في مثل هذا اليوم، الرابع من آب 2020، توقّف الزمن في بيروت، وسقط الوطن على ركبتيه وسط الدخان والنار والدم. انفجار مرفأ بيروت لم يكن قدَرًا، ولا حادثًا عرضيًا، بل كان جريمة إرهابية منظّمة، ارتكبها حزب الله بأدواته ومتفجراته وسلاحه غير الشرعي، على مرأى من دولة خائفة، صامتة، خانعة، جبانة.
في الرابع من آب، دوّى صوت الموت، وقُتل أكثر من مئتي إنسان بريء، وجُرح الآلاف، وتهجّر مئات الآلاف من بيوتهم، وتحولت العاصمة إلى مدينة منكوبة. كل هذا ليس بفعل زلزال أو كارثة طبيعية، بل نتيجة تخزين 2750 طنًا من نترات الأمونيوم، التي استخدمها حزب الله والنظام السوري في تصنيع براميل الموت التي أُزهقت بها أرواح آلاف السوريين، وخُطط لاستخدامها في عمليات إرهابية في أوروبا، بحسب تقارير رسمية من ألمانيا وقبرص ودول أخرى.
“هل يَسفِك الإنسان دمَ أخيه ويبقى بريئًا؟” (تكوين 4:10).
دماء الأبرياء ما زالت تصرخ من تراب بيروت، تطالب بالعدالة، وبإدانة من تاجروا بحياة الناس ومصير وطن بأكمله. منذ اللحظة الأولى للانفجار، سارع حزب الله إلى عرقلة التحقيق، وهدّد القضاة، واغتال الشهود، وأسكت كل من يملك معلومة تقرّبه من الحقيقة. قُتل الضابطان جوزيف سكاف ومنير أبو رجيلي، والموظف المصرفي وسام الطرّاف، والمصوّر الشاب جو بجاني داخل منزله في بلدة الكحالة، لأنهم عرفوا أو صوروا أو تكلموا.
“ويلٌ للذين يقولون للشر خيرًا، وللخير شرًّا” (إشعياء 5:20).
أي عدلٍ نطلبه من قضاء خاضع، وسلطة خائفة، ومسؤولين فاسدين يهربون من الحقيقة كما يهربون من ضمائرهم؟ هل يُعقل أنه بعد خمس سنوات لم يُحاسب أحد؟ لم يُسجن أحد؟ لم يُعاقَب أحد؟ أي دولة هذه التي لا تملك الشجاعة لتسمّي القاتل قاتلًا؟ في الذكرى الخامسة، ينزل أهالي الضحايا إلى الشوارع من جديد، لا ليذرفوا الدموع، بل ليصرخوا في وجه العالم: “الحق والعدالة، أو لا وطن”. أمهات ثكالى، أطفال تيتموا، جرحى يعانون حتى اليوم، أرواح عالقة تحت الركام، تنتظر من ينصفها.
أي مستقبل نريده للبنان دون محاسبة؟ أي قيامة ممكنة دون حق وعدل؟
“لأنني الرب أحب العدل وأكره السلب” (أشعياء 61:8).
والله العادل لا يرضى بالظلم، ولا بسكوت القضاة، ولا بخنوع الحكّام.
إن حزب الله، ذراع إيران الإرهابية، هو المسؤول الأول عن هذه المجزرة، وأي محاولة لتبرئته أو تغطية جرائمه، هي خيانة للشهداء، وخيانة للبنان.
نعم، آن الأوان أن يُحاكَم القتلة. آن الأوان أن يدخلوا السجون، أو يُقادوا إلى المشانق.
لا عفو، لا مساومة، لا نسيان. فالعدالة الحقيقية ليست ورقة في درج المحكمة، بل سيف الحق الذي يجب أن يُرفع، وميزان الرب الذي لا يميل.
“الحَقَّ أَتْبَعَ وأَكرَهُ الباطِلَ” (مز 101:3).
فلنقف معًا، كلبنانيين أحرار، بوجه الظالم، ولنعِدّ أرواح الشهداء بأننا لن نسكت، ولن نرضخ، ولن ننسى. بيروت تستحق العدالة. لبنان يستحق الحياة.
***الكاتب ناشط لبناني اغترابي رابط موقع الكاتب الإلكتروني https://eliasbejjaninews.com عنوان الكاتب الإلكتروني phoenicia@hotmail.com