أبو أرز- اتيان صقر/أخطاء شائعة وحلول محددة

19

أبو أرز- اتيان صقر/أخطاء شائعة وحلول محددة
16 تموز/2025
بيان صادر عن حزب حراس الأرز – حركة القومية اللبنانية
سادت، ولا تزال، في الأوساط السياسية الدولية والإقليمية، بل وحتى في معظم الأوساط اللبنانية، قناعةٌ مفادها أن الأزمة اللبنانية عصيّة على الحل، وأن البلاد غارقة في مستنقع معقّد من الانقسامات السياسية، والصراعات الطائفية، والفساد المتجذّر… ولا يُرجى منها خلاص.
لكن هذا الاعتقاد، وإن بدا واقعيًا للوهلة الأولى، لا يصمد أمام الحقائق التاريخية والمعطيات العميقة التي يعرفها جيداً كل من خبر تاريخ هذا الوطن، وخصائص شعبه، وطبيعة تكوينه.
١- التعدد الطائفي: نعمة أم نقمة؟
التعددية الطائفية في لبنان ليست هي المشكلة كما يُشاع، بل على العكس، إنها مصدر غنى إنساني وروحي. وقد وصفها البابا يوحنا بولس الثاني في العامين ١٩٨٩ و ١٩٩٧ بالقول:“لبنان أكثر من وطن، إنه رسالة… رسالة_حرية ونموذج تعددية للشرق كما للغرب.”
كما أن الطوائف اللبنانية ال ١٩ تتعايش منذ قرون، وتتجاور في القرى والبلدات والمدن، وتبني معًا مجتمعًا متداخلًا لا تنقصه الألفة، ولا تهدده سوى القيادات السياسية والدينية التي تستغل الطوائف لمصالحها الشخصية الضيّقة، وتستخدمها كأدوات في صراعات النفوذ والسلطة والمال.
والحل؟
لا يكون فصل الدين عن الدولة، واعتماد النظام العلماني كما هو معمول به في الدول المتقدمة، حيث تُصان حرية المعتقد، وتُبنى الدول على أساس الكفاءة لا الولاء الطائفي.
٢- الفساد… آفة مؤقتة أم دائمة؟
صحيح أن الفساد في لبنان متجذّر وعميق، لكن غير صحيح أنه غير قابل للاجتثاث. يكفي أن نستلهم تجربة القاضي الإيطالي أنطونيو دي بييترو في عمليته الشهيرة “الأيادي البيضاء”، التي أطاحت بأركان الفساد في بلاده، لنفهم أن الإصلاح ممكن وليس حلمًا.
لكنّ الحكومات اللبنانية المتعاقبة، منذ الاستقلال عام ١٩٤٣، لم تجرؤ يومًا على فتح ملف الفساد بجدّية وتصميم، والسبب؟ لأن تلك الحكومات نفسها كانت جزءً من منظومة الفساد، متحالفة مع كبار المافيات وأصحاب الرساميل، ما أدّى إلى:
تدمير الطبقة الوسطى، وهي العمود الفقري لأي مجتمع حيّ، وتعميق الفجوة بين أقلية فائقة الثراء (لا تتعدى 5%) وأكثرية فقيرة مسحوقة (تفوق 95%)، وتفشّي البطالة، والهجرة الشبابية الجماعية التي باتت تهدّد لبنان بفراغٍ ديموغرافي ووجودي خطير.
الخلاصة؟
نعم، مشاكل لبنان قابلة للحل مثل كل مشاكل العالم، لكن المدخل الوحيد لذلك هو التخلص، بطريقةٍ ما، من هذه الطبقة السياسية التقليدية الشديدة الفساد، التي تشبه المافيات في سلوكها الإجرامي وانحلالها الأخلاقي، واستبدالها بنخبة كفوءة، نظيفة اليد، رؤيوية التفكير، يزخر بها لبنان رغم كل الجراح.
عندها فقط، يمكن أن ينهض هذا البلد مجددًا كطائر الفينيق، من رماده إلى مجده.
لبيك لبنان

Share