شبل الزغبي/لبنان ليس محافظة إيرانية، آن الأوان لاستعادة الكرامة والسيادة

19

لبنان ليس محافظة إيرانية، آن الأوان لاستعادة الكرامة والسيادة
شبل الزغبي/14 كانون الأول/2025
في موقفٍ نادرٍ ومشرف، يخرج وزير خارجية لبنان عن منطق الخضوع المزمن، ويرفض دعوة وزير خارجية إيران لإجراء محادثات في طهران، مطالباً حصولها بدولةٍ محايدة. هذا القرار، مهما بدا بديهياً في أي دولةٍ طبيعية، يُعدّ في لبنان فعلاً سيادياً استثنائياً بعد سنوات من الانبطاح السياسي أمام نظامٍ يتعامل مع لبنان كملحقٍ أمني لا كدولة مستقلة.
كفى خضوعاً لإيران. كفى تسليم القرار الوطني لنظامٍ تيوقراطي متطرف، لم يكتفِ بالتدخل في شؤوننا، بل صادر سيادتنا عملياً عبر تسليح حزبٍ ارهابي خارج عن الشرعية، وفرضه كأمرٍ واقع فوق الدولة، والجيش، والدستور.
إيران الملالي لم تتعامل يوماً مع لبنان كدولة ذات سيادة، بل كساحة.
كساحة صواريخ، كساحة رسائل، كساحة تفاوض بالدم اللبناني. تدخّلها لم يكن سياسياً فحسب، بل كان بنيوياً، عميقاً، منظّماً: تسليح ميليشيا حزب الله، تمويلها، تدريبها، وتغليف مشروعها العسكري بأدلجة دينية قائمة على غسل أدمغة النشئ، من خلال مدارس المهدي، وزرع ثقافة الموت، والاستشهاد العبثي، واحتقار مفهوم الدولة لصالح “الولي الفقيه”.
أي دولة محترمة كانت لتقاضي إيران أمام المحافل الدولية منذ سنوات:
على تسليحها جماعة مسلحة خارج الشرعية “حزب الله”
على تدخلها المباشر في القرار الأمني والسياسي
على تحويل لبنان إلى منصة صراع إقليمي
وعلى انتهاكها الصريح لمبدأ سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية
لكن في لبنان، سُكِت عن الجريمة، بل جرى تبريرها، وتقديسها، وتحويلها إلى “مقاومة”، فيما الحقيقة أنها مشروع هيمنة إيراني كامل الأوصاف.
لقد حان الوقت لطرد السفير الإيراني من لبنان، لا كخطوة انفعالية، بل كإجراء سيادي بديهي. سفير دولة تتدخل في تشكيل الحكومات، تعطيل الرئاسة، توجيه السياسات الدفاعية، والتحكم بالحرب والسلم، لا مكان له في عاصمةٍ تدّعي أنها عاصمة دولة مستقلة.
كما آن الأوان لإعادة النظر جذرياً بالعلاقات الثنائية مع إيران. العلاقات بين الدول تقوم على الندية والاحترام المتبادل، لا على الوصاية العقائدية ولا على تصدير الثورات. نحن لا نخاصم شعباً، بل نواجه نظاماً توسعياً متطرفاً، نظام ولاية فقيه لا يؤمن بالدول، ولا بالحدود، ولا بالمجتمعات الحرة. نظام يعيش على الفوضى ويستثمر في الانقسام ويتغذّى من الخراب يتقن استخدام الطائفية كسلاح، والدين كأداة تعبئة، والفوضى كوسيلة نفوذ.
العالم كلّه يقف اليوم في مواجهة الإسلام السياسي، سواء كان سنياً أو شيعياً، بعد أن أدرك متأخراً أنه سرطان الدول الحديثة، وإن هذه الأيديولوجيات لا تبني دولاً، بل تهدم المجتمعات، وتحوّل الشعوب إلى وقود مشاريع عابرة للحدود. ولبنان، بتعدديته وتاريخه وثقافته، لا يمكن أن يعيش داخل قفص ولاية الفقيه، ولا أن يُختصر بهوية قتالية دخيلة على تقاليده، وإن أراد البقاء عليه أن يكون في صف الدول لا خنادق الميليشيات.
السيادة لا تُجزّأ.
والحياد ليس خيانة.
والسلام مع الذات يبدأ بتحرير القرار الوطني من أي نفوذ خارجي، أياً كان مصدره.
لبنان ليس تابعاً، ولا ساحة، ولا ورقة تفاوض.
لبنان دولة لنا… أو لن يكون.
*شبل الزغبي/عضو مجلس القيادة المركزية في حزب حراس الأرز

Share