شبل الزغبي: ميليشيا فوق الدولة ورئاسة بلا مسؤولية … لبنان بين خطف القرار وغياب القيادة

13

ميليشيا فوق الدولة ورئاسة بلا مسؤولية…لبنان بين خطف القرار وغياب القيادة
شبل الزغبي/15 تشرين الثاني/2025
في بلدٍ يُفترض أن تكون فيه السيادة خطاً أحمر، تحوّل لبنان إلى مساحة مستباحة تتقاسمها الميليشيا المسلحة والطبقة الحاكمة التي ترضخ لها. فحين يصبح السلاح خارج الدولة سلطة قائمة بنفسها، تُسرق من اللبنانيين كرامتهم ويُدفن الوطن تحت ركام الوصايات الإقليمية. هنا، لا نتحدّث عن «مقاومة» بل عن احتكارٍ للسلاح والقرار تسبّب بانهيار اقتصادي، تفكّك مؤسساتي، وتوريط شعب بأكمله في صراعاتٍ لا علاقة له بها.

الميليشيا التي تقف فوق الدولة لا تدافع عن لبنان، بل تقضم الدولة قطعةً قطعة، وتُسقط هيبتها، وتترك المواطن وحده في مواجهة الفوضى والدمار. مئات آلاف اللبنانيين تهجّروا وهاجروا، البنى التحتية انتهت، الاقتصاد تبخر، والسلطة الحاكمة تصمت أو تبرّر أو تشارك. لكنّ الفساد لا يقف عند حدود السلاح. فهناك دولة ظلّ قائمة منذ ثلاثة عقود، يتحكّم بها رجلٌ واحد في مجلس النواب، ويمدّ يده إلى كل مفصل في الدولة: نبيه بري. رجلٌ يعتبر نفسه «أبديّاً» في السلطة، وإقطاعياً على الجمهورية، وكأنّ مؤسسات الدولة ملكية خاصة باسمه. اليوم، مجلس النواب ليس مجلساً تشريعياً؛ إنه مزرعة سياسية تُدار وفق مزاج رئيسه، تتحوّل فيها الجلسات إلى صفقات، والقرارات إلى محاصصة، والمواعيد إلى رهائن بيده. والأسوأ أنّ نبيه بري يتعامل مع رئاسة الجمهورية وكأنها نسخة ثانية عن المجلس: يفاوض، يضغط، يقرر، ويُسقط، كأنّ الرئاسة مكتب تابع للدويلة أو لشبكة المصالح التي يديرها. لا أحد يجرؤ على إعادته إلى حجمه الحقيقي، لا أحد يواجه احتكاره للسلطة، لا أحد يقف بوجه منظومة الفساد التي صنعها. تسلط سياسي بلا حدود، نجح في تحويل الدستور إلى وجهة نظر، والدولة إلى مسرح لمصالحه وتحالفاته. وفيما يمارس بري سلطته المطلقة على الحياة السياسية، يخرج رئيس الجمهورية ليتّهم المغتربين بأنهم «يبخون ويشوّهون سمعته لدى الإدارة الأميركية».

حضرة الرئيس:
لسنا نحن من تناسى خطاب القسم، ولا نحن من سمح للفساد بأن يخنق اللبنانيين، ولا نحن من تواطأ مع الميليشيا الإيرانية المسلحة أو خضع لها أو صمت عنها، كان لدينا الأمل وجائت الصدمة. المغتربون دائماً سنداً لوطنهم. أنتم من نكثتم بوعودكم. أنتم من أعطيتم العهد لمن لا يؤمن بالدولة، فاختنق لبنان بين دويلة السلاح ودولة المحاصصة. لم نرَ إصلاحاً، لم نلمس تغييراً، لم نشاهد ورشة جدّية واحدة تعيد الدولة إلى الحياة. كل ما رأيناه كان تسليم البلد للفوضى، ولتحالف بري–حزب الله الذي ينهش ما تبقّى من الجمهورية. اليوم، لم يعد الأمر يحتمل العودة إلى المسرحيات السياسية. الوطن يُسرق، والدستور يُهان، والمواطن يُدفن تحت تراب العجز والفساد.

المطلوب واضح:
سلاحٌ للدولة فقط. قانونٌ فوق كل الزعامات. إسقاط سلطة الاحتكار التي يمارسها نبيه بري. استعادة القرار الوطني من قبضة ميليشيا ايران. والذهاب فوراً إلى اتفاقيات سلام وأي محاولة لتبرير السلاح خارج الدولة ليست مجرد انحياز سياسي، بل خيانةٌ وطنية تقتل ذاكرتنا وتذبح مستقبل أولادنا.
وأي عهد يتنصّل من مسؤولياته ويلوم المغتربين بدل أن يواجه الفاسدين، هو عهد سقط قبل أن يبدأ. لبنان لا يحتاج خطابات. يحتاج ثورة قيم، ودولة لا تخضع، وقيادة لا تُدار من عين التينة ولا من خنادق ميليشيات السلاح

*شبل الزغبي/عضو مجلس القيادة المركزية في حزب حراس الأرز

Share