الكولونيل شربل بركات/أهم انجازات السيد حسن نصرالله خلال تسلمه الأمانة العامة لحزب الله

52

أهم انجازات السيد حسن نصرالله خلال تسلمه الأمانة العامة لحزب الله
الكولونيل شربل بركات/18 أيلول/2025

قام المغفور له السيد حسن نصر الله خلال تسلمه الأمانة العامة لحزب الله بالمدافعة عن القرارات التي اتخذها الحزب تنفيذا للأوامر الشاهانية التي صدرت عن الولي الفقيه وقادة الحرس الثوري. وهي أدت إلى كوارث لا بل مصائب على البيئة الشيعية ولبنان بشكل عام. أهم هذه القرارات كانت أربعة لا يزال يتغنى بها أتباعه، بينما يجب أن يحاسب عليها كونها لا تمت إلى لبنان بصلة ولكنها أرهقت كاهله وقتلت أبناءه ودمرت البنى التحتية والمساكن والقرى، وآخرها تسبب بالتهجير والتدمير والقتل الذي لا تزال تعيشه البيئة الحاضنة للحزب.

أما القرار الأول فقد كان أدى إلى عملية تصفية الحساب التي جرت في 23 تموز 1993 ونتج عنها مقتل 120 مدني لبناني وتهجير 300 ألف مواطن وكان سببها المعلن تصاعد عمليات قصف حزب الله لمدن وقرى في شمال اسرائيل ما دفعها إلى الرد بشكل قاسي. ولكن ما هي حقيقة الأمور؟ ولماذا تجرأ حزب الله على قصف قرى ومدن داخل اسرائيل؟ وقد كان أعطي هامشا مقبولا ومسموحا به من ضمن سلسلة عملياته الاستعراضية في المنطقة الحدودية ضد جيش لبنان الجنوبي، بدون استهداف اسرائيل أو حتى مراكز جيشها في لبنان. وهنا يجب توضيح الأمور التي أدت إلى الأوامر الإيرانية – السورية لتنفيذ هذا القرار.

كانت سوريا التحقت بالائتلاف العسكري الذي قادته الولايات المتحدة لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي الذي جرى في 4 آب 1990 وانتهى بدخول قوات الائتلاف الدولي إليها في 26 شباط 1991. وقد قرر الرئيس بوش (الأب) بعد هذا الانجاز القيام بالدعوة لعقد مؤتمر للسلام في الشرق الأوسط في العاصمة الاسبانية مدريد بدأ في 30 تشرين الأول 1991 وهدفه المعلن حل المشكلة الفلسطينية والتوصل إلى تفاهم بين سوريا واسرائيل يؤدي إلى السلام. وقد حضر المؤتمر وفد فلسطيني من سكان الضفة يمثل منظمة التحرير برئاسة حنان عشراوي. ولكن المهم كان التوصل إلى تفاهم بين سوريا واسرائيل. وهكذا فقد بدأت المباحثات الثنائية على هامش المؤتمر في 3 تشرين الثاني في مدريد ومن ثم استؤنفت في واشنطن العاصمة في 9 كانون الأول حيث عقدت عدة جلسات عرض خلالها الاسرائيليون العودة إلى الحدود الدولية المعترف بها قبل 1948 ولكن الوفد السوري اصر على حدود 1967. وكان الأسد بعد تفكك الاتحاد السوفياتي في 26 كانون الأول من نفس السنة بدأ يميل علانية باتجاه إيران.

كان الاسرائيليون الذين تمسكوا بحدود 1948 مقابل التعنت السوري يريدون مخرجا يرضي الرئيس بوش في موضوع السلام الذي طرحه، ومن هنا قبولهم التفاوض سريا في النروج مع ممثلين عن منظمة التحرير. وقد كان تيري رود لارسن الديبلوماسي النروجي قد بدأ التقرب من ياسر عرفات في تونس، وهو الذي كان مرفوضا من العرب كونه وقف بجانب الرئيس صدام حسين في احتلاله للكويت، من هنا توقه للعب اي دور يعيد للمنظمة بعض الوهج. وكان لقاءه لتيري رود لارسن في تونس في كانون الأول 1992 ومن ثم في كانون الثاني 1993 سمح مباركته لمباحثات مباشرة مع الاسرائيليين والتي هدف منها العودة إلى الساحة الدولية.

المباحثات بين الاسرائيليين والفلسطينيين جرت في البدء بشكل سري تماما ولم يكن هناك شخصيات حكومية تشارك فيها، ولكن الحكومة الاسرائيلية كانت على علم بها وكان عرفات ايضا يلاحق كافة التفاصيل إلى أن تم التوصل إلى شكل مقبول من الجانبين أدى إلى حضور الأمين العام لوزارة الخارجية الأسرائيلي في الجلسة السادسة التي عقدت في 13 حزيران 1993 ومن ثم تتالت الجلسات في تموز لتتم مباركة الحكومة بحضور وزير الخارجية شمعون بيريس في 20 آب حيث تم التوقيع على المبادئ. عندما علمت سوريا وإيران ببعض تفاصيل المحادثات كان لا بد من القيام بتحرك يمنع الاستمرار بالتفاوض ويغطي على أي نتائج إيجابية. فكان قرار تكليف حزب الله وبعض منظمات الرفض شكليا، القيام بعملية واسعة تؤدي إلى رد فعل اسرائيلي قوي يمكن أن يستغل لوقف العملية السلمية. فقام الحزب بقصف المدن والقرى الاسرائيلية ما أدى إلى ردة فعل عنيفة بما عرف بعملية “تصفية الحساب” هذه من قبل اسرائيل استمرت سبعة ايام ولم تستطع عرقلة التوقيع.

القرار الثاني وهو ما أدى إلى عملية عناقيد الغضب التي نتج عنها مقتل ما بين 150 إلى 170 وجرح حوالي 350 مدني لبناني وتهجير ما بين 300 إلى 500 ألف وكان سبب انطلاقها ايضا تعدي الحزب بالقصف على قرى ومدن في شمال اسرائيل. ولكن لماذا قرار البدء بالقصف سيما وأن النتائج معروفة؟

كان عرفات بدأ بتسلم السلطة في الضفة والقطاع وقام باجراء مسح شامل للمواطنين المقيمين في الضفة والقطاع وقرر اجراء انتخابات نيابية باشراف أوروبي ودولي، وقد بدأ بالحضير لهذه الانتخابات من 12 تشرين الثاني 1995 حيث وضعت اللوائح التي أعلن عنها وسمح بالاعتراض عليها، وبعد التعديل أعلن عن الانتهاء من الترتيبات كلها في 16 كانون الثاني 1996 وعين تاريخ 20 كانون الثاني لاجراء عملية الاقتراع التي أظهرت عن دعم الفلسطينيين للسلطة الجديدة إذ شارك فيها 79% من الفلسطينيين وانتخب حوالي 3 ملايين وخمس مئة الف مواطن (3512699) بالرغم من اعتراض حماس المدعومة من سوريا وإيران. من هنا قامت حماس بتوجيه من داعميها بسلسلة عمليات تفجير انتحارية في القدس (24 شباط 1996) وعسقلان ومركز ديزينغوف التجاري في تل ابيب (4 آذار 1996) وقد قتل خلال هذه العمليات أكثر من 60 مواطن اسرائيلي. وصرح حسن سلامة أحد قادة حماس والعقل المدبر لهذه العمليات فيما بعد بأنه “بعد خضوعه للتدريب على التلقين العقائدي في السودان، تم إرساله إلى سوريا ومن هناك إلى إيران. وفي ذلك الوقت، التقى ممثل “حماس” لدى إيران أسامة حمدان في طهران، وخضع لتدريبات عسكرية لمدة ثلاثة أشهر على يد مدربين إيرانيين”. من هنا نفهم أهمية حماس بالنسبة للنظامين الإيراني والسوري وهدفهما منع أي نوع من الحلول بين الفلسطينيين واسرائيل. ولم يكتف هؤلاء بالعمليات داخل اسرائيل بل أمروا حزب الله بفتح الجبهة اللبنانية وقصف شمال اسرائيل، ما أدى إلى عملية “عناقيد الغضب” التي بدأت في 11 نيسان ودامت 16 يوما وأدت إلى ما أشرنا إليه من الخسائر. وأبرزها مقتل أكثر من مئة مدني كانوا التجأوا إلى مطعم للأمم المتحدة في بلدة قانا معتقدين بأنهم بمنئ عن القصف. إلا أن حزب الله قام بنصب صواريخه بالقرب من المطعم، وعندما حاول جنود الكتيبة الفيدجية الاعتراض أطلق عناصر الحزب النار عليهم فنزلوا إلى الملجأ واستمر القصف إلى أن استهدف الموقع ووقع المحظور باصابة إحدى الشظايا قارورة غاز أدت إلى انفجارها وما حولها وحولت المطعم بما فيه إلى دمار وأشلاء. ويقول رأي بأن الحزب تسبب بالانفجار عن سابق تصور وتصميم لكي يؤدي مقتل هذا العدد من المدنيين داخل مركز للأمم المتحدة لوقف القتال بعد أن أنهك الحزب وكاد يلفظ أنفاسه لأن اسرائيل كانت تحاول تجنب اصابة المدنيين بتعيين المناطق التي ستقصف والطلب منهم اخلاءها. وإذا كانت عمليات حماس في مدن اسرائيل لم تؤدِ إلى تغيير الوضع الفلسطيني العام بشكل سريع ولكنها أثرت على مستقبل العلاقات بين السلطة الفلسطينية واسرائيل التي لم تعد تثق بفعالية ومسؤولية كلام هذه السلطة وتعهداتها. أما في لبنان حيث وقع الكثير من الخسائر في الأرواح والعمران فقد اكتفت الحكومة التي تنفذ أوامر السوريين بمواكبة اتفاق بين الحزب واسرائيل يقوم على منع التعرض للمدنيين في المستقبل.

القرار الثالث كان ما سمي بحرب تموز 2006 والتي قام بها حزب الله بالرغم من تعهد السيد على طاولة الحوار بأنه لن يقوم بأي عمل عسكري بدون مشاورة الحكومة والمجتمعين ولكنه فعل، لا بل سمح لقاسم سليماني قائد فيلق القدس أن يقود بنفسه عناصر الحزب ويقوم باعطاء الأوامر ومتابعة تفاصيل المعارك دون الاكتراث لما ينتج عنها من أضرار على اللبنانيين، واكتفى السيد بقوله المشهور “لو كنت أعلم”. وقد بدأت هذه الحرب في 12 تموز 2006 وانتهت في 14 آب وكان سببها الضغوط الأوروبية على إيران في موضوع المشروع النووي والتي توقفت مؤقتا بسبب ما جرى في لبنان حيث اصبح التركيز على الوضع الانساني المتدهور ومطالبة الأوروبيين إيران بالضغط على حزب الله لوقف القتال وهذا ما كانت تسعى له. أما عدد المتضررين خلال هذه الحرب فكان حوالي 800 قتيل من حزب الله والف قتيل مدني إضافة إلى حوالي 4000 جريح وتهجير كامل قرى الجنوب والتي أعيد بناؤها بأموال ومساعدات عربية ودولية. أما على الصعيد السياسي فقد صدر القرار 1701 الذي زاد عدد قوات الأمم المتحدة لتصبح 15 ألفا. وعند انتهاء العمليات العسكرية أعلن السيد “النصر الالاهي”.

القرار الرابع كان الانضمام إلى حماس في أعقاب عملية “طوفان الأقصى” التي أدت إلى مقتل حوالي 1000 مدني في اسرائيل وخطف أكثر من ثلاث مئة. وقد كان السيد يعتقد بأن الوقت قد حان للقضاء على اسرائيل التي هي “أوهى من بيت العنكبوت”. ولكن “الرياح لم تجري بما تشتهيه السفن” ولم يستمع الاسرائيليون إلى تسمية السيد لتحرشاته “بحرب الاسناد” ولا إلى “قواعد الاشتباك” التي كان يريد أن تلتزم اسرائيل بها. وإذا به يسقط في شر أوهامه ويخسر كل ما بناه بالتهديد والوعيد وبالتهجم على العرب والغرب، وعلى اسرائيل والولايات المتحدة، والتفاخر بأنه جندي في جيش ولاية الفقيه ينفذ ما يتمناه الولي بدون سؤال. وها هو يرى بأم العين كيف يقتل كل من حوله ليصل السيف الذي جهزه لاعدائه إلى رقبته كما يقول اللبنانيون “غلطة الشاطر بمئة غلطة”.

الرحمة على من اتقى الله والأسف على من خسر أهله وبيته ومقتنياته، وخسر فوق كل ذلك الوطن الذي يحميه ومحبة قومه التي تعزيه، ولم يتجبّر ولا هو أدّعى ما ليس له وصدّق بأنه قادر على تحقيق ما يدّعيه، “فرب أمروءٍ عرف حده ووقف عنده” يقول العارفون، وليت الذين يرون ما جرى يفقهون ويتعلمون دروسا تسهم في بناء نفوسهم وأوطانهم والحفاظ على ما تبقى من عطف عند القريبين ورحمة عند الجيران والتفاهم بينهم “فالجار للجار ولو الدهر جار”…

**اضغط هنا لدخول صفحة الكولونيل شربل بركات على موقعنا المنشورة عليها كل مقالاته وكتبه وتحليلاته
**Click here to access Colonel Charbel Barakat’s page on our website, where all his articles, books, and analyses are published

السيرة الذاتية للكولونيل شربل بركات
خبير عسكري، كاتب، شاعر، مؤرخ، ومعلق سياسي

*ضابط متقاعد من الجيش اللبناني
*متخرج من المدرسة الحربية ومجاز بالعلوم السياسية والادارية من الجامعة اللبنانية
*كلف كأحد الضباط لتنظيم الدفاع عن القرى الحدودية منذ 1976
*تسلم قيادة تجمعات الجنوب
*تسلم قيادة القطاع الغربي في جيش لبنان الحر وأصبح مساعدا للرائد سعد حداد ثم تسلم قيادة الجيش بالوكالة عندما مرض الرائد حداد واستمر بعد وفاته حتى مجيء اللواء أنطوان لحد فأصبح مساعده ثم قائدا للواء الغربي في جيش لبنان الجنوبي
*ترك العمل العسكري في 1988 وتسلم العلاقات الخارجية
*شهد أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي مرتين
*كاتب سياسي وباحث في التاريخ له الكثير من الكتب والمقالات السياسية التاريخية والانسانية
نشر كتابه الأول “مداميك” (1999) الذي يحكي عن المنطقة الحدودية ومعاناة أهلها، ترجم إلى العبرية ونشرته معاريف (2001) والانكليزية (2012) Madameek – Courses – A struggle for Peace in a zone of war موجود على Amazon Books
*نشر كتابه الثاني “الجنوب جرحنا وشفانا” الذي يشرح الأحداث التي جرت في المنطقة بين 1976 – 1986
*الكتاب الثالث “Our Heritage” كتاب بالانكليزية يلخص التراث اللبناني مع رسومات لزيادة الاستيعاب موجه للشباب المغترب
*كتابه السياسي الثالث “لبنان الذي نهوى” (2022) جاهز للطبع
*كتاب مجزرة عين إبل 1920 وهو بحث تاريخي عن المجزرة التي ساهمت في نشوء وتثبيت لبنان الكبير
*كتاب “المقالات السياسية 2005 – 2013” مئة ومقالة منشور على صفحته
*كتاب “الشرق الأوسط في المخاض العسير” مجموعة مقالات سياسية (2013 – 2025)
*كتاب “العودة إلى عين إبل” بحث تاريخي بشكل قصصي عن تاريخ المنطقة بين 1600 – 1900
*كتاب شعر عن المعاناة خلال الحرب الكبرى 1914 – 1918 من خلال قصيدة زجلية نقدية جاهز للطبع
*كتاب “تاريخ فناء صور الخلفي” بحث تاريخي عن المنطقة الجنوبية – قيد الانجاز
*كتاب المقالات الانسانية وكتاب عينبليات قيد الانجاز

Share