حزب الله” صار شيخ صلح!
احمد عياش/النهار/25 تموز 2015
ليس من صورة معبّرة عن حال لبنان أفضل من صورة “حزب الله” الذي صار منوطاً به إيجاد معادلة يتعايش فيها لبنان بين طموح العماد عون الى رئاسة الجمهورية وبين طموح لبنان الى استمرار الحكومة في العمل لتسيير شؤون البلاد في ظل أزمات أكثرها تعقيداً شغور منصب رئاسة الجمهورية. ولكي يدرك المرء معنى هذا الواقع عليه أن يخرج رأسه من النفايات التي يجري دفن رأس البلاد فيها لكي يشاهد ما يدور من حول الوطن؟ فمن الزبداني، المنطقة السورية الجميلة، التي يجهد الحزب مع براميل الاسد الى تحويلها الى ركام، الى عدن حيث يندب ولي الفقيه الايراني مصير مشروعه في باب المندب اليمني هناك هلال مشروع سيطرة ملالي إيران يتآكل ليبزغ بدلا منه بدر شعوب تتوق الى الحياة حتى ولو كان هذا التوق يلبس قميص إتفاق نووي.وليس من ضير تكرار القول ان الضاحية الجنوبية لبيروت كانت غارقة في الحزن عندما كانت طهران تنفجر فرحا بتوقيع النووي فامتلأت شوارع العاصمة الايرانية بالألوان فلم يشاهد بينها عباءة سوداء. ن وراء دخان حرائق نفايات لبنان وروائحها الحكومية والرئاسية يتبيّن أن مصير لبنان حتى إشعار آخر سيكون مكبا لنتائج مرحلة ما بعد النووي. فلا رئيس جديد للجمهورية ولا من يحزنون، بل فقط هناك إدارة للفراغ ولو بالحد الادنى.من هنا نفهم لماذا ينطق أهل “حزب الله” في لبنان بمواعظ التهدئة فيما هم يرغون ويزبدون من سوريا الى اليمن. وكي لا نخدش حياء من يؤمنون بمقولة “نيال من له مرقد عنزة في لبنان” نحيلهم فقط الى بعض من تاريخ هذه البلاد التي استحقت خلاله بألقاب من نوع “وكر الجواسيس” و”كرخانة الشرق” و”ملجأ الفاشلين في الانقلابات” وغيرها. ونضيف عليها اليوم “ملاذاً لآل الاسد وعشيرة علي عبدالله صالح وذوي الزعيم الحوثي”. ندما يراد أن تكون للبنان وظائف على قياس هذه الالقاب يبدو صراخ ذوي النيات الحسنة مثيرا للضحك والشفقة لأنهم يا أبتاه يجهلون ما يتمنون. فعلى من يقرأ هؤلاء مزاميرهم عندما ينادون بالشفافية فيما هناك طبقة سياسية بأمها وأبيها تنهش كعكة مغانم حتى ولو كانت من النفايات؟ كيف تقول لـ”حزب الله” توقف عن سفك الدماء في سوريا فيما دولة لبنان بأمها وأبيها سيرك للفرجة واللهو يسمح لـ”حزب الله” أن يتصرف على أساس أن هذه البلاد بلا بواب؟ سنسلم جدلاً بموعظة “ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل”… كما سنسلم جدلا بأن تبييض الاموال مضافاً اليها بما يجود به الحرس الثوري الايراني على جنوده في لبنان يتكفل بمؤونة من قالوا أنهم جنود في جيش ولي الفقيه. لكن نحاول فلا نستطيع أن نسلّم جدلا بهذه اللامبالاة المخيفة التي يتم التعامل بها مع متاعب تيار “المستقبل” الذي ما زال حتى الآن آخر حصون الاعتدال في لبنان. أين الوليّ؟
بعد الزبداني.. «حزب الله» يتنقل بين جبهات الانتحار
علي الحسيني/المستقبل/25 تموز/15
دخول الزبداني قرار لا رجعة عنه. هذا ما يؤكده إعلام «الممانعة» بشكل يومي وهذا ما يسعى «حزب الله» إلى تحقيقه خلال الأيام المقبلة بعدما استقدم لمعركته هذه الآلاف من عناصره جاء بمعظمهم من جبهات متعددة وتحديداً من القلمون والقصير مُعزّزين بمساحات واسعة يفردها إعلام الحزب تُظهر المدينة وكأنها وكر للإرهاب التكفيري وبالتالي فلا بأس من تسويتها بالأرض بحجّة القضاء عليه.على أبواب تقدم «حزب الله» إلى داخل الزبداني، لن يتمكّن الأهالي أن يُقدموا لبلدتهم أكثر مما قدموه خلال الشهرين المنصرمين، فوسط الحصار الخانق المفروض عليهم والبراميل المتفجرة التي تنهال فوق رؤوسهم يوميّاً بالإضافة إلى الصواريخ الموجهة التي تصطادهم داخل منازلهم، لم يعد الأهالي يمتلكون سوى الصلوات والدعوات لإبعادهم عن المذابح التي يمكن أن تُرتكب بحق من تبقّى منهم على قيد الحياة بعد دخول المدينة التي تحوّلت إلى اسطورة في النضال والموت. كثيرة هي الأسباب التي تدفع «حزب الله» إلى فتح جبهات جديدة، فكما كان لتدخله في الحرب السورية منذ بدايتها أسباب ربطها بحماية المقامات الدينية وإبعاد شبح الإرهاب عن القرى الشيعيّة، ها هو يُعطي اليوم أسباباً ممثالة ليُبرّر إشعاله معركة الزبداني. تحجّج الحزب بقرب الزبداني من الحدود اللبنانية واستهداف «الإرهابيين» لطريق بيروت دمشق بشكل مستمر ما يمنع عليه إيصال الإمدادات لعناصره في الداخل السوري، مع العلم أن الحزب كان عقد قبل أشهر صفقة مع ثوّار الزبداني بعدم التعرض لهم مع الحصار عنهم مقابل عدم استهدافهم الطريق المذكورة وعدم قطعهم المياه عن سكان العاصمة السورية قبل أن ينقلب هو على الاتفاق. بالتزامن مع قرب فرض سيطرته على الزبداني، بدأ «حزب الله» يعترف بشراسة المعارك التي خاضها وتكبّده خسائر فادحة في العديد والعتاد خصوصاً في منطقة السلطان التي خسر فيها لم لا يقل عن مئة عنصر والتي شكل سقوطها بالنسبة له مدخلاً عريضاً لبسط سيطرته على سهل الزبداني والتحضّر للمرحلة النهائية. لكن في المقلب الأخر وتحديداً في الشق الداخلي هناك سؤال يطرح نفسه حول مردود هذا «الانتصار» وانعكاسه على لبنان خصوصاً وأن اللبنانيين تعوّدوا على استثمارات الحزب لانتصارته كما هزائمه، بانقلابات ومطالبته بامتيازات تُزيد من استئثاره بالبلد وبتسلّطه من خلال سلاح حوّله من عامل قوّة في وجه إسرائيل إلى ورقة ضغط في الداخل تُمكّنه من جني الأرباح السياسية في اللحظات الصعبة والمصيرية. ن الواضح أن غض طرف جمهور «حزب الله» عن مُحاسبة أو مساءلة الحزب وقيادته حول إغراقه في هذه الحرب التي أدت إلى كل هذه الخسائر الكبيرة في الأرواح حتّى اليوم، يُزيد من تفرّد الحزب بالقرار الشيعي وغير الشيعي، والمضي في سياسة نحرها على جبهات لا تنتهي، وهو ما يضع هذا الجمهور في مواجهة مستمر مع أشقّائهم في البلد ومع جيرانهم من الشعب السوري خصوصاً أهل الزبداني الذين استقبلوا جمهور «حزب الله« خلال حرب تموز وجعلوهم أهل البيت، ليأتي الحزب اليوم ويُكافئهم على حسن ضيافتهم بقتلهم وبتدمير منازلهم. أكثر من مئتي عنصر من «حزب الله» سقطوا في غضون أقل من شهر في الزبداني وحدها، ما عدا الانعكاسات السلبية التي ما زالت ترتد على كل لبنان من جرّاء إصرار الحزب على الاستمرار في هذه الحرب حتّى النفس الأخير أو حتّى القضاء على ثلثيّ بيئته أو جمهوره، ورغم هذا يُكمل الحزب سيره في رحلة انتحار كان بدأها بطريق القصير مروراً بدمشق ثم القلمون فالزبداني، والكلام عن قرب وضع حد نهائي للمأساة التي تُعاني منها بيئة الحزب من جرّاء الخسارات التي تُلاحقها، يُقابله من الجهة الأخرى أحاديث عن استعدادات جديدة يتحضّر لها «حزب الله» لفتح جبهة جرود عرسال وجبهة الحدود اللبنانية – السورية قرب بلدة شبعا.