة.

 

مرشحو الرحيل

سمير عطا الله/الشرق الأوسط/01 كانون الأول/2025

يخيل للمرء أنه فيما يبحث العالم عن معالم الشرق الأوسط الجديد، سوف تكون أوروبا جديدة قد بدأت في الارتسام. ومن خلالها نظام عالمي جديد. ونحن لا نتابع أخبار أوكرانيا بما يكفي، لأننا غرقى قضايانا وحروبنا وزلازلنا، لكنها دخلت على ما يبدو مراحلها الأخيرة. وقد يكون الانتصار لفلاديمير بوتين بعد كل ذلك الإذلال الطويل أمام الأوكران، ومن خلفهم الأوروبيون، وأميركا جو بايدن. تغيرت أشياء كثيرة مع دونالد ترمب ولا تزال، عرض خطة سلام ترضي صديقه الروسي وترعب غريمه فولوديمير زيلينسكي. وقد نرى الكوميدي السابق في دوره الأخير. سوف يقول له ترمب بكل بساطة: من أجل أوكرانيا وهذا العالم، ارحل. سوف تعطيك واشنطن الإقامة الدائمة. وجوه كثيرة سوف تخرج عن المسرح في العالم الجديد. السينيور مادورو في فنزويلا لن يطيل البقاء. واشنطن عائدة لاستعادة حديقتها الخلفية في أميركا الجنوبية. والوقت يداهم الجميع. مضى زمن الخطب الطويلة وفيدل كاسترو يتحدث أربع ساعات. اليوم تصريحات مقتضبة من بضعة سطور يليها بيان من ترمب بأن أجواء فنزويلا مغلقة برمتها. وفي إمكان الديمقراطية والمواثيق الانتظار. الكلام سهل طبعاً. لكن سلام أوكرانيا سوف يترك المزيد من الكوارث والموت والتشرد والدمار في أوروبا، وسوف تتغير خريطتها ويطلب منها أن تنسى الكثير من جذورها. صحيح أن المعركة طالت كثيراً. صحيح أن روسيا المجيدة أرغمت على الاستنجاد بكوريا الشمالية أمام الربح الأوكراني، بعد أن كانت تخيف أميركا. ولكن يضحك طويلاً من يضحك أخيراً، كما يقول المثل الفرنسي. تتقدم القوات الروسية في أوكرانيا ترافقها أو تسبقها «براغماتية» ترمب السياسية، وترتعد أوروبا في خوفها: كيف سينتقم أسد الكرملين ممن ألحق به هزائم. في غضون ذلك تشتد الحملة لتحطيم صورة زيلينسكي وتتكاثر من حوله كشوفات الفساد واستغلال رجاله للشعب المحارب. وعلى الجميع تعلم الدرس: ترمب رابح في كل الحالات. يخسر أمام زهران ممداني، وفي اليوم التالي يحتفي به في البيت الأبيض. يتصل شخصياً برئيس فنزويلا لكن من أجل أن يبلغه الإنذار الأخير: وإلا...! أما نحن، أهل هذه المسكونة، فإن علينا ما نتعلمه أيضاً: دع العاصفة تمر. دعها تبتعد. الحكمة ليست عاراً ولا جبناً، خصوصاً في ساعات الفوضى وعسر المخاض. ولنراقب معاً الوجوه المرشحة للتغيير. وبمن سيتصل ترمب ليقترح عليه أبواب الخروج.

 

مادورو على توقيت ترمب

غسان شربل/الشرق الأوسط/01 كانون الأول/2025

كان ذلك في عام 2000. قاد صدام حسين السيارة بنفسه وجلس ضيفه هوغو شافيز إلى جانبه. أخذ الرئيس العراقي نظيره الفنزويلي في جولة ببغداد شملت ضفاف دجلة. ناقش الرجلان حلم «عالم متعدد الأقطاب»، ونددا بالهيمنة الأميركية، واتفقا على التنسيق فيما يتعلق بأسعار النفط.

في تلك الأيام، كان لمن يرفع قبضته في وجه أميركا أصدقاء في العالم. ربطت شافيز «صداقة حميمة» بمعمر القذافي الذي كان يقلد فيديل كاسترو في محاولته إضرام النار في الرداء الأميركي المنتشر على مدى القارات. ويتذكر نوري المسماري أمين المراسم الليبي و«ظل العقيد»، زيارة قام بها كاسترو إلى ليبيا. يقول: «كان القذافي معجباً بكاسترو وقد ساعده كثيراً. في اليوم الأخير من زيارة له إلى ليبيا توفيت عائشة والدة العقيد. سألت الزعيم الكوبي إن كان يريد أن يعزيه فحضر إلى مكتبه. قال له: أنا مستغرب، والدتك توفيت وتتعامل مع الأمر بشكل عادي؟ فرد معمر: هذا قدر وساعتها حانت». كان يجمع الرجلين خيط متين هو العداء لأميركا. يتمتم نيكولاس مادورو كي لا يسمع الحراس. كاسترو محظوظ لأنه لم يسقط في أيديهم. وشافيز محظوظ لأنه قتل على يد السرطان لا على يد «المارينز». كانت لكاسترو حصانة سوفياتية، وظلت صالحة حتى بعد الانهيار الكبير. اليوم الاتحاد السوفياتي يتثاءب في المتاحف. وفلاديمير بوتين يجلس على عرش كاترين الثانية وبطرس الأكبر، لا على عرش لينين وستالين. غزو أوكرانيا طعنة محدودة في جسد الغرب على رغم معانيها. يستحق قتيل بحجم الإمبراطورية السوفياتية ثأراً أكبر وأشمل، لكن هذه الأيام لا تشبه تلك الأيام.

بعد إعلان دونالد ترمب إغلاق الأجواء الفنزويلية تحلق أركان الأمن حول مادورو. أعربوا عن تصميمهم وثقتهم. لكنه شم رائحة قلق. ماذا يريد ترمب؟ لا أحد يعرف بدقة ماذا يريد. هل يريد صفقة؟ وما الثمن؟ هل يريد توجيه ضربة؟ وما القدرة على الرد؟

أقلقه تصوير النظام كمصنع هائل للمخدرات. تذكر أنه قبل عام واحد كان اسم الرئيس السوري بشار الأسد. وكان بين التهم الموجهة إلى نظامه أنه مصنع هائل للكبتاغون. يعرف أن بعض أنصاره يقولون «مادورو إلى الأبد» و«مادورو أو نحرق البلد»، لكن هذه العبارات لا تكفي حين تكون المواجهة مع أميركا سيدة الأساطيل وصاحبة الاقتصاد الأول في العالم. تزيد من ضراوة المعركة صعوبة التكهن باتجاهات الرياح التي يطلقها الرجل الجالس في المكتب البيضاوي مع ربطة عنق حمراء وقدرة على إطلاق تغريدات أشد إيذاء من الصواريخ. ما أصعب أن تكون عدواً لأميركا، خصوصاً إذا كنت تقيم على مقربة منها. وربما تضاعف ثروتك رغبة الشرطي الأميركي في معاقبتك على سياساتك وقاموس العداء للقوة العظمى الوحيدة.

ما أصعب أن تكون عدواً لأميركا. ذاكرتها إلكترونية ولا ينتابها النسيان. قتلت الاتحاد السوفياتي بالنموذج والنوافذ المفتوحة والإعلام. لم تطلق رصاصة ولم ترق قطرة دم. ثم أين صدام حسين؟ وأين معمر القذافي؟ وأين قاسم سليماني؟ وأين أسامة بن لادن؟ وأين «أبو بكر البغدادي»؟

الاتهامات كثيرة. يتهمونه برعاية ورشة المخدرات لتسميم ملايين الأميركيين، وبتزوير الانتخابات واعتماد شعار القصر أو القبر، وبنسج الخيوط مع موسكو وبكين وطهران وكل أعداء أميركا ونموذجها ودورها وهيمنتها. يتهمونه أيضاً بالمسؤولية عن بقاء بحر من الفقراء في بلاد تنام فوق بحر النفط، وبالتسبب في هجرة ملايين الفنزويليين احتجاجاً على اللعبة السوداء التي تكرر نفسها. ليس بسيطاً أن يصبح من يعتبر نفسه وريثاً لأحلام سيمون بوليفار ومسيرة كاسترو وشافيز، متهماً بتصنيع المخدرات وتصديرها. تدهور العملة، وتدهور الهالة، واقتراب الرصيد من النفاد. يزوره الغضب. أنا لست مانويل نورييغا الذي اجتاحت أميركا بلاده بنما ونقلته وحاكمته وسجنته. لا فنزويلا بنما، ولا أنا نورييغا. في مسدسي طلقات وأحتفظ بالأخيرة لصدغي. لن أسمح لوسائل الإعلام بالتلذذ برؤيتي جالساً في قفص الاتهام، ولن أسمح لهذه المعارضة التي يرعاها الخارج أن تحتل الشوارع وتقتلع النظام الممانع. أنا جئت من صفوف الشعب. كنت سائق باص وخبرت أحياء كاراكاس ومعاناة أهلها. سلكت طريق النقابات العمالية واعتنقت الحلم البوليفاري. أدرك شافيز حين عاوده السرطان أنني الرجل الذي يمكن أن يؤتمن على القلعة وحمايتها من الرياح التي تهب من واشنطن. التفويض الحقيقي لا يأتي من صناديق الاقتراع. يأتي من روح الأمة. ترمب صاحب مزاج وأسلوب. اعتبر تصدير المخدرات نوعاً من تصدير الإرهاب. اتهمت إدارة ترمب مادورو شخصياً بإدارة «كارتيل الشمس»، واعتبرته منظمة إرهابية أجنبية. ألمح الرئيس الأميركي إلى «عمل بري وشيك» بعدما قلب قوارب المهربين وطفت دماؤهم فوق مياه الكاريبي. تجمعت نذر العاصفة. الرجل الذي أرسل القاذفات لتدك المنشآت النووية الإيرانية قد لا يتردد في استخدامها في قصف مصانع المخدرات. ظهور النظام عاجزاً قد يغري المعارضة بشل البلاد للتخلص من وريث شافيز. هل يستطيع مادورو العثور على صفقة مع سيد البيت الأبيض؟ أم يفضل إرضاء بوليفار وشافيز ويتمسك بخيار القصر أو القبر؟ يعيش مادورو على توقيت ترمب، وساعة الرئيس الأميركي ولادة للمفاجآت.

 

"نقسم بالله العظيم" .. أننا مستباحون !!

 نبيل بو منصف/النهار/01 كانون الأول/2025

حين تجمع خيمة "اللقاء المسكوني" بعد ظهر اليوم الثاني من زيارة البابا لاوون الرابع عشر للبنان ، الحبر الأعظم مع ممثلي 18 طائفة هي مكونات لبنان الدينية ، ترانا مشدودين إلى مفارقة مفعمة بدلالات لعلها قدرية ، ولو بفعل المصادفة الصرفة ، وهي أن رمزية اللقاء الديني الحضاري الشاهد على لبنان الرسالة هذا ، هي إياها التي ستشهد بعد 12 يوما بالتمام والكمال ذكرى من أطلق قسم الوحدة بين المسيحيين والمسلمين . هنا في هذه النقطة المحورية التاريخية ، بملاصقة تمثال الشهداء وفي ساحة الشهداء التي عرفت ما لم تعرفه حتى ساحات باريس التاريخ ، من واقعات تاريخيّة ، سيتسم لقاء البابا الذي وطأت قدماه البارحة ارض الوطن الرسالة كما أطلق عليه التسمية الخالدة البابا الآسر التاريخيّ يوحنا بولس الثاني ، بمشاعر وانفعالات لبنانية قد يعجز كثيرون عن نقلها إلى الضيف الأكثر استقطابا لوحدة كنا نتمناها لأكثر من ثلاثة أيام ! نعم . قبل عشرين عاما ووسط موج مليوني غير مسبوق ، لا سابقا ولا لاحقا ، فاضت به ساحات لبنان وبيروت ، كان جبران تويني يقف امام تمثال الشهداء ويطلق قسم "ان نبقى موحدين إلى ابد الابدين" ، ولكن الوحدة المعمدة بدماء وشلالات دماء لا زالت تستسقي الدماء لان الاستباحة اقوى من الوحدة حين حين تكون الوحدة فعلا راسخا فكيف حين تنتفي وتندثر وتهوي مع الانهيارات والانقسامات والاستباحات .  يحل البابا لاوون ، رسولا رابعا من رسل خلفاء القديس بطرس على رأس الكنيسة إلى لبنان منذ ستينيات القرن الماضي ، والخط البياني التاريخيّ إياه ، هو هو عبر المقارعة التاريخية للبنان مع الاستباحة . كان عهد شارل حلو في مطالعه يوم حط البابا بولس السادس في مطار بيروت في محطة سريعة لمباركة بلد التعددية الدينية الحضارية الوحيد في الشرق الأوسط الذي يتناوب في نظامه رؤساء موارنة مسيحيون على رأس السلطة وفق نظام توزيع طائفي فريد في العالم . ولكن الاستباحة سرعان ما اطلت برأسها في العهد نفسه مع اتفاق القاهرة والتهيئة لتفجير الحرب بعد سنوات . مع رحلتي يوحنا بولس الثاني في أيار 1997 وبينديكتوس السادس عشر في أيلول 2012 كانت الاستباحة في ذروة تفجرها ما بين شراكة النظامين الاسدي والإيراني بتآمر او بتجاهل دولي سافر ترك لبنان عرضة لشراكة الاستباحة الثلاثية بين سوريا وايران وإسرائيل .  ان يبدأ لاوون الرابع عشر زيارته للبنان وسط فائض الرعب من حرب تدأب إسرائيل على اطلاق الإنذارات المخيفة حتى عشية وصول البابا ، وعلى نحو متعمد مكشوف ، وان تمعن ايران في فحيح تدخلها السام ويم

 

تفاصيل المؤتمرات والندوات والبيانات والمقابلات والمناسبات الخاصة والردود

تقارير وقائع المحطات الأربعة التي شملتها زيارة قداسة البابا لاوون الثاني للبنان في يومها الثاني/زيارة دير مار شربل، زيارة مزار سيدة حريصاً/لقاء في ساحة الشهداء مع رؤساء المذاهب اللبنانية ولقاء الشبيبة في بكركي

البابا لاوون الرابع عشر في عنايا وزيارة روحية حاشدة إلى ضريح القديس شربل : لنطلب السلام ونُوكل إلى شفاعة القديس كل ما تحتاج إليه الكنيسة ولبنان والعالم

وطنية - جبيل/01 كانون الأول/2025

توافد آلاف المواطنين والمؤمنين من مختلف الاعمار منذ ساعات الصباح الاولىً الى دير مار مارون عنايا لاستقبال راس الكنيسة الكاثوليكية قداسة البابا لارون الرابع عشر في زيارته لضريح القديس شربل ، متمسكين بايمانهم غير آبهين برداءة الطقس وتساقط المطر.

واحتشد الوافدون من بينهم زوار من بلدان عربية واجنبية نالوا نعمة الشفاء من امراضهم بشفاعة القديس شربل وسط تدابير امنية مشددة نفذها الجيش اللبناني . كما تجمع المئات من المواطنين عند مدخل اوتوستراد جبيل عنايا  قبالة كنيسة مار جرجس لاستقبال قداسته حاملين الاعلام اللبنانية والفاتيكانية .

وقد اقفل اوتوستراد عنايا – جبيل عند الخامسة صباحا امام السيارات افساحا في المجال امام السيارات الآتية من جبيل الى عنايا  فيما اقفل اتوستراد جبيل – عنايا  عند التاسعة صباحا . اول الواصلين الى دير مار مارون عنايا كان رئيس الجمهورية  العماد جوزف عون وعقيلته حيث استقبلا بالتصفيق الحار والزغاريد من قبل المواطنين الذين كانوا في باحة الدير وعلى المنصة التي خصصت لهم وعند مدخل الدير ، وكان في استقبالهما الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الاباتي هادي محفوظ ورئيس الدير الاب ميلاد طربيه، كما وصل تباعا الوفد المرافق لقداسة البابا ،فالبطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي ، الرئيس ميشال سليمان وعقيلته ، وزير الاتصالات شارل الحاج ، الوزير السابق وليد نصار ، النائب سيمون ابي رميا ، النائب زياد الحواط ، النائب السابق وليد الخوري ، قائمقام جبيل نتالي مرعي الخوري، رئيس اتحاد البلديات قضاء جبيل فادي مرتينوس ورئيس بلدية عنايا – كفربعال مارك عبود وعدد من رؤساء البلديات وفاعليات وتوجه الجميع الى ضريح القديس شربل .

ووصل  قرابة العاشرة الى مدخل عنايا موكب قداسة البابا حيث ترجل من سيارته واستقل سيارة MOBILI PAPA مباركا المواطنين الذين اصطفوا على مسافة 3 كيلومتر من حاجز الجيش عند مدخل البلدة الى دير مار مارون عنايا . ولدى وصوله الى مدخل الدير كان في استقباله الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الآباتي هادي محفوظ ، ورئيس الدير الاب ميلاد طربيه وتوجها الى الكنيسة حيث ارتدى قداسته اللباس الحبري ،بعدها توجه الى ضريح القديس شربل حيث سجد على مركع خاص مصليا صلاة خاصة وأضاء شمعة على نية لبنان والمسيحيين في العالم حملها معه كهدية من روما الى دير مار مارون – عنايا ، ثم تلا قداسته صلاة جاء فيها : "يا رب، يا مَن منحتَ القديس شربل، حافظ الصمت في حياة الخفية أن يستنير بنور الحق لكي يبحث في أعماقَ حبك امنحنا  نحن الذين نقتدي بمثاله،أن نخوض في صحراء العالم جهادَ الإيمان الحسن، وأن نسير فرحين في اثر المسيح ابنك وليرنا عبدك هذا الذي عاش في سرّ الصلاة،وغلب التجارب بسلاح  التوبة، عظمة رحمتك، وليعلّمْنا صمتَ الكلام ، وقوّةَ الأعمال التي تقدر ان تمس القلب.

ولينل لنا من يسوع المسيح،المنتصر عل الخطيئة والموت شفاء النفس والجسد ، وليشفع معنا دائما لكي ننال نصيبنا مع القديسين في الملكوت الأبدي لك المجد والحمد أيها الآب والابن والروح القدس، آمين".

محفوظ

والقى الاب محفوظ كلمة رحب فيها بقداسة البابا طالبا منه "تقبل صلوات الرهبانية المارونية الدائمة وامتنانها الثابت للفاتيكان ". وقال:"نعمةً تلوَ نعمة، لا نزال ننال من ملء ربّنا يسوع المسيح، كما يعلن القدّيس يوحنّا في مقدّمة إنجيله. نعمةً تلوَ نعمة، أوّلها نعمة القدّيس شربل، قدّيس لبنان، الذي ما زالت شفاعته تنير النفوس وتفيض على العالم عجائب السماء. وها هي نعمة جديدة: نعمة حضوركم، يا صاحب القداسة، هنا، في هذا المزار المغمور بالصمت والنور، حيث جئتم لتصلّوا أمام ضريح هذا الناسك المتواضع والمتّقد حبًّا، الناسك الذي عرف كيف «يبحث عن الله، ويصغي إليه، ويمجّده، ويدعوه، ليلاً ونهارًا، في سرّ القلب»، وذلك بحسب كلمة حضرتكم، يا صاحب القداسة، التي وجّهتموها إلى نساك إيطاليا في الحادي عشر من تشرين الأوّل الماضي. وفي يوبيل الحياة المكرّسة الذي احتُفل به في الفاتيكان في 9 تشرين الأوّل الماضي، في اليوم عينه الذي يصادف ذكرى إعلان قداسة القدّيس شربل، دعوتمونا، يا صاحب القداسة، إلى توسيع أفق «الطلب» و«البحث» و«القرع» في الصلاة وفي الحياة، نحو الأفق الأبدي الذي يسمو فوق واقع هذا العالم، ويوجّه خطواتنا نحو «الأحد الذي لا غروب له». وفي هذا اليوم المبارك، تجعل نعمة حضوركم هذا الأفق ملموسًا أمامنا: ترفع أنظارنا نحو السماء، وتجعل من حياتنا اليوميّة حياة أبديّة.

وها هي نعمة أخرى، لأنّ التاريخ نفسه يحدّثنا اليوم. ففي سنة 1925، أي قبل مئة عام تمامًا، قدّم الرئيس العام لرهبانيتنا، الأباتي إغناطيوس داغر، إلى خليفة بطرس، البابا بيوس الحادي عشر، في الفاتيكان، ملفّ تطويب وإعلان قداسة القدّيس شربل. وها أنتم، يا قداسة البابا، في سنة 2025، بعد قرن كامل، تأتون لتباركوا بحضوركم هذا الدير عينه، فتقدّسون الذاكرة وتجدّدون النعمة. وستبقى زيارتكم محفورة إلى الأبد في تاريخ هذا الدير ورهبانيتنا.

ولأنّ النعمة، كما يقول القدّيس أغسطينوس، «تُمنَح مجّانًا»، وهي «عطيّة لا مكافأة»، أتقدّم إلى قداستكم، باسم الرهبانية اللبنانية المارونية، بأسمى آيات الشكر العميق، والامتنان الذي لا ينفد، وبامتناننا البنويّ الثابت.

وفيما أعبّر عن ابتهاجي بوجود فخامة الرئيس العماد جوزاف عون، رئيس الجمهورية، والسيّدة الأولى بيننا، أتوجّه إلى قداستكم بالقول: أهلاً بكم في عنّايا، راجيًا أن تتقبّلوا، باسم الرهبانيّة كلّها، عربون طاعتنا المطلقة، وصلواتنا الدائمة، ومودّتنا البنويّة الصادقة.

في المسيح. شكرًا".

البابا لاوون

والقى قداسة البابا  كلمته متضرعا الى الله من اجل السلام في لبنان وبلدان الشرق الاوسط وقال : "أشكر الرئيس العام على كلماته وعلى استقباله لنا في هذا الدير الجميل في عنايا، الطبيعة التي تحيط بهذا البيت، بيت الصلاة، تشدنا بجمالها الداعي إلى الزهد.

أحمد الله الذي مكنني من القدوم حاجا إلى قبر القديس شربل. أسلافي، وأفكر بصورة خاصة في القديس البابا بولس السادس الذي أعلن شريل طوباويا وقديسا، كانوا يتمنون هم أيضًا أن يقوموا بمثل هذا الحج. أيها الأعزاء، ماذا يعلمنا القديس شريل اليوم؟ ما هو إرث هذا الإنسان الذي لم يكتب شيئًا، وعاش مختفيا عن الأنظار وصامتا، لكن سمعته انتشرت في كل العالم؟ ألخص إرثه وأقول ما يلي: الروح القدس صاغه وكونه، لكي يُعلم الصلاة لمن كانت حياته بدون الله، ويُعلم الصمت لمن يعيش في الضوضاء، ويُعلم التواضع لمن يسعى للظهور، ويُعلم الفقر لمن يبحث عن الغنى، كلها مواقف تسير عكس التيار، ولهذا تنجذب إليه، كما ينجذب السائر في الصحراء إلى الماء العذب النقي. القديس شريل يُذكرنا، بصورة خاصة، نحن الأساقفة والخدام المرسومين، بمتطلبات دعوتنا الإنجيلية أما التطابق بين إيمانه وحياته والذي يتصف بالجذرية والتواضع معا، فهو رسالة لكل المسيحيين.

ثم هناك جانب آخر حاسم: لم يتوقف القديس شربل قط عن التشفع لنا أمام الآب السماوي، ينبوع كل خير وكل نعمة، ففي حياته على الأرض، كان الكثيرون يأتون إليه لينالوا من الله العزاء والمغفرة والنصيحة. وبعد وفاته، تضاعف ذلك وصار نهرا من الرحمة. ولهذا، يأتي آلاف الحجاج في الثاني والعشرين من كل شهر، من بلدان مختلفة لقضاء يوم صلاة وتجديد للروح والجسد. أيها الإخوة والأخوات، نريد اليوم أن نُوكل إلى شفاعة القديس شريل كل ما تحتاج إليه الكنيسة ولبنان والعالم من أجل الكنيسة نطلب الشركة والوحدة بدءًا بالعائلات الكنائس البيتية الصغيرة، ثم الجماعات المؤمنة في الرعايا والأبرشيات، وصولا إلى الكنيسة الجامعة. شركة ووحدة. أما من أجل العالم فَلنَطلبِ السَّلام . نطلب السلام، بصورة خاصة، من أجل لبنان وكل المشرق. ونعلم جيدًا، والقديسون يُذكِّرُوننا بذلك، أنه لا سلام بدون توبة القلب لذا، فليساعدنا القديس شربل كي نتوجه إلى الله ونسأله نعمة التوبة لنا جميعًا. أيُّها الأعزاء، رمزا للنور الذي أضاءه الله هنا بواسطة القديس شربل، احضرت معي هدية، قنديلا. أُقَدِّمُ هذا القنديل، وأُوكل لبنان وشعبه إلى حماية القديس شربل، حتى يسير دائما في نور المسيح. شكرا لله لأنه أعطانا القديس شربل وشكرا لكم، أنتم الذين تحافظون على ذكراه. سيروا في نور الله".

تبادل الهدايا

ومن ثم قدم الاباتي محفوظ باسم الرهبانية اللبنانية المارونية لقداسة البابا اول كتاب المزامير طبع  في الشرق في دير مار انطونيوس قزحيا عام 1610 ، وقدم رئيس الدير هديتان لقداسته الشمعة التي صنعت خصيصاً للمناسبة وسراج القديس شربل في داخله زخائر من القديس شربل .

بدوره قدم قداسته هدية للاباتي محفوظ .

البركة الختامية

وبعد البركة الختامية  صافح قداسته الرئيس عون وعقيلته وجال والاباتي محفوظ والاب طربيه في متحف الدير ، ثم انتقل الى الباحة الداخلية حيث بارك العاملين في الدير والتقط الصورة التذكارية مع عدد من الرهبان . ثم صافح الرؤساء السابقين للرهبانية اللبنانية المارونية ، رئيس بلدية عنايا كفربعال مارك عبود وصاحب مؤسسة Solid Groupe الياس جعجع الذي قام بتنفيذ الاعمال اللوجستية كاملة للزيارة وعدد من الذين قدموا مساعدات لانجاح الزيارة وغادر قداسته والوفد عنايا  على وقع قرع الأجراس والزغاريد ونثر الورود والأرز.

 

البابا في لقاء الأساقفة والمكرسين من بازيليك سيدة لبنان: إن أردنا أن نبني السَّلام فلِنَتَمَسَّكَ بالسَّماء ونتوجه إليها بثبات

وطنية - حريصا /01 كانون الأول/2025

ترأس البابا لاوون الرابع عشر اللقاء الخاص مع الأساقفة والكهنة والمكرّسين والعاملين في الحقل الرعوي، في بازيليك سيدة لبنان – حريصا، المحطة الثانية في يومه الثاني في لبنان بعد زيارته دير مار مارون في عنايا، بحضور اللبنانية الأولى السيدة نعمت عون، البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك رفائيل بدروس الحادي والعشرون ميناسيان، بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، بطريرك السريان الكاثوليك اغناطيوس يوسف الثالث يونان، السفير البابوي باولو بورجيا ولفيف من المطارنة والرئيسات العامات والرؤساء العامين.

وقدم رئيس جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة الاب الياس سليمان ورئيس المزار الاب خليل علوان للبابا لاوون، تمثالا من البرونز كناية عن جسر يرمز الى العبور والرابط بين لبنان والكرسي الرسولي اضافة إلى ايقونة سيدة لبنان.

بعد كلمة ترحيبية للبطريرك مناسيان، استمع البابا الى اربع شهادات حياة ثم ألقى كلمة قال فيها: "بفرح كبيرٍ ألتقي بكم في هذه الزّيارة التي شعارها : "طوبى لفاعلي السلام راجع) متّى (5 (9) الكنيسة في لبنان، الموحَّدَة في وجوهها المتعدّدة، الله أيقونة لهذه الكلمات، كما قال القديس البابا يوحنا بولس الثاني، الذي أحَبَّ شعبَكُم محبَّةً كبيرة: في لبنان اليوم، أنتم مسؤولونَ عَن الرَّجاء" (رسالة إلى مواطني لبنان، 1 أيار / مايو (1984)". أضاف: "هنا حيثُ تعيشون وتعملونَ، أوجدوا جوا أخويًا. وبدون سذاجة، اعرفوا كيف تمنحون الثّقة لغيركم، وكونوا مبدعين لكي تنتصر قوَّةُ المغفرة والرَّحمةِ الَّتي تجدّدُ الإنسان" (المرجع نفسه). شكرًا للشهادات التي أصغينا إليها ، شكرًا لكلّ واحدٍ منكم ! شهاداتكم قالت لنا إنَّ هذه الكلمات لم تذهب سُدًى، بل وجدتْ آذانًا مصغيةً واستجابة ، لأنَّ الشَّركة تُبنى هنا باستمرار في المحبَّة. في كلمات غبطة البطريرك، الذي أشكُرُه مِن كل قلبي يمكننا أن نُدرك جذور هذه العزيمة، المتجسدة في المغارة الصَّامتة التي كان يصلّي فيها القدّيس شربل أمام أيقونة والدة الإله، وفي مزار حريصا هذا ، الذي هو علامة الوحدة لكلّ الشعب اللبناني. في وقوفنا مع مريخ عند صليب يسوع راجع) يوحنا 19 (25) تمنحنا الصَّلاة، وهي الجسرُ الخفي الذي يوجَدُ القلوب، القوة للاستمرار في الرّجاءِ والعمل، حتَّى عندما يدوّي ضجيج الأسلحة من حولنا وتصيرُ مُتَطلَّباتُ الحياة اليومية نفسها تحدّيا. المرساة هي من الرموز الموجودة في "شعار" هذه الزيارة أشار إليها البابا فرنسيس كثيرًا في كلماته، على أنَّها علامة على الإيمان، الذي يسمح لنا بأن نذهب دائمًا إلى ما هو أبعد نحو السَّماء ، حتَّى في أحلك اللحظات. وقد قال: إيماننا مرساة في السَّماءِ وحياتنا مرسِيَّةٌ في السَّماء . ماذا يجب أن نعمل ؟ أن نتمسك بالحبل ونسيرَ قُدُمًا واثقين أن لحياتنا مرساة في السَّماء أي على الشَّاطِئ الَّذي سنصل إليه المقابلة العامة، 26 نيسان / أبريل 2017. إن أردنا أن نبني السَّلام، لِنَتَمَسَّكَ بالسَّماء ، ونتوجه إليها بثبات، ولتُحِبَّ ولا نخف من أن نفقد ما هو زائل، ولنُعط بلا حِساب. من هذه الجذور، القوية والعميقة مثل جذور الأرز ، ينمو الحبّ، وبعون الله تتحقَّق أعمال تضامن عمليَّةٍ ومستدامة". وقال: "كلَّمَنا الأب يوحنا على الدبابية، القريةِ الصَّغيرة التي يخدم فيها. هناك، بالرغم من الحاجَةِ القصوى وتحت تهديد القصف، يعيش المسيحيون والمسلمون اللبنانيون واللاجئون القادمون من وراء ،الحدود، بسلام، ويساعدُ بعضُهم بعضا. لنتوقَّف عند الأمثولة التي أشار إليها هو نفسه العِملةُ السّوريّة التي وُجدت في كيس التبرّعاتِ إلى جانب العملة اللبنانية. إنّها تفصيلةً مهمة : تُذَكَّرُنا بأنَّ لكلّ واحدٍ منًا، في عيش المحبة، شيء يُعطيه وشيء يأخذه، وأنَّ عطاءنا المتبادل يُغنينا جميعًا ويقربنا من الله. البابا بندكتس السادس عشر، خلال زيارته لهذا البلد، وكان قد تكلم على القوة الموحدة للمحبة حتى في أوقات الشدة، قال: الآن بالتحديدِ يجب علينا أن نحتفل بانتصار المحبة على الكراهية والمغفرة على الانتقام والخدمة على السيطرة، والتواضع على الكبرياء، والوحدة على الانقسام [...] وأن نعرف كيف نحوّلُ آلامنا إلى صرخة حب إلى الله وإلى رحمة للقريب" (كلمة في الزيارة إلى بازيليكا القديس بولس في حريصا ، 14 أيلول / سبتمبر (2012)".

أضاف: "بهذه الطريقة فقط، لا نبقى مسحوقين تحت وطأة الظلم والاستغلال، حتى عندما يخوننا أشخاص، كما سمعنا، ومؤسساتٌ لا ضمير لها تستغل يأس من لا خيار آخر لهم . وبهذه الطريقة فقط، يمكننا أن نعود ونملأ قلبنا رجاءً بغدٍ أفضل، بالرغم من قسوة الحاضرِ الذي يجب أن نواجهه في هذا الصدد، أفكّرُ في المسؤولية التي تقع علينا جميعًا تجاه الشباب. من الضروري أن نعزّز حضورهم، حتّى في المجالات الكنسية، ونقدر مساهمتهم الجديدة، ونعطيهم مساحة. ومن الضروري حتى وسط أنقاض عالم يعاني من فشل مؤلم، أن نقدّم لهم آفاقا حقيقية وعملية للنهوض والنُّمُو في المستقبل".

وتابع: "كلمتنا لورين على التزامها في مساعدة المهاجرين. هي نفسها مهاجرة، وقد التزمت منذُ فترة طويلة بأن تسند الذين اضطروا لا باختيارهم بل رغمًا عنهم، أن يترُكُوا كلَّ شيءٍ ويبحثوا عن مستقبل ممكن بعيدًا عن بيوتهم. وليلى، التي روتها ،لورين تمَسُّنا في العمق، وتُظهرُ هول ما تُخَلَّفُه الحربُ في حياة أبرياء كثيرين. ذكَّرَنا البابا فرنسيس مرارا، في كلماته وكتاباته، بأنَّه أمام مآس كهذه لا يمكننا أن نبقى غير مبالين، وأنّ ألَمَهُم يعنينا ويوجه إلينا سؤالا (راجععظة في اليوم العالمي للمهاجرين واللاجئين، 29 أيلول / سبتمبر (2019). من جهة، شجاعتهما تكلمنا على نور الله الذي يسطع ، كما قالت لورين، حتّى في أحلك اللحظات، ومن جهةٍ أخرى، ما عاشوه يفرِضُ علينا الالتزام، حتّى لا يضطر أحد بعد اليوم إلى الهروب من بلده بسبب صراعاتٍ عبثيّةٍ وقاسية، وحتّى لا يشعرَ مَن يدق باب جماعاتِنا أنّه مرفوض، بل مرحب به من خلال كلماتٍ شبيهة بالتي قالتها لورين نفسُها: "أهلا وسهلا بِكَ في بَيتِكَ!". وعن ذلك تكلمنا أيضًا شهادَةُ الرّاهبة ديما التي اختارت أمام اندلاع العنف، ألا تترك المخيم، بل أن تُبقَيَ المدرسة مفتوحة، وتجعل منها مكانا لاستقبال النازحين ومركزا تربويا ذا فاعلية استثنائية. في الواقع، في هذه الغُرَف، بالإضافة إلى تقديم الدعم والمساعدة المادية، يتعلمون ويعلمون كيف يتقاسمون الخبز" والخوف والرجاء"، ويحبّونَ وسط الكراهية، ويخدمونَ رغمَ التّعب، ويؤمنون بمستقبل مختلف يتجاوز كل توقع. اهتمت الكنيسة في لبنان اهتمامًا كبيرًا بالتعليم. أشجَعَكُم جميعًا على مواصلة هذا العمل النّبيل، وأن تتوجهوا خصوصًا إلى المحتاجين، والذين لا مال لهم، والذين هم في أوضاع شديدة، عبر خياراتٍ مهمةٍ تقوم على المحبّة السخية، لكي ترتبط دائمًا تنشئةُ الفكر بتربية القلب". وقال: "لِتَذكَّر أن مدرستنا الأولى هي الصليب، وأنّ معلمنا الوحيد هو المسيح راجع متى (23 .10 في هذا السياق، كلمنا الأب شريل على خبرته في الرّسالة داخل السجون، وقال إنّه هناك بالتحديد، حيث لا يرى العالم سوى الجدران والجرائم، نحن نرى في عيون السجناء، التائهة تارةَ ، والمتألقة برجاء جديد تارةً أخرى، وداعة الله الآب الذي لا يتعب أبدًا من أن يغفر . وهذا صحيح: نحن نرى وجة يسوع منعكسًا في وجه المتألم وفي وجهِ من يعتَنِي بالجراح التي سببتها الحياة. بعد قليل سنقوم بعمل رمزي وهو تسليمُ الوردة الذهبية لهذا المزار. إنّه عمل قديم، يحمل بين معانيه الدعوة إلى أن تنشر بحياتنا، رائحة المسيح الطيّبة راجع 2 قورنتس ،2 (14 أمام هذه الصورة، أفكَرُ في الرائحةِ التي تتصاعد من الموائد اللبنانية، المميزة بتنوع الأطباق التي تقدمها وبالبعد الجماعي القوي في مشاركتها. إنَّها رائحةً مكونةً من ألف رائحة توثز بتنوعها وأحيانًا بمجموعها معًا".

وختم: "هكذا هي رائحة المسيح الطيبة. ليست منتجا باهظ الثَّمَنِ ومحصورًا في قلةٍ قليلةٍ قادرة على أن تقتنيه، بل هو النكهة التي تنبعث من مائدة سخية تتسع لأطباق كثيرة مختلفة، ويستطيعُ الجميع أن يشارك فيها معا. ليكن هذا روحُ الرتبة التي نريد أن نقوم بها، وقبل كلّ شيءٍ الروحُ التي نجتهدُ أن نعيشها كل يوم متَّحدين في المحبة". وقدم البابا وردة ذهبية للعذراء مريم، بحسب التقليد المتبع. كما قدمت له هديتان تذكاريتان.

 

لقاء روحي ووطني جامع في ساحة الشهداء - بيروت: كلماتٌ مسكونية ترحّب بالبابا وتؤكد رسالة لبنان في العيش المشترك والسلام

البابا: مدعوون إلى أن تكونوا بناة سلام وتواجهوا عدم التسامح وتنيروا الطريق نحو العدل والوئام

وطنية/01 كانون الأول/2025

احتصنت ساحة الشهداء في وسط بيروت عند الرابعة من بعد ظهر اليوم اللقاء المسكوني والحواري بين الأديان الذي جمع البابا برؤساء الطوائف في لبنان ونحو 300 مدعو والذي وتضمن تسع كلمات للرؤساء الروحيين المسيحيين والمسلمين، اضافة الى حضور منشدين من جوقات:  سيستاما بيروت ترنم، ودار الأيتام الاسلامية ومؤسسة الإمام الصدر. وشارك في اللقاء كل من: البطريرك الماروني يشارة بطرس الراعي، بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس  يوحنا العاشر اليازجي، بطريرك إنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية والقدس للروم الكاثوليك مار يوسف الاول العبسي، كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا الكاثوليكوس آرام الأول، بطريرك كيلّيكيا للأرمن الكاثوليك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون مينيسيان، بطريرك السريان الارثوذكس مار اغناطيوس افرام الثاني، بطريرك السريان الكاثوليك الانطاكي مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، رئيس الطائفة الكلدانية في لبنان المطران ميشال قصارجي، النائب الرسولي للاتين في لبنان المطران سيزار أسايان، رئيس الطائفة الاشورية المطران مار مليس زيا، رئيس الطائفة القبطية في لبنان وسوريا القمص اندراوس الانطوني، رئيس المجمع الاعلى للطائفة الإنجيلية في لبنان وسوريا القس جوزف قصاب، مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب، المفتي الجعفري الممتاز أحمد عبد الأمير قبلان، شيخ العقل الطائفة الموحّدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، رئيس المجلس الاسلامي العلوي الشيخ علي قدور، متروبوليت بيروت للروم ، راعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس عبد الساتر، بطريرك الاسكندرية للأقباط الكاثوليك الأنبا إبراهيم إسحق سدراك، بطريرك الكلدان في العراق والعالم الكاردينال مار لويس روفائيل ساكو، بطريرك القدس للاتين الكاردينال بيير بتيستا بيتسابالا . كما حضر أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، رئيس مجمع تعزيز الوحدة المسيحية الكاردينال كورت كوخ، رئيس مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال  كلاوديو غوجيروتي، رئيس مجمع الحوار بين الأديان الكاردينال جورج جاكوب كوفاكاد ، سكريتير العلاقات مع الدول والمنظمات بول ريتشارد غالاغر، رئيس الاحتفالات الليتورجية البابوية المطران دييغو رافيللي، السفير البابوي في لبنان المطران باولو بورجيا، وحشد من الشخصيات الدينية والاجتماعية وعدد كبير من الاعلاميين. ولدى وصول البابا الى ساحة الشهداء تم استقباله من قبل البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي، وبطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان،  مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان ونائب رئيس المجلس التسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب. وتوجه البابا على وقع الهتافات والتصفيق الى المنصة التي صممت على شكل دائري رمزا للوحدة وفي خلفيتها اشجار الزيتون .

يونان

والقى البطريرك يونان كلمة ترحيبية قال فيها:  "نجتمع اليوم في بيروت، المدينة التي دمّرها وأرهقها جراحاً الانفجار المروّع في مرفئها القريب، لنرحّب، باسم جميع طوائفنا الدينية ومكوّناتنا المجتمعية، بصاحب القداسة البابا لاوون الرابع عشر، الذي يزورنا بصفته الأب الروحي للكنيسة الكاثوليكية، وأخاً لنا جميعاً في الإنسانية، حاملاً بشارة الإنجيل "طوبى لصانعي السلام." اضاف: "نصلّي ونأمل، على الرغم من كل اليأس، أن تُساهم هذه الزيارة في ترسيخ السلام والاستقرار اللذين تتوق إليهما دول الشرق الأدنى، وفي مقدمتها لبنان، هذا البلد الصغير على الخريطة، والكبير في رسالته الديموقراطية وفسيفسائه الدينية والثقافية الاستثنائية؛ البلد الذي وصفه القدّيس البابا يوحنا بولس الثاني بأنه ليس وطناً فحسب، بل "رسالة" لمنطقتنا وللعالم بأسره". وتابع: "تتزامن زيارتكم، يا صاحب القداسة، مع حدثين تاريخيين بالغَي الأهمية للإيمان المسيحي:

أولاً: إحياء الذكرى الـ1700 لانعقاد المجمع المسكوني الأول في نيقية (التي تُعرف اليوم بإزنيك، في تركيا). وقد نظّمت كنائسنا لقاءات مسكونية احتفالاً بهذه الذكرى العزيزة على جميع المسيحيين بمختلف طوائفهم: الكاثوليك والأرثوذكس والبروتستانت، توحّدهم الصلاة والإيمان المشترك.

ثانيًا: مرور ستين عاماً على نداء الحوار بين الأديان الذي أطلقه المجمع الفاتيكاني الثاني من خلال إعلانه الشهير "نوسترا آيتاتي"(Nostra Aetate) "في عصرنا". وقد قرأت الكنيسة الكاثوليكية آنذاك علامات الأزمنة، ومن دون أن تتخلى عن إيمانها، اعترفت بالأديان غير المسيحية، ولا سيما اليهودية والإسلام، داعيةً إلى احترام رؤيتها للإيمان بالله الواحد، خالق الكون ومخلّصه. وقد أصبح هذا الإعلان أساساً للدراسات والحوارات بين الأديان، المبنيّة على قبول الآخر المختلف دينياً، والاحترام المتبادل في "حوار الحياة"، وتأكيد حرية الدين والضمير". وقال: "يا صاحب القداسة، نشكركم على زيارتكم التي تأتي على خطى أسلافكم القديسين، الذين عبّروا عن تضامنهم مع شعوب الشرق الأوسط، مهد الديانات التوحيدية الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام. كما تشهد زيارتكم على التقدير العميق الذي تكنّه الكنيسة الجامعة للكنائس الشرقية، ذات التراث العريق الممتد إلى زمن الرسل". وختم البطريرك يونان: "على أن "شعوبنا تتوق قبل كل شيء إلى الاستقرار السياسي، والسلام البنّاء، والأخوّة الإنسانية الأصيلة بين جميع المواطنين. ونحن على يقين بأن زيارتكم ستشجعنا على تعزيز التزامنا الراسخ بالعيش المشترك، وبالحوار الديني الصادق، القائم على قول الحقيقة بمحبة واحترام متبادل، مع الثبات في جذورنا وأوطاننا. وبنعمة الله العلي، الآب السماوي بحسب إيماننا المسيحي، وبنعمة الله تعالى بحسب ما يؤمن به إخوتنا وأخواتنا المسلمون، نجدّد التزامنا بأن نسير معاً، مستلهمين دائماً الرجاء الذي لا يخيّب، كي نصبح بنّائي سلام حقيقي في لبنان وفي جميع بلدان الشرق الأوسط. وكما نردّد في صلواتنا بحسب الطقس السرياني الأنطاكي:"لِنَضَعْ ثِقَتَنَا بِالله".

بعدها تلا الاب جان بيار فاضل فصلا من الانجيل المقدس للقديس متى هن  عظة يسوع على الجبل انشادا بحسب الطقس البيزنطي. ثم تلا الشيخ زياد الحاج أيات من القرآن الكريم.. فترنيمة سلام انبياء الله.

وعرض وثائقي تحت عنوان: "طوبى لفاعلي السلام" تضمن شهادات عن العيش المشترك وتحدث فيه كل من  المطرانين شارل مراد، يوسف سويف، الشيخ ربيع قبيسي، البروفسور ميشال عيسى، ميشلين ابي سمرا، الدكتورة نايلا طبارة، الشيخ محمد النقري، البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي.

يازجي

والقى بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأورثوذكس يوحنا العاشر يازجي كلمة قال فيها: "من الشرق نور ومن نور هذا الشرق نرحب بكم يا قداسة البابا. اهلا بكم في لبنان البلد الذي ينمو "صدٌيق الرب كارزه"، يسرني ان ارحب بكم بلغة الضاد ، باللغة التي عمٌدها المسيحيون، ونحن في قلب هذا العالم العربي. اهلا بكم في الشرق، في الارض التي اقتبلت المسيح، طفلا مولودا، وفي الارض التي انغرس فيها صليبه واقتبلت اقدام تلاميذه ونقلت بشرى انجيل قيامته الى اقاصي الارض. اهلا بكم في كنيسة انطاكية حيث تسمى التلاميذ مسيحيين. كنيسة انطاكية بكل اطيافها، الكنيسة الاولى التي اسسها بطرس الرسول تعانق بشخصكم الكريم كنيسة روما، الكنيسة التي ارست جذور الايمان بالمسيح في اوروبا". وتابع: " اهلا بكم في لبنان الوطن الرسالة لقبا اطلقه شارل مالك ابن كنيستنا الانطاكية الالمعي الذي كان له دوره الاساس في اقرار شرعة حقوق الإنسان، لقبا عاد واكده قداسة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني في زيارته لبنان. اهلا بكم في هذا البلد الفريد الذي يتنفس برئتيه الاسلامية والمسيحية. اهلا بكم في لبنان بلد العيش الواحد بلد المكونات التي تتكامل وتتشابه لا بل تنصهر لتكون لبنان. اهلا بكم في جوار سوريا وفي جوار فلسطين في هذا الشرق الاوسط الذي اخترتموه اولى محطة لزياراتكم الخارجية الرسولية وكأنكم تقولون ان مسيحيي الشرق هم في قلب اهتمام الكرسي الرسولي. وجودك ههنا بحد ذاته هو رسالة. نضع امامكم هذا البلد وهذه الارض بما ذكرنا من رمزية ونثق اننا في صلواتكم كما انكم في صلواتنا". وختم يازجي: "اهلا بكم مجددا في هذا الشرق ووجه المسيح المتمثل بحضور المسيحيين فيه المتآلف والمحب مع الاسلام المتسامح لن يغيب عن هذا الشرق. عشتم قداسة البابا. عشتم جميعا وعاش لبنان".

دريان

وألقى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عيد اللطيف دريان كلمة قال فيها:

" بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ للهِ ربِ العالمين ، والصلاةُ والسلامُ على أنبياءِ ورسلِ اللهِ أجمعين، وعلى سيِّدِنا محمدٍ خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين ، وعلى آلهِ وأصحابِه أجمعين. وبعد : فإنّه لَمِن دواعي سُرورِنا أن نكونَ في استقبالِ بابا الفاتيكان لاوُون الرابعَ عَشَر الذي يزورُ لبنان بلدَ التَّعايُش والتَّعَدُّدِ الطَّائفيّ المتنوُّعُ ، وهو غِنىً وإثراءٌ لإنسانيةِ الإنسان ، واعتبارُ المواطَنةِ أساساً في تحديدِ الحقوقِ والواجبات على حدٍّ سَوَاء ، ومِن دونِ أيِّ تمييز. وفي لبنان نؤكِّدُ دائماً ثوابِتَنَا الوطنيةَ، في قِمَمِنا الرُّوحية ، ونَحتَرِمُ الحُرِّيَّاتِ الدِّينيَّةَ وحقوقَ الإنسان ، كأساسٍ للعيشِ المُشتركِ في مُجتمعِاتِنا المتنوِّعَةِ والمُتَعَدِّدة ، ولا نِتدِخَّلُ في الخصوصِيَّات ، فبلدُنا لبنان يَحمي دُستورُه حقَّ الطَّوائفِ في مُمارسةِ شرائعِها ، مِصداقاً لقولِه تعالى: ﴿لكلٍّ جعَلْنا مِنكُمْ شِرعَةً وَمِنهاجاً﴾. الإسلامُ هو المَسِيرَةُ الإيمانيَّةُ بِاللهِ الوَاحِد ، مِن آدمَ إلى نوحٍ وإبراهيم ، إلى موسى وعيسى ، وانتهاءً بمحمد ، عليهم جميعاً صلواتُ اللهِ وسلامُه. وقد قال اللهُ تعالى في مُحكمِ تَنزِيلِه: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ، وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ . ونستذكر هنا ما أمرَ به رسولُ اللهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ الذينَ لا يَستطيعون الدِّفاعَ عَنْ أنفُسِهِمْ مِنَ المُؤمنين، بالهِجرةِ إلى الحَبَشَة ، وقال لهم : (إنَّ فيها مَلِكاً لا يُظلَمُ عِندَهُ أَحَد) . وخَشِيَتْ قُريشٌ أنْ تَنتَشِرَ الدَّعوَةُ بهذهِ الطَّريقةِ خارِجَ مَكّة، فأرسَلتْ رُسُلَهَا إلى النَّجَاشِيِّ مَلِكِ الحَبَشةِ المَسِيحي ، لِيَطرُدَ المُسْلِمينَ مِنْ عِندِه ، وقد زَعَمَ رَسُولا قُريشٍ أنَّ هؤلاءِ اللاجئينَ عِندَه ، والطَّالبينَ حِمَايَتَه ، والعَيشَ مُؤَقَّتاً في جِوَارِه ، هُمْ ضِدُّ دَعوةِ عيسى عليهِ السَّلام ، فقرأَ جَعفرُ بْنُ أبي طَالِب، اِبْنُ عَمِّ النبيِّ على المَلِكِ صَدْرَاً مِنْ سُورةِ مريم ، فتأثَّرَ النَّجَاشِيُّ وقال: (إنَّ هذا ، ومَا أَتَى بِه عيسى ، لَيَخرُجُ مِنْ مِشكاةٍ واحدة) . وأبى أنْ يَطرُدَ الآتِينَ إليهِ ، هَرَبَاً مِنَ الاضْطِهادِ بِسَبَبِ إيمانِهم ، وأصبحَ المسيحيون في أرضِ الحبشةِ، أولَ أصدقاءِ الدَّعوةِ الجَدِيدَة ، وأوَّلَ أصدقاءِ أهلِها.

وإنَّ وَثيقةَ المدينةِ المُنوَّرة ، التي قامَتْ على أَساسِهَا نَوَاةُ الدَّولةِ الأُولى في الإسلام ، نَصَّتْ على أنَّ المؤمنين وغيرهم في المجتمعِ المَديني المتنوع، يُشَكِّلونَ مَعَ المسلمين (أُمَّةً وَاحِدَة)" . اضاف: "بهذِه الأُسُسٍ الإيمانِيَّة، أُرَحِّبُ بِضَيفِ لبنانَ الكبير، البابا لاوَون الرابعَ عَشَر، مُتمنِّياً له التَّوفِيقَ في قِيَادَةِ السَّفِينَةِ المَسِيحِيَّة، لِمَا فيه خَيرُ الإِنسانِيَّة ، على النَّحوِ الذي تُجَسِّدُهُ وَثِيقَةُ الأُخُوَّةِ الإِنسانِيَّةِ ، بَينَ إِمَامِ الأَزهَرِ الشَّرِيف ، الشيخ أحمد الطيّب ، والبابا الراحل فرنسيس". وختم دريان: "إنَّ لبنانَ هو أَرضُ هذِه الرِّسَالة ، وهو رَافِعُ رَايَتِها، وَالعَامِلُ عليها ولها . ولذلك فإنَّنا ، نَعُدُّ أَنْفُسَنا مُؤتَمَنِينَ ، دِينِيّاً وأخلاقِيّاً ووطنِيّاً ، على حَملِ مَشعَلِ هذِه الرِّسَالَة ، حتَّى يَعُمَّ الأمنُ والسَّلامُ في العالَم ، وحتَّى تَسُودَ المَحبَّةُ بينَ جَميعِ الأُمَمِ والشُّعُوب".

آرام الأول

والقى الكاثوليكوس آرام الأول كلمة قال فيها: "لبنان: بلد يُظهِر فيه التَّنَوُّع في جميع جوانب حياة أبنائه. إلّا أنّ تنوّعنا يتجلّى بوحدتنا، وحدةٌ تحفظ هذا التنوّع وتثريه، خدمةً للبنان موحّد، وسيّد، ومستقل. إنّ حضوركم بيننا، يا صاحب القداسة، هو تعبير قويّ عن تضامن الكرسي الرسولي مع لبنان، البلد الذي تُشكّل فيه العيشةُ الإسلامية-المسيحية المشتركة أساس الهوية اللبنانية وخصوصيتها، وفرادتها" . اضاف: "في الواقع، إنّ هذه الوحدة في التنوّع، وروح العيش المشترك، هما ما يجعل من لبنان جسرًا بين الشرق والغرب. فكيف نحافظ على تنوّعنا القويّ، وعلى شراكتنا الإسلامية– المسيحية الراسخة، بينما نعمّق وحدتنا الوطنية ونجسّدها؟ هذا هو التحدّي الماثل أمام شعب لبنان". وختم: "إنّ زيارتكم للبنان، يا صاحب القداسة، هي بالفعل شهادة حيّة على تضامن الفاتيكان الدائم مع هذا الوطن" .

الخطيب

كما ألقى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب كلمة في اللقاء الحواري مع البابا لاوون الرابع عشر وقال:" يسعدنا في هذا اللقاء أن نرحب بكم في لبنان، باسم المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى والطائفة الشيعية عامة، مقدرين زيارتكم لبلدنا، مثمنين مواقفكم في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها وطننا. نحييكم بتحية الإسلام الذي يؤمن بالسيد المسيح عليه السلام، رسولا ونبيا ومبشرا وهاديا. وتحية طيبة لجنابكم من لبنان الجريح الذي لطالما اعتبره الكرسي الرسولي في الفاتيكان، رسالة وليس بلدا على هامش التاريخ .ومن هذا المنطلق أملنا كبير جدا، بأن تحمل زيارتكم لبلدنا كل فرص النجاح، وأن تُثمر في تعزيز الوحدة الوطنية المهتزة في هذا البلد المثخن بالجراح، نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر على أهله وأرضه". تابع:"إن ثقافتنا الروحية مبنيّة على الأخوة الإنسانية، نستوحيها من مبادئ الإسلام الذي لا يفرق بين البشر، حيث يقول رسولنا الكريم محمد بن عبد الله (لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى). كما نستمد هذه الثقافة من فكر خليفته الإمام علي بن أبي طالب الذي يرسم طبيعة العلاقة بين البشر بعبارته الإنسانية البالغة المعنى :الناس صنفان.. إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق". واضاف:"نحن نعتبر أنفسنا أخوة في الايمان ونظراء في الخلق، لا نفرّق بين أبناء البشر إلا بالتقوى، وأن الاختلاف من طبيعة البشر، وأن العلاقة بين المختلفين محكومة بالحوار والتعارف والتعاون على البِر والتقوى، وأن التعايش السلمي بين اتباع الديانات المختلفة هو القاعدة والأساس، وأن ما يحصل من حروب مفتعلة باسم الأديان لا يعبرعن حقيقة الدين الذي يقوم اولا على اساس حرمة الانسان وكرامته . اننا مؤمنون بضرورة قيام الدولة، لكننا في غيابها اضطررنا للدفاع عن انفسنا في مقاومة الاحتلال الذي غزا ارضنا، ولسنا هواة حمل سلاح وتضحية بأبنائنا". وختم:"بناء على ما تقدم نضع قضية لبنان بين أيديكم بما تملكون من إمكانات دولية، لعل العالم يساعد بلدنا على الخلاص من أزماته المتراكمة، وفي طليعتها العدوان الإسرائيلي وما خلفه ويخلفه من تبعات على وطننا".

افرام

والقى بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم مار إغناطيوس أفرام الثاني كلمة ترحيبية بقداسة الحبر الأعظم البابا لاوون الرابع عشر جاء فيها: "بفرح روحي وأمل كبير أرحب بزيارة قداستكم إلى أرض القداسة لبنان، قلب الله، مستذكراً قول اشعياء النبي: »مَا أَجْمَلَ عَلَى الْجِبَالِ قَدَمَيِ الْمُبَشِّرِ، الْمُخْبِرِ بِالسَّلاَمِ، الْمُبَشِّرِ بِالْخَيْرِ» (اشعياء 52: 7). أرحّب بكم باسم كرسي أنطاكية الذي يشترك مع كرسي روما في خدمة بطرس هامة الرسل وبولس رسول الأمم، وباسم جميع مسيحيي المشرق الذين شهدوا ويشهدون للسيد المسيح منذ بدء المسيحية، رغم الضيقات والاضطهادات التي عانوا منها عبر العصور، فقلّ عددهم بشكل فادح، وأصبح وجودهم في أرض آبائهم وأجدادهم مهدّداً. وفي السنين الأخيرة، أصبحت بلادنا، بمسلميها ومسيحيّيها، ضحية حملات تكفيرية إرهابية وحروب دامية، وكذلك عدوّ إسرائيلي شرس، ممّا سرّع في تهجير الكثيرين. وفي الوقت عينه، عززّت هذه التحدّيات الوجودية العمل المشترك بين مختلف كنائس مشرقنا وأدّت إلى ما سمّاه سلفكم الطيب الذكر البابا فرنسيس: "مسكونية الدم". اضاف:" صاحب القداسة، تأتي زيارتكم الرسولية هذه في وقت حسّاس من تاريخ هذه المنطقة، حيث نشهد اضطرابات كبيرة وتحولات جذرية، نأمل أن تنتج استقراراً وعدلاً وسلاماً لمنطقتنا لم تعرفه منذ زمن بعيد. فأبناء هذه الأرض توّاقون للسلام المبنيّ على العدالة، الذي يجب أن يؤدّي إلى صون كرامة الإنسان وحريّته، في ظل دولة يسودها حكم القانون وتقوم على المساواة في الحقوق والواجبات". وتابع: "يعيش المسيحيون والمسلمون على هذه الأرض الطيبة منذ قرون، يتشاركون الآلام والآمال، ويتوقون إلى الاستمرار في العيش معاً، مستفيدين من تجارب آبائهم وأجدادهم. ومع أهمية الحوار الأكاديمي بين ممثلي الأديان، تبقى الخبرة المكتسبة من العيش الواحد العنصر الأهم في تعزيزه. فالمشرق ليس حدوداً تُرسَم على الخرائط، بل هو حياة تُعاش، وذاكرة تُصان، ونسيجُ علاقات إنسانية جمعت عبر القرون بين المسلمين والمسيحيين. وهنا تعلّمنا أن العيش المشترك ليس شعاراً، بل حوار حياة يقوم على اللقاء الصادق والاحترام المتبادل، وعلى مسؤولية يحملها الجميع تجاه الإنسان - كلّ إنسان - لأنه محور رسالتنا وغاية دعوتنا" . وقال: "وفي هذا البلد الحبيب، لبنان، أدركنا أن الإنسان لا يكتمل إلا بأخيه، وأنّ تلاقي أبناء الأديان قادر أن يبني مجتمعاً متماسكاً يقف في وجه التعصّب والانقسام، ويبعثَ الرجاء في زمن أثقلته الصعاب. وكلما ارتفع صوت الظلم أو تعمّق جرح الانقسام، بقيت الكنيسة في لبنان والمشرق شاهدة للضمير الإنساني، تدعو إلى الحوار الصريح، واحترام الحرية الدينية، وحفظ كرامة كل إنسان خُلق على صورة الله ومثاله".

اضاف: "نعلم أنكم ستحملون في قلبكم معاناة هذا المشرق المتألم، وستعملون جاهدين على رفعها وضمان حياة حرة وكريمة لكل أبنائه، من خلال صلواتكم وعلاقاتكم وعملكم مع ذوي النوايا الحسنة" . وختم افرام: "فلنرفع معاً صلاتنا إلى الرب الإله، سائلينه أن يبارك هذا اللقاء، وأن يجعل من زيارة قداستكم إشراقة جديدة في مشرقنا المعذّب؛ إشراقة تبدّد الخوف من القلوب، وتوقظ الرجاء في النفوس، وتعيد إلى شعوب منطقتنا الثقة بوعد الرب القائل: »أتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ، وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ» (يوحنا 10:10)" .

ابي المنى

و القى شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ د. سامي أبي المنى قائلا:"باسم الخالق المبدع الذي نعبُدُه وكأننا نراه وهو يرانا، باسم الحقيقة لمختزَنة في كتبِنا المقدّسة ورسالاتِنا السماويةِ الداعية جميعُها إلى حفظِ الإنسان وصونِ كرامتِه. يُسعدُنا أن نرحِّبَ بكم صاحبَ القداسة، مقدرينَ لفتَتكم الكريمة، ومُصلِّين معاً لخلاص لبنانَ والمنطقة، راجينَ أن نُطوِّقَ الألمَ بالأمل، والشقاءَ بالرجاء". وتابع:"نلتقي في توحيدنا فنرتقي في وحدتِنا، متمسَكينَ بالشراكة الروحية والوطنية التي هي مظلّةُ عيشِنا الواحد المشترَك، ومصدرُ قوّتِنا، فلبنانُ يُمكنُ أن يكونَ النموذجَ الأرقى للتنوّع في الوحدة، اذا ما أحسنًا فهمَه، واستفدنا من غنى مكوّناتِه، وإذا ما احترمنا خصوصياتِ بعضنا بعضاً. إنّه قويٌّ بدورِه، لا بمساحته وعددِ أبنائه، ومميَّزّ بانفتاحه وموقعِه، وما علينا إلّا أن نُحمِنَ أداءَ هذا الدور، وأن نستفيدَ من هذا الموقع ومن هذا الانفتاح. نحن على يقين بأنّ وطنَنا لا يُبنى إلّا على قاعدةٍ أخلاقيَة ذهبيّةِ ثابتة تقضي بأن تُحافظَ كلُّ عائلةٍ روحية على شريكتِها في الوطن، وبأنّ اجتماعَنا معاً، مسلمين ومسيحيين، قادرٌ على إحداث بارقةٍ أملٍ في هذا الجوّ القاتمِ من حولِنا، لكننا واثقون بأن الراعيَ صالحٌ، والرعيّةَ مؤمنة، وبأنّ الخيرَ سينتصرُ على الشرِّ، والنورَ سيطردُ الظلام". وختم:"زيارتُكم صاحبَ القداسة تدعونا للارتقاء إلى ما هو أسمى، ولفتحِ أبوابِ المحبة والرحمة؛ المحبةِ لمسيحية والرحمةِ الإسلامية، وإغلاقِ نوافذِ التعصُّبِ والتطرُّف، ليكونَ صوتُ السلامِ أقوى من أصواتِ الحروب، "فالحربُ هزيمةً للجميع، والعنفُ لا يَجلّبُ السلام"، كما جاء في رسالة سلفِكم قداسةِ البابا فرنسيس، ونحن ما كنًا سوى دُعاةِ خيرٍ ووئام، وحُماةِ وطنِ الرسالة، ولنا في اللّٰه عزَّ وجَلَّ خيرُ معين، وفي قداستِكم خيرُ صديقٍ مُبارِكِ ومُحبّ للبنان... عشتُم وعاش لبنان".

بعد ذلك انشدت جوقة بيروت ترنم  ترنيمة طوبى للساعين الى السلام.

قصاب

وقال رئيس المجمع الأعلى للطائفة الإنجيلية في سوريا ولبنان القس جوزيف قصاب في كلمته: "أهلا بكم في لبنان... هذا الوطن الصغير الذي أنهكته الحروب والضغوط، لكنه لا يزال يحمل في جراحه توقاً عميقاً إلى السلام. جنتَ إلى أرض تعلّمت كثيراً من الألم، لكنها لم تفقد رجاءها، لأن الرجاء هنا جزء من هوية لناس، لا مجرَد فضيلة. نستقبلك اليوم، لا فقط كرأس للكنيسة الكاثوليكية، بل أيضاً كقائد لدولةٍ لا تحكمها الحسابات الاقتصادية ولا أطماع النفوذ، بل تحكمها روحٌ تعود إلى كلمات المسيح: "سلاماً أترك لكم، سلامي أعطيكم". إن حضورك بيننا يذكّر لبنان بأن لا زال هناك دولاً تُبنى على قيم، لا على مصالح، وعلى كرامة الإنسان قبل كل شيء.وباسم الكنائس البروتستانتية في لبنان، نرحَب بك ونثمن زيارتك الداعمة لشعب يتوق لالتقاط أنفاسه. نحن، كما تعلم، شركاء في الهمّ ذاته، وفي الرسالة ذاتها: أن يبقى لبنان مساحة حرّة للكرامة، وبيتأ يصون التعدد بدل أن يخشاه. قداستك، لقد تحدّثت الكنيسة الكاثوليكية في السنوات الأخيرة عن ال -Synodality، السير معاً، والإصغاء لبعضنا البعض، وعن اكتشاف صوت الروح في تنوعنا. هذا المفهوم ليس شأناً كنسياً فحسب؛ إنه دعوةٌ يمكن أن يتبناها كله. لو سارت قيادات لبنان معاً ... لو أصغينا لبعضنا بصدق، لسهل علينا أن نصغي أيضاً لوجع شعبنا، ولاكتشفنا أن الطريق إلى السلام ليست حلماً صعباً بل ممارسة يومية تبدأ بالثقة. نأمل أن تكون زيارتك مناسبةً لندعو جميع الطوائف في لبنان إلى Synodality وطنية: أن نسير معاً من أجل لبنان الرسالة، لبنان الذي لا يملك ترف الانقسام، بل يملك فرصة نادرة ليكون شاهداً على أن التعددية نعمة. حللت اهلا في بلد يريد ان يتعلم مجددا كيف يصنع السلام لا فقط كيف ينجو من الحرب. نصلي معك، ومن اجلك، ومن اجل لبنان الذي تحمله اليوم في صلاتك. مرحباً بكم بيننا".

قدور

وقال رئيس المجلس الاسلامي العلوي الشيخ علي قدور خلال اللقاء المسكوني في ساحة الشهداء: "يشرّفنا في المجلس الإسلامي العلوي أن نعبّر، ببالغ السرور والمحبّة، عن تقديرنا العميق لقداسة لحبر الأعظم البابا لاوون الرابع عشر، وأن نرفع إلى قداسته أسمى آيات الترحيب والتقدير بمناسبة زيارته المباركة إلى لبنان، هذا البلد الذي شاءت حكمة اللّٰه أن يكون ملتقى الأديان، وواحة للحوار، وجسرًا بين الشرق والغرب، وحاضنًا لتنوّع ثقافي وروحي يشكّل ثروةً إنسانية نفخر بها جميعًا، وفضاءً رحبًا للتلاقي بين أبناء الديانات والثقافات ، وهو بفضل هذه الخصائص استحقّ أن يكون ( لبنان الرسالة) كما وصفه البابا يوحنا بولس الثاني ، الذي قال عن لبنان أنه : أكثر من وطن، إنه رسالة حرّية وعيش مشترك". وتابع:"إن حضور قداستكم بيننا اليوم ليس حدثًا بروتوكوليًا أو زيارة ظرفية، بل نعتبرها (رسالة رجاء) إلى اللبنانيين جميعًا، ورسالة تأكيد أنّ لبنان، رغم ما يمرّ به من محن، ما زال قادرًا على النهوض برسالته، وعلى استعادة دوره في إشعاع القيم الروحية والإنسانية التي تجمع ولا تفرّق، وتبني ولا تهدم. وإنّ المجلس الإسلامي العلوي، وهو جزء أصيل من النسيج الوطني اللبناني، يرى في هذه الزيارة دعمًا لكل صوت يدعو إلى الإخاء، وإلى صون كرامة الإنسان، وإلى تجاوز الجراح والانقسامات لتي اثقلت وطننا وشعبنا. نحن نؤمن معا ، أن الإنسان هو القيمة العليا، وأن الأوطان تُبنى بالتلاقي لا بالتصادم، وبالشراكة لا بالإقصاء، وبالاحترام المتبادل لا بالنزاع". واضاف:"إذ نرحّب بقداستكم بين أبنائكم في لبنان، نعلن وقوفنا إلى جانب كل مبادرة تُعزّز الاستقرار، وتُحيي الأمل في القلوب، وتشجّع اللبنانيين على الحوار والتفاهم، وعلى تغليب المصلحة الوطنية العليا على أي اعتبار آخر. ان صوتكم، و صوت الحق والخير، وإن صدى حضوركم يتجاوز حدود المكان ليبلغ كل إنسان تطلع إلى غدٍ افضل، وإلى وطن مستقرّ، وإلى شرق ينعم بالسلام". وختم:"نتقدم من قداستكم بالشكر العميق على تخصيص لبنان بهذه الزيارة التاريخية سائلين الله ان تكون فاتحة خير وبركة ومحطة مضيئة تعيد الى لبنان دوره الذي استودعه الله اياه:دور الرسالة، ودور المحبة ودور الانسان، عشتم وعاش لبنان".

وانشدت الجوقات مجتمعة ترنيمة اعطنا ربي قبل كل عطاء.

البابا لاوون

والقى البابا لاوون الرّابع عشر كلمة قال فيها:

"أيُّها الإخوةُ والأخواتُ الأعزّاء، بتأثّرٍ عميقٍ وامتنانٍ كبير، أقِفُ معكَم اليومَ هنا، في هذِه الأرضِ المبارَكَة، الأرضِ التي مجَّدَها أنبياءُ العهدِ القديم، الذين رأَوا في أرزها الشَّامِخِ رمزًا للنَّفسِ البارَةِ التي تُزهِرُ تحتَ نظرَةِ السّماءِ السَاهِرَة، والأرضِ التي لم يَنطَفِئ فيها صدَى الكلمةِ "Logos" قطّ، بل استمرَّ، جيلًا بعد جيل، ينادي كلَّ الرّاغبينَ لكي يَفتَحوا قلوبَهم للهِ الحَيّ. في الإرشادِ الرّسولي بعدَ السّينودس، "الكنيسةُ في الشّرقِ الأوسط"، الذي وقَعَه البابا بندكتس السّادس عشر هنا في بيروتَ سنة 2012، شدَّدَ قداسَتُه على أنَّ "طبيعةَ الكنيسةِ ودعوتَها الجامِعَة تَقتَضِيانِ منها أن تفتحَ الحوارَ مع أعضاءٍ سائرِ الدّيانات. يَرتكِزُ هذا الحوارُ في الشَّرقِ الأوسطِ على الرّوابِطِ الرّوحيَةِ والتّاريخيّةِ التي تَجمَعُ المسيحيِّينَ مع اليهودِ والمسلمين. هذا الحوارُ لا تُملِيه أوّلًا اعتباراتٌ براغماتيّةٌ سياسيَةٌ أو اجتماعيّة، بل يستندُ، قبلَ كلِّ شيء، إلى أُسّسٍ لاهوتيَةٍ مرتبطةٍ بالإيمان" (رقم 19)". اضاف: "الأصدقاء الأعزّاء، إنَّ حضورَكم هنا اليوم، في هذا المكانِ الفريد، حيث تَقِفُ المآذنُ وأجراسُ الكنائس جنبًا إلى جنب، مرتفعةً نحو السّماء، يَشهَدُ على إيمانِ هذِه الأرضِ الرّاسخِ وعلى إخلاص شعبِها المَتينِ للإلهِ الواحِد. هنا، في هذِه الأرضِ الحبيبة، لِيَتَّحِدْ كلُّ جَرَسٍ يُقرَع، وكلُّ آذان، وكلُّ دعوةٍ إلى الصّلاةِ في نشيدٍ واحدٍ وسامٍ، ليس فقط لتمجيدِ الخالِقِ الرّحيم، خالِقِ السّماءِ والأرض، بل أيضًا لِرَفعِ ابتهالٍ حارّ من أجلِ عطيَةِ السّلامِ الإلهيّة. منذ سنواتٍ عديدة، ولا سيِّما في هذه الأيّام، توجَّهت أنظارُ العالَمِ إلى الشّرقِ الأوسط، مَهد الدّياناتِ الإبراهيميّة، تَنظُرُ إلى المسيرةِ الشَّاقَةِ والسّعِي الدَائِمِ لعطيّةِ السَّلام. أحيانًا تَنظُرُ الإنسانيّةُ إلى الشَّرقِ الأوسطِ بقلقٍ وإحباطِ أمامَ صراعاتٍ مُعَقَّدَةٍ ومُتَجَذِرَةٍ عبرَ الزّمن. مع ذلك، وسطَ هذه التّحدَيات، يمكِنُنا أن نَجِدَ معنّى للرّجاءِ والعزاءِ عندما نُرَكِّزُ على ما يَجمَعُنا: أي على إنسانيَتِنا المشتركة، وإيمانِنا بإلَهِ المحبّةِ والرّحمة. في زمنٍ يبدو فيه العيشُ معًا حُلُمًا بعيدِ المنال، يبقَى شعبُ لبنان، بدياناتِه المُختَلِفَة، مذَكِّرًا بقوّةٍ بأنّ الخوف، وانعدامَ الثَّقةِ والأحكامَ المُسبَقَةِ ليست لها الكلمةُ الأخيرة، وأنّ الوَحدة والشّركة، والمصالحةَ والسَلامَ أمرٌ مُمكِن. إنّها رسالةً لم تتغيَّرْ عبرَ تاريخ هذه الأرضِ الحبيبة: الشَّهادةُ للحقيقةِ الدَائمةِ بأنّ المسيحيِّينَ والمسلمينَ والدَروزَ وغيرَهم كثيرين، يُمكِنُهُم أن يَعيشُوا معًا ويَبنُوا معًا وطنًا يَتَّحِدُ بالاحترام والحوار.قبلَ ستَينَ سنة، فتحَ المجمعُ الفاتيكانيّ الثَّاني، بإعلانِه وثيقةِ "في عصرنا-Nostra aetate"، أُفْقًا جديدًا للّقاءِ والاحترامِ المتبادلِ بين الكاثوليكِ وأبناءِ الدّياناتِ المختلفة، وأَكِّدَ أنَّ الحوارَ الحقيقيّ والتّعاوُنَ الصَّادِقَ مُتَجَذِّرانِ في المحبّة، الأساسِ الوحيدِ للسّلامِ والعدلِ والمصالحة. هذا الحوار، الذي يَستَمِدُّ إلهامَهُ من المحبّةِ الإلهيّة، يجبُ أن يُعانِقَ كلَّ أصحاب النّوايا الحسنة، ويَرفُضَ التّحيّزَ والتَّفرِقَةَ والاضطهاد، ويُؤكِّدَ على مساواةِ كرامةِ كلِّ إنسان. تمَّت خدمةُ يسوعَ العلنيّةِ بشكلٍ رئيسيّ في الجليلِ واليهوديّة، إلّا أنّ الأناجيلَ تَروِي أيضًا أحداثَ زيارتِهِ لمنطقةِ المدنِ العشر، وأيضًا لنواحي صُورَ وصيدا، حيث التّقَى المرأةَ السّريانيّةَ الفينيقيّةَ التي دَفَعَه إيمانُها الرّاسِخُ لِيَشفِيَ ابنتَها (راجع مرقس 24-30 ،7). هنا، صارَت الأرضُ نفسُها أكثرَ من مجرّدِ مكانٍ لقاءِ بين يسوعَ وأمِّ تَبتَّهِلُ إليه، بل صارَت مكانًا يتخطَّى فيه التّواضعُ والثّقةُ والمثابرةُ كلَّ الحواجز، وتَلتَقِي بمحبّةِ الله اللامتناهيةِ التي تُعانِقُ كلَّ قلبِ بشر. في الواقع، هذا هو "جوهرُ الحوارِ بينَ الأديان: اكتشافُ حضورِ اللهِ الذي يتجاوزُ كلَّ الحدود، والدّعوةُ إلى أن نبحثَ عنه معًا باحترام وتواضعا".

وتابع: "وإن كانَ لبنانُ مشهورًا بأرزِه الشَّامِخ، فإنَّ شجرةَ الزّيتونِ أيضًا تُشَكِّلُ حجرًا أساسيًّا في تراثِه. وشجرةُ الزّيتون، لا تُزَيِّنُ فقط المكانَ الذي نحن مُجتَمِعُونَ فيه اليوم، بل هي مُكَرَّمَةٌ في النّصوص المقدّسةِ في المسيحيّةِ واليهوديّةِ والإسلام، وتُشَكِّلُ رمزًا خالدًا للمصالحةِ والسّلام. عُمرُها الطّويلُ وقُدرَتُها الفريدةُ على الازدِهار، حتّى في أشدِّ البيئاتِ قَساوةً، يرمزانِ إلى البقاءِ والرّجاء، ويَعكِسانِ التزامَها وصُمودَها لتنميةِ العيشِ معًا. من هذه الشَّجرةِ يَتَدَفَقُ زيتٌ يَشفِي، وهو بَلسَمٌ لجِراحِ الجسدِ والرّوح، يُظهِرُ رحمةَ اللهِ اللامحدودةِ لكلِّ المتألِمين، وزيتٌ يوفِّرُ النّورَ أيضًا، ويُذَكِّرُنا بالدّعوةِ إلى أن نُنيرَ قلبَنا بالإيمان والمحبّةٍ والتّواضع.

كما تمتدُ جذورُ الأرز والزّيتونِ عميقًا وتَنتَشِرُ في الأرض، كذلك أيضًا يَنتَشِرُ الشَّعبُ اللبنانيّ في العالَم، لكنَّه يَبقَى مُتَّحِدًا بقوَّةِ وطنِهِ الدّائمةِ وتراثِه العريق. حضورُكم هنا وفي العالَمِ كلِّه يُغنِي الكَوكَبَ بإرثِكُم الذي يَرجِعُ إلى آلافِ السّنين، وهو أيضًا دَعوَة. ففي عالَمٍ يزدادُ ترابُطًا، أنتم مدعُوُونَ إلى أن تكونوا بُناةً سلام: وأن تُواجِهُوا عدمَ التَّسامُحِ، وتَتَغَاَّبُوا على العُنف، وتَرفُضُوا الإقصاء، وتُنِيرُوا الطَريقَ نحوَ العدلِ والوئامِ لِلجَمِيع، بشهادَةِ إيمانِكُم". وختم البابا لاوون: "أيُّها الإخوةُ والأخواتُ الأعزَاء، إنّ الخامِسَ والعشرينَ مِن آذارِ/مارس مِن كلّ سنة، هو عيدٌ وطنيِّ تَحتَفِلونَ بِه في بلدكم، وتُكَرِّمُون معًا مريم، سيِّدةَ لبنان، المُكَرَّمَةَ في مزارِها في حريصا، الذي يُزَيِّنُهُ تمثالٌ مهيبٌ للعذراءِ وذِراعَاها مَفتُوحَتانٍ لَكَي تُعانِقَ كلَّ الشَّعبِ اللبنانيّ. لِيَكُنْ هذا العِناقُ الوالِدِيّ والمُحِبُّ مِن مريمَ العذراء، أمِّ يسوعَ وملكةِ السّلام، هِدايةً لكلِ واحدٍ منكم، حتّى تَفيضَ في وطنِكم، وفي كلِّ الشَّرقِ الأوسط، وفي العالَمِ أجمع، عطيّةُ المصالَحَةِ والعيشِ السّلميّ "مثلَ الأنهارِ التي تَجري مِن لبنان" (راجع نشيد الأناشيد 15 ،4)، وتَحمِلَ الرّجاءَ والوَحدةَ والشّركةَ للجميع". و قي الختام غرس البابا مع البطريرك اليازجي وشيخ عقل الدروز ابي المنى غرسة زيتون قدمها له طفلان ،على وقع ترانيم في مساء الورد يا مريم ونشيد المخلوقات، ثم صورة تذكارية بالمناسبة، وصافح البابا في نهاية اللقاء عددا من الحاضرين، وغادر على وقع الصفيق.

 

البابا يختتم اليوم الثاني من زيارته بلقاء الشبيبة في بكركي: المستقبل بين ايديكم والحب قادر على معالجة الجروح

وطنية/01 كانون الأول/2025

اختتم قداسة البابا لاوون الرابع عشر اليوم الثاني من زيارته  الرسولية والرسمية للبنان بلقاء أكثر من ١٣ الف شاب وشابة من لبنان  والعالم  في الصرح البطريركي في بكركي، في حضور البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك يوسف الاول العبسي، بطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك الأرمن الكاثوليك رافائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسّيان، السفير البابوي المونسينيور باولو بورجيا والوفد المرافق لقداسته، في حضور اللبنانية الأولى السيدة نعمت عون وحشد من الفاعليات السياسية والنقابية والبلدية والإختيارية والإعلامية والدينية.

الراعي

والقى البطريرك الراعي كلمة ترحيبية بقداسة البابا قال فيها: "باسم مجلسِ البطاركةِ والأساقفةِ الكاثوليك في لبنان، وباسم شبيبةِ لبنان، نتقدّمُ منكم بأحرِّ التّحايا وأصدقِ عباراتِ الترحيب. نُحيّيكم بطوبى الإنجيل التي تُلهِبُ القلوبَ حماسةً واندفاعًا وحثًا: "طوبى لفاعلي السّلام".

أهلاً بكم في لبنانَ، هذا البلدِ الصغيرِ بمساحته، الكبيرِ برسالته، الأرضِ المقدّسةِ التي شاء اللهُ أن يلتقيَ فيها الشرقُ والغرب، وتتقاطعَ فيها الثّقافاتُ والحضاراتُ في عنصرةٍ روحيّةٍ واجتماعيّةٍ وإنسانيّةٍ متعدّدةِ الهُويّات. أهلاً بكم على أرضِ الأرز، تلك الشّاهقاتِ الصّامتات، الرافعةِ أذرعَها نحو اللاّمتناهي، كأنّها مزاميرُ تنبعثُ من تربةِ الأرض إلى السّماء. أهلا بكم في بكركي، هذا الصرحِ البطريركي العريق، دارِ الرجاء ومنارةِ الإيمان، الذي بقي على مدى القرون قلبَ الكنيسةِ النابضَ في الشّرق.اليومَ يستقبلُكم لبنانُ، لا ببهرجة القصور، بل برهافةِ جراحه. يُقدِّمُ لكم أثمنَ ما يملِكُ: دموعَه وقد صارت لآلئَ رجاءٍ، وجبالَه وقد غدت مذابحَ تضرّعٍ وصلاة. إنّ حضورَكم بيننا، يا قداسةَ الحبر الأعظم، هو نَسَمةُ روحٍ تُلامسُ شعبًا أضنتهُ الأيّام، وفجرٌ جديدٌ يطلعُ على وطنٍ لا يزالُ يبحثُ عن النّور. وفي خُطاكم نسمعُ صدى المسيحِ وهو يمشي على دروبنا الـمُثخنةِ بالجراح، هامسًا لنا من جديد: "لا تخافوا". اضاف: "ومن رُبى بكركي، تُطلّون على شعبٍ يتألّمُ، يتوجّعُ، ينتحب، لكنّ إيمانَه الصّامدَ يجعلُه قويًّا؛ وعلى شبابٍ يتشبّثُ بمستقبله في أرضه، ينهضُ بعزيمة لا تلين، ويرفعُ إليكم توسُّلَه المتضرِّع:

تكلّموا إلينا، يا أيها الأبُ الأقدس، عن الرّجاء الذي لا يـُخزي؛ عن الرّجاءِ الذي يـَمضي متواضعًا، ثابتًا، باسلاً، يقاومُ العواصفَ الهوجاء.

وعلى صعوبة المسير، فإنّ شبابَنا يتطلّعون إلى بناء لبنانَ جديدٍ، لبنانَ يحتضنُ تعدّدَ انتماءاتِه الدينيّةِ والثقافيّة، ويُثمِّرُها في روح الأخوّةِ والوئام. يريدون وطنًا يكونُ فيه الإيمانُ قوّةً فاعلةً لا انطواءً، ويكونُ فيه التنوّعُ غِنىً لا انقسامًا، والسلامُ فيه غلبةً على البَغضاء وإخاءً مستدامًا" .

وتابع: "لقد عرفكم العالمُ، أيها الأبُ الأقدس، بوجهِكم الوديع، وبابتسامتِكم التي تُنيرُ القلوب، وبكلمتِكم الصادقة التي تخرجُ من عمق الإيمان. أنتم بابا القربِ من الناس، بابا الإصغاءِ والرحمة، وبابا السّلامِ الذي يذكّرُ العالمَ أنَّ اللهَ لا يتركُ شعبَه، وأنّ النورَ أقوى من الظّلمة، وأنّ صوتَ الكنيسةِ هو دوماً صوتُ الرجاءِ لا الخوف، وصوتُ السلامِ لا العنف". وشدد على أن "شبابُ لبنانَ يُحبّونكم، يا قداسةَ البابا. ينتظرونكم بقلوبٍ متّقدة، تتوقُ إلى سماع كلمةِ حياةٍ من فمكم وسطَ هذه الأزمنةِ العصيبةِ التي يعيشونها. في كلماتكم يبحثونَ عن النّور الذي يُبدّدُ الظِّلال، وعن القوّةِ التي تُنعِشُ الإيمانَ بإلهٍ حاضرٍ أبدًا في مستقبلهم. يتطلّعون لأن يجدوا فيها الشجاعةَ الحقيقيّة: شجاعةَ أن يُحبّوا بعدُ، وأن يُحبّوا دائمًا، رغمَ المحنِ وخيباتِ الأمل. ويفرحون بوجودكم بينهم، لأنّهم يرون فيكم أبًا يُصغي إليهم ويُرافقُهم، وصوتًا يدعوهم إلى الثّبات في الإيمان، انتصارًا للمعنى على العبثيّة، ويدعوهم إلى التمسُّكِ بالرّجاء، انتصارًا للعزيمة على الإحباط، ويدعوهم إلى الالتزامِ بالخير، انتصارًا للسّلامِ على ثقافة الموت". وقدم الراعي للبابا لاوون "شكرنِا العميق على تكريمكم أرضَنا بحضوركم، في أوّل زيارةٍ رسميّة من حَبريّتكم المباركة. سيبقى هذا اللقاءُ الثمينُ محفورًا في ذاكرتنا الجماعيّة. شكرًا لأنّكم تنظرون إلينا لا بعين الأسى، بل بعين الثّقة. ستكونُ كلماتُكم لنا نورًا وهداية، وبركتُكم وعدَ نهضةٍ نتوقُ إليها ونتأرّقُ انتظارًا لها" . وختم: "باسم مجلسِ البطاركةِ والأساقفة الكاثوليك في لبنان، وباسم شبابِ لبنان - هذا الشبابِ الجريح، لكنه صامدٌ، صلبٌ، متصدٍ، نابضٌ بالعزم - نقولُ لكم: أهلاً بكم في بيتكم، يا أيّها الأبُ الأقدس. أهلاً بكم في دار الإيمان؛ أهلاً بكم على أرض الأرز والصّليب؛ أهلا بكم في قلبِ أبنائكم الخافقِ بالإيمانِ والمحبّةِ والرّجاءِ والفرحِ والطّاقةِ والإرادة" .

شهادات وتقديمات

١- مجسم يدين مجموعتين+ ثياب ممرضة (يرمز إلى الممرضة التي أنقذت الطفلة في انفجار مرفأ بيروت)

٢- بذور وسنابل القمح (ترمز إلى تفجير مرفأ بيروت)

٣- حجر من كنيسة القديس جاورجيوس- يارون (عمرها ١٥٠ سنة) وقد هدمت بفعل الحرب الأخيرة

٤- ثياب من الدفاع المدني والجيش مع قنديل ( شهداء التفجيرات)

٥- قطع خشب وحديد ( البيوت المهدمة من الحرب والتفجيرات)

٦- جواز سفر وكمشة تراب ( هجرة الشباب والانتحار بفعل الازمة الاقتصادية)

٧- ارزة صغيرة مع العلم اللبناني

٨- الطفل يسوع من قبل ٨ من شبيبة ذوي الاحتياجات الخاصة.

يرق

ثم تلا منسق الشبيبة في الدائرة البطريركية في بكركي الخوري جورج يرق نصا من الانجيل بعنوان "سلامي لكم سلامي أعطيكم".

لوحة تعبيرية

بعدها، قدمت مجموعة من الشبان والشابات بأعمار منوعة لوحة تعبيرية جسدت معاناتهم، وسط الأزمات التي شهدها ولا يزال لبنان. واكدوا  ان الدمار بعد انفجار ٤ آب دمر القلوب وليس الحجر فقط. وتابعوا ان هذه الكارثة لم تثنهم عن المساعدة بكل قوتهم بفضل الرجاء بالرب يسوع وبأن حبهم للبنان اقوى من خوفهم . واعتبروا ان بذرة السلام ستنمو في هذا الوطن المتمسك بالحياة. ثم كانت شهادة حية لشاب، اكد ان "ما من وطن يحيا من دون شبيبة تؤمن به ولبنان يستأهل ان نبقى فيه على الرغم من الصعاب". ثم كانت شهادة حية لشابتين الأولى مسيحية والثانية مسلمة عرضتا خلالها تجربتهما "الحقيقية في العيش المشترك خلال فترة الحرب الماضية"، وأكدتا أن "فرق الدين تجمعه روح المحبة ليؤكد ان الله موجود عندما تتلاقى القلوب المختلفة وتشكل معنى التعايش".

كلمة قداسة البابا

واستهل البابا  لاوون كلمته بتحية "السلام لكم" وقال:

"أعزاني شباب وشابات لبنان، السلام لكم!

هذا  السلام الذي أعلنه يسوع القائم من بين الأموات (راجع يوحنا 19 ،20) سند لفرح لقائنا: والاندفاع الذي نشعر به في قلوبنا يعبر عن قرب الله الذي يحبنا، ويوحدنا إخوة وأخوات فنعبر عن إيماننا الواحد به، وعن الوحدة والشركة فيما بيننا.

أشكركم جميعا على حفاوة الاستقبال، وأشكر صاحب الغبطة على ترحيبه وكلماته الأخوية. أحيي خاصة الشباب القادمين من سوريا والعراق واللبنانيين القادمين إلى وطنهم من بلدان مختلفة. اجتمعنا هنا لنصغي بعضنا إلى بعض، وأنا أولكم، ونسأل الله أن يلهم خياراتنا لمستقبلنا. وفي هذا الصدد، فإن الشهادات التى شاركنا فيها أنطوني وماريا، وإيلي وجويل، فتحت حقا قلوبنا وأذهاننا.

قصصهم تتحدث عن الشجاعة في الألم، وعن الرجاء وسط الفشل، وعن السلام الداخلي زمن الحرب. إنهم نجوم متلالنة في ليلة مظلمة، نرى فيها بزوغ نور الفجر. وفي كل هذه التناقضات يستطيع الكثيرون منا أن يعرفوا خبراتهم الشخصية، في الخير كما في الشر تاريخ لبنان مليء بالصفحات المجيدة، لكنه أيضا يحمل جراحا عميقة، يصعب شفاؤها. هذه الجراح لها أسباب تتجاوز الحدود الوطنية وتتداخل مع ديناميات اجتماعية وسياسية معقدة جدا. أيها الشباب الأعزاء، ربما تشعرون بالأسى لأنكم ورثتم عالما ممزقا بالحروب ومشوها بالظلم الاجتماعي. ومع ذلك، في داخلكم رجاء، وهو عطية لكم، يبدو لنا نحن الكبار أنه بدأ يتلاشى. أنتم أمامكم الزمن! ومعكم المزيد من الوقت لتحلموا، وتنظموا، وتعملوا الخير. أنتم الحاضر، وبأيديكم بدأ المستقبل يتكون! وفيكم اندفاع لتغيير مجرى التاريخ! المقاومة الحقيقية للشر ليست بالشر، بل بالمحبة، القادرة على شفاء جراحنا بشفاء جراح الاخرين".

اضاف: "تفاني أنطوني وماريا من أجل المحتاجين، ومثابرة إيلي، وسخاء جويل، هي نبوءات لمستقبل جديد تبشرون به للمصالحة والمساعدة المتبادلة. إذاك يتحقق كلام يسوع: "طوبى للودعاء، فإنهم يرثون الأرض" و"طوبى للساعين إلى السلام، فإنهم أبناء الله يدعون" (متى 5،

9 .4). أيها الشباب الأعزاء، لتكن حياتكم في نور الإنجيل، وستكونون طوباويين، سعداء، في عيني الله!

وطنكم، لبنان، سيزهر ويصير جميلا وقويا مثل شجرة الأرز، رمز وحدة الشعب وحيويته. نعلم جيدا أن قوة الأرزة في جذورها، وهي عادة بمثل حجم فروعها. عدد وقوة الفروع مثل عدد وقوة الجذور. وكذلك فإن كل الخير الذي نراه اليوم في المجتمع اللبناني هو نتيجة عمل متواضع وخفي وصادق لصانعي الخير الكثيرين، ولجذور صالحة كثيرة لا تسعى لنمو فرع واحد فقط في أرزة لبنان، بل كل الشجرة بكل جمالها. استمدوا من الجذور الصالحة للذين يخدمون المجتمع ولا "يستغلونه" لمصالحهم الخاصة. والتزموا العدل بسخاء، وخططوا معا لمستقبل يسوده السلام والتنمية. كونوا عصارة الرجاء التي ينتظرها بلدكم!".

وتابع: "وفي هذا السياق، تسمح أسئلتكم برسم طريق فيه طبعا التزام وجهد، ولهذا فهو يبعث فيكم اندفاعا للعمل سألتم أين نجد الركيزة الراسخة لنثبت في الالتزام من أجل السلام. أيها الأعزاء، هذه الركيزة الراسخة لا يمكن أن تكون فكرة أو اتفاقية أو مبدأ أخلاقيا. مبدأ الحياة الجديدة الحقيقي هو الرجاء الذي يأتي من العلى: هو المسيح! إنه مات وقام من بين الأموات من أجل خلاص الجميع. هو الحي، وأساس ثقتنا. وهو شاهد الرحمة التي تحرر العالم من كل شر. يقول لنا القديس أغسطينس، وهو يردد كلام الرسول بولس:

"في المسيح سلامنا، ومنه يأتي سلامنا" (شرح إنجيل يوحنا، 3 ،77). السلام ليس حقيقيا إن كان ثمرة مصالح شخصية فقط، بل هو سلام صادق عندما أفعل للأخر ما أريد أن يفعله لي الآخر (راجع متى 12 ،7). قال القديس البابا يوحنا بولس الثاني بقلب ملهم: "لا سلام بدون عدل، ولا عدل بدون مغفرة" (رسالة في اليوم العالمي الخامس والثلاثين للسلام، 1 كانون الثاني/ يناير 2002). هذه هي حالنا: من المغفرة يأتي العدل، وهو أساس السلام.

أما سؤالكم الثاني فيمكن أن نجيب عليه بهذه الديناميكية. صحيح أننا نعيش زمنا تبدو فيه العلاقات الشخصية ضعيفة، وتستهلك كما لو كانت أشياء. حتى بين الشباب، أحيانا، الثقة بالآخر يقابلها السعي إلى المصلحة الفردية، والتفاني من أجل الآخر يحل مكانه البحث عن المنفعة الخاصة. هذه المواقف تجعل حتى الكلام الجميل مثل كلام الصداقة والحب كلاما سطحيا، ويختلط مرارا بالشعور الأناني بكل الأمور التي نجد فيها رضانا وراحتنا. إن كانت "الأنا» هي مركز العلاقة في الصداقة أو  الحب، فهذه العلاقة لا يمكن أن تكون مثمرة. وكذلك لا يمكن أن يحب الإنسان حبا حقيقيا إن كان حبه مؤقنا، أي إذا بقي فقط طالما بقيت العاطفة: الحب المحدود هو حب فاشل. عكس ذلك، الصداقة حقيقية عندما تقول "أنت، قبل "أنا». هذه النظرة المليئة بالاحترام والمرحبة بالآخر تسمح لنا بأن نبني "نحن، أوسع، منفتحون على كل المجتمع، وعلى كل الإنسانية. والحب أصيل ويمكن أن يدوم إلى الأبد فقط عندما يعكس جمال الله الأبدي، الذي هو محبة (راجع 1 يوحنا 4،8). والعلاقات المتينة المثمرة تبنى معا على الثقة المتبادلة، على هذا المعنى "إلى الأبد» الذي يخفق في كل دعوة إلى الحياة العائلية وإلى الحياة المكرسة

أيها الشباب الأعزاء، ما الذي يعبر أكثر من غيره عن حضور الله في العالم؟ المحبة! المحبة تتكلم لغة عالمية، لأنها تخاطب كل قلب. وهي ليست أمرا مثاليا، بل هي واقع وقصة أوحى الله بها إلينا في حياة يسوع المسيح والقديسين الذين يرافقوننا وسط محن الحياة".

وقال: "انظروا بصورة خاصة إلى الشباب الكثيرين، مثلكم، الذين لم يثبط عزيمتهم الظلم أو الشهادات الخاطئة، حتى في الكنيسة، بل حاولوا رسم طرق جديدة بحثا عن ملكوت الله وعدله. بالقوة التي يمنحكم إياها المسيح، ابنوا عالما أفضل من الذي وجدتم أنفسكم فيه! أنتم الشباب تقدرون، أكثر من غيركم، أن تنسجوا علاقات مع الآخرين، حتى لو اختلفوا عنكم في الخلفية الثقافية والدينية. التجدد الحقيقي الذي يتوق إليه القلب الشاب يبدأ بالأعمال اليومية: بقبول القريب والبعيد، ومد اليد إلى الصديق واللاجئ، والمغفرة للعدو، التي هي أمر صعب لكن ضروري".

اضاف: "لتنظر إلى الأمثلة الرائعة التي تركها لنا القديسون! لنفكر في القديس بيير جورجيو فراساتي والقديس كارلو أكوتيس، شابين تم إعلان قداستهما في هذه السنة المقدسة، سنة اليوبيل. ولننظر إلى مثال قديسيكم: ما أجمل ما تجلى في حياة القديسة رفقا، التي قاومت ألم المرض مدة سنوات بقوة ووداعة! وكم من أفعال رحمة قام بها الطوباوي أبونا يعقوب الحداد، فساعد المهمشين والمنسيين من الجميع".

وقال:" يا لقدرة النور الذي ينبعث من الظلال حيث اراد أن يختلي القديس شربل، احد رموز لبنان في العالم. عيناه تصوران مرارا مغمضتين، كما لو كان يحتفظ بسر أكبر بكثير. بعيني القديس شربل، المغمضتين لترى الله بصورة أفضل، نستمر في إدراك نور الله بوضوح أكبر. النشيد المخصص له جميل جدا: "يا غافي وعيونك لعيننا نور زهرت ع جفونك حبة البخور".  أيها الشباب الأعزاء، لتضىء أعينكم بالنور الإلهي ولتزهر بخور الصلاة. في عالم مليء بالملهيات والغرور، خصصوا كل يوم وقتا لإغلاق أعينكم والنظر إلى الله وحده. فهو، إن بدا أحيانا صامتا أو غائبا، يظهر للذي يبحت عنه في الصمت. فيما تلتزمون عمل الخير، أطلب منكم أن تلتزموا التأمل مثل القديس شربل:

بالصلاة، وقراءة الكتاب المقدس، والمشاركة في القداس الإلهي، وفي اوقات للسجود. قال البابا بندكتس السادس عشر لمسيحيي المشرق: ادعوكم الى أن تنموا الصداقة الحقيقية مع يسوع باستمرار بقوة الصلاة (الارشاد الرسولي ، الكنيسة في الشرق الاوس" 63).

"أيها الأعزاء، بين جمبع القديسين والقديسات تشرق كاملة القداسة، مريم العذراء ، ام الله  وامنا، كثير من الشباب يحملون مسبحة الوردية دائما في جيبهم، أو على المعصم، أو حول أعناقهم. ما أجمل أن ننظر  إلى يسوع بعيني قلب مريم! ومن هنا  أيضا، حيث نحن الآن، ما أروع أن نرفع نظرنا إلى سيدة لبنان، برجاء وثقة!" وقال:" أيها الشباب الأعزاء، اسمحوا لي أخيرا أن أقدم لكم صلاة بسيطة وجميلة تنسب إلى القديس فرنسيس الأسيزي: "يارب، استعملني لسلامك، فأضع الحب حيث البغض، والمغفرة حيث الإساءة، والاتفاق حيث الخلاف، والإيمان حيث الشك، والحقيقة حيث الضلال، والرجاء حيث اليأس، والفرح حيث الكآبة، والنور حيث الظلمة". لتحافظ هذه الصلاة فيكم على فرح الإنجيل والاندفاع المسيحي: وكلمة "اندفاع، تعني "أن يسكن الله قلبكم»: فعندما يسكن الله فينا، يصير الرجاء الذي يمنحنا إياه خصبا للعالم. كما ترون، الرجاء فضيلة فقيرة، لأنه يأتي بيدين فارغتين، ولكن يدين حرتين لفتح الأبواب التي تبدو مغلقة بسبب التعب والألم والفشل". وختم البابا لاوون :" الرب يسوع سيكون دائما معكم، وكونوا واثقين بدعم كل الكنيسة لكم في تحديات حياتكم المصيرية وفي تاريخ بلدكم الحبيب. أوكلكم إلى حماية والدة الله سيدتنا مريم العذراء، التي من أعلى هذا الجبل تنظر إلى هذا الإزهار الجديد. يا شباب لبنان، أنموا بقوة مثل الأرز، واجعلوا  العالم يزهر بالرجاء!". بعدها، غادر قداسة البابا الصرح البطريركي في بكركي بعد دخوله كنيسة القيامة داخل الصرح، يرافقه البطريرك الراعي بعد اخذ صور تذكارية مع صاحب الغبطة وجمهور الصرح.

 

البابا يزور دير مار مارون ومزار سيدة لبنان... ويؤكد: «لا سلام من دون حوار»

الشرق الأوسط/01 كانون الأول/2025

في اليوم الثاني من زيارته إلى لبنان، يحمل البابا ليو الرابع عشر دعوة للوحدة بين اللبنانيين على اختلاف طوائفهم، ورسالة أمل إلى شباب ينتظرونه بحماسة، بعدما تضاءل إيمانهم ببلدهم الذي عصفت به الأزمات، مؤكداً «أن لا سلام من دون حوار». ووصل رأس الكنيسة الكاثوليكية إلى بيروت عصر الأحد، آتياً من إسطنبول، في أول رحلة خارجية منذ انتخابه في مايو (أيار)، قال إنه أراد من خلالها أن يكون «رسول سلام» يسعى إلى «تعزيز السلام» في أنحاء المنطقة التي مزقتها الانقسامات والأزمات والنزاعات. وحضّ البابا المسؤولين اللبنانيين، الأحد، على أن يكونوا «في خدمة» شعبهم «الغني بتنوعه»، وأن يعملوا على تحقيق المصالحة التي «تحتاج إلى السلطات والمؤسسات التي تعترف بأن الخير العام هو فوق خير الأطراف»، في بلد يقوم نظامه على توازنات سياسية وطائفية هشة. وشدد البابا ليو الرابع عشر الذي حظي باستقبال رسمي استثنائي وتجمعت حشود على الطرق التي سلكها بُعيد وصوله للترحيب به، على أن السلام «هو أن نعرف أن نعيش معاً في وحدة وشركة متصالحين مع بعضنا بعضاً». وقال إلياس أبو نصر شعلان (44 عاماً)، وهو أب لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنه «في وقت نتخبط بمشاكل كثيرة اقتصادية واجتماعية وسياسية، نحن في حاجة إلى الأمل وفي حاجة إلى أن نتحد كلبنانيين كما جمع البابا المسؤولين ورؤساء الطوائف عند استقباله؛ لأنه بوحدتنا يمكن أن نتغلب على كل الصعوبات». وأضاف بعدما شارك مع عائلته بحماسة في استقبال البابا تحت زخات المطر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «اللحظات التي مرّ فيها البابا أمامنا كانت من أحلى اللحظات، لا توصف بكلمات. شعور بالسلام والمحبة».

واستهل البابا ليو الرابع عشر اليوم الثاني من زيارته بحج صباحي إلى ضريح القديس شربل، «قديس لبنان»، كما يسمّيه كثيرون، والذي يشكّل ضريحه في بلدة عنايا الجبلية الواقعة على بعد 54 كيلومتراً شمال بيروت محجاً لمسيحيين ومسلمين. وهي المرة الأولى التي يزور فيها رأس الكرسي الرسولي الدير التابع للرهبانية اللبنانية المارونية وقد أسس الجزء الأول منه في عام 1828، وواصلت الرهبانية تطويره وزيادة أجزاء عليه، لا سيما بعد إعلان قداسة القديس شربل الذي دفن في المكان منذ عام 1898. «لا سلام من دون حوار» وأكد البابا ليو خلال زيارته إلى دير مار مارون - عنايا في محافظة جبل لبنان، أنه لا سلام من دون محادثات وحوار . ونقلت «الوكالة الوطنية للاعلام» عن البابا قوله: «نطلب السلام للعالم، ونتضرع إليه بشكل خاص من أجل لبنان وكل المشرق. نذكر بأن لا سلام من دون محادثات وحوار». وأضاف البابا: «يا رب، يا من منحت القديس شربل أن يحافظ على الصمت في الحياة الخفية ويستنير بنور الحق، امنحنا نحن الذين نقتدي بمثاله أن نخوض في صحراء العالم جهاد الإيمان الحسن». وتابع: «نريد اليوم أن نوكل إلى شفاعة القديس شربل كل ما تحتاج إليه الكنيسة ولبنان والعالم من أجل الكنيسة نطلب الشركة والوحدة بدءا بالعائلات الكنائس البيتية الصغيرة، ثم الجماعات المؤمنة في الرعايا والأبرشيات، وصولا إلى الكنيسة الجامعة. شركة ووحدة». ومضى قائلاً: «أما من أجل العالم فلنطلب السلام بصورة خاصة من أجل لبنان وكل المشرق. ونعلم جيدا، والقديسون يذكروننا بذلك، أنه لا سلام بدون توبة القلب لذا، فليساعدنا القديس شربل كي نتوجه إلى الله ونسأله نعمة التوبة لنا جميعا».

حوار بين الأديان

وبعد زيارة ضريح القديس شربل، التقى البابا الأساقفة والكهنة والعاملين في الكنائس في مزار سيدة لبنان الواقع على تلة في حريصا مطلة على مدينة جونية الساحلية، على أن يلتقي بعدها البطاركة الكاثوليك في مقر إقامته في السفارة البابوية. وبعد ظهر الاثنين، يتوجه الحبر الأعظم إلى ساحة الشهداء في وسط بيروت، حيث يشارك في لقاء مسكوني وحواري بين الأديان، يتوقع أن يجدد فيه رسائله المؤيدة للوحدة واحترام التنوع الديني، على غرار ما فعله في تركيا. وتتعايش في لبنان 18 طائفة، رغم حرب أهلية (1975 - 1990) أودت بحياة عشرات الآلاف من اللبنانيين، وكانت إلى حد بعيد، في بعض مراحلها حرباً بين مسلمين ومسيحيين. وتتوزع منذ بداية التسعينات مقاعد البرلمان مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، في عرف فريد من نوعه في الدول العربية. ويعود منصب الرئيس للطائفة المارونية، ومنصب رئيس الحكومة للطائفة السنية ومنصب رئيس البرلمان للطائفة الشيعية. ويختتم البابا ليو الرابع عشر برنامج اليوم الثاني من زيارته بلقاء حاشد مع الشباب في مقر البطريركية المارونية في بكركي، شمال بيروت، حيث سجّل أكثر من عشرة آلاف شخص تتراوح أعمارهم بين 16 و35 سنة، أسماءهم لحضوره وفق المنظمين. وبين هؤلاء أكثر من 500 شاب وشابة يأتون من الخارج. ويلقي الحبر الأعظم كلمة على مسامع الشباب، بعد سلسلة عروض وتقديم الهدايا له. ويعاني لبنان الذي لطالما نُظر إليه على أنه نموذج للتنوع الديني في الشرق الأوسط، منذ عام 2019 أزمات متلاحقة شملت انهياراً اقتصادياً غير مسبوق وارتفاعاً كبيراً في معدلات الفقر وتدهور الخدمات العامة، فضلاً عن انفجار مرفأ بيروت في عام 2020 والحرب الأخيرة التي خاضها «حزب الله» وإسرائيل، ولا تزال البلاد تعاني من تبعاتها. ودفعت تلك الأزمات عدداً كبيراً من اللبنانيين، خصوصاً الشباب إلى الهجرة. وأعلن لبنان الاثنين والثلاثاء يومي عطلة رسمية بمناسبة الزيارة، وتم اتخاذ تدابير أمنية مشددة، بما في ذلك إغلاق الطرق وحظر تحليق المسيّرات، وإقفال المحال التجارية في وسط المدينة مساء الاثنين، قبل القداس المقرر صباح الثلاثاء.

 

تغريدات مختارة من موقع أكس

تغريدات مختارة لليوم 01 كانون الأول 2025/2025

مروان العلم

بِناء الدولة مش شعار بينتهي وقت تنتهي المقابلة وتطفي الكاميرات. فا يلّي بدّو يفاخِر بأكبَر كتلة مسيحية!. بيحقِّق ولنّو شي إنجاز طول هالعُمر. بيغيِّر من داخل البرلمان…بيفضح الفاسذين بالأسامي والأرقام المنهوبة…بيقلب النظام عن بِكرة أبيه…وما بينعس عن كل هالفساد وبيطنُش عن سرقة ودايع شعبو أقلّهُ.

 شبعنا شعارات وتعهدات زَجَل إنتخابية.

 

جهاد يونس

ان المسيحية في ارض لبنان عميقة الجذور وهي في منطلقاتها الأولى قد نهلت من النبع المصدر الأساسي من المعلم الأول مبادئها وتعاليمها... فالسيد المسيح جال في الجنوب اللبناني زائراً ومبشراً وارتقى أعلى قممه حيث تجلى امام تلاميذه كما توجه مباشرة الى أبناء صور وصيدا وتعاطى معهم وشهد لأهليتهم في تقبل رسالته الخلاصية ومدح ايمان احدى بناتهم وحضر احد اعراسهم حيث حقق معجزته الأولى...وحينما باشر الرسل والتلاميذ نقل الرسالة وجدوا في مدن لبنان ابتداءً بالجنوبية منها ملجاً امناُ وملاذاً وبيئة خصبة لتقبل تعاليم الأنجيل وشكلت تلك المدن ومرافئها مراكز انتشار للمسيحية... فأرض لبنان في مرحلة اولى تقبلت البشارة على يد السيد المسيح مباشرة لا بالواسطة ثم في مرحلة لاحقة عن طريق الرسل والتلاميذ. لبنان أرض وقف الرب لا خوف عليه...

أهلا وسهلا "بابا السلام"

#أحفاد_مار_مارون

 

هل تعصف الرياح الابراهيمية في لبنان؟!

يوسف سلامة

ذكر الرئيس جوزيف عون في كلمته امام البابا لاوون الرابع عشر "الابراهيمية وأبناء ابراهيم في موضعين :

١. "أهلاً بكم على الأرض المسيّجة العذراء...وقد جعلنا يوم بشارتها عيدًا وطنيًا لكل طوائف لبنان ولكل أدياننا الإبراهيمية...".

٢. "نحن نجزم اليوم أنّ بقاء هذا لبنان، الحاضر كله من حولكم، هو شرط لقيام السلام والمصالحة بين أبناء إبراهيم كافة"...

سبقه إلى ذلك ومنذ ايام لقاء الهوية والسيادة الذي اجتمع برئاسة الوزير السابق يوسف سلامة واصدر بيانه ذاكراً فيه السلام بين أبناء ابراهيم... فهل تحمل ،زيارة قداسة بابا الكاثوليكية الاستثنائية إلى لبنان،  تشجيعاً لأحدهم للقيام برحلة قريباً للقدس تذكرنا بما قام به الرئيس المصري الراحل انور السادات في سبعينيات القرن الماضي !!"

 

يوسف سلامة

كلمة قداسة البابا أمس تؤشّر لزمن يحمل سلاماً انتظره لبنان منذ أكثر من نصف قرن،

‏آمل أن يلتقط الحكم هذه الفرصة وأن يتجاوب معه حزب الله أيضًا، فالدولة اللبنانية المدعومة بقوة السلام والحياد، هي الضامن الوحيد لكلّ أبناء لبنان،

‏إنها فرصة لبنان الأخيرة، لبنان يستحق، غدًا يوم آخر.

 

يوسف سلامة

قداسة البابا،‏السلام عنوان زيارتكم، ‏تحدثت عن المصالحة كشرط لولوجه، ‏لقاء خيمة ساحة الشهداء تميّز بلغة متطورة رغم أنّ المصالحة لم تكتمل بالشكل،

‏رأس الطائفة الإسرائيلية المعترف بها في لبنان غائب، ‏طريق السلام تتطلب جرأة، عدل وحكمة،‏وحدك مؤهّل لرعاية سفينة السلام، رعايتكم واجب.

 

بسام ابو زيد

أكدت زيارة البابا لاوون الرابع عشر أن لبنان محوري بالنسبة للوجود المسيحي في الشرق. هذا الوجود يواجه تحديات كبرى وهي عدم الإستقرار والتطرف والأوضاع الإقتصادية والإجتماعية الصعبة وهذه حالة تعم معظم الدول في المنطقة حيث الوجود المسيحي الذي تأثر سلبا فانخفضت أعداد المسيحيين في لبنان وسوريا والعراق وفلسطين والأردن ومصر. إن لبنان الذي يوصف بالرسالة والنموذج والمختبر في التلاقي بين الأديان،لا بد للمسيحيين فيه أن يلعبوا دورا مهما كي يثبتوا في هذه الأرض،فمسيحيو لبنان مدعوون:

 لحمل راية السلام والإستقرار لأن الحروب والفوضى هي عدوهم. ملاذهم الوحيد الدولة القوية العادلة التي تملك قرارها.التضامن مع الكنيسة والعودة إلى جذورها والتعاضد بينها وبين المؤمنين لعقد اجتماعي ومعيشي أفضل.

التعاون مع كل المكونات اللبنانية الأخرى انطلاقا من الولاء النهائي للبنان. كل ذلك إن حصل لن يكون في مصلحة اللبنانيين المسيحيين فقط بل لصالح كل اللبنانيين إلى أي طائفة أو مذهب إنتموا.

 

نوفل ضو

زيارة البابا لاوون الرابع عشر الى لبنان بمحطاتها، وكلماتها، ومشهديتها، جعلتني أشعر بأني قوي بكنيستي رغم ضعفها البشري، وقوي بقديسيها رغم ان مثلهم ومثالهم بعيدان عن عيشنا اليومي، وقوي بدولتي رغم ضعف مؤسساتها والقيمين عليها، وقوي بايماني بالله رغم بحر اليأس الذي نتخبط فيه، وقوي بالرجاء الذي كثيرا ما نعتبره نظرية لا تطعم خبزا، ولا تروي عطشا، ولا تأوي مشردا، ولا تعيد مهاجرا… قوي بلحظات صمت البابا التي اعادتني واعادت المتابعين الى ذواتهم، وأشعرتهم بأن السلام الداخلي والمصالحة مع  الذات أقوى في تأثيرها من كل عوامل القوة في السياسة والعسكر والاقتصاد، وبأن قوة الارادة لا تقاس لا بالعدد ولا بالحجم ولا بالوجاهة ولا بالسلطة ولا بالمال… زيارة البابا اشعرتني بأن الانسان الفرد المتصالح مع نفسه اقوى من الرؤساء والنواب والوزراء والزعماء متى تحرر من قيود التبعية والارتهان والخضوع والانصياع

 

*******************************

في أسفل رابط نشرة الأخبار اليومية ليومي 01-02  كانون الأول/2025/

نشرة أخبار المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية باللغة العربية ليوم 01 كانون الأول/2025

/جمع واعداد الياس بجاني

https://eliasbejjaninews.com/2025/11/149763/

ليوم 01 كانون الأول/2025/

LCCC Lebanese & Global English News Bulletin For December 01/2025/

Compiled & Prepared by: Elias Bejjani

https://eliasbejjaninews.com/2025/11/149766/

For December 01/2025

**********************
رابط موقعي الألكتروني، المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

https://eliasbejjaninews.com

Link for My LCCC web site

https://eliasbejjaninews.com

****

Click On The Link To Join Eliasbejjaninews whatsapp group

اضغط على الرابط في اسفل للإنضمام لكروب Eliasbejjaninews whatsapp group

https://chat.whatsapp.com/FPF0N7lE5S484LNaSm0MjW

*****

الياس بجاني/اتمنى على الأصدقاء والمتابعين لمواقعي الألكتروني الإشتراك في قناتي ع اليوتيوب.Youtube

الخطوات اللازمة هي الضغط على هذا الرابط  https://www.youtube.com/channel/UCAOOSioLh1GE3C1hp63Camw

  لدخول الصفحة ومن ثم الضغط على مفردة SUBSCRIBE في اعلى على يمين الصفحة للإشترك.

Please subscribe to My new page on the youtube. Click on the above link to enter the page and then click on the word SUBSCRIBE on the right at the page top

*****

حسابي ع التويتر/ لمن يرغب بمتابعتي الرابط في أسفل

https://x.com/EliasYouss60156

My Twitter account/ For those who want to follow me the link is below

https://x.com/EliasYouss60156

@followers
 @highlight
 @everyone