الياس بجاني/نص وفيديو/عار فرنسي وفضيحة لبنانية: إطلاق سراح الإرهابي جورج عبدالله واستقباله كبطل

15

الياس بجاني/نص وفيديو/عار فرنسي وفضيحة لبنانية: إطلاق سراح الإرهابي جورج عبدالله واستقباله كبطل
الياس بجاني/27 تموز/2025

اضغط هنا لقراءة المقالة باللغة الإنكليزية/Click here to read the English version of the below piece

في خطوة هزتّ الضمير الأخلاقي والعدالة الدولية، أقدمت الدولة الفرنسية على ارتكاب خطيئة قانونية وتاريخية بإفراجها عن الإرهابي القاتل جورج إبراهيم عبدالله بعد 41 عاماً من السجن، رغم الحكم عليه بالسجن المؤبّد بعد إدانته بارتكاب جرائم قتل إرهابية على الأراضي الفرنسية. أما لبنان، الدولة المختطفة من قبل حزب الله وميليشيات إيران، فقد زاد الطين بلّة عندما استقبله في صالون الشرف في مطار بيروت، وكأنه بطل محرر لا إرهابي مدان!

أولاً: من هو جورج إبراهيم عبدالله؟
جورج عبدالله ليس مناضلاً ولا مقاوماً، بل هو قاتل إرهابي، وُلد في بلدة القبيات شمال لبنان عام 1951. التحق في شبابه بالحركات اليسارية المتطرفة، وانخرط في “الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية”، وهي تنظيم إرهابي كان يعمل بالتنسيق مع منظمات فلسطينية وسورية وإيرانية، ويختبئ خلف شعارات النضال والمقاومة بينما يمارس القتل والاغتيال في عواصم أوروبا. كان عبدالله أداة تنفيذية في فترة سيطر فيها على لبنان خليط عبثي من الميليشيات الفلسطينية، والفصائل الشيوعية، والتنظيمات العروبية والإسلامية، تحت شعارات كذبة ونفاق “تحرير فلسطين” و”رمي اليهود في البحر”. في الحقيقة، كان هؤلاء مجرد مرتزقة يعملون لحساب أنظمة ديكتاتورية أو مشاريع تخريبية.

ثانياً: جرائم جورج عبدالله – سجل دموي على الأرض الفرنسية
في عام 1984، تم توقيف جورج عبدالله في مدينة ليون الفرنسية، وبحوزته جوازات سفر مزوّرة. لكن سرعان ما كشفت التحقيقات دوره في سلسلة من عمليات الاغتيال المدروسة التي استهدفت دبلوماسيين أجانب على الأراضي الفرنسية، في خرق مباشر لسيادة الدولة الفرنسية ولقيم القانون الدولي.

أبرز الجرائم التي أدين بها:
اغتيال تشارلز روبرت راي (Charles R. Ray) – نائب الملحق العسكري الأميركي في السفارة الأميركية في باريس، اغتيل رمياً بالرصاص أمام منزله بتاريخ 18 كانون الثاني 1982.
اغتيال ياكوف بارسيمانتوف (Yacov Barsimantov) – السكرتير الثاني في السفارة الإسرائيلية في باريس، تم اغتياله في وضح النهار في 3 نيسان 1982.
محاولة اغتيال العقيد الفرنسي غي لو موين دو مارشان (Colonel Guy Le Moine de Marchand – المعروف باسم Guy Le Chérah) – الملحق العسكري في الجيش الفرنسي في باريس. تعرّض لإطلاق نار مباشر في عام 1982 وأصيب بجروح بالغة، توفي لاحقاً متأثراً بها.
محاولة اغتيال القنصل الأميركي في ستراسبورغ في آذار 1984، والتي فشلت لكنها تسببت بإصابات.
كل هذه الجرائم تم تنفيذها على الأراضي الفرنسية. وقد ثبت ضلوع عبدالله فيها بأدلة جنائية دامغة، وشهادات، واعترافات، ما دفع القضاء الفرنسي إلى الحكم عليه في عام 1987 بـالسجن المؤبد غير القابل للتخفيض، إلا في حال توفر شروط صارمة، أولها إبداء الندم والتعاون مع القضاء، وهو ما لم يفعله قط.

ثالثاً: إطلاق سراح غير قانوني – خضوع سياسي أم خيانة للعدالة؟
إن قرار فرنسا بالإفراج عن جورج عبدالله بعد 41 عاماً، رغم وجود حكم قضائي نهائي وقاطع بسجنه المؤبد، هو خيانة مزدوجة:
خيانة لذاكرة الضحايا الأميركيين والفرنسيين والإسرائيليين الذين قُتلوا على أرضها. وخيانة لثقة مواطنيها الذين يعتقدون أن العدالة لا تخضع للابتزاز السياسي. لم يبدِ عبدالله أي ندم على جرائمه. بل ظل طوال سجنه يعلن تمجيده للإرهاب، ويُشيد بحزب الله وبإيران وبفكرة الكفاح المسلح. كل معايير الإفراج المشروط كانت غائبة، ما يجعل قرار إطلاق سراحه استسلاماً سياسياً لضغوط داخلية من اليسار المتطرف، وضغوط خارجية من محور طهران – الضاحية – دمشق.

رابعاً: الفضيحة اللبنانية – استقبال رسمي لإرهابي قاتل
وما إن وطأت قدماه مطار بيروت الدولي، حتى تحولت الفضيحة الفرنسية إلى فضيحة لبنانية مدوّية. تم استقبال جورج عبدالله في صالون الشرف الرسمي في مطار بيروت، على متن طائرة فرنسية رسمية، وكان في استقباله نائبان لبنانيان:
أحدهما عن كتلة حزب الله الإرهابية، التابعة مباشرة للحرس الثوري الإيراني.
والثاني عن حركة أمل، الذراع الثانية للاحتلال الإيراني، ويرأسها نبيه بري، الذي يشغل رئاسة مجلس النواب منذ أكثر من ثلاثة عقود في انتهاك فاضح للديمقراطية. استُقبل القاتل بحفاوة الدولة، بينما يُهان المواطن اللبناني كل يوم في المطارات، ويُذلّ أمام سفارات الدول، ويُسحق في طوابير الذل.
هذا المشهد يلخص واقع لبنان اليوم: دولة منهارة، مُصادرة من قبل ميليشيا، وتُدار من قبل عملاء الاحتلال الإيراني.

خامساً: الإعلام اللبناني – شريك في الجريمة الأخلاقية
لم يقتصر الانحدار على السياسيين، بل امتد إلى غالبية وسائل الإعلام اللبنانية التي بالغت في وصف عبدالله بـ”المناضل” و”المحرر” و”رمز المقاومة”، وكأننا أمام بطل وطني لا قاتل مأجور. بعض الصحف والمحطات استخدمت عناوين دعائية وقحة، وأجرت مقابلات مع “رفاق السلاح” تمجد الإرهاب وتبرّر الجريمة، متناسية أنها تعمل في بلد يُفترض أنه يحترم القانون الدولي، ويطالب بمحاربة الإرهاب. هذا التواطؤ الإعلامي يعكس الانهيار الكامل للقيم والمهنية والشرف الإعلامي. لقد تحوّل جزء كبير من الإعلام اللبناني إلى منبر مأجور يخدم محور المقاومة – إيران – حزب الله، ويمجّد القتلة ويبرّر لهم، بينما يسكت عن معاناة الناس وانهيار الدولة.

لا مقاومة في تمجيد القتلة… ولا كرامة في حضن الإرهاب
الإفراج عن جورج عبدالله ليس انتصاراً للحرية، بل انكسار للعدالة. واستقباله في بيروت ليس فعل تضامن وطني، بل إعلان تبعية واحتلال سياسي وأخلاقي. جورج عبدالله قاتل، وليس مناضلاً. ومن يبرّر له أو يصفق له، فهو شريك في اغتيال الضمير والعدالة.

فرنسا أخطأت حين أطلقت سراحه.
أما لبنان، فباع ما تبقّى من كرامته حين فتح له صالون الشرف، واستقبل القاتل بالتصفيق، وكأن الدم المسفوك لا قيمة له، وكأنّ الإرهاب خيار وطني!
كفى عبثاً… كفى تقديساً للإرهابيين… كفى متاجرة بالمقاومة، فقد أصبح القاتل بطلاً والضحية منسياً.

***الكاتب ناشط لبناني اغترابي
رابط موقع الكاتب الإلكتروني
https://eliasbejjaninews.com
عنوان الكاتب الإلكتروني
phoenicia@hotmail.com

Share