تظاهرة 29 آب …
خليل حلو/فايسبوك
غسل منظمو تظاهرة الأمس من “طلعت ريحتكم” و”بدنا نحاسب” و”حلـّوا عنـّا” أيديهم من أعمال الشغب التي دامت 3 ساعات كاملة عند إنتهاء تظاهرتهم، وكأن الشغب آتٍ من كوكب آخر وكأن إستغلال حملتهم لا يعنيهم … وصدر عنهم بيان يطالب بالدولة مدنية، وإستقالة وزير البيئة محمد المشنوق، ومعرفة من أطلق النار على المتظاهرين، ومحاسبة وزير الداخلية نهاد المشنوق، وإيجاد حل بيئي وصحي للنفايات، وحصول انتخابات نيابية شرعية، وإلا بعد 72 ساعة العودة إلى التظاهر والتصعيد. وسمعنا أيضاً خلال التظاهرة مطالبات بإسقاط النظام، وأخرى ضد الفساد، لم تخلو من الكلمات النابية والسباب لدى البعض. منذ أسبوع وأكثر بذلنا جهداً كبيراً لتوعية الشبان المتحمسين، على مخاطر إستغلال غضبهم ضد الوضع الفاسد الذي وصلنا إليه، وكنا دعونا وما زلنا ندعو إلى ثورة من نوع آخر ضد الفساد، وهي ثورة قيم داخل كل واحد منـّا وثورة ضد الزعماء، وليس ثورة لإسقاط الدولة. أسقـِطوا أباطرة العصر الحديث وليس الدولة! أسقـِطوا الفاسدين وليس الصالحين والأبرار! نعم بالأمس تجرأ بعضكم وندد بكافة الزعماء وكادت تقع واقعة بعد التنديد بأحد هؤلاء الزعماء ظهر أمس فهل سيستمر هذا التنديد؟ من حسنات تظاهرة الأمس: تجرأتم أن تنددوا بالزعامات، وهذا جيد، لأنهم أصحاب القرار الفعليين، وليس القصر الحكومي، ولكن أكملوا ما تفعلوه بالتظاهر ضد التعطيل أمام منازل ومقرات من يعطلون الحكومة والرئاسة والمجلس، ولدينا شكوك أنكم ستفعلون … شكوك كبيرة جداً! أكملوا ما تفعلوه بالتظاهر ضد الفاسدين فقط أو أقله من تتهموه بالفساد وليس ضد 127 نائباً لأن من بين هؤلاء النواب من هو منتج ونزيه وفاعل وبعيد كل البعد عن الصفقات، والشيء نفسه بين الوزراء! ولكن هل ستميزون؟ ولدينا شكوك أنكم ستفعلون … شكوك كبيرة جداً … خاصة بعد ما شهدناه منذ 22 آب. أما ما يمكن أن يحدث إذا سقط النظام واستقال الوزراء من مناصبهم، فهو أحد الإحتمالات التالية أو أكثر وكلها سيئة جداً دون أدنى شك :
1. عدم إتفاق قادة التظاهرات فيما بينهم على برنامج سياسي واضح وانقسامهم على بعضهم والوصول إلى الفوضى وشريعة الغاب.
2. سيطرة الأحزاب التي لديها ميليشيات على بعض المناطق ووقوع مواجهات فيما بينها وبين الجيش مع ما في ذلك من مخاطر عودة الحروب كما يحدث في سوريا.
3. تقسيم لبنان الذي يسعى إليه البعض من أبطال نظرية تحالف الأقليات، دون أن يكون هؤلاء قد أطلقوا رصاصة واحدة.
4. حكم عسكري ووضع الجيش في موقع ليس له إطلاقاً مع كل ما لذلك من تداعيات ومخاطر الإنقلابات غير المعلنة.
في كل هذه الأحوال ستكونون أيها الشبان أنتم الخاسرون، وطبعاً سيكون لبنان الخاسر الأكبر، وستكونون الوقود الذي أضرم النار في الهشيم. أما إذا وجـّهتم ثورتكم إلى الأمكنة المناسبة وإلى داخل أنفسكم لتسييد القيـَم والسعي إلى المعرفة، عندها ستجدون معكم ليس فقط ثلاثين ألف متظاهر (مساحة التجمع في ساحة الشهداء قدّرت بحوالي 15000 متراً مربعاً – وإذا حسبنا 3 أشخاص في المتر المربع الواحد يكون العدد في حده الأقصى 60 ألف متظاهر، ولكن التقدير الواقعي بانتظار بيان من قوى الأمن لأنها الوحيدة التي تستطيع التقدير الدقيق، هو حوالي 40 ألفاً)، إذن عندما تصوبون ثورتكم بالإتجاه الصحيح ستجدون في الشارع ليس عشرات الآلاف بل تظاهرة مليونية حقيقية كما في 14 آذار 2005، وبانتظار ذلك هناك من يناضل منذ 40 عاماً ولم ييأس وسيستمر بالنضال من أجل القيم وتطهير الدولة من الفاسدين وإصدار قوانين لمحاربة الفساد.