المتغيرات في ايران ودور شيعة لبنان في السياسة اللبنانية
حسين عطايا/جنوبية/22 تشرين الثاني/2025
ثمة متغيرات شهدتها الساحة العالمية، والتي تنعكس على المنطقة العربية بشكل خاص وعلى اقليم الشرق الاوسط بشكلٍ عام.
فالعام الماضي شهدت ساحة الشرق الاوسط متغيرات هامة، اسقطت بعض الدول وساهمت بتعافي دول وتطور دورها في المنطقة مثل السعودية ودبلوماسيتها النشطة والتي اعطت القضية الفلسطينية ما لم تعطه ايران بكل ملياراتها التي صرفتها على اذرعها بحجة تحرير فلسطين، ومصر عبر دورها في وقف حرب الابادة على غزة وفي افشال خطة تهجير سكان القطاع الى سيناء في مصر واهل الضفة الغربية الى الاردن.
من هنا كانت ايران وخصوصاً بعدما تكبدت اذرعها في فلسطين ” قطاع غزة ” – حركة حماس، وفي لبنان ”حزب الله خسائر فادحة وتحجيم دور الحشد الشعبي في العراق, ادت فيما ادت اليه إلى شبه إضمحلال لقوة هذه الاذرع وتأثيرها مما اضعف قوة ايران وقلل من اهميتها كقوة إقليمية كبرى، واتت حرب الاثني عشرة يوماً التي خاضتها او فرضت عليها من قبل إسرائيل ومن ثم مشاركة الولايات المتحدة، والنكسة الكبرى التي اصابتها مما افقدها ذاك الوهج، خصوصاً بعد الضربة الكبرى لمشروعها النووي وما حدث خلال تلك الحرب من خسائر في صفوف القيادات والعتاد العسكري الكبير وتعرض برنامجها النووي لخسائر كبرى، قد يكون تأخر لسنوات طوال، بالاضافة الى انها ظهرت وكأنها نمر من ورق نتيجة إظهار امكانياتها في الدفاع عن نفسها ،واثبتت ان قوتها كانت في انها تخوض حروبها باذرعها بعيداً عن حدودها ، بينما في الحرب الاخير في شهر تموز الماضي ظهرت بمظهر الدولة الضعيفة، وزاد ضعفها نتيجة الخسائر المالية والاقتصادية والتي تزداد يوماً بعد يوم نتيجة عودة فرض العقوبات ليست الامريكية فحسب بل الاوروبية ايضاً.
هذا الامر قلل من اهميتها لكن لم يلغي دورها كلاعب، حيث لا زالت تمسك ببعض الاوراق في المنطقة وتتلاعب بشعوب بعض الاقطار العربية إن في اليمن او العراق ولبنان، لكنها خسرت سوريا والتي كانت تحكمها عائلة الاسد بعد تقدم قوى المعارضة وسيطرتها على دمشق وهروب بشار الاسد الذي اصبح لاچئاً في روسيا الاتحادية.
مع فقدان الساحة السورية فقدت ايران ما كانت تسعى اليه وهو تكوين الهلال الشيعي الذي كان يمتد من طهران مروراً باليمن والعراق ثم سوريا ولبنان وبذلك خسرت إطلالتها على البحر المتوسط وتقوقعت ضمن حدودها مع بعض التأثيرات البسيطة والتي لا زالت لها في مضيق هرمز عبر إطلالتها عليه وما هي قادرة في إعاقة نقل المشتقات النفطية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي ، ومضيق باب المندب عبر الحوثيين.
كل ذلك ترك اثره على المنطقة وبالتالي تحرر الشعب السوري من الهيمنة الايرانية والتسلط الذي فُرض عليه لمدة تزيد عن خمسين عاما من حكم عائلة الاسد الاب والابن. كذلك هذا الامر ترك مفاعيله على لبنان حيث ان خسائر الحرب التي تعرض لها حزب الله عبر حرب الاسناد التي خاضها والتي تحولة لحرب كبرى انهكت الحزب وادت لفقدانه قياداته التاريخية والتي بنت سردية الحزب على مدى اربعون عاماً استطاع خلالها من حكم لبنان والسيطرة على كل مفاصل الحياة فيه. لذا، اليوم وبعدما اصاب حزب الله الضمور والسقوط استطاع لبنان او يحاول النهوض من جديد وكان خطاب القسم للرئيس الجديد جوزف عون في جلسة القسم التي تلت انتخابه في التاسع من كانون الثاني بداية العام الحالي ٢٠٢٥ نموذجاً جديداً خصوصاً فيما تضمنه عن حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية ومن ثم تشكلت حكومة جديدة ضمنت بيانها الوزاري ذات الموضوع لا بل انها اصرت عليه لاسيما في قرارها الشهير في جلستي الخامس والسابع من شهر اب الماضي بتكليف الجيش اللبناني في وضع خطة لتطبيق قرار حصرية السلاح بيد الدولة والانتهاء من بدعة المقاومة.
من هنا نجد ان على الشيعة اللبنانيين مهام وادوار جسيمة من الضروري ان يلعبوها على مستوى الوطن، وأن تبدأ معارضتهم على المستوى الوطني عبر صياغة مشروع برنامج نضالي يلقى قبولاً من كل اطياف المعارضة والمخلصين، وذلك يتطلب الخروج من شرنقة المعارضة الشيعية لتكوين معارضة وطنية تشبك علاقات وتحالفات على مستوى كل المعارضات في لبنان تستطيع من خلالها خوض الانتخابات القادمة للسعي الى خرق احتكار وحصرية التمثيل النيابي المحصور لليوم وعلى مدى ثلاثة عقود بالثنائي الشيعي البغيض والذي امتدت تفاعلاته على مستوى الوطن واعاق التطور السياسي لدى ابناء الطائفة الشيعية الكريمة حيث كان يحتكر التمثيل النيابي والوزاري وكل اشكال المشاركة في الادارة العامة ومحصورة فقط لدى حزب الله وحركة امل. بذلك يكون الشيعة عادوا للعب دوراً سياسياً بارزا لا سيما على استعادة الدولة اللبنانية لسيادتها على مجمل اراضيها وبقواها الذاتية ويبدأ حينها تطبيق اتفاق الطائف والذي اصبح دستوراً يجب وضعه موضع التطبيق الفعلي خصوصاً فيما يحتويه من إصلاحات جيدة تساهم في تطوير الحياة السياسية في لبنان وتعيد لتطبيق واحترام القوانين وهجها.