الكولنيل شربل بركات: ماذا وراء استهداف المصيلح أمس؟..قصف المعارض القريبة من قصر الإستيذ نبيه وانكشاف خزعبلات قبعاته والأرانب

51

ماذا خلف استهداف المصيلح أمس؟…. قصف المعارض القريبة من قصر الإستيذ نبيه وانكشاف خزعبلات قبعاته والأرانب

الكولنيل شربل بركات/12 تشرين الأول/2025
قصفت الطائرات الاسرائيلية أمس من خلال 11 غارة متواصلة معارض للآليات الثقيلة والتي تستعمل في مجال رفع الانقاض والحفر وغيره من أعمال البناء في منطقة الزهراني جنوب صيدا. ووجود هذه المعارض بالقرب من قصر الاستاذ نبيه بري في المصيلح له دلالات كثيرة ليس اقلها أجواء الأمن التي يتمتع بها محيط قصر الرئيس الثاني والذي يدير اللعبة باستمرار منذ حوالي ثلاثة عقود. لا بل أكثر من ذلك يشك البعض بأن يكون لمحيط الرئيس من المستفيدين أو المقربين مساهمات مالية في هذه الشركات الكبرى التي تملك تلك المعارض. ومن هنا فإن قيام الطيران الاسرائيلي بقصفها، وقبل أن يتم التوقيع على انهاء الحرب في غزة غدا الأثنين في شرم الشيخ بحضور الرئيس ترامب، له من الدلالات ما يجب أن يشار إليه. فماذا يمكن أن يحمل هذا الاستهداف من رسائل؟ وهل يكون الرئيس بري، الذي يعتبر اللاعب الأهم في الموضوع اللبناني ومخترع الحلول والتعقيدات على السواء، هو المقصود من هذا القصف بشكل أو بآخر؟ ولماذا اليوم بالذات؟

الرئيس بري أعطي ما لم يعط اي من القادة السياسيين اللبنانيين من الأهمية واستمرار الاحتفاظ بالموقع الثاني في الرئاسة اللبنانية. وقد سمح له باغلاق المجلس النيابي عدة مرات وتعديل القوانين المزاجي أحيانا كثيرة لما فيه مصلحة يهتم بابرازها وبضرورتها على صعيد الحكم في لبنان، إن خلال فترة الوصاية السورية أو تلك التي قادها الحرس الثوري الإيراني تحت مسمى سيطرة حزب الله و”مقاومته”. وهو يوم اتُخذ قرار تصفية الحزب العسكرية أُخذ برأيه في عدم المضي بضرب معنويات المركب الشيعي وتُرك له مهمة اخراج موضوع التخلّص من السلاح خارج الدولة، واعادة الطائفة إلى الحضن الطبيعي، لتكون جزء من مكونات هذا الوطن مقبولا، كما غيره، وله موقعه في اللعبة السياسية. ولكنه لم ينجح بعد في اطلاق أية مبادرة تختلف عن التبعية للحزب الإيراني وأوامر نظام الملالي الذي عاد ليعمل على القبض من جديد على مفاتيح اللعبة والتحرّك ضمن المعهود من الخطط التي اعتمدت سابقا، إن خلال وبعد حرب 2006 أو في المراحل التي أدت إلى توسعه على مستوى المنطقة ومساهماته بالحاق الضرر على الدول والشعوب فيها.

الرئيس بري، ولو بلغ من العمر ما يسمح له بالتقاعد، لم يتخل بعد عن طموحاته الرئاسية والقيادية، لا بل لا يزال يقدّم نفسه على أنه غير قابل للاستبدال، وأنه جدير بالاستمرار في عمله لتخليص لبنان من “القطوع” الذي يمر فيه. وهو لم يقبل باستبعاد حزب الله من الساحة السياسية، لا بل فرض دخوله في الحكومة ولم يعارض مشاريعه لاعادة تنظيم قواته وتجهيزها وتمويلها. ولم يقدر أن يقدّم حلولا جديدة للطائفة الشيعية تخرجها من منطق الاستزلام لنظام الملالي والبقاء ضمن نظريات التسلّح والمتاجرة بالحروب ونشر الحقد، بدل من اعادة النظر بالاسباب التي أدت إلى سقوطها في مستنفع العنف الغير مبرر، واستمرارها بتبني سياسات الملالي التي لا تقود سوى إلى معادات المحيط والقوى العالمية ومحاربة التطور للوصول إلى شرق أوسط جديد خالي من العنف، ما يسعى له الجميع ويحلم به كل من مرّ بالتجارب السابقة وأدرك عدم جدوى هذا العنف واستمراره.

الرئيس بري، الذي ينتظر البعض أن يعاقب بوضع اسمه على لائحة العقوبات الدولية لمشاركته بسقوط النظام المالي ودمار المؤسسات في البلد، لم يواجه بعد لا بل لا يزال هناك من يحلم بأنه قد يستفيق من الغيبوبة ويقرر تغيير المسار، ليس من أجل مكاسبه الشخصية كما يعتقد البعض، بل من أجل دخوله التاريخ من باب اعادة المركب الشيعي إلى لبنانيته، واستعادة موقعه داخل اللعبة السياسية والدفع باتجاه السلام الذي يشكّل ابناء الجنوب الشيعة بأغلبيتهم أكثر المستفيدين منه، ومن هنا ينتظر منه الدفع بهذا الاتجاه بدل الخوف والتحجّر في موقع المدافع عن حزب السلاح ونظرياته الخنفشارية التي لم تعد تنفع في هذا الزمن.

يقول البعض أن قصف جماعة حماس في الدوحة هو ما حرّك الوضع لانهاء سيطرة التخريب على الساحة الفلسطينية، وها هو العالم ينتظر توقيع اتفاق انهاء الحرب الفلسطينية واعادة اعمار غزة وسيطرة معسكر السلام على العلاقة بين الاسرائيليين والفلسطينيين. ولماذا إذن يبقى في لبنان من لم يدرك بعد أهمية التوجه إلى الحل السلمي والبدء بمشاورات مع الاسرائيليين، بمساعدة الولايات المتحدة، لالتحاق لبنان فورا بقطار السلام والتطبيع وفتح الحدود والانتهاء من وضع الساحة المفتوحة؟

فإذا كان الضغط على قطر حتى بالقصف أدى إلى تفهّم المترددين بأهمية الحلول والتحاقهم بمشروع الرئيس ترامب، فهل يكون بداية الضغط الفعلي على الرئيس بري بقصف محيط قصره في المصيلح هو الباب الصحيح لكي يعي الرئيس ومحيطه، خاصة المنظورين من الطائفة، بضرورة التخلي عن المناورة والاسراع بتبني خطط التخلص من السلاح، والالتحاق بالدولة ومؤسساتها، والدفع باتجاه الطلب من الأميركيين تبنّي فتح التفاوض بين لبنان واسرائيل، والانتهاء من المفاهيم البالية التي قتلت شعبنا وهجّرت أولادنا ودمرت الجنوب درة تاج الرئيس بري الذي يفتخر بصنعه؟

الأيام القادمة سوف تجيب عن هذه التساؤلات ونحن كأبناء الجنوب المعذب منذ خمسين عاما ننتظر الفرج فهل يكون السلام الآتي بيد الاستاذ الرئيس كالمشعل بيد الفارس القادم على حصان أبيض هو ما سنراه قريبا أم الحرب الأخيرة والتدمير الشامل الذي لا نريده لأي من الأخوة في الجنوب أو غيره من مناطق لبنان؟

Share