الياس بجاني/فيديو ونص، عربي وانكليزي: ضرورة قطع العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وجمهورية إيران الإسلامية وطرد السفير الإيراني

20

ضرورة قطع العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وجمهورية إيران الإسلامية وطرد السفير الإيراني
الياس بجاني/13 كانون الأول/2024

Click Here to read & watch the English Video version of this piece
اضغط هنا لقراء المقالة بالعربية بالإنكليزية

إن ما يُسمّى “الجمهورية الإسلامية الإيرانية” ليس مسمّىً لدولة طبيعية تسعى إلى علاقات متكافئة مع محيطها، بل هو نظام ملالي توسّعي، مذهبي، وإرهابي، قام منذ تأسيسه عام 1979 على تصدير التشيّع، والفوضى، والعنف، والمذهبية، والتعصّب تحت شعار “تصدير الثورة”. هذا النظام لم يعترف يومًا بحدود الدول ولا بسيادتها، بل تعامل مع دول المنطقة كساحات نفوذ مفتوحة، وكان لبنان – ولا يزال – أحد أبرز ضحاياه.
من هنا، فإن لبنان لا يعاني من إجرام وإرهاب إيران كنظام بعيد جغرافيًا، بل يعاني منها كنظام مقيم فعليًا داخل أراضيه، يفرض قراره، ويعطّل دولته، ويصادر مستقبل وأمن وتعايش أبنائه، ويغتال السياديين والأحرار، عبر ذراعه العسكري – المذهبي – الإرهابي، المسمّى كفرًا وزورًا وبهتانًا حزب الله.

من الضروري التذكير بأن لبنان واللبنانيين، وتحديدًا الطائفة الشيعية، لم يختاروا نظام إيران، ولم يكونوا وراء نشوء حزب الله، وأن الهيمنة الإيرانية على لبنان لم تأتِ يومًا برضا اللبنانيين، ولا حتى برضا الطائفة الشيعية نفسها، التي جرى خطفها ومصادرتها وتحويلها إلى رهينة بيد حزب الله، مع الدولة والشعب.

لقد وُلد حزب الله في ظل الاحتلال السوري للبنان، وبرعاية مباشرة من نظام حافظ الأسد، الذي سهّل ورعى استباحة الأرض والمؤسسات والأجهزة للحرس الثوري الإيراني. في تلك المرحلة، لم يكن الحزب مجرد تنظيم مقاوم، بل مشروعًا عقائديًا مغلقًا هدفه السيطرة الكاملة على الطائفة الشيعية أولًا، ثم استخدام هذه السيطرة للهيمنة على الدولة اللبنانية لاحقًا، وتحويل لبنان إلى ساحة ومعسكر للحروب الإيرانية التوسّعية.

وتحت شعار “المقاومة” الكاذب، جرى: إلغاء التعددية داخل الطائفة الشيعية، إخضاعها سياسيًا وأمنيًا وماليًا، وتحويلها إلى خزان بشري لمشروع إيراني لا علاقة له بأبنائها، ولا بلبنان، ولا بمصالح اللبنانيين.

عام 2005، أُجبر جيش الاحتلال السوري على الانسحاب من لبنان تحت ضغط انتفاضة الاستقلال والقرارات الدولية، لكن اللبنانيين لم يستعيدوا سيادتهم، لأن الاحتلال لم يخرج، بل تبدّل شكله وأدواته. فبدل أن تعود الدولة إلى أهلها، انتقلت الوصاية من دمشق إلى طهران.
في تلك اللحظة المفصلية، حلّ حزب الله مكان الجيش السوري، لا كقوة عسكرية فحسب، بل كـأداة احتلال إيراني مباشر، فتحوّل تدريجيًا من ميليشيا مسلّحة إلى: دولة داخل الدولة، ثم دولة فوق الدولة، ثم الدولة نفسها. ومنذ ذلك التاريخ، بات حزب الله، المكوَّن من مرتزقة لبنانيين، يقرّر الحرب والسلم، ويعطّل النظام البرلماني بكل أشكاله، ويفرض الحكومات أو يُسقطها، ويهيمن على القرارين الأمني والعسكري، ويشلّ القضاء، ويستخدم مؤسسات الدولة كواجهة شكلية لمشروعه الخارجي. وهكذا، لم يعد لبنان دولة مخطوفة جزئيًا، بل دولة مُصادَرة بالكامل.

الأخطر من الاحتلال نفسه هو وقاحة الخطاب الإيراني. فالمسؤولون الإيرانيون الكبار، وعلى رأسهم المرشد علي خامنئي، لم يحاولوا يومًا إخفاء تدخلهم في الشأن اللبناني، بل تفاخروا علنًا بأن لبنان جزء من “محورهم”، وأن قراره ليس مستقلًا، وأن سلاح حزب الله خط أحمر تقرّره طهران لا بيروت.
هذه ليست زلات لسان، بل سياسة رسمية ممنهجة تعكس نظرة استعلائية إلى لبنان وشعبه ودستوره ومؤسساته، وكأن اللبنانيين قاصرون عن إدارة دولتهم، ويحتاجون إلى “وليّ فقيه” يحكمهم من الخارج. اليوم، وبعد الهزيمة العسكرية والسياسية التي مُني بها حزب الله، وبعد صدور قرارات دولية واضحة تهدف إلى إنهاء حالة السلاح غير الشرعي واستعادة سيادة الدولة اللبنانية، تصرّ إيران على رفض الواقع الجديد.

إن إيران لا تدافع عن لبنان، ولا عن الطائفة الشيعية، بل عن آخر موطئ قدم لها على شاطئ المتوسط. لذلك ترفض تسليم سلاح حزب الله، الذي هو عمليًا سلاحها، وترفض إعادة القرار إلى الدولة، والالتزام بالقرارات الدولية، وتصرّ على إبقاء لبنان، من خلال حزب الله، رهينة مشروعها الإقليمي، ولو على حساب دمار ما تبقّى من البلد. بناءً على ما ذُكر، فإن لا معنى ولا شرعية لأي علاقات دبلوماسية بين لبنان ودولة تحتل قراره السياسي، وتملك ميليشيا مسلّحة على أرضه، وتتدخل علنًا في شؤونه الداخلية، وتتعامل مع مؤسساته بازدراء. ولأن العلاقات الدبلوماسية بين الدول تفترض الندية والاحترام المتبادل، لا علاقة بين دولة ذات سيادة وسيّد إقليمي وميليشيا تابعة له، يصبح قطع العلاقات اللبنانية–الإيرانية وطرد السفير الإيراني فورًا خطوة سيادية بديهية، لا استفزازًا ولا عداءً، بل واجبًا وطنيًا إنقاذيًا. فلا تحرير للدولة مع بقاء سفارة دولة تحتل القرار اللبناني، ولا سيادة مع وجود ميليشيا تأتمر بأوامر الخارج. وبالتالي، لن يكون لبنان دولة ما دام حزب الله هو الدولة، ولن يكون مستقلًا ما دام قرار الحرب والسلم في طهران، ولن ينهض ما دام محتَلًا بالسلاح والإرهاب والإيديولوجية الإيرانية المذهبية. وبالتالي، فإن قطع العلاقات مع إيران ليس نهاية المشكلة، بل بدايتها الصحيحة.

المطلوب بوضوح ومن دون أي تردّد: محاكمة قادة حزب الله كمجرمي حرب وخونة، تجريد الحزب من سلاحه بالكامل، تفكيك جميع مؤسساته الأمنية والاجتماعية والثقافية والاستخباراتية والمالية، إعلانه تنظيمًا إرهابيًا رسميًا، كما هو مصنّف في عشرات دول العالم، ومنع أي عنصر مؤدلج من حزب الله من دخول مؤسسات الدولة، ولا سيما المؤسسات الأمنية والعسكرية…من دون ذلك، يبقى لبنان مجرد اسم على خريطة، وليس دولة حقيقية سيدة وحرة ومستقلة.
الكاتب ناشط لبناني اغترابي
عنوان الكاتب الإلكتروني:
Phoenicia@hotmail.com
رابط موقع الكاتب الإلكتروني:
https://eliasbejjaninews.com

Share