انجم الهاشم/في 6 حلقات الوزير السابق جوزاف الهاشم يروي تجربته السياسية

25

نجم الهاشم/نداء الوطن/في 6 حلقات الوزير السابق جوزاف الهاشم يروي تجربته السياسية
الحلقات نشر في جريدة نداء الوطن ما بين 10 و22 كانون الأول/2025

بالفيديو – الوزير السابق جوزاف الهاشم يروي (1من 6)… قصة الخلاف مع بشير: هجم عليّ فلجأت إلى الشيخ بيار
10 كانون الأول/2025
كان أحد رجال المنابر الكبار في حزب “الكتائب”. وكان صوت لبنان. له جولات وصولات وخطب نارية وتعليقات سياسية رافقت الأحداث والانقلابات السياسية والعسكرية. تدرج في السياسة والإذاعة حتى وصل إلى الوزارة وطُرح اسمه أكثر من مرة لرئاسة الجمهورية قبل وبعد أن صار وسيطًا بين الرئيس أمين الجميل ورئيس النظام السوري حافظ الأسد. على رغم أنه خاض أهم تجربة إعلامية في الحرب إلا أنه بعد ابتعاده عن لعب الأدوار السياسية بقي بعيدًا من الإعلام. جوزاف الهاشم الذي خاض تجربة سياسية غنية لم يسبق له أن رواها واستفاض في الرواية. وهو اليوم يلبي “نداء السنين” ويفتح خزنة أسراره ويحكي عن انتسابه إلى الكتائب وتأسيس إذاعة “صوت لبنان” وخلافه مع بشير.
– ما هي قصتك مع “الكتائب”؟
منذ كنت تلميذًا في مدرسة الحكمة كانت تشدّني نزعة نحو نشوء النظريات السياسية والعقائدية. استمالتني إلى حدّ ما نظرية القوميين السوريين. ذهبت مع تلميذين من مدرسة الحكمة من آل خيرالله. استمعت إلى عدد من المناظرات في بيت الطلبة مقابل الجامعة الأميركية وجدت أن ما أستهويه منقلب هناك. قصة دمج لبنان بسوريا الكبرى ما ركبت براسي. رجعت وانقلبت على قاعدة أن الضدّ يظهر حسنه الضدّ. رحت بالشكل العكسي إلى “الكتائب”. ترأست خلية الطلاب وأصبحت خطيب المناسبات الطلابية في الحزب ثم أنشأت مع وليم غريب وجوزاف صايغ مجلة “عمل الطالب” ووصلت بشكل تدريجي إلى مدير بيت الكتائب ورئيس إقليم الشوف وأمين سر مجلس إدارة جريدة “العمل” ورئيس مصلحة الأمانة العامة وأمين سر المكتب السياسي، ثم مدير إذاعة “صوت لبنان” ثم وزيرًا عن الحزب.
– عام 1958 كيف أسستم إذاعة صوت لبنان الأولى؟
كنا في الأشرفية. بيتي قرب بيت الأستاذ جوزاف أبو خليل. طلعت فكرة أن نعمل إذاعة. إذاعة “صوت لبنان”. أحضرت بعض المعنيين بالشأن التكنولوجي وعملنا شي بيسمّوه إذاعة. تُسمِّع ضمن حدود الأشرفية. كنت أسجّل في بيتي ونذيع من بيت أبو خليل. عندما انتُخِب فؤاد شهاب رئيسًا للجمهورية، وكان الشيخ بيار الجميل معه في الحكومة، طلب أن نقفل الإذاعة. أقفلناها وانتهت “صوت لبنان” الأولى.
– كيف كانت مشاركة “الكتائب” في دعم الرئيس كميل شمعون في أحداث 1958؟
طبعًا هذا الأمر كان أساسيًا بالنسبة إلى “الكتائب”. 1958 كانت بداية الانعطاف بين لبنان السيادة ولبنان المسيطَر عليه. “الكتائب” كان عندها خط أساسي في دعم رئاسة الجمهورية ودعم الجيش وسيادة لبنان والدفاع عن استقلاله.
– كانت أحداث 1958 أول إشارة لهشاشة التركيبة اللبنانية؟
صحّ. ولكن انتصرت الدولة اللبنانية التي مرّت بمجموعة من الأحداث التاريخية خصوصًا عندما وصلنا إلى مرحلة 1969 والمشكلة مع الفلسطينيين…
– ذهبت إلى القاهرة عام 1969 ضمن الوفد الذي رافق العماد إميل البستاني الذي وقع “اتفاق القاهرة” مع ياسر عرفات. ماذا عن كواليس تلك المرحلة؟
الرئيس شارل حلو كان يرغب بإرسال الرئيس رشيد كرامي. كرامي ذكي. اعتذر. لذلك وقع الخيار على العماد إميل البستاني الذي اختار عددًا من الصحافيين للذهاب معه. كان سعيد فريحة عن “دار الصياد” وكنت عن جريدة “العمل”. وكان معه سامي الخطيب وجوني عبدو من ضباط المخابرات. نزلنا في الأوتيل وكان الرئيس جمال عبد الناصر أخذ وعدًا من ياسر عرفات أن يأتي إلى القاهرة ويلتقي قائد الجيش لعقد الاتفاق. الرئيس شارل حلو ذكي أيضًا. العاصفة كانت ستهبّ في عهده أبعدها إلى عهد الرئيس سليمان فرنجية. أجّلها بـ “اتفاق القاهرة”. بقينا ثلاثة أيام ننتظر عرفات ولكنه لم يأتِ. قلت للأستاذ سعيد فريحة ما رأيك أن نعمل مقابلات مع مسؤولين مصريين حتى لا يُقال إن العماد بستاني انتظر ياسر عرفات ولم يأتِ. عملنا مقابلات ذكرنا فيها أن العماد بستاني يقوم بمباحثات في مصر. في اليوم التالي طلب العماد بستاني من سامي الخطيب أن يحجز للعودة إلى لبنان وأخذ موعدًا من عبد الناصر. ذهبنا لعند عبد الناصر. فات البستاني وخرج بعد نصف ساعة وطلب من الخطيب إلغاء الحجز. عرفت لاحقًا أن عبد الناصر اتصل بوزير الدفاع في سوريا، حافظ الأسد، وهدّد بأنه إذا لم يحضر عرفات سيكون لهذا الأمر انعكاسات عسكرية في مسألة التنسيق مع سوريا. وصل عرفات بعد الظهر وادعى أنه لم يأتِ خوفًا من أن تخطف إسرائيل طائرته أو تغتاله. طبعًا لم يحصل التزام بـ “اتفاق القاهرة” الذي أعطى الفلسطينيين حق التحرك في بقع معينة وليس في بيروت وجونيه.
– أرسلت رسالة إلى الملك حسين تعلن دعمه في أحداث الأردن عام 1970؟
عندما حصلت تلك الأحداث بين الملك حسين والفلسطينيين تحركت فيَّ النزعة الهاشمية. أرسلت رسالة إلى الملك أقول له فيها إن مئات الهاشميين في لبنان مجندون لينخرطوا في الجيش الأردني دفاعًا عن العرش الهاشمي. بعدها أرسل إليّ دعوة لزيارة الأردن ورحت. مرة ثانية زرنا الأردن بدعوة أيضًا من الملك. كنّا في سوريا أنا وأمين الجميل وبشير الجميل وداني شمعون وأدمون رزق وكريم بقرادوني كان عندنا لقاء مع عبد الحليم خدّام. ورد اتصال من الأردن من الملك حسين لداني شمعون. قال لي داني إن الملك حسين عاتب علينا كيف نأتي إلى سوريا ولا نذهب إلى الأردن. وافقت على الذهاب. أرسل لنا طائرة إلى سوريا وذهبنا إلى العقبة وبقينا يومين.
– في 13 نيسان 1975 أين كنت؟ وماذا فعلت؟
كنت في بلدتي البرجين في الشوف. نزلت إلى بيروت. كان هناك قرار فلسطيني بتفجير الحرب مؤيَّد من قوى خارجية ودول عربية كان لكل منها فصيل فلسطيني يتبع لها. كانت الفصائل الفسطينية تلعب بالتناقضات اللبنانية. كانت هناك شكوى من عدم وجود مشاركة حقيقية في الحكم. هذه الحالة خلقت تعاطفًا إسلاميًا مع الفلسطينيين إلى حدّ اعتبارهم جيش المسلمين في لبنان. حزب “الكتائب” لم يكن لديه خيار آخر غير المواجهة. كمال جنبلاط قال في كتاب له إنهم وصلوا إلى مشارف بكفيا وكسروان وصاروا على أبواب المنطقة المسيحية وما على هؤلاء إلا الإستسلام. وإذ بيشوفوا الدبابات السورية آتية من طريق المصنع. ردّوهم السوريين ولم يكن من خيار أمام “الكتائب” إلا المحاربة. وقت قرّر الشيخ بشير الاستعانة بالإسرائيليين مانع الشيخ بيار. وصلنا إلى حدّ أن قال له جوزاف أبو خليل: إذا ما خلّيناه يروح رح نصفي كلنا بالبحر.
عام 1975 تأسست إذاعة صوت لبنان. كيف تأسست؟ وما كان دورك؟
كان دوري كل شيء. عندما بدأنا العمل في تأسيس الإذاعة أقنعت حزب “الكتائب” بتحويلها إلى إذاعة تجارية تستعين بالإعلانات لتغذي نفسها، وبأن يكون لها عمود إرسال قوي، وبأن تستعين بموظفين ندفع لهم بدل أن يدفعوا مصروف الإذاعة. عملت اتفاقًا مع الحزب وقعه الأمين العام جوزاف سعادة والشيخ بيار الجميل وقضى بأن التزم الإذاعة لعشرين عامًا مع حق التصرف الكامل بكل شؤونها. استَعَنتُ باختصاصيين. ابراهيم الخوري مدير برامج وإيلي صليبي وفريق من المحررين وانطلقت. صار عندنا إمكانات مع الإعلانات. اشتريت قطعة أرض في الأشرفية وضممتها إلى قطعة أرض ثانية وبنيت بناية الإذاعة بأموال الإذاعة وأورثتها إلى “حزب الكتائب”. واشترينا قطعة أرض في الكفور مساحتها 20 ألف متر مربع ووضعنا عليها جهاز إرسال حتى صارت مسموعة في كل لبنان وخارج لبنان، وعملنا موجة للخارج. صارت الإذاعة مرتبطة بأرواح الناس.
– الإذاعة أدخلتك إلى دائرة القرار في حزب الكتائب؟
كنت صرت أمين سر المكتب السياسي أدوِّن كل المحاضر. وتولّيت مسؤوليات كثيرة. مرّة طلب مني الشيخ بيار الجميل أن نعمل قدّاسًا في الإذاعة الساعة 8 ونصّ، بعدما زاره خوري من الكسليك وطلب منه هذا الأمر ووافق معه. رفضت. قلت له: لأ. قال لي: كيف لأ؟ قدّاس! قلت له: ولو قدّاس. أنا أخاطب الفريق الآخر ولا أريد أن أنفِّره. كنت عملت شبكة برامج سمّيتها شبكة المتفقين على الهواء فوق المتشابكين على الأرض. نتيجة إلحاح الشيخ بيار قدمت استقالتي. قال: لهذه الدرجة؟ قلت له: نعم. لكنه وقف معي ودعمني عندما حاولوا أن يأخذوا منا الإذاعة.
– تحكي عن الخلاف مع الشيخ بشير حول الإذاعة؟
الشيخ بشير. الإذاعة فرضت نفسها على الواقع السياسي في لبنان وكانت ناجحة جدًّا. حطّ براسو الشيخ بشير إنو ياخد الإذاعة. كان الأستاذ سجعان القزي ينسّق معه. رفضت. كانت تأتي أخبار إلى الإذاعة وكنت أفرمها. يعطيني إياها سجعان. مثلًا خبر عن انقسام الجيش في الحدث بين مسلم ومسيحي. كان الخبر صحيحًا ولكن لم يكن لي حق قوله في الإذاعة حتى لا نضع السكين في الجرح المسيحي الإسلامي. حطّ براسو الشيخ بشير ياخد الإذاعة. أقام حاجزًا قبل الإذاعة. كان يعرف أنني لا أتراجع بسهولة. كان بدّو يخوِّفني. كان ريمون أسايان على رأس المجموعة العسكرية. نزلت وتواجهت معه بالكلام. حطّلي البارودة براسي. عرفت شو القصة. بدي أعمل معركة؟ رجعت لعند الشيخ بيار الجميل. عرف بشير. كنت أَهَمّ من أولاده عنده وكنت أكتب له تصريحًا كل يوم وأعدّ له ملخصًا عن الأخبار والأحداث. دخلت لعنده وأنا غاضب. “شو باك؟” كان في بيته في اليسوعية ومصابًا بزكام. قلت له ما حصل. قام وارتدى ثيابه وتوجّهنا في سيارتي إلى الإذاعة. عرف بشير أنني سألجأ إلى والده. عندما رأوا سيارتي ومعي الشيخ بيار شالوا كل الحواجز. طلع الشيخ بيار معي إلى المكتب اتصل بجان ناضر رئيس منطقة الأشرفية، وكان بشير نائبه، وطلب منه أن يأتي هو وبشير. طلع جان ناضر. قال له الشيخ بيار: جان شو انعمل مع جوزاف؟ قال له جان: مش نحنا. سأل الشيخ بشير. قال له: نحنا. قام عليه الشيخ بيار: ما بتعرف شو يعني جوزاف الهاشم؟ ما بتعرف شو يعني الإذاعة؟ قام القيامة عليه. عركناها نحن وياه. رجع اعتذر وانتهت القصة. ولكن بقيت حالة من الجفاف بيننا.

الوزير السابق جوزاف الهاشم يروي (2من6) – هكذا أنقذت بشير من يد السوريين… اللقاءات مع الأسد ودور ابراهيم حويجي في اغتيال جنبلاط
نداء الوطن/نجم الهاشم/12 كانون الأول/2025
حكى الوزير السابق جوزاف الهاشم عن خلافه مع الشيخ بشير الجميل ويكمل في هذه الحلقة الحديث عن هذه العلاقة وعن إنقاذ بشير بعدما اعتقله حاجز سوري في الأشرفية، وعن اللقاءات مع رئيس النظام السوري حافظ الأسد. ويروي سرّ العلاقة مع ضابط المخابرات السورية ابراهيم حويجي وعلاقته باغتيال كمال جنبلاط.
– حصل الخلاف مع الشيخ بشير سنة 1978؟
\قبل 1978. على رغم ذلك أنقذت بشير في تموز 1977. طالِع الشيخ بشير بالأشرفية وكان الجيش السوري حاطط صورة حافظ الأسد. وصل ولبَط الصورة. طوّقوه. كان معه مرافق من بيت عيد أعتقد إميل عيد. كان إلى جانبه وكان بشير يقود السيارة. طفيوا الكهربا في الأشرفية. ألكسندر الجميل إبن عمّ بشير شاهد ماذا حصل. ركض إلى بيت الكتائب قرب الإذاعة. كان يصرخ. نزلت. سألته شو القصة؟ قال طوّقوا الشيخ بشير في ساحة ساسين. ضلّيت ماشي. وقفني عسكري سوري. قلت له: باعتني الرئيس الياس سركيس حتى شوف شو صار. وصلت. كان هناك ضابط سوري يدعى محسن. عرفته على حالي وقلت إننا كنا نعمل لقاءات بين السوريين والكتائب وسألته: شو عملت؟ قال: بتعرف شو عم أعمل؟ إذا قوّصتو بترقى لأنه لبط صورة الرئيس. قلت له: أنت تعطّل قصّة لقاء كتائبية سورية وتتحمّل مسؤوليتها. قال: سأتركه هنا ليوم غد. قلت له: تريد أن تحصل على ترقية إذا قوّصته؟ قال: نعم. قلت له: قوِّص الإثنين معًا. شنكلت الشيخ بشير وخرجنا معًا. ذهبنا إلى بيت الكتائب. قال لي: إرجع جيب السيارة. رجعت. قال لي الضابط السوري: كيف عملت معي هيك؟ قلت له: بدّنا السيارة. قال: بس لا أعطيك اللاسلكي. أريد أن آخذه. قلت له: خذه. أخذه. بعد قصة صوت لبنان صار هناك جفاء بيننا. اعتبر أن أهمّ شيء عند والده أن يمسك عليّ عملية مالية. راح وطبق الكتائب أن يعملوا كشفًا ماليًا في الإذاعة. بقي عشرين يومًا. لم يجدوا شيئًا. كنت حريصًا على الجانب المالي. مرة كنت داخلًا إلى بيت الكتائب المركزي. التقيت بشير نازلًا على الدرج. لم أحكِ معه. نزل 3 درجات واستدار وقال لي: مرحبا استاذ. قلت له: مرحبا. قال: حاولت شيلك بكل الوسائل ما قدرت خصوصًا في الآخر. قلت له: شكرًا. عندما ترشح إلى رئاسة الجمهورية في المكتب السياسي في الحزب قال إذا نجحت تكون إذاعة صوت لبنان نجّحتني. قلت له: بتأمر. ولكن بشرط. قال ما هو؟ قلت تعلن ترشيحك من بيت المستقبل. كنا عملنا برنامجًا نبثه من بيت المستقبل. مجلس الشعب. وكنا نذيعه من هناك. طلعنا نحن وإياه والشيخ أمين الجميل وأعلن ترشيحه من هناك..
– بسبب هذا الخلاف أسّس الشيخ بشير إذاعة لبنان الحر؟
\صحّ. عندما لم يستطع أن يأخذ إذاعة صوت لبنان أنشأ إذاعة لبنان الحر وأخذ معه سجعان القزي وعملو مدير.
– كان بدأ يخرج من حزب “الكتائب” ليؤسّس “القوات اللبنانية” وحالة بشير الجميل؟
\لم يكن يخرج من حزب “الكتائب”. إلى حدّ ما، كما خرج عسكريًا من الحزب حيث كانت توجد القوات النظامية خرج ليسيطر على الجهاز العسكري والمؤسسات كلها. ترك لأمين الجميل مجالًا محدّدًا ليتصرّف سياسيًا، أما عسكريًا فكان كل شيء بيده، لدرجة أن البندقية التي كانت بيد الآخرين، كحزب الوطنيين الأحرار، حسمها حتى تكون بيده.
– شاركت في وفد حزب “الكتائب” الذي التقى الرئيس السوري حافظ الأسد عام 1976. كيف تم التمهيد لهذا اللقاء؟
\سبق هذه الزيارة زيارة قام بها الرئيس كميل شمعون والشيخ بيار الجميل والرئيس سليمان فرنجية. راحوا كلّهم وقتها وهناك قصة مشهورة حصلت في هذا اللقاء عندما قال لهم الأسد إن أصل الموارنة من سوريا ومار مارون سوري وكان عندنا. فقال له الرئيس شمعون: نعرف ذلك وأنتم كنتم تتدخلون في لبنان منذ تلك الأيام.
– التمهيد لهذه الزيارات كان من خلال عاصم قانصوه المسؤول في حزب البعث؟
\عاصم قانصوه كنّا معه في الحكمة. اتصلت به وقلت له: بدنا نلتقي. التقينا على ساحة البرج حيث كانت سرايا قوى الأمن الداخلي. قلت له خلّينا نعمل لقاء تفاهم بين “الكتائب” والسوريين. وجدت عنده استعدادًا. أخذت موعدًا من الشيخ بيار لاستقباله. وعقدنا الإجتماع الأول. الشيخ بيار كان كتب اسمه بالفرنسية آصم عانصو عندما اجتمعنا قال له أهلا أخ آصم عانصو. سكت عاصم. حكينا. قال إنه يريد أن يراجع السوريين. وحدّدنا موعدًا آخر. عرفنا أن هناك تجاوبًا. أتى عاصم وحدّدنا موعدًا للقاء الشيخ بيار. اجتمعنا وقال له الشيخ بيار مرة ثانية أخ آصم عانصو. كان الشيخ بيار يركّز على القول سيادة وأمن، وأمن وسيادة. عندما خرجنا قال لي عاصم: خليه يعتبرني أمن وسيادة ويحفظ اسمي. بعد ذلك التحق الأستاذ كريم بقرادوني بركب التواصل وأكملنا معًا.
– كانت هذه اللقاءات نقطة تحول في موقف حافظ الأسد من دعم ياسر عرفات والحركة الوطنية إلى التنسيق مع “الكتائب” و “الأحرار” والجبهة اللبنانية؟
\أظهر حافظ الأسد أنه يريد دعم الحالة المسيحية. ياسر عرفات كان يريد أن يحتلّ جزين. أمر الأسد القوات السورية في الجنوب أن تتوجّه إلى جزين وتردّ الهجوم الفلسطيني. استاذ إدمون رزق كان حاضرًا. أعرب الأسد عن شيء من حسن النية حتى يقترب من المسيحيين. كان دائمًا يقول للوفود المسيحية إن آلاف السوريين متزوّجون من لبنانيات وإن آلاف اللبنانيين متزوجون من سوريات ليقول إننا شعب واحد في دولتين وإن وجود الجيش السوري في لبنان ليس احتلالًا بل نوع من الأخُوّة. مع العلم أنه كان يبطِّن أمورًا أخرى ظهرت في اللقاء الأول بيني وبينه في آخر عهد الرئيس أمين الجميل.
– هذه اللقاءات رافقت دخول الجيش السوري إلى لبنان عام 1976. كان بشير معارضًا لهذه العلاقة؟
\طبعًا. انتقل من وقت إرسال ناس إلى التدرب في إسرائيل. حاول يشوف التوازنات ووجد أنه لا يمكن أن يكون هناك حلّ سياسي مع سوريا بواسطة الحوار بعدما تبيّن أن السوريين لديهم أطماع كثيرة في لبنان. لم يكن عنده خيار إلّا أن يقاوم بطريقة غير دبلوماسية. بالقوّة. وتحوّل إلى الاستعانة بالإسرائيليين ولكن من دون التخلّي عن لبنانيته. ماذا حصل في الآخر عندما قال له الإسرائيليون خلّينا نعمل اتفاق سلام؟ قال لهم: أبدًا. خصوصًا بعدما كان ذهب إلى السعودية وأيدته السعودية وبعدما كان التقى الرئيس صائب سلام. قال لهم الذين انتخبوني وأيّدوني مسلمون ومسيحيون وأنا لا أعمل اتفاقًا إلا معهم.
– في تلك المرحلة تعرفت إلى الضابط السوري ابراهيم حويجي؟
\نعم تعرفت إليه من خلال التفاهمات التي حصلت بيننا وبين السوريين. كنا في إذاعة صوت لبنان وكان المسؤول عن أخبار الأمن يتصل بكل المراجع ليتزوّد بهذه الأخبار ومنهم المرجع السوري في سن الفيل حيث كان مركز الحويجي. عندما اغتالوا كمال جنبلاط لقطنا شغلة عليه. لم تكن هناك وسائل اتصال حديثة. وصلت بعض الإشارات أنه تعرّض لحادث ما. المندوب الأمني أجرى اتصالات ولم يصل إلى نتيجة. اضطريت إحكي مع ابراهيم حويجي. قلت له سمعنا أن كمال جنبلاط تعرّض لمحاولة اغتيال. قال يا أخي أنا شو خصّني؟ شو إلي علاقة حتى يرجعوا لهون؟ كانت زلّة لسان. على حجم الكارثة زحط. ليش رجعوا لهون؟ يعني أن الذين نفذوا عملية الاغتيال راحوا من عندو. هكذا فهمت أنه أرسلهم.
– كان له دور في تحضير اللقاء مع حافظ الأسد؟
\لا. عندما فتحت الطريق بواسطة عاصم قانصوه لم تكن هناك حاجة لابراهيم حويجي الذي كان له دور عسكري وشوي سياسي. العلاقات السياسية تولّاها عاصم.
-كانت لديه معلومات عن العلاقة مع إسرائيل؟ هل كانت هذه المعلومات لدى حافظ الأسد عندما اجتمعتم معه؟
\مظبوط. كان جورج عقل من زحلة عنده بيت في بلونة. دعانا مرة إلى الغداء ودعا ابراهيم حويجي. انتحى بي حويجي جانبًا لأنهم كانوا يعتبرون أنني أقرب إلى الشيخ بيار والعلاقة معي أفضل لإيصال صوتهم إلى “الكتائب”. أبرَزَ ورقة بيده وقال لي هذه لائحة كتائبيين يذهبون في البواخر من جونية إلى إسرائيل للتدريب. تجاهلت الموضوع. في اللقاء مع بيار الجميل وحتى يُظهر الأسد أنه يعرف كلّ ما يحصل في لبنان قال له: على الرغم ممّا نقله لنا ابراهيم حويجي عن أن هناك من يذهب من “الكتائب” إلى إسرائيل ليتدرّب أنا رح ساعد.
– مرحلة العلاقة الإيجابية مع السوريين بدأت تتغيّر بعد زيارة الرئيس أنور السادات إلى القدس وبعد أحداث الفياضية بين الجيش اللبناني والجيش السوري في شباط 1978؟
\كانت مرحلة صراع. العلاقة السورية الكتائبية انتهت في تلك المرحلة. عندما صار الشيخ أمين الجميل رئيسًا للجمهورية صارت علاقة الدولة اللبنانية مع سوريا، والكتائب كانت من خلال هذه العلاقة.
– في حرب المية يوم بقيتم في الإذاعة في الأشرفية؟
\كانت الإذاعة في الأشرفية. عندما بدأ حافظ الأسد يضرب السوريين في حماه وحلب كان الإخوان المسلمون بدعم من ياسر عرفات ينفذون عمليات في سوريا. دكّهم حافظ الأسد بالمدفعية. كيف كنت أحصل على الأخبار؟ كان هناك سائق تاكسي يذهب إلى حلب وكنت أكلّفه أن يأتي لنا بالأخبار. لم تكن هناك معلومات مسرّبة عمّا يفعله الأسد هناك. كنت أذيع أخبارًا عمّا يحصل في سوريا. في حرب الميّة يوم تركّز القصف على الإذاعة. أصيبت أكثر من مرّة وتمّ قصف مكتبي. طرت من مكاني. كل الموظفين نزلوا إلى الملجأ. بقيت مع مهندس صوت ونزلت إلى غرفة البثّ وقلت: نحن هنا بإرادة صوت لبنان ولن نسكت حتى نسقط. وبقيت حتى سقط عمود الإرسال. انتقلت مع إيلي صليبي وابراهيم خوري وكبير المحررين الياس كرم وماغي فرح إلى كسروان. كنت عملت مركز احتياط وجهاز إرسال في مدرسة اللويزة للرهبانية المريمية وبدأنا البث من هناك.
– كنت محسوبًا على الشيخ أمين أم على الشيخ بيار؟
\كان هناك اتجاهان في الحزب. اتجاه عربي واتجاه إسرائيلي. بيار الجميل كان يقود الاتجاه العربي الذي كنت فيه أنا وإدمون رزق ومنير الحاج وجوزاف شادر وكان هناك فريق آخر ماشي في الإتجاه الإسرائيلي. وقت انتخب الشيخ بشير رئيسًا للجمهورية كنت إلى جانب الشيخ بيار. وأنا أهنئه هل تعرف ماذا قال لي؟ قال: مش راكبة براسي. شعر أن هذا الانتخاب لبشير مش راكب براسو. علاقتي مع بشير كانت جافة ثم رطبة ثم جيدة بعد انتخابه رئيسًا للجمهورية.

الوزير السابق جوزاف الهاشم يروي (3من6) – اغتالوا بشير… قال الشيخ بيار: ما حدا يخبّرني عرفت… هكذا انتُخب أمين… وهذا ما طلبه الحريري في لوزان
نجم الهاشم/15 نداء الوطن/2025
في هذه الحلقة الثالثة من “نداء السنين” يروي الوزير السابق جوزاف الهاشم كيف تمّ التعرف إلى جثة الرئيس بشير الجميل في مستشفى أوتيل ديو وكيف كانت ردّة فعل الشيخ بيار وكيف تمّ انتخاب الشيخ أمين رئيسًا. ويكشف بعض أسرار تلك المرحلة خصوصًا ما حصل بينه وبين الرئيس رفيق الحريري في مؤتمر لوزان.
عند اغتيال الشيخ بشير في بيت كتائب الأشرفية، قرب إذاعة صوت لبنان، كنت من الذين نزلوا إلى مستشفى أوتيل ديو وتعرّفوا إلى جثته. ماذا حصل تلك الليلة؟
الإنفجار كان مُعدًّا بإتقان حيث أن قوّته كانت موجّهة نحو الأسفل حيث كان يجلس الشيخ بشير. لم نتأذَ في الإذاعة. طلع الصريخ. طلّيت عالبلكون رأيت إيلي حبيقة يصرخ لا تخافوا خلّصناه، راح. بدأ نوع من الفوضى وما حدا عارف شو صار. مين مات ومين ما مات وشو صار ببشير؟ ومع بدء رفع الأنقاض نقلوا مصابين إلى مستشفى أوتيل ديو وكلّما وصلت جثة يفحصونها للتأكّد من هوية صاحبها. نزلنا على أوتيل ديو لم نجد أثرًا لبشير. رجعنا. بقي جوزاف أبو خليل وكريم بقرادوني وأنا.
بقيتم في أوتيل ديو؟
رجعنا إلى بيت الكتائب. طلبنا استكمال البحث. انتشلوا ثلاث جثث. رجعنا نزلنا إلى أوتيل ديو. كان الدكتور إيلي كرامة تحت. المحبس كان في يده. كان عاد من لقاء في دير الصليب حيث حمّلوه ورقة مطالب كانت لا تزال في جيبه. شلنا الورقة والمحبس عرفنا أنه الشيخ بشير.
من أبلغ الشيخ بيار؟
الشيخ بيار انتقل من بيت الكتائب إلى المجلس الحربي في الكرنتينا. نزلنا من بعد ما عرفنا. مين بدّو يقلّو؟ قلت: أنا بقلّو. نزلنا كلنا لتحت. قال عرفت. ما حدا يقلّي. بقي رابط الجأش.
كان عنده حدس؟
لم يظهر بشير، بعد ساعتين ثلاثة ما في بشير. شو بدنا نقلّو؟ إجت طيارة هليكوبتر وأخدتو؟ قال: ما حدا يخبّرني. عرفت. ضلّ جامد. أكثر من هيك. وقت طلعنا على بكفيا عم يتلقى التعازي كان يسلّم على الناس ويسألهم عن أحوالهم. كيفك؟ كيف ابنك؟ صار منيح؟ أي متى فرط؟ من بعد ما رجعنا من الدفن. عالطريق فرط. كل العزم الذي شدّ بعواطفه ومشاعره انتهى. كان أظهر وكأنو ما في شي. كان ماشي لا دمعة ولا كلمة حتى دفناه ورجعنا. ارتخى ونزل الدمع.
بغياب بشير الصاعق بهذه الطريقة كيف اتُخِذ قرار ترشيح الشيخ أمين لرئاسة الجمهورية؟
أولًا الرئيس شمعون أعلن أنه يريد أن يترشح. كان هناك كثير من الودّ بيني وبينه. قلت له من الناحية التقليدية مش حلوة أمين يترشح وتترشح أنت ضدّه في هذه الحالة المأسوية. لو مش مرشح أمين ترشح. قال لي : أكتب بيانًا. كتبت بيانًا يعلن فيه تراجعه. رافقت الشيخ أمين في ترشيحه. كل النواب الذين كنت أستضيفهم في الإذاعة زرتهم مع الشيخ أمين. لا أنكر أن مسؤولا إسرائيليًا أتى إلى بكفيا ولم أكن هناك.
حصل تدخل إسرائيلي لترشيحه وأتى أرييل شارون وزير الدفاع؟
شارون لم يكن متحمّسًا. كان لديه إحساس أن أمين ليس في الاتجاه نفسه الذي كان عليه بشير.
كان الإسرائيليون مع شمعون؟
مظبوط
وإصرار حزب “الكتائب” على ترشيح أمين جعلهم يوافقون؟
عندما تراجع الرئيس شمعون لم يعد لديهم خيار آخر. لم يعد يوجد مرشح آخر.
يقال إن الرئيس أمين تعهّد باستكمال العلاقة التي كانت بين بشير والإسرائيليين؟
شو يعني العلاقة؟ يعمل اتفاق صلح مع إسرائيل؟ غير صحيح. كل ما تعهد به هو الحفاظ على لبنان ضدّ أي احتلال آخر سوري أو فلسطيني. هم يعرفون أن الشيخ بيار والشيخ أمين لا يوافقون على هذا الأمر.
هل تعهد الشيخ أمين لقيادة “القوات” بالمحافظة على “القوات” كما كانت؟
أكيد. بس “القوات اللبنانية” مين؟ كل القوات الكتائبية صارت بـ “القوات” وورثها سمير جعجع.
مشروع بشير الجميل بدأ يتحقق من خلال القوى العسكرية وتحوّل إلى قوّة سياسية مع ترشحه لرئاسة الجمهورية ومع انتخابه. كان هناك مسار آخر يمشي فيه بعيدًا من خيارات المكتب السياسي؟
القرارات الأساسية السياسية كانت تؤخذ في المكتب السياسي. القرارات التي لها علاقة بـ “القوات” وبالشأن العسكري كان بشير يأخذها ولكن بقي المكتب السياسي صاحب القرار. في قصة سليمان فرنجية وطوني فرنجية مش صحيح أن المكتب السياسي كان خيال صحرا. سلّم المكتب السياسي بأن تكون لبشير سلطة على بعض المؤسسات لأنه كان يتولّى مسؤولية الدفاع عن الحزب وعن البلد.
مع انتخاب الشيخ أمين شعرت أنك وصلت معه إلى العهد الجديد؟
لأنه عند التنافر بين الشيخ بشير والشيخ أمين صرت أنا والشيخ أمين في اتجاه واحد. كان المتن وإذاعة صوت لبنان محيّدين عن سيطرة بشير بقرار من بيار الجميل. صرت أنا والشيخ أمين حلفًا واحدًا. وعندما صار في القصر صرت مستشارًا له وكنت أزوره كل يوم صباحًا ونتشاور بما في ذلك تعيين ميشال عون قائدًا للجيش.
قبل ميشال عون أنت اقترحت عليه تكليف اللواء أحمد الحاج تشكيل أول حكومة في عهده؟
أحمد الحاج كان قائد قوات الردع العربية وترك وصار مدير عام قوى الأمن الداخلي. والوضع اللبناني كان عسكري مش سياسي. قلت له ما رأيك أن تعيِّن أحمد الحاج رئيسًا للحكومة. وهو عسكري ولبناني. ممكن يتكلّف. قال لي: شوفو. اتصلت به. قال إنه في مستشفى أوتيل ديو يجري فحوصات وسيذهب إلى المكتب. قلت له خلّيك بأوتيل ديو. رحت لعنده إلى أوتيل ديو وبعدها انتقلنا إلى المكتب. قلت له إن الرئيس الجميل يستحسن أن تكون رئيسًا للحكومة في هذا الظرف. قال: أشكر ثقته. وكالة الأنباء المركزية عرفت بالزيارة ونشرت الخبر. طلعت لعند الشيخ أمين وقلت له إنه موافق. كان يوم سبت وحضر المرسوم على أساس أنه سيذيعه يوم الإثنين. قرأ خبر المركزية الرئيس صائب سلام بعد الظهر. خوِت. اتصل بالشيخ أمين وضلّ طالع على بكفيا. قال له شو عم تعمل؟ قال له الشيخ أمين: جوزاف الهاشم طرح عليّ الموضوع. اتصل بي من عند الشيخ أمين وقال يا أخ جوزاف بدّك توسّع نطاق نادي رؤساء الحكومات. كان النادي مقتصرًا على زعامات من بيروت وطرابلس ولا يريدون توسيعه إلى إقليم الخروب. قام القيامة واضطرّ الشيخ أمين لأن يكلّف الرئيس شفيق الوزان.
لماذا الوزان؟
لأن الرئيس صائب سلام رفض الحاج سأله الشيخ أمين من يقترح قال له الوزان.
كيف كانت بداية عهد الرئيس الجميل؟ بدأ قويًا وراهن على الولايات المتحدة الأميركية لإخراج الجيشين الإسرائيلي والسوري؟
جاب مستشارين. وديع حداد وإيلي سالم الذي عينه وزيرًاا للخارجية… طبعًا اتكل على الشق الأميركي لأن الوضع كان صعبًا جدًّا. فتحنا بابين: باب على الضاحية وباب على السنة. زار دار الفتوى والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وكانت كلمات شكر من الشيخ عبد الأمير قبلان والمفتي حسن خالد. الأميركان كانوا يساعدون وانطلق الرئيس بأول العهد.
عندما زار واشنطن وهدّد بقصف سوريا هل كانت غلطة وحماسة زائدة؟
الأميركيون يساعدون في مجالات معينة ولكنهم يزينون هذه المساعدة بميزان مصالحهم. أحيانًا يخطئون ويعملون ضدّ مصالحهم. كانت هناك مساعدة ولكن مع التوازن الإسرائيلي للعهد. كان الرئيس الجميل منفتحًا على ثلاثة اتجاهات: مسيحي وسني وشيعي على رغم أن الاتجاه المسيحي كان الأقل عطفًا عليه. الباب الذي انفتح أكثر كان مع السوريين.
فتح بعد مؤتمر لوزان وبعد حرب الجبل وبعد 6 شباط 1984 التي كانت مؤشرًا لتحديد سلطة الرئيس والدولة بعد تقسيم الجيش.
أسوأ مرحلة مرت على لبنان كانت حرب الجبل. جبل بكامله، جبل لبنان الجنوبي انتقل أرضًا وشعبًا. أكبر مجزرة حصلت ولا أريد أن أتحدّث عنها كثيرًا. كنت رئيس إقليم الشوف الكتائبي.
عملية 6 شباط كانت مؤشّرًا لإسقاط اتفاق 17 أيار؟ هل كان الشيخ أمين متمسّكًا بهذا الاتفاق أم أنه كان يعتبر أنه لن يُنفذ؟
كيف يمكنه أن يُخرِج الإسرائيليين؟ أخذ تعهّدًا من وزير خارجية أميركا الذي وقع معه. عاتبه وقال له أنتم وقعتم معنا على انسحاب الجيش الإسرائيلي. عندما تنصّلوا منه تنصّل ورفضه.
بعد 6 شباط 1984 ذهبتم إلى مؤتمر لوزان وكنت في عداد الوفد الذي رافق الرئيس الجميل؟ هناك تعرّفت إلى الرئيس رفيق الحريري؟
كنت في مؤتمر لوزان مع الشيخ أمين الجميل رئيس الجمهورية ومع الشيخ بيار الجميل رئيس الكتائب. الرئيس الجميل قدّم طرحًا كبيرًا عن موضوع تطوّر الوضع في لبنان سياسيًا. الرئيس شمعون قدّم مشروعًا مشتركًا مع “الكتائب”. نبيه بري قدّم مشروعًا لإلغاء الطائفية مع وليد جنبلاط. تلقيت اتصالًا من الشيخ رفيق الحريري. لم أكن أعرفه. كان في الفندق الذي كنا فيه. كان يعرف أنه يمكن أن يصل إلى الشيخ بيار وإلى الشيخ أمين من خلالي. سألني: أنت بتسهر؟ قلت له: بسهر. ماذ تريد؟ قال: انتظرني. عندما أعود إلى الأوتيل بحكيك. كانت الساعة الواحدة ليلًا. عنده جناح في الفندق. طلبني. طلعت لعنده. حطّ عشا. حامل معه مشروع إلى لوزان لتعديل الدستور يكاد يكون إلى حدّ ما المشروع الذي أُقِرَّ في الطائف من دون بعض التفاصيل. قال لي: أتمنى عليك أن تقرأه. إذا وافق عليه الشيخ بيار يوافق الشيخ أمين وإذا وافق الشيخ بيار والشيخ أمين يوافق الرئيس شمعون وهذه هي الوسيلة الوحيدة الإنقاذية من الأزمة اللبنانية المستعصية.
كنتما لوحدكما؟
لوحدنا. كان من 6 صفحات. سألته إذا كان يمكن أن أقرأه لأن هناك جلسة في اليوم التالي. قرأت فيه تخلّي رئيس الجمهورية عن صلاحياته وإحالتها إلى مجلس الوزراء مجتمعًا. وقفت. كان الرئيس سليمان فرنجية في المؤتمر. قلت له أتمنى عليك أن تعرضه على الرئيس سليمان فرنجية وكان يجلس في صف الفريق الآخر. خذ هذا المشروع واعرضه عليه وإذا وافق أنا أتعهد جبلك موافقة بيار الجميل وأمين الجميل وكميل شمعون. في اليوم التالي ذهب لعند الرئيس فرنجية وكان عنده رامز الخازن. عندما قرأ الرئيس فرنجية هذا البند طواه ورده إليه وقال له ألله معك. لم يوافق.

الوزير السابق جوزاف الهاشم بروي (4من6) هذه قصة تعيين عون قائدًا للجيش وعهده كان الأسوأ هكذا صالحت الرؤساء الجميل وفرنجية وكرامي وشمعون
نجم الهاشم/17 كانون الأول/2025
بعد مؤتمر لوزان كان تغيير في مسار عهد الرئيس أمين الجميل، حكومة أقطاب برئاسة الرئيس رشيد كرامي وقائد جديد للجيش هو العماد ميشال عون. في هذه الحلقة يروي الوزير السابق بعض أسرار هذا التحول ويكشف كيف تمت المصالحة بين الرؤساء الجميل وفرنجية وشمعون وكرامي الذي أسرّ له أنه كان يخضع لضغط سوري كبير.
– هل صحيح أن الرئيس فرنجية قال للرئيس الجميل في مؤتمر لوزان لا تتخلَّ عن اتفاق 17 أيار من دون مقابل من السوريين؟ ليس لديّ علم بذلك. كان الرئيس فرنجية متحفظًا جدًّا مع الرئيسين الجميل وشمعون والشيخ بيار. حكوا مع بعضهم ولكن من دون علاقة حميمة.
– بعد مؤتمر لوزان حصل تحوّل في عهد الرئيس الجميل. انتهى عهد حكومة الرئيس الوزان وكان هناك اتجاه لديه لزيارة دمشق وتمّ تشكيل حكومة برئاسة الرئيس رشيد كرامي. كيف تشكّلت هذه الحكومة وكيف تمّ اختيار ميشال عون قائدًا للجيش؟
لم يكن هناك مبرّر لتشكيل هذه الحكومة إلّا أن تضم القيادات الأساسية بعد حكومة الرئيس شفيق الوزان التي شهدت مرحلة الاجتياح الإسرائيلي. ثقل الأحداث كان كبيرًا وكان يجب أن تحمله القيادات الكبرى. كميل شمعون، بيار الجميل، سليم الحص، عادل عسيران، نبيه بري، وليد جنبلاطن جوزاف سكاف، فكتور قصير. أنا دخلت بعد وفاة الشيخ بيار عملت وزيرًا للصحة وعندما توفي الرئيس شمعون عملت وزير مالية.
– من طرح اسم ميشال عون لقيادة الجيش؟
كان العماد ابراهيم طنوس قائدًا للجيش ولمّا صار بدّو يفلّ كان الشيخ أمين يفكّر كما أعتقد بضابط من بيت فارس.
– كان طنّوس يريد أن يترك أم أنّ السوريين طلبوا استبداله؟
لا أريد الدخول في هذه التفاصيل لأنه وقتها حصل القصف على الضاحية الجنوبية. كان بدنا قائد جيش جديد. الرئيس شمعون طلع لعند الرئيس الجميل وطلب منه تعيين ميشال عون قائدًا للجيش. لم يقبل الشيخ أمين. ما رح قول ليش. إنما كان عون في اتجاه معاكس للشيخ أمين.
– كان محسوبًا على الشيخ بشير؟
كان بـ “القوات”. شيء من هذا النوع. حاول الرئيس شمعون إقناع الشيخ أمين. لم يقبل. كان منزل شمعون في الأشرفية قريبًا من الإذاعة. اتصل بي وطلب أن آتي لعنده. رحت. قال: طلعت لعند الشيخ أمين وطلبت منه تعيين ميشال عون قائدًا للجيش. لم يقبل. ساعِدْنا. قلت له: لا أعرف ميشال عون. قال إنه ضابط مسيحي قبضاي. كرّرت له أنني لا أعرفه. شهادة كميل شمعون لا يمكن أن تأخذها بشكل استخفافي. يجب أخذها بالاعتبار. كل يوم كنت أطلع الساعة 8 لعند الرئيس الجميل. طلعت لعنده على القصر. سألته: شو قايد الجيش؟ قال لي: شو رأيك؟ في ذلك الوقت كان بعض “القوات” في منطقة ضبية يعلّقون يافطات ضد الشيخ أمين. قلت له: رأيي تعمل ترضية لـ “القوات”. زاهي بستاني. ميشال عون. قال لي: وأنت كمان؟ قلت له: من شو خايف؟ كانت الصلاحيات التنفيذية كلّها بيد رئيس الجمهورية بيعيِّن رئيس حكومة وبيشيل رئيس حكومة. بيشيل قائد جيش وبيحطّ قائد جيش. قلت له: من شو خايف؟ حطّهم امتصّ النقمة وبعد ذلك فيك تشيلهم عندما تريد. قال: خلّيني فكِّر لبكرا. طلعت تاني يوم. قال إنه لا يزال يدرس الموضوع. قلت له: اسمع مني فيك تشيلو وقت اللي بدّك. وافق. عينه.
– هل زارك ميشال عون لهذه الغاية؟ تواصل معك؟
لم أكن أعرفه. ذهب إلى الإذاعة لمقابلتي بعدما قال له الرئيس شمعون إنه كلّف جوزاف الهاشم. وسّط أحد المحرّرين ليحكي معي. حاول. القصة أن كميل شمعون زكّاه. في مقابلة معه على الـ otv مع جان عزيز اعترف بهذا الأمر. سأله لماذا ينتقد الرئيس الجميل وهو الذي عيّنه قائدًا للجيش؟ أجابه: ليس هو من عيّنني بل جوزاف الهاشم. وصلني حقي. وعلى رغم ذلك تلقيت الكثير من الاتصالات والشتائم؟
– ندمت؟
يمكن. ما بعرف. كنتيجة إذا بدّك الحقيقة، نعم. طلعت لعندو 3 مرات (بعد انتخابه رئيسًا للجمهورية). مرّة أنا وناجي البستاني والياس حنا ومرّتان وحدي. كنا نقول له اشياء يوافق عليها. في اليوم التالي تحصل بالمقلوب. كان عنده وحي ينزل عليه. برأيي عهد الرئيس ميشال عون كان السبب الأكبر بانهيار البلد. كيف التفاصيل؟ ما بدّي أحكي عنها. خلّي التاريخ يحكي. بيطلعوا عالتلفزيون وبيحكوا وبيقلبوا الحقائق. ما بدّي أحكي بهالموضوع. هذا العهد هو السيف الذي قصم ظهر البعير. مش الشعرة، السيف.
– وفاة الشيخ بيار عام 1984 كم أثرت على حزب “الكتائب” وعلى علاقة “القوات” و”الكتائب” وهل مهّدت للإانتفاضات؟
طبعًا طبعًا. الشيخ بيار كان هامة كبرى خصوصًا في “الكتائب”. يعني من البديل؟ على الصعيد الوطني كان شخصية لها وزنها. كان لديه مناقبية وخلقية سياسية غير موجودة عند أي سياسي آخر. صفات سامية بنظافة الكفّ والاستقامة والصدق والتضحية من أجل لبنان. عمل مدرسة انضباط في “الكتائب”. قبل وفاته كان إيلي كرامة نائب الرئيس. كان عندي شاليه في أوتيل السانتا تيريزا وكان الأستاذ أدمون رزق أيضا عنده شاليه حدّي. جمعنا أمين وبشير هناك واتفقنا أن يكون إيلي كرامة نائبًا لرئيس “الكتائب”. بعد وفاة الشيخ بيار استلم. بعده أتى منير الحاج وجورج سعادة وكريم بقرادوني. جورج سعادة ماذا فعل؟ عمل هيئة انتخابية وصار يجيب الناس الذين يخُصّونه بشكل أنو لو رجع الشيخ بيار من قبرو حتى يعمل انتخابات ضدّ جورج سعادة كان سقط. كريم بقرادوني طرد أمين الجميل من الحزب وجورج سعادة طردني.
– لماذا؟
كان جبران تويني لديه برنامج فخامة الرئيس على الـ lbc واستضافني. سألني هل جورج سعادة قابل إسرائيليين وما هو وضعه في الحزب؟ قلت له جورج سعادة رئيس آرمة الحزب وما بيمون على الأرض. تاني يوم عمل قرار بطردي. وكان المسبّب جبران تويني وقد شكرته لأنني لم أكن أمارس العمل في الحزب.
– بغياب الشيخ بيار استفدت ودخلت إلى الوزارة التي كان فيها كميل شمعون ووليد جنبلاط ورشيد كرامي ونبيه بري. إلى أيّ حدّ قدّمك هذا الدخول في الحياة السياسية؟
طبعًا طبعًا. كنت مذخّرًا بتجربة صوت لبنان. وقت عملت وزيرًا كانت توجد قصّة أساسية مع سليمان فرنجية.
– صالحت الرئيس الجميل مع الرئيس فرنجية؟
نعم. عملت مصالحة بينهما. وبين الجميل ورشيد كرامي وبين كرامي والرئيس شمعون. عندما صرت وزيرًا كلّفني الرئيس الجميل زيارة الرئيس فرنجية والحكي معه. كان يرسل موفدين لزيارته والتقريب بينهما وكان الرئيس فرنجية يقول لهم قولوا لـ “الرأس المريض” أن يستقيل بيرتاح وبيريِّح. كان يسمّي الرئيس الجميل الرأس المريض. طلب مني أن أزوره، رحت.
قبل أن تذهب دعوت روبير فرنجية إلى قصر بعبدا؟
زيارة روبير فرنجية حصلت بعد ذلك. عندما قُتِل طوني فرنجية عملت تعليقًا سياسيًا في صوت لبنان ضد الذين قتلوه وكان عالي النبرة. عندما زرته سلّم علي بحرارة. دخلنا إلى مكتبه وبدأ بالمعزوفة التي يقولها: أهلا وسهلا فيك أنت بس قول لهالرأس المريض إذا بيستقيل بيرتاح وبيريِّح. عملت حالي مش سامع. قلت له: نعم فخامة الرئيس؟ قالها مرّة ثانية. قمت ووقفت. قلت له: رايح قلّو. رايح لعند الرئيس الجميل قلّو إذا بيفلّ بيرتاح وبيريِّح. قال لي عندها: الرئيس الجميل عمل أغلاط كذا وكذا. الرأس المريض صار الرئيس الجميل. قلت له: فخامة الرئيس ما حدا ما بيغلِّط. أنت كانت هناك عريضة نيابية طالبت باستقالتك. لو استقلت لكانت استقالت الجمهورية. القصة مش قصة الرئيس القصة قصة الجمهورية مش الرئيس. بعد هذا اللقاء صارت العلاقة حميمة بيننا. وتكثفت مشاويري لعنده إلى أن توصّلت إلى أن أقول له بدّنا نفتح خط. اتفقنا أطلع بهليكوبتر وجبت روبير فرنجية، رئيس تيار المردة، على القصر. قعد مع الرئيس الجميل مطوّلًا ورجعت معه إلى زغرتا بالهليكوبتر. بقيت الاتصالات مستمرّة واتفقنا أن يستضيف الرئيس الجميل على الغداء في زغرتا. طلعنا وكان معنا سيمون قسيس وكان عنده صهره عبدالله الراسي. طلبت من عبدالله الاتصال بالرئيس رشيد كرامي. الرئيس الجميل ما معو علم.
– كانت هناك قطيعة بين الرئيسين الجميل وكرامي منذ انتفاضة 15 كانون الثاني 1986 وإسقاط الاتفاق الثلاثي.
صحيح. ولكن أنا والرئيس كرامي لم تكن هناك قطيعة بيننا. كان هناك تعاون واتصالات واجتماعات. قبل ذلك عملنا اجتماعين بينه وبين الرئيس شمعون في قصر منصور. اتصل الراسي بكرامي وحكيت معه. مرحبا كيفك الرئيس الجميل بدّو يحيّيك. وأعطيت الهاتف للرئيس الجميل. سألني مين؟ قلت له الرئيس كرامي. كرامي اعتقد أنّ الجميل طلبه والجميل اعتقد أنّ كرامي يطلبه. حكى معه. كان كلامًا ودّيًا قابله كلام ودّي. قبل ذلك عندما حصلت القطيعة طرح الرئيس كرامي مع الرئيس حسين الحسيني عقد اجتماعات حكومية حوارية في سباق الخيل بدل عقد اجتماعات للحكومة في قصر بعبدا، له الحق كرئيس حكومة بهذا الأمر. قلت له خلّينا نلتقي أنا وأنت والرئيس شمعون ونحكي. التقينا في قصر منصور واتفقنا على عقد لقاءات حوارية في سباق الخيل. عملنا كذا اجتماع. كُلِّفت مع الرئيس سليم الحص عمل برنامج لهذه الإاجتماعات.
-حُكيَ عن وثيقة سياسية
مظبوط. اجتمعت مع الرئيس الحص أربع مرّات. وضعنا الورقة واتفقنا على كل النقاط ولكن اختلفنا على كلمة العلاقات المميزة في كل المجالات مع سوريا. قلت له: هيدي ما بقدر مون عليها. قال: أنا أيضًا. طرحنا الموضوع في الاجتماعات. أصر الرئيس كرامي على هذه العبارة. الرئيس شمعون لم يوافق. أنا تحفظت. في الاجتماع الثاني عملنا صيغة أن لبنان تميزه مع سوريا علاقات الأخوة والجوار. لم يقبل كرامي. قال نريد علاقات مميزة. عندها قال له الرئيس شمعون أنت شو عم تطلب؟ أي بلد عربي مكتوب في قوانينه ودستوره أنّ هناك علاقات مميّزة بينه وبين دولة ثانية؟ ما مشي الحال. قبل أن نطلع إلى زغرتا عملنا اجتماعات. أول اجتماع كان في 3 آب 1986. الثاني في 15 نيسان 1987. اتفقنا نرجع نعمل حركة وفاق بين الرؤساء شمعون والجميل وكرامي. وكان ماشي الرئيس الحص. اتفقنا على عقد لقاء آخر. في هذه الأثناء دخل الرئيس شمعون إلى المستشفى في 29 أيار 1987. كوزير صحة رافقته إلى المستشفى. لم يكن وضعه صعبًا. قلت له اتفقنا نلتقي عندما يعود الرئيس كرامي. ما رأيك بتصريح تعرب فيه عن الاستعداد لذلك؟ قال لي: اكتبه. كتبته. قرأه وأرسلناه إلى وكالة الأنباء المركزية لنقول للرئيس كرامي نحن بانتظاركم. أي انتظار؟ وهو راجع تم غتياله. كان عندي اجتماع خاص بيني وبين الرئيس كرامي في المجلس. قال لي شيئًا لن أقوله. قال لي أنت مثل أخي. حتى الرئيس عمر كرامي طلب مني أن أقوله ورفضت. كان عليه ضغط سوري مخيف.

الوزير السابق جوزاف الهاشم يروي (5من6)… هكذا صالحت الأسد والجميل في الجزائر
نجم الهاشم/نداء الوطن/19 كانون الأول/2025
في هذه الحلقة يتحدث الوزير السابق جوزاف الهاشم عن لقاء مع ياسر عرفات في نيودلهي حيث كانت تجرى محاولة لجمعه مع الرئيس أمين الجميل. ويروي كيف فشلت مصالحة الرئيسين الجميل وحافظ الأسد في قمة عمان وكيف نجحت المحاولة في قمة الجزائر، قبل أربعة أشهر من انتهاء ولاية الجميل، حيث التقى الرئيسان واتفقا على أن يوفده الجميل للقاء الأسد والبحث في موضوع الاستحقاق الرئاسي.
– كنت وزيرًا للصحة. لماذا تم اختيارك لتمثل لبنان في مؤتمر وزراء الداخلية العرب في تونس؟
\ كان على جدول أعمال المؤتمر طلب فلسطيني أن يحصل الفلسطينيون على جواز سفر من جامعة الدول العربية يمكنهم بموجبه أن يدخلوا إلى أي دولة عربية. السعودية خافت. اتصل وليّ العهد السعودي الأمير عبدالله بالرئيس كرامي وسأله إذا كان لبنان سيرسل من يمثله إلى هذا المؤتمر ولفت نظره إلى هذا البند وقال له «انتبهوا. أحكِ مع وزيركم حتى لا يذهب في هذا الخيار». قال له طبعًا. وزير الداخلية عبدالله الراسي كان مقاطعًا. الوزير بالوكالة كان جوزاف سكاف. قال كرامي للرئيس الجميل ما حصل معه. وسأله: جوزاف سكاف شو رح يحكي؟ سأقترح أن يذهب جوزاف الهاشم. قال له الرئيس الجميل لا تورّطني مع جوزاف سكاف. قال له كرامي اتركها علي. في الاجتماع وصلنا إلى بند المؤتمر وأخذ القرار بأن يذهب جوزاف سكاف. بعد نصف ساعة أخرج الرئيس كرامي مفكرة من جيبه وسأل أمين عام مجلس الوزراء عن موعد المؤتمر. أعطاه التاريخ. عندها قال للوزير سكاف أنا بحاجة إليك هنا في هذا التاريخ. وسأل مين بيروح؟ مصلحة الوزير جوزاف الهاشم. سألني بتروح؟ قلت له بروح. بعد الجلسة دخلت معه لعند الرئيس الجميل وأطلعني على الهدف من المشاركة. ذهبت بالهليكوبتر إلى قبرص ومنها إلى باريس لأنتقل بعدها إلى تونس. كان سامي قرنفل سفير لبنان في تونس. اتصل بوزارة الخارجية ثم اتصل بي في الفندق. كان المؤتمر في كانون الأول 1984. سألني متى سأنتقل إلى تونس؟ قلت له غدًا. قال لا. هناك افتتاح الليلة. ذهبت إلى تونس. أتى الأمير نايف وزير الداخلية السعودي والأمير محمد ابن الملك فهد. بدأ الاجتماع، طلب مني السفير أن أعطيه نص كلمتي ليوزعها. قلت له لم أحضِّر كلمة وإنه لم يقل لي إن هناك كلمات في الافتتاح؟ وُضِعت في موقف حرج. ولكن بعد سماع الكلمات وقفت وارتجلت كلمة واستشهدت بآيات من القرآن عدة مرات. زارني الأمير نايف وقال لي: مش معقول وزير مسيحي يستشهد بالقرآن ثلاث مرات ويحكي ارتجالي. في اليوم التالي طرح موضوع الجوازات وكان الشاذلي القليبي أمين عام الجامعة يدير الجلسة. حكى أبو اللطف فاروق القدومي ممثل منظمة التحرير وطلب الموافقة على الجواز العربي. تكلم بعده الأمير نايف وقال لا مانع عندنا. السعودية توافق ولكن شرط التوفيق بين هذا القانون والقوانين في كل دولة عربية واقترح أن أتحدّث حول هذا الموضوع. قلت أن لا مشكلة عندنا لأن إخواننا الفلسطينيين زوَّروا عشرين ألف جواز سفر يستطيعون بواسطتها الدخول والخروج من دون جميل لبنان أو الدول العربية. اعترض أبو اللطف واعتبر أن هناك تجن في هذا الكلام وأن هناك بعض الجوازات مزوّرة فكيف صاروا عشرين ألفًا؟ قلت له: اعترف ممثل فلسطين أن هناك جوازات مزوّرة وهذا يعني أن ليس من الضرورة أن يعترف المجرم أنه ارتكب عشرين جريمة. يكفي أن يرتكب جريمة واحدة ليُصنف في عداد المجرمين. وانخبط الحابل بالنابل وتوقفت الجلسة وراحت.
– رافقت الرئيس الجميل إلى مؤتمر دول عدم الانحياز في نيودلهي حيث التقيت ياسر عرفات. بأي هدف كان اللقاء؟
\ مؤتمر نيودلهي كان في 12 آذار 1983 ولم أكن صرت وزيرًا بعد. كنت في إذاعة صوت لبنان ومستشار الرئيس. كانت شركة الميدل أيست دشنت خطًّا مباشرًا بين بيروت ونيويورك. دعيوني، رحت. رجعت وما بقدر نام بالطيارة. وصلت إلى البيت ورن التلفون. الشيخ أمين. قال لي: شو فتحت الشنطة؟ قلت له لا. قال اتركها. لاقيني على المطار. أنا رايح على قبرص. الرئيس شفيق الوزان رح يروح على المطار وبتلاقوني على قبرص ومنروح سوا. قلت له إلى أين؟ قال على نيودلهي. رحنا. طلعنا بالطيارة. جان عبيد وإيلي سالم وغسان تويني كانوا بالوفد. وصلنا إلى نيودلهي. قال الرئيس إذهبوا إلى غرفكم وبعد نصف ساعة نلتقي عندي. كانت غرفتي جنب غرفة إيلي سالم. دخلت لعنده لأشرب وجدت عنده ويسكي في البراد. بعد نصف ساعة التقينا عند الرئيس الجميل. سأل شو بدنا نكتب لبكرا. قلت لهم جايين من لبنان والمؤتمر بكرا ومش كاتبين كلمة الرئيس؟ قالوا ناطرينك. قلت لهم جايي من نيويورك على بيروت ومن بيروت على نيودلهي ومش نايم بعد وبدي أكتب؟ ليَكتُبْ غسان تويني أو جان عبيد. أبدًا. طلَعوا نزَلوا. أبدًا. دخلت إلى غرفتي لأستحمّ وفتحت البراد لم أجد ويسكي. خلعت باب غرفة إيلي سالم ودخلت وأحضرت قنينة ويسكي وكتبت الخطاب وكان من أهم الخطابات التي كتبتها في حياتي.
– كيف حصل الاتصال مع عرفات؟
\ قال غسان تويني وجان عبيد للرئيس الجميل إنهما حكيا مع ياسر عرفات لتأمين اجتماع معه. وافق الرئيس. تدخلت وقلت لهم: شو عم تقولوا؟ نحن في هذا الطابق وحافظ الأسد فوقنا هنا وياسر عرفات في أوتيل آخر ولم تعد له علاقة بلبنان بعد خروجه من بيروت بعد الاجتياح الإسرائيلي. شو بدّو يعطيه لأمين الجميل؟ كيف جايبينو لهون وحافظ الأسد أخرجه من لبنان؟ وافقني الرئيس الجميل. سألوا: ما العمل؟ قلت: اتصلوا به واعتذروا منه. اتصل جان عبيد بياسر عرفات وقال له حكينا مع فخامة الرئيس وماشي الحال ورح يبعتلك جوزاف الهاشم مستشاره ليهيئ الاجتماع بينكما. عيّن لي موعدًا الساعة 12 ليلًا. رحت. قلت له فخامة الرئيس يقابلك غدًا على هامش المؤتمر. قال لي: فهمت. كانت توجد كبريتة على الطاولة بيني وبينه. أشعلت سيجارة وأخذت الكبريتة. بعد المؤتمر كنا عائدين في الطائرة وكان مسموحًا التدخين. معنا صحافيون. طلبوا معلومات عن المؤتمر. وليد شقير كان موجودًا. ولّعت سيجارة واستعملت الكبريتة. سألني: بس ما عرفنا شو عملت مع ياسر عرفات؟ قلت له: أنا؟ قال: نعم. قلت له: أعوذ بالله. أنا بدّي شوف ياسر عرفات؟ ولا يمكن. قال: مبلى أنا كنت بأوتيل ياسر عرفات وشفتك. قلت له ما رحت. تشارعنا. سألته: كيف عرفت؟ قال من الكبريتة.
– بالانتقال من ياسر عرفات إلى حافظ الأسد. آخر عهد الرئيس الجميل التقيتم به في مؤتمر القمة العربية في الجزائر في 7 حزيران 1988. هو الذي طلب أن تكون وسيطًا بينه وبين الرئيس الجميل وأن تزوره في دمشق؟
\ عُقِدت قمة في عمان في 8 تشرين الثاني 1987 وأخذ الرئيس الجميل معه غسان تويني وإيلي سالم. لم يكن يحكي مع الرئيس الأسد وكان وضع في حسابه أن الملك حسين يمكن أن يعمل مصالحة بينه وبين الأسد. كان الرئيس الجميل مع تويني وسالم واقفين ومرّ الأسد ولم يسلِّم على الرئيس الجميل ولا الرئيس الجميل سلّم عليه. انزعج. انتهت قمة عمان ولم تحصل مصالحة. أعتقد أن الأميركيين نصحوه أن يأخذني معه إلى قمة الجزائر. ليش ما كان بدو ياخدني؟ 1988 انتخابات رئاسة الجمهورية. بشهر تشرين الثاني 1987 قبل بعشرة أشهر قد يكون اعتبر أنه إذا أخذني معه يكون كأنه يوجّهني نحو رئاسة الجمهورية. قال له الأميركان: السوريون مش راكبة براسهم من وراء زيارات إيلي سالم وسيمون قسيس. أخذني الرئيس الجميل معه إلى الجزائر. وصلنا وكان عبد الحليم خدام في القاعة. طلعنا عالغرف. رجعت على القاعة وسلّمت على خدام ودار حديث بيننا عن معمر القذافي الذي كانت ترافقه أربع نساء ويضع قفازا في يده اليمنى. في جلسة الافتتاح الأولى حطّونا في قاعة حتى يكتمل العقد وندخل إلى قاعة الاجتماعات. كنا جالسين وفي الجهة المقابلة يجلس فاروق الشرع وخدّام والأسد. صرنا نتطلّع ببعضنا من دون أن نحكي. في القاعة أيضًا كنا مقابل بعضنا ولا نحكي. صرت أخرطش على الورقة حتى لا أوجّه تحيّة للرئيس الأسد. ما بدّي قلّو مرحبا وهو ما بيحكي مع الرئيس الجميل. طلعنا من الجلسة تلفنت لخدّام. فهم. قال لي طلاع. كنا في نفس الأوتيل. قلت له مختلفين بالسياسة ولكن صرت مستحي أمام الشعوب الأخرى منقعد بوجّ بعض وما منحكي. خلّينا نقول مرحبا. قال اتركها عليّ. ما حدا رح يصدق كيف صارت. نزلنا قعدنا بوج بعض وما حدا بيحكي مع حدا. وقف الرئيس الأسد والملك حسين ومشيا. الشيخ أمين ما معو علم شو عملت. حاولت أن نكون وراءهم. وصلنا إلى الباب حيث نصبح مزروكين للدخول إلى القاعة. حاول خدّام أن يستدرك الأمر. التفت إلى الوراء وكان الشيخ أمين. ربّت على كتف حافظ الأسد وقال له الشيخ أمين عم يحيّيك. التفت الأسد وسلّم على الشيخ أمين. مرحبا كيفك. فتنا وصرنا بوجّ بعض وحكينا مع بعض. بعد انتهاء الجلسة، طلبت من الرئيس الأسد يعمل خلوة مع الرئيس الجميل. طلعنا وقعدنا وبعد عشر دقائق انسحبنا أنا وفاروق الشرع وعقدا خلوة لوحدهما. بعدما انتهت سألت الرئيس الجميل: شو؟ قال: تمام. لم أدخل في التفاصيل. اتفقوا أن يرسل الرئيس الجميل جوزاف الهاشم لعند الأسد موفدًا.
– الرئيس الأسد طلب هذا الأمر من الرئيس الجميل؟
\قال له رح نرجع نعمل علاقة ولكن خلّي يكون جوزاف الهاشم. الرئيس الجميل قال لي اجتمعنا واتفقنا نبعتلو موفد ولكن لم يقل أنني أنا الموفد. بعد المؤتمر ذهبنا إلى باريس وكان السفير اللبناني هناك فؤاد الترك. وكان عنده مستشار الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران، فرنسوا دو غروسوفر، وقد انتحر لاحقًا، وسامي مارون. هذا الأمر لا يعرفه أحد. فرنسوا دو غروسوفر قال للرئيس الجميل: حرام ما يتمدّد لك لأن الحل رح يجي من بعد ولايتك. بعد السفارة رحنا لعند عصام فارس على الـ cote dazur ورحنا باليخت. بعدها سألت الرئيس الجميل عما قاله دو غروسوفر؟ أوضح إنه يقول إن فرنسا ستحكي مع البابا حول التمديد.

الوزير السابق جوزاف الهاشم يروي (6 من 6)… محضر اللقاء مع الأسد وهكذا اختار الجميل عون رئيسًا للحكومة
نجم الهاشم/نداء الوطن/22 كانون الأول/2025
بعد المصالحة بين الرئيسين أمين الجميل وحافظ الأسد في قمة الجزائر زار الوزير السابق دمشق والتقى الأسد. طلب الأسد ثلاثة أسماء للرئاسة يختار منها واحدًا ولكن الجميل تأخر في تلبية هذا الطلب، وفي 21 أيلول 1988 التقى الأسد من دون نتيجة بعدما التقى في وزارة الدفاع قائد الجيش ميشال عون وقائد “القوات اللبنانية” سمير جعجع. في ليل 22 أيلول اختار الجميل أن يكون عون رئيسًا للحكومة. في هذه الحلقة السادسة والأخيرة يتابع الوزير السابق جوزاف الهاشم الرواية.
ماذا حصل بعد عودتكم إلى لبنان؟
رجعنا إلى لبنان. عمل اجتماع الرئيس الجميل وقال: اتفقنا مع حافظ الأسد نبعت حدا. ما بعرف إذا صحّ أو غلط. سأل إيلي سالم: مصلحة بتروح أنت؟ ما كان بعدو وزير خارجية. قال سالم: مش أنا. جوزاف قام بالتواصل. سألني: بتروح؟ قلت: بروح. قال لي: طلاع لعندي بكرا على بكفيا بتطلع من هونيك بهليكوبتر. طلعت. سألني شو رح تحكي؟ قلت له رح أحكي. ولا أريد أن أدخل هنا في التفاصيل.
لماذا؟ ما الإشكالية؟
رحت. أنا براسي أنو زتّ فتيشة حتى لو ما بدّها تفقع. هيدا طرح بفرنسا التمديد. تمديد شو يعني؟ إذا رحت وقلت لحافظ الأسد شو رأيك نمدّد للرئيس الجميل بهذه اللغة الساذجة رح يقلّي تفضل فلّ. حافظ الأسد أسد بالتفاوض. رحت لعندو. أهلا كيفك. كيف العيلة؟ كيف الطقس؟ انشالله ما تعذبت؟ بتكون حاطط منهجية براسك للموضوع اللي بدّك تبحثو معو يطرح لك مواضيع جانبية ليبعثر أفكارك ومنهجيتك. وشو بدو سعيد عقل؟ الفينيقيين؟ ما نحن عندنا جزيرة أرواد. صار يسترسل بمواضيع جانبية إلى أن أحسّ أنني لا أتجاوب مع استرساله وأسئلته. سألني: شو في بلبنان؟ قلت له: معظم اللبنانيين ينتظرون الاستحقاق الرئاسي ومعظمهم تتوجّه أنظارهم نحو الرئيس حافظ الأسد لأنه يملك الأوراق الأكثر في لبنان. وبقدر ما يكون هناك تفاهم بين القصرين في لبنان والشام ينعكس ذلك على القاعدة. أتذكّر أنك قلت مرة للرئيس أمين الجميل في لقاء معه أنت أفضل رئيس إجا على لبنان. بقدر ما يكون هناك تفاهم بين القصرين والرئيسين يكون ذلك مهمًّا للبنان وسوريا. هل طرحت قصّة التمديد؟ قلت تمديد شي؟ قلت لازم يكون في توافق بين الرئيسين. إذا بدّك تجيب رئيس يعني يكون متفاهم. قام وقف. وقفت. سلّم عليي. سلّمت عليه. شدّ على إيدي. شدّيت عليه. قعد. ما عرفت ليش. قال لي: الشيخ أمين صديقنا، إن كان في القصر أو خارج القصر بيضلّ صديقنا. شو عمل؟ عم يجاوبني. بعدين قال لي عبد الحليم خدام.
إنو ما في تمديد؟
قال عم يهنّيك لأنّك طرحت قصة التمديد من دون أن تذكر التمديد وجاوبك على اللاتمديد إنو ما رح يكون في تمديد. الخلاصة شو؟ قال لي: أتمنى أن يكون هناك رئيس من جبل لبنان. لا من الشمال ولا من الجنوب ولا من البقاع. خلّي يتفق الشيخ أمين والبطرك (صفير) على ثلاثة أسماء وأنا أتفاهم معهم على واحد. اعتبرت أنني حققت إنجازًا ضخمًا.
حملت الطرح وعدت إلى لبنان؟
ضلّيت جايي على بكفيا.
فكرة التمديد استهوت الرئيس الجميل؟
ما بعرف. قلت لأنني سمعت ذلك في باريس عليّ أن استكشف عنها. أترك لي أمين الجميل على جنب.
طرحت عليه موضوع اللائحة ولم يتجاوب.
ما بعرف. قلت له ما حصل. قال: يمكن ما فهمها. في اليوم التالي جمعنا. أنا وغسان تويني. إيلي سالم. جوزاف أبو خليل. وكريم بقرادوني. وجميل نعمة.
ما هي المسألة التي قال لك إن الأسد لم يفهمها؟
الشيخ أمين قال لي إن الأسد لم يفهم أن ما قلته له هو طلب للتمديد عندما قلت له عن العلاقة بين القصرين. ما جبت سيرة لا أمين الجميل ولا التمديد. ولكن أي علاقة بين القصرين وولاية الرئيس الجميل تنتهي بعد ستة أشهر؟ كان الاجتماع لوضعهم في جو الاجتماع مع حافظ الأسد. طبعًا ما بدّي قلّهم قصّة التمديد وإني طرحت التمديد. قلت لهم حصل كذا وكذا وطلب مني الأسد 3 اسماء، وطلب أن أعود إليه بهذه الأسماء وأنه يتفق معنا على واحد منهم. عندما طرحت ذلك قال لي جميل نعمة: نحن عندنا معلومات أنك عملت صفقة مع الأسد.
مدير الأمن العام جميل نعمة؟
صحّ. قلت له: راجع ما قلته. قال: عندنا معلومات أنّك عملت صفقة مع الأسد. قلت له: يعني أنت كنت حاطط تنصت في قصر الأسد وسمعت شو حكينا؟
كان يحكي عن نفسه أم إنه سمع مثل هذا الكلام من الرئيس الجميل؟
ما بيسترجي يحكي معي هيك. ما بيسترجي. قلت للرئيس الجميل: الرئيس حافظ الأسد طلب كذا. بتمنى إنو تبعتلو حدا بالوقت اللي طلبو. وفلّيت. اعتبر الرئيس الجميل أن الأسد يناور. بعد وقت وبعدما تصافينا قال لي: عم يناور. قلت له: ناور ست سنين خليه يناور ست أشهر. أي متى رجع طلع لعندو؟
في 21 أيلول
وقامت القيامة وقتها. اتفق سمير جعجع وميشال عون.
خلال اجتماعه مع الأسد تسلّم الأسد ورقة عن حصول الاجتماع بين جعجع وعون وقال للرئيس الجميل أن الاجتماع لم يعد له معنى؟
مظبوط.
لو استجاب الرئيس الجميل وأرسل لائحة بثلاثة أسماء كان يمكن أن تشكّل مخرجًا؟
ما بعرف. عاد وبعت أسماء بس ما ظبطت. هيدي قصّة تاريخية ما فيي أضمنها إذا كان صادق أو مش صادق. كان عندو تجارب كثيرة.
وصلنا إلى مخايل الضاهر أو الفوضى وحصل رفض لاقتراح الموفد الأميركي ريتشارد مورفي. ليلة 22 أيلول كنت حاضرًا في قصر بعبدا كيف تدرّجت الأمور حتى صار ميشال عون رئيسًا للحكومة العسكرية؟
على الرغم من أنني زعلت شوي
من الشيخ أمين؟
حردت. اتصل بي وطلع لعندي على يحشوش تغدّينا. الرئيس الجميل قد يكون أخطأ في بعض الأمور الداخلية مثل ما أخطا الكثير من الرؤساء ولكن يجب أن نعترف أن أمين الجميل على الرغم من أنه تهدّد من إسرائيل ومن سوريا بالاغتيال لم يتنازل عن شبر من السيادة. غيرو تنازل. خلّينا نشهد لهالإنسان أنه لم يتنازل رغم الضغوطات الكبيرة. الإسرائيليون بلّغوه لن نتركه يحكم إلّا على قصر بعبدا. والسوريون يعتبرون أن لبنان هو الشاطئ السوري لذلك ما قبضو لحافظ الأسد. حافظ الأسد كان يناور. عندما قال له مرّة إنه أحسن رئيس جمهورية كان يستميله. عندما قال لي بشوف الرئيس الجميل هون وبتفق أنا ويّاه بيروح على لبنان بيغيّر قلت له سيادة الرئيس أنت تطلب من الرئيس الجميل أمورًا لا يستطيع أن يعطيك إيّاها. غيره قد يعطيك. هو لا يعطيك. لا يمكنه التنازل عن السيادة. بعدين شو عاد صار؟ عمل المجلس الرئاسي مع الياس الهراوي وهو يترأّس المجلس والدولتين. رئيس على لبنان وسوريا.
ليلة الكونياك؟
ما كان في كونياك. ليلة الكونياك شي تاني. ليلة القصر كان جوزاف أبو خليل وكريم بقرادوني وداني شمعون وأنا وآخرون. هو قال لي: يا جوزاف ألِّف لنا حكومة. الرئيس الجميل أرسل وراء شارل حلو ليكلّفه.
يقال إنه عندما ذهب للقاء الأسد كان أعدّ مرسومًا بتكليف الرئيس الحلو؟
ما بعرف. هو كان بدّو يكلّف الرئيس الحلو.
الرئيس الحلو اعتذر.
قلّو بيار حلو.
بيار حلو اعتذر.
قبل ما يعتذر قلّو بيار حلو أي حكومة؟ كان عندي علاقات مع الكل. كاظم الخليل سليم الحص كلّهم عثمان الدنا محمود عمّار.
لماذا لم يطرح اسمك كرئيس لحكومة انتقالية؟
مبلى انطرح اسمي.
كيف انطرح؟ من طرحه ومن رفضه؟
المهم أنا عم شكِّل حكومة. اتصلت بنصري المعلوف. رحت لعند كاظم الخليل. اتصلت بعليا الصلح بفرنسا. أول حكومة ما ظبطت. تاني حكومة فرطت. الرئيس الجميل كان ساعتها حاطط بجيبتو ميشال عون لأنو اعتبر إنو أي حكومة ما رح تقدر تقلِّع مع سمير جعجع والذخيرة كلّها صارت معو.
هو كان قال عن ميشال عون إنه لا يعينه بوابًا عنده؟ كيف يعيّنه رئيسًا للحكومة؟
كان يطلق عليه أسماء ولكنه اعتبر أن المجلس العسكري مع الجيش يستطيع أن يعمل حكومة تهيئة لتقدر تنتخب رئيس. هو كان عارف أنو ميشال عون رح يمترس بالقصر ويرئّس حالو؟ رح بقلَّك القصة. أول تشكيلة تاني تشكيلة ثالت تشكيلة.
فرطت
كانت تفرط عن قصد، حتى وصلت العملية للساعة 12. ما بيعود عندو صلاحية التوقيع. ميشال عون كان كاسر إيدو ومعلّقها برقبتو، اتصل بإيلي سالم وقال له إذا عم بتركّبوا حكومة بدّي وزير دفاع. اتصل فيي الرئيس نبيه بري ويعذرني بدّي قولها قال لي إذا عاملين حكومة بدّي وزير كهربا إذا بدّو يعمل حكومة أمر واقع يمضي الرئيس ويفلّ ما عاد في إنو تنال الثقة. طرحت أن يبقى الرئيس سليم الحص ويتعيّن له نائبان واحد أرثوذكسي وواحد ماروني على أساس أنه مع الحص نكون جمعنا بين الشرقية والغربية ومكّنا الحكومة بنائبَين مسيحيَّين للرئيس ومنجيب مسلمين ابن الخليل محمود عمّار عثمان الدنا… داني شمعون كان موافق معنا. وصلنا للقضاء والقدر. ميشال عون كان طامح يعمل وزير دفاع. عم يتمنى. وصلنا خلينا نجيب المجلس العسكري. تفاجأت. حدفتو على جنب. قال لي اسمع مني ما فيك أنت ولا غيرك.
– حدفت مين؟
الرئيس الجميل. أنا مش حاطط براسي هالقصة. الصحافة كانت عم تكتب. بعدين سليم الحص ونبيه بري قالوا: لو عيَّن جوزاف الهاشم كان أحرجنا. قال بدّي عيّن المجلس العسكري؟ قلتلو: ميشال عون؟ قال: ما في ولا حكومة بتقلع مع سمير جعجع محتل الشرقية كلها والغربية رايحة.
– سمير جعجع كان بالقصر؟
كان بالقصر وكان حالم يعمل وزير.
– كان على أساس يكون مع ميشال عون في الحكومة؟
كانا متفقين أن يكونا معًا في الحكومة وبيديروا القصة. بس بالغربية شو بيصير؟ بتنقسم البلد.
– ما كانت مقسومة.
ما مشي الحال. طلع المرسوم. تلفن لي الرئيس الحص من بعدو وقال لي بعرف مش رح تقبل أنا عامل حكومة هون ومين بينضم. قلتلو: لأ. شو صار؟ الإخوان السني والدرزي والشيعي بالمجلس العسكري عندما اتصل بهم ميشال عون من القصر شكروه ووافقوا بعدما طلع المرسوم قالوا لهم ما تروحوا، المرجعيات التي يتبعون لها. بطّلوا. صار ميشال عون مع عصام أبو جمرا وإدغار المعلوف حاكمين البلد.
– كانت نهاية مأسوية للعهد؟
ما بعرف. بأحداث الحرب ما فيك تعتبر أي قصة أنها حقيقة مطلقة.

Share